أهم أهداف الإستكبار الأمريكي

2007-09-01

7/11/1425 هـ ـ طهران

إن من الأهداف الأساسية المعاصرة التي ينشدها الاستكبار وأمريكا في العالم الإسلامي بثّ الفرقة بين المسلمين، وأفضلها إيجاد الخلاف والشقاق بين الشيعة والسنة، حيث تلاحظون ما يقوله عملاء الاستعمار في العالم متخذين من أحداث العراق ذريعة إلى بثّ سمومهم وزرع بذور نفاقهم، وقد سارت سياسة الاستعمار والقوى الغربية الطامعة على هذه الوتيرة لسنوات متمادية، والحج هو فرصتهم المؤاتية لإثارة الشيعة ضد السنة والسنة ضد الشيعة، فلابد من اليقظة.

 **************

الإدعات الأمريكية الكاذبة

2007-09-01

15/4/1425هـ ـ طهران

وبرغم إدعاءات الأعداء ليس لدينا أي تدخل في شؤون العراق، ونرى أن العراق للعراقيين، فهم وحدهم الذين يحق لهم تقرير مصيرهم، وهناك الكثير من القادة العراقيين الأكفّاء في مجال القيادة الدينية والسياسية والثقافية، وأنه لا يحق للمحتلين البقاء ولو ليوم واحد في العراق، ولا حق لهم حتى في قطرة واحدة من نفط العراق، ولا يحق لهم فرض أي مسؤول في العراق. كما أننا نرى أن مشاكل أمريكا قد ازدادت في العراق عما كانت عليه في العام الماضي، وستتعقد في المستقبل بشكل أكثر، وأنهم مندحرون شاؤوا أم أبوا.

 **************

ممارسات القوى الغازية في العراق

2007-09-02

15/7/1383 هـ . ش ـ طهران

إنكم تشاهدون حالياً ممارسات القوى الغازية في العراق ضد الناس، حيث يقومون على ابادتهم جماعياً تحت ذريعة متابعة الارهابيين، فكيف يمكن توجيه قصف المدن والاحياء العراقية، فهل هذا هو اسلوب مكافحة الارهاب والارهابيين؟!

هل ان الابرياء والعُزّل من النساء والاطفال الذين يحصدهم القصف العشوائي يندرجون تحت قائمة الارهابيين؟!

هل يؤدي ذلك الى اجتثاث الارهاب، أم أنه يشجع عليه؟

إذا لم نقل إن المنظمات الإرهابية المعروفة تعمل في ظل دوائر الاستخبارات الامريكية والاسرائيلية ـ وانها لكذلك ـ فلا أقل من القول بان الاعتداء ومنطق القوّة والابادة الجماعية والتجبّر، وانتهاك حقوق الشعب في تقرير مصير بلاده، يعمل على حثّ الناس الى المقاومة، ويقوّي لديهم الميل الى الارهاب.

 **************

مظاهر العمليات العسكرية في العراق

2007-09-02

27/8/1425 هـ ـ طهران

انظروا الى مظاهر العمليات العسكرية المادية التي تدور حالياً في العراق، حيث يتواجد مضافاً الى الجيوش الامريكية والبريطانية عشرات الآلاف من المأجورين، وليس لهم من دافع في ارتداء الزيّ العسكري سوى المطامع المادية، فتراهم يحصدون الاطفال والشيوخ والنساء والعزل وينتهكون الحرمات دون ان يمنعهم مانع او يحول دونهم وازع.. واذا زهقت في صفوفهم روح كانت بمثابة حيوان نافِِق ليس له من مصير سوى ان يرمى في المزبلة، دون ان يخلف موته مأثرة يتحدث بها الناس.

  **************

 

قدرة المسلمين في مواجهة العدو الأمريكي

2007-09-02

30/9/1425 هـ ـ طهران

فعلينا ان ندرك ان قدرتنا تكمن في سواد المسلمين الاعظم وقلوب الامة الاسلامية العظمى، لذلك يسعى الاعداء الى اشغالنا ببعضنا بمختلف العناوين فيأججون الخلافات المذهبية والقومية والجغرافية، ويسيؤون الاستفادة من تفرّقنا، وهذه هي مأساتنا الكبرى.

 يقومون باحتلال العراق ويعرضون الشعب العراقي للاهانات ويهدرون كرامته ويتجاهلون غيرتهم، وها انتم تشاهدون افعالهم في الفلّوجة والموصل والنجف وكربلاء وسائر المواطن الأخرى من هذا البلد العريق، والعالم الاسلامي ساكت ينظر!

 **************

تعامل الناس مع العدو الأمريكي

2007-09-02

17/10/1425 هـ ـ طهران

أذكر مثالاً: تصوروا مدينة محتلة كالبصرة أو كابول، أو أن العدو في طريقه إلى احتلال هذه المدينة، فإن الناس في هذه المدينة سينقسمون إلى عدة فئات:

فئة قد تفاهمت مع العدو مسبقاً، وهي في طريقها إلى استقباله، وترى أنها ستحصل على بعض المنافع من تعاونها معه، ولنطلق على هذه الفئة تسمية الخائنين.

وفئة لم تقم بهذا الدور، ولم تستقبل العدو، إلا أنها تتأقلم مع الواقع، وتحاول التزلّف للعدو من خلال تقديم العون له، علّها تحضى منه بشيء أو تحتمي تحت ظله، ولنطلق على هذه الفئة تسمية الانتهازيين.

وفئة لا تنسجم طبيعتها مع هذه الاُمور، وبسبب الجبن أو انعدام الوعي تقبع في بيتها، وتستلم للقضاء والقدر.

وفئة تقع تحت وطأة الاعلام المعادي وتتأثر بإعلام المحتل، فإن للمحتل أدواته الإعلامية، من توزيع المنشورات وتوجيه الأبواق الدعائية بما يبرر تواجده وحضوره، فيقع بعض الناس في هذه الاحابيل، فلا يرون بأساً في تواجد العدو بينهم، ويستسلمون له بهذه الطريقة.

وهناك فئة، ربما أمكن القول بأغلبيتها، وهي الفئة التي تتبنى خيار المقاومة، لعلمها بما يعنيه الاحتلال، وما يؤول اليه انعدام الهوية الوطنية، ولإدراكهم الجيد بأن العدو إذا استتبت له الاُمور وثنيت له الوسادة سوف لا يرحم أحداً أو شيئاً, ولذلك يختارون سبيل المقاومة مدفوعين بحبهم لديارهم ومدنهم.

وهذه الفئة بطبيعة الحال هي التي ستتعرض لنقمة العدو، وعليها سيصب جام غضبه ويوظف جميع طاقاته للقضاء عليها.

 **************

الأحداث الصعبة والدامية في العراق

2007-09-02

7 / صفر/ 1424هـ ـ طهران

القضية التي هي حديث الساعة الآن هي قضية العراق، إذ وقع في العراق حدث مهم، فهنالك هجوم عسكري، وسقوط طاقم يقف على رأس الأمور، وشعب محاصر بإرادته ومبادئه وتطلعاته وقدراته من قبل حفنة من الأدعياء، وتدور أحداث مهمة وقد تطلعت أنظار العالم الإسلامي لكي تعرف الموقف الواضح للجمهورية الإسلامية في هذه القضية، وعلى مدى هذا الشَهر حيث بلغت الأحداث ذروتها أدلى مسؤولو البلاد في مختلف المرافق بوجهات نظرهم وكانت صحيحة، فالأوضاع الآن استثنائية للغاية.

من الضروري أن أتحدث حول هذا الموضوع بعض الشيء، لقد ضجّ العراق بالأحداث الصعبة والدامية خلال القرن الأخير، فبعد سقوط الدولة العثمانية نصّب الإنجليز أسرة غير عراقية كأسرة مالكة على رأس الأمور في العراق، فتوالى على الحكم ثلاثة ملوك منهم على مدى سنوات معدودة، فلقد توفي الأول وقتل الثاني خلال حادث غامض، وقطّع الثالث إرباً إرباً على أيدي الناس، ثم تعاقبت الحكومات الانقلابية منذ عام 1958 وحتى عام 1968م، حيث سيطرت على سدة الحكم حكومة البعثيين فكان صدام الرجل الثاني فيها وكان الرجل الأول احمد حسن البكر وخلال السنوات العشر التي سبقتهم من حكم الحكومات الانقلابية والعسكرية قُتل الأول وقضى الثاني في حادثة مشبوهة فيما ازيح الثالث عن الحكم.

منذ العالم 1986 وحتى الآن أي بما يقارب من ثلاثين وبضع سنين استلم البعثيون الحكم حيث يجدر بنا اعتبار هذه الفترة ـ لا سيما فترة رئاسة صدام ـ اشد الفترات التي مرّت على العراق، وها هي حكومة صدام قد سقطت أيضا وليس واضحاً أين صدام الآن فالوضع يكتنفه الغموض، وإن ما وقع في العراق الآن لا يعد قضية واحدة في واقع الأمر وإنما هي أربع قضايا يحاول الأمريكان والبريطانيون وأبواقهم دمجها وجعلها قضية واحدة والحصول على جواب واحد إزاءها من الرأي العام فإما نعم وإما لا، لكنهم عبثاً يفعلون فهي أربع قضايا وليست واحدة.

بالأمس أو أول أمس وجه كلّ من بوش وبلير خطاباً للشعب العراقي ـ ولم يكن الشعب العراقي المغلوب على أمره يتمتع بالتيار الكهربائي ليتلقاها ـ وكان مضمون الخطاب: إننا جئنا إلى العراق كي نحرركم، فهم يوجزون القضية وننقذكم من صدام، وفي قول السادة هذا وقعت حالتان من الخلط الجسيم: إحداهما قولهم إننا جئنا لنحرركم أي أن الشعب العراقي لا قدرت له وليس جديراً بهذا الأمر ونحن الذين يجب أن ننجز له هذه المهمة، وفي ذلك غلط كبير، إما الثانية فإن هذا الكلام كان كذباً لأن تحرير شعب ما لا يستدعي صبّ النيران والقنابل والصواريخ على رؤوسهم، ولا القيام بتدمير المدن والقرى والمناطق الآهلة بذريعة إنهم يريدون القضاء على معسكر ولا التسبب بهذه المآسي التي سأشير إليها بإيجاز.

 **************

حقيقة أهداف الغزو الأمريكي للعراق

إن القضية ليست تحريراً لشعب العراق، وإنما هي أربع قضايا يجب الفصل بينها، إحداها إسقاط صدام، فثمة تزاحم وتناقض حصل بين مصالح صدام ومصالح الطغمة الحاكمة في أمريكا انتهى إلى صراع ومواجهة، وأولئك هم الأقوى من صدام فأسقطوه، وسوف أتحدث عن موقفنا الواضح فيما يتعلق بهذا الأمر، وإن موقفنا لواضح فيما يخص كلاًّ من هذه القضايا ونحن نعمل على التفكيك بينها ليتجلى موقف نظام الجمهورية الإسلامية المنبثق عن الفكر والتدبير الإسلامي والمحافظة على مصالح البلاد، إذن المسألة الأولى هي سقوط صدام.

القضية الثانية التي وقعت في العراق وهي مستمرة، هي المآسي التي تعرض لها الشعب العراقي، وهي تختلف عن قضية إسقاط صدام ولها حكم آخر، وسيأتي الحديث عن موقفنا إزاءها، والقضية الثالثة هي تعرض بلدٍ مستقل لعدوان وغزو عسكري من قبل قوات أجنبية بذرائع مختلفة من قبيل امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل ودعمه للإرهاب وغيرها، وهذه ذرائع يمكن التطبيل لها على الدوام وفي أي مكان كان وهي لا تعد مسوغاً لشن هجوم عسكري على بلدٍ ما وانتهاك حدوده، وسأتحدث عن موقفنا في هذا المجال أيضا، إما القضية الرابعة فهي إدارة العراق في المستقبل التي ينسجون الأدوار والمخططات والأوهام في أدمغتهم من أجلها، وهذه بدورها قضية منفصلة وإن لكلّ منها حكمه.

فيما يتعلق بالقضية الأولى وهي إسقاط صدام، فإن القضية بأساسها تتمثل في أن صدام لم يكن منذ البداية على نقيض مع المصالح الأمريكية، وهنالك تقارير ـ لا أستطيع البت بها بجدية ـ بيد أن الأمريكان أنفسهم ادّعوا أن وكالة المخابرات الأمريكية لها دور منذ البداية في الانقلاب الذي دبّره البعثيون عام 1968م، ولربما يكون ذلك صحيحاً ولعله يكون خطأ أيضا، ولا أريد التحدث عمّا لستُ متيقناً عنه ولكن ما من شك في أن مصالحهم قد التقت فيما بعد لا سيما بعد انتصار الثورة الإسلامية وقيام نظام الجمهورية الإسلامية، وكانوا من قبل قد اتفقوا على طاغوت إيران محمد رضا بهلوي فكان أن أتضح التقارب بين مصالحهم، وبعد أن انتصرت الثورة الإسلامية أصبحت مصالحهم مشتركة، فلقد كانت تراود صدام الأطماع بأراضينا، فيما كانت أمريكا تناهض قيام نظام الجمهورية الإسلامي وتسعى لإعادة الحكومة الطاغوتية العميلة، وبهذا فقد التقت مصالحهم، لذلك عندما اندلعت الحرب المفروضة من العراق على إيران عام 1980م وشنّ صدام هجومه الجوي على طهران في اليوم الأول منها لم يغفل عنه الأمريكان ولو منذ الساعة الأولى ولو طرفة عين أبداً، وضاعفوا من دعمهم له يوماً بعد يوم، وهذه من الأمور المسلّم بها وليست تكهنات، والاحتمال الوارد هو تنسيقه مع الأمريكان فيما سبق ذلك، وهذا ما لا أدعية لأنني لا أعلمه بالرغم من توفر التقارير بشأن ذلك، فخلال زياراتي أيام رئاستي للجمهورية الإسلامية قال لي بعض رؤساء الدول الإسلامية انه ـ صدام ـ قد نسّق مع بعض الأطراف، ونحن لا نمتلك اليقين على أية حال، إما المتيقن بالنسبة لنا فهو أن أمريكا قدمت أقصى أنواع الدعم لصدام، بل مارست الضغط على المنظمة الدولية لإجبارها على تقديم الدعم لصدام، ولقد تجرعنا ثماني سنوات من الحرب وقد خدم صدام الأمريكان لأنه استطاع أن يُشغل الجمهورية الإسلامية بقضية داخلية دموية أي الحرب لمدة ثماني سنوات لصالحهم، فالحرب تستدعي اهتماماً وتوجهاً ذهنياً كبيراً، فلو لم تبتل ثورة بلد ما في بداية أمرها بمثل هذه الحرب الدامية لكان أمامها مجالاً للبناء ولإنجاز الأعمال العملاقة، وإن صدام قد استهلك قد أفضل قدراتنا لصالح أمريكا ولمدة ثماني سنوات وذلك للتلاقي الذي شهدته مصالحهما.

وفيما بعد حيث غزا صدام الكويت طرأ التناقض في مصالحهما ووجدوا أن تحليق هذا الرجل وصل حداً يهدد مصالح أمريكا في المنطقة، لأن غزو الكويت كان بمثابة غزوٍ لمصالح أمريكا، ولو لم يقفوا بوجه صدام لكان من الممكن أن يهاجم السعودية لاحقاً، وذلك ما كان يصرح به يومها إذ كان يقول: إنني استولي على الكويت وأتوجه بعدها صوب الإمارات والبحرين وقطر وحيثما أمكن، وهنا تعارضت مصالحهم، وبدأت ضغوط المنظمات الدولية والإعلامية والإسلامية على صدام الذي لم يكن ذلك الإنسان الذي يملك القدرة على الصمود بوجه أمريكا بل كان على استعداد لأن يهادنهم ويتنازل لهم، غاية الأمر أن الأمريكان لم يكونوا قادرين على ذلك وكان صدام معضلة بالنسبة إليهم، فلو كان الأمريكان قد تساهلوا مع صدام لكانوا قد فقدوا أصدقاءهم في الخليج الفارسي، ولم يكن حكام الخليج الفارسي على استعداد للقبول بأن تعمل أمريكا على تقوية صدام من جديد كما كان في السابق وذلك لخوفهم، ومن جانب آخر لو قدرت أمريكا على ممارسة الضغوط على صدام بشكل تام لكانت ضيعت مصالحها في العراق، لذلك فقد وقعت أمريكا في التناقض، فلقد كان العراق بما يمتلكه من ثروات نفطية وغيرها وسائر ثرواته وبعدد سكانه الذي يُناهز العشرين مليوناً مغرياً للغاية بالنسبة لأمريكا في منطقة الشرق الأوسط الحساسة، فأمريكا كانت تريد أن تسجل حضوراً في العراق وتنشط فيه وتمارس النهب ولكنها لم تكن قادرة على ذلك لأنها إن ساومت صدام فستواجه مشكلة على الطرف الآخر، وإذا لم تفعل فإنها ستفقد مصالحها، وهكذا اخذ التناقض يشتد بين أمريكا والنظام الصدامي، من هنا فقد فكروا بأن يزيلوا صداماً بطريقة يخلو لهم العراق تماماً، وهذه القضايا إنما هي استمرار لذلك، وبناءً على هذا فإن ادعاء الأمريكان أو الإنجليز بأنهم جاءوا لإزالة صدام لسواد عيون الشعب العراقي إنما هو كذب محض وسافر، فلم يكن فعلهم هذا من اجل الشعب العراقي، فهم قد أزاحوا صداماً للتعارض الذي طرأ في مصالحهم مع مصالح صدام، وإلاّ فإنهم كانوا يدعمونه عندما كانت مصالحهم مشتركة كما في دعمهم له أثناء فترة الحرب المفروضة.

الآن وقد جاءوا ومارسوا ضغوطهم بقواهم العسكرية وزال صدام، فهل أن الشعب الإيراني مسرور لذلك أم لا ؟

إنه مسرور حتماً، فمنذ عشرين عاماً والشعب الإيراني ينادي الموت للمنافقين وصدام، وها هو الموت قد حاق بصدام، وإن سرورنا في هذه القضية هو كسرور الشعب العراقي، وموقفنا هو موقف الشعب العراقي تماماً، فالشعب العراقي مسرور لزوال صدام وكذا نحن مسرورين لزوال صدام، فصدام دكتاتور شرير ظالم لا عهد له ولا ميثاق وفي غاية الشر، فقد كان مستبداً في حكمه على الشعب، وكان موجوداً في غاية السوء بالنسبة لشعبه وجار سوء بالنسبة لنا. بناءً على هذا فإن قول المحتلين بأن سرور الشعب العراقي هو لمجيئنا إنما هو قول جدير بالاستهزاء في واقع الأمر فسرور العراقيين إنما هو لزوال صدام، فقبل أيام أظهرت إحدى القنوات الأوربية مشهداً من بغداد حيث سُئل شاب فأجاب بقبضة فولاذية "الموت لصدام والموت لبوش" فقد نادى بالموت لكليهما في آنٍ واحد، فكان أن عرض ذلك مرة واحدة ثم لم تسمح عملية التقنين الأخباري بأن يتكرر، وإلا فلو سُئل ألف من العراقيين لأجاب تسعمائة منهم بنفس الجواب، فلا علاقة للسرور بزوال صدام، بمجيء المحتلين كي يضاف لحسابهم؛ فلو أن بعض الناس في بغداد ـ مثلاً ـ قد أشاروا بأيديهم فذلك لا يعني ترحيب الشعب بهم أبداً، وأن لديَّ إطلاعاً واضحاً عن مختلف الأمور، فلا الشعب في البصرة حيث دخلها البريطانيون ولا في سائر المدن حيث دخل الأمريكان، قد قابلوا المحتلين بوجوه بشوشة، وإذا كانوا قد فرحوا لزوال صدام فقد تضاءل هذا الفرح تحت هذا القصف، حيث دمروا الشعب خلال هذه الأسابيع المعدودات، وعليه فإن الشعب العراقي كان حيادياً في هذه الحرب التي وقعت بين صدام وبين المحتلين والمعتدين، وقد أعلنت الحكومة الإيرانية عن حيادها، ومعنى الحياد هو أن كلتا الجبهتين ـ جبهة صدام وجبهة الغزاة ـ ظالمتان، والشعب العراقي لم يؤيد أحداً في هذه الحرب، وأن إيران شعباً وحكومة لم تؤيد أياً منهما في هذه الحرب أيضاً، أي أننا لم نقدم أدنى مساعدةٍ لأيٍّ منهما، وهذا ما يعنيه الحياد فنحن لم نساعد صداماً ليستطيع المحافظة على نفسه ولا قدمنا العون للمحتلين كي يحققوا نصراً سريعاً. فقد كرسنا كافة قدراتنا لئلا يُقَّدم أي دعم، وهذا ما يعرفه الذين يتجسسون عبر الأقمار الصناعية ولا حاجة بأن نصرح لهم بذلك ولكن ينبغي للشعب الإيراني أن يعلم بأن الحكومة ومسؤولي البلاد بذلوا قصارى جهودهم ـ ونجحوا في ذلك ـ لئلا يسمحوا لأحد بتقديم العون لأي طرف، ولم يُقدم أي دعم، وإذا ما كان تقدم القوات الغازية سريعاً فذلك إنما كان للحياد الذي التزمه الشعب العراقي، فلو كان العراقيون قد وقفوا إلى جانب صدام فإن الغزاة أنفسهم يعلمون بعدم قدرتهم على التقدم بهذا الشكل؛ وهكذا يصبح الحال حينما لا تصفو قلوب شعب ما مع مسؤولي بلادهم؛ فلقد تجرع الشعب العراقي من مسؤولية الضربات والامتهان والاحتقار والاغتصاب والقسوة لذلك لم يدافع عنهم أبداً ومن هنا كان تقدم أعداء هذا البلد من الغزاة سريعاً؛ وثمة حديث وكلام فيما يخص هذه القضية، وقد تقدم القول منا أن شعبنا مسرور لها وكذا حكومتنا ومسؤولينا؛ وبطبيعة الحال فإن حكومتنا ومسؤولينا يساورهم الشك نوعاً ما في هذه القضية فلماذا لم تقاوم بغداد كالبصرة، أي أن الحرب بأسبوعها الأول كانت ذات طابع آخر، فلقد كانت جدّية وكانوا يقولون أنها تزداد جدية بعد الآن، غير أن الغزاة توقفوا لبضعة أيام فيما بعد، وما أن باشروا تقدمهم لم يكن هنالك دفاع جادٌ، وفي الحقيقة فإن بغداد استسلمت في غضون يومين أو ثلاثة أي أنها سقطت وليس هناك من يدافع عنها دفاعاً جاداً، في حين كان في داخل بغداد نفسها ـ كما أعلنوا ـ ما يقرب من مائة وعشرين ألفاً من القوات المسلحة، علماً أن الحلقات الدفاعية التي أحاطوا بها بغداد على امتداد مائة كيلومتر وكانت قوات الحرس الجمهوري تتولى حراستها أكثر بكثير من ذلك، وبغداد بذاتها التي كانت تضم ما يناهز المائة والعشرين ألف مقاتل لم تستطع الصمود بوجه الهجوم يومين أو ثلاثة،فهي إما أن تكون قد عجزت أو صدرت الأوامر بعدم المقاومة، وهذا ما هو مجهول، وسيكشف المستقبل عن هذا الغموض، ولسنا قادرين الآن على الحكم، وليس من المهم ما يكون عليه حكمنا، فعلينا التريث لنرَ ماذا سيحكم المستقبل بشأن هذه القضية.

بودي هنا استذكار محمد جهان آرا شهيد خرمشهر العزيز والشهداء الذين صمدوا في خرمشهر المظلومة، ولقد كنت في تلك الأيام أشهد الأحداث عن قرب في الأهواز، فلم تكن خرمشهر تمتلك قوة مسلحة، فهي لم تكن تمتلك مائة وعشرين ألفاً، بل لم تمتلك عشرة آلاف ولا خمسة آلاف، سوى بضع دبابات كانت عاطلة، قام الشهيد "أقارب برست" ـ وهو ضابط متدين ـ بإصلاحها وجاء بها من خسرو آباد إلى خرمشهر ـ وهي بطبيعة الحال تابعة للجزء البعيد من خرمشهر أما الجانب المركزي من خرمشهر فلم تكن فيه أي قوة قط ـ فلقد قاوم محمد جهان آرا وغيره من شبابنا لمدة خمسة وثلاثين يوماً بوجه القوات العراقية الغازية ـ وكانت فرقة مدرعة ولواء من القوات الخاصة تعززها تسعون من المدافع التي تصب صواريخها على خرمشهر ليلاً ونهاراً، فكما كانوا يوجهون قذائفهم على بغداد، كانت الهاونات والمدافع الثقيلة تصب قذائفها على ديار أبناء خرمشهر بشكل مستمر؛ بيد أن شبابنا صمدوا لمدة خمسة وثلاثين يوماً، وبغداد استسلمت خلال ثلاثة أيام! فيا شعب إيران، افتخروا بهؤلاء الشباب وهؤلاء المقاتلين، الذين عندما أرادوا استعادة خرمشهر فيما بعد قام الحرس والجيش وقوات التعبئة بمحاصرة خرمشهر بقوات أقل بكثير من القوات العراقية وأسروا خلال يوم أو يومين ما يقرب من خمسة عشر ألف أسير من القوات العراقية، فالحرب التي فرضت علينا لمدة ثماني سنوات بمثابة قصة عجيبة زاخرة بالعبر، ولستُ أدري لماذا يتقاعس البعض في بيان الأمور التي تبعث على الفخر خلال فترة الحرب المفروضة!

بناءً على هذا فإن موقفنا بمحصلته فيما يخص هذه القضية، أي إسقاط صدام على أيدي قوى الغزو الأمريكية والبريطانية هو: إننا لم نقدم العون لأيٍّ من الطرفين الظالمين، ونحن في غاية السرور لسقوط صدام وكذا شعبنا، وكنا على الحياد كما هو شأن الشعب العراقي في حياده، ونحن مسرورون مثلما الشعب العراقي مسرور.

القضية الثانية هي المآسي التي حلّت بالشعب العراقي خلال هذه الفترة، وهي ليست بالأمر الذي يُضيَّع؛ فانظروا إلى حرب فيتنام التي انتهت قبل سبع وعشرين سنة وطوى النسيان الكثير من الأمور، بيد أن الجرائم التي ارتكبها الأمريكان في تلك الحرب بحق الشعب الفيتنامي لا تُنسى؛ فكم من الأفلام التي يصورونها حولها والقصص التي يتحدثون عنها! فالعدوان على شعب في دياره يبقى عالقاً في أذهان ووجدان الشعوب إلى الأبد؛ فأسمى حقوق الناس هو حق الحياة، وهؤلاء "السادة" جاؤوا بوصفهم حماة لحقوق الإنسان وسلبوا بصواريخهم هذه حق الحياة في أبناء هذه المدن، فلقد ألقي أكثر من ألف صاروخ من طراز كروز والآلاف من القنابل ذات الوزن الثقيل ولا يُحصى من نيران المدفعية ومن جهات مختلفة وباستمرار على مدن البصرة والناصرية والديوانية والحلّة وعلى بغداد نفسها وغيرها من المدن التي يقطنها الناس؛ ونحن نعلم ماذا تعني القنابل؛ فلقد تعرضنا للقصف؛ وطالنا القصف في طهران ودزفول وسائر المدن؛ وهل هو مزاح أن تقصف مدينة على مدار الساعة بالعشرات أو المئات من الصواريخ؟!

إنهم يقولون: كنا نريد القضاء على أهداف عسكرية، فكم هدف عسكري في العراق يتعين ضربه بألف صاروخ كروز والآلاف من القذائف كي يُدمَّر؟ لقد دمروا الناس وخلقوا جواً من الرعب والذعر بينهم؛ فعم الرعب الأطفال، وقتلوا وظلوا دون طعام، ولا يدرك معنى هذا الكلام إلاّ من كان له طفل رضيع في البيت يفتقد الحليب ولا وجود للطعام عند أمه ويعوزهم الماء الصالح للشرب كي يقدموه له، فهؤلاء الذين يعرفون مغزى هذا الكلام. فكم من طفل صغير أدمى قلب والديه ببكائه؟! وكم من الشباب رقد في هذه المستشفيات ولم يداوى جرحه؟! وكم من أعزة لهذه العوائل قد اختطفوا؟!

أوَ قليل هذا؟ ثم أن امتهان الناس واقتحام بيوتهم لهي مشاهد تحرق قلب الإنسان، فيدخلون الدار لمجرد تهمة أو ظنٍّ باطلٍ فيغطون رأس الرجل بمرأىً من زوجته وأطفاله ويعصبون عينيه ويكبلون يديه ويهينونه ويهددونه؛ فهل هذا بالأمر الهيِّن؟ يقوم الجنود الأجانب بتقييد أيدي الرجال العرب من الخلف، ويطوقون رؤوسهم بكوفيتاهم، وليبطحونهم على وجوههم على الأرض ويقفون على رؤوسهم موجهين نحوهم البنادق؛ أوَ تهون هذه المصيبة؟! وهل يمكن جبرانها؟! فهذه بدورها مصيبة أخرى أيضاً حيث يقوم الجندي الأمريكي بتفتيش النساء العربيات المحجبات. شاب أمريكي لا يُعرف من هو ومن أين جاء يقوم بتفتيش امرأة عربية مقنعة بالحجاب والعباءة لاحتمال أنها تحمل قنبلة! أهذه حقوق الإنسان. أهذا هو الاحترام للبشر والاحترام لحرية الإنسان التي يدّعونها زوراً؟! وهذه الأمور مما لا تنتهي بالاعتذار، فهم قد وجهوا ضرباتهم ثم اعتذروا مدعين أنهم اخطأوا.

وهكذا فعلوا في أفغانستان، مراراً أثناء الحرب؛ وقبل أيام حصل أن قصفوا حشداً من الناس وقطعوا أوصالهم ومن ثم قالوا: عذراً فقد أخطأنا. فهل تمحى الجرائم بكلمة "معذرة قد أخطأنا" يا ترى؟!. وهذه هي القضية الثانية ونحن ندينها بشدة ونعرب عن مواساتنا للشعب العراقي، وندين المعتدي ونعتبره كاذباً إن هو ادعى الدفاع عن حقوق الإنسان.

أما القضية الثالثة أي العدوان العسكري على بلدٍ بدعوى وجود أسلحة التدمير الشامل فهو من أقبح الأفعال وأسوأها وقد أدان الضمير العالمي هذا الفعل، معتبراً إياه غير مشروع. إنني أتذكر أيام الحرب الفيتنامية حيث كانت تخرج المظاهرات المناهضة لأمريكا في بعض البلدان، غير أن ما رأيناه من إجماع دولي في هذه القضية لم نره في قضية الحرب الفيتنامية، فلم يكن مثل هذا الإجماع الدولي أثناء الحرب الفيتنامية؛ فيومها كان يقال أن الاتحاد السوفيتي هو الذي ينظم هذه التظاهرات، فمن الذي ينظمها اليوم يا ترى؟ إن الناس يجتمعون في الهند وباكستان واندونيسيا وماليزيا، وفي أفريقيا وأوربا وفي أمريكا ذاتها مشكلين تجمعاً ضخماً من عشرات أو مئات الآلاف بشعار واحٍد، فمن الذي بنظمهم؟ لا وجود لأي مركز يتولى تنظيم هؤلاء، وإنما هو الضمير العالمي والإنساني الذي يدين هذا الفعل. إنه فعل مدانٌ وإنها لبدعة في غاية الاستهجان، إنها عودة إلى عصر الحروب العدوانية وفتح البلدان في العصر القديم، فهم يتشبثون بالذرائع ضد بلدٍ ويرفضون كل ما يقوله مفتشوا المنظمة الدولية مدعين أنهم لا يعرفون شيئاً قائلين: نحن الذين نعرف بوجود السلاح، فيشنون هجومهم، وهذا فعل خاطئ جداً قد أدنّاه وندينه أيضاً، وفي نظرنا أن الأمم المتحدة قصّرت في هذه القضية فلماذا لم يُدن مجلس الأمن الهجوم الأمريكي البريطاني؟ ولماذا لم يصدر قراراً ضدهم؟ هب أنهم سينقضون هذا القرار، فليفعلوا إذ أن إصدار القرار بحد ذاته في مجلس الأمن بإمكانه أن يمثل تحركاً مضاداً لهم، فلماذا لم يفعلوا؟ ولماذا لم تنعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة لتتم إدانة هذا العمل داخل الجمعية العامة؟ كان على الأمين العام اتخاذ المزيد من الإجراءات بهذا الصدد، فهنالك آمال معلقة بالمنظمة الدولية، ومنذ سنوات لم تعد تراودنا مثل هذه الآمال ونحن نشاهد بأعيننا الممارسات والضغوط، ولكن العالم يعيش هذه الآمال على أي حال، وقد كان العمل ضعيفاً.

لقد أثبتت أمريكا بعدوانها هذا أنها متمردة، ولقد كان الرئيس الأمريكي السابق يلصق كلمة "التمرد" ببعض الدول، والتمرد هو ما يقوم به هؤلاء من تمرد على الإنسانية وعلى استقرار الدول، لقد برهنوا على أنهم هم محور الشر بمعناه الحقيقي؛ وبرهنوا على أنهم الشيطان الأكبر حقاً؛ هذا اللقب الذي أطلقه إمامنا العظيم عليهم؛ ولقد ارتكب الإنجليز خطأً فادحاً حين اقتفوا أثر أمريكا لينالوا نصيبهم من الغنائم، واخطأوا في ذلك؛ إن للإنجليز صورة قبيحة جداً ومرفوضة في هذه المنطقة، في إيران والعراق والهند وغيرها لعظم ما اقترفوه من سوء وظلم فيها؛ وإلى ما قبل ثلاثين أو أربعين سنة ظهرت إلى الوجود صورة أشد قبحاً منهم فأخذت صورة الإنجليز القبيحة تزول من الأذهان فجاء السيد بلير وأعاد صورة الانجليز القبيحة من جديد في الأذهان، فكان خطأ كبيراً. إذن، إننا ضممنا صوتنا في القضية الثالثة ـ وهي العدوان العسكري ـ إلى أصوات شعوب العالم وأعلنّا أدانتنا لهذا العمل، وندينه أيضاً ونعتبره بدعة على صعيد العلاقات الدولية وعدواناً على بلدٍ إسلامي وعلى الإسلام والمسلمين وانتهاكاً لحرمة الأمة الإسلامية.

والقضية الرابعة هي سلطة أمريكا المستقبلية على العراق. إنهم وبالإضافة إلى عدوانهم والمآسي والجرائم التي اقترفوها، يريدون تولي إدارة العراق عن طريق حاكم أجنبي وعسكري أمريكي إما صهيوني أو على صلة بالمحافل الصهيونية، وأن ينصبون على بلد إسلامي وعربي غيور. فهؤلاء توصلوا ـ واهمين ـ فيما بينهم إلى تقسيم ما ـ وقد بدت بوادر الاختلاف بين أمريكا وبريطانيا ـ فالبصرة ـ حيث رائحة نفطها أشد فواحاً وهي أكثر قرباً إلى المناطق النفطية والإنجليز يتميزون بشدة ولعهم برائحة النفط ـ هي من نصيب الإنجليز؛ وبغداد ـ التي تمثل مركز السلطة والأمريكان مولعون باستعراض قدرتهم ـ كانت من نصيب الأمريكان.

هنالك اختلافات كثيرة بينهم وهي تتزايد وستنكشف أمام الشعوب، ولكن يبدو أنهم متفقون حالياً، أنه رجوع إلى عصر الاستعمار الأول ورجعية محضة؛ فهكذا كان الاستعمار القديم إذ كانت الدول الاستعمارية في أوروبا تستولي على الدول الآسيوية والأفريقية بالقوة ثم تنصّب حاكماً عسكرياً عليها ليفرض سيطرته على المنطقة بأكملها، وهذا ما فعلوه في الهند واستراليا وكندا وأفريقيا ودول عديدة أخرى، وبعد فترة من الزمن وجدوا من الخطأ تنصيب حاكم عسكري أجنبي على أي شعب من الشعوب، فغيّروا المعادلة، فكانوا يبحثون عن حكام من نفس تلك البلدان مطيعين لهم تماماً فينصبونهم ويقدمون لهم العون ويوفرون لهم الإمكانيات، وهؤلاء بدورهم يطلقون الحرية ويفتحون الأبواب أمام المستعمرين ليمارسوا السلطة ويفعلوا ما شاؤوا، ومضت حقبة من الزمن على هذا المنوال فلمسوا خطأه لأن الشعوب تثور بوجه هؤلاء الحكام وإن كانوا من نفس الوطن وأبناء جلدتهم وذلك لتبعيتهم واستبدادهم وظلمهم.

وبعد أسلوبهم هذا دخلوا مرحلة أخرى غيروا فيها منهجيتهم فكان منهجاً ديمقراطياً بظاهره يتمثل بالهيمنة الثقافية إذ ينتخبون حاكماً مؤيداً لهم وهذا ما وقع في إيران أثناء عهد الطاغوت، فلقد نصب الإنجليز رضا خان في بداية الأمر ثم جاؤوا بمحمد رضا لكنهم لمسوا بروز مشاكل فاجبروا محمد رضا على تنصيب علي أميني رئيساً للوزراء ليقوم بما يسمى بالإصلاحات؛ وقد رأى هذا أن زمام الأمر بدأ يفلت من يديه فقال: سأقوم بالإصلاحات بنفسي، فكانت إصلاحاته تلك المواد الست الفاضحة التي صدرت في عهد الطاغوت. وهذه هي التجارب التي طبقها المستعمرون في تلك الفترات وفي مناطق متعددة.

لقد عاد هؤلاء إلى الحقبة الأولى من عهد الاستعمار، أي أنهم يستولون على بلد ما بقوة السلاح ثم ينصبّون حاكماً منهم فيه؛ إنه لفعل عجيب للغاية، رجعي، قبيح، مهيمن، ينم عن عنجهية وغرور سيطيح برؤوس هؤلاء إلى الأرض؛ وأن عملهم القادم ينم عن جهلهم للمكان والزمان، فالعالم بأكمله تقريباً قد أدان هذا الفعل مؤكدين أنه مستحيل؛ وأن موقفنا لواضح تماماً وسوف أتطرق إليه فهذا عمل خاطئ كلياً؛ فيجيب أن لا يكون هذا الحاكم أجنبياً ولا عسكرياً ولا صهيونياً، بل يجب أن يكون منتخباً من قبل الشعب العراقي نفسه دون اعتماد على دعم القوى الغازية؛ وهذا ما يريده الشعب العراقي.

أن الأمريكان قد بنوا حساباتهم على بعض الأفكار قائلين: إننا ننصب هذا الحاكم ونمسك بزمام الأمور ونقدّم له الدعم ثم نقوم بتغيير ثقافة الناس؛ أي نهيمن على التربية والتعليم متوهمين أنهم يفعلون ذلك في أفغانستان الآن؛ فلقد بادر الأمريكان بطبع عدة أطنان من الكتب الدراسية بالغتين الفارسية والبشتو في إحدى البلدان الآسيوية لتوزيعها في المدارس الأفغانية ليخفوا من خلال هذه المناهج الوجه القبيح لأمريكا عن أنظار أطفال أفغانستان؛ ولتتخذ ثقافة الأفغان ورؤيتهم التاريخية طابعاً آخر بشكل كلي؛ وأنهم ليحاولون واهمين تطبيق ذلك في العراق أيضاً، ومن المسلّم به أن هذا العمل لن يؤتي النتيجة التي يرجونها، فلقد تعمقت جرائم الأمريكان وعداؤهم في أوساط المعلمين وأبناء الشعب بحيث أنهم سينقلونها إلى الجيل اللاحق والأجيال الآتية لا محالة. إذن القضية الرابعة ليست سواء مع سائر القضايا؛ أي أنهم حتى لو لم يفعلوا فعلتهم هذه فإن العدوان يبقى محافظاً على صفته وهي أنه خطيئة وذنب كبير؛ ولو أنهم لم يرتكبوا هذا العدوان فإن كلاً من أعمالهم اللاحقة يعد لوحده خطيئة وذنباً كبيراً وإهانة للشعب العراقي.

إن المرء ليعجب حقاً لما يبديه هؤلاء من صلافة بهذا القدر ويصرحون عبر التلفاز بأن الشعب العراقي عاجز عن اختيار حاكم له! والشعب العراقي بماضيه وتاريخه وبرجاله وشخصياته العلمية والسياسية، فأنى لإنسان القدرة على التحدث دون خجل متهماً شعباً بالعجز؟ إننا نعتبر ذلك استهانة بحقوق الشعب العراقي وندينه ونرفض أي دكتاتور جديد على العراق؛ وأن الشعب العراقي نفسه لا يقبل بذلك أيضاً؛ فالشعب العراقي لم يخرج من مستنقع صدام ليقع في حفيرة دكتاتور عسكري أمريكي، وأنهم حتى لو نصّبوا عراقياً بهذه المواصفات فإن الشعب العراقي لن يقبله أبداً. على أية حال فإننا نعتبر الوضع الذي يخططون له الآن عدواناً آخر على حريم الإسلام والمسلمين {ولن يجعل الله للكافرين على المسلمين سبيلاً}.

إن الانتصار العسكري بما يعتريه من شك وشبهة ليس دليلاً على النصر النهائي؛ فالأمريكان قد تحملوا خسائر وهزائم في هذه الحرب أيضاً؛ ولربما يجهلون ذلك الآن أو لا يقدرون على الإفصاح عنه، لكنهم سيشاهدون آثار هذه الهزائم في المستقبل القريب، فلقد تحملوا أربع هزائم أساسية هي:

هزيمتهم الأولى في شعار الديمقراطية والحرية الغربية وهي الليبرالية الديمقراطية التي يروجون لها في العالم، فلقد مني هذا الفكر بالهزيمة بفعل عملهم هذا، إذ أنهم أثبتوا أن الليبرالية الديمقراطية ليست قادرة على الوصول بشعب ما إلى الاعتقاد بحرية الإنسان بالمعنى الحقيقي للكلمة؛ فذلك فكر على استعداد لسحق حرية البشر وأرواحهم وحقهم في الانتخاب بكل سهولة إذا ما اقتضت مصالحه المادية ذلك؛ فلو كان الأمريكان صادقين في قولهم وأنصاراً للحرية فعليهم مغادرة العراق والخروج منه حالاً، فلقد كنتم تريدون الإطاحة بصدام عن السلطة. حسنا، ها هو قد سقط، فما عملكم في العراق الآن؟ فإذا كانوا صادقين ويؤمنون بالديمقراطية وبحقوق الشعوب فعليهم إخراج جنودهم من العراق دون توانٍ وعدم التدخل في شؤون العراق، ولكن من الواضح أن هذا الأمر لن يحصل.

 **************

هزائم الأمريكان في العراق

لقد هزم الأمريكان أيضاً إيديولوجيا وبان زيف شعاراتهم، وهذا ما أدركته شعوب العالم، وتجلى من خلال الشعارات التي رددتها الشعوب أنها أدركت كذب الأمريكان، فهناك عشرة أو خمسة عشر شعار رددتها شعوب العالم في مسيراتها، إما أنها أطلقتها بألسنتها أو خطّتها على اللافتات، وقد جُمعت لي وهي بأجمعها تبرهن على أن الناس قد أدركوا حقيقة الأمر، ومن هذه الشعارات: "هذه الحرب حرب النفط لا للحرية وحقوق الإنسان"، "هذه الحرب لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي المنهار"، "هذه الحرب احتلال وعدوان هتلري"، "محور الشر أمريكا وبريطانيا وإسرائيل"، وشعوب العالم هي التي كانت تردد هذه الشعارات وليس أهالي طهران، وهي شعارات كان الشعب الإيراني قد أدركها ببصيرته منذ أمد بعيد؛ وقد أدركتها شعوب العالم الآن وها هو الرأي العام يرددها.

وهزيمتهم الثانية هي الهزيمة السياسية، فأمريكا اليوم معزولة سياسيا في العالم، فهذا الحل الأمريكي المتمثل بتنصيب جنرال أمريكي متقاعد لم يحظ بقبول أي دولة في العالم تقريباً ـ سوى اثنين أو ثلاثة من أذنابهم ـ فلقد رفضته الدول العربية والإسلامية والأوربية.

والهزيمة الثالثة التي نزلت بالأمريكان هي تحطم هيبتها العسكرية لأنهم كانوا قد صوروا إمكانيتهم بالانتصار على القوات العراقية في غضون ثلاثة أو أربعة أيام؛ فاتضح بالنتيجة عجزهم عن تحقيق الانتصار لا في ثلاثة أو أربعة أيام بل بما هو أكثر من ذلك. ولو أن القوات العراقية قاتلت لاستمرت هذه الحرب ومن غير المعلوم أنهم سيحققون النصر العسكري في نهاية المطاف نتيجة لفداحة الخسائر، وان العراقيين لم يقاتلوا حينما كان يتعين القتال؛ وهذا موضع تساؤل وشكوك، وكما قلت آنفاً لا حكم لنا في الأمر بيد أن الإجابة عن هذه التساؤلات ستتضح مستقبلا.

الهزيمة الرابعة؛ وهي تحطم اعتبارهم الإعلامي فلقد انهارت مصداقيتهم الصحفية والإعلامية عالمياً إذ أدركت شعوب العالم بأسرها أن الأمريكان يقومون بعملية سيطرة إعلامية، وقد اعتدوا على الصحفيين، وقالوا: لقد أخطأنا، ولكن ليس هنالك من تقبل هذا الخطأ منهم.

ثم إنهم ينشرون أخباراً كاذبة عن خسائرهم. فطوال هذه الفترة كانوا يصرحون أنهم خسروا ثمانين أو تسعين أو مائة قتيل ـ مثلا ـ والجميع يعلم أن هذا كذب محض، ونحن لا نعلم كم هي خسائر أمريكا، ولا بد من الاستفسار من موظفي الثلاجات في الكويت عن أرقام الخسائر التي منيت بها أمريكا، وسيفهم الشعب الأمريكي ذلك فيما بعد؛ ففي حرب فيتنام صرحوا فيما بعد أنهم خسروا خمسين ألف قتيل، لكنهم كانوا أثناء الحرب يعلنون عن مثل هذه الأرقام الصغيرة فيقولون عشرة، عشرين، مائة أو مئتي قتيل.

وأقول في خاتمة حديثي: أولاً: إن تحليلي هو أن الصهاينة كان لهم في هذه الواقعة الدور الأكبر في تشجيع الحكومة الأمريكية للقيام بهذا العمل وإعداد مقدماته أيضاً؛ وان الصهاينة سيجنون الفائدة الكبرى من الخارطة الجديدة في الشرق الأوسط التي يتحدث عنها جورج بوش، وقد اعدوا مقدماتها؛ فالخارطة الجديدة تتمثل بتمدد الصهاينة في منطقة الشرق الأوسط على امتداد الدول العربية وغير العربية المحيطة بهم سياسياً واقتصاديا، وجغرافياً إن فُتح المجال أمامهم؛ ولكن الصهاينة وشارون الخبيث سرعان ما استغلوا هذه الواقعة حيث تتجه أنظار العالم نحو العراق، فالفلسطينيون يقتلون يوميا ويتعرضون للضغوط وتقع هناك مآسي تبكي العيون.

إنني أقول للناشطين السياسيين في العراق؛ أن العراق يمتلك الكثير من الناشطين السياسيين، وإنهم اليوم يواجهون اختباراً عظيماً وتاريخيا؛ وعليهم الحذر لئلا يرتكبوا خطأً إستراتيجيا؛ فلا يستطعموا الانتصار العسكري الأمريكي على صدام ولا يرهبوه لأنه سينتهي بضررهم. وعلى الناشطين السياسيين في العراق الاهتمام بأمرين هما:

الأول: الفوضى وأعمال الانتقام غير المنطقي والتنافس الضار؛ فعليهم الحذر كثيرا إذ إن الفوضى تلحق الضرر بشعب العراق ومستقبله وستعطي الذريعة بيد المحتلين لترسيخ تواجدهم. بناءً على هذا يتعين عليهم الحد من المنافسات الواهية وأعمال الانتقام الخاطئة، وليجلسوا ويفكروا بهذا الأمر ويضعوا الخطط التي تحول دونه، وذاك ما هو ممكن.

والثاني: عدم التهاون والتنسيق مع حاكمية الأجنبي، فيحذروا من أن يصدر عنهم هذا الخطأ، لأنه سيبقى ماثلاً في تاريخ العراق، فلو أن أحداً أعان القوات الأجنبية اليوم لترسخ حاكميتها في العراق فسيبقى ذلك وصمة عار على مدى التاريخ العراقي بالنسبة لكل شخص أو فصيل أقدم على ذلك، إن الشعب العراقي ينشد الاستقلال والحرية والحكومة المنبثقة عن مبادئه الدينية والوطنية، وهذه هي إرادة الشعب العراقي، فعلى الذين كانوا يتحدثون باسم الشعب العراقي سنوات متمادية أن يكونوا أوفياء للشعب العراقي وتطلعاته ويبرهنوا على ذلك عملياً؛ فالتخفي والتعامل مع القوى الأجنبية سيدفع الجماهير للإعراض عنهم، فليضعوا في اعتبارهم رضى الله ورضى الناس فقط وليعلموا أن النصر العسكري على نظام صدام لا يعني انتصاراً سياسيا وثقافيا على العراقي، لقد انتصروا عسكريا على النظام الصدامي بيد أن ذلك لا يعني انتصارهم على الشعب العراقي سياسياً وثقافياً ولن يكون كذلك.

الشروط التي لابد أن تتوفر في الحكومة العراقية الجديدة

إنّ الدولة القائمة حالياً في العراق لم تأتِ بانتخاب الناس، ولكن يمكنها أن تسلك سلوكاً تستميل من خلاله جانب الناس إلى صفها، وهذه هي رسالتنا إلى دولة العراق الفعلية، فليست لنا دوافع تجرنا إلى الخصومة معها، ولكننا نقول: إنّ بإمكانها استمالة الشعب العراقي نحوها ولكن بشرطها وشروطها.

فالشرط الأول: أنّ تبتعد عن الأمريكيين ما أمكنها.

الشرط الثاني: إقامة الانتخابات الحرّة في موّعدها المقرر، لينتخب العراق دولته للمرة الاُولى في تاريخه، فإنّ ذلك سيحّسن من صورة هذه الدولة في أنظار الشعب العراقي.

الشرط الثالث: الجدّ في مواجهة الاحتلال، إذ لا يوجد له مبرر منطقي، كما لم يكن هناك توجيه منطقي لدخولهم، بعد أن تبين كذبهم لجميع العالم في تذرعهم بوجود أسلحة الدمار الشامل، وتبين أن لم يكن لهم من هدف سوى نهب النفط واستعراض العضلات، وإيجاد قواعد لهم في المنطقة.

وكل ساعة تمضي على تواجد المحتل تعتبر عملاً غير شرعي يؤدي إلى ارتفاع نسبة البغض لدى الشعب العراقي تجاه المحتل، وقد ارتفعت نسبة الحقد لدى العراقيين عما كانت عليه قبل سنة، حيث شاهدوا خلال هذه المدة همجية الحضارة الغربية في مظاهر التعذيب في سجن أبي غريب، أو قصف مجالس الأعراس وقتل الأبرياء في الشوارع بشكل عشوائي، وعليه يمكن للدولة العراقية الراهنة استهواء قلوب الناس إليها، ولكن بالشروط المتقدّمة.

وأما فيما يتعلق بمحاكمة صدام، فهناك كلام كثير في هذا الشأن يحلله العالم وتسمعونه، إلا أن أهم نقطة ينبغي إدراجها في الادعاء ضد صدام، هي شنه الهجوم على إيران، وهذا لا ندّعيه نحن، ولا شأن لنا بمحاكمة صدام، وإنما نترك هذا للعراقيين أنفسهم، فإنّ الحرب كانت مفروضة علينا وعليهم؛ إذ إنّ الشعب العراقي كان مكرهاً على الحرب، ودفع ثمنها من الغالي والرخيص والأرواح والأموال.

فعلى الشعب العراقي حالياً أن يمسك بصدام من تلابيبه ومعاقبته على هذه الجريمة الشنيعة التي أججها بين الشعبين المتآخيين والرفيقين الحميمين على مر العصور، وسوف لا يكون الإعدام مرة واحدة كافياً في حقّه، وسوف لا يكون الحكم مقتصراً على صدام، وإنما أبرز الوجوه الإجرامية التي ستحاكم أيضاً في هذه المحكمة هو النظام الأمريكي؛ لأنه هو الذي أعان صدام على إجرامه بإعطائه الضوء الأخضر في استخدام الأسلحة الكيميائية.

فإنّ وزير الدفاع الأمريكي هذا الذي يبرز أحياناً على شاشات التلفزة بوجهه المنحوس ليتعرض بكلامه على الشعب الإيراني قد توجه إلى بغداد بعد فاجعة حلبجة وصافح صدام على جريمته النكراء، وزوده بالصور التي التقطتها أقمارهم الصناعية لتدله على مواقع تجمع قواتنا المسلحة،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 **************

محاولة إذلال الشعب العراق

الزمان والمكان: 17/ ربيع الأول /1425هـ ـ طهران

انظروا إلى الوضع في العالم الإسلامي، فنحن نستذكر لسنوات القضية الفلسطينية كجرح غائر في الجسد الإسلامي، والآن قد أضيف إليها العراق، فانظروا ماذا يفعل المتجبّرون معتمدين على القوة؟، إنهم يطلقون التصريحات غير المنطقية والخاطئة وينفذونها على المستوى الدولي وذلك باعتمادهم على القوة ومنطق السلاح والهيمنة السياسية والأموال ويفبركونها لتصبح كلاماً منطقياً يستحق الدفاع. ويرتكبون بشكل علني الجرائم التي تعتبر جناية وجُرماً في أعراف كافة الشعوب في العالم، وتارة يغلفونها بعنوانٍ من أجل تحسين ظاهرها في حين أنهم يعرفون بأن أحداً لا يرتضيها، لكنهم تارة لا يغلفونها بعنوان ولا يتسترون عليها بستار، فالدويلة الصهيونية الغاصبة تعلن صراحة بكل وتقول أننا سنغتال الشخصيات الفلسطينية فتعلن أمريكا رسمياً وعلنياً بأنها تدعم إسرائيل!، هذا هو وضع النظام العالمي اليوم.

إنَّ الإرهاب ـ الذي أصبحت مكافحته ذريعة لكي تمارس الحكومة المستكبرة في أمريكا غطرستها وجبروتها ـ يتجسد بكل صلافة كفعل مباح ومشروع سواء على ألسنة أولئك أو في ممارسات الحكام الصهاينة، وكل ذلك يجري بالاعتماد على قوة السلاح.

إنَّ الاحتلال العسكري للعراق واحتقار وإذلال شعب حضاري وعظيم جريمة دولية لكنهم يفعلون ذلك جهاراً وتحت شعار حقوق الإنسان والدفاع عن الديمقراطية والحرية مما لا يقتنع ولا يقبل به أحد في العالم لأن أعمال المحتلين في داخل العراق تبرهن على عكس ذلك تماماً، فمن الواضح أنهم لا يعيرون اهتماماً ولا يقيمون وزنا ًلحقوق الشعب وحق أبنائه في تعيين الحكومة فهم، الذين ينصبّون، وهم الذين يعينون الحكام وهم الذين يضعون القانون، وهم الذين يعاقبون المتخلف عن هذا القانون دون محاكمة، والعقوبة هي القتل، فانظروا إلى ما يجري في العراق!، هذا هو وضع الأمة الإسلامية اليوم. 

 **************

أحداث النجف وكربلاء المريرة

الزمان والمكان: 26/ ربيع الأول/1425هـ ـ طهران

إنَّ الحوادث التي شهدتها النجف وكربلاء مؤخراً أحداث مهمة جداً وهي ليست بالحوادث التي يمكن للمسلم والشيعي أن يقرّ له قرار إزاءها.

فأنا ومنذ يومين حيث وقعت هذه الحوادث يضطرب حالي باستمرار إذ اشعر في الحقيقة أن الحدث الذي افتعله هؤلاء الأمريكان الحمقى وقساة القلب حدثٌ في غاية الصعوبة حتى بالنسبة إليهم، وإن هؤلاء ليأتون فعلاً عظيماً دون أن يفهموا، لأن الإمام الحسين وأمير المؤمنين "عليهما السلام" ليسا للشيعة فقط بل إن جميع المسلمين يكنّون احتراما ًويقيمون وزناً لهؤلاء العظماء ولهذه المراقد المطهرة.

إنَّ إقدامهم على إقحام الدبابات والمدافع والقوات المسلحة في مخيم كربلاء أو إهانتهم للمنارة الطاهرة لأمير المؤمنين "عليه السلام" واستهدافها بالقنابل ليس بالأمر الذي يمكن تحمله والقبول به بالنسبة للمسلم المؤمن. إنها لقضايا مهمة جداً، وليبدو أن الأمريكان قد خرجوا عن طورهم وفي الحقيقة إنهم مزجوا الحماقة بالوقاحة والصلافة والاستهتار.

ليس هيناً التعرض لمقدسات الناس وللأمور التي تتعلق قلوبهم بها بل هو أمرٌ من الأهمية بمكان، والعجيب هو أنهم ورغم كل هذه الوقاحة والاستهتار يتحدثون عن حقوق الإنسان وعن الديمقراطية وإنها لوقاحة عجيبة حقاً تبدر منهم.

وإنني على ثقة من أن المسلمين لاسيما الشيعة سواء في بلادنا أو في العراق بمختلف مدنه أو في سائر مناطق العالم لن يسكتوا على عدوان الأمريكيين ووقاحتهم.

لقد انهزم الأمريكيون في العراق سواء فهموا أو لم يفهموا واعترفوا بذلك أو لم يعترفوا، وان الوضع الذي خلقوه وبذور الكراهية التي زرعوها في العراق سيتجرعون نتائجها المرة لعشرات السنين في العراق بل في المنطقة بأسرها.

إنَّ الأمر ليس كما يتصورون بأنهم سيستطيعون البقاء في العراق والتسلط على رقاب أبنائه دون عناء وينهبوا نفط العراق ويمتهنوا شعبه بهذه الطريقة، وان ما حدث في سجن أبو غريب وانكشف مؤخراً لا يقتصر على سجن أبو غريب فهو يجري مع العراقيين في جميع السجون الأمريكية في العراق أو أغلبها، وهو وصمة عار على جبين الأمريكيين لن يُمحى بتلك السهولة، لكن رئيس العصابة الحاكمة في أمريكا يطل ويصرح بأننا لم نكن على علم بأعمال التعذيب ويعتذرون بعدم معرفتهم قائلين لقد أغلقنا أقبية التعذيب الصدّامية.

من الذي يعذب الناس صدام أم انتم؟ إن التعذيب هو التعذيب وانتم لم تغلقوا أقبية التعذيب الصدّامية وإنما أخذتم مكان صدام.

إنهم يقولون إننا لم نكن نعلم، وإنهم لكاذبون لان الصليب الأحمر أعلن بصراحة بأنه قد وضع كبار المسؤولين في الجيش الأمريكي في الصورة منذ مدة، وأن ذلك ما كان يحصل منذ فترة وقد تكشَّف الآن وسواء وصلهم الخبر أم لم يصلهم فهذه جريمة أخرى. فهل كان صدام يمارس التعذيب بنفسه في داخل الزنزانات؟ لقد كان أزلام صدام هم الذين يمارسون التعذيب وها هم أزلامكم يفعلون ذلك الآن. ان جهازكم جهاز كراهية وجهاز ظلم وجهاز استهتار بكرامة الإنسان، لماذا دخلتم العراق ولماذا سحقتم بلداً مستقلاً بأحذية جنودكم بهذه الطريقة ولماذا استهترتم بكرامة الشعب العراقي ووزنه؟، ها هم الآن يخططون لنقل السلطة، السلطة التي في الحقيقة تكون بأيديهم، فليعلم السياسيون والنُخب في العراق أن أية سلطة تأتي للحكم في العراق وتكون عملية للأمريكان فهي ستكون مكروهة لدى الشعب العراقي بقدر الكراهية لأمريكا، فالشعب العراقي ليس على استعداد لأن يرى سلطة أمريكا وعملائها هناك بعد زوال صدام، وان انتقال السلطة يكمن في ان تُسلّم السلطة إلى أبناء الشعب العراقي وأن تقام الانتخابات، والشعب هو الذي ينتخب لا أن يأتي شخص فينفذ المخطط الأمريكي المرسوم للنخب العراقية، والسياسيون العراقيون بدورهم يستسلمون للمشروع الأمريكي.

لقد كان دخول الأمريكان للعراق خطأ وبقاؤهم خطأ وتعاملهم مع الناس خطأ وتنصيب حاكم أمريكي على رقاب الشعب خطأ، ودخولهم إلى كربلاء والنجف خطأ والممارسات التي قاموا بها مؤخراً كانت خطأ في خطأ، وليعلموا بالتأكيد إن العالم الإسلامي عالم التشيع لن يسكت إزاءهم.

إنَّ الوجه الطاهر لأمير المؤمنين والوجه الطاهر لسيد الشهداء "سلام الله عليهما" وجهان نورانيان على صعيد العالم الإسلامي؛ لهما مكانة في أعماق قلوب الناس، فيما يأتي هؤلاء ويدخلون مدينتي كربلاء والنجف، ويكون لهم تواجد عسكري في وادي السلام الذي هو مدفن الصالحين والعظماء والأولياء والأوصياء ويقتلون الأبرياء من أبناء النجف وكربلاء إذ قتلوا العشرات من الناس.

فالجريمة التي يقترفونها هي أعظم جريمة وهي مرفوضة من قبل العالم الإسلامي، ومرفوضة من قبل الشعب الإيراني، ومرفوضة من قبل جميع الشيعة في العالم ومن المسلّم به أن الأمريكيين لن يستطيعوا التمادي في هذا الطريق، وكلما تمادوا فإنهم سيغرقون في هذا الوحل وسيغطسون في المستنقع الذي أوجدوه بأنفسهم. وسيصبحون أسرى هذا المستنقع أكثر؛ فعليهم الإسراع بإنقاذ أنفسهم وتخليصها.

لقد تورط الأمريكان وإنهم الآن عاجزون عن القيام بأي شيء فاستمرارهم هزيمة وخروجهم هزيمة، ولكن مواصلتهم في نفس الوقت هزيمة أشد وسيلحق بهم ضربة قاصمة، فهؤلاء في العراق والصهاينة الغاصبون في فلسطين يرتكبون الآن أفظع الجرائم بحق الإنسانية وهذا يكفي لأن يدرك العالم أحقية ما تقوله الجمهورية الإسلامية في جعلها لشعار الموت لأمريكا والموت لإسرائيل جزءاً من شعاراتها.

واليوم إذا كانت الدول الأوروبية صادقة حقا في ادعائها مناصرة حقوق الإنسان فلتبادر بصراحة لمواجهة التحرك الذي قامت به أمريكا، فلا جدوى من الكلام فليتخذوا قراراً في الأمم المتحدة، في الجمعية العمومية للأمم المتحدة وليس في مجلس الأمن، فتستطيع أمريكا نقضه بالفيتو، بل عليهم أن يتخذوا قراراً في الجمعية العمومية.

على الأوربيين أن يدينوا هذه الممارسات الأمريكية المعادية للإنسانية إن كانوا صادقين في مناصرة حقوق الإنسان ليثبتوا أنهم صادقين حقاً وإلاّ فان مجرد التشدق بحقوق الإنسان لا وزن له في نظر الشعوب.

 **************

المكر والخداع الأمريكي

الزمان والمكان: 17/ محرم/ 1424هـ ـ مشهد

ليعلم شعبنا أن لهذا الهجوم أبعاداً أوسع من العراق، والقضية ليست هجوماً على العراق فحسب. وإن مهاجمة بلدٍ ـ سواء كان العراق أو غيره ـ من قبل قوة جاءت من مسافات بعيدة تتشبث بذرائع مختلفة ومفتعلة فعلٌ خاطئ على أية حال، وقد أدانت الشعوب والرأي العام العالمي هذا العمل، وإنكم لتشاهدون الآن على شاشات التلفاز التجمعات الجماهيرية الضخمة في شرق العالم وغربه بل وحتى داخل أمريكا نفسها، بيد أن الموضوع أشد خطراً وأوسع مدىً بالنسبة للعالم الإسلامي، فلا ينبغي النظر للموضوع بوصفه هجوم من دولة أو قوة على بلدٍ آخر تحدوها دوافع مختلفة، وإن الأمريكان يحاولون الإيحاء بأن الأمر يحمل طابعاً آخر، إذ هم يوحون بأن غايتهم الإطاحة بصدام، والسبب هو امتلاك صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل أو أنه يرّوج للإرهاب ويؤيده، وهم يطالبون الشعب العراقي تأييد الأمريكان.

هكذا يوحي الأمريكان أمام العالم، بيد أنها خدعة، وهنالك الكثيرون في العالم على معرفة بهذا الأمر، والقضية الجوهرية هي أن هتلرية جديدة وفي غاية الخطورة والوقاحة قد برزت على صفحات التاريخ، وهؤلاء يعملون كهتلر تماماً في إعداده لمقدمات الحرب العالمية الثانية، فعندما باشر هتلر وقتذاك هجماته ضد الدول المجاورة له في أوروبا كان يبرر فعلته أمام الرأي العام العالمي بأن ألمانيا تحتاج إلى أجواء حياتية، بمعنى أن ألمانيا صغيرة بالنسبة للشعب الألماني والنظام الألماني، فهؤلاء بحاجة لفضاء أوسع كي يتسنى لهم استنشاق الهواء والبقاء على قيد الحياة! هكذا كان هتلر يوجه شعبه والرأي العام العالمي! إنه تبرير مضحك وخاطئ.

وتبرير الأمريكان الآن في حملتهم على العراق ومن قبله أفغانستان هو أننا نريد ضمان مصالحنا الوطنية والمحافظة عليها وإزالة الأخطار التي تحيق بنا! وهذا تبرير ينسجم مع هذا الزمان، فأين العراق من أمريكا؟! وأي تهديد يمكن أن يشكله العراق عليهم؟! وما هي مصالح أمريكا التي تمثل ضرورة المحافظة عليها مسوغاً لأمريكا لشن حرب على بلد وشعب ما؟ هذه أسئلة لا جواب لها.

وإذا كانت هذه المصالح عند شعبٍ أو بلدٍ آخر توجب على الأمريكان ضمانه بأي نحو كان لأن الأمريكان يمتلكون القوة والسلاح، وليس مهماً مدى المشاكل والنكبات التي يتحملها شعب ذلك البلد أو المنطقة، وحجم التخلف الذي سيفرض عليهم وحجم الدمار الذي يلحق بحياتهم، فلا أهمية لهذه الأمور بالنسبة للأمريكان. هذا هو التعريف الأمريكي للمصالح الوطنية.

إن هذه المنطقة ـ أي المنطقة العربية وأوسع منها المنطقة الإسلامية ِـ تعتبر اليوم وفي المستقبل منطقة غنية بالنفط، والأمريكان بحاجة لهذا النفط، وليس النفط وحده، فهنالك الثروات الهائلة تحت الأرض والترواث البحرية أيضاً، وإن الذي يهيمن على هذه المنطقة يمكنه الوصول إلى العالم بأجمعه، وهذه ثروات تحتاج لها أمريكا كتلك السجادة الجميلة والثمينة التي كان الخان يحتاجها. إذن أمريكا بصدد ضمان هذه الثروات.

الهدف الآخر لأمريكا في هذه المنطقة هو أنها تريد الاستحواذ على سوق الاستهلاك، فلابد لها من بيع منتجاتها على أية حال، وإن هذه المنطقة ـ ذات كثافة سكانية وما على شعوبها إلاّ استهلاك المنتجات الأمريكية كي يملأ التجار الأمريكان والصهاينة جيوبهم ويقطفون الأرباح، وهذه من الأهداف التي تصبو إليها أمريكا في المنطقة، ولغرض تحقيق هذه الأهداف والمحافظة عليها يتحتم المجيء بأنظمة مطيعة لهم في المنطقة وتذعن لسياساتهم بشكل تام، فتكون هذه الأنظمة مطيعة في حال أصدرت أمريكا لها الأوامر بأن أنتجوا النفط بالقدر الفلاني، وبيعوه بالسعر الفلاني، واستهلكوا هذه السلعة، واقطعوا علاقاتكم الدبلوماسية مع هذا المنافس لأمريكا، أو أقيموا علاقات مع هذه الدولة الحليفة لأمريكا، فيسعون ويرضخون لكل ما يقوله الأمريكان. وعليه فإن الأمريكان ولغرض المحافظة على هيمنتهم في هذه المنطقة، بحاجة إلى أنظمة طيعة تماماً وعميلة ومستسلمة.

إن في المنطقة الآن أنظمة مطيعة لأمريكا، غير أن ثمة ظاهرة برزت في العالم لا يمكن التغاضي عنها، فالأنظمة الرجعية الوراثية المستبدة حتى وإن ضمنت مصالح أمريكا فهي لم تعد تنفعها، فهي بحاجة لأنظمة مستسلمة ديمقراطية في ظاهرها.

إن خطر أمريكا لا يقتصر على العراق، فالكثير من أنظمة المنطقة ذات الصلة الجيدة بأمريكا سيطالها الخطر الأمريكي في المستقبل نظراً لأنها أنظمة مرفوضة شعبياً ولا تعتمد على آراء الجماهير،

فلقد قال أحد السياسيين الإستراتيجيين في أمريكا حديثاً: لو سادت الديمقراطية اليوم في الدول العربية ومنحت الشعوب القدرة على الانتخاب فستأتي أنظمة إسلامية إلى الحكم، وهذا ما أدلى به بنفسه أمام الكونغرس الأمريكي، واستناداً إلى ذلك يتعين على الأمريكان المجيء بأنظمة شعبية في ظاهرها وتحترم آراء الشعوب.

إذا ما تحقق هذا الهدف فإنهم بحاجة إلى مؤامرة أخرى كي تنتخب الشعوب أناساً يأتون إلى الحكم لضمان مصالح أمريكا، ولكن ما هي هذه المؤامرة يا ترى؟ إنها إشاعة ثقافة التحلل وعدم الاكتراث إزاء القيم في أوساط الشعوب، وإن هؤلاء ليحاولون أن يترعرع الناس على الثقافة الأمريكية، وبالتالي فإن الناس وتحت تأثير هذه الثقافة سينتخبون من يستسلم للنظام الأمريكي، وإن مجموع هذه الأهداف يدفع أمريكا لأن تضع في حساباتها سعياً ونشاطاً واسعاً على الأصعدة السياسية والثقافية والإعلامية وأخيراً العسكرية، وإن هذا السعي والتحرك يجري الآن في العراق.

لقد تعاون صدام حسين مع أمريكا، ولو أن أمريكا وحلفاءها لم يقدموا العون لصدام حسين أثناء حربة ضد إيران لما استطاع الصمود لمدة ثماني سنوات أمام شعبنا المجاهد والمقاوم وأمام شبابنا، فالأمريكان تعاونوا معه لكن صدام الآن لا يجديهم نفعاً لأنهم يعلمون بأن صداماً دكتاتور وربما يزول ويسقط بفعل ثورة جماهيرية وحينها تقصر يد أمريكا عن فعل شيء، فلقد وقع مثل هذا التغيير في إيران ففقدوا مصالحهم. هؤلاء يجب أن يزيلوا صدام عن الحكم بأنفسهم ليأتوا بغيره، وهنا تتضح طبيعة الهجوم على العراق، وإن الحرب التي اندلعت في العراق وهي مستمرة لم تشتد بعد، وأنها ستزداد ضراوة فيما بعد وهذا أول الغيث.

إن هذه الحرب من أقذر الحروب لأن الغاية منها لا تُشم منها رائحة الأهداف الإنسانية أبداً، ويكذب الأمريكان إن قالوا إننا نقاتل من أجل الديمقراطية، فهم يقاتلون من أجل النفط والمجيء بنظام مطيع مستسلم لهم. إنهم يقاتلون لاحتلال العراق والاستيلاء على هذا البلد العريق وهذا الشعب العتيد وعلى المنطقة الحساسة الغنية بثرواتها الهائلة محاولين ابتلاعها بسهولة ودون عناء، فالاقتصاد الأمريكي متزعزع الآن وهذا ليس ابن يومه بل إن الاقتصاد الأمريكي ينحدر نحو التزلزل منذ سنوات وإنهم بحاجة لثروات العراق الحيوية ويريدون انتزاعها من أيدي الشعب العراقي بأي ثمن كان وبالأساليب التي تقدمت الإشارة إليها.

هذا المخطط لا يخص العراق وحده، وإن الدول العربية ـ بالدرجة الأولى ـ ومنها تلك الدول التي تقدم العون لأمريكا الآن ووضعت مطاراتها وأراضيها وأجواءها وسائر إمكانياتها تحت تصرفها ستتعرض في المستقبل غير البعيد إلى ذات الخطر الأمريكي، وهذا ما تُنبئنا به التحليلات الأمريكية بذاتها بوضوح. وإن ما أقوله لكم ليس كلاماً صادراً عنا وإنما هي تصريحات خرجت من أفواه الأمريكان أنفسهم فكشفت عن مآربهم ونواياهم الشريرة أمام الجميع، وعليه فإن الأمريكان وضعوا الدول العربية أولاً والدول الإسلامية ثانياً في سلّم أهدافهم.

ولكن هل من مانعٍ يقف بوجه مخططاتهم؟ نعم. وهذا هو الأساس، فالمانع الأساسي والرئيس الذي يقف في طريق الأهداف الأمريكية هو عبارة عن حركة الصحوة التي تعم العالم الإسلامي، فدنيا الإسلام تعيش حالة صحوة، دعوا عنكم الدعايات المزيفة التي تبثها الإذاعات التي يُمسك بها الاستكبار والصهاينة أنفسهم الذين يطلقون الموجات الإذاعية فيُسمعون الناس زيفاً، وليست حقائق، فأدبيات الثورة الإسلامية وثقافتها قد ترسخت وعمت الجو العام لحياة الشعوب المسلمة والعربية بشكل تام ولاصقت الأذهان والعقول.

وأنهم حينما يشنون هجومهم على أفغانستان أو العراق ـ وهما من الدول الإسلامية يتحدثون ببضع كلمات عن الإسلام كي ما يثار الرأي العام الإسلامي ضدهم، بيد أنه إجراء مصلحي، فهم على علم بأن الإسلام هو المانع الرئيسي الذي يقف في طريق تقدم الاستكبار نحو أهدافه النهائية، وأنهم يناصبون إيران الإسلام العداء إلى هذا الحد بسبب حاكمية الإسلام فيها، ولقد علّم الإسلام أبناء شعبنا إمكانية التمتع بالاستقلال والشجاعة والحياة دونما اعتماد على القوى الكبرى، وهذا ما لا يروق لهم لذلك فهم يثيرون الدعايات ضد إيران الإسلام ما وسعهم.

من الدعايات المدمرة التي أثاروها ضدنا في قضية أفغانستان، وقضية العراق الآن هي قولهم إن إيران تتعاون مع أمريكا، وغايتهم من ذلك تشويه صورة إيران أمام أنظار الشعبين في أفغانستان والعراق، فيما يروّجون خارج إطار العالم الإسلامي، أن إيران تدعم الشعبين الأفغاني والعراقي وبعبارة أخرى أنها تدعم الإرهاب وتحاول صناعة القنبلة النووية، إنها دعايات ازدواجية وهي كاذبة بكلا شقيها، فنحن لا نؤيد الإرهاب ولا ندعم أي إرهاب، وإن الشعب الإيراني قد تلقى ضربات من الإرهابيين وهو يبغضهم، كما أن اتهام الجمهورية الإسلامية بمحاولة صناعة السلاح الكيمياوي والنووي كذب محض من أساسه.

لقد اكتسبنا التكنولوجيا النووية رغم أنف الأعداء، ونحن عضو في وكالة الطاقة الدولية وكنا قد وقعنا على معاهدة هذه الوكالة وكان من المقرر أن تقدم لنا المساعدات وفقاً لمقرراتها، فيما دعا ذوو النفوذ في الصهاينة والأمريكان العالم لعدم مساعدة إيران، فنجح شبابنا ومفكرونا وكفاءاتنا المتوقدة اللامعة في بلوغ هذه التكنولوجيا بهدوء ودون مساعدة في غضون بضعة أعوام.

إن التكنولوجيا النووية والذرية تختلف عن صناعة السلاح النووي، فالأولى تعد تطوراً علمياً له ميزات جمة، وإن الذين يسعون لصناعة السلاح النووي بإمكانهم تطوير فرع منه وتحقيقه، ونحن لا نرغب بالسلاح النووي بل ونخالف امتلاك الأسلحة الكيمياوية، ولم نبادر لإنتاج السلاح الكيماوي حتى عندما تعرضنا لهجوم العراق بالسلاح الكيماوي، فهذه أمور لا تنسجم مع مبادئنا.

بناءً على هذا فإن الصهيونية وأمريكا مذعورتان من إسلامكم، وإن عداءهم للإسلام ليس سببه الصلاة والصوم، بل عداءهم للإسلام لأنه يهب أمته العزة والاقتدار والاستقلال، وإن هذا ليزعجهم لأنهم يريدون الشعوب ذليلة تابعة لهم وذلك لخوفهم من استقلالها، وإن هؤلاء يريدون هضم ثروات الشعوب، والإسلام لا يسمح بذلك ولهذا السبب يناصبون الإسلام العداء، وإلاّ فلو كان هنالك من يخدمهم باسم الإسلام، ولم يروا مصالحهم يداهمها الخطر، فإنهم لا يعادون الإسلام، إنهم يرهبون الإسلام لأنه يقف حائلاً دون نزعتهم الاستغلالية ويقف بوجه لصوصيتهم.

إذن لقد اتضح أن هذا مخطط أمريكي ينفذونه متى ما اقتضت الضرورة بمهاجمة بلد مثل العراق عسكرياً، لكنهم يسبقون الهجوم العسكري بنشاطات ثقافية وإعلامية وهجوم سياسي واقتصادي.  

 **************

نص بيان سماحة قائد الثورة الإسلامية

بمناسبة العام الشمسي 1382هجري شمسي

النزعة الدموية للأمريكان

هذه ليست المرة الأولى في غضون السنوات الخمسين الماضية أن تبدأ أمريكا حرباً أو تورط شعباً بآلام وحرب وسفك مهول للدماء، وليست المرة الأولى التي يحاول الأمريكان احتلال بلدٍ ما بالقوة، فلقد شاهدنا سابقاً وقائع أخرى قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية في شرق آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، ومن الظريف انه وبالرغم من الانتصارات التي حققتها أمريكا على المدى القصير في كافة هذه الموارد لكنها تلقّت صفعات قاسية من قبل الشعوب على المدى البعيد، فأين الحكومة التي كانت تدعمها أمريكا في فيتنام ـ فيتنام الجنوبية يومذاك ـ؟

إن الحرب التي شنتها كل من أمريكا وبريطانيا تواجه معارضة حاسمة من الرأي العام العالمي، فلقد أدان أصحاب الرأي في العالم جميعاً والرأي العام العالمي هذه الحرب ومن أشعلها، إذ إن مثيري الحرب الذين يتبجحون باحترام آراء الناس يقومون بفعلهم هذا دون اكتراث للرأي العام، وان هدفهم من احتلال العراق فرض هيمنتهم على منطقة الشرق الأوسط، والاستحواذ على كنوز النفط النفيسة في العراق والمنطقة وحماية الدويلة الصهيونية اللقيطة.

نحن في مثل هذه الظروف ندعو للشعب العراقي، وهذا لا يعني الدفاع عن دكتاتور العراق ونظامه البعثي، فنحن نعرف هؤلاء أكثر من أي أحد، فلقد تلفحت جلودنا ولحومنا وأرواحنا وكذلك شبيبتنا بصواريخهم، وبسلاحهم الكيماوي، وإن مثيري الحروب من الأمريكان والانجليز هم الذين زودوا صدام بمعدات الإبادة وها هم يطالبونه بهذه المعدات واحدةً واحدة، معتبرين أنفسهم حياديين، بناء على هذا فإن دفاعنا هو عن الشعب العراقي الذي يمتلك لوحده الحق في تقرير مصيره ومستقبله، ولا تمتلك أي دولة أو منظمة أخرى هذا الحق حتى المنظمة الدولية، والشعب العراقي العريق الذي يتمتع بحضارة متجذرة وعريقة وشخصيات ورجالات بارزين هو الذي يجب أن يقرر مصيره، وبإمكان أبناء العراق ـ من خلال التصويت والأخذ بنظر الاعتبار مجموع الآراء ـ تقرير مستقبل العراق وحكومته.

إننا ندين هذه الحرب ونعلن مواساتنا ووقوفنا إلى جانب الشعب العراقي، ونعتقد بوجوب توقف هذه الحرب بأسرع ما يمكن، وإذا لم يوقف الغزاة هذه الحرب فإنها ستنتهي بضررهم دونما شك وتعود صدمتها الى نحورهم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 **************

 

الزيف والأكاذيب الأمريكية

الزمان والمكان: 11/ربيع الأول/ 1425هـ ـ طهران

انظروا ماذا يصنعون بالعراق!، انظروا ماذا يصنعون بالشعب الفلسطيني المظلوم!، إن راية مكافحة الإرهاب بيد أمريكا اليوم، وقد أخذت بهذه الراية وطفقت تهجم بهذا الاتجاه وذاك وتلقي بنفسها يميناً وشمالاً قائلة أننا نريد مكافحة الإرهاب!

والآن يمارسون ذات الفعل في العراق فلقد اندلعت المواجهات الأخيرة في العراق ونشبت الصدامات في النجف وكربلاء والبصرة وسائر المناطق عندما أوقف الأمريكان صحيفة تسيء لأمريكا وتنشر ما يعارضها. ألم تقولوا أننا نؤمن بحرية القلم؟، أو لم تكذبوا في زعمكم بأنكم أنصار حرية الفكر والقلم والتعبير؟ لماذا أغلقتم الصحيفة يا ترى؟ ألأنها كتبت ضد المحتلين والجنود الذين اقتحموا ديار الناس؟.

إن ممارسات القتل والقمع هذه تأتي إثر هذه القضية، والأمريكان والإنجليز اليوم لا يمتلكون تبريراً وحجة لوجودهم في العراق، فلقد قالوا أننا جئنا لمكافحة الإرهاب وللدفاع عن حقوق الإنسان ومن أجل إحلال الديمقراطية، فهل هذه ديمقراطية؟، وهل هذه حقوق الإنسان؟، فالمرأة والطفل والرجل والشاب في العراق يرى وهو في دياره وأرضه الأجنبي متسلطاً عليه ومتغطرساً عليه.

في البداية تكتموا على السبب وراء مجيئهم أما الآن حيث أخذ الرأي العام في أمريكا يعلن معارضته قال الرئيس الأمريكي الجاهل في كلمة له قبل أسبوع أو أسبوعين إننا إذا استطعنا استخدام نفط العراق سنكون في غنىً عن نفط البلد الفلاني والبلد الفلاني! أي أنه اعترف بأنهم جاؤوا من أجل النفط، واعترف أنهم لم يأتوا للدفاع عن حقوق الإنسان وعن الديمقراطية، فمصالح الشركات هي التي جاءت بهم إلى هذا البلد.

فلقد تورط الأمريكان في العراق ولا طريق للخلاص أمامهم كذئب علق فمه بالمصيدة، فهو يهمش بمخالبه وينبح، وإذا ما وقع شيء بين يديه يحاول عضه بأسنانه، فما على هذا الذئب المسكين إلاَّ ان يضغط لإخراج فمه من المصيدة كي يستطيع إنقاذ نفسه أو يبقى على هذا الحال، وهؤلاء قد سقطوا في الوحل. فذلك وضع الصهاينة في فلسطين المظلومة وهذا هو وضع هؤلاء في العراق المظلوم، وبالنتيجة ستنتصر قوة المظلومية على قوة الظلم المتهور الطائش الذي يمارسه هؤلاء.  

 **************

بيان القائد بمناسبة الأعتداء على مسجد السهلة وصحن أمير المؤمنين

الزمان والمكان: 6 / ربيع الثاني/1425 هـ ـ طهران

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد كرر المحتلون مرة أخرى اعتداءاتهم الآثمة على مسجد " السهلة" و صحن أمير المؤمنين الإمام علي "ع" خلال الأيام الماضية مما أسفرت هذه الاعتداءات عن استشهاد العشرات على يد القوات الأميركية التي تلطخت أيديها بدماء الشعب العراقي المظلوم .

هنالك شعور يتراود بان ثمة سياسة خبيثة تحاول جعل الأماكن المقدسة في النجف وكربلاء ساحة لإثارة القتال بغية هتك حرمة هذه الأماكن وتركها عرضة للانتهاكات، ومن هذا المنطلق يجب على الشباب الواعي والمؤمن السعي لإحباط مثل هذه السياسات.

إنَّ الإدارة الأميركية لتزعم بان سياسة العنف و الاضطهاد سترغم الشعب العراقي على الاستسلام وتفتح هذه الإدارة أبواب خزائن الثروات و الموارد أمامهم على مصراعيها.

إنَّ هذا الانطباع والأداء الخاطئين لهما نابعان عن غطرسة أولئك، تلك الغطرسة التي ستدفع هذا الكيان التسلطي الفاقد للحنكة نحو الهاوية.

يجب على الأمريكيين أن يكونوا على بينة من كونهم قد منوا بالهزيمة في العراق حتى الآن، وإن مرور الوقت سيصب في ضررهم أيضا.

إنَّ الوهم الذي داعب مخيلتهم عن عراق ما بعد البعث، بمواجهة شعب مكبوح الجماح، لا حول له ولا قوة، ومهزوز، يقيم على أرض ثرّة تعج بالنعم الجلية والخفية، إنما هو ناشئ عن ذات ذلك الغرور الذي جعل عين المستكبر لا ترى إلا جهة واحدة، فساقه نحو الأوهام الحمقاء، ليحجب عنة الحقائق.

يجب على الحكام الأمريكيين أن يدركوا بأن هتك حرمة العتبات المقدسة في العراق، وما ارتكبوه من عنف وحشي على غرار ما حصل في أبي غريب، وما يمارسونه من مجازر ضد الشعب العراقي، وانتهاك لعرضه وكرامته ، وقصفهم للمدن ومنازل المواطنين ، سيجعلهم محط نقمة وسخط الشعب العراقي، إلى الحد الذي لا يمكنهم أن يستشعروا الأمان في ذلك البلد لأمد مديد، فضلا عن تعرضهم لغضب المسلمين وسخطهم المتفاقمين، لاسيما الشيعة منهم في بقية البلدان الإسلامية، بما لا تقل شأواه عما يواجهونه من أبناء العراق .

إنَّ ما تمارسه أمريكا من قمع في العراق ليشكل أنموذجا آخر لسياسة الصهاينة الأوغاد في فلسطين، وهو ما سيضيق الآفاق عليهم أمام أي نجاح، إذ كلما ازداد أوار عنفهم وتصعيد ممارساتهم، كلما مهدوا الاندحار والخذلان لأنفسهم أكثر، وجعلوهما أشد دماراً لهم.

إنَّ مسؤولية الشعوب المسلمة وحكومات الدول الإسلامية تتجلى اليوم في التنديد بهذه السياسة الخبيثة الجائرة، وانه ليجدر بالحكومات الإسلامية أن ترى عبر تحري نظرة تأمل عميقة، أن النكبة التي حلت بالشعب العراقي، هي نكبة تنزل بساحة العالم الإسلامي، وخطر يتهدد الأمة الإسلامية.

إني ومن خلال تقديم التعازي لحضرة بقية الله الأعظم " روحي فداه " أعلن يوم الجمعة, يوم حداد وطني في كافة أرجاء البلاد .

السيد علي الخامنئي

في السادس من خرداد 1383 هجري شمسي

الموافق 26 مايو/أيار 2004م 

 **************

انتهاكات القوات الأمريكية لحقوق الإنسان

15/ ربيع الثاني/ 1425هـ ـ طهران

وها أنتم ترون بلوغ الذروة للابتعاد عن المعنويات في سجن أبي غريب وغيره من سجون العراق التي تدار على يد أولئك الذين جاؤوا لتطبيق مشروعهم الحضاري المتطور، وقد شهد العالم بأسره نتيجة هذا التطور في الصور والأفلام التي تسرّبت من سجون العراق، وأن الفجائع التي حلّت بالشعب العراقي، ومن قبله الشعب الأفغاني لا تنحصر بهذه الأمور.

فقبل عامين قصفت الطائرات الأمريكية حفل زفاف في أفغانستان، وقبل شهر واحد تكرر العمل نفسه في العراق؛ حيث حوّلت الطائرات البريطانية حفلة عرس إلى مأتم.

وبكلمة واحدة: فقد نجم من حذف المعنويات عن الجهاز السياسي إذلال الشعب العراقي، وتعذيب رجالاته، وانتهاك أعراضه، وفرض الحكومة عليه.

معنى الديمقراطية عند الأمريكيين

فقد مضى خمسة عشر شهراً على احتلال العراق، وحتى الآن لم يسمحوا للشعب العراقي أن يختار نوعية الحكومة التي يريدها، وقد تحدث ممثل الأمم المتحدة أمس فقال: (بما أنَّ العراق رازح تحت الاحتلال فلابد من أخذ رأي الحاكم الأمريكي بشأن عناصر الدولة المقبلة بنظر الاعتبار!).

هذا هو معنى الديمقراطية عندهم، بل حتى الديمقراطية المطبّقة في بلدانهم ليست ديمقراطية حقيقية، وإنما هي نوع من الإعلام المزوّق، والأموال التي تنفق في هذا المجال بغير حساب؛ حيث تضيع آراء الناس في زحمتها.

 **************

بمناسبة العام الشمسي 1382هجري شمسي

النزعة الدموية للأمريكان

هذه ليست المرة الأولى في غضون السنوات الخمسين الماضية أن تبدأ أمريكا حرباً أو تورط شعباً بآلام وحرب وسفك مهول للدماء، وليست المرة الأولى التي يحاول الأمريكان احتلال بلدٍ ما بالقوة، فلقد شاهدنا سابقاً وقائع أخرى قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية في شرق آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، ومن الظريف انه وبالرغم من الانتصارات التي حققتها أمريكا على المدى القصير في كافة هذه الموارد لكنها تلقّت صفعات قاسية من قبل الشعوب على المدى البعيد، فأين الحكومة التي كانت تدعمها أمريكا في فيتنام ـ فيتنام الجنوبية يومذاك ـ؟

إن الحرب التي شنتها كل من أمريكا وبريطانيا تواجه معارضة حاسمة من الرأي العام العالمي، فلقد أدان أصحاب الرأي في العالم جميعاً والرأي العام العالمي هذه الحرب ومن أشعلها، إذ إن مثيري الحرب الذين يتبجحون باحترام آراء الناس يقومون بفعلهم هذا دون اكتراث للرأي العام، وان هدفهم من احتلال العراق فرض هيمنتهم على منطقة الشرق الأوسط، والاستحواذ على كنوز النفط النفيسة في العراق والمنطقة وحماية الدويلة الصهيونية اللقيطة.

نحن في مثل هذه الظروف ندعو للشعب العراقي، وهذا لا يعني الدفاع عن دكتاتور العراق ونظامه البعثي، فنحن نعرف هؤلاء أكثر من أي أحد، فلقد تلفحت جلودنا ولحومنا وأرواحنا وكذلك شبيبتنا بصواريخهم، وبسلاحهم الكيماوي، وإن مثيري الحروب من الأمريكان والانجليز هم الذين زودوا صدام بمعدات الإبادة وها هم يطالبونه بهذه المعدات واحدةً واحدة، معتبرين أنفسهم حياديين، بناء على هذا فإن دفاعنا هو عن الشعب العراقي الذي يمتلك لوحده الحق في تقرير مصيره ومستقبله، ولا تمتلك أي دولة أو منظمة أخرى هذا الحق حتى المنظمة الدولية، والشعب العراقي العريق الذي يتمتع بحضارة متجذرة وعريقة وشخصيات ورجالات بارزين هو الذي يجب أن يقرر مصيره، وبإمكان أبناء العراق ـ من خلال التصويت والأخذ بنظر الاعتبار مجموع الآراء ـ تقرير مستقبل العراق وحكومته.

إننا ندين هذه الحرب ونعلن مواساتنا ووقوفنا إلى جانب الشعب العراقي، ونعتقد بوجوب توقف هذه الحرب بأسرع ما يمكن، وإذا لم يوقف الغزاة هذه الحرب فإنها ستنتهي بضررهم دونما شك وتعود صدمتها الى نحورهم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 **************

الشروط التي لابد أن تتوفر في الحكومة العراقية الجديدة

2007-09-02

إنّ الدولة القائمة حالياً في العراق لم تأتِ بانتخاب الناس، ولكن يمكنها أن تسلك سلوكاً تستميل من خلاله جانب الناس إلى صفها، وهذه هي رسالتنا إلى دولة العراق الفعلية، فليست لنا دوافع تجرنا إلى الخصومة معها، ولكننا نقول: إنّ بإمكانها استمالة الشعب العراقي نحوها ولكن بشرطها وشروطها.

فالشرط الأول: أنّ تبتعد عن الأمريكيين ما أمكنها.

الشرط الثاني: إقامة الانتخابات الحرّة في موّعدها المقرر، لينتخب العراق دولته للمرة الاُولى في تاريخه، فإنّ ذلك سيحّسن من صورة هذه الدولة في أنظار الشعب العراقي.

الشرط الثالث: الجدّ في مواجهة الاحتلال، إذ لا يوجد له مبرر منطقي، كما لم يكن هناك توجيه منطقي لدخولهم، بعد أن تبين كذبهم لجميع العالم في تذرعهم بوجود أسلحة الدمار الشامل، وتبين أن لم يكن لهم من هدف سوى نهب النفط واستعراض العضلات، وإيجاد قواعد لهم في المنطقة.

وكل ساعة تمضي على تواجد المحتل تعتبر عملاً غير شرعي يؤدي إلى ارتفاع نسبة البغض لدى الشعب العراقي تجاه المحتل، وقد ارتفعت نسبة الحقد لدى العراقيين عما كانت عليه قبل سنة، حيث شاهدوا خلال هذه المدة همجية الحضارة الغربية في مظاهر التعذيب في سجن أبي غريب، أو قصف مجالس الأعراس وقتل الأبرياء في الشوارع بشكل عشوائي، وعليه يمكن للدولة العراقية الراهنة استهواء قلوب الناس إليها، ولكن بالشروط المتقدّمة.

وأما فيما يتعلق بمحاكمة صدام، فهناك كلام كثير في هذا الشأن يحلله العالم وتسمعونه، إلا أن أهم نقطة ينبغي إدراجها في الادعاء ضد صدام، هي شنه الهجوم على إيران، وهذا لا ندّعيه نحن، ولا شأن لنا بمحاكمة صدام، وإنما نترك هذا للعراقيين أنفسهم، فإنّ الحرب كانت مفروضة علينا وعليهم؛ إذ إنّ الشعب العراقي كان مكرهاً على الحرب، ودفع ثمنها من الغالي والرخيص والأرواح والأموال.

فعلى الشعب العراقي حالياً أن يمسك بصدام من تلابيبه ومعاقبته على هذه الجريمة الشنيعة التي أججها بين الشعبين المتآخيين والرفيقين الحميمين على مر العصور، وسوف لا يكون الإعدام مرة واحدة كافياً في حقّه، وسوف لا يكون الحكم مقتصراً على صدام، وإنما أبرز الوجوه الإجرامية التي ستحاكم أيضاً في هذه المحكمة هو النظام الأمريكي؛ لأنه هو الذي أعان صدام على إجرامه بإعطائه الضوء الأخضر في استخدام الأسلحة الكيميائية.

فإنّ وزير الدفاع الأمريكي هذا الذي يبرز أحياناً على شاشات التلفزة بوجهه المنحوس ليتعرض بكلامه على الشعب الإيراني قد توجه إلى بغداد بعد فاجعة حلبجة وصافح صدام على جريمته النكراء، وزوده بالصور التي التقطتها أقمارهم الصناعية لتدله على مواقع تجمع قواتنا المسلحة،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته