الإمام الخميني ومجابهة الخرافات

2008-06-07

تهيء ذكرى رحيل مفجر الثورة الاسلامية الامام الخميني (قدس) كل عام، فرصة لكي يستذكر معاصرو ذلك الرجل العظيم القيم التي طرحها و يعرفوا الجيل الجديد عليها.

ولذلك فاننا نحن من نكون بحاجة لاقامة ذكرى رحيله و ليس الامام، ولهذا علينا تقييم انفسنا في هذا المجال من خلال الاجابة على هذا السؤال، وهو هل اننا احسنا استخدام هذه الفرصة القيمة ام لا ؟ وان كانت الاجابة بالنفي فعلينا ان نلوم انفسنا كثيرا لاضاعتنا هذه الفرصة.

كانت السمة الخاصة التي تمتع بها الامام الخميني (قدس) هي انه عرض تفسيرا مقتدرا وشفافا وعصريا للاسلام، حيث اقبلت عليه كافة فئات الشعب الايراني، وشعروا من خلال هذا التفسير بفاعلية شريعة الله في حياتهم اليومية.

وكان هذا التفسير الصحيح السبب في انتصار الثورة الاسلامية، والتي طبعت اثارها في خارج حدود الجمهورية الاسلامية ايضا، ووضعت القوى الفاسدة والجائرة في العالم في مجابهة محرجة مع تيار النهضة والصحوة الاسلامية.

وكانت موجة الصحوة العاتية هذه بقدر من القوة والفاعلية، حيث انها الان وبعد مرور عقدين على الثورة الاسلامية ما زالت تشق طريقها بين مختلف الشعوب وفي شتي انحاء العالم.

وبما ان المجابهات الآلية كالهجوم العسكري والحصار الاقتصادي والضغوطات السياسية لم تجد نفعا مع الثورة الاسلامية والنظام الاسلامي، فقد لجأ الاعداء الى البرمجة لحرف الثورة والنظام عن المسار الذي خطه لهما الامام الخميني (قدس).

وضمن هذه البرامج يمكن الاشارة الى نشر الخرافات، وذلك من اجل ترويج السذاجة والسطحية بين ابناء الشعب وحرمان الثورة ونظام الجمهورية الاسلامية من العمق الذي تحلى به تفسير الامام الخميني (قدس)، والذي استطاع به اسقاط نظام الشاه ودحر كيد المستعمرين من التطاول على ايران.

وبدئ بتنفيذ هذا القرار في ايران بتمويل ضخم من خلال مشروع تبنـته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الـ "CIA" وعلى مراحل متتالية وهو ينتظر الاستكمال حتى عام 2011 "كتاب (خطة لتفريق المذاهب الالهية) تاليف مايكل براون، معاون رئيس وكالة الـ (CIA) السابق".

وهذه هي المرة الثالثة التي تتعرض فيها افكار الامام الخميني (قدس) لهجوم الخرافيين، وفي المرتين السابقتين استطاع الامام التصدي لهم والتفوق عليهم، والان حان الاوان لورثة الامام الراحل (قدس) ان يتصدوا للخرافيين وان ينتصروا لقيم واهداف امامنا الراحل (قدس).

كما لم تكن هذه المجابهة اخر المجابهات، ولذلك يجب استثمار الفرص التي توفرها ذكرى رحيل الامام الخميني (ره) لدرء هذه الاخطار بذكاء، والعمل على التثقيف الجذري لتحطيم هذه الهجمات الغاشمة.

كانت المرة الاولى التي تصدى فيها الامام الخميني (ره) للخرافيين في بداية حركة علماء الدين في عقد الستينات، حيث يقول الامام في بيانه المعروف بــ "منشور علماء الدين" في هذا الشان: " في بداية النضال الاسلامي عندما كنت تقول ان الشاه خائن، كانوا يجيبونك ان الشاه شيعي ! كان يحرم عدد من المتحجرين المتضاهرين بالتقدس كل شيء، ولم يكن احد يجرؤ على مقابلتهم، ان كاس الدم الذي تجرعه اباكم الشيخ [و يقصد الامام بذلك نفسه] من هؤلاء لم يتجرعه من متاعب الاخرين ! " (صحيفة النور، الجزء 21 ، ص 278 ).

واستطاع الامام الخميني (ره) بفضل اتـكاله على الله سبحانه وتعالى وثبات قدمه المثالي من الانتصار في هذه المعركة، حيث تحققت الثورة الاسلامية بعد 16عاما من النضال، لكن الخرافيين لم يتوقفوا عند هذا الحد واستمروا بمشاكساتهم، حيث يقول الامام الخميني (ره) بعد مرور حوالي عقد على انتصار الثورة الاسلامية حول نشاط هؤلاء: " كان يقول البلهاء المتضاهرون بالتقدس، لا شان للدين بالسياسة ! ... وان مناهضة الشاه حرام !، واليوم يقولون ان مسؤولي النظام الاسلامي اصبحوا شيوعيين ! حتى الامس كانوا يرون حانات الخمر والفساد والفحشاء امورا مفيدة ومجدية من اجل التعجيل في ظهور صاحب الامر ارواحنا فداه... واليوم ان يقع في مكان من البلاد عمل غيرشرعي، والذي لم يرتض به المسؤولون ابدا ـ تتصاعد صرخات "وا إسلاماه !"ــ ، الحجتيون [المنتسبون الى نادي حجتية] الذين حرموا بالامس النضال ضد الطاغوت ولم يالوا جهدا في ذروة النضال كي يكسروا الاعتصام ضد الشاه في ذكرى مولد الحجة [عج] ، اصبحوا اليوم اكثر ثورية من الثوار انفسهم ! والمطالبون بولاية الفقيه الذين اراقوا بالامس ماء وجه الاسلام والمسلمين بصمتهم وعصبيتهم و قصموا بالفعل ظهر الرسول واهل بيته (ع) ولم يكن عنوان الولاية لهم سوى ذريعة للتكسب والعيش، اليوم يرون انفسهم ورثة الولاية ومتبنـيها، و يتحسرون على الولاية في عهد الشاه ! اسالكم من كان يتهم هذا وذاك بالأميركية والروسية والالتقاط ؟ من كان يتهم هذا وذاك بقتل النساء الحبلى وتحليل القمار والموسيقي ؟ هل هم العلمانيون ام هم المتضاهرون بالدين البلهاء البعيدون عن الدين ؟! " (صحيفة النور ، الجزء 21 ، ص 281 ) .

يعود هذا النداء للثالث من شباط / فبراير عام 1989، اي الى عدة اشهر قبل رحيل مفجر الثورة الاسلامية.

ومنذ ذلك الوقت كانت نشاطات المتحجرين والخرافيين قد بدات، وازدادت هذه النشاطات بعد رحيل الامام، حيث وصلت اليوم ذروتها، وباتت تشكل خطرا يهدد النظام والثورة وقبل ذلك يهدد معتقدات الشعب، خاصة وان منفذيه يتلقـون الدعم من الخارج.

وتشكل ذكرى رحيل الامام الخميني (ره) أو ذكرى انتصار الثورة الاسلامية أو ذكرى تأسيس النظام الاسلامي، وكذلك المناسبات الدينية خير فرصة للتصدي لهذا الخطر. ولكن هل يؤدي متولو هذه الشؤون واجباتهم الدينية والثورية هذه؟