السفارة الإيرانية أحيت الذكرى الـ 19 لرحيل الإمام
2008-06-08
كلمات لحزب الله وحركة أمل والرئيس بري والشيخ قبلان وصفير
أحيت السفارة الايرانية في لبنان الذكرى التاسعة عشرة لرحيل مؤسس الجمهورية الاسلامية في إيران الامام الخميني (قدس سره)، في احتفال خطابي اقامته عصر اليوم في قصر الاونيسكو، في حضور الاحتفال ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الوزير فوزي صلوخ، ممثل رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري النائب الدكتور ايوب حميد، ممثل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الوزير خالد قباني.
كما حضر الرئيس حسين الحسيني، ممثل الرئيس الحص الدكتور حيان حيدر، ممثل البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير المطران بولس مطر، ممثل رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون اللواء عصام ابو جمرا وعدد من النواب والوزراء الحاليين والسابقين، ممثل الكاثوليكوس كيفام خاتشريان، ممثل عن الجماعة الاسلامية المهندس عبد الله بابتي، وعدد من رجال الدين من مختلف الطوائف وممثلين عن القيادات العسكرية وعن رؤساء الاحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية واعضاء السلك الديبلوماسي، وحشد من المهتمين.
بدأ الحفل بآي من الذكر الحكيم، فالنشيدين الوطني والايراني عزفتهما فرقة كشفية، ثم كلمة ترحيب من عريف الحفل يوسف باجوق.
السفير الايراني
ثم تحدث السفير الايراني محمد رضا شيباني، فقال: "نجتمع اليوم في الثالث من حزيران لنحيي الذكرى السنوية التاسعة عشرة لرحيل قائد الامة ورائد الوحدة الامام روح الله الموسوي الخميني، الذي اسقط نظام الظلم واقام على انقاضه نظام الحرية والاستقلال الذي وقف وما زال التزامنا بتعاليم الانبياء ورسل السماء وعلى نهج الامام الراحل، الى جانب الشعوب وفي طليعتها الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني الذي نبارك له اتفاق الدوحة وما نتج عنه من انتخاب رئيس للجمهورية والخطوات التي تلته، والتي نأمل ان يصل الشعب اللبناني بكل طوائفه واطيافه من خلالها الى ما يصبو اليه، من وحدة واتفاق ورفاهية واستقرار يؤمن له الازدهار والتطور".
اضاف:"نحن في ايران عملنا مع كل الاطراف من اجل خلاص لبنان من محنه وتعزيز وحدته وسلمه الاهلي. ولا شك ان هذا الشعب الذي صنع بارادته الصلبة ومقاومته الباسلة والشريفة اعظم انتصار في تاريخ العرب والمسلمين ضد العدو الصهيوني، بات نموذجا يقتدى به في المقاومة والتحرير وارادة الحياة الحرة الكريمة".
وختم: "اننا في الجمهورية الاسلامية الايرانية وفي ظل القيادة الحكيمة للولي القائد الامام السيد علي الخامنئي وحكومة فخامة الرئيس احمدي نجاد، نؤكد على وحدة الامة الاسلامية على مختلف الصعد، لا سيما في مجال قضاياها الكبرى وفي طليعتها القضية الاولى والمركزية للعالم الاسلامي اي القضية الفلسطينية العادلة، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني الذي صمد بكل فخر واباء واعتزاز في وجه الحصار وآلة القتل الصهيونية امام صمت اقليمي ودولي مريب".
كلمة الرئيس بري
ثم القى النائب حميد كلمة الرئيس بري استهلها بالآية الكريمة: "... ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين, صدق وعد الله وانجز عهده ونصر عبده" وقال :" في هذه المناسبة التي تجمعنا احياء لذكرى رجل عظيم من ائمة الهدى وقادة الفكر ومجدد الدين الامام المقدس روح الله الموسوي الخميني رضوان الله عليه, تطالعنا صفحات مشرقة لهذا الانسان العرفاني الذي تصادف هذه الايام ذكرى رحيله وذكرى مرارات كثيرة تجرعها الوطن وتجرعتها الامة.
فهو مفجر ثورة المستضعفين في العالم وملهم الاحرار ورائد الوحدة الاسلامية ومؤسس الجمهرية الاسلامية في ايران.
وقد كنا في حركة "امل" قبل الامام الامام موسى الصدر لا نسمع شيئا عن هذا المارد وحركته ودوره ورؤاه, ومعه بتنا نرقب ارهاصات الثورة ونتواصل مع رجالاتها وفي طليعتهم الشهيد الدكتور مصطفى شمران المسؤول التنظيمي لحركة "امل" وزير الدفاع الاول في الجمهورية الاسلامية بعد انتصار الثورة وغيره من الرجال الذين سكنوا وعاشوا في حنايا قلوبنا ومواقعنا على امتداد الوطن في الجنوب وغيره.
ولم يأبه الامام الصدر في حينه لتهويل الشاه عليه بسحب الجنسية الايرانية منه, بل رد بأنه سيسحب عرشه من تحته وكان بحق رسول الثورة وسفيرها والممهد لعلاقات حميمة ومسؤولة عربية -ايرانية عبر توضيح اهداف الثورة القادمة المنتصرة".
اضاف :"لقد انتصرت الثورة وانتصرت ارادة الشعب الايراني بقيادة الامام الخميني العظيم وبدأت التحولات الكبرى على صعيد ايران وعلى صعيد المنطقة والعالم.
فالحرية للشعب المتسضعف والثروات الوطنية واجب استثمارها للاكتفاء الذاتي وتنمية الوطن وانسانه وبناء القدرات العسكرية وتطويرها, لحماية الجمهوربة وقرارها المستقل " لا شرقية ولا غربية".ووحدة المسلمين والتقريب بين المذاهب لا تمنع التنوع ومشاركة مكونات الامة في الشورى والعمل المشترك لحماية المجتمع وشعبه, ورفض النعرات العرقية او الطائفية او المذهبية وسياسة حسن الجوار والتعاون المشترك لم تفسدها التهويلات والتخويف, وملء الخليج بالاساطيل الاجنبية. وفلسطين تبقى البوصلة وسفارة اسرائيل في عهد الشاه تصبح سفارة فلسطين، والقدس قبلة الأحرار، تدخل عقيدة الثورة الاسلامية ولا تتبدل. ودعم المجاهدين وشعب فلسطين عبادة تمارس صلاة دائمة. وأصبحت الجمهورية الاسلامية الى جانب لبنان ومقاومته، وشريكا في انتصاره على العدو الاسرائيلي ودحره من أجزاء غالية من أرضه المحتلة. وأسهمت ولا تزال في إعادة إعمار ما هدمته اسرائيل في حرب تموز المشؤومة. ولأجل كل ذلك حاول الغرب احتواء الثورة، ولما فشل كان الاعتداء عليها عسكريا من خلال حرب ظالمة شنتها أنظمة مأجورة سخرت لها كل الامكانيات العسكرية والمالية والاعلامية مع احتضان استكباري غير محدود.
وتستمر محاولات الحصار والضغط والارباك اليوم على الجمهورية الاسلامية سياسيا واقتصاديا وماليا وخططا عسكرية وتهويلات يومية من قبل قوى الشر العالمية وفي مقدمها الولايات المتحدة الاميركية من خلال استغلال المنظمات الدولية والضغط عليها ومن خلال محاولة إثارة النعرات الطائفية والمذهبية بين ايران والعالمين العربي والاسلامي وتصويرها بالخطر الداهم عليهما، وعبر خلق معسكر أسمته "دول الاعتدال"، وكل ذلك بحجة امتلاك ايران للتكنولوجيا النووية في وقت يتم تجاهل الترسانة النووية الاسرائيلية وآخرها إعلان الرئيس الاميركي الأسبق جيمي كارتر وما يتمتع به من صدقية على المستوى العالمي بأن اسرائيل تمتلك مئة وخمسين رأسا نوويا. والغاية الحقيقية هي حماية اسرائيل وإبقاءها استثناء على كل المستويات في المنطقة العربية. لقد تجاوزت الجمهورية الاسلامية الكثير من المعوقات التي واجهتها منذ انطلاق الثورة وهي لقادرة اليوم على تجاوز كل الأفخاخ والمؤامرات وهي باتت عامل استقرار على مستوى المنطقة بأسرها ولاعبا رئيسيا على مستوى العالم بفعل حكمة قيادتها وحسن تعاملها مع المحطات الشائكة التي واجهتها منذ ما يقرب من ثلاثة عقود".
وتابع : "في هذه المناسبة التي تجمعنا لا يغرب عن بالنا ما آلت اليه الأمور في وطننا حيث بعد مخاض عسير وتجاذبات شتى شهدها لبنان كان اتفاق الدوحة والذي جاء تتويجا لجهد مضن بذلته الشقيقة قطر بشخص أميرها وشخص رئيس وزرائها وما تمتلكه هذه الدولة الفتية من رصيد معنوي وثقة كبيرين تراكما مع الزمن بحكمة وتأن ليس فقط على مستوى الأفرقاء اللبنانيين بل على مستوى علاقاتها العربية والاقليمية والدولية فشكلت بذلك جسرا عبر منه اتفاق الدوحة الذي كان انتصارا للبنان على الفتنة وجمعا لشمل اللبنانيين بعد افتراقهم على مقاربة قضايا أساسية وجوهرية تبدأ بالسيادة الحقيقة بعيدا عن الارتهان للخارج، وتحصين لبنان وقوته في وجه الأطماع والعدوان الاسرائيلي، والمشاركة في القرار على مستوى السلطة الاجرائية تمهيدا للبدء بمعالجة شؤون الوطن وهموم المواطن على الصعد كافة، وتشريع قانون انتخابي جديد يؤمن الحدود المعقولة لتمثيل المكونات اللبنانية".
واردف: "لم تكن ايران بعيدة عن مباركة اتفاق الدوحة ومضامينه والمساعدة على تظهيره وهي التي كانت قبله مؤازرة ومشجعة لأي توافق بين اللبنانيين يعيد لحمتهم ويحصن وطنهم. اننا لا ننظر الى هذا الاتفاق على أساس أنه هدنة يعقبها عودة الى الاشتباك السياسي الذي قد يفضي الى المجهول، ولا ننظر اليه كبديل عن اتفاق الطائف، بل تسوية لمرحلة عبرت ولمأزق عاشه الجميع وعجزوا عن تجاوز مواقفهم كل لأسبابه. ان المرحلة المقبلة يجب أن تقوم على أساس المصالحة الداخلية الحقيقية وإعادة الثقة والطمأنينة الى الجميع وبين الجميع، والبدء بتنفيذ ما تبقى من اتفاق الدوحة بعدما أنجزنا انتخاب الرئيس الوفاقي وبشبه إجماع وطني واحتضان عربي واقليمي ودولي قل نظيره، واعتمدت الآليات الدستورية في اختيار رئيس الوزراء وتكليفه تشكيل الحكومة الجديدة الأولى في العهد الجديد".
وقال: "لقد التزمنا من جانبنا كحركة "أمل" وكقوى معارضة وطنية أن نسهل تنفيذ اتفاق الدوحة بحذافيره ورغم أننا لم نشارك في تسمية رئيس الوزراء إلا أننا أوضحنا حرصنا على التعاون في تأليف حكومة العهد الأولى ونحن نطمح الى مشاركة قوى المعارضة بتلاوينها كافة لكي نثبت أن المعارضة لم تكن يوما طائفية أو مذهبية أو مناطقية بل هي وطنية تمثل أوسع شريحة من اللبنانيين على تنوعهم. واننا في المقابل نتطلع الى التزام الفريق الآخر مضامين هذا الاتفاق دون إبطاء أو مواربة أو التواء تمهيدا للوصول الى الحوار الوطني برعاية فخامة رئيس الجمهورية ميشال سليمان حول القضايا العالقة وفي طليعتها الخطة الدفاعية عن الأرض والوطن. وفي هذا المجال ننبه الى هذه الغيرية اللافتة التي نشهدها من الادارة الاميركية والملحقين بها على موقع الرئاسة الأولى واللبنانيين بشكل عام كما على اتفاق الدوحة، فتجارب المرحلة الماضية مع هذه الادارة وما جرته على لبنان والمنطقة لا تجعلنا نطمئن الى دورها بل نخشى على لبنان منها.
وختم: "إننا إذ نرحب بفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الأفرقاء اللبنانيين نؤكد تمسكنا بكل الثوابت الوطنية التي أثبتت الوقائع والمرحلة السابقة أنه لا غنى عنها وأولها وحدتنا الداخلية والحرص الدائم على عدم إلغاء الآخر والاستقواء عليه ودعوتنا الدائمة للكلمة الطيبة في حوارنا حول كل القضايا والمشاكل في إطار المشاركة الكاملة لكل مكونات الوطن.
ان لبنان يعدنا بالكثير إن آمنا به، وهو الذي كان مجال الاستقطاب العربي والاقليمي والدولي وكل له أسبابه. والانسان اللبناني أعطى الكثير على مستوى تفانيه وعطائه ونبوغه محليا وعربيا ودولية. فلنكن على مستوى لبنان، ولنكن على مستوى هذا الانسان. ختاما عود الى صاحب الذكرى والقائد وتحية الى الجمهورية الاسلامية قائدا ورئيس جمهورية وشعبا أعطى للانسانية ولا يزال".
كلمة البطريرك صفير
ثم القى المطران مطر كلمة البطريرك صفير وقال: "إنها الذكرى التاسعة عشرة لارتحال الإمام روح الله الموسوي الخميني، تحييها في المناسبة سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الصديقة. وقد أولاني صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار نصرالله بطرس صفير بطريرك إنطاكية وسائر المشرق الكلي الطوبى شرف تمثيله في هذا الاحتفال المهيب، وأن أنقل إلى الداعين إليه ومنظميه الكرام أسمى مشاعر تقديره ومودته وأطيب أمنياته بالتوفيق في خدمة رسالة أوكلها إليهم مفجر ثورة المستضعفين في العالم ورائد الوحدة الإسلامية ومؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية بإطلالتها الحديثة ودورها المميز.
ولقد أكبرنا معكم في المناسبة عينها للسنة الماضية دعوة أطلقها الإمام السيد علي الخامنئي بإعلان العام 2007 عام الوحدة والانسجام الإسلامي. وما من شك في أن صاحب هذه الدعوة الكريمة يضع نصب عينيه حقيقة جوهرية تكمن في الارتباط العضوي بين نجاح الثورة الإسلامية التي أطلقها الإمام الخميني وعمل لأجلها، وبين صون الوحدة الإسلامية كضامن لهذا النجاح وجسر عبور إلى كمال تحقيقه وجني ثماره".
أضاف: "إنه بالحقيقة أمر جلل. فالثورة الإسلامية تشكل في ذاتها تحديا يرفعه المسلمون مؤكدين أن مواكبتهم الزمن الحاضر لا تتم بالتمايز عن قيم الإسلام بل هي تقوم من داخل الإسلام وبفضل هذه القيم التي يختزنها في معتقداته وفي خبراته. أما الوحدة الإسلامية فهي لزام على الإسلام في جوهره وهي تنبع من قلب الرسالة الواحدة ولو كان التنوع في الشعوب الداخلة إليه شرقا وغربا قد أضفى على حضارته غنى إنسانيا أكيدا. غير أن هذه الثورة الإسلامية الإيرانية قد اتخذت منذ انطلاقتها بعدا عالميا يتعلق بتوازن الوجود وبالحقيقة الكبرى للإنسانية نفسها. فالله سبحانه لم يشأ أن يجعل الناس أمة واحدة وقد أمر البشر الذين خلقهم شعوبا وقبائل بأن يتعارفوا، وما التعارف سوى وجه من وجوه الاعتراف أحدهم بالآخر والإقرار له بالوجود وبالحقوق المتوازية. فمنذ أن مضى بعض العالم غير الإسلامي في تصور لحضارته على أنها هي الحضارة المثلى وهي التي تعطي سواها دونما حاجة عندها إلى الأخذ، بات لزاما على النظام الكوني أن يصلح نفسه وأن تعود معه أمور الحضارات والعلاقات فيما بينها إلى نصابها الصحيح. فإن للإسلام دوره الأكيد في صوغ الحضارات وفي تكاملها، وله الحق في التذكير بأن الأحادية ليست الطريق السوي إلى بناء العالم ولا إلى خلاصه كلما ساءت به الأمور وخرجت فيه عن إطارها المرسوم. إن الرأي الذي ندلي به في هذا المجال ليس رأيا ظرفيا أو فرديا بل هو تعبير عن قناعات المؤمنين بالحق والعاملين من أجل الخير والسلام في العالم كله".
وتابع المطران مطر: "إذا ما استندنا إلى المسيحية في جوهرها وفي أصالتها فإننا نجد فيها اليقين بأنها، فيما تقدم ما عندها من أسس للحضارة التي يحملها مؤمنوها، تنفتح على سائر الحضارات في الأرض وتتفاعل معها، وترى الحضارة الإسلامية قريبة منها أصلا وفصلا وشريكة حوار يتقدم بينهما بفعل الكلمة السواء ولا ينقطع له تواصل مهما تمادت صولة الجاهلين؛ لأن صولة الباطل ساعة وصولة الحق إلى قيام الساعة. فعلى المنظومة العالمية إذا ما أرادت للقيم السامية أن تبسط ظلها في الأرض، أن تنظر إلى الشعوب وإلى حقوقها وكراماتها بأكثر من عين واحدة وأن تستمع إلى صوت السماء يدعو الناس أجمعين إلى أخوة تجمعهم في إنسانيتهم وإلى تضامن فيما بينهم يقيهم من أخطار الأثرة والفاقة معا، ومن الغرق في مستنقعات الظلمات والمظالم. إذ ذاك تتحول الأمم المتحدة فعلا إلى اسم على مسمى وتأتي إلى تحقيق غاياتها النبيلة.
إن العالم المتطور الذي يواجه خطر التغرب عن ذاته بانزلاق الكثيرين من قادته إلى مهاوي المادة وجفافها بعيدا عن ذرى الروح وطراوتها، قد وصل إلى منعطف حاسم في تاريخه الحديث. فإما أن يتعاطى مع الآخرين من موقع التفرد فيواجهونه بتوازنات تؤدي إلى قطع الحوارات بكل أشكالها، وإما أن يركن إلى التواصل مع الجميع انطلاقا من احترام الحضارات كلها ومن الإقرار بأن لكل شعب حقا بالوجود والنماء وبأن القادرين من أهل الأرض لا قيمة لقدراتهم ما لم تكن محكومة بأوامر السماء ونواهيها. إن أزمة العالم اليوم هي في عمقها أزمة روحية ولو كانت في بعض وجوهها سياسية واجتماعية. وكما أن الإسلام الحق تطلب منه شعوبه استنارة وهدى للسير في طريق تقدمها وتقدم العالم، كذلك فإن الشعوب المنتمية إلى المسيحية هي أمام تحد كبير بضرورة اللجوء إلى قيمها الدينية الحق لتجد للأخوة وللتضامن مستندا سماويا يعلو على المصالح الذاتية والأهواء الضيقة. أفليس الدور الإسلامي والدور المسيحي هما المحرك الحاسم لتغيير وجه الأرض وللمصالحة بين المادة والروح، بين التنوع والوحدة، بين الحرية والالتزام ببناء ملكوت الله؟".
وعن الشأن اللبناني، قال المطران مطر: "أما وطننا العزيز لبنان فإننا نرجو من صميم القلب أن تتحول الهدنة الحالية التي دخل في أجوائها إلى سلام مستدام. وإذ نشكر جميع الأخوة والأصدقاء الذين تهافتوا إلى مساعدتنا، نريد أن نرى في مدهم يد العون للبنان تعبيرا عن كبير تقديرهم لما يمثله هذا الوطن من قيم لا بالنسبة إليهم وحسب بل أيضا بالنسبة إلى العالم كله. إنه وطن العيش المشترك الكريم والواعد بنشر هذه الروح في كل أقطار الأرض. لذلك فإن الشهامة تحدو بنا إلى أن نستقر في بلادنا على ما أنعم الله به علينا من نعم تأتي بالمن والسلوى إلى العالم كله. فلا نأخذن من الأشقاء والأصدقاء دون أن نعطيهم بالمقابل شيئا فالذي يأخذ ولا يعطي يعود ويفقد كل شيء. ولا نبقين هما قابعا على صدور أصدقائنا بل نتحول إلى مصدر اطمئنان لهم وفخار بمن يصادقون. بهذا يعود لبنان إلى ذاته وإلى أهله ومحبيه. فليهدنا الرب إلى ما فيه طاعة لأوامره ونيل لرضاه. فهو الهادي لمن يشاء، وهو لكم ولنا جميعا نعم الوكيل".
الشيخ قبلان
ثم القى الشيخ عبدالامير قبلان فقال:" في ذكرى عظيم من عظماء الامة، في ذكرى زاهد في ملذات الدنيا، في ذكرى طامح لخلق مجتمع اسلامي متضامن، قائد في سبيل النبي، مصلح همه الخير للانسان، الامام الخميني يمتاز بعقلانيته وبثباته وبقناعته وبزهده، وجدته مثالا للبررة وللصالحين بعيدا عن الدنيا وعن كل زينتها، له في قلوب المؤمنين محبة، يدخل الى القلوب بدون استئذان احبه العالم الاسلامي والعربي بما يمتاز به من رجل دين مجتهد شريف مبارك، وبالمناسبة كثر في هذه الايام لغط ولاية الفقيه، اطمئن اللبنانيين الى ان ولاية الفقيه لا تمس ولاية الدولة اللبنانية. ولاية الفقيه في الارض التي تقبلها ولا تختلف فيها ولا عليها. نحن نحب الفقية لانه ولي الامام وخليفة الامام ـ المرجع فلماذا هذا اللغط باستمرار" ونقول: "نحن لسنا مع ولاية الفقيه وهل ولاية الفقيه تطرح نفسها على من لا يشتهيها لها مناصرون وراغبون، اما من لا يريدها فهذا شأنه ولا نضغط باتجاهها لأن الناس احرار في توجهاتهم ومبادئهم.
نقول لكل الذين يخلطون الاوراق ويتنقلون من وال الى وال، اطالب ايران ان تصدر بيانا ومهمات واعمال ولاية الفقيه.
اذا انت لا تعتقد فكثير يعتقد، واذا كنت لا تحب فانا احب، لبنان محكوم بالوفاق اللبناني فكيف يصير ولاية الفقيه. ولاية الفقيه عندنا نظيفة جميلة شفافة حبيبة قريبة.
اطالب الجميع بالكف عن هذا الكلام واطالب الجمهورية الايرانية باصدار كتيب عن اعمال ومهمة واوصاف ولاية الفقيه.الخميني رجل كبير داع الى التقارب بين المسلمين. نحن من المسلمين الطبقة الرائدة في خط الاسلام، فجاء الامام الخميني ليقول للشاه هلك الشقي والى جهنم قد رحل، لذلك الامام الخميني بمسبحته بتواضعه بزهده انسل الى صفوف الجماهير ودعا الى التوحيد. ولذلك دعم القضية الفلسطينية والتوجه الفلسطيني، لم يلتفت الى الاوهام فقال ان اسرائيل جرثومة سرطانية يجب ان تستأصل. نحن نخاطب الجمهورية ان تمد يدها الى كل العرب والمسلمين وتدعو الى مؤتمر اسلامي في طهران او في مكة المكرمة لتنظيم الامة ورفع مستواها وابعاد الامة عن الحزازات والعصبيات. بأي كتاب نزل هذا سني وهذا شيعي.اطالب ايران ان تدعو الى مؤتمر عام لمعالجة القضية الفلسطينية ثم القضية العراقية وافغانستان.
حان الوقت للعمل الجاد لتصحيح الامور في اصلاح الشأن العربي والاسلامي. خيرات كثيرة عندنا من نفط وغاز ومعادن والفقر مستشر عندنا.الخميني كان بيضة القبان كان محبا فلنسر جميعا على نهجه وعلى سيرته لنحظى بالسعادتين في الدنيا والآخرة.
كلمة الشيخ الزين
ثم تحدث الشيخ احمد الزين امين سر تجمع العلماء فقال: "نتوجه الى الامام والقائد السيد الخامنئي حفظه الله والى الشعب الايراني والى القائد السيد حسن نصرالله والى المقاومة الاسلامية في لبنان وفلسطين والى الشهداء والجرحى والى الاحرار من جميع الاديان والطوائف والاقوام.
وتناول شخصية الامام الخميني العالم العرفاني الرباني القائد المثل القدوة في القيادة حيث ينتمي الى السلالة الطاهرة الى السيدة الزهراء والامام علي، كان النموذج الطيب في الصدق والاخلاص والبذل والعطاء.انهى حياته بذكر الله.
اضاف: "نحن بحاجة في هذا الوقت بالذات للاستفادة من هذه المناسبة من الامام الخميني وقيادته".
وعن العالم الاسلامي قال "ان الامة تهان وتضرب في فلسطين ولا من يجيب ويستجيب، الامة التي نزلت في مستوى ثقافتها الى درجة العصبيات القبلية الجاهلية قبل الاسلام بين السنة والشيعة للاسف الشديد، هذه الامة بحاجة للامام الخميني".
اضاف: "ان الازهر الشريف ومحمود شلتوت يؤكدان على المذهب الاثني عشري ويدرسه في جامعة الازهر الشريف في القاهرة.
وسأل الى اين ذاهبون ؟وأكد على الحاجة الماسة للوحدة الاسلامية.اوروبا قارة مع اختلاف مصالح دولها ولغاتها والحروب التي مرت بها وجدت مصلحتها في ان تتوحد، فالى اين نحن ذاهبون؟ اما من عاقل من مدير، من قائد ؟
وعن ولاية الفقيه سأل: ما هي؟ الفقيه انما هو مرجعي والتزم به استنادا الى الشهادة في شرع الله، والتزم برأي ولي الفقيه. ولي الفقيه ينطلق مما يحقق المصلحة والكرامة.
اما الدعوة للوحدة الاسلامية فانها لا تتعارض مع الانتماء للوطن، فانا انتمي للبنان وقبل هذا وبعد هذا انتمي للامة الاسلامية ما الذي يمنع؟
وشكر الخميني لأنه قال اسرائيل غدة سرطانية يجب ان تقتلع. وتوجه الى الشعب الايراني وخامنئي بالشكر لما قدمه للشعب الفلسطيني ولدعم المقاومة الاسلامية وللسيد حسن نصرالله.
الشيخ قاسم
ألقى نائب الامين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم كلمة تحدث فيها عن الإمام الخميني (قده) وعظمته فقال: أن حركة الإمام حركة فريدة في القرن العشرين، فهو الذي تمسك بـ "لا شرقية ولا غربية" بل الاعتماد على الله تعالى وأخذ المدد منه، وقد ركّز الإمام كثيراً على الوحدة الإسلامية فهو القائل أن سبب كل المشكلات في البلاد الإسلامية هو اختلاف الكلمة وعدم التعاون ورمز الانتصار هو وحدة الكلمة وإيجاد التعاون، والعنوان الأهم عند الإمام هو فلسطين فهي في نظره ليست المساحة الجغرافية التي تعرفونها بل هي فلسطين المنطلق والرمز والقضية، فلسطين القلب، ومن لم يكن مع فلسطين فلا يمكن أن يكون مع الإسلام .
واشار سماحته الى ان المقاومة في لبنان أثارت جدلاً غربياً قبل أن تثير جدلاً في منطقتنا، وبعض الذين يجادلون في منطقتنا يرددون ما يجادلون به في الخارج، لأنهم منزعجون من المقاومة التي تحقق السيادة والحرية والاستقلال، ووالله فتّشت كثيراً عن السيادة والحرية والاستقلال فلم أجدها إلا في المقاومة، فكيف يبحثون عنها بغير المقاومة؟ هذه المقاومة هي خيار إسلامي ووطني وعروبي وإنساني، فلا يلعبنّ أحد على موضوع هوية المقاومة، الحمد لله المقاومة لديها كل هذه الهويات ولا تعارض ولا تناقض بينها، وهذه المقاومة أثبتت جدواها في أمور ثلاثة: في التحرير وتطبيقه في عام 2000، وفي الدفاع وتطبيقه في عام 2006، وفي إعاقة المشاريع المعادية وتطبيقه في فلسطين ولبنان بمنع إسرائيل بأن تستحوذ على ما تريد في مشروعية كيانها.
وأضاف: هذه المقاومة أخذت مكانتها في لبنان والعالم العربي والاسلامي وفي كل العالم، فإذا ظنّ البعض أنه بالإكثار من التصريحات ضد المقاومة يؤذيها ويضرّ بها، نقول له ستسمع فقط سدى صوتك لأن العالم العربي والاسلامي يحب المقاومة وهو مع المقاومة، ويكفي أن نقول بأننا قوم لا نستبدل الموقف بالصراخ والتشويش، ولا نعمل على قاعدة التنظير عن بعد بل نقدم العمل والممارسة، هذه المقاومة الاسلامية الوطنية في لبنان، هي خيار الانتصار في مقابل الهزيمة، وخيار الاستنهاض في مقابل الإحباط، وخيار الاستقلال في مقابل التبعية، وخيار الكرامة والسيادة مقابل الذل والاستسلام، هي خيار يضيء ويصعب حجبه، ومن المعلوم أن الظلام لا يحجب النور بل النور هو الذي يبدِّد الظلام، والمقاومة هي التي تبدّد ظلمة الظالمين لنصرة المظلومين وستبقى كذلك إن شاء الله تعالى.
وقال: لا نستغرب هذا الضخّ الإعلامي المتواصل لإثارة النعرات المذهبية، وخاصة بين السنة والشيعة، في كل يوم تكتب الأقلام ويصرِّح المصرِّحون ويخرج بعض المثقفين وبعض المعمَّمين ويثيرون النعرات المذهبية، ثم مع استطلاعات الرأي يتبيّن أنه لا توجد نعرات مذهبية، فيزيدون من مستوى التصريح ثم يجدون أن النعرات قد خفَّت، وهنا أقول لهم: أيها الصارخون باسم النعرات المذهبية، كلما ازداد صراخكم زادت ثقتنا أن الوحدويين من السنة والشيعة أقوى منكم وأكثر منكم وأفضل منكم ولذا تنعقون ولا يسمع لكم أحد، وسيبقى حزب الله علماً للوحدة الإسلامية وللوحدة الوطنية، ولن ينظر إلى اللاهثين وراء التفرقة، هذا هو خيارنا وسنتابع حتى النهاية.
وأضاف: جاء اتفاق الدوحة كحل لسلسلة من الأزمات التي طالت لسنة ونصف بالحد الأدنى، وبكل صراحة أقول لكم أن ما تحقّق في الدوحة هو ما طالبت به المعارضة منذ سنة ونصف، لأن مطالب المعارضة كانت واقعية، فقالت نريد الثلث الضامن ونريد حكومة مشاركة وقالت نريد الاتفاق على قانون انتخابات ونريد رئيساً توافقياً، وما قالته لم تغيِّره لأنه الحد الأدنى للمشاركة وأي تنازل عن هذا الحدّ الأدنى يُلغي المشاركة، وبعد سنة ونصف وصلنا إلى المشاركة، والحمد لله أننا وصلنا بعد سنة ونصف وليس بعد ثلاث سنوات، لأننا في النهاية بحاجة لأن نبني بلدنا، وأثبت اتفاق الدوحة أن الرهانات الناجحة تكون بيننا وليس على الأجنبي، وإذا أردنا ووقفنا معاً نبني لبنان السيد الحر المستقل وينتظم كل شيء. من هنا عندما انتخب رئيس الجمهورية وأعلن خطاب القسم، أعلنا أن خطاب القسم يحمل العناوين الإيجابية للعمل، والدور الأول للحكومة هو تدعيم التوافق والاستقرار السياسي الذي يؤسس للبناء والنهوض الاقتصادي والمعالجات الإجتماعية، فالمواطنون يريدون من يعالج شؤونهم ومشاكلهم لا من يستخدمهم للمآرب السياسية ولأطروحات ليس لها محلّ في لبنان، لنستفد من فترة الترنُّح الأمريكية لأن أمريكا اليوم في غيبوبة لمدة سنة، حيث لا يوجد حل في أي مكان، لا في العراق ولا في أفغانستان ولا في فلسطين، فالأولى أن ننتهز الفرصة قبل أن يصحو هذا الأمريكي مجدداً بقرارات وتوجهات، فنكون قد تماسكنا وقوينا، عندها لا يتجرأ أن يدخل إلينا، وإذا أردنا ذلك استطعنا، ونحن نعدكم كمعاضة أن نأخذ بيد أهلنا وأحبائنا من جماعة الموالاة لمصلحة أن نمنع أمريكا من أن تدوس لبنان بقراراتها، ليكون القرار اللبناني مستقلاً إقليمياً ومحلياً ودولياً.
وختم قائلاً: لا بدّ أن نرسل التحية الكبيرة للأسير المحرّر نسيم نسر، ونحن ننتظر الحرية لكل الأسرى إن شاء الله تعالى، وعند كل عملية تحرير للأسرى يتبيّن جدوى الموقف المقاوم العزيز وكما قال سماحة السيد حسن نصر الله، نحن قوم لا نترك أسرانا في السجون، هذه ليست عبارة للإستهلاك المحلي، هذه عبارة عن موقف شريف لنصرة الإنسان.
تعليقات الزوار