منجزات الثورة الإسلامية الإيرانية في المجالات السياسية
2007-08-20
لقد انتصرت الثورة الإسلامية الإيرانية في ظرف دولي كان يشهد نظام القطبين العالميين، وطرحت نفسها كقوة ثالثة غيرت موازين القوي لصالح دول العالم الثالث وخاصة العالم الإسلامي.
وأكدت الثورة الإسلامية على الصعيد الخارجي ضرورة رفض التسلط الأجنبي وقامت الثورة وانتصرت في إيران ذات الموقع الجغرافي والاستراتيجي المهم في الشرق الأوسط الذي يعتبر مركزاً لأهم الأزمات والأحداث السياسية والاقتصادية و الاجتماعية مما أكسبها أهمية خاصة.
واقتضى قيام الثورة وانتصارها في مثل هذه المنطقة وعلى صعيد العالم الإسلامي وهي منطقة مبتلاة بأزمات قديمة ومتجذرة كقضية فلسطين وأزمات مرحلية وعميقة كأزمة أفغانستان، كشمير والعراق والبوسنة و..الخ وتتطلب أن تنتهج الثورة نهجاً فعالاً ومثابراً في ميدان السياسية الخارجية.
وعلى هذا الأساس فقد تبلورت مبادئ السياسة الخارجية الإيرانية منذ البداية بشكل واضح وجلي.
ومن هذه الأصول والمبادئ: الاعتراف الرسمي بالمؤسسات والمنظمات الدولية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لباقي البلدان، والتأكيد على اجتناب جميع البلدان للتوتر وإدانة التدخلات السلطوية للآخرين ومساندة الحلول السياسية السلمية للمشاكل بدلاً من أساليب القوة والعنف.
وهناك جملة من المواقف المبدئية للجمهورية الإسلامية تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية يمكن الإشارة إليها في هذا المجال.
الخطوات العملية في تقوية العلاقات وتعزيز التعاون الإقليمي والعالمي
ألف - المواقف الأساسية والخطوات العملية في ميدان السياسة الخارجية:
1ـ معارضة الإرهاب:
إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعلن معارضتها للإرهاب لأنها هي نفسها كانت ضحية حقيقية للإرهاب الذي مارسته وأسندته بعض البلدان الأجنبية، وتطلب الجمهورية الإسلامية من هذه البلدان الامتناع عن التعامل الانتقائي مع ظاهرة الإرهاب وأن لا تسمح لأنصار المنظمات الإرهابية أن يستغلوا تعاملها المزدوج والانتقائي، من أجل ترويج ونشر أساليبهم الإرهابية واللاانسانية.
وان الإسلام يرى أن ظاهرة الإرهاب المشؤومة وسفك دماء الأبرياء عمل ذميم منكر ومدان، والماضي يدل على أن الإرهاب الأعمى والعشوائي وبقية الإجراءات المعادية للإنسانية ارتكبت من قبل الذين يريدون تضليل الرأي العام عن سياساتهم الفاشلة .
2ـ عدم إنتاج وإشاعة الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل.
برهنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية على التزامها بالموازين والقوانين الدولية وعلى معارضتها لاستثمار الأموال في سبيل إنتاج أسلحة الدمار الشامل، وذلك بالتوقيع على الميثاق الدولي لمنع إنتاج الأسلحة الكيمياوية والمصادقة على ذلك في مجلس الشورى الإسلامي.
ودعت إيران البلدان النامية إلى التضامن أكثر فأكثر من أجل منع أي احتكار و سيطرة على الصناعات العالمية من قبل الدول الصناعية المتطورة, واعتبرت ذلك محاولة لزيادة الحواجز والفواصل بين البلدان النامية والمتطورة.
وان أنشطة الجمهورية الإسلامية في مجال الاستفادة من الطاقة النووية للأغراض السلمية تتمتع بالوضوح والشفافية وتنسجم مع المعايير والموازين الدولية و معاهدة منع إشاعة الأسلحة النووية.
وان إيران ترى أن التنمية والتطور حقها المشروع والقانوني وهي لن تحرم نفسها من التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية في سبيل التطور والتنمية.
3ـ التأكيد على الاستقلال والسيادة ووحدة التراب الوطني ورفض الهيمنة:
ترتكز السياسية الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد انتصار الثورة الإسلامية على أساس متطلبات وقيم المجتمع البشري، وهي عبارة عن رفض الهيمنة والتسلط وصيانة الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية.
وترى الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن تطور وازدهار المجتمع البشري يتحققان في ظل السلام والأمن العالمي، والحوار والتفاهم بين الشعوب والتعاون الإقليمي والدولي.
كما تؤمن إيران الإسلام بأن المبادئ المعترف بها بين الشعوب المتحضرة كاحترام مبدأ السيادة والاستقلال ومعتقدات الشعوب وحريتها، تساعد على تعزيز الروابط والرقي الثقافي بين الشعوب، وتعتبر السبيل الأفضل للوصول إلى السلام والأمن الدولي في الظروف العالمية الحالية التي ارتبطت فيها مصائر الشعوب ببعضها أكثر من ذي قبل.
وتعتبر الجمهورية الإسلامية مبدأ حياة الشعوب وتقريرها لمصيرها بحرية، أحد الحقوق الأساسية والفطرية للإنسان وأن شرعية ومقبولية المنظمات والمحافل الدولية والقوانين العالمية والعلاقة بين الحكومات رهينتان بمدى اهتمام تلك المنظمات
والحكومات لمدى صيانة ومراعاة هذه الحقوق.
4ـ التأكيد على التعاون الإقليمي:
إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تؤكد على مبادئها الثابتة والمرتكزة على أساس تعزيز وتطوير العلاقات مع البلدان المجاورة والمسلمة وخاصة دول الخليج الفارسي.
وتؤمن الجمهورية الإسلامية دائماً بأن التعاون بين بلدان المنطقة هو السبيل الوحيد لإرساء أسس الاستقرار والأمن في هذه المنطقة الإستراتيجية من العالم، وتعتبر أن ذلك يندرج في سياق ترسيخ وإقرار أسس السلام والاستقرار العالمي.
ولاشك أن استمرار التعاون بين بلدان المنطقة من شأنه تعزيز علاقاتها وتمتين روابطها وحل سوء التفاهم ـ إن وقع ـ فيما بينها وتقوية الثقة المتبادلة بين البلدان.
5 ـ التأكيد على مبدأ احترام حقوق الإنسان:
يرى الإسلام والجمهورية الإسلامية في إيران أن لحقوق الإنسان المادية والمعنوية أهمية ومنزلة سامية ويوليها أهمية استثنائية، وقد أدى عدم الاطلاع على النظام الحقوقي والسياسي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى قناعات وتصورات خاطئة.
وان تحسُّن أوضاع حقوق الإنسان والتعاون الدولي ينبغي أن يتم بعيداً عن أي خلاف عقيدي، ودون استناد إلى معلومات واهية وغير موثوقة ومبالغة.
وفي رأي الجمهورية الإسلامية لا ينبغي استغلال موضوع حقوق الإنسان كفرصة للمواجهة ين البلدان الغربية والقيم الإسلامية.
وان تعاون الجمهورية الإسلامية مع مقرري ومفتشي منظمات حقوق الإنسان في إيران يدل على مدى اهتمام إيران بتحسين وضع حقوق الإنسان في العالم, وينبغي أن لا تستغل بعضالقوى الكبرى هذا الموضوع كوسيلة سياسية للضغط بواسطتها على باقي البلدان.
6ـ الدفاع عن حقوق المسلمين- النهضة الإسلامية الفلسطينية:
إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ترى أن سياسات الكيان الصهيوني توسعية وتحقيرية، وتساند التضامن الإسلامي لمواجهة تهديدات هذا الكيان، وباعتبارها حاملة راية جبهة تحرير القدس الشريف والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ترحّب بأي خطوة من شأنها تأمين بلوغ هذه الأهداف.
وتعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن استمرار جرائم الكيان الصهيوني تدل على عدم إمكانية تغير الطبيعة الوحشية والعدوانية للكيان الغاصب للقدس، وتدعو الأمة الإسلامية أن تبذل ما في وسعها لردعه عن مواصلة هذه السياسات، عبر إظهار قدر أكبر من التضامن والتكاتف واتخاذ المواقف الحازمة تجاهه.
فمواجهة الكيان الصهيوني تتطلب موقفاً موحداً وقوياً من قبل المسلمين من أجل إحقاق حقوق الشعب الفلسطيني وتحرير جميع الأراضي المحتلة.
وان الجمهورية الإسلامية لتدعو كل البلدان الإسلامية والعربية لبذل كل مساعيها وتوظيف جميع إمكاناتها لتحرير قبلة المسلمين الأولى وجميع أرض فلسطين المحتلة وإحقاق الحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني، وفي ظل الاتحاد والتضامن الإسلامي، وان لا تغفل لحظة واحدة عن مواجهة الأطماع الصهيونية والسعي الجاد للمساعدة على إقرار الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط وإحقاق حقوق الشعب الفلسطيني.
7ـ أمن الخليج الفارسي :
كانت قضية الأمن والاستقرار في الخليج الفارسي الهم الشاغل على الساحة الدولية طيلة العقود الماضية ولم تفقد أهميتها في أي حين من الأحايين بل استحوذت دائماً على اهتمام المجتمع الدولي.
فالأمن القومي والازدهار الاقتصادي والنجاح في دول الخليج الفارسي لها علاقة وثيقة بإرساء الأمن وإشاعة الاستقرار في الخليج الفارسي الذي تتجسد أهميته الفائقة لجميع البلدان المطلة علية من خلال ارتباطها عبره بالمياه الدولية والاستفادة من مصادره وثرواته.
بالإضافة إلى ذلك، فان منطقة الخليج الفارسي تعتبر مصدراً للطاقة،لا يقبل التعويض أو الاستبدال لعدد كبير من بلدان العالم، وهي بذلك تلعب دوراً أساسياً في استقرار الاقتصاد العالمي، وازدادت أهمية الخليج الفارسي خصوصاً بعد إقامة خط سكة حديد طريق الحرير في منطقة سرخس نظراً لتمكُّن بلدان آسيا الوسطي المستقلة حديثاً عن الاتحاد السوفيتي السابق من الاستفادة منه، مما يجعل أمن بلدان آسيا الوسطى ـ أو على الأقل بعض النواحي الأمنية لهذه البلدان ـ مرتبطاً بالخليج الفارسي.
وان احترام الوضع القائم حالياً من أجل صيانة استقرار بلدان المنطقة، والمحافظة على السيادة الوطنية والاستقلال السياسي والحدود الدولية لجميع بلدان منطقة الخليج الفارسي وعدم التدخُّل في الشؤون الداخلية لهذه البلدان أمر ضروري مما يستدعي تعزيز مفهوم النظرة المستقبلية والقيام بخطوات من شأنها تحقيق الطمأنينة وبناء الثقة بين بلدان المنطقة، وينبغي تحديد آلية ذلك عن طريق الحوار، في إطار مؤسسة تشرف عليها منظمة الأمم المتحدة وبمشاركة كل دول المنطقة.
إن إقرار الأمن في الخليج الفارسي لا يتسنى إلا بتطبيق الأمور التالية وبتعاون وتعاضد بلدان المنطقة:
1ـ عدم تخطي الحدود الدولية القائمة.
2ـ احترام السيادة الوطنية ووحدة التراب، في جميع البلدان.
3ـ تنظيم ترتيبات الأمن الجماعي.
4ـ اتخاذ التدابير اللازمة للحد من مشتريات السلاح.
5ـ التزام جميع البلدان بمعاهدة منع إنتاج واستخدام الأسلحة الكيميائية وميثاق منع إنتاج الأسلحة النووية.
6 خفض النفقات العسكرية.
7ـ الكشف عن القدرة التسليحية لكل بلد بالإعلان عن ذلك.
وان تعزيز التعاون في مجالات التجارة والاقتصاد والبيئة بين هذه الدول، والتي لها إمكانات عظيمة في هذا المجال، سيساعد في الالتزام بالنقاط المذكورة آنفاً.
ب ـ الخطوات العملية في تقوية العلاقات وتعزيز التعاون الإقليمي والعالمي.
1ـ مؤتمر القمة الإسلامية بطهران والعلاقات مع البلدان الإسلامية.
يعتبر نجاح طهران في استضافة مؤتمر القمة الإسلامي والذي افتتح بكلمة مهمة ألقاها قائد الثورة و كلمة أخري لرئيس الجمهورية الإسلامية من الحوادث السياسية المهمة في تاريخ الثورة، بل في تاريخ البلاد خلال الخمسين عاماً الأخيرة, و لقد أتاح اشتراك البلدان الإسلامية الكبرى في هذا المؤتمر على مستوى عالٍ، فرصة للتباحث بشأن القضايا الحساسة والمصيرية في البلدان الإسلامية كقضية فلسطين ولأجل جذب اهتمام العالم الإسلامي إليها.
وقد أعطت إقامة مثل هذا المؤتمر الكبير الشعب الإيراني مكانة لائقة وسامية وضاعفت من عزة ورقي واقتدار الجمهورية الإسلامية في أنظار العالم .
وفندت إقامة هذا المؤتمر جميع المزاعم التي كانت ترددها القوى الكبرى طيلة السنوات الماضية من أجل فرض العزلة على إيران على الصعيد العالمي، وتشويه معالم رسالة الثورة الإسلامية.
وكان المؤتمر فرصة طيبة للبرهنة أمام الجميع على أن أمن البلاد ومصالحها تعززا أكثر من أي وقت آخر.
إن إكمال الاستعدادات اللازمة لإقامة مثل هذا المؤتمر الكبير واستقبال مئات الضيوف الأجانب رفيعي المستوى، واحتضان مراسلي وسائل الإعلام العامة واستضافتهم على أحسن وجه ممكن وتأسيس وإنشاء قاعة المؤتمر خلال فترة قصيرة جداً يدل على مدى كفاءة القدرات والطاقات الوطنية كما يدل على قوة عزم المدراء والخبراء والمتخصصين المحليين وقدرتهم على القيام بالمهام الصعبة والكبرى، اعتماداً على الخبرات والطاقات المحلية.
ولا شك أن مثل هذه التجربة القيّمة تعتبر نقطة مضيئة للبرهنة على مبدأ الاكتفاء الذاتي في جميع الميادين والمجالات.
2ـ العلاقات مع دول آسيا الوسطى والقفقاز.
لقد أدى انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي وظهور وتأسيس 15 جمهورية مستقلة إلى حصول تنافس، وظهور فرص كثيرة للاستثمار في المنطقة, واثر ظهور هذه الجمهوريات برزت هناك آفاقاً اقتصادية جديدة وازداد التعاون السياسي بين بلدان المنطقة.
وهذه هي المرة الأولى التي أصبح بمقدور دول الكومنولث وروسيا الفدرالية نفسها استخدام أقصر الطرق للوصول إلى المحيط الهندي.
والى جانب رغبة الشعوب بتعزيز العلاقات فيما بينها نظراً لارتباطها بالكثير من الأواصر التاريخية، أخذت تظهر باقي العلاقات والأمور، ونتيجة لهذه التغييرات التي حصلت على مقربة من الحدود الشمالية لبلادنا، حصلت منطقة فراغ, وبالطبع فان هذا الفراغ لا يمكن أن يبقى على المدى البعيد، ولهذا السبب فان كثيراً من القوى الأجنبية كانت تترصد وتتحين الفرصة لملء الفراغ المذكور.
ولو لم تكن الجمهورية الإسلامية تتمتع باليقظة والحذر لتمكنت تلك القوى الأجنبية من استغلال الفرصة ونشر حالة الاضطراب والقلق على طول الحدود الشمالية للبلاد, ولا يمكن والحال هذه أن تقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية مكتوفة الأيدي تجاه ذلك وأن لا تبدي أي رد فعل على ما يحصل على حدودها الشمالية من صراع التوجهات والأفكار المختلفة حيث أن ذلك يهدد أمنها الوطني بالخطر, وفي ظل هذه الظروف لم تكتف بمراقبة الأحداث المتغيرة والسريعة وحالة الانهيار وتفكك النظام الأمني الروسي دون أن تحرك ساكناً، فلذلك قامت بإعطاء سياستها الخارجية في آسيا الوسطى والقفاز أولوية كبرى، وكرست جل اهتمامها لأجل الحفاظ على استقلال وسيادة ووحدة أراضي هذه البلدان المستقلة حديثاً، والمحافظة على السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.
وبديهي أن إيران ـ وبدلاً من أن تفكر بمصالحها القريبة المدى ـ فضلت أن تنعم بالرخاء والطمأنينة والتفكير البعيد المدى، وهو يعدّ ضماناً لأمن والاستقرار شعوب المنطقة وتطورها.
وفي بداية الأمر، بُذلت جهود حثيثة وضخمة لإسقاط السياسة الخارجية الإيرانية وتشويه صورتها، إلا أنه ولحسن الحظ فان وعي شعوب المنطقة ويقظتها نتيجة للتجانس التاريخي والثقافي والانسجام الاجتماعي لبلدان آسيا الوسطى والقفقاز مع إيران أدى إلى إحباط كل تلك الجهود الخائبة وذهابها أدراج الرياح بعد أن حاولت إيجاد الشكوك وزرع الظنون، وفي الوقت الحاضر فان تعزيز العلاقات وتقوية الروابط بين إيران وبلدان المنطقة يجري بشكل يبعث على الارتياح.
إن الإيمان الراسخ للجمهورية الإسلامية الإيرانية بالمبادئ والأصول التي سنشير إليها آنفاً يعتبر إطارا أساسياً يستند إلى إقرار الأمن وتوطيد أسس السلام والاستقرار في البلدان المجاورة سواء كانت في منطقة الخليج الفارسي أم في آسيا الوسطي:
1ـ إن الأمن الوطني جزء لا يتجزأ من السلام والاستقرار والأمن الإقليمي، ولا ينفصل عنه.
2ـ إن الأمن الوطني جزء لا يتجزأ من الرقي والتنمية الاقتصادية في المنطقة ولا ينفصل عنه.
3ـ إن الازدهار والتنمية الوطنية جزء لا يتجزأ من التنمية والتطور على الصعيد الإقليمي ولا ينفصل عنه.
وستكون جهود الجمهورية الإسلامية لتعزيز التعاون الإقليمي ذات نتائج طيبة لجميع شعوب المنطقة.
وبعبارة أخرى يمكن القول بأن توثيق الأواصر بين إيران ودول آسيا الوسطى والقفقاز وتعميق العلاقات بينها يعتبر جزء من المسار الطبيعي المتعلق بمكانة وموقع إيران الجغرافي في تركيبة المنطقة.
ويمكن دراسة العلاقات بين إيران وآسيا الوسطى والقفقاز على أساس ثلاثة مبادئ وأصول مختلفة سنذكرها آنفاً.
أولاً: العلاقات الثنائية:
كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية من بين أوائل الدول التي اعترفت رسمياً باستقلال هذه الجمهوريات السوفيتية سابقاً في جميع المنظمات والمحافل الدولية.
وللجمهورية الإسلامية علاقات دبلوماسية على أعلى المستويات وبصورة كاملة مع جميع دول آسيا الوسطى والقفقاز وسبق لها أن وقعت العديد من الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والثقافية معها، وتمارس العديد من الشركات الإيرانية أنشطتها في مجالات الإنتاج والخدمات وأعمال البناء والزراعة، في البلدان المذكورة.
كما توجد رحلات جوية مباشرة بين طهران وعواصم كل تلك البلدان وتتحرك أعداد كبيرة من الشاحنات في طرق المواصلات البرية الإيرانية من إيران باتجاه هذه الدول وبالعكس، وتمر شاحنات تلك الدول إلى تركيا عبر الأراضي الإيرانية .
وتوجد العديد من صور التعاون والمشاريع المشتركة بين إيران وبلدان آسيا الوسطى وأذربيجان ، في مجال استخراج ونقل النفط والغاز والمثال المناسب طرحه حول الموضوع هو نقل الغاز الطبيعي من تركمنستان إلى أوروبا عن طريق إيران، وبرنامج الاستفادة من الغاز الطبيعي التركمنستاني في المدن الشمالية لإيران ومن جملتها محطة (نكا) لتوليد الطاقة الكهربائية، وإسهام إيران في كونسرسيوم (شاه دنيز) بأذربيجان, ونقل الغاز الطبيعي الإيراني إلى نخجوان وأرمينيا، ومن هناك إلى جورجيا وأوكرانيا والبرامج المتعلقة بنفط كازاخستان.
ووفقاً للدراسات الأخيرة، فبما أن إيران تطل على سواحل الخليج الفارسي وبحر عمان وكذلك تطل تركيا وباكستان على المياه الحرة والدولية، فسيكون بمقدورها أن تكون منفذاً وممراً لصادرات النفط والغاز في هذه البلدان إلى أوربا وشبه القارة الهندية وباقي أنحاء العالم.
وبناء على ذلك، فان أقصر الطرق وأكثرها اقتراناً بالناحية الاقتصادية وقلة التكاليف وأكثرها أمناً من آسيا الوسطى إلى الأسواق العالمية، هي الطرق الإيرانية.
كما أن الإمكانات الكبيرة المتوافرة في إيران كأنابيب نقل النفط والمحطات
والمرائب والمواقف والأرصفة، تجعل إيران أهم مسير وأسهل طريق لصادرات النفط.
ثانياً: العلاقات الثلاثية:
تعتبر العلاقات الثلاثية أحد الأساليب الفريدة في الروابط بين إيران وبلدان آسيا الوسطى والقفقاز وتسهم العلاقات الثلاثية في سد الفراغات الموجودة على صعيد العلاقات الثنائية.
وبما أن الهياكل الاقتصادية والأنظمة المعمول بها حالياً تستند إلى أسس وركائز النظام الاشتراكي السابق، فان اقتصاد بلدان آسيا الوسطى والقفقاز يدور حول محور إنتاج نوع واحد من البضاعة.
وبما أن إيران تتمتع بتنوّع كبير واقتصاد متعدد النواحي والخصائص فإنها تستطيع أن تلعب دوراً مهماً في ربط اقتصاديات هذه البلدان بعضها بالبعض الآخر.
ثالثاً: العلاقات الإقليمية لإيران مع دول آسيا الوسطى عن طريق منظمة التعاون الاقتصادي (اكو) ومجلس تعاون البلدان المطلة على سواحل بحر الخزر :
تؤمن الجمهورية الإسلامية بأن تعزيز التعاون الإقليمي يعتبر أفضل أسلوب لتأمين السلام والاستقرار والأمن في المنطقة.
وعلى هذا الأساس، غدا ترغيب وحث دول المنطقة لتعزيز التعاون فيما بينها من أبرز خصائص ومعالم السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية ومبادرة إيران إلى تأسيس منظمة التعاون الاقتصادي(اكو) تعتبر دليلاً ساطعاً على النيات الخيّرة لها.
وتلعب منظمة التعاون الاقتصادي دوراً خاصاً وتتمتع بأهمية خاصة في الاقتصاد العالمي نظراً لكونها تسعي لتحقيق أهداف مهمة من قبيل تعزيز وتوسيع التجارة بين الدول الأعضاء فيها، وتوفير الظروف الملائمة لتحقيق النمو الاقتصادي في هذه البلدان وتعزيز القواسم المشتركة وتسجيل تواجدها الفعال في الاقتصاد العالمي.
وترى الجمهورية الإسلامية أن مساعي البلدان الأعضاء في (اكو) لإزالة العقبات التي تعترض طريق التنمية عن طريق تعزيز التعاون المتبادل وتعميق العلاقات المستندة إلى التعاون مع باقي البلدان والمنظمات الدولية، وهذه المساعي يمكنها أن تلعب دوراً مهماً في توطيد وتقوية الاستقرار الإقليمي وتامين السلام والأمن الدوليين.
إن منظمة التعاون الاقتصادي يمكنها أن تكون سبباً في مزيد من التقارب بين بلدان المنطقة وشبه القارة الهندية وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا وحتى منطقة المحيط الهادي واستراليا.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخري فان إيران باعتبارها عضواً مهما في هذه المنطقة، تستطيع تقديم جميع التسهيلات وتوظف كل الإمكانات المتاحة لها من أجل تسهيل الارتباط بين هذه البلدان والبلدان الساحلية الواقعة جنوب الخليج الفارسي.
وتستطيع تركيا ـ وهي عضو آخر في اكو ـ أن تسهل ارتباط المنطقة بالبحر الأسود وأوربا.
وبناء على هذا فان منظمة اكو تلعب دورا المحور والركيزة متعددة الجوانب ولا يمكن لبلدان آسيا الوسطى الاتصال بالعالم الخارجي دون الاستفادة من هذا المحور المهم.
وتنوي الجمهورية الإسلامية أن تتقدم بمبادرة أخرى لتأسيس مجلس التعاون للدول المطلة على بحر الخزر (قزوين ) بهدف حماية البيئة البحرية والاستفادة الصحيحة من الثروات والمنابع الموجودة فيه من قبل الدول المطلة عليه.
ولذلك فان تأكيدات إيران على تعيين نظام حقوقي لبحر الخزر ( قزوين) تندرج في هذا النطاق.
فوضع مثل هذا النظام يتيح لهذه البلدان حل مشاكلها ويخلق ظروفاً مناسبة للتعاون الإقليمي.
وإذا لم يكن مثل هذا النظام مرتكزاً إلى آراء الدول الساحلية الخمس المطلة على بحر الخزر (قزوين)، فان الشكوك والغموض ستبقى مشهودة مما يغلق الأبواب أمام الاستثمارات ويقضي عليها.
3ـ سياسة الحوار بين الثقافات والحضارات:
صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع على اقتراح إيران بتسمية عام 1..2 الميلادي عاماً للحوار بين الحضارات.
ودون مبالغة فان المصادقة على هذا القرار في أكبر منظمة دولية تعتبر من أهم منجزات السياسية الخارجية الإيرانية خلال العقدين الماضيين من عمر الثورة الإسلامية.
لقد طرحت إيران هذا المقترح وهي تتمتع بحضارة مجيدة، وبعد أن ذاقت طعم الحرب المر، كما جرّبت حلاوة السلام.
وفي الواقع فان أفضلية الحوار وتبادل الآراء على الحرب وسفك الدماء يعتبر من أهم وأبرز مبادئ السياسة الخارجية الإيرانية.
ولا شك أن ما حمل مندوبي دول العالم على قبول جعل أول عام من أعوام القرن الحادي والعشرين هو عام للحوار بين الحضارات هو الشعور العالمي بالحاجة لذلك. وكانت تلك فرصة مناسبة لإزالة حواجز الإبهام والغموض التي تعد عنصر التفكك والتباعد الثقافي بين الشعوب.
وهذه أولى الخطوات وأهمها لغرض التحرك نحو قيام تفاهم عالمي, تفاهم لا يمكن أن يتحقق السلام العالمي بدونه ألبته، بل يبقى كلاماً دون معنى.
وبهذا الاقتراح وقبوله من قبل المجتمع الدولي يكون العالم قد بدأ يتخلص من كابوس الحرب وسفك الدماء، ويتحرك نحو الهدوء وسوف يحل السلام والاستقرار والمودة والأخوة بدلاً من الخوف والرعب والحرب وسفك الدماء.
وفي ظل هذا المنطق يزداد حلم وتحمل الشعوب والتعاون والتعاضد فيما بين البلدان.
تعليقات الزوار