القرآن ومراتب تلاوته

2008-08-27

إن تلاوة قرائنا الأعزاء تجعل المرء يشعر بالرضا وأن قافلة التجويد وقراءة القرآن الكريم عندنا تسير من حسن إلى أحسن، فإذا ما عقدنا مقارنة بين الوضع الآن والوضع قبل الثورة فإننا سنجد الفرق شاسعاً، حيث كانت الانطلاقة من الصفر، بل وما دون الصفر، حتى بلوغ مراتب ممتازة والحمد لله، وهذا ما يُدخل علينا الفرحة والإحساس بالغبطة والسعادة.

على أنّ ثمة إشكالات لابد من استعراضها: فالأول هو أننا نتصور أن تلاوة القرآن والأنس بالقرآن ونشر القرآن هو هذا فحسب ولا شيء سواه.

وهذا يمثل إشكالاً خطيراً حيث لا ينبغي أن يكون فهمنا خاطئاً لهذه الدرجة.

إنني أو من إيماناً جازماً بهذه التلاوة، ولقد تحدثت عن السبب في لقاءات سابقة، فلا داعي لإعادته وتكراره، كما أنني أشعر بالفخر والاعتزاز بقرائنا الأفاضل والأساتذة البارعين في التلاوة، ولكن كل هذا ليس سوى مقدمة لتكريس الروح القرآنية وتعميم الثقافة القرآنية في مجتمعنا. أي أنكم أيها الشباب والرجال والنساء والأطفال المسلمون لابد لكم وأن تأنسوا بالقرآن وأن تتلوا آيات الله وكأنكم المخاطبون بها أمام الله تعالى بكل معنى الكلمة، وأن تتدبروا القرآن الكريم وتأخذوا منه عبراً ودروساً.

وأما المرحلة الثانية، فهي مرحلة العمل والفعل. ولكني أقول بأن مرحلة ما قبل العمل هي مرحلة تعلم القرآن وفهم معارفه ومعانيه والتدبر في آياته وكلماته المجيدة.

إنّ هذه الكلمات تمثل آخر كنوز الوحي الإلهي التي منحها الله تعالى للبشرية، وهي ما يجب أن تكون نبراساً لهداية الإنسان إلى أبد الآبدين وإرشاده إلى سبل السعادة والفلاح والإخلاص، فهي كلمات زاخرة بالمعارف الحقة وينبغي فهمها والتدبر في معانيها.

ولكننا للأسف نعاني من حجاب اللغة، وهو ما ينقصنا نحن الشعوب غير العربية.

إنّ الذين يتحدثون العربية بوسعهم فهم القرآن الكريم ولو بصورة غير كاملة، وباستطاعتهم تذوق ما فيه من بيان وفصاحة وبلاغة رفيعة وإن لم يكن هذا بمقدور كل أحد. وبلا مقارنة، ومن أجل تقريب الصورة فأننا نقول مثلاً أن كتاب (گلستان) لسعدي الشيرازي كتاب بليغ في لغته الفارسية ويفهمه الجميع لدى قراءته، إلا أن دقائق وتفاصيل ما فيه تبقى أموراً لا يبلغ كنهها إلا الأدباء وأصحاب الذوق الرفيع.

فهكذا هو القرآن فيما لو حاولنا تكبير هذه الصورة آلاف الأضعاف.

إنّ المتحدث العادي باللغة العربية ربما لا يكون بوسعه تذوق ما في القرآن من بدائع وصور أدبية ومعنوية رفيعة، إلا أنه يستطيع فهم كلماته، فيرقّ قلبه، وتغرورق عليناه بالدموع لدى الاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم لأنه يدرك العبرة والموعظة الإلهية.

إنّ هذا هو الحجاب الذي نعاني منه، وإن كان هناك حل لهذه المشكلة. إنه لا ينبغي لأحد أن يتعلل قائلاً بأن هذا غير ممكن، ولا داعي الآن له، فهذه أمور محبطة.

إنّ غالبية المفردات والألفاظ القرآنية باتت متداولة في اللغة الفارسية، وإننا نفهمها ونستخدمها في الحديث والكتابة، فعندما كنت أقيم في مدينة مشهد قبل الثورة كنّا نعقد جلسات قرآنية، وكنت أتحدث لشباب ذلك اليوم ـ الذين أصبحوا اليوم كباراً ـ وأقول لهم على سبيل المثال تعالوا نقرأ هذه الآية معاً : {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} .

إنّ المتحدث باللغة الفارسية يفهم جميع مفردات هذه الآية الشريفة إلا قليلاً، فمثلاً كلمة {لنبلونكم} ربما لابد من ترجمتها، وأما كلمات: شيء، خوف، جوع، نقص، أموال، أنفس، وثمرات، فهي ألفاظ مفهومة بالنسبة لنا، بل ونستخدمها في الفارسية.

إذاً فإن فهم آيات القرآن وحروف الربط وتراكيب الألفاظ والأنس بالقرآن والرجوع للترجمات ليست أموراً شاقة.

ومن حسن الحظ فإن لدينا اليوم العديد من الترجمات الجيدة، على العكس من تلك الأيام، حيث لم تكن هناك حتى ترجمة واحدة جيدة للقرآن الكريم لكي يرجع إليها الراغبون بثقة واطمئنان.

وأما الآن فهناك ترجمات كثيرة جيدة والحمد لله، فيمكنكم الرجوع لهذه الترجمات، وستجدون أن هذه هي الحقيقة.

إذاً فهذا إشكال ينبغي التغلب عليه، أي مشكلة فهم معاني آيات القرآن الكريم.

وأما الإشكال الثاني، فهو أن يتصور قارئنا أن كل مهمته تتلخص في مجرد التلاوة بصوت عذب وتعلم مقامات الترتيل والتجويد بدقة وجودة، وهذه مشكلة لها عواقبها إذا ما وُجدت.

إنّ على قارئينا أن يتلوا القرآن وكأنه يتنزل على قلب السامعين والمخاطبين.

إنّ هذه السمة الممتازة تتوفر في بعض القراء المصريين دون البعض الآخر، فليس المشاهير جميعاً يتميزون بهذه الصفة.

وأما أنتم فلا علاقة لكم بكل ذلك، وكل ما عليكم هو تلاوة القرآن الكريم وكأن تلك المفاهيم القرآنية والآيات الكريمة تتنزل على قلب المخاطب، وعليكم أن تجمعوا بين اللفظ والمعنى في الأداء. وأن تستخدموا النغمات للمساعدة على إظهار معنى ومضمون الآية.

إنّ ميزة هذه الألحان والأنغام تتركز في كونها عاملاً مساعداً على إبراز المعنى وترسيخه في ذهن المخاطب، فعلى قرائنا الاهتمام بكل هذه التوصيات.

لقد تحدثنا كثيراً حول الموسيقى والألحان والأنغام القرآنية وكذلك حول الوقف والقطاع الوصل في التلاوة، والآن فإن هذه الأمور تتكرر كثيراً في أذهان وبيان القراء.

إنّ العديد من القراء باتوا يولون أهمية كبيرة للترجمة مع مراعاة الملاحظات الأخرى التي لا داعي لإعادتها، إلا أن الشيء الفائق الأهمية هو أن يهتم القراء بضرورة التأثير في المخاطبين وإثارة مشاعرهم.

إنّ الهدف لا ينبغي أن يكون تشجيع قارئ القرآن، بل يجب أن يكون في كيفية تأثيره في نفوس السامعين، وخصوصاً الآيات التي تدور حول التوحيد كما فعل القراء قبل قليل، ولعل ذلك كان من قبيل الصدفة.

إنّ قلوب السامعين ستخفق إذا ما تلوتم القرآن بالطريقة التي أوصيتكم بها، ولربما كانت التلاوة بهذا الأسلوب مساوية في التأثير لما يفعله كتاب مؤلف حول التوحيد، وهذا هو تأثير التلاوة الجيدة.

وأما الإشكال الثالث فهو أنه لا ينبغي لنا أن نغلق القرآن ونقبّله ونتركه جانباً بعد أن عشنا معه شهراً كاملاً هو شهر رمضان المبارك والذي هو شهر قراءة القرآن وشهر نزوله وشهر إقامة الأمسيات القرآنية في المساجد والندوات المختلفة، فهذا ما لا يليق بكتاب الله.

إنّ علينا أن لا نفترق عن القرآن، بل يجب أن نعيش معه ونأنس به على الدوام، وأن أحد المعايير لهذه المعايشة هو أن نداوم على قراءة خمسين آية من القرآن كل يوم على الأقل كما جاء في الروايات، فإن لم نستطيع فلنقم بتلاوة عشر آيات، وذلك بالطبع غير ما نتلوه أو نسمعه من إمام الجماعة في الصلاة في سورتي الحمد والإخلاص مثلاً وسواهما مما نقرأه عادة في الفرائض والنوافل.

إنّ من شأن المؤمن أن يفتح القرآن الكريم كل يوم يشغف وحضور قلبي، ويقرأ ما تيسر منه، سواء أكان ذلك عشر آيات أو عشرين أو خمسين أو مائة آية، مع عدم إهمال التدبر والفهم وتوخي الفائدة.

إنّ البعض يقرءون القرآن كثيراً ولكن بلاد تدبر أو تأمل، إلا أن هذا النوع من التلاوة يكاد ألا يكون شيئاً مذكوراً مع كل ما فيه من الفائدة.

لقد كانت أرى سابقاً أن تلاوة من هذا القبيل لا أثر لها على الإطلاق، ولكنني غيرت رأيي بعد إعادة النظر في هذه المسألة.

وهناك البعض الآخر ـ كأمثالنا ـ مما يتلو القرآن بحثاً عن موضوع يطرحه على المنبر أو يؤسس عليه خطبة أو فكرة يقدمها في المحافل والندوات، وهذا أمر لا غبار عليه، مع أنه ليس النوع المطلوب.

إنّ التلاوة الحقة هي أن نقرأ القرآن وكأننا نستمع إليه من الله سبحانه وتعالى، وكأننا مخاطبين مباشرة بهذه الآيات الكريمة منه جل شأنه، أو كأن خطاباً وصلنا من أحد الأعزاء أو أحد العظماء.

إننا نبادر عادة بفتح الرسالة وقرائتها، فلماذا نقرأها؟

لكي نعرف ما فيها. فهكذا يتوجب علينا أن نتلوا القرآن الكريم، إنه رسالة وصلت إلينا من الله تعالى بوسيلة أعظم الخلق طرًّا صدقاً وأمانة وإخلاصاً، فعلينا أن نعقلها ونستفيد منها. ولهذا فقد ورد في الروايات أنه لا ينبغي لنا أن نقرأ السورة القرآنية منتظرين بلوغ نهايتها بفارغ الصبر، بل المطلوب هو أن نعقل القرآن ونتدبره حتى ولو لم نبلغ آخر السورة أو الجزء أو الحزب مكتفين بالوصول إلى وسطه أو قراءة ما تيسر لنا من آياته.

فهكذا ينبغي لنا أن نقرأ القرآن الكريم لأننا إذا شعرنا بحلاوته فلن نفارقه أبداً ولن نهجره على الإطلاق.

وأما الملاحظة الأخيرة، وهي معادة ومكررة، فتدور حول حفظ القرآن.

إنّ حفظ القرآن نعمة كبرى، وإن على الشباب والمراهقين استثمار القدرة على حفظ القرآن الكريم. أنكم أيها الأعزاء في سن تمكنكم من حفظ القرآن دونما نسيانه.

إننا أيضاً لدينا القدرة على الحفظ، فهذا متيسر في أعمارنا، ولكنه لا يبقى في الذاكرة وسرعان ما يتعرض للنسيان. ومع ذلك فهو أمر ممكن، حتى في السبعين أو الثمانين من العمر.

لقد سمعت أن المرحوم آية الله الخوئي حفظ القرآن في السنوات الأخيرة من عمره.

إنّ من المهم جداً أن يحفظ القرآن رجل في الثمانين من العمر! إنه شيء ممكن، وأن كان يتبخر من الذهن.

إنها ثروة وذخر عظيم أن تحفظوا القرآن الكريم في ريعان الشباب كمثل هؤلاء القراء الشباب الذين عطرّوا المكان الآن بتلاوتهم.

إنّ التدبر في القرآن بالنسبة للحفظة أكثر يسراً من سواهم.

إنه يحدث أحياناً أن يقرأ المرء آية من القرآن وكأنه يراها للمرة الأولى، وأما بالنسبة للحفاظ فالأمر مختلف. ونسأل الله تعالى أن ينفعنا بكل ما قلناه وكل ما سمعناه.

اللهم أحينا بالقرآن، وأمتنا مع القرآن، واحشرنا مع القرآن، وزدنا معرفة بمعارف القرآن.

اللهم أحي قلوبنا بالقرآن، ونوّر قلوبنا بالقرآن، واجعلنا من حفاظه بكل ما للكلمة من معنى.

واجعل مجتمعنا قرآنيا.

من كلمة له لأساتذة وحفظة‎‎ القرآن‎ الكريم بتاريخ 1/9/1428هـ.ق

 

القرآن وسعادة البشرية

* اعلموا يا أعزائي أنّ تلاوة القرآن التي نركّز عليها إلى هذا الحد، هي بمثابة الخطوة الأولى. القرآن الكريم يصف ذاته على أنحاء شتّى؛ منها: انه يقول: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}؛أي أنّ القرآن يهدي الإنسان فرداً وجماعة إلى أفضل السبل وأفضل الأساليب وإلى أفضل نظام وأفضل أخلاق وأفضل عمل.

بنو الإنسان كلهم اليوم بحاجة إلى القرآن، ولكننا ـ نحن المسلمون ـ إذا لم نعمل بالقرآن يلحقنا من الضرر أكثر مما يلحق بغيرنا؛ لأننا نملك هذه الوصفة الطبية وهذه التعليمات، كما أننا نملك التجربة التاريخية الخاصّة بهما.

لقد بلغت الإنسانية ذروة التألق في الصدر الأول للإسلام بفضل التزامها بالقرآن علماً وعملاً وأخلاقاً وفي شتى ميادين التقدم المادي والمعنوي. القرآن نابض بالحياة على الدوام، وهو يهتم بمتطلبات الإنسان، وبإمكانه أن يكون أفضل وصفة لسعادة الإنسانية.

* لقد جاء كل هذا العز الذي أحرزتموه بفضل هذه الخطوة التي خطوتموها مع القرآن، إذ بعثت فيكم الحياة والعزّة والنشاط، وجعلت لكم مسؤولين من أنفسكم.

* إنّ كل خطوة تخطونها في سبيل اللّه، يعينكم تعالى عليها ويهديكم، ويفتح لكم مغالق الأمور، إذ انه قال عزّ من قائل: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}، وقال أيضاً : {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}. وورد في دعاء سيد الساجدين (عليه السلام): «وان الراحل إليك قريب المسافة، وانّك لا تحتجبُ عن خلقك».

* الخطوة الأولى للعمل الكامل بالقرآن هي معرفة معاني نصوص القرآن.

* وإذا أردنا أن يتبوّأ القرآن مكانته اللائقة به في البيت، بين الصغار وبين الكبار ولدى الرجال والنساء، فيجب علينا تكريم الأبطال القرآنيين، وهذا هو السبب الذي يدعونا إلى احترامهم وتقديرهم؛ هؤلاء هم حملة القرآن وهم أعزّة لدينا، وألسنتهم عزيزة وشفاههم وقلوبهم عزيزة لدينا لأنها تأنس بالقرآن. وأرواحنا فداء للقرآن.

إنّ القضية لا تنتهي عند هذا الحد، بل يلزم أيضاً حفظ القرآن واستيعاب معانيه ومفاهيمه، وترجمته على نحو دقيق لمن لا يجيدون اللغة العربية. وإذا فُهمت كلمات القرآن يجب حينذاك التدبّر في معانيها؛ وحتى الذي يجيد اللغة العربية إذا لم يتدبّر لا ينال إلاّ نصيباً قليلاً من القرآن؛ والتدبّر معناه التفكر في مفاهيم القرآن لأنه كلام ذو مغزى عميق وعظيم، ويجب التدبّر فيه.

القرآن صادر عن الباري تعالى بألفاظه ومفاهيمه، وهذا ما يوجب التأمل الدقيق فيه واستيعاب معانيه، والغور في أعماقه؛ ولا يتأتى هذا إلا عبر الأنس به.

ربّوا أولادكم على القرآن أكثر مما هم عليه حالياً. واعرفوا أيها الشباب الأعزاء قدر معرفتكم بالقرآن وأنس قلوبكم الطاهرة النورانية به. والذين وفّقوا لحفظ القرآن عليهم أن يقدروا هذه النعمة حق قدرها، فهي نعمة عزيزة وثمينة، لأن معرفة قدر هذه النعمة تقود إلى مواصلة هذا العمل. ولن تنتهي عند ذاك الغاية من السير نحو مصدر نور القرآن، وسيتسنى للأمة الإسلامية أن تتبوّأ ـ بفضل القرآن ـ مكانتها اللائقة بها.

من كلام القائد في المراسم الختامية للمسابقة الدولية

لحفظ وتلاوة وتفسير القرآن في 2 شعبان 1419 هـ

 

* كلّما زادت معرفة المرء بالقرآن كلّما انجذب إليه أكثر. أيّها الأعزّاء! إنّنا في بداية الطريق، إنّنا نبلغ ستين مليون نسمة، فانظروا كم عدد الذين لديهم معرفة بالقرآن. فعلى سبيل المثال لو كان من بين الستّين مليون نسمة عشرة ملايين لم يتعرّفوا على القرآن لأيّ سبب سواء العمر أو غيره، فيبقى خمسون مليوناً. فكلّما نقص عدد العارفين بالقرآن عن الخمسين مليوناً كنّا متأخّرين، فيجب ملأ هذا الفراغ . بالطبع إنّكم غير مقصرّين، والشعب لا يتحمّل أيّ ذنب، لأن الشعب عاشق للقرآن الكريم.

* إنّني قلت مراراً إنّه لو أردنا أن يكون جميع الشعب في المستوى المتوسط، فيجب أن تكون مجموعة على مستوى عالٍ، وعدد أقلّ على مستوى أعلى. فميزة الأفضلين جذب المتوسطين وتطوير مستواهم، وعلى هذا الأساس يزداد تدريجياً عدد القرّاء وذوي الأصوات الحسنة والحفّاظ والمتبحّرين في القرآن كمّاً وكيفاً.

* وما أودّ قوله لقرّائنا الأعزاء هو إيّاهم أن يقنعوا بحّد معين؛ لأنّ بإمكانكم أن تطوّروا أنفسكم أينما كنتم، فما زال هناك فاصل في المستوى بين قرّائنا الأعزاء وقرّاء العالم الممتازين من الموجودين والمتوّفين، بالطبع إنّ قراءنا أفضل من قرّاء الكثير من الدول وحتى من بعض القرّاء المعروفين، لكن الفاصل كبير بينهم وبين القّراء الممتازين ـ والتالون للقرآن يعرفون قصدي من القرّاء الممتازين ويؤّيدون كلامي، فلا أوّد ذكر الأسماء ـ فيجب أن تبلغوا مستواهم، بل تسبقوهم؛ لأنكّم شباب ثوريون، والأجواء القرآنية سائدة في البلد، وجميع الأسباب مهيّئة، فلا داع للتأخير.

من كلام القائد في المراسم الختامية للمسابقة الدولية

لحفظ وتلاوة وتفسير القرآن في 2 شعبان 1416 هـ

 

أسلوب قراءة القرآن الكريم

* لقد قلنا مراراً: إن تلاوة القرآن بنحو ممتاز وصوت جميل ولحن بديع وصحيح، من الأسباب التي تعمل على تشجيع الناس في الإقبال على القرآن بقلوبهم وأرواحهم وأفكارهم، وهذا لا يعد تسلية أو عملاً زائداً، بل لو أدركنا ما نقوم به بعلمنا انه نشاط منطقي وراسخ في إشاعة فهم القرآن ومعرفته. وأني إنما أتوجه بهذا الكلام إليكم أيها القرّاء الأعزاء بوصفكم جميعاً من المتعلّقين والمتمسكين بالقرآن تلاوة ونغمة، كي تضاعفوا من نشاطكم في هذا المجال وترسخوا دعائمه، وطبعاً من خلال سماعي لتلاوتكم في هذا اليوم أدركت أنها غدت أفضل مما كانت عليه في العام المنصرم، مما يدل على إننا في حالة تقدّم.

وطبعاً إنّ هذا النشاط كغيره من النشاطات، متوقّف على شروط، فلابد من أستلهام دقائق هذا الفن من الأساتذة، فإن التربية الذاتية والتلقائية تؤدي إلى هدر الطاقات والقابليات، فلابد من مراعاة جميع الجوانب من القراءة الصحيحة.

* والإشكال الكبير في تلاوتنا ـ وهو آخذ بالزوال ولله الحمد ـ عدم التفات القارئ إلى مضمون ما يقرأ من الآيات، فإنكم لو تدبّرتم في معنى الآية التي تتلونها، فان هذا التدبر سيترك آثاره في أسلوب قراءتها، وطريقة تقطيعها، بل وتؤثر على اللحن والصوت والنغمة وحتى على حركاتكم الظاهرية، ومن ثم تترك تأثيرها على المستمع والمخاطب، ونظير ذلك نجده في قراءة الأشعار والمراثي. فلابد من الالتفات إلى ذلك، ولابد من مراعاة الوقف والابتداء وما شاكل ذلك لوقوعه مؤثّراً أيضاً.

* ومما لاحظت ويُعدّ من الحسنات، عدم الإصرار على قراءة الآية بنَفَس طويل دون انقطاع، وهذا شيء جيد، فلا ينبغي للقارئ أن يثبت أنّ نَفَسه طويل، فإن النَفَس الطويل إنما يقع نافعاً في المورد الذي يؤدي فيه قطع الآية إلى اختلال معناها.

* ومن بين مسائل التلاوة، مسألة موسيقى التلاوة وأنغامها الصحيحة، والتي لابد من أدائها بشكل صحيح، وهي مسألة مهمة جدّاً، ولها أساليبها وطرقها المخصوصة، وقد وجدت طبعاً أنها تحسنت حالياً بين قرّائنا، فلم تكن كذلك سابقاً، فلابد من تعلم الألحان والأنغام القرآنية، وطبعاً أنّ اغلبها ذوقيّ، تابع لذوق القارئ نفسه، بمعنى أنّ القارئ حتى إذا لم يدرس النغمات والألحان، يدرك بذوقه السليم ما ينبغي عليه فعله في هذا المجال، حيث يؤدّي به ذوقه إلى أداء اللحن الصحيح والمناسب. والأفضل لكم أن تتجنبوا التقليد والمحاكاة في هذا المجال.

من كلا م القائد عند لقائه قرّاء القرآن الكريم

في 1 / رمضان / 1425 هـ . ق.

 

* أنتم أيها الشباب الذين تسمعون هذا الحديث, اعلموا أن في القرآن حكمة ونور وشفاء, وأن الحكمة القرآنية تستطيع أن تحل جميع العقد التي تنشئها الصراعات الموجودة في عالم المادة في قلب الإنسان وروحه, وهذه حقيقة، فإنّها تفتح القلوب وتشرح الصدر وتبعث على الأمل وتهب النور وتولّد العقيدة الثابتة التي تسير بالإنسان نحو الصراط المستقيم، فعلينا تلقي القرآن والتمسك به.

إننا عندما ننغمس في ملذات الدنيا، ونحرم أنفسنا من القرآن نكون كما لو شوهنا مرآة بالوحل، فمن الواضح أنه لا يمكن لها أن تعكس صور الأشياء؛ فعلينا أن لا نحرم أنفسنا من القرآن.

إن العالم الإسلامي اليوم للأسف قام بحرمان نفسه من القرآن.

والأمة الإسلامية قد حرمت نفسها أيضاً.

ولهذا تجد أنَّ البعض يقرأ الآيات القرآنية ـ مع علمه أنها تحذر وبشدة من عقوبة الشرك بالله والارتباط بالتيارات والمعسكرات غير الإلهية ـ إلا أن قلبه متعلق بأمريكا ومستكبري العالم وبالشركات الرأسمالية المستبدة للكيان الصهيوني وغيره.

وإن عدم تحرك العالم الإسلامي وتوجهه نحو السمو مرجعه إعراضهم عن القرآن.

إنَّ مما يبعث على السرور اليوم أن المسلمون قد استيقظوا، وأن الصحوة الإسلامية أصبحت أمراً ملموساً في جميع أنحاء العالم، وسوف تزداد هذه الصحوة وهذه الأخوة بين المسلمين يوماً بعد يوم إن شاء الله تعالى.

من كلا م القائد عند لقائه قرّاء

القرآن الكريم في 2 /9/ 1426 هـ.ق