مآسي فلسطين المؤلمة

2010-08-31

 

المكان: النجف الأشرف‏

الموضوع: مآسي فلسطين المؤلمة

المناسبة: حلول شهر رمضان المبارك‏

المصدر: صحيفة الإمام، ج‏2، ص: 425

التاريخ: 19 مهر 1351ﻫ.ش/ 3 رمضان 1392ﻫ.ق‏

المخاطب: كافة المسلمين والحكومات الإسلامية والعربية، والثوار الفلسطينيين‏

                       

بسم الله الرحمن الرحيم‏

مع حلول شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة والغفران والبركة، أسأل الله تعالى أن ينبّه كافة المسلمين إلى الواجبات والمسؤوليات التي ألقاها رب العالمين على عاتقهم، مسؤولية المحافظة على التشريعات الإلهية والعمل بالقرآن الكريم الذي هو أساس عودة العظمة والمجد للإسلام والمسلمين، ومسؤولية حفظ وحدة الكلمة، ومراعاة الأخوة الإيمانية الضامنة لاستقلال البلدان الإسلامية، والتخلص من نفوذ الاستعمار، ومسؤولية تجاوز المصالح الشخصية والتضحية في طريق الحصول على ما فقدوه حتى الآن بسبب اختلاف الكلمة. والمسؤولية البالغة الأهمية لحكومات البلدان الإسلامية تكمن في العمل بالقرآن والإسلام، والتخلص من قيود الاستعمار، وخدمة أمة الإسلام ... المسؤوليات التي ربما تكون في العصر الحاضر أكثر إلحاحاً من العصور السابقة، العصر الذي نفذت فيه مخالب الاستعمار الخبيثة حتى أعماق البلاد الإسلامية، والتي تسعى بكل الطاقات والوسائل الممكنة من خلال عملائها، إلى إثارة الفرقة بين المسلمين وزعماء البلدان الإسلامية، وتحول بمختلف الوسائل دون تمسكهم بالإسلام والقرآن، كي تحقق براحة بال أهدافها اللاإنسانية المتمثلة في استغلال الطبقة المحرومة. العصر الذي حارب فيه الاستعمار الثقافة القرآنية، وفتح الطريق واسعاً لاستغلاله من خلال توظيف أذنابه في أرجاء البلدان الإسلامية بأسماء مختلفة وعناوين خدّاعة - وباسم الإسلام أحياناً - فهذه إيران وما يحدث فيها من مصائب أليمة، وتلك فلسطين التي تمثل الآن رأس المصائب، وها هو اختلاف الكلمة، وعمالات بعض رؤساء البلدان الإسلامية الذين لم يستطيعوا أن يقطعوا يد الاستعمار عن البلاد الإسلامية رغم امتلاكهم الموارد الطبيعية الغنية والذخائر النفيسة، والسكان الذين يبلغ عددهم سبعمائة مليون إنسان، وينهوا نفوذ عملائهم، إن هذه الأهواء النفسية وعمالة زعماء بعض الدول العربية هي التي أدت إلى أن لا يستطيع 700 مليون عربي أن يحرروا فلسطين من مخالب إسرائيل.

يجب أن يعلموا بأن هدف الدول الاستعمارية الكبرى من إيجاد إسرائيل ليس احتلال فلسطين فحسب، بل إن جميع البلدان العربية سوف تبتلي بمصير فلسطين- والعياذ بالله- إن سنحت لهم الفرصة. والآن وقد انتفضت مجموعة من الرجال الفلسطينيين المضحين انتفاضة رجولية لتعين مصيرها بيدها- ألا وهو تحرير فلسطين- ضد حفنة مغتصبة ومعتدية، ويبذلون كل ما في‏ جهدهم من أجل تحرير الأراضي المغتصبة والمحتلة، نرى ما فعله عملاء الاستعمار في الأردن معهم[1]، وما يفعلونه اليوم في لبنان.

إن الإعلام والمؤامرات الخبيثة الشاملة قائمة؛ وأيادي أذناب الاستعمار القذرة تنشط من أجل إبعاد طوائف المسلمين عن هذه الفئة المضحية، وإخراجها من المواقع الحساسة والإستراتيجية التي تتيسر فيها العمليات وتوجيه الضربات إلى قوات إسرائيل الغاصبة.

أفلا يتحمل المسلمون وحكومات البلدان الإسلامية مسؤولية أمام الله تعالى، أمام العقل والضمير، في ظل هذه الأوضاع؟ وهل يجوز أن يقمع رجال فلسطين المضحّون على يد عملاء الاستعمار في البلدان المستعمرة، ولا ينبسوا ببنت شفه، أو يلوثوا صفحتهم بهذا الهدف القذر؟ أولا تعلم الدول العربية والمسلمون في هذه البلدان أن البلدان العربية الأخرى سوف لا تبقى آمنة من شرّ هذا الغاصب الخبيث إذا ما هزم الفلسطينيون؟

إن من الواجب الآن على المسلمين قاطبة، وعلى حكومات البلدان الإسلامية وخاصة الحكومات العربية، أن تحافظ على هذه الفئة المجاهدة للمحافظة على استقلالها، وأن تقدم لها الدعم اللازم وأن لا تألوا جهداً في إيصال الأسلحة والمساعدات لها. وعلى الفدائيين المجاهدين أن لا يقصروا في بذل الجهود في هذا الطريق المقدس بالتوكل على الله تعالى والتمسك بالقرآن الكريم، ولا يتسبب وهن بعض العناصر في فتورهم. كما أن من الواجب الأكيد أن يحسنوا التعامل مع أهالي كل منطقة يتواجدون فيها، ويعملوا بواجبات الأخوة الإيمانية.

آمل من المسلمين الواعين واليقظين وخاصة عباد الله المخلصين والعلماء الأعلام، أن يدعوا الله تعالى في هذه الأيام المباركة لخلاص المسلمين من مخالب الأجانب الخبيثة، ويوصلوا الحقائق إلى أسماع كافة المسلمين في تجمعات شهر رمضان المبارك والتجمعات الإسلامية الكبيرة الأخرى مثل تجمع صلاة الجمعة، ومراسم الحج، ويدعوا أتباع القرآن إلى وحدة الكلمة، وتظافر الجهود، لتحرير فلسطين، وحل المشاكل المدمّرة التي ابتليت بها الأمة الإسلامية.

أسأل الله تعالى أن يقطع دابر الأجانب عن بلاد المسلمين، (إنه سميع مجيب).

الثالث من شهر رمضان المبارك 1392ﻫ.ق

روح الله الموسوي الخميني‏

ـــــــــــــــــ

[1] إشارة إلى مذبحة الفلسطينيين في أيلول الأسود 1970م  في الأردن على يد الملك حسين.