نظرة لمسار الثورة الحلقة الثانية

2009-01-21

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في الحلقة أخرى من هذا البرنامج الذي أعددناه ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في إيران.

كما ذكرنا في الحلقة الماضية فأنّ الحلفاء وخلال فترة الحرب العالمية الثانية أزاحوا رضا خان عن الحكم وجاءوا بولده محمد رضا بدلاً عنه.

وكان الشاه محمد رضا يسير في ركاب السياسة الأمريكية إلى حد كبير، حتى انه ما كان ليحيد عن هذه السياسة حتى في صغائر الأمور، إذ كان يراعي على الدوام المصالح الأمريكية.

ولسنا مبالغين إذا ما قلنا أن محمد رضا بهلوي قد وظف السياسة الخارجية لإيران في عهده لخدمة أغراض واشنطن ومنافعها ليس في المنطقة فحسب بل وفي العالم كذلك.

وانطلاقاً من مبدأ الأمن القائم على ذراعين الذي طرحته في حينه الإدارة الأمريكية، كان نظام الشاه البائد يمثل الذراع التنفيذية للسياسات الأمريكية في المنطقة وكان هذا النظام كذلك على علاقة وثيقة بالكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة. وانسياقاً وراء حفظ المصالح الأمريكية، التحق الشاه البهلوي بحلف المعاهدة المركزية الذي كان حلفاً معادياً للإتحاد السوفيتي السابق وأقماره بلدان الكتلة الشرقية آنذاك.

وحتى فيما يتعلق بالسياسة الداخلية لإيران ما كان الشاه يتخطي في قراراته بشأنها وجهات نظر المسؤولين في البيت الأبيض.

وربما يعتبر من الواضح ما نقوله من أن السفير الأمريكي في طهران في عهد الشاه محمد رضا، كان له دور مهم في تسيير سياسة النظام البهلوي المستبد، ومن هنا فأنّ الشعب الإيراني كان يري أنّ الإدارة الأمريكية هي شريك نظام الشاه في جرائمه بحق إيران وظلمه بحق أبناءها.

من بين سياسات الشاه التي كانت تنفذ بدعم من الولايات المتحدة، سياسة العسكرة، وفي إطار هذه السياسة، وبعد ارتفاع أسعار البترول أواسط عقد السبعينات، أنفقت حكومة الشاه أموالاً طائلة على الجيش وشراء الأسلحة والمعدات الحربية، واستناداً إلى بعض الأرقام والإحصاءات فإنّ شاه إيران السابق، وفي الفترة من عام 1971 حتى عام 1977 ميلادي اشترى من الدول الغربية أسلحة ومعدات حربية بقيمة 12 مليار دولار، هذا في وقت كان جزءاً كبيراً بل شرائح واسعة من الشعب الإيراني يعيشون الفقر والعوز. على أنه لابد أن نذكر هنا أنّ إيران في ذلك الوقت ما كانت تواجه خطراً مهماً يتطلب منها كل تلك الترسانة الحربية التي اتخمها الشاه على حساب أموال الشعب.

إنَّ الجيش الإيراني، الذي كان يبدو في الظاهر جيشاً قوياً، جعل الشاه يتصور أنّه من خلال الإعتماد على هذا الجيش لن يتمكن أحد من إسقاط نظام حكمه.

لقد غفل الشاه عن هذه الحقيقة وهي أن هيكلية قواته المسلحة هي للناس الذين ضاقوا ذرعاً بتسلط الأجانب على بلادهم، والذين سئموا استبداد النظام البهلوي وإرهابه.

كانت هذه إطلالة أخرى على بعض مجريات الأحداث في التأريخ الإيراني المعاصر، الأحداث التي مهدت لقيام الشعب الإيراني بثورته ضد نظام الشاه، الثورة الـتي انتصرت بعودة ظافرة للإمام الخميني (رضوان الله تعالي عليه) إلى بلاده، والتي نعيش في عقدها الرابع.