الثورة الإسلامية في إيران قلبت الموازين وغيرت المعادلات

2009-01-31

شكلت الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني (قده) واحدة من ابرز الأحداث في العالم، فهي قلبت الموازين بما لها من أهمية إستراتيجية هائلة، وأفرزت الثورة وعي عميق لدى شعوب العالم والمستضعفين في الأرض، ومهدت الأرضية لوقوع تغييرات سياسية جذرية، ولولادة حركات التحرر في العالم والمنطقة استمدت قوتها من فكر الإمام وثورته.

 

في الأول من شباط عام 1979 وصل روح الله الموسوي الخميني إلى إيران قادما من فرنسا، عاد الإمام إلى أرض الوطن بعد سنوات من النفي، فشهدت إيران أعظم استقبال في التاريخ وشكلت طوابير المستقبلين المليونية الممتدة من مطار طهران إلى جنّة الزهراء لوحة بشرية لن ينساها التاريخ، وتعبيرا عن مدى حب الجماهير وتعلقهم بالإمام كيف لا وهو من كان نصير المستضعفين وأملهم في الحياة.

 

تحمل الثورة الإسلامية بالمقارنة مع الثورات الأخرى التي وقعت في العالم، مجموعة من الخصائص والميزات التي تحتل في نظرية الثورات، مرتبة عليا في الظواهر السياسية والثورات الكبرى في العالم. وهي استطاعت أن تخطف الأضواء التي كانت مسلطة على الثورات الأخرى، كالثورة الروسية والثورة الفرنسية والثورة الأميركية وغيرها. وبدون أدنى شك فإن البعد الفكري والقيادي والشعبي في الثورة الإسلامية، أعطاها هذه القيمة والخصائص التي تميزت بها وما تزال. لكن الشيء‏ الذي أذهل العدو والصديق هو أن قيادة الثورة وبنفس الإرادة التي استطاعت بها أن تسقط أعتى الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة والمدعومة بشكل مباشر من قبل الولايات المتحدة والغرب، تمكنت في القضاء على الفتن الداخلية التي كانت تسعى لتشويه صورة الثورة وإفشالها.

 

لم تغفل الثورة عن إقامة المؤسسات الدستورية ورغم المؤامرات وانشغالتها الكثيرة بسبب الأزمات الحادة التي كانت تواجه الثورة في تلك المرحلة الصعبة. لكن الإمام الخميني كان يصر على ضرورة إقامة تلك المؤسسات على قاعدة أن الشعب هو صاحب الحق الأول في هذه الثورة وانه من الواجب عدم التفريط بهذا الحق المقدس،‏ لذلك كان الإمام حريصاً جداً على أن يعرف رأي الشعب باسم النظام السياسي الذي يريده فتم إجراء انتخابات عامة حول اسم النظام السياسي رغم أن بإمكان الإمام الخميني أن يحدد هذا (الاسم)، وبالفعل تمّ التصويت على «الجمهورية الإسلامية» ثم جرت انتخابات أخرى لانتخاب مجلس الخبراء ليقوم بصياغة دستور للبلاد بعدها جرت انتخابات لاحقة على نفس الدستور. وبعد فترة قصيرة جداً جرى انتخاب أعضاء مجلس الشورى الإسلامي ومن ثم انتخاب رئيس للجمهورية.

 

وفي مثل هذه الأيام من كل عام يبدأ الإيرانيون وأحرار العالم إحياء ذكرى انتصار الثورة أو المعروفة بعشرة الفجر أي منذ عودة الإمام حتى إعلان انتصار الثورة وما تخلل هذه الفترة من أحداث وصولاً ليوم الحادي عشر من شباط 1979 يوم انتصار الثورة الإسلامية في إيران.

  

* في ما يلي ابرز محطات عشرة الفجر:

 

الخميس ( 1/2/1979 )

في هذا اليوم عاد الإمام الخميني إلى إيران حاملا معه الانتصار التاريخي، وسط استقبال شعبي مليوني قله نظيره في التاريخ ثم ألقى خطبة في مطار مهرآباد الدولي، وأخرى في مقبرة جنة الزهراء (ع) حيث مراقد آلاف شهداء الثورة.

 

الجمعة ( 2/2/1979 )

في هذا اليوم وصلت رسائل استقبال وترحيب من كبار علماء الدين في قم بمناسبة عودة الإمام الخميني إلى البلاد كما جرى إعدام (انقلاب معتمدي) أحد أكبر رجال الأمن في الحكومة التابعة للشاه، كما قام الإمام بتعيين أعضاء مجلس شورى الثورة في وقت عمت في الاحتفالات كافة المناطق احتفالا بعودة مفجر الثورة.

 

 

الأحد ( 4/2/1979 )

يوم الأحد استقال محافظ بلدية طهران، كما شهدت العاصمة البريطانية لندن تظاهرة طلابية دعما للإمام الخميني الذي اصدر قرارا بتعيين (بني صدر) رئيسا للجمهورية وتعيين محافظ لمدينة طهران وقسم من أعضاء مجلس الشورى الوطني. في وقت أعلنت فيه شهبور بختيار انه لن يسمح للإمام بتشكيل دولة مؤقتة.

 

الاثنين ( 5/2/1979 )

في الخامس من شباط عام تسعة وسبعين القي القبض على عدد من كبار قادة حكومة الشاه، في وقت دعا فيه الإمام لاستمرار التظاهرات في الشوارع دعما للثورة ما دفع رئيس الاستخبارات الأميركية للاعتراف صراحة بأنهم خسروا في إيران.

 

الثلاثاء ( 6/2/1979)

في هذا اليوم أمر الإمام الخميني بتشكيل تجمع تشخيص مصلحة النظام، وتولى مهدي بازركان حكم البلاد بطلب من الإمام الذي طالب من الشعب أن يعطي رأيه في حكومة بازركان. كما أعلن الضباط الإيرانيون المتقاعدون حمايتهم للإمام الخميني

 

الأربعاء ( 7/2/1979)

تواصلت فصول أيام الثورة حيث التقى الإمام بعدد من العسكريين. وواصل بازركان القيام بمهامه في حين أعلنت أميركا أنها لا تعترف بغير بختيار كرئيس لإيران. وفي هذا اليوم أعلن الإمام الخميني بأن استمرار الثورة وحمايتها تكليف شرعي واجب.

 

الخميس ( 8/2/1979 )

شهدت هذا اليوم اعترافا ليبيا رسميا بحكومة بازركان، وقام معمر القذافي بإرسال تهنئة إلى الإمام الخميني، كما أعلنت القوة الجوية الإيرانية حمايتها للثورة وأصبح هذا يوماً للقوة الجوية وبدأ بازركان عقد البدء في عقد اتفاقيات مع الجيش.

 

السبت ( 10/2/1979 )

في هذا اليوم سقطت حكومة بختيار العسكرية بأمر الإمام وتمت السيطرة على الكثير من مناطق طهران بواسطة الشعب. ونتيجة تمادي قوات نظام الشاه باستخدام القوة المفرطة بحق الشعب وعمليات القتل الجماعي هدد الإمام الخميني بأنه سيصدر حكم الجهاد. وتزامن هذا مع إصدار أول إعلان لجيش الشعب واشتدت المواجهة بين الشعب وقوات النظام التي استخدمت كافة أنواع الأسلحة لثني الناس عن الاستمرار لكن عزيمة الشعب كانت أقوى مستمداً قوته من قائده الذي اصدر بياناً أعلن فيه قيام الحكومة العسكرية ولتقترب ساعة النصر.

 

الأحد ( 11/2/1979 )

هذا اليوم ادخل إيران وشعبها التاريخ حيث أعلن انتصار الثورة الإسلامية وسقوط نظام الشاه الذي دام 2500 سنة بفضل صمود وعزيمة وتضحيات الشعب الإيراني ومن خلف قيادة الثورة الحكيمة بقيادة الإمام الخميني، وبعد إعلان انتصار الثورة خرجت الناس في تظاهرات مليونية اعتبرت بمثابة استفتاء للشعب على الجمهورية الإسلامية وبيعة الشعب للإمام الخميني كما تجمع مسلحون أمام بيت الإمام لحمايته من أعداء الداخل والخارج.

 

واليوم تتواصل فصول الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخامنئي ولعل ما وصلت إليه اليوم من قوة عسكرية واقتصادية، وبات له دور ريادي في المنطقة والعالم ما هو إلا من بركات هذه الثورة، وما الضغوط التي تتعرض لها إيران اليوم على كافة الصعيد ما هي إلا تأكيد على أن الثورة حققت ولا زالت تحقق الأهداف والشعارات التي رفعها قائده ومطلقا الإمام الخميني منذ ثلاثين سنة مضت.