وجه رئيس الجمهورية الدكتور حسن روحاني رسالة إلى قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي بمناسبة الانجاز الذي حققه شعبنا والبدء بتنفيذ الاتفاق النووي، أكد فيها أن صمود الشعب الإيراني في المفاوضات عزز ثبات إيران إقليميا ودوليا، مضيفا بأننا سنرصد بدقة وجدية تامة التزامات الطرف الآخر وسنقوم بالرد المناسب على أي انتهاك للاتفاق، كما سنكرس جهودنا لإحباط أي استغلال للاتفاق النووي و محاولات لتسلل الأعداء .

وأفادت وكالة تسنیم بأن رئیس الجمهوریة استعرض في رسالته إلى الإمام الخامنئي، الانجازات التي حققتها إيران الإسلامية على الصعد النوویة والسیاسیة والحقوقیة والاقتصادیة، مصرحا بأن هذه الانجازات إنما تحققت بفضل صمود الشعب الإیراني في مواجهة التهدیدات وفي ضوء القیادة الحكیمة والشجاعة للقیادة الرشیدة .

وشدد الرئیس روحاني على أن إیران الإسلامية ستكرس جهودها في المرحلة التالیة لإفشال أي استغلال لمحاولات تسلل الأعداء للبلاد تأسیسا على التوجیهات القیمة للقیادة الرشیدة وأضاف: كما سنتابع التزامات وتحركات الأطراف الأخرى بحیادیة وجدیة كاملة .

وفیما یلي ترجمة نص الرسالة:

 

بسم الله الرحمن الرحیم

«اِنْ یَنْصُرْكمُ الله فَلا غالِبَ لَكم»

سماحة آیة الله العظمى الإمام الخامنئي قائد الثورة الإسلامية

بعد التحیة والسلام

مرة أخرى، نحمد الله تعالى، لإخراجه الشعب الإيراني منتصرا مرفوع الرأس من اختبار صعب وتاریخی بفضله وعنایته ومفاجأته لأعداء البلاد والنظام .

والصلاة والسلام على النبي الأكرم (ص) وأهل بیته الأطهار (ع) الذین شملوا الشعب الإيراني بعنایتهم دوما.

والصلاة والسلام على بقیة الله الأعظم (عج) الذي كان دوما عونا لهذا الشعب في الشدائد.

والسلام على الإمام الراحل (ره) الذي علمنا سبیل العزة والرفعة والثقة بالذات.

والسلام على جمیع الشهداء لاسیما الشهداء النوویین الأعزاء الذي علمونا الصمود والثبات من خلال تضحیاتهم.

الآن افتخر أن أحيط سماحتكم والشعب الإيراني الأبي والصامد علما بأنه واثر تكمیل الإجراءات بین إيران ومجموعة 5+1 على صعید تنفیذ الالتزامات وفقا للاتفاق النووي، فإن خطة العمل المشترك الشاملة دخلت حیز التنفیذ رسمیا یوم السبت الموافق 16 كانون الثاني 2016.

وبناء على ذلك فإننا ومنذ الیوم وبفضل صمود وثبات الشعب الإيراني في مواجهة التهدیدات والحظر على مدى 12 عاما وبفضل القیادة الحكیمة والشجاعة لسماحتكم تمكنا من تحقیق الانجازات التالیة على الصعید النووي:

1 – تم تحقیق تطلعات الشعب الإيراني على صعید تثبیت حقه المشروع في الاستفادة من الطاقة النوویة السلمیة وتم الاعتراف بالبرنامج النووي الإيراني بأبعاده التجاریة والصناعیة دولیا.

2 – استمرار عملیة التخصیب باعتبارها أكثر أقسام البرنامج النووي لبلادنا حساسیة وأهمية ودخول إيران إلى نادي الدول المنتجة للوقود النووي وفقا لخططنا .

3 – تبدیل مفاعل أبحاث أراك الذي یعمل بالماء الثقیل إلى مفاعل أبحاث حدیث ومطور یحظى بمعايير دولیة عالیة في إطار تعاون دولي .

4 – زیادة الاحتیاطات الاستراتیجیة للیورانیوم في إيران لأول مرة منذ انتصار الثورة الإسلامية عبر استیراد أكثر من مائتي طن من الكعكة الصفراء.

5 – دخول الجمهوریة الإسلامية الإيرانية من خلال بیع الیورانیوم المخصب والماء الثقیل، إلى نادي الدول المعدودة التي تقوم بتصدیر هذه المواد الحساسة.

6 – تمهید الطریق أمام التعاون الدولي مع البرنامج النووي السلمي لإيران في مجالات مثل بناء المحطات النوویة، مفاعلات الأبحاث، إنتاج الوقود، الأبحاث والتنمیة، الانصهار النووي، الطب النووي، الأمان النووي، تحلیة المیاه وصیانة البیئة.

كما تم بالتزامن مع ذلك تحقیق الانجازات التالیة في المجالات السیاسیة والحقوقیة والاقتصادیة:

7 – إلغاء ستة قرارات جرى إصدارها تحت البند السابع لمجلس الأمن الدولي ضد إيران. حالیا لا یوجد أي قرار ضد إيران سوى القرار 2231 الذي سیلغى تلقائیا بعد عشر سنوات.

8 – إلغاء 12 قرارا لمجلس حكام الوكالة الدولیة للطاقة الذریة . وحالیا تم تسویة جمیع الشكوك المتعلقة بماضي البرنامج النووي للبلاد سوى القرار الأخير (70/2015) الذي یعني بالإشراف على تنفیذ الاتفاق النووي فقط.

9 – إلغاء جمیع أنواع الحظر الاقتصادي والمالي المتعلق بالشق النووي من قبل مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي والولایات المتحدة في المجالات المختلفة مثل التحویلات المالیة، النشاطات البنكیة، السویفت، الاستثمارات، التامین، ائتمان الصادرات، النفط، الغاز، البتروكیماویات، الشحن والنقل، الملاحة البحریة، الموانئ، تجارة الذهب وسائر الفلزات، السیارات والطائرات، وتوفیر الأرضية لتسجیل إيران حضورا قویا في أسواق الاقتصاد الدولیة من خلال الاستفادة من الفرص المتاحة في مجالات التصدیر وأسواق الاستثمارات الدولیة.

10 – الإفراج عن الأموال المجمدة بسبب الحظر النووي والتي تمهد الأرضية للاستفادة منها في مجالات الاستثمارات وإيجاد فرص العمل في البلاد.

11 – والاهم من ذلك إفشال مخطط أعداء الإسلام وإيران لرسم صورة خاطئة ورهیبة عن الثورة الإسلامية وتقدیم صورة إنسانية ومسالمة عن إيران الإسلامية في الساحة الدولیة وإرغام المجتمع الدولي على الإشادة بالأخلاق والمواقف الحكیمة المشفوعة بالعزة لأبناء الثورة.

نبارك لقائد الثورة الإسلامية هذا النجاح العظیم ونشكر الشعب الإيراني على صبره وحلمه ونسأل الباري تعالى أن یمن على جمیع الذین ثابروا لتحقیق هذا النصر الوطني، اجر المجاهدین.

إن هذا النجاح اللافت تحقق بفضل القدرات الذاتیة وصمود الجمهوریة الإسلامية الإيرانية في ظل الثورة الإسلامية وقیادة الولي الفقیه التي بثت الیأس في نفوس أعداء الثورة الإسلامية حیال أي تهدید أو حظر وأرغمتهم على الجلوس إلى طاولة المفاوضات .

إن هذا النصر تحقق بفضل صمود وثبات الشعب الإيراني البطل في مواجهة الضغوط . وأخيرا فإن هذا النصر هو ثمرة ما یقارب ثلاثین شهرا من المفاوضات الطویلة والمضنیة التي تمت في ضوء إرشادات ودعم ودعاء سماحتكم.

لقد أثمر الخیار الذي اتخذه الشعب الإيراني منذ 12 عاما والقاضي بالصمود أمام بلطجة القوى الاستكباریة واحتكارها وأطماعها للدفاع عن حقوقه . لقد فشلت سیاسة الاستكبار التي كانت تهدف إلى تفكیك البرنامج النووی الإيراني، الحیلولة دون التخصیب، تفكیك مفاعل الماء الثقیل، إغلاق منشاة فوردو ووقف عملیات الأبحاث والتنمیة، وتم الاعتراف بما جرى حظره لإيران والإيرانيين بناء على قرارات مجلس الأمن الدولي. الحقیقة هي أن الشعب الإيراني العظیم قاوم بعزة وتفاوض بعزة واتفق بعزة .

إن نجاح الشعب الإيراني في هذا الاتفاق إلى جانب سرور أصدقاء الثورة الإسلامية، أدى إلى تخبط وسخط أعداء الجمهوریة الإسلامية الإيرانية في المنطقة وخارجها .

إن الجمهوریة الإسلامية الإيرانية وبدعم من اذرعها القویة وقدراتها الدفاعیة والسیاسیة والاقتصادیة والدبلوماسیة تحولت إلى لاعب أساسي لإرساء الاستقرار وضمان السلام والهدوء في المنطقة. إن تسویة الموضوع النووي والفاعلیة على صعید التعامل الناجح مع الدول الست العظمى زادت من الاقتدار الإقليمي والدولي للجمهوریة الإسلامية الإيرانية. ولطن للأسف فإن الذین رصدوا الملیارات لإفشال المفاوضات أو الحیلولة دون إقرار الاتفاق النووي أو تنفیذه، لازالوا یبذلون ما بوسعهم للحیلولة دون انهیار مخطط الترهیب من إيران.

الآن حیث تم إلغاء الحظر الجائر .. فإن الأرضية ممهدة للازدهار الاقتصادی في إيران من خلال التطبیق الجاد والفاعل للاقتصاد المقاوم. إن الحكومة تعتقد جزما بأن إلغاء الحظر وان كان لازما وضروریا من باب رفع الظلم واستیفاء حقوق الشعب الإيراني، إلا أن المتابعة الشاملة للاقتصاد المقاوم والحضور الفاعل لكافة شرائح الشعب في ساحات الاستثمار والعمل والإبداع هي التي ستؤدي إلى تحسین الأوضاع الاقتصادیة والمعیشیة للناس وتوفیر فرص العمل.

إن الحكومة عازمة وبناء على توجیهات سماحتكم أن ترصد تنفیذ التزامات الطرف الآخر بدقة وجدیة وأن ترد بالمثل وبشكل مناسب على أي خرق أو نكث عهد عبر التحلي بالحكمة بعیدا عن أي تفاؤلات مبالغ فیها، وأن تأخذ زمام المبادرة على صعید العلاقات السیاسیة والثقافیة والاقتصادیة التي تتبع تنفیذ الاتفاق النووي من خلال التخطیط الدقیق والثبات على المطالب والمصالح وتوفیر الاحتیاجات الحقیقیة للبلاد، وان تحبط أي محاولة تغلغل للأعداء .

ولا ریب انه وفي هذه المرحلة الجدیدة من تاریخ الثورة الإسلامية فإن توجیهات القیادة الرشیدة ستنیر طریق الشعب والحكومة كما في السابق.

والسلام علیكم ورحمة الله وبركاته

حسن روحاني

رئیس الجمهوریة الإسلامية الإيرانية