السيد القائد: وعد بقرب تحرير فلسطين

2008-10-09

 

المحاور: فؤاد الخرسا

الضيوف: القاضي الشيخ أحمد الزين: رئيس مجلس أمناء تجمع العلماء المسلمين ـ بيروت

الشيخ نافذ عزام: قيادي في حركة الجهاد الاسلامي ـ غزة  

محمد صالح صدقيان: مدير المركز العربي للدراسات الايرانية ـ مشهد

فؤاد الخرسا: السلام عليكم ... ما دلالات وعد قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي في خطبة عيد الفطر بقرب تحرير فلسطين؟ الى ما يؤشر دعمه لحكومة اسماعيل هنية وعدم تخلي الشعب الايراني عن أشقائه في فلسطين؟ كيف تقرأ دعوته الى توحيد الصفوف ودعم المقاومة الفلسطينية بعد أسبوع من يوم القدس العالمي؟ كيف يترجم العالم الاسلامي دعوته الى التضامن لنصرة الشعب الفلسطيني؟ ماذا يعني انتقاد هنية لتنكر بعض العرب للفلسطينيين؟

فؤاد الخرسا:آية الله العظمى السيد الخامنئي في خطبة العيد حول الموضوع الفلسطيني يقول: ( لن نترك الفلسطينيين وحدهم في مواجهة الكيان الصهيوني. على العالم الاسلامي التضامن لنصرة الشعب الفلسطيني . فلسطين أصبحت حية في وعي وقلوب المسلمين أكثر من أي وقت مضى. الصهاينة يؤولون الى الضعف والهزيمة يوماً بعد يوم. لن يمضي وقت طويل حتى يحرر الشعب الفلسطيني أرضه المحتلة. ) فضيلة الشيخ، من البارز هو ما قاله حول قرب التحرير. هذا التوجه الذي شاءه السيد الخامنئي في موضوع التحرير القريب. هل تعتقد أن ما قاله يرتكز الى مقومات واضحة، مبينة؟ كيف تنظر الى هذا الكلام؟

القاضي الشيخ احمد الزين:نتوجه بالتحية الى الشعب الفلسطيني بهذا العيد على صموده. نبشره ببدء مرحلة الانتصار بأذن الله تبارك و تعالى. كما يسعدنا ان نتوجه بأزكى تحية الى قائد الامة السيد الخامنئي حفظه الله و الى الشعب الايراني العظيم بمناسبة عيد الفطر السعيد. ونحيي الامام السيد الخامنئي على هذا التوجه الكريم بالدعوة لمساندة الشعب الفلسطيني .

فؤاد الخرسا:دخلنا مباشرة ً في الموضوع المتعلق بقرب التحرير، هل هو مبني على مرتكزات واضحة ثابتة؟ هل هو مبني على تضحيات الشعب الفلسطيني، على المقاومة المستمرة في فلسطين ؟ هل من هذا الواقع نظر السيد الخامنئي الى قرب التحرير؟

القاضي الشيخ احمد الزين:اولاً السيد الخامنئي حفظه الله ينطلق بكلامه هذا من الحكم الشرعي ، بأنسجام كامل و التئام مع كتاب الله و هدي رسول الله ( ص ). صحيح ان فلسطين وطن الشعب الفلسطيني الا ان علاقتها بالامة الاسلامية و بالناس لها ارتباط شرعي . فالمسلمون يتوجهون في الاصل الى المسجد الاقصى لأنه قبلتهم الاولى. و لهذا لهم العلاقة المباشرة مع القضية الفلسطينية. من أجل هذا، الامام الخامنئي حينما دعى المسلمين لمساندة الشعب الفلسطيني كان ينطلق من منطلقين اساسيين. المنطلق الاول هو المنطلق الشرعي الذي يربط الامة الاسلامية بقضية القدس و المسجد الاقصى بالذات. ثانياً، للقضية السياسية المتعلقة بهذا العدوان الاسرائيلي الغاشم على فلسطين و نصرةً للحق الفلسطيني.

فؤاد الخرسا:للتذكير فقط، في خطب مماثلة للسيد الخامنئي ركز كثيراً ايضاً في الشأن الفلسطيني على تراجع الدور الامريكي والاسرائيلي عندما يقول ان الامريكيين و الصهاينة يواجهون طريقاً مسدوداً تماماً في فلسطين. هل تعتقد هذا ما هو محقق الآن؟

القاضي الشيخ احمد الزين:نعم محقق من اكثر من ناحية. محقق اولاً من موقف الجمهورية الاسلامية الايرانية الواضح و الثابت الذي انطلق من الشعار الذي اطلقه الامام الخميني بأن اسرائيل غدة سرطانية يجب ان تقتلع. ثانياً، ان من المقاومة الاسلامية في لبنان و في فلسطين، هذه المقاومة التي وقفت بصدق و امانة بوجه المشروع الاسرائيلي الهرتزلي هذا وقفة جهادية و سياسية استطاعت من خلالها ان تواجه مشروع الغرب الذي مضى عليه عقود من الزمن و اخيراً يساند من قبل الولايات المتحدة . فموقف المقاومة الجهادي سواء كان في لبنان و ما حققته من انتصارات او في فلسطين و في غزة بالذات استناداً الى الموقف السياسي الواضح و العقائدي المنطلق من طهران ، وجدت اميركا انه لا مجال للتقدم. و الصهيونية العالمية الآن تتعثر و تتلكأ في مشروع هرتزل هذا انه لا يصح و لا يمكن ان يتقدم و ان يحقق ما كان يبغي اليه من اقامة مشروع اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات. وجدوا ان هذا امر مستحيل لا يمكن ان يتحقق.

فؤاد الخرسا:لنذهب ابعد من ذلك عندما يعلن السيد الخامنئي من ان فلسطين اصبحت الآن حية في وعي و قلوب المسلمين اكثر من اي وقت مضى. هل هذا الامر مسألة شعور ام هو واقع ملموس كما حاولت ان تحدد من خلال دور المقاومة و دور ايران الثابت؟

القاضي الشيخ احمد الزين:اقول بصراحة و ليسمع الجميع، عشنا عقوداً من الزمن كان يشاع فيها و ينشر و يقال بأن الكيان الاسرائيلي لا يهزم و بأن الجيوش العربية مجتمعة لا تستطيع ان تواجه الجيش الاسرائيلي. و رأينا كيف ان اسرائيل المؤيدة من الغرب و بصمت من العالم تتسلح بالسلاح النووي . مع هذا كان الشعور العام و بخاصة ان الانظمة العربية للاسف الشديد كانت تسير بصمت عميق. قد لا يتفق هذا الصمت مع شعورها و وجدانها الا انها كانت تتفق مع السياسة الامريكية وصولاً الى المصلحة الاسرائيلية في هذا الصمت العميق . هذا الصمت الذي اتاح لأسرائيل البقاء عقوداً من الزمن . الا ان الشعوب العربية و الاسلامية لم تكن على هذا الطريق. الشعوب العربية و الاسلامية كانت تتأجج ناراً و ثورة في مواجهة هذا الخط الذليل الذي يلحق الذلة و الاهانة و الانهزام. فالجمهورية الاسلامية بقيت على مبدئها و سياستها في مواجهة هذه السياسة الاستسلامية. و جاءت المقاومة الاسلامية في لبنان بقيادة السيد حسن نصرالله و بمساندة الجمهورية الاسلامية الايرانية من جهة و تيسيراً من سوريا من جهة اخرى و كذلك الثورة الفلسطينية من الداخل جاءت لتضرب هذا الخط الانهزامي و لتقنع العالم و بخاصة نحن في البلاد العربية بأن عصر الشعور الوجداني بالانهزام قد انتهى و بدأ الاحساس بالنصر و خط النصر بأذن الله و انكفاء المشروع الاسرائيلي العدواني التوسعي.

فؤاد الخرسا:نحن الآن نتحدث عن مرحلة راهنة بكل هذه الثوابت التي قدمتها. لكن عندما نقول انها الآن ، نتحدث عن القضية الفلسطينية و انها اصبحت في وعي و قلوب المسلمين اكثر من اي وقت مضى. هل يمكن ان يراهن على الوعي؟ يعني درجة الوعي لدى المسلمين ، ما حجم الرهان عليها حتى تحقق مثل هذا النصر الموعود الذي تحدث عنه قائد الثورة الاسلامية و يقول انه قريب؟ يعني هذه الحتمية في الوصول الى النصر ، هل يمكن ان نبني فقط على حالة الوعي لدى المسلمين برأيك؟

القاضي الشيخ احمد الزين:هذا الوعي الذي برز من خلال موقف ايران و من خلال موقف المقاومة الاسلامية في لبنان و صمود و ثبات الفلسطينيين في الداخل و خاصة في غزة جعل الوعي لدى الامة العربية و الاسلامية وعياً متجهاً نحو النصر و في امل كبير لألحاق الهزيمة بالعدو الاسرائيلي و انكفائها من الناحية السياسية و العسكرية الواقعية. بعض الانظمة العربية للاسف الشديد في مسايرتها للولايات المتحدة و رؤيتها الخاطئة بأن مصلحتها تتحقق بمسايرة السياسة الامريكية و من قبلها السياسة البريطانية و هذه حتّم عليها الصمت العميق طيلة هذه العقود الطويلة و اتاح لأسرائيل النمو ، هذا الواقع العربي للاسف الشديد بأذن الله المقاومة الاسلامية ضربته في الصميم و الحقت به الهزيمة. ليدرك الجميع اننا نحن مع الامام الخامنئي في هذا الخط .

فؤاد الخرسا:سيد صدقيان، نناقش خطبة العيد للسيد آية الله الخامنئي و فيها هذا التأكيد على قرب تحرير فلسطين . على ماذا استند السيد خامنئي في هذا التوجه ؟ يعني مثل هذا الكلام الثابت الحتمي من ان التحرير اقترب .

محمد صالح صدقيان:لا شك عندما يقول مرشد الثورة آية الله العظمى السيد الخامنئي بأن وقت التحرير قد اقترب هو يستند الى الكثير من المعطيات الموجودة على الساحة. هناك تراجع كبير في السياسة الامريكية الداعمة لأسرائيل . هناك تراجع ايضاً في السياسة الاسرائيلية ، هناك انهزامات متكررة للسياسات الاسرائيلية و تحديداً الهزيمة الكبرى التي منيت بها اسرائيل خلال حرب تموز 2006 . و بالتالي عندما يقرأ مرشد الثورة التطورات على الساحة الدولية و الاقليمية يبدو انه مطمئن الى ان الوضع الاسرائيلي اليوم يختلف كثيراً عن قوة اسرائيل قبل 20 او 30 عاماً. و هناك ايضاً مقاومة موجودة على الساحة. هذه المقاومة تمتاز بالكثير من التحديات و من القوة و الصلابة. و بالتالي التحية التي وجهها السيد الخامنئي للحكومة الفلسطينية و هذه التحية التي وجهها الى رئيس الحكومة السيد اسماعيل هنية تعطي الكثير من الدلالات بأن السيد الخامنئي يعتقد بأن السيد هنية هو رئيس الحكومة الشرعية. النقطة الثانية، هذا التحدي الذي تتمتع به حركة حماس و معها كافة الجماهير في الارض الفلسطينية و معها ايضاً الدعم الجماهيري سواء كان في ايران او غيرها لحركة حماس و للحكومة الفلسطينية المنتخبة شرعياً ، يبدو ان هذه المعطيات التي استند عليها السيد الخامنئي. و بالتالي انا لا اعتقد ان هذه التصريحات التي ادلى بها السيد الخامنئي هي بعيدة عن ثقافة الثورة و بعيدة عن ثقافة الامام الخميني رحمة الله عليه.

فؤاد الخرسا:فضيلة الشيخ، السيد الخامنئي ليست المرة الاولى يتوجه بها الى الفلسطينيين بشكل خاص ، هو اكد دائماً في خطبه على ما يسميه هذا الصمود الذي يمثله الشعب الفلسطيني في الخط المتقدم من هذه المنطقة العربية و الاسلامية. هل خطبة اليوم بمثابة تعبئة عامة على المستوى الفلسطيني و العربي و الاسلامي؟ هل تنظر اليها كذلك؟

القاضي الشيخ احمد الزين:نعم، آن لنا بعد نصف قرن و نيف ، آن للشعوب العربية و الاسلامية ان يدرك ان الكيان الصهيوني قائم على باطل و قائم على العدوان و العنصرية و على الكذب و النفاق . هذه الفئة من الناس تريد ان تتحدى مليار و 400 مليون مسلم ، تريد ان تتحدى الحق الفلسطيني و العربي و الاسلامي في كل مكان. هذا امر لا يتفق لا مع المصلحة اليهودية و لا مع المنطق و لا مع العلم. خمسين سنة و نيف و اسرائيل و العالم الغربي يشيع التعتيم على هذه القضية . الآن الامام الخامنئي بعد ترتيب الامور من المقاومة الاسلامية في لبنان و من صمود الشعب الفلسطيني، هذا الصمود القوي، المتين ، المشرف . انا لن اتكلم عن موقف الولايات المتحدة المشغولة بالانتخابات و لن اتكلم عن موقف الاوروبيين و الحكومات الاوروبية لأنها اذا كانت مشغولة الآن بمشاكلها بالافلاس و الى ما هنالك ، الا انني انظر الى الداخل. انظر الى الامة العربية و الاسلامية و الى الشعب الفلسطيني فأرى ان مرحلة الانتصار قد بدأت ثقافياً و سياسياً و حتى عسكرياً. و بهذا نحن خلف السيد الخامنئي حفظه الله و رعاه.

فؤاد الخرسا:سيد صدقيان،السيد الخامنئي يقول ان الشعب الايراني لن يترك اشقاءه في فلسطين وحدهم في مواجهة الكيان الصهيوني. هل هو دعوة مفتوحة لمناصرة و دعم القضية الفلسطينية للعرب و للمسلمين مهما كلفت من تضحيات؟ هل هكذا نفهم من الدعوة؟

محمد صالح صدقيان:هذه الوقفة التي وقفها السيد الخامنئي اليوم هي في غاية الاهمية . الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة كان يحتاج الى مثل هذا الدعم و كان هذا الدعم ضروري جداً. و بالتالي عندما قال بفم ملآن بأن الشعب الايراني كان واقفاً الى جانب الشعب الفلسطيني و سوف يستمر في وقوفه الى جانب هذا الشعب ، معنى ذلك ان ايران لا تريد ان تتخلى عن جهاد و مقاومة الشعب الفلسطيني. و بالتالي هو بأعتباره اكبر مسؤول في الجمهورية الاسلامية الايرانية و له كلمة الفصل، معنى ذلك بأن ايران سوف تقف الى جانب حركة حماس من اجل دعم المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي . اعتقد ان هذه القضية هي في غاية الاهمية . اليوم سمعناها من اكبر مسؤول في ايران و هي تعني الكثير فيما تعنيه في وقوف ايران الى جانب مقاومة الشعب الفلسطيني.

فؤاد الخرسا:نتحدث عند ما يمكن ان نسميه معركة حتمية عندما يتحدث السيد الخامنئي عن قرب التحرير كأنه ينقل هذا الواقع بحتميته. هل يمكن ان نلخص الامر ان التحرير فعلاً اصبح قريباً على ارض الواقع؟

محمد صالح صدقيان:هناك الكثير من العقائد الاسلامية التي نؤمن بها كمسلمين و هو حتمية انتصار العدل و انتصار الشعب المظلوم. لكن اذا اردنا ان نأخذ الامور من الناحية السياسية ، هناك الكثير من التلكؤ في السياسة الامريكية الداعمة لأسرائيل. هناك الكثير من التلكؤ في السياسة الامريكية في الشرق الاوسط.

فؤاد الخرسا:شيخ نافذ، في الموضوع الفلسطيني الذي تطرق اليه السيد الخامنئي في خطبة العيد، كيف قرأتم هذه النظرة لديه الى قرب تحرير الشعب الفلسطيني لأرضه المغتصبة؟

الشيخ نافذ عزام:بالتأكيد ما ورد في خطاب آية الله السيد الخامنئي هو استمرار و تأكيد على المواقف التي اتخذتها الجمهورية الاسلامية في ايران في دعم القضية الفلسطينية و في الوقوف مع الشعب الفلسطيني امام هذا العدوان المستمر و امام تكتل الشر الذي تقوده امريكا في العالم. بالتأكيد الفلسطينيون استقبلوا بترحاب شديد هذه التصريحات ، او هذا التأكيد على المواقف الراسخة للجمهورية الاسلامية. و هذه المواقف تأتي في وقت مناسب تماماً ، تأتي في وقتها نظراً للضغوط الكبيرة التي تمارس على الشعب الفلسطيني و نظراً للمحاولة الامريكية المحمومة لتطويع المنطقة من اجل فرض الهيمنة الامريكية الاسرائيلية عليها. بالتأكيد نحن لم نفاجأ بهذه التصريحات لأنها تأتي في السياق الطبيعي و تأتي كأستمرار للمواقف التي اتخذتها القيادة الايرانية دعماً للشعب الفلسطيني و دعماً لمقاومته و دعماً لجهاد هذا الشعب في مواجهة المشروع الامريكي الصهيوني .

فؤاد الخرسا:لأبقى معك عندما يقول ان الشعب الايراني لن يترك اشقاءه في فلسطين وحدهم في مواجهة الكيان الصهيوني. هل فهم الفلسطينيون من هذا الكلام ان ايران بكل ثقلها بما تمثله هي الى جانب هذا الشعب المقاوم و بالتالي من هنا النظرة الى حتمية الانتصار؟

الشيخ نافذ عزام:نحن نؤمن تماماً بأن حقنا سيعود و بأن مشروع الاسلام سينتصر و بأن المشروع الامريكي الصهيوني سيندحر و سيتراجع بأذن الله . لكن في اللحظة الراهنة التي نعيشها هناك تعقيدات كبيرة، هناك معاناة للشعب الفلسطيني ، هناك مأساة يعيشها الفلسطينيون و هناك ايضاً اوضاع معقدة في المنطقة العربية . هذه التصريحات مهمة و ضرورية و نتمنى ان تترجم على الارض و تحول الى برامج و خطط لدعم الشعب الفلسطيني. نحن مع تقديرنا لهذه التصريحات و مع تقديرنا للمواقف و السياسات الايرانية الداعمة للشعب الفلسطيني و الداعمة لهذه القضية المقدسة ، نحن نتمنى ان يكون هناك دعم اكبر . شعبنا الآن يعيش مأساة حقيقية في غزة و في الضفة الغربية نتيجة الاحتلال اولاً و بعد ذلك للاسف الانقسام الذي حصل زاد من معاناة هذا الشعب . و بالتالي دور اخواننا العرب و المسلمين مطلوب في هذه اللحظة اكثر من اي وقت مضى. الجمهورية الاسلامية تقدم دعماً كبيراً و نحن نقدره تماماً لتقدم هذا الدعم للشعب الفلسطيني لكن نأمل في زيادة هذا الدعم على الصعيد المادي و السياسي و في كل الاصعدة و على جميع المستويات. الفلسطينيون بحاجة ماسة الى دعم اخوانهم من العرب و المسلمين. و بالتالي نقول ان تصريحات آية الله السيد الخامنئي تأتي في وقت مناسب تماماً و هي رسالة للفلسطينيين و رسالة ايضاً للعالم بأسره بأن هذا الشعب لن يكون لوحده .

فؤاد الخرسا:فضيلة الشيخ، خطبة العيد للسيد الخامنئي بتوحيد الصفوف جاءت بعد اسبوع من يوم القدس العالمي . هل هي دعوة جديدة، تجديد دعوة لوحدة الصف العربي و المسلم من اجل القضية المركزية سواء فلسطين او موضوع القدس الشريف؟

القاضي الشيخ احمد الزين:موضوع القدس الشريف جاء موضوعاً بارزاً و واضحاً يذكر الامة الاسلامية بعلاقتها الوطيدة بالمسجد الاقصى ، قبلة المسلمين الاولى و ما عليهم من واجبات لمواجهة الاعتداء و التهديد للمسجد الاقصى. الا ان علينا معشر العلماء ان نتحمل مسؤوليتنا الكبيرة في حمل الثقافة الاسلامية للجماهير العربية و المسلمة. مسؤولية كبيرة بأن نعود بالشعوب العربية و الاسلامية بأن تعود للمصدر الاساسي في الفكر و في السياسة و في الثقافة و في كل شأن لكتاب الله و سنة رسول الله. هذا واجب العلماء و مسؤوليتهم بالدرجة الاولى . و اذا ما عدنا الى كتاب الله و هدي رسول الله نرى ان الاسلام يدعونا الى استراتيجية وحدوية لمواجهة الاستراتيجية الصهيونية و الغربية الداعية للتفرقة بين المسلمين. فالقرآن الكريم يؤكد: ان هذه امتكم امة واحدة و انا ربكم فأعبدون. و لذلك اقول ان على العلماء الدعوة للوحدة الاسلامية و ان يتجاوزوا كل دعوة للتفرقة سواء كانت هذه الدعوة منطلقة من التفرقة المذهبية او قومية او عرقية الى آخر ما هنالك من دعوات للتفرقة يستغلها العدو الصهيوني و من هم وراءه. انا اقول لك، انا قاضي على المذهب الحنفي السني في الجماعة الاسلامية. انا اؤيد الامام الخامنئي و اؤيد الجمهورية الاسلامية الايرانية و اؤيد المقاومة الاسلامية في الدعوة للوحدة بين جميع المذاهب و بين جميع المسلمين و اواجه كل دعوة للتفرقة بين المسلمين لأنني ارى بأن كل دعوة للتفرقة سواء انطلقت من الناحية المذهبية او من الناحية القومية انما تصب بمصلحة العدو الاسرائيلي. هذه التفرقة بين المسلمين و بين العرب الى اين تذهب؟ من الذي يستفيد منها؟ يستفيد منها العدو الاسرائيلي . هذه المذاهب اجتهادية و هي طبيعية و ليست جديدة.

فؤاد الخرسا:سيد صدقيان، كيف يمكن ان يترجم العرب و المسلمون مثل هذه الدعوات المتواصلة للوحدة؟ هل اوضاع بعض الانظمة مهيأة لأستقبال مثل هذا الكلام ام هي تسبح عكس التيار؟

محمد صالح صدقيان:في حقيقة الامر عندما قال السيد الخامنئي بأنه دعى الى الوحدة و الى التوجه الى السنة او الشيعة و القومية الفارسية و الايرانية كان يشير بذلك بوضوح الى اللغط الذي حصل خلال الاسابيع القليلة الماضية حول السنة و الشيعة او دور الايرانيين في الوحدة و دور العرب في الوحدة . و بأعتقادي ان هنالك من خلال ما لمسته من كثير من الاوساط السياسية و الدينية داخل ايران لمست ذلك بشكل واضح، استياء الكثيرين من هذا اللغط الذي حدث خلال الاسابيع القليلة الماضية . هذا اللغط الذي جاء على خلفية تصريحات بعض العلماء التي اطلقت او الصحف العربية. بالتالي انا اعتقد بأن الاسرائيليين او الامريكيين او اي جهة من اعداء الاسلام لا تفرق بين سني او شيعي و لا بين عربي او فارسي . المسلمون متهمون. الشيعة و السنة لا فرق بينهم عندما يكون الاسرائيلي حاضراً و عندما يكون الامريكي حاضراً و عندما يكون عدو من اعداء الاسلام حاضراً لا فرق بين سني و شيعي و لا يفرق ايضاً بين فارسي و تركي و باكستاني و عربي. و بالتالي هذه الدعوة هي دعوة مخلصة من اجل وحدة الصف الاسلامي . و ايضاً عندما قال السيد الخامنئي بوضوح كامل، عندما تكون هناك الوحدة لا يعني ان يتبرأ كل واحد عن عقيدته بل على العكس سيبقى السني سنياً و الشيعي شيعياً و الفارسي فارسياً و العربي عربياً و الى آخره. لكن هناك مصلحة للامة الاسلامية و هناك هدف للامة الاسلامية . المسلم اينما كان يجب ان يتحلى بروح من المسؤولية و بوعي كامل .

فؤاد الخرسا:شيخ نافد اعود اليك و من تصريحات سمعناها في خطبة العيد من السيد اسماعيل هنية عندما انتقد تنكّر بعض العرب للفلسطينيين حيث يخضع قطاع غزة لحصار اسرائيلي للعام الثالث على التوالي. كيف يمكن ان ينظر هذا البعض المنتقد الى تقصيره في حمل مسؤولياته تجاه هذا الحصار تحديداً و نحن نتحدث عن مقاومة و عن نصرة الشعب الفلسطيني؟

الشيخ نافذ عزام:نحن بالتأكيد لنا عتاب شديد على اخواننا من العرب و المسلمين بخصوص مواقفهم تجاه القضية الفلسطينية على مدى السنوات الماضية . لكن نحن نعتب على اخواننا العرب و المسلمين . كان المفروض ان يكون حجم الدعم للفلسطينيين اكبر من ذلك بكثير على مدى سنوات طويلة. الآن هناك مشكلات كبيرة تعيشها الساحة الفلسطينية . يفترض ان يكون هناك دور اكبر لأخواننا من العرب و المسلمين في دفع الفلسطينيين للالتقاء. نعم، بذلت جهود من بعض الدول العربية و الاسلامية لكن نظن ان هذه الجهود غير كافية و يجب ان تبذل جهود اكبر من اجل ترتيب الوضع الفلسطيني الداخلي. الوضع الفلسطيني الداخلي ليس فقط مسؤولية الفلسطينيين لأن القضية الفلسطينية لا تهم الفلسطينيين وحدهم و لكنها تهم كل العرب و المسلمين. ما يجري في فلسطين يؤثر على معظم الساحات العربية و الاسلامية . و بالتالي يجب ان تكون هناك جهود اكبر بأتجاه ترتيب الوضع الفلسطيني دون الوقوف مع طرف ضد طرف آخر. في الصراع الفلسطيني الداخلي يجب ان تكون الجهود متوازنة تماماً بأتجاه الفلسطينيين من اجل جمعهم و من اجل الوصول الى برامج مشتركة. بشكل عام، الدعم العربي و الدعم الاسلامي للقضية الفلسطينية لم يصل الى المستوى المطلوب لمواجهة العدوان الاسرائيلي المدعوم امريكياً بلا حدود. اليوم اعلن عن صفقة كبيرة لتزويد اسرائيل بطائرات امريكية حديثة، صفقة ربما تصل الى المليارات. ماذا يفعل العرب امام هذا؟ يفترض ان يكون هناك موقف عربي ليس فقط ضد اسرائيل و لكن ايضاً موقف عربي تجاه امريكا التي تصر على دعم اسرائيل بأحدث الاسلحة.

فؤاد الخرسا:لأبقى في اطار الخطبة و المتعلقة بتضحيات الشعب الفلسطيني التي وردت على لسان السيد الخامنئي و هذا التأكيد على دور المقاومة ، هل تعتقد تحمل في طياتها عبثية الرهان على خيار المفاوضات ؟

الشيخ نافذ عزام:هذا شيء مؤكد. الفلسطينيون جميعاً يدركون الآن ان المفاوضات بلا نتيجة. الرئيس عباس نفسه قبل اسابيع قليلة كان يعلن بأن المفاوضات لم تصل الى اية نتيجة و ان العدوان مستمر و ان الاستيطان مستمر. مفاصل السياسة الاسرائيلية لم تتغير على الاطلاق و ليس من المأمول ان يحدث فيها تغيير. من غير المأمول ان يكون هناك تغيير جوهري في السياسة الاسرائيلية مع تغيير رؤساء الحكومات او حتى مع تغيير الحكومات بأكملها . و ليس من المأمول ايضاً ان يكون هناك تغيير في السياسة الامريكية بعد الانتخابات القادمة سواء وصل ماكين او اوباما . من غير المعقول و من غير المنطقي ان يعول الفلسطينيون على تغيير في السياسة الاسرائيلية او تغيير في السياسة الامريكية . اي قارئ لما يجري في العالم سيكتشف ان الموقف الامريكي تجاه القضية الفلسطينية موقف ثابت على مدى عقود الصراع . و ايضاً السياسة الاسرائيلية تجاه الفلسطينيين لم تتغير.

فؤاد الخرسا:سيد صدقيان، الدعوة لتوحيد الصفوف قد تكون اللازمة الدائمة لخطب قائد الثورة الاسلامية في هذه المناسبة و غيرها. لكن كيف السبيل لتحقيقها و بعض واقع الامة مزقته هذه الانقسامات ، هذه الولاءات لمحاور متناقضة؟

محمد صالح صدقيان:هناك آية في القرآن الكريم تجسد المنهج للمسلمين. تقول الآية ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. هذه هي القاعدة الاساسية الصلبة التي يجب ان يقف عليها كل المسلمون. عندما يريد المسلمون ان يواجهوا هذه التحديات سواء كانت في فلسطين او في العراق او في افغانستان او اي مكان آخر يجب ان تكون هناك ارضية صلبة يقف عليها المسلمون من اجل مواجهة هذه التحديات . و بذلك ، لا تسمح الظروف في الوقت الحالي ان يكون هناك انقسام و تشتت ، ان يكون اختلاف في الرأي. ما اكد عليه السيد الخامنئي اليوم في خطبة العيد كان واضحاً فيها عندما دعى المسلمون الى الوحدة و الى رص الصفوف من اجل مواجهة هذه التحديات. لا يمكن لنا ان نواجه اسرائيل و لا يمكن لنا ان نواجه الاشكال المختلفة من الاحتلال الا من خلال توحيد الصفوف و توحيد العمل من اجل مواجهة هذه الانواع المتعددة من الاحتلال.

فؤاد الخرسا:شكراً لك أستاذ محمد صالح صدقيان كما أشكر فضيلة الشيخ القاضي أحمد الزين وفضيلة الشيخ نافذ عزام. والسلام عليكم.