ثورة الانتصار للمظلومين والتصدي للاستكبار

2008-02-05

بعد مضي ما يقارب الثلاثة عقود على انتصار ثورة إيران الإسلامية بقيادة الراحل العظيم آية الله العظمى الإمام الخميني(قدس سره)، ومآثر جماهير الشعب في هذا البلد المؤمن المجاهد، يتعزز اعتقاد أميركا وحليفاتها في منظومة الاستكبار العالمي، بعدم إمكانية التحكم بمجريات الأحداث والتطورات في إيران، ناهيك عن استحالة إعادة الأوضاع، إلى ما كانت عليه من تبعية وامتهان أيام النظام الشاهنشاهي البائد.

ربما كانت واشنطن ومن معها، سترضى بالتغاضي عن الاستقلال الناجز الذي حققته طهران سياسياً واقتصادياً وثقافياً بل وحتى علمياً، لو أنّ الأخيرة احتفظت لنفسها بهذا المكسب الذي يعتبر(فلتة) حسب طبيعة السياسة الدولية التي تتحكم بها مصالح الأقوياء وأصحاب القوة والمال العالميين.

بيد أن المثير للقلق، هو عدم استعداد الجمهورية الإسلامية الإيرانية بحد ذاتها بأن يكون مشروعها الإسلامي التحريري، مشروعاً جامداً انكفائياً، أو عبارة أخرى مشروعاً قطرياً لا يأخذ بنظر الاعتبار كل ما تتعرض له لأمة العربية والإسلامية من ضغوط ومظالم وتحديات.

لقد توقعت كواليس صنع القرارات العالمية ومراكز الدراسات التابعة لها في الغرب والشرق معاً، أن يكون هاجس الإيرانيين قيادة وحكومة وشعباً، التفرغ للشأن الداخلي، وتفعيل أو إحياء المفاصل الحساسة والأساسية في إيران، والذي اتهم الشاه المقبور وبطانته بتسخيرها تبعاً للسياسات الأمريكية والإسرائيلية، وخدمة لمصالحها.

لكنها فوجئت بالثورة الفتية وهي ترفع شعاراً جدلياً مرعباً هو (اليوم إيران وغداً فلسطين). ربما أصيب الأميركان والسوفييت(آنذاك) والبيادق الأخرى في المعسكرين الغربي والشرقي معهما بالدهشة أمام هذا الشعار، لكنهم مالبثوا أن صاروا أمام مشهد آخر أكثر هولاً وأشد صدمة عليهم، عندما شاهدوا الجماهير الإيرانية المجاهدة تكنس السفارة الإسرائيلية من طهران وتنزل علم الكيان الصهيوني من ساريته لترفع محله العلم الفلسطيني.

المؤكد أن هذا الموقف كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير في مسيرة العلاقات القادمة بين طهران والعواصم الأخرى المتواطئة مع المشروع الصهيوني في الشرق الأوسط.

فمنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا تعمل منظومة الاستكبار الأميركي ـ الأوروبي ـ الإسرائيلي، على قدم وساق لاحتواء هذا التوجه الرسالي الذي التزمته الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فضلاً عن وضع العراقيل والكوابح المتتالية أمام عجلة التنمية والتقدم في إيران في جميع المجالات، ومحاصرتها في المحافل الإقليمية والدولية بالاستناد إلى مزاعم كاذبة، يشعر بها حتى أولئك الذين لا يعرفون ألف باء السياسة.

ومع ذلك استطاع الإيرانيون وقياداتهم الحكيمة، تخطي أصعب الضغوط وأعقد المراحل، باتجاه تطبيق الأهداف والتطلعات التي ثاروا وقدموا التضحيات الكبرى من أجلها.

وربما يعطي المراقبون الحق للولايات المتحدة الأميركية في أن تصاب بالعصاب وفقدان السيطرة على نفسها، وأحياناً بتجرع مرارة الهزائم والإخفاقات، هي وربيبتها المتعجرفة إسرائيل، أمام صمود وتقدم المارد الإسلامي ليس في إيران وحسب وإنما في لبنان وفلسطين والعراق ومناطق أخرى من العالم، بيد أننا وأن كنا نشعر بالغبطة والارتياح حيال ما آلت إليه سياسات العريدة والطغيان من سقوط وانكسارات هنا وهناك. فإنه يهمنا أن نؤكد على مسألة قد يعتبرها البعض عابرة أو ليست ذات شأن، لكنها في وجهة نظرنا كثوريين متدينين أساسية بل ومصيرية أيضاً.

هذه المسألة هي أنه كلما اقتربنا من الإسلام والقرآن وحقائق السنة النبوية الشريفة، كلما ازددنا ثقة بالنفس، وفي إمكانية تحمل الشدائد وصنع المعجزات والاستزادة من الانتصارات المدعومة بالمدد الإلهي، ومن لا يصدق فإن أمامه خيارين: أما أن يطالع الإسلام بتفاصيله كما نصح الإمام الخميني (قدس سره) الزعيم السوفييتي الأسبق غروباتشوف، أو أن يصر على العناد، وأمثال هؤلاء ليسوا أهلاً للنصح، لكن يمكننا أن نقول لهم أن شئتم اذهبوا وأشربوا من ماء البحر. التحرير