وللذكريات كلمة

2009-06-03

في شهر آبان عام (1339ﻫ.ش) قام الخطيب سيد مرتضى برقعي بزيارة الشاه وقدم له التهاني باسم الحوزة العلمية بمناسبة ولادة ابنه، مما جعل وسائل إعلام النظام تحكي هذا الحدث بشكل واسع جداً.

غضب الإمام مما فعله هذا الخطيب وطلب حضوره على الفور وأبلغه اعتراضه الشديد على ذلك, وحذره من أي ارتباط مع النظام الملكي, لأنّ نتيجة ذلك تلويث نفسه بالتبعية للطواغيت. وذكره بأحد الوعاظ المشهورين في طهران حيث أصبح مبغوضاً من قبل العلماء وأفراد المجتمع بسبب مثل هذا الارتباط, وبمجرد أن قام هذا الواعظ بالابتعاد عن الظلمة كيف أصبح محبوباً لدى الجماهير.

 

معتقل يرفض اللقاء بملك الملوك

في أحد لقاءات الإمام بالسيد روغني ـ حيث كان الإمام يخضع للإقامة الجبرية في بيته بطهران ـ أبلغه أن النظام يريد منه ـ من الإمام ـ أن يلتقي الشاه وأن ذلك قد يساعد في تبديد الغيوم السوداء بين الطرفين ويؤدي ذلك لتحقيق ما يطلبه العلماء، فأجابه الإمام:

«... إن ميلهم لأن ألتلقي بالشاه ليس هدفه إصلاح الأمور وحل المشاكل بل لأنهم يعرفون أن الشاه قد سقط في أعين الناس إلى درجة أنهم يعتقدون بنجاسة البحر لو مسه إصبع الشاه. لذا يحاولون إقناعي بلقائه حتى أسقط كما سقط هو...».

(نهضت إمام خميني ج1، ص816)

 

أبناؤك ينتظرونك

عندما كان الإمام في باريس عينني الشهيد الحاج مهدي عراقي مسؤولة عن أمن الرسائل التي تصل إلى منزل الإمام حتى لا يدس أحدٌ ما يؤذي الإمام في تلك الرسائل.

وفي أحد الأيام وبينما أنا أقوم بهذا العمل وإذا بالإمام يقول لي أنا لست راضياً بما تفعلينه.

فقلت له: أقسم بالله أنني لا أقرأ الرسائل بل للتأكد من عدم احتواءها ما يشكل خطراً عليكم. فقال (رحمه الله) «أنا أعلم ذلك, ولكن إذا وجد خطر فلماذا يصيبك ولا يصيبني؟».

فقلت: سيدنا إن هناك شعب ينتظركم. فقال لي: وإن هناك أبناؤك ينتظرونك. فقلت له: إن لدي خبرة في هذا المجال وليس عليّ خطر في ذلك فقال: إذاً علميني ما تعلمتيه.

(السيدة مرضية دباغ)

 

الاستفادة من الوقت

كان الإمام لا يدع فرصة ولو قليلة من الوقت إلاّ استغلها فيما يفيد, فحتى الأذكار التي يمكن أن يأتي بها متى ما يشأ كان يؤخرها إلى الوقت الذي خصصه له الأطباء من أجل الحركة.

ولو نظرتم إلى الأشعار والغزليات والرسائل العرفانية فستجدون أن بعضها قد صدرت منه في السنوات الأخيرة. فهذه الأمور يصعب على الشخص المعافى أن يقوم بها.

بينما هي تصدر ممن اقترب من التسعين عاماً مع كل المشاغل التي يقوم بها, وتعرضه عدة مرات لنوبات قلبية بعضها كانت شديدة, وخضوعه لفحوصات طبية بشكل مستمر, ومنعه من العديد من الأغذية, واحتياجه في اليوم والليلة أكثر من خمسة عشر نوعاً من الأدوية، مع ذلك نجده حتى في المستشفى وقبل إجراء العملية الجراحية بساعات يستفيد من الوقت في قراءة القرآن وأداء النوافل ومطالعة الصحف والاستماع إلى الأخبار فلم يكن مستعداً لإضاعة جزء ولو بسيط من عمره فيما لا فائدة فيه.

(حجة الإسلام والمسلمين السيد رسولي محلاتي)

 

النفس المطمئنة

في بداية شن صدام هجومه على الجمهورية الإسلامية مجهزاً بأحدث الأسلحة والأدوات من الشرق والغرب كان يصلنا في مكتب الإمام كل لحظة خبراً مؤسفاً عن تقدم القوات الصدامية, وجميع تلك الأخبار كانت بطبيعتها تخلق اليأس في القلوب. في أحد الأيام وقرب موعد صلاة الظهر رن الهاتف فتناولت سماعة الهاتف وإذا بالمتصل هو المهندس غرضي محافظ خوزستان, وكان يتكلم وهو مصاب بالاضطراب الشديد وهو يقول أوصلوا هذا الخبر إلى الإمام فوراً وأبلغونا بالجواب! إن خرمشهر وآبادان[1] تحت خطر السقوط ما هو تكليفنا!؟

أصابني الهلع وركضت نحو غرفة الإمام من دون عباءة ولا نظارة فوجدته على سجادة الصلاة, قد بدأ في تلاوة فصول الإقامة لصلاة الظهر, وعندما شاهدني قال ما الذي حدث؟ أخبرته بكلام المهندس غرضي, فلم أرى منه أي تغير, وكأن ما حدث أمر عادي جداً.

وقال لي: أبلغه «إنها حرب، إنها حرب يا سيد» ثُمّ واصل تلاوة فصول الإقامة.

 

السيد رسولي محلاتي

ـــــــــــــــــــ

 

[1] مدينتان حدوديتان ـ حدود إيران والعراق ـ في محافظة خوزستان جنوب غرب إيران.