الإمام الخميني.. ثورة ودولة

2008-06-04

من مشارف النجف و تحت وطأة الاستخبارات الإمبريالية والبعثية يتحدث السيد الإمام روح الله الخميني الموسوي قدس سره الشريف في مطلع السبعينات عن القضايا السياسية وشكل الدولة والحكومة الإسلامية حيث شرع بتدريس سلسلة بحوثه حول الحكومة الإسلامية فما برح يردد بقوله :- " .... الإسلام عبادته سياسة وسياسته عبادة.. " وفي موضع أخر يدعو :- " ... عرفوا الناس بحقيقة الإسلام لكيلا يظن جيل الشباب إن الإسلام ( فقة ومسائل الحيض والنفاس) ولا شأن له بالسياسة " ؛ ويؤكد :- " .. إن من يفصل الدين عن السياسة جاهل؛ لا يفقه الدين ولا السياسة .. "".

بهذه النفس الأبية تعرفنا على هذه الأدبيات في أواخر السبعينات من خلال نشر هذه المجموعة من الأبحاث في كتاب يحمل عنوان ( الحكومة الإسلامية ) وقد عرض هذا الكتاب أبعاد الجهاد وأهداف النهضة والمباني الفقهية والأصولية والعقلية للحكومة الإسلامية والمباحث النظرية التي تتناول أساليب الحكومة الإسلامية.

وفي عام الإنتفاضة المباركة ... حينها كنت في مشهد المقدسة بالتحديد في شهر رمضان الكريم والمصادف 1978م كان الوضع متوترا وأشتد غضب الشارع الإيراني في عيد الفطر.. حينها قفلنا عائدين بعد الزيارة الرضوية؛ وما هي إلا بضعة أشهر من اشتعال الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام روح الله الخميني برمتها لتعلن هزيمة طاغوت العصر الحديث " الشاه المقبور " ليتبوأ السيد الإمام سدة الرئاسة التي جاءت إليه ورفضها.

ها هو السيد الإمام قائد ثورة ورجل دولة الذي أكد بعد الثورة عن قيام دولة " الجمهورية الإسلامية " فسعى لتدعيم وتقوية المؤسسة الدينية، وأنشأ "مجلس قيادة الثورة" وبقي روح الله الخميني مشرفا على شؤون الدولة والموجه لها، حيث كانت العشر سنوات التي قضاها بعد انتصاره ذادا عن الجمهورية الإسلامية الفتية مفنداَ الإدعاءات الرجعية فكراً وحكماً وعلماً متصدياً لكل محاولات النيل والكيد من قبل القوى الامبريالية الكبرى الساعية للمحاولات الإنقلابية.

وبما أن الثورة مؤيدة من قبل الله عز وجل فقد أهبطت هذه المحاولات تلو المحاولات بفضل الرعاية الربانية وحنكة السيد الإمام فها هي فشل المحاولة الأمريكية في صحراء طبس؛ كما خاضت الثورة الفتية حرب مفروضة من قبل النظام البعثي والصدامي المقبور امتدت إلى ثمان سنوات؛ كما تعرض رجالات الثورة للتصفية كأمثال الدكتور مرتضى مطهري ونخبة القادة في التفجير الذي طال أبرز القادة كالدكتور البهشتي والسيد المنتطري في تفجير البرلمان؛ كما كان تخاذل رئيس وزراء الحكومة بني صدر الذي غادر في زى إمرأءة لتظل لعنة التاريخ تلاحقه على خيانته العظمى للوطن والكثير من العراقيل التي قد تخطتها الثورة.

لقد أثبت الإمام الخميني منذ بداية ثورته في العام 1963م رفضه الاقتراحات الشخصية والمصلحية وأنه ليس ذلك الشخص الذي يرضى بأن يجعل من أصالة ثورته الإلهية ثمناً لأي مصالحة الشخصية فوق مصلحة الدين والإسلام والمجتمع.

وبقي هذا المنحى من الاستقامة صفة متلازمة لنهج الإمام طوال حياته من الولادة حتى العروج؛ وبذلك أثبت الإمام الراحل بأنه أحد أنذر القادة السياسيين في العالم ممن لم يقبلوا وهم في أشد حالات العرض والتعرض للضغط والمشكلات بالدخول في المهاترات السياسية المتعارفة والمساومة على أهدافه ومبادئه الحقة.

وها هي الذكرى التاسعة عشر على رحيله وجمهورية إيران الإسلامية الذي أرسى دعائمها الإمام روح الله الموسوي الخميني قدس سره الشريف، ثورة؛ ودولة تضاهى الأمم؛ وتقارع القوى العظمى؛ وتنفرد باختراعات علمية فريدة وبعلوم تكنولوجيا رفيعة المستوى، وبذلك أصبحت ثورة دينية ودولة علمية.

ففي 29 شوال 1409هـ الموافق 3 يونيو 1989م رحل السيد الإمام بعدما رفع لأول مرة في التاريخ المعاصر مسألة حيازة السلطة من قبل الفقهاء، وتأسيس حكومة إسلامية تقاد من جانبهم.