ــ التهديد العسكري يعرض أساس المفاوضات للخطر.

ــ كلام الأمريكيين يختلف اختلافاً جدیاً عن القرار في نظام الجمهورية الإسلامية في إيران.

ــ الخطوط الحمراء المعلنة حاسمة.

ــ الأمريكان لم يعملوا حتى بـ «فكت شيت» ـهم (تقریرهم لبیان لوزان).

 

س: كانت إيران طوال المفاوضات النووية ملتزمة بالأصول الدبلوماسية، ولكن حين ننظر للجانب الأمريكي، نجد أنه لم يقلل من تهديداته، وليس هذا وحسب بل إنه زاد منها. لماذا تصرّ أمريكا على تهديد إيران عسكرياً (بغض النظر عن قدرتها أو عدم قدرتها على تنفيذ هذا التهديد)؟

 

الدكتور ولایتي: هذه الرؤية الأمريكية متبقية لديهم عن الزمن الذي كانوا فیه يتدخلون في أية منطقة من العالم يخالون أنهم يجب أن يتدخلوا فيها، ولم يكونوا يجدون أية عقبة تمنع تدخلهم، وخصوصاً بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. ذات مرة حضر جورج بوش الأب في سنة 1990 أو 1991 م مراسم للقوات البحرية الأمريكية وقال إن القوة الكبرى الوحيدة في العالم اليوم هي أمريكا. لقد خاضوا في القضايا والأمور برؤية عالم ذي قطب واحد، وقاموا بعد ذلك بتدخّلات غير شرعية كثيرة ومن دون تغطية دولية، وخصوصاً في بلدان إسلامية مثل أفغانستان والصومال والعراق. طبعاً النقطة المهمة هنا هي أنهم أخفقوا في كل هذه الأحداث ولم يصلوا لأهدافهم. وفي الوقت الحاضر لم يبق للأمريكان من رؤية العالم ذي القطب الواحد تلك سوى حفنة من الأوهام. والواقع أن أمريكا تحولت إلى «دون كيشوت» ليست قوة كبرى إلا في أوهامها، وهي تهدد الآخرين اعتماداً على الماضي.

في خصوص إيران، لا ريب أن هذه التهديدات ليس لها رصيد عملي. التجربة التي كانت لأمريكا في بلدان أضعف من إيران تجربة فاشلة. لهذا السبب كان من وعود رئيس جمهورية أمريكا الحالي منذ بداية الفترة الأولى لرئاسته، أنه سيعيد الجنود الأمريكان إلى وطنهم أين ما كانوا من مناطق الاشتباك، وسيقلل التدخل العسكري الأمريكي إلى أدنى المستويات الممكنة. لذلك فإن مثل هذه الادعاءات تختلف عن سياساتهم العامة. لإيران ماض طويل من الاستماع إلى مثل هذا النوع من التهديدات، وهذه التهديدات اليوم هي الأقل رصيداً على طول تاريخ الثورة الإسلامية. إذن، النقطة الأولى هي أنهم لا يتجرأون على تنفيذ هذه التهديدات عملياً.

النقطة الثانية هي أنه لو تقرر أن تسير هذه المفاوضات بشكل صحيح فيجب أن تكون متوازنة وفي أجواء التعاطي وعدم المجابهة. المفاوضات ينبغي أن تسير على أساس نفس تلك الاتفاقات الأولى. ينبغي على الأمريكان أن لا يواصلوا طريقتهم على عواهنها ويهددوا ويحاولوا بنفاق وازدواجية سياسية أن يصلوا لأهدافهم. من ناحية، يقول رئيس جمهورية أمريكا: إذا أراد الكونغرس فعل شيء فإننا سنستخدم الفيتو الرئاسي ضده، ومن ناحية أخرى يوافق على المصادقة على قرار في الكونغرس يعارض سياق الاتفاق. هذا نوع من التناقض بين الكلام والسلوك. وإذا أضيفت تلك التهديدات إلى هذه التناقضات فستكون إحدى نتائج ذلك تعريض أساس المفاوضات للخطر. لذلك نوصيهم بالإقلاع عن هذه التهديدات لأنها لا مبرر لها إطلاقاً.

وزير خارجية أمريكا يقول شيئاً في خلوته بالمسؤولين المفاوضين الإيرانيين ويقول شيئاً آخر في العلن. هذا الشيء يضرّ الأمريكان أكثر مما ينفعهم، ويعرّض الأجواء المتوازنة بين الطرفين (إيران و5 + 1) للخطر، ويفسّر من قبل إيران على أنه نوع من الجشع والاستزادة. لهذا السبب قال سماحة قائد الثورة الإسلامية إن المفاوضات في ظل شبح التهديد لا معنى لها. وعليه إذا أرادوا مواصلة أعمالهم هذه سيتعرض استمرار المفاوضات للخطر.

 

س: هل يمكن التوصل إلى «اتفاق جيد» مع وجود مثل هذه التهديدات التي يطلقها الأمريكان كل يوم؟

 

الدكتور ولايتي: طبعاً القضية ليست فقط قضية التهديدات. فللأمريكان ادعاءات أخرى تعرقل الوصول إلى اتفاق. مثلاً، أعلن سماحة قائد الثورة الإسلامية ورئيس الجمهورية المحترم في يوم واحد رأياً واحداً فحواه أن تقليص النشاطات النووية السلمية لإيران ورفع الحظر عمليتان يجب أن يشرع بهما في وقت واحد. في حين يقولون لتبدأ إيران بالأعمال التي ستلتزم بها (أي تقليل أجهزة الطرد المركزي ومقدار المواد المخصبة التي يمكنها الاحتفاظ بها) ومن بعد ذلك تؤيّد الوكالة النووية للطاقة الذرية التزام إيران بهذه الأعمال، حتى نعمل نحن أيضاً بالتزاماتنا. هذا شيء غير ممكن منطقياً، خصوصاً بالنظر للسوابق التي نعرفها عن الوكالة الدولية للطاقة النووية. إننا نشك أساساً في أن لا تكون الوكالة الدولية خاضعة لتأثير بعض أعضاء 5 + 1 ، وأنها ستصدر أحكامها وتقييماتها بصورة منصفة. هذا الشيء غير متطابق مع ما قاله قائد الثورة الإسلامية ورئيس الجمهورية المحترم. وعليه، ينبغي رفع الحظر وتقليص النشاطات النووية السلمية الإيرانية سوية وبشكل متزامن. كلام الأمريكان يختلف اختلافاً جدياً عن قرار نظام الجمهورية الإسلامية في إيران.

الموضوع الآخر هو المدة الزمنية التي تسمع في تصريحات الساسة الأمريكان. أحدهم يقول إن فترة تقليص البرنامج النووي السلمي الإيراني عشرة أعوام، وآخر يقول خمسة عشر عاماً وشخص ثالث يقول 25 عاماً. هذه المدد الزمنية لا تحظى بتأييد إيران.

النقطة الثالثة هي قولهم إنهم يريدون زيارة بعض المراكز ومنها مراكز عسكرية. وقد قال سماحة قائد الثورة الإسلامية في إحدى كلماته إن المسؤولين العسكريين غير مسموح لهم وغير مأذونين بالسماح لأحد بتفتيش النظام الدفاعي لجمهورية إيران الإسلامية. هذه الشؤون جزء من أمن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومثل هذا الإذن لم يمنح من قبل القائد العام للقوات المسلحة. لكنهم يكررون دوماً هذه القضية ويقولون يجب أن نطلع على تلك المراكز.

إذن، هذه الأمور من جملة الخطوط الحمراء، وهم يصرّون على تجاوز هذه الخطوط الحمراء. هذا بحد ذاته سيتحول إلى عقبة. وقد أكد سماحة قائد الثورة الإسلامية على أن هذه الخطوط الحمراء ينبغي مراعاتها. طبعاً الفريق الإيراني المفاوض ملتزم بهذه الخطوط الحمراء ويجب أن يراعيها. كما أن من واجب كل الذين يعملون في هذا المجال أو يطرحون آراء مراعاة هذه الخطوط الحمراء والالتزام بها. وأؤكد هنا على أن الخطوط الحمراء المعلنة حاسمة وقطعية ويجب على المفاوضين أن لا يتجاهلوها بأيّ حال من الأحوال.

 

س: أشار قائد الثورة في لقائه بالمعلمين إلى أنه لو لم تكن حاجة أمريكا للمفاوضات أكثر منا فهي ليست بأقل منا. ما هي هذه الحاجة؟

 

الدكتور ولايتي: إنهم يريدون القول إن هذه الدبلوماسية (التقييد والحظر الاقتصادي) والتي بدأت سابقاً واشتدت في زمن أوباما أنفع وأشد تأثيراً من التهديد العسكري. وهذا الأمر بحد ذاته غير متطابق مع وجود الخيار العسكري على الطاولة، لكنهم يريدون أن يقولوا لمنافسيهم إنكم عندما هددتم إيران عسكرياً واصل الإيرانيون عملهم ووصلوا من عدد قليل من أجهزة الطرد المركزي إلى تسعة عشر ألف جهاز طرد مركزي، بينما عندما بدأنا المفاوضات وافقت إيران على كل حال بإيقاف نشاطاتها لمدة من الزمن. وهكذا يريدون القول إن دبلوماسيتنا أنجع وأكثر تأثيراً. وعليه، إذا أرادوا إثبات أن هذا النهج مؤثر ينبغي وصول المفاوضات إلى محطة نجاح.

إلى جانب هذا، تعيش منطقة شرق آسيا في الوقت الحاضر أزمات مختلفة، وأمريكا (باعتبارها بلداً لا زال يتوهم نفسه قوة عظمى) غير قادر على حلّ هذه الأزمات. لم تنجح أمريكا عندما تدخلت عسكرياً بشكل مباشر أو عندما استخدمت مرتزقتها وأطلقت حروباً بالنيابة. لقد هزمت أمريكا في العراق ولم يساعدهم حتى تشكيل زمرة إرهابية مثل داعش. في العراق، لو لا فتوى آية الله السید السيستاني وهمم الشباب والقوات الشعبية العراقية ومساعدة إيران الاستشارية، لكان الدواعش قد استولوا على بغداد، ولما منعهم الأمريكان من ذلك. والواقع أنهم أرادوا بواسطة داعش إخراج العراق من يد الحكومة الحالية الديمقراطية التي أرادها وانتخبها الشعب ليستطيعوا فرض نفوذهم، لكنهم أخفقوا.

وفي سورية قالوا إننا سنسقط بشار الأسد في غضون أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، لكنهم لم يستطيعوا. سواء الأمريكان أو عملاؤهم في المنطقة قالوا هذا الكلام، ولكن مضى إلى اليوم أكثر من أربعة أعوام وبشار الأسد يقف بقوة. هؤلاء المعاندون المرتزقة الذين يقاتلون في سورية ويتسربون من حدود أحد بلدان المنطقة للدخول إلى سورية، ويحظون بدعم أمثال العربية السعودية، كانوا قد تقدموا في وقت من الأوقات إلى عدة مئات من الأمتار عن مكتب رئيس جمهورية سورية، واليوم فإن دمشق مدينة هادئة وذات أمن تام والحكومة تقوم بمهامها وتقف بقوة بوجه الإرهابيين المرتزقة.

كما أن أمريكا لم تنجح في لبنان. أرادوا في لبنان أن يتولى أشخاص موقع رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء ليمكن من خلالهم تغيير المسار، لكن شعب لبنان لم يسمح لهم بذلك. وفي اليمن لم يفلح الأمريكان أو السعوديون. وبالتالي فهم لم يحصلوا على نتيجة من الحروب والتدخلات المباشرة وبالنيابة، ويريدون القول إننا دخلنا في مفاوضات مع إيران وانتهجنا نهجاً كان ناجحاً. إذن، فهم في حاجة إلى أن تصل هذه المفاوضات لنتائجها.

ومن هنا ينبغي عدم التصور بأن الأمريكان يريدون غضّ الطرف عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتساهل معها ولذلك دخلوا معنا في مفاوضات. الأمر ليس كذلك بالتأكيد. ولهذا السبب، قبل بدء المفاوضات وقبل أن تكتسب المفاوضات مثل هذه الآلية، كانوا يبعثون الرسائل دائماً بطرق مختلفة وخصوصاً عن طريق بعض حكومات المنطقة الصديقة لإيران بأننا نروم التفاوض معكم ونقطع عهداً بالاعتراف بالحقوق النووية لإيران.

 

س: لماذا لم يفوا بوعودهم؟

الدكتور ولايتي: لأن هذا هو هدفهم وعادتهم، وبعد أن تبدأ المفاوضات يتراجعون خطوة خطوة عن عهدهم الأول. النقطة المهمة هي أنهم في كل مرة يتفاوضون فيها يقلبون بعدها ويخلفون الوعد، ويعودون لتكرار نفس ذلك الكلام الذي سبق أن حصل بشأنه تفاهم بشكل من الأشكال، ثم يطرحون ادعاءات جديدة. وهذا معناه الطبيعة الجشعة لأمريكا التي تتصور أنها تستطيع عن طريق عمليات نفسية وإعلامية وبتطويل الأمور فرض امتيازات أكثر تعطيها إيران مقابل أقل النتائج تحصل عليها.

 

س: بعد مفاوضات لوزان في نيسان الماضي شهدنا أيضاً نكثاً أمريكياً متكرراً للعهود. تفضل رجاء بذكر نماذج ومصاديق لهذا النكث.

 

الدكتور ولايتي: مثلاً بخصوص فردو، بعد مساع حثيثة بذلها فريقنا المفاوض وافقوا على اتفاق، ولكن في المرة اللاحقة عندما جاءوا إلى طاولة المفاوضات قالوا أشياء أخرى تختلف عن الكلام السابق، أي إنهم لم يلتزموا حتى بما قالوه هم أنفسهم وتعهدوا به. النقطة الأطرف هي أن الأمريكان لم يعملوا حتى بما كتبوه في «فكت شيت» ـهم (قراءتهم وتقریرهم لبیان لوزان) حول فردو، وفي المرة اللاحقة عندما حضروا طاولة المفاوضات تكلموا بشيء بخلاف «فكت شيت» ـهم! هذا بغض النظر عن أن ذلك الفكت شيت كان أساساً انطباعهم الخاص ومن جانب واحد عن التفاهم الأولي، ولم نكن نوافقه ولا نوافقه. مع ذلك قالوا كلاماً لا يتطابق حتى مع الفكت شيت الذي نشروه.

أو تقرر أن يصادق في مجلس الأمن على قرار يلغي القرارات السابقة ضد إيران. وبذلك لا يبقآ معنى لأن تبقى إيران ضمن البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والحال أنهم يقولون إن إيران يجب أن تبقى لمدة طويلة تحت البند السابع. هذا شيء غير مقبول. والواقع أنهم يطرحون في كل مرة شيئاً يختلف عن الشيء الذي طرحوه في المرة السابقة. مثلاً وزير خارجية أمريكا يتفق مرة ثم يقول شيئاً آخر في المرة اللاحقة. وعندما ينبّهوه إلى هذا التناقض يقول إن خبراءنا أشكلوا على ذلك. طيّب، عندما يشارك وزير خارجية بلد في المفاوضات يوجد وراءه فريق كبير من الخبراء. الفريق المفاوض في نفس جنيف أو في أي مكان آخر یستطیع نقل كلامه في مكان خاص مضاد لاستراق السمع والتنصت ويتلقى الأوامر، وهذه العملية تحصل دائماً وبشكل متكرر أثناء المفاوضات، إذن من غير المقبول أن يوافقوا على شيء ويرفضوه في المرة القادمة.

وقضية أخرى هي هذا القرار عن مجلس الشيوخ ومجلس النواب الذي تحدثنا عنه في بداية الحوار. أو حول فترة تقييد النشاطات النووية الإيرانية حيث ذكروا لحد الآن مدداً متفاوتة، وكل من يتكلم يذكر مدة غير المدة التي يذكرها صاحبه.

وإذن، لو أرادوا الاستمرار على هذه الطريقة أي التهديد العسكري والتناقض ونكث العهود والتراجع عن كلامهم الأول الذي قبلوه، فلن يبقى لدى الجانب الآخر ثقة بهم.

 

س: قلت إن للأمريكان أقوالهم في خلواتهم وغيرها في العلن. النقطة هنا هي أن هذا السلوك ينتهي بضررنا في الأمواج الإعلامية المؤيدة لهم، ويظهر كفة الأمريكان في المفاوضات وكأنها هي الراجحة. أي كأنّ حقوق الشعب الإيراني تضيّع. ما الأسلوب والسلوك الذي ينبغي أن نتخذه حيال هذه السياسة؟

 

الدكتور ولايتي: حسب معرفتي لفريق المفاوضات الإيراني فإنهم ملتزمون بوضع الخطوط الحمراء نصب أعينهم في عملهم. من جهة ثانية، ثبات سماحة قائد الثورة الإسلامية على وجهات النظر المعلنة طوال سني قيادته وحتى في زمن رئاسته للجمهورية، أمر ثابت للجميع. إذا أعلن سماحته عن شيء وتوصل إلى موقف معين وأعلن عن تشخيصه لذلك الشيء وعمل به فإنه سيبقى على ذلك الموقف يقيناً ويتابعه بثبات ويطالب به بالنيابة عن الشعب. إنه يركز همّته على عدم تضييع حقوق الشعب، فالشعب بالتالي وكل المسلمين في العالم عيونهم على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعليه. في الزمن الذي توليت فيه رئاسة وزارة الخارجية زرتُ الكثير من البلدان وكانت هناك شخصيات في تلك البلدان قالوا لي إنك لست وزير خارجية إيران بل وزير خارجية العالم الإسلامي، إنك وزير خارجيتنا أيضاً. الموقع والمكانة التي تتبوّؤها قيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية كذلك هي في الحقيقة اللسان البليغ لعزة المسلمين في كل العالم الإسلامي.

والحق هو أن لا تجري الأعمال في الحكومة بطريقة تتجاهل مصالح الشعب. واضح أننا لا نسعى لأعمال عسكرية، ولكن مجرد أن تستطيع إيران التوفر على قدرة نووية وتكون مقتدرة، شيء يخيفهم. إيران تروم أن یستمر هذا الاقتدار ومن المقرر استمرار هذا السياق وتصاعده. إذن، ينبغي عندما يحسب الشعب حساباته يجد أن مصالحه محفوظة في الحوارات والمعادلات والتعاطي والظاهر والباطن. شعبنا على استعداد لتقديم أية تضحيات في سبيل أهداف الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لأنهم واثقون من أن الشخص الذي على رأس النظام الإسلامي يدافع عن حقوق الشعب.

هذه الحقوق ليست لفرد واحد ليستطيع القول، حسب إرادة الأمريكيين، لنغض الطرف اليوم عن الطاقة النووية. هذه قضية تعود لكل شعب إيران. ولذا ففي الاستبيانات المجترحة حول التقنية النووية داخل البلاد وخارجها، شدّد معظم الناس على حيازة هذه التقنية. حتى أولئك الذين هم خارج البلاد وقد تكون لهم نقودهم تجاه نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يتقبلون هذه القضية كحق وطني ويعتقدون أنه يجب صيانة هذا المكسب.

إذن، الذين يفاوضون وهم في صلب المفاوضات النووية لا سبيل أمامهم سوى مراعاة الخطوط الحمراء. إذا تخطوا ذات يوم لا سمح الله هذه الخطوط فكما قال سماحة قائد الثورة ليس لدينا مع الشعب في الشؤون السياسية سريّ وغير سريّ، وسوف يذكر الواقع للشعب.

 

س: أشار قائد الثورة في لقائه الأخير إلى أن أمريكا لم يعد لها أية سمعة وماء وجه لدى شعوب المنطقة. أذكروا لنا رجاء مصاديق عن سقوط السمعة هذا.

 

الدكتور ولايتي: ما هو السبب الذي يدعوهم للقول: يجب سقوط الحكومة في سورية ومجئ الفرد الذي نريده للسلطة؟ لنفترض أن بعض الشعب السوري، كما في أيّ بلد آخر، لهم نقودهم تجاه الحكومة، ولكن أقيمت على كل حال انتخابات، وقد أصلحوا دستور البلاد، وتم انتخاب السيد بشار الأسد مرة أخرى. سورية عضو قانوني في منظمة الأمم المتحدة ولها موقع قانوني كبلد مستقل في الساحة الدولية. ما السبب الذي يجعلهم يسمحون لأنفسهم بعدم الاعتراف برئاسة بشار الأسد والقول إن شخصاً آخر ينبغي أن يتولى رئاسة الجمهورية في سورية؟ ما هي علاقتهم بالموضوع أساساً؟ لقد ظن الشعب السوري في البداية شيئاً آخر. تصوّر البعض خطأ إنهم يعملون للإصلاح، وبعد ذلك حينما شاهدوا جرائمهم ودعم الأمريكان وعملائهم في المنطقة ازدادوا وفاء لحكومتهم أكثر حتى عما كانوا عليه قبل الانتخابات.

والنموذج الآخر في العراق حيث يقصفون تحت طائلة التحالف ضد داعش، القوات العراقية، ويدعمون داعش. وفي اليمن يدعمون السعوديين ليقصفوا الناس الأبرياء. نفس وزير خارجية أمريكا هذا قال في السعودية إننا ندعم هجمات السعوديين ونشعر في الوقت ذاته بقلق تجاه الجانب الإنساني. كم ينبغي للمرء أن يكون وقحاً وضعيف النفس وعديم الشخصية بحيث يدعم من ناحية القصف السعودي العنيف ويقول من ناحية أخرى إننا قلقون بشأن الجانب الإنساني. لا أحد يصدّق هذه الأكاذيب. لو نظرتم لملف أمريكا في أي مكان لوجدتموه مليئاً وطافحاً بأشياء لا يتقبلها أي إنسان حر، وبسلوكيات یبغضها الناسُ الأحرار.

 

س: وفي الآونة الأخيرة يعمل الكونغرس الأمريكي على مشروع تقسيم العراق.

 

الدكتور ولايتي: نعم، في الكونغرس الأمريكي طرح كلام ويريدون اتخاذ قرار وإعلانه، وهو تقسيم العراق. هذه حالة تكشف عن طبيعة الأمريكان ورؤيتهم تجاه البلدان الإسلامية وخصوصاً بلدان المنطقة. حينما لم يستطيعوا فرض آرائهم على الحكومة المنتخبة من قبل الشعب وهي حكومة الدكتور حيدر العبادي، طرحوا فجأة قضية إنهم يريدون تقسيم العراق. وهم يحلمون بمثل هذا لسورية واليمن أيضاً.

ولكن على الأمريكان أن يعلموا أن هذا «حلم شيطاني» ولن يتحقق أبداً. الجمهورية الإسلامية الإيرانية بوصفها جاراً وحليفاً استراتيجياً للعراق لن تسمح بتحقق هذه الأحلام الشيطانية الأمريكية. كما أن الطوائف والجماعات السياسية المتنوعة في العراق تعارض هذا المشروع الشيطاني بشدة فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدافع عن الحق القانوني للعراق بامتلاك حكومة مستقلة. وكما ساعدت الجمهورية الإسلامية في إيران حكومة العراق بطلب منها في الحرب ضد داعش سوف لن تسمح بتقسيم هذا البلد.

الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تستطيع أن تتحمل تقسيم بلد مهم مثل العراق بفعل مؤامرة أمريكية، وهو جار لبلادنا وله معنا 1200 كيلومتر من الحدود المشتركة ويعتبر حليفاً استراتيجياً لنا، ليكون كل جزء مقسم منه بعد ذلك مقراً لمجموعة من مرتزقة الأمريكان أو الصهاينة.

هذه العبارة التي أقولها لكم عبارة صريحة: الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تسمح من جانبها بتحقق هذا الحلم الشيطاني الأمريكي لا في سورية ولا في اليمن ولا في العراق، وذلك بوصفها بلداً إسلامياً وصديقاً وحليفاً لهذه البلدان. وسوف يتحد العراق وسورية واليمن وباقي البلدان الإسلامية مع بعضها إن شاء الله.

المصدر: الموقع الإعلامي لمكتب حفظ ونشر آثار القائد