حوار حول الاستهلال

2008-09-04

المحاور: محمود رمك

الضيوف: السيد أبوالقاسم موسوي زاده (عالم وباحث ديني اسلامي)

والأستاذ عليرضا بوجمهراني (خبير في العلوم الفلكية – من اصفهان)

محمود رمك: السلام عليكم رحمة الله وبركاته. ماهي عملية الاستهلال؟ هناك أكثر من قضية لها مدخلية بهذه العملية أي ببدء الشهر الكريم وبدء شهر الصيام وتقول القاعدة الفقهية التي ربما يجمع عليها المسلمون قاطبة صوموا لرؤية الهلال وافطروا لرؤيته ولكن بين هذا وذاك يبدو ان العالم الاسلامي باقطاره لم يصل بعد الى رؤية واحدة لذلك نرى ان هذا القطر الاسلامي يصوم هذا اليوم وقطر اسلامي آخر يصوم في يوم آخر. لماذا هذا التباين، هل الاشكالية في الرؤيا، هل الرؤية بالعين المجردة وحدها هي الكافية وهي الملاك في بدء الشهر الكريم أم أن الشهر الكريم يمكن أن يبدأ من خلال الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وماذا يقول العلماء حول هذه النقطة وحول هذه القضية بالذات؟ وهل يمكن للعالم الاسلامي أن تكون لديه رؤية واحدة موحدة وهل هناك خطوات أو جهود قد بذلت بهذا الاتجاه كما هي قضية الحج وبعض الفتاوى التي جاءت بالنسبة للمسلمين. كل هذه التساؤلات سوف نحاول الاجابة عليها من خلال حوارنا مع السيد أبو القاسم موسوي زاده وهو عالم وباحث ديني اسلامي والأستاذ عليرضا بوجمهراني وهو خبير في العلوم الفلكية.

سيد موسوي زاده اتساءل معك هنا في ايران ما هي المعايير التي هي معايير مطلوبة ومعايير تعتمد بالداخل الايراني ونستطيع أن نقول أن شهر رمضان المبارك قد بدأ؟

السيد ابو القاسم موسوي زاده: لاستهلال شهر رمضان المبارك إن الانجاز الأخير العلمي طبعا توظف اخر الانجازات العلمية في هذا المجال ولهذا في ايران هناك خطة او مركز اداري للاستهلال أو لتحري الهلال ويتألف من علماء الدين والخبراء المعنيين وايضا العلماء في علم النجوم وقد اسسوا لجنة مركزية وكل واحد يعمل في حقله وفي مجاله العملي. هناك لجنتان الاولى اللجنة العلمية وايضا لجنة شرعية وفقهية وتعمل هاتان اللجنتان سويتين وتطرحان القضايا ثم تتوصلان الى استنتاج وتكون النتيجة هي المطلوبة في الاعلان عن ثبوت الهلال او عدم ثبوته. هذا المركز أوفد في هذه السنة اكثر من فريق لتحري الهلال من انحاء البلاد من جنوبه الى شماله، من مدينة ارومية ثم تبريز حتى ميناء بندر عباس ومن الشرق حتى الغرب فان هذه الفرق تعمل وهي مستقرة في مناطق مختلفة وهذه الفرق ليست مختصة فقط بتحري هلال شهر رمضان المبارك فهذا المركز يعمل طوال السنة وفي كل سنة يقوم برصد الهلال ويعلن عن ذلك ولكن بعض الأشهر وحسب التبعات والحساسية الشرعية للمسلمين مثل شهر رمضان المبارك أو شهر شوال بسبب عيد الفطر أو شهر ذي الحجة بمناسبة عيد الأضحى ومناسك الحج ولأن هذه الأشهر أشهر حساسة فان المسلمين يهتمون كثيرا بهذه الظاهرة.

محمود رمك: ما هي الرؤية الفقهية الجامعة فيما يتعلق ببدء شهر رمضان المبارك؟

السيد ابو القاسم موسوي زاده: تحري الهلال في ديننا امر مستحب، أنتم تعلمون إذا ذهبنا وتحرينا لرؤية هذا الهلال فهذا أمر مستحب والكل يعرف ذلك. عندما يتوجه الانسان لتحري الهلال طبعا ان المرجعيات الدينية حددت اربع طرق للمسلمين من اجل ذلك، الطريق الاول ان نذهب نحن سوية لمشاهدة الهلال وعندما ارى ذلك فسوف اكون واجبا على ان اصوم غدا لانه يثبت بالنسبة لي حلول شهر رمضان، ثانيا شخصين يشاهدان ذلك وانا اثق بهما، اذن سيكون الصيام واجبا علي. او استفيد من العلم، العلم يقول بما يقنع الناس ان الهلال قد تمت رؤيته وغدا هو شهر رمضان وايضا حكم الحاكم او الولي الفقيه وانه يستخلص كل المعطيات التي توفرت والحكم الصادر عنه هو يكون مرجعنا.

محمود رمك: انتقل الى الأستاذ بوجمهراني بالنسبة للجانب العلمي هل يمكن القول بانه هذا التباين او هذا الاختلاف، يعني قطر اسلامي يعلن هذا اليوم والقطر الآخر يعلن بعد يوم آخر من الناحية الفلكية هل هذا الامر له دلالاته وهل هناك في الواقع تعدد الآفاق؟

عليرضا بوجمهراني: بسم الله الرحمن الرحيم. يجب ان اقول نعم ان هذا الامر يمكن ان يحدث، اي الاختلاف في الافق يمكن ان يحدث اختلافا في مواقيت شهر رمضان، على سبيل المثال ان نفس هذا الشهر المبارك الذي نحن فيه في غروب يوم الاحد فلا يمكن مشاهدة الهلال في الافق الايراني بعين غير مسلحة، او ان هناك احتمال ضئيل لمشاهدته ولكن نفس الهلال قد يشاهد في دول اسلامية اخرى في القارة الافريقية ويمكن مشاهدته بالعين المجردة، اذن اذا ثبت رؤية الهلال عبر وسيلة او بالعين المجردة فان ذلك يؤدي الى ان يكون هناك يوم واحد من الاختلاف بين المسلمين للبدء بهذا الشهر الفضيل بالاضافة الى ذلك هناك اختلاف في الفتاوى. هذه قضية شرعية وفقهية واعتقد العلماء هم الاجدر للاجابة وذلك ايضا يؤدي لبعض الخلاف في بدء الاشهر القمرة، قبل سنوات تشكلت لجنة تحري الهلال في مكتب قائد الثورة ويقوم هذا المركز بايفاد فرق الى انحاء البلاد للتحري وكتابة تقارير وكما تعلمون انه فيما يتعلق بالأحوال الجوية ايضا هناك فرق لديها تكهنات للاسابيع المقبلة نفس هذا الشيء فيما يتعلق بهذه الفرق اي انها تقوم بدراسة الامور وعلى اساسها تقرر.

محمود رمك: اذن حساباتكم يمكن ان تؤخذ بعين الاعتبار، يمكن ان تشكل قاعدة لاصدار الحكم الشرعي او للقول بان هذا اليوم بناءا على حسابات فلكية هو اليوم الاول من شهر رمضان المبارك؟

عليرضا بوجمهراني: في الكثير من الحالات وحسب الدراسات التي نجريها بامكاننا ان نبدي الرأي الحاسم في الرؤية او عدم الرؤية، حتى الخبير يعاني في بعض الاحيان فيما يتعلق بهلال شهر رمضان.

محمود رمك: سماحة السيد فيما يتعلق بالاستفادة من التكنولوجيا الحديثة كم يمكن الاعتماد عليها لعملية اطلاق حكم شرعي؟

السيد ابولقاسم موسوي زاده: فيما يتعلق بالقضايا الشرعية فان الحكم الشرعي هو مشاهدة الهلال بالعين المجردة وثم بالعين المسلحة. ولكن في الحسابات الفلكية او الرياضيات اذا شهد الهلال فان ذلك لا يعتبر برهانا. هناك بنى فقهية تؤكد بان يجب ان تكون الرؤية هي الصادقة وهي الحجة ولكن بالعين المجردة افضل واذا لم يتحقق ذلك يجب ان نستفيد من آليات ومن وسائل اخرى تتمثل بالمدار والتلسكوبات والمراصد القوية وفي الاشهر التي هناك غبار او ظروف جوية غير مساعدة فان هذا المركز يستفيد من الطائرات ويحلق فوق الغيوم ومن هناك يترصد الهلال ويبعث التقارير للمراجع، على اي حال العين والرؤية هي الاساس.

محمود رمك: سيد بوجمهراني هل يمكن القول في بلد مثل ايران مترامي الاطراف ان يكون هناك اكثر من افق وهل يمكن ان يكون هناك اكثر من يوم اختلاف بين البلدان الاسلامية اذا اخذنا بعين الاعتبار من المغرب الى اندونيسيا كم افق وكم عدد الايام التي يمكن ان يكون هناك اختلاف؟

عليرضا بوجمهراني: ان معظم الدول الاسلامية تقع في المستويات المتوسط من خط العرضي والى اقصى اسيا في جنوب شرقها والى اقصى غرب القارة الافريقية هناك يوم واحد ربما في شهر رمضان ، اما فيما يتعلق برؤية الهلال في العرض الشمالي مثل الدول الاسكاندينافية في شمال اوروبا ايضا الاختلاف قد يكون اكثر، مثلا اذا اخذنا الاساس رؤية الهلال بالعين المجردة نستطيع ان نقول انه في ايران في غروب هذا اليوم لا يمكن رؤية هذا الهلال ولكن في المغرب يمكن رؤيته وهذا الهلال ربما غدا لا يمكن رؤيتة بالعين المجردة وذلك بسبب الفصل الذي نحن فيه والعوامل المتعددة ولكن مجموعة الدول الاسلامية لا اعتقد هناك اختلاف يفوق اكثر من يوم واحد. اما فيما يتعلق ببلدنا استطيع ان اقول بسبب ترامي اطراف هذه الارض ربما هناك حالات متعددة ربما يكون لنا افقان في شمال شرق البلاد مثلا في محافظة خراسان الرضوية قد لا يمكن رؤية الهلال ولكن في محافظة خوزستان قد يمكن رؤيته هذا محتمل. اما فيما يتعلق بالدول الاسلامية فان هذا الاختلاف يجب ان لا يكون اكثر من يوم واحد واذا قد طال الى يومين مثل العام الماضي اذا راجعنا التقارير نلاحظ انه في بعض هذه الدول حدث خطأ وكانت هناك شهادات خاطئة.

محمود رمك: سيد موسوي زاده بعيد عن عملية الاستهلال انت كيف ترى دور رجل الدين فيما يتعلق بعملية التحضير لاستقبال هذا الشهر الفضيل بالشكل الأمثل؟

السيد ابو القاسم موسوي زاده: انا افضل ان ابدأ كلامي بما قاله النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم في الخطبة التي القاها في الجمعة الاخيرة من شهر شعبان للمسلمين عندما نطالع هذه الخطبة في الكتب كأن الرسول قال هذا الكلام لي ولك ولكل المسلمين حاليا. يقول يا أيها الناس نحن نستقبل شهرا هو شهر إلهيا وهو شهر الغفران وهو الشهر الذي يجب أن نحسن أخلاقنا ونتحاشى الخلق السيء ونتحلى بالخلق الحسن وهو شهر التسامح والتصالح مع ربنا ومع الخلق وأيضا مع الأقوام ومع الأصدقاء، إذا كان هناك من اختلاف فيجب أن ننبذه ونواصل صلة الرحم ومن يفعل ذلك في شهر رمضان فان أرجله سوف لا تهتز على الصراط يوم القيامة ويوصينا بمساعدة الفقراء حتى إذا انفقنا شيءً واحدا وبسيطا للسائل.

محمود رمك: سيد ابو لقاسم موسوي زاده شكرا جزيلا لك وللأستاذ عليرضا بوجمهراني والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.