العلاّمة العسكري يتحدث عن بدايات معرفته بالإمام الخميني
2010-05-31
* لو تحدثتم عن بداية معرفتكم بالإمام الخميني؟
السيد العسكري: كان لسماحة الإمام مجموعة من الأصدقاء في قم: منهم السيد أحمد اللواساني وأخوه السيد صادق وأخي الأكبر الحاج السيد علي التهجدي والحاج الشيخ محمد علي الأديب الطهراني وآخرون لا أتذكر أسماءهم. وكان أخي الأكبر تلميذ الميرزا حسين النائيني وزميل آية الله الخوئي في الدراسة ثم انتقل من النجف إلى قم ثم إلى مدينة ساوة وأقام هناك. ولهذا السبب تعرفت على الإمام منذ أيام الشباب وحضرت دروسه في الكلام والعقائد ورجعت إلى العراق بعد سنة 1353 هـ. ق وبعد وصول الإمام الخميني إلى العراق، ونزوله في بيت أحد خدام الإمامين الجوادين وفور وصوله إلى الكاظمية أخبرني صاحب البيت الذي نزل فيه الإمام الخميني مع الشهيدين السبيتي وعبد الصاحب دخيل لزيارة الإمام في ذلك اليوم غيرنا نحن الثلاثة أنا والشهيد عبد الصاحب دخيل الذي ألقاه البعثيون في حوض حامض النتريك والشهيد محمد هادي السبيتي. فقلنا للإمام: بماذا تأمر؟ وماذا نستطيع أن نقدم من خدمة؟ فقال لا أحتاج شيئاً. وبعد ذلك أصبحت وكيلاً لدى آية الله العظمى الحكيم في ذلك الوقت - وكما أشرتم أنتم - كنت على رأس سياسة وسلكنا جماعة علماء بغداد والكاظمية) التي تشبه (رابطة علماء طهران المجاهدين - جامعة روحانيت مبارز تهران) لذلك لم يكن بمقدوري بعد ذلك أن أقيم أية علاقة علنية مع الإمام الذي يعتبر مرجعاً سياسياً وكان.. لسماحة الطرفين. وكان من سائر أعضاء الجماعة السيد إسماعيل الصدر والشيخ علي الصغير، والسيد مهدي الحكيم والسيد هادي الحكيم. وكنت في ذلك الوقت من معارضي دولة الجمهورية العراقية ، وكنت أستطيع لقاء الإمام في المحافل والمجالس العامة فقط.
ولذلك يسر لي أن أرى الإمام ثلاث مرات في النجف فقط كنت أذهب لزيارة سماحته ليلاً دون أن نخوض في القضايا السياسية وقد تحدثت معه مرة حول أوضاع مدينة ساوة في إيران وشكوت إليه عالم تلك المدينة الذي توفي الآن وكان معي في تلك الليلة الشيخ نصر الله خلخالي. ولما رأيت في ساحة البيت مصباحاً واحداً فقط من فئة (100) وات، فقلت للشيخ نصر الله: لماذا لا يهتمون بهذا البيت؟ قال: إنه (أي الإمام) هو الذي لا يقبل أكثر من ذلك.
* سماحة الأستاذ: ماذا تعلمون عن السيد الإمام باعتبار (محدثاً) بمعناه الاصطلاحي؟
العسكري: لقد كان الإمام أستاذ علوم الحديث بالمعنى الخاص للكلمة وكذلك كان بالمعنى العام من مصاديق «فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا». وعادة يكون لكبار فقهاء الشيعة إحاطة تامة بالحديث. إذ أنهم يتوجهون إلى دراسة الفقه والأصول بشكل مباشر، بل هناك طريق طويل لابد من اجتيازه، والفقيه الشيعي في الحقيقة يحصل على عدة شهادات في مستوى الدكتوراه من النظام الجامعي حتى يمنح شهادة الاجتهاد، ولهذا السبب ولذلك لا يعني لكتابات الأساتذة الذين يأتون من باريس ولندن وأميركا عن الإسلام ونعتبر عملهم سطحياً والتقاطياً، والإمام فضلاً عن التبحر العام للفقهاء كان يمتاز بتخصصه في علم الحديث.
وتعرف ذلك في مؤلفاته مثل كتابه (الأربعون حديثاً) و(شرح جنود العقل والجهل) و(شرح دعاء السحر). وكان الإمام متخصصاً في علم الرجال ونقد الرجال وعلى سبيل المثال نراه يصف أحمد بن محمد الاباري صاحب كتاب القراءات بمنتهى الضعف، ويعتبر الكتب الروائية للحاج مرزا حسين نوري فاقدة للاعتبار ويقول: والعجب من معاصريه كيف ذهلوا وغفلوا حتى وقع ما وقع مما بكت عليه السماوات وكادت تدكدك على الأرض.
إن فقهاءنا غالباً ما لا يؤلفون في غير ما يحتاج إليه في استنباط الأحكام ولكن الإمام... أي أن (حكمي زاده) أثار الشكوك في تعاليم الرسول وأهل البيت(عليهم السلام) وألف كتاب (كشف الأسرار) الذي كان له القول الفصل في وقته وكان أكمل رد. وكان من أن إحساسه بالمسؤولية في أكثر من البحوث الفقهية سنه المباركة وإقامة الجمهورية الإسلامية.. والآن نتباحث أنا وأنت ونتناقش بشأن الحديث وعلوم الحديث ونفتح كلية أصول الدين ونعيش في طمأنينة واستقرار نفسي ونقف بقوة بوجه الطاغوت ونواجه المشكلات والمصاعب بالثبات.. كل ذلك نتيجة للتهذيب العميق والسعي الجاد في تحصيل العلم والمعرفة. وقد أدركت هذا منذ أيام الإمام، لذلك لم أشك أبداً لا في الثورة ولا في الفتن التي تلتها ولا في الحرب وسلامة طريقه وسلامة نفسه، وهنا أذكر لكم خاطرة وهي:
بعد حادث الاعتداء على الطلبة في المدرسة الفيضية أقمت مجلس فاتحة على أرواح الشهداء في حسينيتي في الكرادة الشرقية ببغداد وملأ شبابنا بغداد بالشعارات والكتابة على الجدران (ولا تحسبنّ الّذين قُتلوا في سبيل الله أمواتاً..) ثم سافرت إلى الحج ومن مدينة الرسول(صلى الله عليه وآله) كان السعوديون قد أسسوا (الجامعة الإسلامية) ودعانا رئيس الجامعة بن باز لزيارتها وألقيت كلمة تحدثت فيها عن أوضاع المسلمين في الجزائر وفلسطين وقلت إن في إيران توجد جامعة على غرار (الأزهر) تسمى بـ (المدرسة الفيضية) وربّما لا تعلمون أن طلبتها تعرضوا قبل مدة للضرب والقتل لاستنكارهم اعتراف الطاغوت شاه إيران بإسرائيل، وفي هذه السفرة ذهبت إلى الجامع الهندي وبعد موقف عرفات ذهبت إلى المسجد الهندي واستمعت لأبي الأعلى المودودي في مسجد كبير وكان معي الشهيد عبد المنعم الشوكي، وكان المودودي معروفاً جداً في العالم الإسلامي في ذلك الوقت وله موقع كبير، وكان يتحدث عن نظرية الخلافة الإسلامية وقال في حديثه أن المسلمين يحتاجون إلى ثمانية أشياء ليبلغوا العظمة التي كانوا عليها في عصر النبي. وكان مسؤول برنامج الاجتماع إمام المسجد نفسه، فأرسلت صاحبي إليه وطلبت منه أن يقول له أن أحد علماء بغداد يريد الحديث تأييداً لحديث المودودي.
فذهب وقال له (كبير علماء بغداد) فتصوروا جرياً على العادة أن يكون هذا العالم سنّياً (لأن عبد المنعم كان يرتدي الغترة بدلاً من العمامة) فوقفت خلف المنصة إلى جانبه حيث كان هو جالساً. وبعد الإشادة به باختصار قلت بأنني قرأت كتبه، ثم قلت إنني أعتقد أن المسلمين يحتاجون إلى ثلاثة أشياء:
الأول معرفة ودراسة سنّة النبي الأكرم بمعناها العام (ليس الصحيحين فقط) والثاني وحدة المسلمين والدفاع الجاد عن بعضهم البعض وهنا أشرت مرة أخرى إلى مصيبة المدرسة الفيضية وقلت لعلكم لا تعلمون بأنه وقع كذا وكذا فيها.
والثالث: الإيمان، إيمانا مثل إيمان بلال وخباب وعمار وسمية وتحدثت في ذلك المجلس عن التعذيب الذي تعرض له هؤلاء ومقاومتهم وقد بلغ حديثي من العمق والجدية حتى أخذت بالبكاء، كما أخذ السنّة الذين لا يبكون أبداً بالبكاء. وبعد الحديث أخذوا يقبلونني، ثم سافرت إلى القدس وأديت الصلاة في المسجد الأقصى وهناك أيضاً تحدثت عن مصيبة المدرسة الفيضية وأثرت كثيراً في جمهور الحضور.
رسالتين بقلم السيد العسكري كان قد أرسلهما للإمام الخميني قدس أثناء العدوان الصدامي على الجمهورية الإسلامية
باسمه تعالى
سماحة آية الله العظمى الإمام الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية مدّ ظلّه الوارف على رؤوس المسلمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد إنّ طبيعة الأوضاع العراقية والشعوب العربية ونفوس حكّامها تدل على وقوع ما يأتي ذكره عند اقتراب الجيوش الإسلامية من البلاد العراقية:
أـ إن جنود البعث الكافر تتحصّن داخل الأبنية وتكون أقلّ تعرّضاً للتلف من الجندي الإسلامي المهاجم.
ب ـ يسخّر البعث الكافر جميع الإمكانات الموجودة في البلد وجميع المواطنين للدفاع عن نفسه.
ج ـ يطول أمد الحرب حول المدن وداخلها لما ذكرناه.
د ـ عندما يتأكد البعث العراقي الكافر من دنوّ نهايته يقضي على من يشكّ في تعاطفه مع الجمهورية الإسلامية وتكون الخسارة فادحة في تلف نفوس المؤمنين، وكذلك يدمّر المنشئات الهامّة كالجسور ومؤسسات الماء والكهرباء والطعام وقد يلوّث ما يمكنه بالمواد السامّة وعندئذ تكون إدارة البلد عبئاً ثقيلاً على الجمهورية الإسلامية ريثما يتمكن حكم إسلامي عراقي على إدارة البلد والأمور.
ﻫ ـ إن دخول الجيوش الإسلامية بهذا الشكل إلى البلاد العراقية قد يبعث بعض أبنائها إلى التعاطف مع الحزب الكافر ويعطي مبرراً لبعض حكام العرب الوجلين من انتشار النهضة الإسلامية المباركة في بلادها للمبادرة بدفع المزيد من الإمكانات القتالية للحزب الكافر الحاكم ويمكن تفادي ما ذكرناه بالآتي ذكره:
يكون تحرير البلاد العراقية بعنوان المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ويتحقق ذلك بأن يقوم المجلس بدفع المقاتلين العراقيين تحت إشراف ضباط الحرس الثوري الإسلامي ومقاتلي الحرس لتحرير البلد، ويخاطب أبناء ذلك البلد الموجودون في مثلاً - بمكبرات الصوت أهلها ويعرفون أنفسهم وأنهم عائدون إلى بلدهم وتلقي الطائرات على البلد نداءاتهم ونداء المجلس الأعلى، وتقوم وسائل الإعلام في الجمهورية الإسلامية بكل ما أوتيت من حول وقوة ببث الخبر وأن العراقيين حرّروا بلادهم، وأن قتال الجمهورية الإسلامية مع الحزب الكافر المعتدي وليس للاستيلاء على البلاد.
هذه إلى أعمال أخرى ينبغي القيام بها نظير الاستعانة بمن يتيسر من أهالي البلد والعشائر في مثل هذه الحالة ممّا ينبغي مناقشتها مع المسؤولين إن حظي الاقتراح بالقبول من مقامكم السامي وأمرتم بالنظر فيه من قبل المسؤولين المحترمين.
مدّ الله ظلّكم لتنشروا الحكم الإسلامي وتقيموه في البلاد الإسلامية تمهيداً لقيام إمام العصر عجّل الله فرجه.
والسلام عليكم من العسكري
بسم الله الرحمن الرحيم
المرجع الإسلامي الأعلى مؤسس الجمهورية الإسلامية وبانيها
سماحة آية الله العظمى الخميني مدّ ظلّه الوارف
السلام عليكم ورحمة الله وبعد فإنّ تصريحات رجال الدولة في الجمهورية الإسلامية «إن الجيش الإسلامي يدخل العراق متى ما شاء» يثير إخواننا السنّة في العراق وإذا وقع ذلك فإنّه يعطي مبرّراً لاشتراك الدول العربية في القتال إلى جانب صدّام الكافر.
والأمر الصحيح في ذلك أن تساعد الجمهورية الإسلامية العراقيين الموجودين هنا ليدخلوا بلادهم ويحرّروها من حكم أعداء الإسلام البعثيين.
أبقاكم الله للمسلمين ملجأ وللإسلام مناراً.
والسلام عليكم من
مرتضى العسكري
الثلاثاء 18 / 2 / 1402 ﻫ
تعليقات الزوار