السياسة المنفعلة للأمريكان
2007-09-01
26 ربيع الثاني 1426هـ ـ طهران
قد كانت أمريكا ذات يوم تشعر باقتدار مطلق في منطقة الشرق الأوسط لا يشوبه أي قلق حتّى مع وجود الحكومات ذات الطابع اليساري ظاهرياً كنظام البعث في العراق حيث كان يسارياً وعلى صلة وثيقة بالإتحاد السوفيتي، بِيَد أنّه لم يكن يشكل خطراً على أمريكا، لأنّها تعلم أنّ بإمكانها توجيه هذا النظام وفقاً لإرادتها ما دام أنّه نظام لَقيط لا يتمتّع بدعم الشعب، وهكذا بالنسبة إلى الأنظمة اليسارية الأُخرى في المنطقة.
ولكن قيام نظام الجمهورية الإسلامية شَكل ظاهرة مستعصية على أمريكا, إذ لم يكن نظاماً يسارياً تابعاً للمعسكر الشرقي حتّى إذا شكّل عقبة لها عَمدت إلى حله من خلال مفاوضة ساسة الإتحاد السوفيتي.
بل كان نظاماً معتمداً على إرادة شعبه وإيمانه، غير مرتبط بأي قدرة خارج حدودها وبلادها، هذا أولاً.
وثانياً: إنّ الدافع لهذا النظام وقائده العظيم هو العناية الإلهية والدين ومخافة الله ورجاؤه، ولذلك لم يكن للعالَم تأثير في إرادته.
لقد أدّى الصدق الذي يسود هذا النظام، وشعار المعنوية والإسلام الذي يُعيد للمسلمين هُويتهم، إلى ظهور الصحوة الإسلامية في كافة إنحاء العالم الإسلامي.
إنّ ما قامت به الولايات المتحدة طوال هذه السنوات في الشرق الأوسط والمنطقة الإسلامية، ليس سوى حركة انفعالية تجاه الحركة القوية لنظام الجمهورية الإسلامية.
وإنّ مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يَصرّ الأمريكيون على مواصلته ولم يُحالفه النجاح حتّى اليوم، ولن يحالفه النجاح فيما بعد بحول الله وقوته، إنّما هو مشروع انفعالي بإزاء قيام الثورة والصحوة الإسلامية.
يَعلم الأمريكيون أنْ لا مستقبل لهم في العالم الإسلامي.
ولذلك يحاولون الأخذ بزمام المبادرة للحيلولة دون تطّور هذه الصحوة الإسلامية إلى حركات ثورية، ويحاولون من خلال ذلك إعاقة المصير المحتوم للشعوب.
لقد صرّح الأمريكيون في الآونة الأخيرة بأنهم لو لم يهاجموا العراق, لتمكن الشعب العراقي المسلم والمؤمن من الإطاحة بصدام في مدّة قصيرة، ولفَوّتوا عليهم الإمساك بزمام المبادرة، وهذا ما كانوا يَخشونه، ومن هنا كانت سياستهم انفعالية ناتجة عن مَخاوفهم من عواقب الصحوة الإسلامية في العالم الإسلامي.
إنّ ما تقوم به الولايات المتحدة حالياً في هذه المنطقة ليس ناشئاً عن قدرتها، بل إنّه ناشيء من إحساسها بقدرة المعسكر الإسلامي ونهضته وصحوته.
**************
الديمقراطية الكاذبة
2007-09-01
30 ربيع الأول 1426هـ ـ طهران
والنموذج الآخَر حصل بعد حوالي تسعة عقود من الحرب العالمية الأولى، عندما شنّت الولايات المتحدة حربها ضد العراق، ـ فبرغم المسيرات العالمية والتظاهرات المليونية والتي خرجت في أوربا والعالم ـ للحيلولة دون هجوم الولايات المتحدة وإنكلترا ضد العراق، إلا أنها لم تُجْدِ شيئاً أيضاً, وذلك لأن هذه الجهود رغم خلوصها لم تكن صحيحة، لأنها قامت على أُسسٍ خاطئة، وسأوضح ذلك.
إن التجربة الغربية تفتقر إلى العدالة الاجتماعية، بل وتخلو حتى من الديمقراطية الواقعية. فيختلفون مثلاً حول الهجوم على العراق فيرى حزب العمال الإنجليزي أن الهجوم أفضل، بينما لا يرى المحافظون ذلك، وفي فرنسا يرى شخص أن العلاقة مع إسرائيل ينبغي أن تقوم على أساسٍ لا يوافقه الآخر عليه، وهكذا في النمسا وغيرها.
فهل يسمح في الولايات المتحدة وإنجلترا أو غيرهما، لمن يعارض الثوابت والقيّم التي تؤمن بها، بتسنّم رأس الهرم في السلطة؟ إنهم يختلفون في منافساتهم الانتخابية حول أكثر الأُمور تفاهة، وأكبر ما يختلفون فيه ما كان من قبيل الهجوم على العراق وعدمه.
**************
ضرورة إنسحاب الأمريكيين
2007-09-01
12/2/1383 هـ.ش ـ طهران
إن انسحاب المحتلين من العراق وإرساء أسس السيادة الوطنية في هذا البلد وخروج القوات العسكرية الأجنبية من افغانستان والتأكيد على إسلامية هذا البلد واستقلاله ودعم الشعب الفلسطيني المظلوم واولئك المناهضين ضد الغاصبين دفاعاً عن النفس والمال والكرامة والاستقلال وتقويتهم مادياً ومعنوياً ونشر الشعائر الدينية والايمان الديني في كافة ارجاء العالم الاسلامي والمزيد من التقارب بين الدول الإسلامية يوما بعد يوم وحل الخلافات القائمة فيما بينها وتفعيل منظمة المؤتمر ومواصلة الجهود من أجل نيلها حق النقض في مجلس الأمن الدولي.. كل ذلك يدخل في نطاق مصالح الأمة الإسلامية فلابد من ادارج كل ذلك ضمن السياسات المتبعة والجهود المبذولة من قبل جميع الحكومات في الدول الإسلامية.كما أنَّه لابد للشعوب والنخب أن تطالب حكوماتها بذلك.
**************
لواء حقوق الإنسان المزيّف
2007-09-01
26/11/ 1425هـ ـ طهران
وطبعاً إن هذا النوع من الاستعمار سوف لا يكتب له النجاح، لأن وجه الاستعمار من القبح والبشاعة بحيث لا يمكن تغطيته بمثل هذه الأساليب، كما لا يمكنه حجب ظلمه وعدوانيته، والمثال على ذلك هو العراق، حيث تشاهدون ممارساتهم في هذا البلد، وكيف أنهم حوّلوا لواء حقوق الإنسان إلى اضحوكة بيد أمريكا وانجلترا وما شاكلهما ! حيث يتكرر مشهد مأساة سجن أبي غريب وغوانتانامو، والتعامل مع الشعوب بجبروت القوّة العسكرية، وقد لا يظهر الناس استياءهم للوهلة الأولى، الا أن هذا سيترسَّب في وجدانهم ويتجذّر بعمق، وسيتفجر بركان غضبهم، حيث إن صدور الشعوب الإسلامية مشحونة غيظاً، وحتى البلد ان التي لهم فيها سيطرة ظاهرية على حكامها، فإن أفئدة الشعوب فيها ضائقة بهم وهي بانتظار اللحظة التي تتمكن فيها من التعبير عن مشاعرها، فقد ولى عهد النظام الاستكباري المبتني على الظلم والتسلط على أرواح الشعوب وثرواتها وشرفها، وطبعاً قد تخضع الشعوب لتجارب عصيبة، إلا أن الحقيقة هي أن مرحلة التجبّر وفرض القوّة قد أصبح منتهياً، وليس بإمكانه الاستمرار مدّة أطول، فالاُمة الكفوءة والواعية التي تتمتع بإرادة ووعي وإيمان، سوف لا تفسح المجال لغيرها ولا تترك المستعمر ينفرد بصنع القرار، وستتغلب عليه لا محالة.
**************
الإتحاد مقابل الإستكبار الأمريكي
2007-09-01
17 ربيع الأول 1426هـ ـ طهران
ها هي أمريكا حالياً قد توقّفت في رمال العراق وأفغانستان، بينما يتمتع العالم الإسلامي بقدرات كامنةٍ كثيرة، وعلى العلماء والمثقفين والساسة، والجماعات والمؤسسات، وأرباب القلم والبيان وأصحاب المنابر العالمية أو الوطنية في كل بلدٍ، مسؤوليات جسيمة.
اعملوا على تشجيع المسلمين، وإعادة ثقتهم بقواهم، واعملوا على تقوية ذواتهم بالعلم والعقل والتدبّر، وشجعوهم على المقاومة والوقوف بوجه المتجبرين والمستكبرين، ورد في الحديث القدسي الشريف: (من كان لله كان الله له) وقال تعالى في محكم كتابه ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (سورة العنكبوت: الآية 69).
**************
أهمية نبذ الفرقة بين الطوائف الإسلامية
2007-09-01
26 ربيع الثاني 1426هـ ـ طهران
لابدّ للشعوب الإسلامية من الحفاظ على يقظتها وصحوتها وعدم السماح للأعداء بالاستهانة بهذه الصحوة.
فاليوم هو يوم إتحاد الشعوب والحكومات الإسلامية وتلاحمها.
ومن هنا أُوجه تحذيراً لأبناء شعبنا وأبناء الشعب العراقي والشعب الباكستاني وسائر الشعوب المسلمة الأخرى، وأُناشدهم أنْ يَكبحوا الخِلافات المذهبية والطائفية، فإني أرى أنّ هناك أصابع تعمل في الخَفاء لإثارة الحروب بين المسلمين.
لا ريب في أنّ الجرائم والتفجيرات الّتي تحصل في المساجد والحسينيات وصلاة الجماعة والجمعة لا يمكن أنْ تكون من فعل المسلمين أنفسهم، بل هي من صُنع الأيادي الصهيونية والإستكبارية الأثيمة.
سواء في العراق وإيران وأفغانستان وباكستان وجميع البلدان الأخرى.
**************
رفض الشعب العراقي للإحتلال الأمريكي
2007-09-01
1/10/ 1426 هـ ـ طهران
وتشاهدون أنَّ أمريكا لم تستطع بلوغ أهدافها في هذهِ المنطقة وفي العراق, وإن ما يجري حالياً في العراق مخالف لما كان يطمح له الأمريكان.
طبعاً تحدث جرائم في العراق حيث يقتل يومياً عدد من الأبرياء من خلال الأعمال الإرهابية, ونحن في هذهِ الحوادث نتّهم أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية.
لأنها المستفيد الوحيد من هذهِ الأوضاع؛ لأن العراق الآمن لا يعود بالنفع عليهم.
وإنَّ انعدام الأمن يُشكل ذريعة وجيهة لإحكام قبضتهم على العراق.
إنَّ الشعب العراقي لا يرضى الاحتلال الأمريكي, ولا يقبل السيطرة الأمريكية.
**************
الفشل الأمريكي
2007-09-01
26/9/ 1426هـ ـ طهران
إنّ أمريكا تعتبر منطقة الشرق الأوسط من المناطق الحساسة، وإنّ أهدافها تدور في إطار السيطرة على هذه المنطقة، وقد أعدّت الخطط من أجل السيطرة على الشرق الأوسط والخليج الفارسي وشمال أفريقيا.
إنّ هذه الخطط كانت موضوعة مسبقاً، وقد قاموا بالتمهيد وتوفير الأسباب لها، إلا أنهم لن يستطيعوا تمرير مخططاتهم والوصول إلى أهدافهم؛ والدليل على ذلك هو فشل هذه الأهداف في فلسطين والعراق.
ومع ذلك فإنّهم لا يزالون يمتلكون المخططات لهذه المنطقة وللدول الأخرى، ومن بينها العراق.
إنّ هدف أمريكا الأساسي في منطقة الشرق الأوسط هو إيجاد حكومات عميلة وخاضعة لا تسبب لها المتاعب.
إنّ بلدان الشرق الأوسط اليوم ليست كذلك، بالطبع، إنّ الكثير منها هي تابعة لأمريكا، إلا أنّها سوف تسبب المتاعب لأمريكا أيضاً.
لو أن أمريكا أرادت الحصول على نسخة أمريكية مشابهة لها لا تسبب لها المشاكل، فإنّ سبيلها الى ذلك هو إيجاد حكومات عميلة خاضعة لها تتمتع بظاهر شعبي وديمقراطي.
إنّ أمريكا اليوم غير راضية حتى عن الأنظمة المَلَكية الموجودة في الشرق الأوسط؛ لأنّها تعلم أنّها تسبب لها مشاكل كثيرة.
على الدول الإسلامية والعربية أن تلتفت إلى أنّ أمريكا لا تدبّر المخططات للبنان وسورية والعراق فقط ـ فتقف موقف المتفرج ظناً منها بأنّ هدف أمريكا هو السيطرة على سوريا ولبنان فقط ـ بل إنّها تخطط للسيطرة على مصر والسعودية والأردن وجميع دول الخليج الفارسي.
**************
محاولة أمريكا محو الهوية الدينية والوطنية
2007-09-01
27 / 7 / 1426هـ ـ طهران
الحقيقة الثالثة التي يعرفها الجميع برغم إنكار الكثير لها، هي أنّ مظهر هذهِ الصحوة الإسلامية لا تتمثل في الشخصيات الإرهابية التي يُظهرونها في العالم الإسلامي، فإنّ الذين يقومون بهذهِ الجرائم في العراق، والذين يمارسون الإجرام ضد المسلمين باسم الإسلام، والذين يكرسون اهتمامهم على بثّ الفرقة بين المسلمين تحت الغطاء القومي والطائفي لا يمكنهم أنْ يكونوا نموذجاً للصحوة الإسلامية أبداً، وهذهِ حقيقة يدركها المستكبرون أنفسهم.
إنّ الذين يسعون إلى إظهار الإسلام للعالم الغربي من خلال وجوه الفئات المتخلّفة والغريبة، يدركون أنّ هذا لا يمثل الحقيقة.
إنّ الإسلام الذي يشعر العالم الإسلامي بصحوته حالياً هو إسلام الفكر والوعي والعمق والتجدّد وتقديم الحلول للمشاكل الإنسانية، لا الإسلام المتخلّف والأعمى والبعيد عن الحرية الفكرية، والمستكبرون يدركون ذلك.
إنّ شعار الجمهورية الإسلامية هو التفكير الحرّ، والتقدم العلمي والمعرفي، والاهتمام بحقوق الإنسان واختياره، والعطف على أفراد الإنسانية، هذا هو شعار الإسلام ورسالته وهو ما تصبو إليه الدنيا.
إنّ منطق إمامنا هو منطق بملاءماتها العقل والفكر والعمل المشرق، ومنطق الإنسانية علاماتها وأخلاقها، والفضائل الأخلاقية، وهذا هو الذي يصبو إليه العالم.
إنّ الصحوة الإسلامية لا تتمثل في أولئك العابسين بوجه الدنيا بما فيها من المؤمنين والمسلمين، والذين يكفّرون بعضهم ويهاجمون آخرين تحت غطاء القومية أو الطائفية وغير ذلك من الحجج الخاطئة.
إنّ وجود هؤلاء مشبوه للغاية، فهل لهم وجود حقيقي أم أنهم عملاء شبكات التجسس الإسرائيلية والأمريكية والانجليزية الناشطة تحت غطائها من خلال توظيف عددٍ من الغافلين.
فهذهِ أيضاً حقيقة لا يمكن إنكارها.
الحقيقة الأخرى، هي أنّ العالم الغربي برغم ما يمتلكه من القوى عاجز عن التغلب على الصحوة الإسلامية، لقد قاموا بحملة إعلامية واسعة ضد الإسلام والجمهورية الإسلامية، وقادة الإسلام ومصلحيه الكبار، وضد الأحكام الإسلامية واختلقوا هذا الحجم الهائل من العملاء لتشويه الإسلام واتهامه، واستخدموا السلاح العسكري والاقتصادي والإعلامي بشكل مذهل، إلا أنهم حتى الآن لم يحققوا أي تقدّم.
إنّ أغلب توجّهات الشباب المسلم في البلدان الإسلامية نحو الإسلام والأفكار الإسلامية، وهذهِ التوجهات آخذة في الارتفاع يوماً بعد يوم، والذي يترتب على ذلك هو، إنّ على العالم الإسلامي أنْ يقدّر هذهِ الحقيقة.
إنّ السبيل الوحيد الذي يمتلكه العالم الإسلامي حالياً للحفاظ على مصالح الشعوب الإسلامية هو الاتحاد حول محور الإسلام، ورفض أهداف الأعداء والمستكبرين وأطماعهم الاستعمارية،
إنّ هدف الاستكبار هو محو الهوية الوطنية والدينية في العالم الإسلامي وفي الشرق الأوسط على وجه الخصوص؛ وإن مواجهة هذهِ الأهداف إنما تتحقق من خلال الاتحاد والتلاحم والتمسك بالإسلام ونشره، والوقوف بوجه الأطماع الامريكية وغيرها من المستكبرين، إنّ الوجهة الأمريكية تعاني انهياراً في جميع العالم، فقد قام الأمريكيون من خلال تصرفاتهم بسحق جميع شعاراتهم.
إنّ الضغط الأمريكي على الشعب العراقي، وانعدام الأمن السائد في العراق، ودعم الولايات المتحدة المطلق للصهاينة المجرمين، والجرائم التي ترتكبها في أفغانستان، والضغوط التي تمارسها ضد الحكومات الإسلامية، جعلت من الوَجه الأمريكي وجهاً بشعاً ومكروهاً في العالم الإسلامي.
إنّ بإمكان العالم الإسلامي حالياً أنْ يقف بوجه هذهِ القوّة الطامعة وعليه أن يقف بوجهها، وليس أمامه من خيار آخر.
إنّ على الحكومات الإسلامية من أجل الحفاظ على مصالحها الوطنية، ومن أجل إرضاء عواطف شعوبها، ومن أجل القيام بمسؤولياتها التاريخية أنْ تستند إلى النقاط الأساسية لهوية الأمة الإسلامية، وعليها أنْ تدافع عن الشعب الفلسطيني صراحة، وأنْ تدافع عن الاستقلال الكامل للعراق وترك الخيار للشعب العراقي، وأنْ تدافع عن الشعب الأفغاني، والشعوب الإسلامية في أوربا وآسيا وأفريقيا، وأنْ تدافع عن الهوية القرآنية والأحكام القرآنية في بلدانهم، وأنْ يوثّقوا العلاقات فيما بينهم، وأن يكونوا صادقين مع بعضهم، وأنْ يعينوا بعضهم, ويأخذوا بأيدي بعضهم، وعندها سيغدو بإمكان الأمة الإسلامية أنْ تتحرر من رِبْقة الاستكبار وتتخطّى تهديداته.
**************
الروح الإستكبارية الأمريكية
2007-09-01
20/2/1427 هـ ــ طهران
إنَّ ما يطرح هذه الأيام بالنسبة للتباحث مع أمريكا بصدد قضية الاستقرار في العراق، كان نتيجة للمناشدات المتكررة والمتتالية من قِبَل مسؤولي أمريكا ـ سواءً كانوا في العراق أم خارج العراق ـ لمسؤولينا، حيث لم يعير مسؤولينا أهميةً لذلك في بادئ الأمر، إلا أنَّهم وافقوا بعد ذلك مضطرّين؛ على أمل الوقوف للحيلولة دون المخاطر المفجعة التي يعاني منها الشعب العراقي، وإيصال وجهات نظرنا إلى الجانب الأمريكي في هذه المسألة.
ما هي وجهات نظرنا؟
إنَّ وجهات نظرنا إعلام الأمريكيين بأنَّ عليهم أن يرفعوا أيديهم عن العراق، لكي يقوم الشعب العراقي بإدارة بلده بنفسه، ويتجنبوا إثارة النعرات الطائفية من أجل استقرار العراق.
إنَّ الشعب العراقي يستطيع إدارة بلده وتحقيق استقراره بنفسه؛ لأنَّ هناك قرائن كثيرة تدل على أنَّ الأجهزة الجاسوسية الأمريكية أو البريطانية أو الصهيونية تقف على أعتاب خلفية عدم الاستقرار في العراق؛ ولهذا فإنَّ الحفاظ على الاستقرار في العراق كان هو الباعث على قبولنا المباحثات.
إلا أنه مع ذلك قام الأمريكيون أيضاً بإظهار روح التسلّط والهيمنة والدجل في هذه المسألة، فقد أخذوا يدّعون بأنّ إيران تريد أن تتباحث في مسائلها المختلفة مع أمريكا، وكذلك أخذوا يتشدقون بتعابير نابية وقبيحة كثيرة، وعلى أثر روح التكبر والدجل هذه قال البعض من المسؤولين الأمريكيين: إنَّ قبول المباحثات هو بمثابة امتثال مسؤول إيراني بين أيدينا.
إنني أقول: إنَّ الحكومة الأمريكية سوف تندم إذا ما حاولت أن تقوم بإحضار مسؤولاً إيرانياً.
لا يوجد لدينا مانع من المباحثات إذا ما استطاع مسؤولونا المعنيون التباحث؛ من أجل تفهيم وتنبيه الأمريكيين بمسألة من المسائل التي ترتبط باستقرار الأمن في العراق، لكن إذا كانت المباحثات بمعنى أن يفسح المجال للأطراف المتسلّطة والمغرورة والمخادعة لفرض شروطهم بالقوة، فسوف يكون هذا الأمر ممنوعاً كبقية الأمور التي صرّحنا بها.
إنَّ عزّة وثبات ومقاومة شعبنا هو سبب قدرتنا وتقدّم بلدنا، ولا نسمح بالطعن في ذلك جرّاء بعض التوهمات.
سوف أتكلم بعض الشيء عن مسألة الطاقة النووية.
إنّ خلاصة ما يريد أن يقوله العدو للشعب الإيراني هو: عدم استحقاقه لامتلاك التقنية النووية، لماذا؟
لأنَّ التقنية النووية تؤدي إلى قوتهم في مجالات مختلفة، فيريد أن يمنعهم من امتلاك هذه التقنية لكي يبقوا ضعفاء، ليتسلط عليهم بسهولة، فعلى الشعب أن يعي عمق معنى كلام العدو؛ لأنَّ القضية تكمن في أنَّ الطاقة النووية والقدرة على إنتاج الوقود النووي سوف تكون إحدى الاحتياجات الضرورية والحتمية للشعب الإيراني في السنوات القريبة المقبلة.
فإذا لم يحقق الشعب الإيراني التقنية النووية لبلده في الوقت الراهن، فسوف يمدّ هذا الشعب بعد بضعة سنوات يد العوز إلى الأجانب، والى الأعداء في بعض الأحيان؛ للحصول على الاحتياجات الضرورية جداً؛ وذلك عندما يغزوا الشباب سوق العمل والإنتاج، وتزداد نفوس الشعب الإيراني ملاييناً أخرى على ما هي عليه الآن، وسوف يكون أمرنا حينذاك كما لو أننا كنا لا نمتلك النفط في الوقت الحاضر، مع العلم أنَّ النفط يعتبر مصدراً قابلاً للنفاذ وغير قابل للتعويض، ولا يبقى إلى الأبد، فإذا ما اُستُهلِك بالمقدار الذي يستهلكه الشعب في الوقت الحاضر، فسوف ينفذ نفط الشعب الإيراني خلال عشرين سنة أو خمسة وعشرين سنة
إنَّ العالم يتّجه اليوم نحو الطاقة البديلة للنفط، التي تعتبر الطاقة النووية أهمها وأكثرها إطمئناناً على الإطلاق، ولو لم يحصل بلدنا على الطاقة النووية خلال عشرين سنة، فمن أجل إنشاء مصنعٍ ما، سوف يمد يد العوز إلى عناصر لم تكن ترغب في تقدّم الشعب الإيراني، وتحاول إراقة ماء وجهه وسلب عزّته؛ من أجل أن تتصدق عليه بشيء يسير مما تملك.
لقد قلت في وقت من الأوقات ـ هنا في مدينة مشهد المقدسة ـ لدى حضور جمع عظيم من الناس: لو أنَّ هذا النفط الذي نمتلكه اليوم، كان تحت تصرف أوربا وأمريكا، لوجب علينا السجود لهم إزاء كل برميل من النفط يقومون بالتصدق به علينا، وهيهات أن يعطونا ذلك! فهم يرغبون في أن يكون الشعب الإيراني بعد عشرين سنة محتاجاً لهم، ويستجدي أمام أبوابهم؛ من أجل صناعته وزراعته وإدارة عجلة الحياة في بلده، هذه هي أهمية الطاقة النووية.
إنّهم يدّعون الآن أنّ فائدة الطاقة النووية هو لغرض العلاج وتلبية الحاجات الطبية، هذا صحيح، إلا أنّ ذلك لا يُعدّ فائدة من الدرجة الأولى؛ لأنَّ الطاقة النووية تعتبر بالدرجة الأولى من اللوازم الأساسية والضرورية لبلدنا.
فلو لم يحقق مسؤولونا وموظفونا إنجازاً بناءً في مجال الطاقة النووية في الوقت الراهن، فسوف يحقَّ لجميع أفراد الشعب الإيراني أن يلعنهم بعد عشرين سنة، علاوة على أنّهم لا يستطيعون تحقيقه حينذاك، وعندما يحتاج الشعب إلى حاجة من حاجاته، فسوف يبيعونه عليه بأغلى الأثمان، أو لا يعطونه له، أو يقومون بإذلاله والاستهانة به.
هذا هو ما تريده منّا أمريكا، وهو أن ندع ما حصلنا عليه من التقنية بأنفسنا، ليتصدقوا علينا هم بالوقود النووي.
ما هو هدفهم من ذلك؟
إنَّ هدفهم هو أن نقوم نحن بصناعة محطة للطاقة، ثمَّ نمدّ أيدينا لهم من أجل شراء الوقود لهذه المحطة، لكي يبيعونه لنا بأي ثمن أو شرط يرغبون به، وهذا مثيل لما لو أنَّ النفط اليوم كان ملكاً لأمريكا، واحتجنا إليه أو إلى أحد مشتقاته لأجل إنتاج الطاقة، وأردنا أن نحصل عليه من الأمريكيين، فكيف سيعاملوننا حينذاك؟ فعليكم أن تنتبهوا إلى مقدار ما يستهينون بالشعب الإيراني!
عندما نقول: إنّ الطاقة النووية، أو بتعبير أدق التقنية النووية، وعجلة الوقود والقدرة على التنمية النووية هو حقّنا المسلم، فمعنى ذلك أننا عندما لا نقوم بتحقيق هذا للشعب، فسوف يمدّ يد الاستجداء لأعدائه ومخالفيه.
إلا أنَّ الشعب الإيراني سوف لا يخضع لِما يروم له الأعداء.
يقولون لنا تمتلكون النفط، فماذا تصنعون بالطاقة النووية؟! أو هل أنَّ أمريكا لا تمتلك نفطاً؟ إنَّ أمريكا تمتلك نفطاً، فلماذا تمتلك مع ذلك الطاقة النووية؟ حيث صرّح الرئيس الأمريكي أخيراً: بأننا لابد أن نجعل ميزانية أكبر من أجل إنتاج الطاقة النووية.
إنَّ العالم بأسره يتّجه نحو التقدم وتأمين الميزانية من أجل الطاقة النووية، في الوقت الذي يمنعونه عن شعبنا!
إننا نرفض هذه اللهجة، وعلى الشعب الإيراني أن يعلم أنّ مسؤولي بلدنا سوف يرفضون ذلك، وإنّني سوف لا أخضع لهذه الضغوط بأي ثمن كان.
الطاقة النووية والتقنية النووية حقّ مسلّم لكم ـ أيّها الشعب الإيراني ـ ولا يحقّ لأيّ كان أن يغضّ النظر عن هذا الحقّ المسلّم ويتراجع عنه.
إنَّ العدو يثير الشائعات، ويروّج البعض ـ سواء كان يشعر بذلك أم لم يشعر ـ لهذه الشائعات في داخل البلد.
إنَّ حقيقة الأمر هو أنَّكم لو لم تتمسكوا بهذا الحقّ، فسوف يتراجع الشعب الإيراني بمقدار مئات السنين، ويبقى متخلّفاً، وهذا ما لا يرتضيه أي مسؤول، أو مقتدٍ بالرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وإنَّ العالم اليوم يعترف بهذا الحق أيضاً يهددونا اليوم بمجلس الأمن، وكأنّما مجلس الأمن يتواجد في أقاصي العالم، فلقد ذُقنا مرارة تصرفات مجلس الأمن، ففي زمن الحرب المفروضة، عندما كان أفراد النظام العراقي يسيطرون على بضعة آلاف من الكيلومترات من أراضينا، أصدر مجلس الأمن قراراً يقضي علينا بوقف إطلاق النار، وعدم الدفاع والمقاومة، وبما أنّ هذا القرار لم يكن لصالح بلدنا فقد قمنا برفضه، وكل أمر يتعارض مع مصالح بلدنا فسوف نرفضه.
**************
خدمة المواطنين
2007-09-01
28/1/1427هـ ـ طهران
إنكم تجدون أمريكا اليوم في العراق لا ترى لتحقيق أطماعها إلا إشعال فتيل التفرقة والخلاف, ووصم الحكومة المنتخبة من قِبَل الشعب بعدم الكفاءة، ولهذا فهم يسعون جاهدين لتكريس الخلافات وإشعال أتون الحرب الطائفية، وما الأحداث المفجعة التي وقعت أخيراً في سامراء إلا واحد من تلك النماذج.
على أنهم أقدموا أيضاً قبل ذلك على إثارة مشاعر المسلمين لتحقيق أهداف سياسية مختلفة، فطبعوا تلك الرسوم المهينة لنبي الإسلام الكريم (عليه وعلى آله الصلاة والسلام)، وهما فعلان لا ينفك أحدهما عن الآخر، أي النزول إلى الميدان بإهانة المقدسات الدينية؛ حتى يستطيعوا التوصّل إلى أهدافهم المبرمجة في خِضَم ما سيحدث من إثارة.
فماذا كانت النتيجة؟ لقد باءوا بالفشل.
لقد أدت قضية الرسوم المهينة إلى قيام نهضة عامة في العالم الإسلامي، والشعور الفيّاض في قلوب المسلمين بالبغضاء والكراهية تجاه الإستكبار، وتحقيق الوحدة بين الشيعة والسنة في الكثير من بقاع العالم، وجعلِ علماء الشيعة والسنة يجلسون جنباً إلى جنب لإصدار البيانات واستنكار ما حدث.
ولهذا فإنّ الأعداء عاجزون، فخططهم واضحة ومعادة، ولقد سهروا سنين طوالاً على نسج تلك الخطط، ولكن العالم الإسلامي اليوم ناهض ومتيقّظ، وهو ما يجعل الأعداء عاجزين.
إنَّ علينا جميعاً نحن المسلمين الحفاظ على هذه اليقظة، وعلى الأخوة الشيعة والسنة أن يقتربوا أكثر من بعضهم البعض، كما أنّ على قلوب الأمة الإسلامية أن تقترب هي الأخرى من بعضها البعض.
إنَّ هدف الأعداء هو إيجاد الفتنة الطائفية والخلافات المذهبية ـ سواء أكان ذلك في العراق أو في باقي نقاط العالم ـ وهو ما ينبغي بيانه ونشره على الرأي العام الإسلامي.
إنَّ ما يجري اليوم في العراق من مَنعِهم الحكومة العراقية ـ التي هي مظهر فشل أمريكا ـ على إقرار ديمقراطية نابعة من كيان الجماهير الشعبية المحبة للإسلام، ليس سوى تجسيد لهزيمة أمريكا في العراق؛ وذلك لأنّ الأمريكيين لم يأتوا إلى العراق بهذا الهدف، بل جاءوا بهدف إقامة حكومة عميلة تضمن لهم منافعهم هناك، لا أن تأتي مجموعة إسلامية تتحرك طبقاً لرأي مرجع التقليد ولا تحرك ساكناً إلا بإشارة من أيدي علماء الدين المسؤولين.
إنهم لم يكونوا راغبين في أخذ مثل هذه الحكومة بمقاليد الأمور.
ولكنّ هذه كانت إرادة الشعب العراقي وقد تحققت.
وها هو العراق بات يُجسّد فشل السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط؛ ولهذا فهم يعملون الآن على زرع الفوضى بأي شكل من الأشكال, وإثارة الخلافات, والحيلولة بين هذه الحكومة المنتخبة من قِبَل الشعب وبين أداء مهامّها والقيام بمسؤولياتها.
وإن شاء الله لسوف يبوءون بالفشل ويواجهون وعي الشعب العراقي كما واجهوا وعي الشعب الإيراني.
**************
العنف الدموي الأمريكي في العراق
2007-09-01
8/12/ 1426هـ ـ طهران
إنَّ رفع شعار الديمقراطية من قِبَل الطامعين الذين دعموا لسنين طوال الأنظمة الدكتاتورية في آسيا وأفريقيا والقارة الأمريكية أمر مرفوض بلا ريب, كما أنَّ ادعاء مكافحة العنف والإرهاب من قِبَل من يدعمون الإرهاب الصهيوني ويرتكبون أكثر أنواع العنف الدموي في العراق وأفغانستان, إنما هو ادعاء يثير السخرية, ولذلك فإنَّ طرح شعار الدفاع عن الحقوق المدنية من قبل الشياطين, الذين شجعوا باستمرار جرائم إرهابي دموي كـ (شارون) بحق الشعب الفلسطيني المظلوم إنما هو اُسلوب ماكر يستوجب اللعن والنفور.
إنَّ أولئك الذين ارتكبوا جرائم غوانتانامو, وأبو غريب, والمعتقلات السرية في أوروبا, والذين احتقروا الشعبين العراقي والفلسطيني, وشكّلوا المجموعات التي تستبيح دم المسلمين باسم الإسلام في العراق وأفغانستان, أولئك لا يحق لهم أن يتحدثوا عن حقوق الإنسان.
إنََّّ الإدارتين الأميركية والبريطانية اللتين تبيحان تعذيب المتهمين, بل وسفك دمائهم في الشوارع والتصنت على المكالمات الهاتفية للمواطنين دون أذن من القضاء, ليس لهما الحق في ادعاء الدفاع عن الحقوق المدنية, وإنَّ الحكومات التي سَوَّدت وجه التاريخ المعاصر من خلال إنتاجها واستخدامها للسلاح النووي والكيماوي ليس لها الحق أن تفرض قيمومتها على مسألة منع انتشار التقنية النووية.
أيها الإخوة المسلمون والأخوات المسلمات:
يمرّ العالم ـ وخاصة العالم الإسلامي ـ اليوم بفترة حساسة, فمن جهة يشمل مد الصحوة الإسلامية كل العالم الإسلامي, ومن جهة أخرى تبدو بوضوح الصورة الماكرة لأمريكا وباقي المستكبرين من خلف ستار التزوير والرياء, ومن جهة ثالثة يبدأ التحرك باتجاه استعادة الهوية والقوة في أجزاء من العالم الإسلامي, حيث نجد في بلد له عظمته كإيران المسلمة تتفتح براعم العلم والتقنية الذاتية المستقلة, وتترك الثقة بالنفس أثرها على ترشيد الأجواء السياسية والاجتماعية, فتمتد آثارها إلى ميادين العلم والإعمار, ومن جهة أخرى يسري الضعف والانحطاط في الهياكل السياسية والعسكرية للأعداء.
إنَّ العراق اليوم من جانب, وفلسطين ولبنان من جانب آخر يجسدان ضعف القوة الأميركية والصهيونية وعجزها رغم ادعائاتها الكبرى, وإنَّ السياسة الأميركية في الشرق الأوسط واجهت في خطواتها الأولى عقبات وإخفاقات تحولت إلى سلاح مضاد بيد المعارضين لها.
إنَّ الوضع الحالي يشكل فرصة للشعوب والحكومات المسلمة كي تمسك بزمام المبادرة وتقوم بعمل عظيم.
إنَّ مساعدة الشعب الفلسطيني المظلوم, ودعم الشعب العراقي الواعي, وصيانة استقلال لبنان وسوريا وسائر دول المنطقة واستقرارها, يشكل كل ذلك واجباً إسلامياً عاماً, في حين تفوق مسؤولية النُخب السياسية والدينية والثقافية والشخصيات الوطنية والشباب والجامعيين, مسؤولية الآخرين.
وإنَّ وحدة أتباع المذاهب الإسلامية, وتآلف قلوبهم, ونبذ الخلافات الطائفية والقومية يجب أن يشكل أبرز شعارات هذه النُخب, كما أنَّ التحرك العلمي والسياسي والجهد الثقافي, وتعبئة كل الطاقات في هذه الطلائع لابدَّ أن يكون من أولويات خطابها المعلن.
إنَّ العالم الإسلامي لكي يحقق حاكمية الشعب وحقوق الإنسان, لا يحتاج وصفة خاطئة نقضها الغرب بنفسه باستمرار.
فحاكمية الشعب إنما تُستمد بكل وضوح من التعاليم الإسلامية, كما أنَّ حقوق الإنسان هي من أوضح الأمور التي أكد عليها الإسلام.
نعم, يجب أن نستمد العِلمَ ممن يملكه أينما وأيَّاً كان, إلاَّ أنَّ على العالم الإسلامي أن يسعى للتخلص من حالة التتلمذ الدائم لدى الأخرين, وأن يعتمد على طاقاته الذاتية متجهاً نحو الإبداع والتحديث والإنتاج العلمي.
ثم إنَّ القيم الغربية التي جَرَّت الغرب إلى الانحطاط الأخلاقي, وأشاعت التحلل والعنف واستباحت الشذوذ الجنسي والرذائل الأخلاقية من هذا القبيل لا تصلح للتقليد, في حين يشكل الإسلام بقيمه السامية أروع مصدرٍ للفلاح الإنساني, فعلى النخب في كل الشعوب مسؤولية مؤكدة لوعي هذه القيم ونشرها.
إنَّ الإرهاب الوحشي الأعمى الذي يتخذ منه المحتلون ذريعة للهجوم على الإسلام والمسلمين واستمرار غزوهم العسكري أمر ترفضه التعاليم الإسلامية وتدينه, وإنَّ أول المتهمين في هذه الحوادث الإجرامية هم العسكريون الأمريكيون وأجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية التي يشكل سعيها للتأثير على عملية تشكيل الحكومة في العراق أقرب أهدافها.
**************
الانتخابات العراقية في ظل الإحتلال الأمريكي
2007-09-01
7 /12/ 1425هـ ـ طهران
ها هي الانتخابات العراقية أمامنا. وهدف الشعب العراقي وقادته الحقيقيين من الانتخابات، هو على النقيض من هدف المحتلين منها. اذ ان ابناء الشعب العراقي وقادتهم يتطلعون الى الانتخابات بهدف اقامة حكم شعبي منبثق من ارادة الشعب من اجل عراق مستقل موحد حر. ومن المفروض عندهم ان تضع الانتخابات نهاية للاحتلال العسكري والسيطرة السياسية الامريكية ـ البريطانية، وان تؤدي الى انهاء الوجود الصهيوني المثير للفتنة الذي امتد بنفسه الى شواطئ الفرات تحت ظل السلاح الامريكي، بغية انتزاع ناقص لاضغاث احلامه الممتدة (من النيل الى الفرات). كما ان اي حالة من الجفوة الطائفية او الاثنية ـ وهي في الغالب حصيلة خبث الاعداء المشتركين للجميع ـ يجب ان تتحول في ظل الانتخابات الى الاخوة والوحدة.
الا ان اوهام المحتلين ترسم للانتخابات هدفاً آخر. فانهم يريدون ان يستغلوا عنوان الانتخابات الشعبية ليسلطوا عبرها على رقاب الناس عملاء الاحتلال الاذلاء، المنقادين له بسبب انتماء غالبيتهم الى حزب البعث. انهم يريدون ان يرفعوا عن كاهلهم نفقات وجودهم العسكري، ليعوضوا عن كل ما انفقوه بما يدفعه عملاؤهم من جيب العراقيين ونفطهم. انهم يريدون تكريس الاستعمار في شكله الجديد تماماً في الارض العراقية. فمن خلال هذا الاستعمار وهو على طراز ما بعد الحداثة، لايجري تعيين عملاء الاجانب في المناصب من قبل المستعمرين مباشرة مثلما كان الامر في السابق، وانما يجري الامر عبر انتخابات تهمش فيها اصوات المواطنين بعمليات تزوير وبخدع معروفة، ليأتي من خلالها الى السلطة اشخاص معينون تحت عنوان منتخبي المواطنين. وبهذا، يبدو الامر في ظاهره وعنوانه ديمقراطياً بينما يبقى في باطنه وجوهره نمطاً من الحكم الاجنبي المطلق الذي يفرض نفسه على الشعب المظلوم.
هناك خطران كبيران يهددان اليوم الانتخابات في العراق: الاول يتمثل في عمليات التزوير والعبث باصوات المواطنين وهذا ما يتميز الامريكان بالمهارة فيه خاصة. فاذا تمكن العراقيون بنخبهم وشبابهم السياسي المثقف وبعزيمتهم وعملهم الحثيث ليل نهار، من الحؤول دون وقوع هذا التزوير، وجاؤوا بحكمهم الشعبي المنتخب الى السلطة، عندئذ يأتي دور الخطر الثاني المتمثل في الانقلاب العسكري وتسليط دكتاتور آخر على مقدرات العراق.
الا ان هذا الخطر ايضاً يمكن دفعه بفضل ما يتمتع به الشعب العراقي المؤمن الغيور وقادته الحقيقيون الشرفاء، من ذكاء وشجاعة ووعي بالموقف. فعليهم ان يستعينوا بايمانهم وشجاعتهم وتضامنهم الوطني الى اقصى حد ممكن في التعامل مع هذه اللحظة التاريخية الخطيرة التي تقرر مصيرهم لعدة عقود قادمة، ليقوموا باجراء انتخابات شاملة نزيهة رائعة، ويسهروا على صون نتائجها بكل ما في وسعهم. ان الخلافات بين الشيعة والسنة او بين العرب والاكراد والتركمان، او سائر النعرات الداعية الى التفرقة، لايؤجج اوارها الا الاعداء. كما ان حالة اللاأمن التي تمثل تمهيداً لمجيء الدكتاتورية، يتم التخطيط لها والتشجيع عليها من قبل عناصر استخبارات العدو. فلاشك ان الذين يستهدفون ارواح المواطنين العراقيين والرموز العلمية- السياسية في العراق من خلال عمليات الاغتيال الاجرامية، لن يعتبروا في عداد المجاهدين في سبيل الاستقلال والعزة الاسلامية والذين يقارعون المحتلين الغاشمين.
**************
الوحدة الإسلامية مقابل العدو الأمريكي
2007-09-01
17/3/1427هـ ـ طهران
أنظروا إلى مقدار ما ينفقه العدو من أموال لفك أواصر الوحدة التي تتمتع بها الشعوب الإسلامية في الوقت الحاضر.
انظروا إلى أوضاع العراق؛ وكذلك إلى المناطق الإسلامية الأخرى كيف تعاني إلى حدّ ما من الصراع مع قادة المؤامرات التي تستهدف إثارة الفرقة بين الطوائف والفرق والقوميات والشعوب الإسلامية بذرائع مختلفة.
يقتلون هذا وذاك، ويزرعون البغض والأحقاد في قلب هذا وذاك، للحيلولة دون الانتباه لعدو العالم الإسلامي الأساسي، وقادة التسلّط والسيطرة على هذه المنطقة من العالم.
**************
الصحوة الإسلامية في فلسطين
2007-09-01
15/3/1427هـ ـ طهران
إنَّ المذاق المر والمسموم لليبرالية الديمقراطية الغربية ـ التي عمل الإعلام الأمريكي بكل خبث على تقديمها علاجاً شافياً ـ قد بثّ الوهن في روح الأمة الإسلامية وجسّدها وأحرق قلبها. وإنَّ ما يجري في العراق وأفغانستان ولبنان وغوانتانامو وأبو غريب والزنزانات المخفية الأخرى وقبل ذلك كلّه ما يحصل في مدن غزّة والضفة الغربية قد ترجم حقيقة المصطلح الغربي للحرية وحقوق الإنسان الذي روّج له بكل وقاحة وصلافة النظام الأمريكي
لقد عادت الليبرالية الديمقراطية الغربية اليوم في العالم الإسلامي مفضوحة ومقززة كما كانت عليه الاشتراكية والشيوعية في الشرق بالأمس.
إنَّ الشعوب المسلمة توّاقة لنيل الحرية والكرامة والتقدّم والعزّة وفي ظل الإسلام. ولقد سئمت من تحكّم الأجانب والمستعمرين لمائتي عام في شؤونها وتعبت من الفقر والذلة والتخلّف المفروض عليها.
إنَّ من حقّناـ ونستطيع ـ أن نعيد حالات المهانة والتكبّر للقوى الجشعة إلى نحورها, هذا هو الشعور الصادق لشعوبنا وجيلنا والجيل الحاضر للعالم الإسلامي من شرق آسيا حتى قلب أفريقيا وهذا هو ميداننا الجهادي المعقّد والمتنوع والصعب والممتد. وإذا اعتبرنا فلسطين راية هذا الجهاد فإننا لم نتجاوز الحق.
إنَّ على جميع العالم الإسلامي اليوم أن يجعل قضية فلسطين قضيته. إنه المفتاح السحري الذي يفتح أبواب الخلاص أمام الأمة الإسلامية. ويجب أن تعود فلسطين للشعب الفلسطيني وأن تدير كل القطر الفلسطيني دولة فلسطينية واحدة ينتخبها كل الفلسطينيين.
لقد باءت المحاولات التي دامت خمسين عاماً لانجلترا وأمريكا والصهاينة لمحو اسم فلسطين من خارطة العالم وتذويب الشعب الفلسطيني في الشعوب الأخرى بالفشل وأدى الضغط والظلم والاضطهاد إلى نتيجة عكسية.
إنَّ الشعب الفلسطيني اليوم أكثر حيوية وبسالة ونشاطاً من أسلافه قبل ستين عاماً ويجب أن تستمر هذه المسيرة التي ولدت في ظل الإيمان والجهاد والانتفاضة المفعمة بالفخر ويتحقق الوعد الإلهي حيث قال تعالى:
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} سورة المؤمنون/55 .
إذا نظرنا إلى الدائرة الأوسع ـ أي العالم الإسلامي ـ نجد أيضاً أنَّ نيل هذا الهدف السامي وهو التحرر من تسلط المستعمرين وغطرستهم وتدخلهم، والحياة في ظل الإسلام أمر ممكن وقابل للتحقق وهو يبتني بشكل طبيعي على جهاد من نوع آخر إنّه الجهاد العلمي والسياسي والأخلاقي.
ولقد جرب الشعب الإيراني في الـ 27 عاماً الماضية ذلك وقطف ثماره الحلوة. ويقوم هذا الجهاد المقدس على النزعة الإيمانية والاتجاه الشعبي والتوجّه العلمي وتتمثل هذه الميزة بأن كل خطوة ثابتة في هذا الطريق تجعل الخطوة التالية أكثر ثباتاً، وأنَّ طي كل مرحلة منه تجعل المرحلة التالية أكثر إمكاناً.
إنَّ الشرط الأصلي لنجاح الجهاد في فلسطين والجهاد في العالم الإسلامي هو الثبات على المبادئ والأصول.
إنَّ العدو يستهدف باستمرار خطف هذه الأصول ويؤكد عبر الخداع والوعود والتهديد على غض الطرف عنها ومع حذف هذه الأصول أو تضاؤل تأثيرها فإنَّ العالم الإسلامي سوف يضيع المعالم الهادية ويعيش في ظل قواعد يركزها العدو وحينئذ فالعاقبة واضحة.
إنَّنا نجد البعض منّا ومن شعوبنا و بإيحاء وتبعية للعدو يوصوننا بترك أصولنا ويعتبرون ذلك نوعاً من التكتيك والتدبير، ومهما كانت دوافعهم فإنهم يشكّلون مصاديق لقوله تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} سورة المائدة/52.
إنَّهم لن يحصلوا من خلال تعاونهم مع العدو على أي نفع فقد أثبتت أمريكا والغرب معها أنَّها لن ترحم حتى المستسلمين, فإذا استنفذت الغرض منهم رمتهم الى صندوق النفايات.
ويحاول البعض أن يطرح قدرة العدو ويخيف طلاب الحقّ بها, ولكن هذا الكلام يتضمن مغالطة خطرة وذلك:
أولاً: لأن العدو الذي يخشى الإنسان العاقل من التعرّض له ليس هو العدو الذي يستهدف منافعه الحياتية وأصل وجوده.
إنَّ المقاومة ضد مثل هذا العدو هي مما يحكم به العقل الإنساني بشكل قاطع ذلك لأنّه من البديهي أنَّ الخسارة الحقيقية التي تنشأ من الاستسلام له تساوي الخسارة المحتملة الناجمة من الاصطدام به, فضلاً عمّا يستتبعه الاستسلام من ذل وهوان.
إنَّ الاستكبار العالمي اليوم ـ الذي يعتبر الرئيس الأمريكي الحالي ناطقاً باسمه ـ يهدد العالم الإسلامي بكل صراحة متحدثاً عن الحرب الصليبية وإنَّ الشبكة الاستكبارية للصهيونية والمنظمات التجسسية الامريكية والإنجليزية تزرع بذور الفتنة في كل العالم الإسلامي, عبر دعمها المادي وتشجيعها, فتتم الإساءة للمقدسات الإسلامية. وحتى الشخصية الملكوتية للنبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تسلم من هذا التطاول السخيف ويتم إنتاج آلالاف من الأفلام السينمائية والألعاب الحاسوبية وأمثالها لتشويه صورة الإسلام والمسلمين ويدفع بها إلى السوق كل هذا بالإضافة إلى جرائمهم في الاعتداء على الأقطار الإسلامية, ومذابحهم في فلسطين والعراق وأفغانستان, وتدخلهم الجشع في الأقطار الإسلامية لضمان مصالحهم السياسية والاقتصادية اللامشروعة.
إنَّ الاستسلام لهذا العدو أمر يرفضه حكم العقل مطلقاً ولا يوصي العقل والشرع في هذا المورد إلا بالمقاومة.
ثانياً: إنَّ التهويل والمبالغة في قدرة العدو هو نفسه أحد الأساليب الماكرة له.
إنَّ المال والقدرة السياسية والعسكرية والمعدات الحربية المتطورة والمتراكمة إنَّما تخيف الحكومات المحرومة من دعم شعوبها, وإنَّ الانتصار العسكري على نظام مثل نظام صدام ـ الذي لا يحظى بدعم من شعبه ولا يملك جيشه أي دافع إيماني وجهادي لا يعتبر دليلاً على القوة ـ وها هي أمريكا تقف عاجزة عن الانتصار على الشعب العراقي.
إنَّ العراق كما استطاع أن يوضح ويفضح هشاشة الإدعاء الأمريكي لنشر الديمقراطية, استطاع أيضاً أن يتحدى إدعائها للقدرة المطلقة التي لا تقهر ويسخر منها.
إنَّ الشعوب والحكومات المعتمدة على شعوبها إن تمتعت برصيد من الإيمان بالله والإيمان بذاتها واتخذت المقاومة سبيلاً لن تنهزم، وسوف يمنحها صبرها على مصاعب الجهاد النصر ويبطل الأسطورة الكاذبة لقدرة العدو المعتدي التي لا تقهر, وهذا ما أثبتته الأحداث الحاضرة والماضية غير البعيدة , وسوف تثبته بعد هذا إن شاء الله.
إنَّ الحلقات المترابطة للتآمر الأمريكي ضد إيران والعراق وسوريا ولبنان لتحقيق السيطرة على شرق أوسط يقوده النظام الصهيوني لن تصل إلى نتيجة سوى الخسارة المدمرة لقادة أمريكا. ولو احتكمت أمريكا صدفة لعقلها ووجدانها, كان عليها أن ترفع يدها عن تعنتها تجاه الشعب العراقي وتمكّنه من تحكيم إرادته في اختيار حكومته المفضلة, وأنَّ تحترم الحكومة المنتخبة من قبل الشعب الفلسطيني وتوقف حليفها المتمرّد الشرير أي النظام الصهيوني الغاصب عند حدّه وتطلق سراح السجناء المظلومين في غوانتانامو وأبو غريب وباقي سجونها السرية فوراً, وتوقف تآمرها ضد سوريا ولبنان والجمهورية الإسلامية الإيرانية, ولا تلهب بجهلها منطقة الشرق الأوسط والخليج الفارسي الحساسة.
**************
الوجه الإستعماري الجديد لأمريكا
2007-09-01
26/11/ 1425 هـ ـ طهران
إننا نعتقد أن الحقَّ ـ يعني النظام الإسلامي القائم على الإيمان ـ سيتغلب على الباطل، ما من شك في ذلك، شريطة أن يتواجد الشعب ـ وخصوصاً الشباب ـ في الساحة وأن ينظروا إلى الأحداث بعين واعية، انظروا إلى وضع العالم المأساوي حالياً وهو يقطر دماً بين مخالب الاستكبار العالمي، حيث لبس الاستعمار القديم ثوباً جديداً، فقد كان الاستعمار القديم يتّم عبر الاحتلال المباشر للبلدان كما حدث في الهند والجزائر وكثيرٍ من البلدان الأخرى، ومع يقظة الشعوب اختفى هذا النوع من الاستعمار، ولكن بعد أن امتصّ خيرات الشعوب وأفرغها من قواها، ولكن مهما كان فقد زال ذلك الاستعمار، ليعطي مكانه إلى الاستعمار الجديد الذي لا يمارس فيه الأجانب دوراً مباشراً على النحو الذي كان قائماً في الاستعمار القديم، بل يُنصّب في رأس السلطة أُجَرَاء من أبناء البلد كما كان الأمر في عهد الطاغوت، اذ تمّ تنصيب رضاخان وابنه، وكما هو الأمر في كثير من بلدان العالم الثالث ـ على حدّ تعبيرهم ـ ومنها البلدان الإسلامية، فعملوا على استهلاك الشعوب لسنوات طويلة، وسلّطوا المستبّدين والعسكريين المتآمرين، وأبعدوا الجماهير بشتى السبل, وحالياً نلاحظ عدم جدوائية ذلك أيضاً، لذا نراهم قد عمدوا إلى سلوك طريق جديدة للسيطرة على البلدان من خلال غسل أدمغة الشعوب وهو ما عبرتُ عنه سابقاً بالاستعمار الأحدث قياساً بالاستعمار الحديث، وذلك بالعمل على تزويق الوجه القبيح للاستعمار وتبرير سلوكياته.. وطبعاً إن هذا النوع من الاستعمار سوف لا يكتب له النجاح، لأن وجه الاستعمار من القبح والبشاعة بحيث لا يمكن تغطيته بمثل هذه الأساليب، كما لا يمكنه حجب ظلمه وعدوانيته، والمثال على ذلك هو العراق، حيث تشاهدون ممارساتهم في هذا البلد، وكيف أنهم حوّلوا لواء حقوق الإنسان إلى اضحوكة بيد أمريكا وانجلترا وما شاكلهما ! حيث يتكرر مشهد مأساة سجن أبي غريب وغوانتانامو، والتعامل مع الشعوب بجبروت القوّة العسكرية، وقد لا يظهر الناس استياءهم للوهلة الأولى، الا أن هذا سيترسَّب في وجدانهم ويتجذّر بعمق، وسيتفجر بركان غضبهم.
**************
الحوادث المريرة في العراق
2007-09-01
7/11/ 1425 هـ ـ طهران
إن العراق يشهد حوادث مريرة، وقد شهدت مدينة النجف الأشرف وكربلاء المقدسة إنفجارات يوم أمس أدت إلى استشهاد وجرح العشرات، فلابد أن يؤدي ذلك إلى لفت انتباه الاُمة إلى مشاكل أكبر وأخطر، إذ يبدو واضحاً أن الاستكبار دؤوب في عمله ضد العالم الإسلامي، والأمر لا يخرج من حالتين: فإما أن تتخذ الشعوب الإسلامية ردود فعل ذكية، فعندها لا يمكن للاستكبار أن يرتكب أيَّ حماقة، وإما أن لا يتصرف بعقلانية، فعندها سيتعرض مستقبلنا ومستقبل الاُمة الإسلامية إلى مخاطر شديدة.
إن هذه الحوادث الدامية التي تنتهي بالقضاء على الأبرياء لو كانت مجرد حوادث إرهابية، كانت مدانةً فكيف وأنها لا تقتصر على ذلك، وإنما تهدف إلى إشغال الشعب العراقي وهو على أعتاب الانتخابات، ويدعمون هذه العملية الإرهابية بترويج التهم والاشاعات ليفوتوا عليهم فرصة الانتخابات الثمينة.
وأنا على اطمئنان من وجود أيادي الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية وراء هذه الأعمال، فإما أن يكونوا قد باشروها بأنفسهم، أو أنهم أغروا بجماعة من الجهلة المتعصبين وحملوهم على القيام بهذه الجريمة النكراء، وعلى كل حال قد تمّ التخطيط لها من قبلهم.
لقد استقرّت إرادة الشعب العراقي بعد سنوات طويلة، خلافاً لما يشتهيه الاستكبار والمستكبرون، على ممارسة دوره وشقّ طريقه بنفسه عبر الانتخابات، وهذا ما لا يريده الاحتلال، وإنما يريد إقامة انتخابات صورية ظاهرية وغير واقعية، تضمن فوز عملائهم الذين يضمنون لهم مصالحهم وأطماعهم، وهذا يدعونا ويدعو الشعب العراقي والشعوب الإسلامية إلى توخّّي اليقظة والحذر.
إن هذه القضايا موجودة في مختلف البقاع الإسلامية وعلى أشكال مختلفة؛ منها مشروع الشرق الأوسط الكبير, الذي يعني في الواقع جرف جميع الثروات الموجودة في المنطقة بضربة واحدة، وصبّها في جوف الاستكبار الأمريكي الذي يقال له: هل امتلأت؟ ويقول: هل من مزيد!
حيث يحاول هذا الاستكبار السيطرة على جميع أنحاء العالم، ومنها هذه المنطقة المفعمة بالثروات الطبيعية والانسانية، مضافاً إلى موقعها الجغرافي الحساس والمهم.
تعليقات الزوار