الإمام الثوري وهو في التسعين قبل 74 يوما على رحيله ماذا يقول؟

2009-06-03

بسم الله الرحمن الرحيم

حضرات الأخوات والإخوان والأبناء الأعزاء لمهجّري الحرب المفروضة أيّدهم الله تعالى، التحية والسلام للمقام المقدس لمولد النصف من شعبان وآخر ذخائر الإمامة بقية الله أرواحنا فداه ومنادي العدالة الأبدية الأوحد والحامل الأكبر لراية خلاص الإنسان من قيود الظلم والجور والاستكبار، السلام عليه والسلام على المنتظرين الواقعيّين له، السلام على غيبته وظهوره، السلام على الذين يدركون حقيقة ظهوره ويرتوون من كأس هدْيه ومعرفته.

السلام على شعب إيران العظيم الذي يمهّد بتضحيته وإيثاره وتقديمه الشهداء طريق ظهوره، والسلام عليكم أيتها الأخوات والإخوان المهاجرين يا من تعدّون بلا شك من الذين تحمّلوا خسائر روحية وجسمية ومالية كبيرة في الحرب المفروضة.

لقد تركتم يا أعزائي أماكن معيشتكم وراحتكم مضطرين عند الهجوم الوحشي لصدّام، وبعد أيام الدفاع البطولي ولجأتم إلى معيشة، الحق أنها شاقة في مكان بعيد عن مساكنكم.

لقد لمستم أنتم مهاجري الحرب المفروضة الأعزاء صعاب الحرب لحظة بلحظة، وسوف تعمل الجمهورية الإٍسلامية في المستقبل القريب على تسليمكم مدنكم وقراكم بحالة أفضل من قبل إن شاء الله ولكن عليكم أن تتقدموا أنتم بمساعدة المسؤولين ومساندتهم في إعادة إعمار وتجديد قراكم ومدنكم.

إن أطفالكم الصغار في تلك الأيام غدوا مثل سائر إخوانهم وأخواتهم شباباً سيدافعون عن وطنهم الإسلامي.

إن الجميع يعلم أن تحمل ضغط وصعاب ثماني سنين لم يكن إلا من أجل الإسلام العزيز، لذا فعلى المسؤولين أن يكونوا في دفاعهم عن الإسلام أكثر صلابة من أي وقت مضى، ويقفوا بكل قوتهم في وجه العدوان العسكري والسياسي والثقافي لناهبي الشعوب، إذ أن عالم الاستكبار لاسيما الغربي أدرك خطورة نمو الإسلام المحمدي الخالص على مصالحه غير المشروعة.

إن الغرب والشرق ليدركان جيداً أن الإسلام هو القوة الوحيدة القادرة على طردهما من الميدان، فقد تلقيا من الإسلام ضربات قوية خلال سنيّ الثورة الإٍسلامية، وقرروا إبادة الإسلام في إيران مركز الإسلام المحمدي الخالص بأي وسيلة ممكنة، إذا أمكنتهم القوة العسكرية فيها، فإن لم يمكن فبترويج ثقافتهم المبتذلة وتغريب الشعب عن الإسلام وعن ثقافته الوطنية، وإذا لم يُجد أي الطريقين نفعاً عمدوا إلى تمكين عملائهم المرتزقة من المنافقين والليبراليين واللادينيين الذين يرون قتل العلماء والأبرياء كشرب الماء، من البيوتات ومراكز الإدارات، عسى أن يبلغوا بهم أهدافهم المشؤومة، وقد أعلن هؤلاء المتسللون مراراً أن كلمتهم تخرج من أفواه البسطاء الموجّهين.

لقد أعلنتها مراراً أنني لم أعاهد أي شخص في أي رتبة كان على الأخوة الدائمة، إن إطار صداقتي لأي فرد هو سلامة سلوكه، الدفاع عن الإسلام وحزب الله هو الأساس الذي لا يمكن المساس به في سياسة الجمهورية الإسلامية.

علينا أن نكون حماة لأولئك الذين حز المنافقون رؤوسهم من الوريد إلى الوريد أمام نسائهم وأطفالهم وهم على مائدة الإفطار، علينا أن نكون أعداء ألدّاء لأولئك الذين خرجت ملفات تعاملهم مع أمريكا من وكر الجاسوسية يجب أن يكون عشقنا لله لا للتاريخ، إن الذين يدافعون عن المنافقين والليبراليين لا مكان لهم بين شعبنا العزيز المقدم للشهداء، وإذا لم ترعو أيادي الأجانب وأولئك المخدوعين غير الواعين الذين أصبحوا من حيث لا يشعرون أبواقاً للآخرين، ولم يتوقفوا عن هذه التحركات فإن جماهيرنا سوف تطردهم مدحورين، فلا عفو ولا تسامح.

ليعلم مسؤولونا أن ثورتنا لا تنحصر بإيران، فثورة شعب إيران هي طليعة انطلاقة الثورة الكبرى للعالم الإسلامي التي يحمل رايتها الحجة المنتظر أرواحنا فداه، عسى أن يمن الله على جميع المسلمين وجميع العالم ويجعل فرجه وظهوره في عصرنا الحاضر.

إذا أدّت المشاكـل الاقتصاديـة والمادية إلـى إشغال المسؤولين ولـو للحظة واحدة عن المسؤولية الملقاة على عواتقهم فإن الأمر يستتبع خطراً عظيماً وخيانة كبرى.

على حكومة الجمهورية الإسلامية أن تبذل كل جهدها ووسعها لإدارة أمور الناس بأفضل ما يمكن، ولكن ذلك لا يعني انصرافها عن الأهداف العظيمة للثورة، وهي تأسيس حكومة الإسلام العالمية.

على شعب إيران العزيز الذي يعتبر بحق الوجه المشرق لتاريخ الإسلام العظيم في العصر الحاضر السعي لتحمّل الصعاب والضغوط والرضا بها، في سبيل الله حتى يتمكن كبار مسؤولي البلاد من النهوض بواجبهم الأساسي وهو نشر الإسلام في العالم، وعلى الشعب أن يطالب المسؤولين بأن يجعلوا مصلحة الإسلام والمسلمين هي إطار أخوتهم وعلاقتهم المتينة.

على من يخفى أن شعبنا العزيز يكابد الصعاب، وأن الغلاء ونقص المواد يضغطان على الطبقة المستضعفة؟ ولكن أيضاً ليس هناك من لا يعلم أن الإعراض عن الثقافة المبتذلة للعالم المعاصر وتأسيس ثقافة جديدة للعالم قائمة على أسس الإسلام والتعامل الإسلامي الحازم مع أمريكا وروسيا، لا يستتبع ضغوطاً ومشاقاً واستشهاداً وجوعاً، لقد اختار شعبنا هذا الطريق بنفسه وسيدفع ثمن هذا الاختيار أيضاً، وهو يفتخر بذلك.

إن تحطيم ثقافة الشرق والغرب وإسقاطهما غير متيسر إلا بالاستشهاد وهذا الأمر من الواضحات.

إنني أطالب كبار المسؤولين فـي نـظام الجمهـوريـة الإسلامية مـن جديد ألا يخشوا أحداً ولا شيئاً إلا الله العظيم، وليشدوا أحزمة العزم ولا يتركوا مقارعة ومجاهدة فساد رأسمالية الغرب وفحشائها ولا خواء الشيوعية وعدوانها إذ لا نزال في أول طريق جهادنا العالمي ضد الشرق والغرب.

وهل الأمر أكثر من أننا سوف نُهزم ظاهرياً أمام ناهبي العالم (الاستكبار) ويقضى علينا؟

وهل الأمر أكثر من أن يسمونا أمام العالم بالوحشية والتحجر؟

وهل الأمر أكثر من أن يسعوا لسحق عزة الإسلام والمسلمين عبر عملائهم القتلة المنحرفين والمتسلّلين إلى المواقع والمراكز والمحافل؟

وهل الأمر أكثر من أن يرتقي الأعزاء من أبناء الإسلام المحمدي الخالص في أرجاء المعمورة أعواد المشانق؟

وهل الأمر أكثر من أن تساق نساء وأطفال حزب الله أسارا في العالم؟

فدع عالم الماديّات الساقط يفعل بنا كل هذا ولكن نقوم نحن بتكليفنا وواجبنا الإسلامي.

يحتمل أن كون قضية محاربة حجاب النساء في أماكن الدراسة والتعليم حركة تضليلية تهدف إلى التقليل من إشراق وعظمة صورة دفاع العالم الإسلامي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وإن كانت هذه القضية بحد ذاتها واحدة من المآسي التي ابتليت بها الشعوب الإسلامية، إذ كيف يعتبر في العالم الحر، على حد زعمهم، إجبار النساء والفتيات والمسلمات على خلع الحجاب مثلاً للديمقراطية ومجرد قولنا أن إجماع فقهاء المسلمين يحكم بإعدام من يهين رسول الإسلام (صلى الله عليه وآله) يرون ذلك مخالفاً للحرية الشخصية؟!! حقاً لماذا يلتزم العالم الصمت تجاه من لا يسمح للفتيات المسلمات بارتداء الحجاب الإسلامي كما يرغبن وهن يدرسن أن يُدرّسن في الجامعات؟! هل من علة لهذا الصمت سوى تفسير وتحليل معنى الحرية ومجالات التمتع بها هو بأيدي أولئك الذين يناهضون الأساس الحقيقي للحرّية المقدّسة.

إن الله تبارك وتعالى جعلنا اليوم في موقع المسؤولية فلا ينبغي لنا الغفلة, اليوم يجب مكافحة ومقارعة الجمود والسكون والصمت وتثبيت وتعزيز روح حركة الثورة، وأكرر القول أن على مسؤولي النظام الإسلامي كافة وعلى جماهير إيران أن يعلموا «أن الشرق والغرب لن يهدأ لهم بال حتى تتحقق أمانيهم وأوهامهم الساذجة بانتزاعكم عن هويتكم الإسلامية، فلا تفرحوا بالعلاقات مع المعتدين ولا يحزنكم قطعها، راقبوا الأعداء على الدوام بدقة وبصيرة، لا تتركوهم في أمان فإن فعلتم فسوف لن يتركوكم تأمنون للحظة».

وبالطبع نحن نقدر جهود وزارة الخارجية, وعلى العاملين فيها أن يواصلوا تحرّكاتهم بجد، وبمشيئة الله سينجحون في إنجاز مهمتهم وواجباتهم الإلهية والسياسية الكبرى.

أسأل الله عز اسمه أن يرجع مهاجري الحرب المفروضة الأعزاء إلى ديارهم بأسرع ما يمكن، ويمن عليهم بهناء العودة لها ويعوضهم عن مرارة الغربة وصعوباتها.

ختاماً أرى من اللازم عليَّ شكر كافة الذين رعوا ولا زالوا يرعون مهاجري الحرب المفروضة وكذلك شكر مسؤولي مؤسسة مهاجري الحرب الذين بذلوا جهوداً مضنية في رعاية هؤلاء الأعزاء.

والسلام عليكم ورحمة الله.

2 فروردين 1368 ﻫ.ش

14 شعبان 1409 ﻫ.ق

روح الله الموسوي الخميني