الحاج أبو عماد الرفاعي: تجربة الثورة الإسلامية هي معلم هام ومنارة عظيمة بالنسبة للحركات الثورية

2009-02-05

* تأثير الثورة لم يكن مقتصراً على شعب بل كان له تأثير واضح على كافة الشعوب الإسلامية

 

* اهتمام الإمام الخميني بالقدس لم ينشأ من الفراغ أو العبث بل كان تعبيراً حقيقياً عن محورية هذه القضية

 

* الانتصار الذي حققته المقاومة في قطاع غزة سيدفع الإسرائيليين أكثر نحو البحث عن البقاء

بمناسبة ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني(رحمه الله) التقت صحيفة الوفاق بالقيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وممثلها في لبنان الحاج أبو عماد الرفاعي لتتناول معه تأثير هذه الثورة والدور الكبير الذي لعبه الإمام الراحل في التوعية الإسلامية وإحياء القضية الفلسطينية والانتصار الأخير الذي حققته المقاومة الإسلامية في قطاع غزة، هذا وأجاب الرفاعي في رده على سؤال حول تأثير الثورة على قطع يد قوى الهيمنة قائلا: لا شك في أن إيران بعد الثورة الإسلامية التي قادها الإمام الخميني (قدس سره) قد أصبحت بسلوكها السياسي والدبلوماسي علامة فارقة في وجه الطموحات الغربية عامة والأمريكية خاصة في منطقة الشرق الأوسط وأضاف: وقد بقيت طهران طوال الفترة الماضية على المستوى الاستراتيجي عقبة حقيقية تعترض تنفيذ المخططات الأمريكية والصهيونية في المنطقة، إضافة إلى أنها شكلت الداعم الأساسي والسند القوي لحركات المقاومة في كل من لبنان وفلسطين، خصوصاً على الصعيد المعنوي والسياسي والإعلامي. ولعل أهم ما ميز هذه الثورة عن بقية الثورات التي حدثت في العالم وأحدثت تغييرات، أن تأثير الثورة لم يكن مقتصراً على شعب أو فئة أو مذهب بعينه، بل أنه كان تأثيراً واضحاً على كافة الشعوب الإسلامية والعربية، وخاصة على صعيد إعادة الدور للإسلام الجهادي في قيادة الأمة ونهضتها في وجه قوى الاستكبار العالمي. هذه المعادلة الجديدة التي جاءت بها الثورة الإسلامية ساهمت بشكل كبير ومباشر في دفع قوى الهيمنة لاتخاذ خطوات كبيرة إلى الوراء فيما يتعلق بالسيطرة على المنطقة ومقدراتها وخيراتها واحتلال أراضيها.

وحول تأثير الثورة على القضية الفلسطينية قال الرفاعي منذ أن قام الكيان الصهيوني باحتلال فلسطين، تولدت حالة من الوعي عند الشعب الفلسطيني بأن قضيته هي قضية مقدسة وأنه متمسك بالدفاع عنها مهما كلف ذلك من أثمان مضيفا وعلى هذا الأساس بدأ نضاله ضد الاحتلال في الداخل والشتات بكافة الوسائل والطرق التي من شأنها حماية القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وقدم التضحيات الجسام من أجل حماية أرضه واسترداد حقوقه. وقد جاءت الثورة الإسلامية في إيران لتعزز صمود الشعب الفلسطيني وتقف إلى جانبه من أجل دعمه ومؤازرته ما يساعده أكثر على مواصلة مقاومته ونضاله ضد الاحتلال الصهيوني الجاثم على أرض فلسطين الطاهرة. ولذلك، قامت إيران بعد انتصار الثورة الإسلامية فيها، بقطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني مباشرة، وأهدت مقر السفارة الإسرائيلية لمنظمة التحرير الفلسطينية لتقيم أول سفارة فلسطينية في العالم. كما أوقفت إيران كل تعاملاتها التجارية والاقتصادية مع إسرائيل، وأعلنت أن إسرائيل عبارة عن كيان غاصب غير شرعي ويجب أن يزول. كما عرضت إيران على الفلسطينيين كل أنواع الدعم من أجل مواجهة إسرائيل والمشروع الصهيوني وقامت باحتضان مقاومة الشعب الفلسطيني ودعمها سياسياً وإعلامياً ومعنوياً في الوقت الذي تخلت عنها كثير من الدول ووصمتها بالإرهاب إرضاء لأمريكا وللكيان الصهيوني، وهي لا زالت تصر على موقفها من الحقوق الفلسطينية وترفض الاعتراف بإسرائيل، وتعتبر فلسطين أرضاً إسلامية مقدسة يقع واجب تحريرها على عاتق كل المسلمين، وتأكيداً على هذا المعنى قام الإمام الخميني الراحل بالدعوة إلى إحياء يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان في كل عام.

وحول دور الإمام الخميني الراحل في إحياء القضية المحورية للأمة الإسلامية وهي قضية فلسطين ذكر ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان إن الخطوات التي قامت بها إيران بعد انتصار الثورة الإسلامية بقيادة سماحة آية الله العظمى الإمام الخميني (قدس سره) تجاه القضية الفلسطينية تؤكد مدى التزام الإمام الراحل بالقضية الفلسطينية وأضاف: هذا الالتزام بطبيعة الحال له أبعاده ودلالته الدينية والسياسية لما تمثله هذه القضية من معان إيمانية وعقائدية، وبما لها من دور سياسي وواقعي في صياغة حاضر ومستقبل هذه الأمة وقال: إن اهتمام الإمام الخميني بالقدس لم ينشأ من الفراغ أو العبث إنما كان تعبيراً حقيقياً عن مركزية ومحورية هذه القضية في قلب المنطقة العربية والإسلامية. ولقد كانت خطوة إحياء يوم القدس خطوة هامة في إحياء العديد من القضايا في نفوس الأمة يمكن أن نؤكد عليها من جديد ونحن في أجواء ذكرى انتصار الثورة. حيث أن إحياء هذا اليوم مثل قوة استنهاض لكل الشعوب العربية والإسلامية من أجل تحمل مسؤولياتها تجاه قضية القدس وما يحدث لها من محاولات سلب وتهويد وطمس. كما أن يوم القدس العالمي كان تحدياً كبيراً للاستكبار الصهيوني والأمريكي، عبر التأكيد على أن القدس ستبقى إسلامية ولن تخضع لما يحاك لها من قبل الصهاينة وغيرهم من المتآمرين، فقد جاء هذا اليوم بمثابة دعوة للنهوض ومقاومة الاحتلال وبث الروح الإسلامية التي أصبحت مفقودة لدى الكثير من الدول العربية والإسلامية. إن يوم القدس رسخ أهمية دعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ودعم مقاومته ونضاله ضد الاحتلال الصهيوني لأنه يمثل رأس حربة الأمة الإسلامية في مواجهة الاستعمار والاستكبار العالمي، كما أن هذا اليوم أعاد للأمة صحوة العمل من أجل ترتيب أولوياتها على قاعدة أن نجاح مسيرتها مرتبط بتحرير القدس المباركة.

وحول رؤية الفصائل الفلسطينية والثورية في العالم تجاه تجربة الثورة الإيرانية ودور إيران في جبهة المقاومة والممانعة قال الرفاعي: ان التجربة الإيرانية هي معلم هام ومنارة عظيمة بالنسبة للحركات الثورية وخصوصاً العربية والإسلامية منها. فقد استطاعت الثورة الإيرانية ودون أي تكلّف أو تصنّع أن تستنهض الشعب أمام الهيمنة والاستعمار لتصبح قوة يعمل لها ألف حساب، وبدأت التحدي لتعلن أخيراً أنها نجحت في التحرر من السيطرة، ونجحت في كسر كل الحواجز الاستعمارية وتصبح ذات سيادة حقيقية لحدودها وقرارها السياسي وأضاف: الثورة الإيرانية مثلت الحدث الثوري المهم الذي حمل ملامح التغيير الجذري الفعلي في العالم الإسلامي، خاصة وأن أيديولوجيتها تقوم على ثلاث ركائز أساسية فيما يتعلق بمشروع التحرر في المنطقة: معاداة الإمبريالية، مواجهة الاستكبار والاستعمار العالمي، نصرة قضايا المستضعفين والمقهورين والمضطهدين، بخطاب قائم على الإسلام وعلى مركزية مفهوم الشعب، والجماهير المرتبطة بالإسلام. وبذلك جسدت الثورة الإيرانية التجربة العملية التي تتحول فيها الجماهير -من وجهة النظر الثورية ـ إلى فاعل في التاريخ، إلى جانب دور الإسلام كرمز للتعبئة في سياقات تاريخية، يتمظهر من خلالها جانبه السياسي بحيث يتحول الإسلام في حالة المنعرجات الحاسمة إلى مورد سياسي للتعبئة وشكلاً من أشكال التضامن أو التعريف الذاتي. إن كل هذه المحددات للثورة الإيرانية إضافة إلى وجودها المركزي في جبهة المقاومة والممانعة جعلت منها موضع إعجاب واقتداء واحترام وتقدير من كل الحركات المقاومة والثورية في المنطقة.

وفي رده على سؤال حول الدافع الحقيقي وراء الكيان الصهيوني لشن هذا الهجوم البربري على قطاع غزة ودور المقاومة في هذه الحرب وتواطؤ بعض الأنظمة العربية والدولية في هذه القضية ذكر هذا القيادي في حركة الجهاد الإسلامي: لقد كان لإسرائيل عدة أهداف من العدوان على غزة وليس هدفاً واحداً أو دافعاً فقط، ولكنها بفضل الله لم تحقق أياً منها، وهذا ما جعل المقاومة تحقق نصراً جديداً على العدو الصهيوني وتسجل إنجازاً يضاف إلى سلسلة انتصاراتها في وجه الكيان الصهيوني. ويمكن حصر الأهداف الصهيونية في أربعة نقاط أساسية:

أولاً: على صعيد غزة، العدوان كان يهدف إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني وتركيع مقاومته وضرب صموده ودفعه للتخلي عن ثوابته وحقوقه الوطنية والاستسلام الكامل للاحتلال عبر القبول بالشروط الإسرائيلية.

ثانياً: تغيير الأوضاع السياسية في قطاع غزة كما قالت ليفني، عبر الإجهاز على سلطة حماس وإعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة وهذا ما أسماه آفي ديختر (وزير الأمن الصهيوني) بالهدف الاستراتيجي من العملية.

ثالثاُ: ضرب الحلقة الأضعف كما يعتقدون في ما تسميه الولايات المتحدة والكيان الصهيوني بمحور الشر والذي يضم أيضاً كلاً من حزب الله وسوريا وإيران.

رابعاً: استعادة هيبة الردع التي خسرتها إسرائيل بفعل ضربات المقاومة المتتالية في كل من لبنان وفلسطين وخصوصاً ما نتج عن حرب تموز، 2006 والتي أنهكت الجيش الصهيوني وأظهرته على حقيقته وعرت واقعه المستور، فإسرائيل كانت تريد أن تظهر بمظهر القوي الذي لا يقهر مرة أخرى أمام كل من يفكر بمواجهتها أو ممانعتها.

وأضاف: إن أياً من هذه الأهداف لم تتحقق لا العسكرية منها ولا السياسية، وكل ما حققته القيادة الإسرائيلية من هذه الحرب أنها ذهبت إلى واشنطن، لتوقع اتفاقاً أمنياً معها لمراقبة إدخال الأسلحة إلى القطاع، وعلى هذا استطاعت المقاومة أن تعلن نصرها على العدو الغازي الذي لم يعد إلا بالخيبة من قطاع غزة. الصمود الأسطوري الذي صنعه الشعب الفلسطيني مع بسالة المقاومة هما اللذان صنعا معادلة النصر الحقيقية والتي يحدق بها الآن تحد سياسي كبير، وهو الترجمة السياسية لمعادلة النصر عبر الحفاظ على إنجازات المقاومة وإعادة إعمار القطاع.

و فيما يتعلق بتواطؤ بعض الأنظمة العربية والدولية على غزة قال الرفاعي: هذا الأمر ليس بالغريب ولا بالجديد، هناك منظومة مكونة من دول عرب الاعتدال وإسرائيل بقيادة أميركية تسعى إلى إنشاء شرق أوسط جديد على الطريقة الأميركية، دويلات طائفية عرقية مفتتة ضعيفة تكون إسرائيل القائد الإقليمي لها، وتكون أميركا صاحبة القرار الدولي العام في شأنها. ولأن هذه المنظومة تواجه برفض من قبل أنظمة وتنظيمات مقاومة فقد أصبحت هذه الأخيرة عدواً للمشروع الصهيوني ـ الأميركي ويسعى أصحابه إلى الإجهاز عليه، وتشكل المقاومة في فلسطين والمقاومة في لبنان طليعة الأعداء المطلوب رأسها.

وحول بداية العد العكسي لحياة الكيان الصهيوني وتداعيات الحرب على الوضع الصهيوني ذكر الرفاعي أن معركة غزة كانت معركة كبيرة في كل المقاييس، ولذلك ستظهر نتائج وتأثيرات ضخمة على الكيان الصهيوني يمكن تلخيصها بثلاث نقاط أساسية:

1ـ الانتصار الذي حققته المقاومة في قطاع غزة سيدفع الإسرائيليين أكثر نحو البحث عن البقاء وليس كما في السابق البحث عن الأمن. هذه النظرية بدأت مع نهاية حرب تموز2006 والآن تكرست بعد حرب غزة ،۲۰۰۹ ما يعني أن إسرائيل لم تعد تعاني فقط من مشكلات أمنية إنما هناك خطر حقيقي يحدق بوجودها في المنطقة، هذا ما ركز عليه مؤتمر هرتسيليا الأخير والآن بعد غزة سيأخذ منحى أكثر تصاعدية مع كل هزيمة يتلقاها العدو.

2ـ إسرائيل فقدت قدرتها على الحسم وتحقيق أهدافها في المعارك بشكل خاطف وسريع أي خلال ساعات أو أيام، وهذه المرة الثانية التي تفشل فيها إسرائيل بعد حرب تموز، 2006 وهذا مؤشر واضح على انحدار قوة إسرائيل وتصاعد قوة حركات المقاومة في مواجهة إسرائيل.

3ـ المقاومة في غزة أثبتت أنها قادرة على تحقيق توازن الرعب. في السابق كانت إسرائيل تخيف ولا تخاف من أحد أو تحسب له حساب، أما الآن فالمعادلة تغيرت وإسرائيل لم تعد بمنأى عن ضربات المقاومة وهي غير قادرة على حسم أية معركة والقضاء على مصادر تهديدها.

ولذلك كله نقول أن المشروع الصهيوني بات يعاني من الضعف والتراجع، إضافة إلى عقدة الخوف والشعور بالانتهاء بدلاً من الثقة بالنفس والتكبر التي عهدناها به. إسرائيل بعد الضربات التي تلاحقت عليها بدءاً من انتصار المقاومة في لبنان في أيار ۲۰۰۰ وانسحابها من غزة في العام 2005 وهزيمتها في تموز 2006 في لبنان، ثم هزيمتها في غزة الآن مرة أخرى في العام ۲۰۰۹ كل ذلك ساهم في زعزعة ثقة الكيان بنفسه وأفقده هيبته ونال من قوة ردعه العسكرية، حتى هم أنفسهم باتوا يشعرون باقتراب ساعة الصفر، وهذا ما نسمعه على لسان قادتهم بأن إسرائيل تعاني من خطر وجودي حقيقي محدق بها.

وحول تقييمه للإدارة الأمريكية الجديدة ذكر ممثل الجهاد الإسلامي في لبنان مما يبدو أن السياسة الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية التي بدت بعض معالمها في خطابات الرئيس أوباما، لن تختلف كثيراً عن سابقتها فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي. فعلى سبيل المثال، البعض كان يأمل -وإن كنا نحن في الجهاد الإسلامي لم نتوقع أي تغيير- أن يتخذ الرئيس الأمريكي الجديد موقفاً ضد الإجرام الصهيوني الذي حصل في قطاع غزة، ولكن للأسف لم يتطرق أوباما مطلقاً إلى المجازر الإسرائيلية وقتل الأطفال واستخدام القنابل الفسفورية المحرمة دولياً، وتدمير آلاف المنازل وتشريد آلاف الأشخاص، بل لقد ساوى أوباما بين الضحايا الإسرائيليين والفلسطينيين عندما قال مؤخراً لقد قلقت للغاية للخسائر في أرواح الفلسطينيين والإسرائيليين خلال الأيام الأخيرة وكأن العدد كان متساوياً، وهذا مؤشر سلبي على مستقبل سياسة أوباما تجاه الفلسطينيين. النقطة الثانية هي أن أوباما كان يعلن مراراً وتكراراً، بمناسبة وبغير مناسبة، أن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وأن أمن إسرائيل جزء من أمن الولايات المتحدة، في الوقت الذي لم يلتفت فيه إلى أي من الحقوق الفلسطينية وأضاف: لقد قام أوباما بتصرفات إيجابية في ما يتعلق بإغلاق معتقل غوانتنامو ومراكز التعذيب السرية المنتشرة في بقاع عديدة من العالم، ولكن نحن نؤكد أن إنهاء الحرب على شالارهابص دون إنهاء الإرهاب الإسرائيلي المستمر منذ ستين عاماً وبحماية أمريكية، لن يوصل إلى شيء على الإطلاق، فمجازر غزة التي رأينا خلالها أشلاء الأطفال والنساء والشيوخ والشباب وشلالات الدماء على امتداد القطاع، ستكرس وبشكل حاسم ثقافة المقاومة بشكل أكثر قوة على طول العالم العربي والإسلامي وعرضه، وقد كشفت السقوط الأخلاقي الغربي بشكل عام، والأمريكي بشكل خاص في أبشع صوره وأشكاله، وإذا لم يعِ الرئيس الأمريكي الجديد وطاقمه هذا الموضوع فإن كل نواياه المعلنة حول إصلاح صورة بلاده البشعة جداً في العالم الإسلامي ستذهب سدى، وستظل عبارة عن شعارات كاذبة لا علاقة لها بالواقع.

وفي نهاية اللقاء ذكر هذا القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي: لا بد حقيقة من التوجه للشعب الإيراني العزيز والعريق والأبي الصامد بالتحية، تحية الثوار إلى الثوار، بعد هذا الوقوف المشرف إلى جانب الشعب الفلسطيني طوال فترة العدوان الصهيوني على غزة، والتي عبر من خلال المظاهرات والمسيرات والنشاطات عن صدق مشاعره وعن معدنه الأصيل وانتمائه العميق إلى هذه الأمة، كما نتقدم بهذه المناسبة الطيبة والمباركة ـ ذكرى انتصار الثورة الإسلامية- إلى كل إيران قيادة وشعباً بالتهنئة والتبريك، لنؤكد وقوفنا إلى جانب الجمهورية الإسلامية أمام ما تتعرض له ونتعرض نحن له أيضاً من هجمة أمريكية صهيونية شرسة. إننا في هذا المناسبة المباركة لا يسعنا إلا أن نثمن دور الشعب الإيراني في استكمال الطريق وفي أخذ مسيرة الثورة إلى بر الأمان عبر التأكيد على ثنائية الجهاد في الجبهات الأمامية لمواجهة المتغطرسين والمستكبرين ونصرة المظلومين والمستضعفين، وفي الجبهات الخلفية عبر المساهمة الفعالة في تنشيط حركة التقدم والتطور والنمو والنهضة وتطوير الإنجازات التكنولوجية، إلى جانب ترويج ونشر ثقافة المقاومة والممانعة من أجل الوقوف في وجه كل أشكال الحظر العسكري والسياسي والاقتصادي الذي تمارسه قوى الاستكبار العالمي وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية والدول السائرة في فلكها على المشروع الإسلامي بشكل عام. لقد شكلت الثورة الإسلامية التي قادها الشعب الإيراني الكبير، معلماً بارزاً من معالم الطريق نحو تحقيق العدل وإرساء قواعد الحرية في الأرض. فهي التي غيرت وجه المنطقة وهي التي كان لها أثرها العميق في العالم وتركيبته ومستقبله، وهي التي كان لها حضورها في إطلاق الصحوة الإسلامية التي لازالت حديث الدنيا، تؤتي ثمارها كل يوم على امتداد الوطن الإسلامي جهاداً ونضالاً وانتصارات.