الرسالة التاريخية التي وجهها قائد الثورة الإسلامية إلى شباب أوروبا وأميركا الشمالية، والتي أصبحت حديث الساعة تزخر بالمفاهيم الراقية الجديرة بالتأمل والتحليل.

قبل أن تقوم الإذاعة والتلفزيون ببثّ نصّ رسالة السيد علي الخامنئي تداولتها شبكات التواصل الاجتماعي مما ينمّ عن أهميتها لدى جيل الشباب وتعطشهم لفهم الحقائق.

ما زالت أصداء الرسالة التاريخية التي وجهها قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي الخامنئي إلى شبان أوروبا وأميركا الشمالية تدوي في وسائل الإعلام العالمية بمختلف توجهاتها وقد صدرت العديد من ردود الافعال حولها في مختلف الأوساط الدولية الرسمية وغير الرسمية فموقع " Foreign policy" الخبري على سبيل المثال ذكر تقريراً حولها واعتبرها غير متوقعة وجاء في هذا التقرير: "آية الله الخامنئي وجه رسالة إلى شباب أوروبا وأميركا الشمالية يدعوهم فيها إلى معرفة الإسلام على حقيقته قبل أن ينظروا إليه من زاوية ضيقة".

وقد دون عضو الهيئة التدريسية في جامعة الفنون الدكتور شهاب إسفندياري بعض جوانب هذه الرسالة القيمة تم نشرها في موقع " khamenei.ir" حيث ذكر بعض مكامنها التي تدعو إلى التأمل والتعمق في فهم الحقائق لكونها رسالة تاريخية ستدون كسند تتداوله الأجيال على مر العصور حيث قال:

في عام 2005 م وبعد عامين من أحداث الحادي عشر من سبتمبر قام أربعة انتحاريين بتفجير أنفسهم في بعد نواحي العاصمة البريطانية لندن الأمر الذي أسفر عن مقتل 52 شخصاً وجرح أكثر من سبعمائة آخرين وقد أعلنت الشرطة بان المدبر لهذه العمليات هو شخص يدعى "محمد صديق خان" وهو يقطن مدينة ليدز وقد هاجر والداه إلى بريطانيا قبل عد عقود حيث بثت قناة الجزيرة تصريحات له خلقت الذعر في نفوس البريطانيين وبعد ذلك أصبحت صورته تعكس شخصيات العرب - المسلمين الإرهابيين في وسائل الإعلام الغربية ولكنه مع ذلك لم يكن غريباً وافداً على هذا البلد من الخارج بل انه نشأ وترعرع هناك ولولا وجهه الشرقي الأسمر لما شك احد في لهجته الانكليزية.

ذكرت الشرطة البريطانية أن هذا الإرهابي كان قد شد الرحال نحو باكستان وأفغانستان في مقرات تنظيم القاعدة الإرهابي ولأول مرة استخدم المتحدث كلمة " Radicalization" وبعد ذلك أصدرت الحكومة البريطانية قراراً يجيز للشرطة باعتقال أي شخص يشك فيه لمدة 90 يوماً على ذمة التحقيق حتى وان لم الأدلة كافية لكن ذلك واجه نقداً واسعاً من بعض الأحزاب والمثقفين والجامعيين لأنه يفسح المجال للتضيق على الحريات العامة.

وتوالت الأحداث وأصبحت هذه القضية مادة إعلامية دسمة لتحقيق مآرب سياسية وفئوية ولترويج الاسلاموفوبيا فتزايدت الهجمة الإعلامية الشعواء الموجهة ضد الإسلام والمسلمين ولكن يمكن القول إن إقدام أي شخص لإقامة علاقات مع الآخرين يبدأ بالخطاب وهذا الخطاب بالطبع يجب أن يكون باحترام ومن الجدير بالذكر أن الكثير من المسلمين وحتى بعض المفكرين المسلمين لديهم انطباع عن الشبان الغربيين بأنهم مشوشون ذهنياً وغارقين في الفساد والغفلة والضلال فيما يظن البعض أن الحضارة الغربية غارقة في المسالك الشيطانية الضالة.

فإلى جانب بعض المتعبدين بالغرب هناك أشخاص يناهضونه اثر الصورة الذهنية المنطبعة لديهم حول الغرب المنحرف وكذا هو الحال لدى المجتمعات الغربية فهناك القليل منهم من يعرف الإسلام على حقيقته والكثيرون، بل الغالية العظمى منهم لا يعرفون عن الإسلام شيئاً وبالأخص الشباب حيث ينظرون إليه من زاوية ضيقة صورتها لهم وسائل إعلامهم المنحرفة ومسؤولوهم المتصيدون في الماء العكر بسبب بعض الأفعال الإرهابية التي ارتكبها أناس تربوا وتغذوا على أيادي المستكبرين الغربيين بهدف تشويه سمعة الإسلام الحقيقي ومن هذا المنطلق جاءت الرسالة الحكيمة لقائد الثورة الإسلامية لتخاطب الذهن الغربي وتكشف له عن المستور وفق رؤية هي في غاية الدقة والظرافة إذ انه قبل أن يدعو الشبان الغربيين إلى تغيير رؤيتهم وعدم الحكم على الإسلام دون أسس منطقية نجده يصور لهم بعض الأحداث والوقائع المنطبعة في أذهانهم ويصف الشباب بأنهم يبحثون عن الحقيقة وان قلوبهم أكثر وعياً وإدراكا لكونهم يمتلكون توجهات منطقية يرومون من ورائها تمييز الحق عن الباطل.

ويمكن اعتبار هذه الرسالة التاريخية بأنه تتمحور حول أمرين أساسيين احدهما الحوار الصادق والآخر التصدي للإرهاب الأعمى حيث أكد سماحته على أن القوى الغربية التي أنشأت الإرهاب التكفيري وروجت له ودعمته بكل ما أوتيت من قوة بغية تشويه صورة الإسلام النزيهة أصبحت اليوم لقمة يلتهما نفس هذا الإرهاب الذي لا يعترف بالإنسانية وليس له دين من الأساس لذلك فان القوى الغربية في الحقيقة لا تحارب الإرهاب وما تفعله مجرد مزاعم واهية.

لقد اعتبر قائد الثورة الإسلامية أن الشبان الغربيين يختلفون عن الساسة الذين يحكمون بلدانهم لكون حكوماتهم تدعم الإرهاب وتغذيه بكل ما يحتاج إليه في حياته السوداء.

ومن الجدير بالذكر هنا أن سماحته بصفته زعيماً دينياً له الريادة بين المسلمين فهو لا يدعو إلى تغيير مفهوم الدين، بل يطالب الشباب بان يفهموا الدين على حقيقته وان يعرفوا الإسلام الحقيقي من مصادره الصحيحة لأنه دين سلام ومحبة في حين أن الإرهاب الأعمى لا يمت إلى هذا الدين القيم بأية صلة لا من قريب ولا من بعيد وإنما هذه مؤامرة يريد منها أعداء الإسلام تشويه صورته النزيهة وإبعاد الشباب الغربيين عنه.

فهذه الرسالة العظيمة كانت لها أصداء واسعة وما زالت وسوف تبقى تدوي في الأفق لأنها منبعثة من منطق صادق وقلب أمين وإنسان رؤوف لذلك قبل أن تقوم مؤسسات الإذاعة والتلفزيون ببثّ نصّها فقد تداولتها شبكات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع مما ينمّ عن أهميتها لدى جيل الشباب وتعطشهم لفهم الحقائق ويمكن القول بضرس قاطع بأنها وجهة ضربة صاعقة لكل من يروج للاسلاموفوبيا والإرهاب التكفيري المناهض للإسلام قبل كل شيء.

المصدر: وكالة أنباء فارس