الإمام الخميني يطرح نظرية إقامة حكم الإسلام

2008-06-03 22:51:02

من خاطرات الشيخ محسن الأراكي(دام ظله) عن الإمام (قدس)*

... نظرا لإخلاص الإمام الخميني (كان مؤمنا بالله إيمانا صادقاً) فحين قدم نظرية الحكومة الإسلامية كان الفضاء الفكري للنخب والعقول الحوزوية هو إن من غير الممكن إقامة حكم الإسلام. وفي يوم من الأيام كنت حاضرا في جلسة عقدت في قم حضرها علماء الإسلام الكبار، كان هناك اتجاهان:

ـ اتجاه الإمام الذي يدعو إلى إسقاط الحكم.

ـ واتجاه الجبهة الوطنية وبعض علماء الحوزة ويدعو إلى أبقاء النظام.

في تلك الجلسة لم أجد إلاّ واحدا أو اثنين ممن يوافق على أطروحة الإمام الخميني، إما الباقون فيرون إنّ طرح الإمام غير عملي. كان الاتجاه الآخر يرى بقاء الشاه وإعطائه السلطنة وليس الحكومة، وان يكون الحكم للبرلمان. كان اغلب الحاضرين يرى إن نظرية الإمام غير واقعية وان أطروحة الجبهة الوطنية هي العملية.

في هذا الجو لم يكن هناك ما يشجعه على طرح الحكم الإسلامي إلا إيمانه. كان يرى إنّ عدم الإيمان بقدرة إقامة حكم الإسلام ناتج عن الضعف. كان يرى ضرورة الالتزام بالأمر الشرعي.

• بداية الحرب وضعف الجيش الإسلامي:

الثورة عندما انتصرت لم يكن لديها جيش قوي، كنت في خرمشهر عندما بدأت الحرب ولم يكن من القوى المقاتلة لمواجهة جيش صدام سوى مائة شخص من حرس الثورة بدون سلاح. وكنت أرى في جبهة خرمشهر أنّ الجنود لم يكونوا يعرفون استعمال الـ(ار.بي.جي). كانت الخطة هي القضاء على الثورة. بعد ثماني سنوات يئسوا من القضاء على الثورة.

الإمام الخميني(قده) كان واعيا لزمانه ولأهداف زمانه:

1ـ الإمام بتابع الأحداث السياسية عن قرب منذ شبابه:

أنا لا أنسى أنه تحدث في يوم ما قال فيه: "إنني كنت حاضرا في البرلمان الإيراني في دورته الرابعة أو الخامسة كمشاهد حينما تحدث السيد حسن المدرس(ره) في حديث كذا..". وهذا يدل أنه كان يتابع الأحداث من قريب وهو شاب، حيث أنه في تلك الفترة كان عمره يقارب السابعة عشر، ولكنه كان متابعا وكان حكيما فلم يكن متسرعا.

2ـ حكمته في التحرك السياسي في النجف:

كذلك لا أنسى الإمام حينما كنا في النجف، وكنا نطلب منه أحيانا أن يتدخل في بعض القضايا الداخلية في العراق، وأتذكر أن السيد الحكيم طلب مني أن أطلب من الإمام أن يتدخل في موضوع ما, فكان الإمام يؤكد أن للعراق قادته فكان لا يتدخل في أوضاع العراق، ولكنه كان يتدخل تدخلا مباشرا في الأوضاع الإيرانية، وهذا يدل على حكمته، لأنه لم يكن معروفا في العراق بنفس المستوى الذي كانت عليه المرجعيات في العراق.

ومع ذلك كان أنشط الموجودين في العراق وقد تدخل في بعض المواقف، وقد بعث ابنه سيد مصطفى للتدخل لمنع إعدام الشهداء الخمسة، فلم يكن يتهرب من واجباته، ولكنه كان يحترم وجود المرجعية في العراق.

3ـ احترامه لمرجعية السيد البروجردي ودعمه لها:

ونفس الشيء كان يحترم مرجعية السيد البروجردي في إيران أيام مرجعيته، وقد حدثني أحد الأخوة من ديزفول أنه كان يقلد الإمام الخميني في زمن السيد البرودجردي، وقد جلب له حقوقا شرعية وهدية (عباءة)، يقول هذا الشخص أنه لما جلبت له ذلك المبلغ الجيد والعباءة؛ قبل العباءة وشكر الموقف، ولكنه طلب مني أن أسلم المبلغ إلى مكتب السيد البروجردي وقال أنه هو المرجع، ويجب أن ندعم مرجعيته بكل قوة، وحاولت أن ألح عليه بقبول المبلغ لكنه أصر عليّ بذلك.

ـــــــــــــــــ

* كلمة لسماحة آية الله الشيخ محسن الأراكي(دام ظله) في مؤسسة الأبرار الإسلامية في لندن بمناسبة الذكرى السنوية لارتحال الإمام الخميني (قدس سره)