السيد محمد الغريفي: الإحياء الحقيقي هو في حضور شخصيّة الإمام في جميع أبعاد واقعنا وثقافتنا

2010-06-12

استضاف فرع جمعيّة التوعية الإسلاميّة في مدينة حمد مسؤول دائرة الثقافة والتبليغ في المجلس الإسلاميّ العلمائيّ السيّد محمد هادي الغريفيّ في اللقاء التوعويّ الذي يأتي ضمن فعاليات موسم السيّد الإمام الراحل (قدس سره)، وذلك في مسجد فاطمة الزهراء (عليها السلام).

وبدأ الغريفي حديثه باستعراض عظمة شخصية الإمام (رضوان الله عليه) وتعلّقه الشديد بالله الذي كان سرّ توفيقه وتسديده، إذ قال «كان مع الله، فكان الله معه وناصره ومؤيّده، كان مرتبطاً بالله في سكناته وحركاته، لذلك ارتبطت به الملايين».

وعن حركة السيد الإمام، اختصر الغريفي ذلك بعبارة «أنّ الإمام الخميني جاءَ ليُخلّص هذه الأمّة من حالة الانحسار والضياع والعبوديّة إلى حالة الانقياد إلى الله».

وأضاف «إنّ السيد الإمام ما كان يبحث عن مكانة ولا عن سمعة ولا عن وجاهةٍ ولا كان يبحثُ عن لقب، كان همّه الوحيد كيف يجعل هذه الأمة تعيش حالة العبودية المطلقة لله سبحانه وتعالى؛ لِذا لا يبحث أحدنا عن سمعة ولا عن مكانة.. لا تفكّر كم تكون كبيراً عند الناس، بل كم تكون كبيراً عند الله؛ فالسيد الإمام كان عمله لله، والله جعل له هذه المكانة في قلوب المؤمنين».

ثم تعرّض الغريفيّ إلى الجوانب الشخصية للإمام (رضوان الله عليه) من تهذيبٍ للنّفس، وعدم تعلّقه بالدنيا، وحياته البسيطة وعدم تكلّفه، وشدة التزامه واحترامه للوقت، ووضعه للبرنامج اليومي.

ثم انتقل الغريفي إلى محور الحديث المتعلّق بالجانب الأخلاقي، وبدأ بحديثٍ للسيد الإمام يقول فيه «إن من يعمل على إفساد المجتمع ولا يتورع عن ذلك إنما هو غدة سرطانية يجب فصلها عن المجتمع». ومن كلماته في هذا الجانب أيضاً «إنقاذ مدمن المخدرات ليس إنقاذاً لشخص واحد إنما هو إنقاذ للإسلام».. وقال تعليقاً على الكلمتين «يجب أخذ الدروس من مثل هذه الكلمات، فربما البعض يستهين بإنقاذ هذه الشخصيات، ولا يقدّر أثر ذلك بينما الإمام الخميني يجعل هذا الإنقاذ إنقاذ للإسلام؛ لأنه لو تمادى هذا الإنسان لاحترق الأخضرُ واليابس، وهو إفساد في الأرض ونشر للموبقات والانحرافات».

وبشأن كلمة أخرى للسيد الإمام حول الانحراف الأخلاقي قال فيها إن «الانحراف الأخلاقي هو الذي يدفع كوكبنا إلى حافة السقوط»، علّق الغريفي «أنّ الانحراف وتفشّي الرذيلة في المجتمع سبب لنـزول العذاب، كما جاء في الرواية (أوحى الله إلى شعيب النبي (عليه السلام) إني لمعذب من قومك مائة ألف أربعين ألفاً من شرارهم وستين ألفاً من خيارهم فقال يا ربّ هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار!؟ فأوحى الله عزّ وجلّ إليه أنهم داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي)، فالإمام الخميني (قدس سره) أراد أن يُربّي المجتمع على تحمّل المسؤوليّة، فهناك من يعيشون اللامبالاة، وما هذه الانحرافات التي تنتشر إلا لتهاون بعض الأسر وبعض الآباء. وفي الحديث عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (كيف بكم إذا فسدت نساؤكم وفسق شبابكم ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟ فقال نعم وشر من ذلك كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف. فقيل له: يا رسول الله ويكون ذلك؟ قال نعم، وشرّ من ذلك كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرًا والمنكر معروفًا). لذلك الإمام الخميني أراد أن يُعطي صدمة لواقع الأمة لتُعيد كل حساباتها. فهذه الثورة لم تكن ثورة عسكرية فقط، ثورة على كل المفاهيم المنحرفة، وثورة على كل السلوكيات والممارسات المنحرفة. جاء ليوقظ ضمير هذه الأمة ويحييها.. لذلك كان يقول: إننا لا نخشى المحاصرة الاقتصادية، ولا نخشى التدخل العسكري، وإنما ما نخشاه هو التبعية الثقافية. أي حالة التغريب وحالة ضياع الهوية وحالة التقليد الأعمى للغرب».

ثم انتقل الغريفي إلى وصية السيد الإمام لابنه السيد أحمد: يا من تتمتّع بنعمة الشباب، عليك أن تختار معاشريك وأصدقاءك من الأشخاص الصالحين والملتزمين والملتفتين إلى القيم المعنوية ولا تكن مجالسهم ومحافلهم ملوثة بالذنوب ويتحلّون بالأخلاق. وفي تعليقه على هذه الكلمة وجه حديثه للشباب والآباء قائلاً «ينبغي على الشباب أن ينتقوا من الأصدقاء من هم في خط الوعي وفي خط المسجد وفي القرآن وفي خط الالتزام، وعلى الآباء أن يمارسوا الدور في عملية التوجيه للأبناء فيمن يصادقون».

وفي نهاية حديثه حول مشروع السيد الإمام (رضوان الله عليه) قال الغريفي «مشروع الإمام الخميني لصياغة الواقع ينطلق من بعد النفس وترويضها وتربيتها، ثم من الأسرة الصالحة في تنشئتها وتربيتها وفي تغذيتها العقلية والإسلامية في خط القرآن وخط أهل البيت (عليهم السلام)، ثم من المجتمع الذي يجب أن يمارس دوراً في عملية إنقاذ وتحصين وتوجيه لِما هو خير وصالح».

ثم ختم «جميل أن نحتفل بهذه الشخصية، وجميل أن يكون لقاء مستمراً مع هذه الشخصية التي وهبت عمرها للإسلام ولله سبحانه وتعالى، ولكن الأجمل من ذلك هو كم نستفيد من هذه الشخصية، ومدى حضور هذه الشخصية في واقعنا وفي حركتنا وتفكيرنا وفي أخلاقنا وقيِمنا وثقافتنا، هكذا يكون الإحياءُ الحقيقيّ لهذه الشخصيّة».