ارتباط الإمام الخميني بالقرآن

2008-08-25

تلاوته القرآن فقرة ثابتة في برنامجه اليومي

كانت تلاوة القرآن من الفقرات الثابتة في البرنامج اليومي للإمام، وكان يلتزم بها على وفق ترتيب منظم خاص، وكنا ـ نحن الملازمون لخدمته ـ نراه يتلو في اليوم أربعة أجزاء من القرآن[1].

يختم القرآن كل عشرة أيام مرة على الأقل طلبت يوماً من أحد المقربين من الإمام، أن يخبرني بما يفعله الإمام طوال نهاره وليله، فقال ـ ضمن توضحيه لفقرات برنامج عمل الإمام اليومي ـ: إنه يتلو القرآن ثمان مرات كل يوم ويختمه كل عشرة أيام مرة على الأقل[2].

يقبل على تلاوته في كل فرصة

كان الإمام يتلو القرآن بعد إقامته لنافلة الليل إلى موعد آذان الفجر، ثم يعاود تلاوته بعد فريضة الفجر، كما كان يقبل على تلاوته كلما سنحت له الفرصة بين أعماله اليومية، فكان يتلو القرآن ثمان مرات في اليوم ويختمه كل شهر مرة[3].

ويوليه أهمية خاصة رغم كثرة المشاغل

على الرغم من كثرة مشاغله، كان الإمام يولي أهمية خاصة لأداء المستحبات، خاصة تلاوة القرآن والدعاء وإقامة الصلاة في أول وقتها، كان يتلو ما تيسر من القرآن ثلاث إلى خمس مرات في اليوم ويختمه في شهر رمضان المبارك ثلاث ختمات[4].

يحرص على تلاوته وسط أعماله

يتلو الإمام القرآن عدة مرات في اليوم، وكلما سنحت له الفرصة، وهو يتلو ما تيسر منه عادة بعد صلاة الفجر وقبل صلاتي الظهر والعصر، وصلاتي المغرب والعشاء، ويلتزم بهذا العمل المستحب في كل فرصة تسنح له، فنراه في الكثير من الأحيان منهمكاً بتلاوة القرآن عندما ندخل عليه في النهار لبعض الأعمال[5].

ازدياد اهتمامه بالتلاوة في شهر رمضان

كان الإمام شديد الإقبال على تلاوة القرآن في شهر رمضان المبارك خاصة، ولا أتذكر أنني دخلت عليه مرة في هذا الشهرـ خاصة في شهر رمضان الأخير من حياته المباركة ـ ولم أره يتلو كتاب الله، كنت أراه مقبلاً على تلاوته كلما دخلت عليه لأمر ما[6].

التوجه للقرآن أثناء تلاوته

يلتزم الإمام ـ ومنذ مقتبل عمره الشريف ـ بتلاوة مقدار من القرآن كل يوم، وهذا الأمر جزء ثابت في برنامجه اليومي المنظم بدقة، فهو يخصص فيه ساعة للإقبال على تلاوة القرآن والأنس به، لا يدخل عليه فيها أحد، ولا يجيب فيها على سؤال أحد، فكان يتوجه بكل وجوده للقراءة والتدبر في آياته ومعانيه[7].

الأنس بتلاوة القرآن

الإمام شديد الأنس بالقرآن، فهو ـ مثلاً ـ يتوجه لتلاوة آياته ضحى كل يوم، بعد تناول إفطاره واللقاء بالمسؤولين، وبعد ممارسة رياضة المشي لمدة محددة، تبدأ في الساعة التاسعة والنصف، ثم يقوم بعد هذه التلاوة بإنجاز بعض الأعمال، وقراءة بعض الرسائل والتقارير السرية، التي لا يحق لغيره اتخاذ القرار بشأنها، وبعد ذلك يجدد الوضوء قبل أذان الظهر، ويعاود تلاوة القرآن، وهو يتميز بحالة خاصة من التوجه والإقبال والأنس بتلاوة القرآن والدعاء[8].

التلاوة قبل إقامة الصلاة

كان الإمام يتلو القرآن عادة قبل حلول وقت كل صلاة[9].

يستثمر أبسط فرصة لتلاوة القرآن

لم يكن الإمام يسمح بضياع أي مقدار من وقته مهما كان بسيطاً، كان يستثمر كل فرصة، فمثلاُ كان يأتي لتناول طعام الظهيرة بعد إقامته صلاتي الظهر والعصر، فإذا سنحت له فرصة ـ ولو كانت أقل من دقيقتين ـ أخذ المصحف وتلا فيها ما تيسر من كتاب الله[10].

أريد العين لتلاوة القرآن

أصيب الإمام ـ أيام إقامتنا في النجف الأشرف ـ بمرض في عينه، فجاء الطبيب وفحصها ثم قال: استريحوا من تلاوة القرآن بضعة أيام! ابتسم الإمام وقال: «أيها الطبيب، أنا أريد العين من أجل تلاوة القرآن فما جدوى أن تكون لي عين ولا أتلو بها القرآن؟! عليك أن تقوم بما يمكنني من تلاوة القرآن» [11].

التلاوة قبل طعام الظهيرة

لم يكن الإمام يسمح أبداً بتضييع وقته، وقد رأيناه مراراً يتوجه لتلاوة القرآن في الدقائق القليلة التي يستغرقها إعداد مائدة الطعام وهي دقائق يقضيها الآخرون عادة بالبطالة[12].

يلجأ إلى القرآن عند استشهاد ولده

روى الحاج السيد أحمد إن الإمام قام عند سماعه بخبر استشهاد ولده الحاج السيد مصطفى في النجف الأِشرف بالتوجه ـ بكل صبر واستقامة ـ إلى الجلوس في زاوية، والإقبال على تلاوة كتاب الله [13].

يكشف الحزن بالقرآن

عندما توفي المرحوم السيد مصطفى تقرر إن يذهب عدد من الإخوة بمعية الحاج السيد أحمد إلى الإمام ويخبرونه ـ بصورة تدريجية ـ بهذا الخبر المؤلم. وعندما جلسوا عنده سأل أحد الإخوة: هل وصل من المستشفى خبر جديد عن حالة السيد مصطفى؟ فقال الشيخ الميرزا حبيب الله الأراكي: لقد اتصلوا من المستشفى قبل قليل وقالوا: يجب نقله إلى بغداد بسرعة.

ولكن السيد أحمد لم يستطع السيطرة على عبرته وجعل يبكي، فأدار وجهة لكي لا يراه الإمام، ولكن الإمام أعاد له وجهة إلى الاتجاه الأول وقال:" ما بك يا أحمد ؟هل توفي مصطفى؟ إن أهل السماء يموتون وأهل الأرض لا يبقون. ليتفضل السادة بالعودة إلى أعمالهم "، ثم قام هو وتوضأ وأخذ يتلو القرآن الكريم[14].

لا يترك القرآن للإنشغال بالجهاد

كان من المعروف في النجف إن الإمام يقرآ كل يوم جزئين من القرآن، كان شديد الأنس بالقرآن ويقبل على تلاوته في الصباح وبعد الظهر وكلما سنحت له الفرصة، فلم يكن يترك تلاوة القرآن بحجة الإنشغال بالأعمال الجهادية.[15]

القرآن معه في باريس

كان الإمام ملتزماً بتلاوة جزء كامل من القرآن الكريم كل يوم من أيام إقامته في باريس، وذلك في ثمانية أوقات مخصصة لذلك[16].

عشر ختمات في شهر ربيع القرآن

كان الإمام يقرأ ـ في شهر رمضان ـ عشرة أجزاء من القرآن يومياً فكان يختمه بالكامل كل ثلاثة أيام مرة. كان بعض الإخوة يفرحون لإكمالهم ختم القرآن مرتين في هذا الشهر المبارك، ثم عرفوا لاحقاً إن الإمام يختمه عشر مرات او إحدى عشرة ختمه في هذا الشهر المبارك[17].

لم يفارق القرآن حتى في مرضه

كان الإمام ملتزماً بتلاوة عدد صفحات من القرآن " حزب كامل أو أكثر " كل يوم، ولم يترك تلاوة القرآن ونافلة الليل حتى في أيام حياته الأخيرة وحتى في الليلة التي أجريت له العملية الجراحية الأخيرة في صبيحتها.[18]

أوقاته الثابتة لتلاوة القرآن

كان الإمام يتلو ما تيسر من القرآن في سبعة أوقات كل يوم يكمل فيها ـ حسب قول الحاج السيد أحمد ـ أربعة أجزاء من القرآن يومياً، وهذه الأوقات هي:ـ

1ـ قبل صلاة الفجر.

2ـ بعد صلاة الفجر.

3ـ في الساعة التاسعة صباحاً.

4ـ قبل صلاة الظهر.

5ـ عصراً بعد قيامه بممارسة رياضة المشي.

6ـ قبل صلاة المغرب.

7ـ بعد صلاة العشاء.[19]

يأنس بالاستماع للتلاوة

..بعد هبوط الطائرة السمتية.. رتب الأفراد المسؤولون عن تنظيم المراسم، حزاماً بشرياً متصلاً إلى محل المنصة للإحاطة بالإمام وحمايته، ثم أستقر الإمام ومعه الحاج السيد أحمد وعدد من العلماء على المنصة، وفي بداية المراسم قرأ أحد الأحداث ـ بصوت جميل ـ آيات من القرآن مع ترجمتها بالفارسية، وكلما أراد إنهاء التلاوة خاطبه الإمام بالقول: " أقرأ يا عزيزي"[20].

ويحب القرآن

الإمام يحب القرآن كثيراً ويأنس به بشدة ولم يكن المصحف يفارقه أبداً بل كان دائماً يضعه بالقرب منه[21].

يرفض إبعاد المصحف عنه

كان الإمام يرفض ـ بحكم التزامه بمواساة الشعب ـ الدخول إلى الملجأ الذي بنوه، وقد اضطررنا إلى نقل الكتب والأشياء من الرف الذي كان يجلس إلى جواره لكي لا تسقط عليه بسبب الهزات التي يوجدها القصف الجوي، لكنه رفض السماح لنا بنقل المصحف وكتاب مفاتيح الجنان لأنه كان يحرص إن يكونا في متناول يديه دائماً[22].

يأمر بختم القرآن للآخرين

كان الإمام يأمر ـ قبل أيام من حلول شهر رمضان ـ بتلاوة عدة ختمات من القرآن وإهداء ثوابها إلى أشخاص معينين[23].

يتدبر في معاني القرآن بدقة

كان الإمام يحب بعمق القرآن وتلاوته والتدبر في معانيه بدقة، وأتذكر أنني طلبت منه أن يكتب تفسيراً للقرآن فقال: "ينبغي لمن يكتب التفسير إن لا يكون له هم ولا هدف سواه في حياته، أما أنا فلدي الآن مشاغل متعددة وأعيش في حالة الكثرة"[24].

احترامه للقرآن

شاهدت مراراً حالة لطيفة في الإمام فيما يرتبط باحترامه للقرآن، فقد كنا أحياناً نحمل في الحقيبة بعض المصاحف لأسباب معينة ونحن ندخل على الإمام لإنجاز أعمالنا، وكنا نخرجها من الحقيبة ونضعها على الأرض مع المحتويات الأخرى للحقيبة دونما التفات لذلك فكان الإمام يقول لنا فوراً: "لا تضعوا المصحف على الأرض"، ثم يبادر إلى رفعه ووضعه على المنضدة التي بجواره، ثم انتبهنا إلى انه كان يفعل ذلك لكي لا يكون المصحف موضوعاً على الأرض وهو يجلس على الكرسي[25].

أنا أبارك القرآن؟!

جاءوا يوماً بعدد من المصاحف الصغيرة التي كانت تضم عدداً قليلاً من السور القرآنية لكي يوقع عليها الإمام قبل إهدائها إلى المقاتلين في الجبهات، فأخذ أحد السادة الكيس الذي يحتوي المصاحف وقربه من الإمام الذي تصوّر إن في الكيس قطعاً سكرية وأمثالها مما اعتدنا تقديمها له لكي يمسح عليها تبركاً، ولذلك فقد مدّ يده ليمسح على الكيس، لكنه لما وقع بصره على داخل الكيس قال: " ما هذه ؟" قلنا: إنها مصاحف صغيرة جئنا بها لكي تباركها؟ وعندها انتفض في حالة من الاضطراب الشديد لم نرها من قبل أبداً، وسحب يده بشدة خلاف سكينته المعهودة وقال بلهجة حادة معاتباً لنا: "أنا أبارك القرآن؟! ما هذه الأفعال التي تقومون بها؟!"[26].

تواضعه أثناء استماع التلاوة

شاهد الجميع الإمام يوماً وهو يتجنب الجلوس على الكرسي الذي اعتاد الجلوس عليه في شرفة حسينية جمران أثناء اللقاءات العامة، وجلس على الأرض، وكان السبب هو أن الفائزين في مسابقة قراءة القرآن قد جاءوا لزيارته في هذا اللقاء وكان من المقرر أن تتلى أثناء اللقاء آيات من القرآن الكريم[27].

أحببتك لأنك تتلو القرآن

كنت أجلس باستمرار في حرم أمير المؤمنين عليه السلام وأتلو القرآن فيه، وكان الإمام يراني هناك ورغب في أن أعمل عنده، وقد بعث لي شخصاً يستدعيني للقائه فلم أذهب إليه لأنني تصورت أنه غير مرتاح مني ويري أن يعاتبني، ثم جاءني الشخص نفسه وقال: إن الإمام يريد أن يلتقيك لأمر، وقلت: بالله عليك ماذا يريد مني؟ قال: والله لا علم لي بذلك، قلت: هل هو غاضب عليّ لا سمح الله؟ أجاب: لا، لا، كل ماقاله لي هو: "إذهب وأتني بذاك الرجل الذي يجلس في الحرم".

وعندها قلت له: حسناً، إذهب أنت، سوف أذهب إلى سماحته بنفسي، فذهب الرجل: وعندما دخلت على الإمام سألني: "ما اسمك؟" أجبت: حاج إبراهيم خادم النجفي، فقال: هل ترغب في البقاء في هذا البيت وتساعدنا في الأعمال؟" قلت: وأي شيء أستطيع القيام به أنا ياسيدي؟ أجاب: "تشارك في القيام بالأعمال، وأطمئن من أنك ستكون هنا في راحة، ليس مهماً مقدار ما تستطيع القيام به من الأعمال، لقد أحببتك لأنك رجل مؤمن ولأنني أراك تتلو القرآن كلما دخلت الحرم للزيارة"[28].

 

__________________________

 

[1] السيد رحيم ميريان "من العاملين في بيت الإمام".

 

[2] آية الله اللاهوتي، مجلة " زن: امرأة اليوم"، العدد: 774.

 

[3] حجة الإسلام والمسلمين الأنصاري الكرماني، صحيفة رسالت 9/3/1372هـ.ش.

 

[4] حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محمد رضا التوسلي.

 

[5] حجة الإسلام والمسلمين الأنصاري الكرماني، مجلة " بيام إنقلاب: رسالة الثورة"، العدد: 48.

 

[6] حجة الإسلام والمسلمين رحيميان.

 

[7] حجة الإسلام والمسلمين الرسولي المحلاتي ـ صحيفة إطلاعات 10/9/1367هـ.ش.

 

[8] حجة الإسلام والمسلمين الشيخ حسن الثقفي، كتاب " بابن باي آفتاب:خطوات في أثر الشمس "، ج1، ص 143.

 

[9] حجة الإسلام والمسلمين الآشتياتي، مجلة " باسدار إسلام":حارس الإسلام" العدد: 94.

 

[10] السيدة مرضية الحديدجي، "سركذشتهاي ويزه أز زندكي امام خميني: حوادث خاصة من حياة الإمام الخميني "ج:4.

 

[11] السيدة فاطمة الطباطبائي، مجلة " حضور"، العدد:3.

 

[12] حجة الإسلام والمسلمين مسيح البروجردي، صحيفة "سلام" 2/3/1372هـ.ش.

 

[13] حجة الإسلام والمسلمين الآشتياني، مجلة " مرزداران /حرس الحدود "، العدد:84.

 

[14] حجة الإسلام والمسلمين الفرقاني، كتاب " حوادث خاصة من حياة الإمام الخميني"، ج 1.

 

[15] آية الله السيد عباس خاتم اليزدي.

 

[16] موسوعة "كوثر "، ج 2، ص 20.

 

[17] حجة الإسلام والمسلمين الناصري، كتاب "حوادث خاصة من حياة الإمام "، ج4.

 

[18] حجة الإسلام والمسلمين الرسولي المحلاتي، مجلة "حوزة "، العدد المزدوج.

 

[19] السيد رحيم ميريان "أحد العاملين في بيت الإمام"، ولعل هذه الرواية هي أدق الروايات بالنسبة لأوقات ومقدار تلاوة الإمام من القرآن يومياً وهي ترتبط بالأعوام الأخيرة من حياته الشريفة أيام إقامته في طهران بعد انتصار الثورة الإسلامية. المترجم".

 

[20] تقرير مراسل صحيفة كيهان، العدد الصادر بتاريخ 14/11/1357"هـ.ش".

 

[21] حجة الإسلام والمسلمين حسن الثقفي، كتاب" خطوات في أثر الشمس"، ج 1، ص 143.

 

[22] السيدة فرشته الإعرابي" حفيدة الإمام".

 

[23] حجة الإسلام والمسلمين رحيميان.

 

[24] آية الله جعفر السبحاني، مجلة "حوزة" العدد:

 

[25] حجة الإسلام والمسلمين رحيميان، كتاب " حوادث خاصة من حياة الإمام الخميني "، ج5.

 

[26] حجة الإسلام والمسلمين رحيميان.

 

[27] حجة الإسلام والمسلمين محمد الفاضلي الإِشتهاري، كتاب "حوادث خاصة من حياة الإمام"، ج5.

 

[28] السيد إبراهيم خادم النجفي "الخادم في بيت الإمام في النجف ".