بسم الله الرحمن الرحيم‏

 المناجاة الشعبانية، أعظم مصادر المعرفة الإلهية

 أهنئ بدوري بمناسبة هذا العيد الإسلامي ـ المذهبي العظيم، الحضور الكريم وشخصيات‏ البلاد وكافة الشرائح المستضعفة لاسيما الشعب الإيراني العظيم. وآمل إن شاء الله أن ترسو سفينة الإنسانية في هذا البحر المتلاطم إلى برّ الأمان بفضل العناية الخاصة لولي العصر أرواحنا له الفداء، وأن ينتصر المستضعفون على المستكبرين الظالمين. وأرجو أن تقام الحكومة الشاملة العظيمة لسيدنا (سلام الله عليه) عن قريب، وأن تقر عيوننا وعيون المسلمين في أنحاء العالم بنوره المبارك.

 لقد حظي الإنسان في هذه الأشهر الثلاثة (رجب وشعبان وشهر رمضان المبارك) ببركات كثيرة، وبوسع الناس الاستفادة من هذه البركات. وبطبيعة الحال يعتبر المبعث النبوي الشريف مبدأ جميع هذه البركات .. ففي شهر رجب توجد ذكرى المبعث النبوي العظيم وولادة الإمام علي بن أبي طالب (سلام الله عليه) وعدد من الأئمة الآخرين. ويضم شهر شعبان ولادة الإمام الحسين سيد الشهداء (سلام الله عليه) وولادة صاحب الأمر (أرواحنا له الفداء). وفي الشهر المبارك نـزول القرآن على القلب المبارك للرسول الأعظم. وان كرامة هذه الأشهر الثلاثة تعجز الألسن والعقول والأفكار عن استيعابها .. ولا شك أن من بركات هذه الأشهر الأدعية الواردة فيها. فالمناجاة الشعبانية تعتبر من أعظم المناجاة والمعارف الإلهية التي بوسع المهتمين بها النهل منها على قدر وعيهم واستيعابهم.

 إن عناوين المسائل الإلهية والعرفانية عناوين سهلة بوسع كل شخص فهمها. وهكذا المسائل الاستدلالية والبرهانية ففي ذات الوقت الذي تتسم بالدقة إلا أنها سهلة الإدراك. وإذا ما تحقق البرهان والنتيجة المرجوة منه، فإن البرهان بالقلب يكون أكثر صعوبة، وهذا ما يطلق عليه الإيمان. فكم من أصحاب البرهان لم يوفقوا للوصول إلى هذه المرتبة من الإيمان، وهذه مسألة لا تنفذ إلى القلب إلا من خلال التلقين والتكرار والرياضة الروحية. فانظروا انتم إلى الميت. فالميت غير قادر على إلحاق الضرر بالإنسان. ولكن الإنسان إذا ما كان وحيداً في مقبرة والى جوار الموتى، ينتابه الخوف، لأن ذلك البرهان والضرورة العقلية لم يصلا إلى القلب. المعنى الذي أدركه العقل ويتسم بالضرورة، لم يستقر في القلب، ولكن بالنسبة لهؤلاء الذين يعملون- على سبيل المثال- في غسل الموتى وعلى اتصال دائم بالموتى، ولأنه عملهم اليومي، فان هذا الأمر قد دخل قلوبهم ولن تجد عندهم أي خوف أو رهبة.

 وفي المسائل الإسلامية والمسائل العقلية يكون الأمر بهذا النحو أيضاً. فكم من المسائل العقلية ثبتت بالدليل القوي إلا أنها لم تؤثر في الإنسان، لأن نتيجة البرهان وصلت إلى العقل ولكنها لم تدخل القلب، لا يوجد إيمان بها، العقل يدركها ولكن القلب لم يؤمن بها.

 التوجه العرفاني في إدراك أسرار معارف القرآن ومناجاة الأئمة (عليهم السلام)

 فكم من المسائل العرفانية في القرآن الكريم وفي مناجاة الأئمة (سلام الله عليه)م)، لاسيما المناجاة الشعبانية، غير أن الأشخاص والفلاسفة والعرفاء الذين بوسعهم استيعابها إلى حد ما، غير قادرين على تجسيدها في الوجدان بسبب غياب التوجه العرفاني. انظروا إلى الآية الكريمة: «ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى) . لقد تحدث المفسرون والفلاسفة عن هذا الموضوع، غير أن الذوق العرفاني بات قليلاً .. (إلهي هبْ لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرقَ أبصار القلوب حُجُبَ النور فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك. إلهي واجعلني ممن ناديته فأجابك وناجيته فصعق لجلالك) .

 فهذه عناوين تبدو للإنسان سهلة متصوَّرة. غير أن أياً من العارف والفيلسوف والعالم ليس بوسعه أن يدرك كنه المسألة، مسألة (فصعق لجلالك)، التي مبدؤها القرآن. وكذلك (وخَرَّ موسى صعقاً) ، حيث يتصور الإنسان بأنه سقط وأغمي عليه (صعق). ولكن ماذا كان الصعق؟ ما هو صعق النبي موسى؟ هذه مسألة لا يفهمها غير النبي موسى. وكذلك مسألة (دنى فتدلى) التي ليس بوسع أحد أن يفهمها ويدركها ويذوب فيها غير ذلك الذي حصل له (الدُنُوّ). إلى غير ذلك من العبارات الواردة في هذه المناجاة العظيمة، التي تبدو في الظاهر سهلة مفهومة غير أنها في الحقيقة ممتنعة على الفهم، وان الإنسان بحاجة إلى رياضات كثيرة حتى يتسنى له فهم (ناجيتَه) بفتح التاء، وليس (ناجيتُه) بضم التاء.

 فماذا تعني (ناجيتَه)؟ هل المقصود أن الله تعالى يناجي الإنسان؟ وما هذه المناجاة؟ ما الذي أراده الأئمة من ذلك؟. إني لم أر مثل هذه التعابير في أدعية أخرى غير هذا الدعاء. لقد كان الأئمة جميعاً يقرؤون هذه المناجاة. وهذا دليل على عظمتها. جميع الأئمة كانوا يقرؤون هذه المناجاة، فماذا يعني ذلك؟ ما هذه المسائل التي كانت بينهم وبين الله تبارك وتعالى؟. (هَبْ لي كمال الانقطاع إليك). فما هو كمال الانقطاع؟ و (بيدك لا بيد غيرك زيادتي ونقصي ونفعي وضرّي). فالإنسان- حسب الظاهر- يقول: إن كل شي‏ء بيده. غير أن معنى ذلك هو: لن يصيبنا ضرر إلا بيده، ولن تتحقق أية منفعة إلا به، فهو الضار والنافع. ولكن أيدينا قاصرة عن أمثال هذه الأمور، واسأل الله تعالى أن يوفقنا في هذا الشهر الكريم وكذلك شهر رمضان المبارك، لتحقيق ولو لمحة بسيطة من هذه الأمور في قلوبنا. على الأقل أن نؤمن بما تعنيه قضية (الصعق). إن نؤمن بماهية مناجاة الله مع الإنسان. إن نؤمن على الأقل بالمناجاة ولا نقل عنها بأنها كلام دراويش.

 كل هذه المسائل موجودة في القرآن بنحو لطيف، وفي كتب الدعاء المتوافرة بين أيدينا، والتي وصلت إلينا عن طريق أئمة الهدى. فهي ليست بلطافة القرآن الكريم ولكنها لطيفة أيضاً.

 وان كل الذين استخدموا هذه الألفاظ فيما بعد كانوا قد استعاروها من القرآن الكريم والحديث الشريف سواء عن علم أو دون علم. وربما لا يعتبرون سندها صحيحاً أيضاً. وطبعاً فإن القلة هم الذين بوسعهم إدراك معنى ذلك. فكيف إذا ما تذوقته الروح وأنست به. فهذه مسألة تفوق تلك المسائل.

 دفاع أميركا عن الجواسيس والمعتدين على الجمهورية الإسلامية

 أسأل الله تبارك وتعالى أن يجنب هذا الشعب الذي قام وانتفض من أجله تعالى، شرّ المفسدين والجبارين كي يتسنى له التفرغ لمسيرة البناء والأعمار وتحقيق أهدافه الإسلامية الكبرى. ولكن طالما كانت القوى الكبرى تمارس اعتداءها وغطرستها فان تحقيق هذا الأمر يبدو صعباً إلى حد ما. ولا أدري هل لاحظتم حديث الرئيس الأميركي الذي بثته بعض وسائل الإعلام والذي طلب فيه العون من كل العالم للعمل على إنقاذ البهائيين  الموجودين في إيران، إذ اعتبرهم أناساً مظلومين وليسوا جواسيس، وأنهم لا يفعلون شيئاً غير أداء شعائرهم الدينية، واتهم الحكومة الإيرانية بإصدار حكم الإعدام بحق إثنين وعشرين شخصاً منهم لمجرد إقامتهم شعائرهم الدينية .. يطلب العون من العالم مؤكداً بأنهم ليسوا جواسيس. وهو يتحدث عنهم من منطلق إنساني.

 لو لم يذكر ريغان  ذلك، لربما صدقت بعض العقول الساذجة من أن هؤلاء- وإن كانت معتقداتهم فاسدة- لا شأن لهم بالآخرين وأنهم متفرغون لأداء أعمالهم وطقوسهم الدينية. ولكن بعد أن تحدث الرئيس الأميركي عنهم، فقد قدّم شهادة على التشكيك في نواياهم، وليس ذلك غريباً. فعندما يتم إلقاء القبض على زعماء الحزب الشيوعي الإيراني، يرفع الاتحاد السوفيتي عقيرته بأن عدة من أبناء الشعب الإيراني الأبرياء ممن يدعمون الجمهورية الإسلامية ويؤيدونها ويقفون إلى جانبها شأنهم شأن الآخرين، أقدمت الحكومة الإيرانية على اعتقالهم وسجنهم. ومن جهة أخرى يقول السيد ريغان أن هؤلاء البهائيين التعساء أناس مسالمون يؤدون طقوسهم بهدوء وسلام، غير أن النظام الإيراني وبسبب معارضته لمعتقداتهم، أقدم على اعتقالهم. ولكن لو لم يكن هؤلاء جواسيس لما ارتفع صوتكم. إنكم تدافعون عنهم لأنهم يعملون لصالحكم، وإلا فنحن نعرفكم ونعرف اهتمامات الإدارة الأميركية حيث ظهرت اهتماماتها الإنسانية فجأة بعدما علمت تورط هؤلاء البهائيين في التجسس ضد الجمهورية الإسلامية .. إن الشعب الإيراني يعي تماماً مواقفكم. فأنتم الذين دفعتم العراق لأن يفعل ببلدنا ما لم يفعله المغول، وكذلك مع شعبه. فقد أقدم النظام العراقي على اغتيال ثلة من العلماء الكبار أمثال السيد يوسف ، الذي اعرفه جيداً وهو رجل صالح ونـزيه، ويبدو أن النظام الصدامي أقدم على اغتيال عدد كبير من أبناء هذه الأسرة الكريمة انتقاماً من المرحوم آية الله السيد الحكيم. فإذا كنتم حقاً تناصرون الإنسانية، لاعترضتم على ذلك، لقلتم كلمة. على الأقل اذكروا ذلك في وسائل إعلامكم واستنكروا ما يفعله صدام بحق الشعب الإيراني والشعب العراقي معاً. فهل اطلعتم على ما فعله هؤلاء البهائيون حتى تدافعون عنهم؟ أم أنكم تعلمون الغيب؟ إننا لو لم نملك دليلًا على أن هؤلاء جواسيس لأميركا، فان دفاع ريغان عنهم يكفي. ولم يكن لدينا دليل على أن زعماء الحزب الشيوعي الإيراني (توده) جواسيس سوى مناصرة الاتحاد السوفيتي لهم، لكان ذلك يكفي. ولكننا نقول لكم بأننا لا نحاكم أعضاء حزب (توده) لمجرد أنهم شيوعيون. كما أننا لا نحاكم هؤلاء البهائيين لمجرد أنهم بهائيون. وقد جاء زعماء الحزب الشيوعي الإيراني بأنفسهم وتحدثوا عن نشاطاتهم وسوابقهم. وان البهائيين ليسوا أصحاب مذهب وإنما هم حزب، وكان البريطانيون يدعمونهم في السابق وأصبحت اليوم تدعمهم أميركا أيضاً. وهؤلاء الذين تم اعتقالهم هم جواسيس كأولئك، وإلا فان أناساً كثيرين لديهم مثل هذه الانحرافات العقائدية لم يتعرض لهم أحد. كما أن حزب (توده) كان يمارس نشاطه ولم يتعرض له أحد حينما لم يلجأ إلى التآمر بالكامل. طبعاً كان زعماؤه تحت المراقبة لأنهم من أصحاب السوابق، ولكن طالما لم يقتربوا من تنفيذ مؤامراتهم فلم يتعرض لهم أحد. ولما قرروا التنفيذ أقدم حرسنا الثوري الأعزاء على اعتقالهم وان شاء الله سينالون جزاءهم.

 فالقضية هي مناصرة السيد ريغان والاتحاد السوفيتي لأمثال هؤلاء المتورطين وهو خير دليل على أنهم يعملون لصالحهم. وان الخدمة التي يقدمها هؤلاء لهم لا تقتصر على اطلاعهم على ما يجري في بلدنا، وإنما يتجسسون على الشعب الإيراني والحكومة الإيرانية لصالح أسيادهم. وهذا جزء من المشكلات التي تعترض بلدنا اليوم في مواجهته للقوى العظمى وهؤلاء المنحرفين.

 نعم للنقد أما التآمر فلا

 على صعيد آخر ثمة شياطين داخل هذا البلد إما أنهم عملاء للأجانب أو جهلة أو يرفضون الجمهورية الإسلامية أصلاً ويطالبون بنظام بديل لها. فهناك الكثير من الملتزمين والمؤيدين للجمهورية الإسلامية ويشاركون أبناء الشعب همومهم، ولكن تستغل بساطتهم ويتم‏ تسخيرهم للقيام ببعض الأعمال المناهضة للنظام الإسلامي.

 ولا يخفى أنني كثيراً ما أؤكد على حرية الرأي والتعبير فليقل الجميع ما عندهم ولينتقدوا، ولكن ثمة فرق بين النقد والتآمر. هناك فرق بين لغة النقد ولغة التآمر، فالنقد بناء. والبحوث العلمية والعلوم الإسلامية لن تصل إلى أهدافها من دون بحث ونقاش ونقد. وهكذا الأمور السياسية، فمن غير البحث والمناقشة لا تحقق أهدافها. التباحث مطلوب، والإشكال مطلوب، والنقاش مطلوب، فكل هذه أمور مفيدة ليس بوسع أحد أن يمنعها. ولكن تجد أحياناً أن الاعتراض يتسم بلهجة تستهدف إضعاف الجمهورية الإسلامية. وربما الشخص المعترض هو نفسه لا يعي ذلك وإنما لقّن به تلقيناً. ونحن نعارض هذا الأسلوب وهذه اللغة لأنها لا تجسد حرية الرأي أو التعبير. إننا لا نسمح بالتآمر .. اكتبوا وتحدثوا وانتقدوا ما تشاؤون، أما التآمر وإضعاف الجمهورية الإسلامية وأركانها فهذا مرفوض. وإننا نجد ثمة أيادٍ تسعى إلى ذلك وتعمل على متابعته. إن الحكومة تعمل بكل ما في وسعها من أجل الشعب، غير أنهم لا يتركونها تمارس عملها. فمرة يتهمون رئيس وزرائها، وأخرى الوزير الفلاني، وهكذا. فإذا كان عندهم انتقاد بناء فلينتقدوا، ليقولوا أن النهج الفلاني خاطئ والسياسة الفلانية سليمة. ولكنهم يتجاهلون كل المشاريع التي تقوم بها الحكومة والخدمات التي يقدمها مجلس الشورى، ويزعمون بأنه لم يتحقق شي‏ء للشعب .. فمثل هذا يشير بوضوح إلى أن ثمة أيادٍ تقف وراء ذلك وتحاول تضليل الناس وإبعادهم عن الساحة ليحلوا هم محلهم. لذا فنحن نعارض ذلك. كما أن كل مسلم وكل إنسان يعارضه. لقد تحمل الشعب الصعاب وضحى بشبابه في سبيل الإسلام، وان ما تحقق اليوم للإسلام إنما كان ثمرة دماء أبناء هذا الشعب، ثمرة دماء شبابه الأعزاء. والحمد لله فقد مضيتم في مسيرتكم قُدماً. ولكن هؤلاء يهدفون إلى التآمر على الشعب من خلال التلاعب بعقول أبنائه من أن هناك شيوعية وهناك رأسمالية وأمثال هذا الكلام المضلل الواهي.

 فإذا كان لديكم انتقاد صحيح فتحدثوا به واكتبوه ولتكن لديكم الجرأة على قول ما تؤمنون به والكشف عن أسمائكم. تحدثوا بإنصاف عما تحقق وعن النواقص الموجودة. وإذا ما رأيتم أحياناً بأن المحكمة الفلانية أخطأت عن قصد، وان الوزير الفلاني ارتكب خطأ عن عمد، فاكتبوا عن ذلك بالدليل. وسوف تتم مساءلة الحكومة وذلك الوزير. أما أن يجلس الإنسان بين أربعة جدران ويكتب ما يحلو له دون أن يكشف عن هويته، ويكيل التهم لهذا وذاك كما يشاء. فهذا مرفوض .. لماذا لا يكشف الذي يتحدث عن هذه الأمور عن هويته؟ فإذا كان صادقاً فليذكر اسمه. ألا يجب أن يلتفت المرء إلى أنه ثمة ما يثير الانتباه؛ فما الذي يجنيه علماء قم، هؤلاء الأساتذة المحترمون الذين تركوا أبحاثهم ودراساتهم وشؤونهم العلمية، وتفرغوا للعمل في مؤسسات الدولة؟ ما الذي حصلت عليه رابطة علماء الدين المجاهدين بطهران غير المتاعب والمعاناة؟

 إضعاف الجمهورية الإسلامية يعني إضعاف الإسلام‏

 هل يليق بالمرء أن يعمل على إضعاف هذه المحاكم وهؤلاء القضاة، وإضعاف مجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور والحرس والشرطة الذين يضحون بأرواحهم من أجلكم ومن أجل الإسلام والمسلمين؟ فمن خلال إضعاف أركان الحكومة يعملون على إضعاف النظام الإسلامي وبث اليأس والإحباط في نفوس أبناء الشعب. ومثل هذا لا يمكن السكوت عليه، مما يدفعنا للاعتراض عليه. ولكن سرعان ما يتهمنا البعض بأن فلاناً لا يقبل النقد .. إننا نعارض إضعاف الجمهورية الإسلامية لأنه إضعاف للإسلام. فأي مسلم لا يعارض ذلك؟

 الاتكال على الله وعدم الخوف‏

 على أية حال، أرجو أن يبارك الله تعالى هذا العيد للجميع. وكلنا ثقة بأن الله تبارك وتعالى يتلطف على هذا البلد ويحرسه، البلد الذي يعتبر نموذجياً في تمسكه بالإسلام، البلد الذي تتضافر فيه جهود الجميع: الحكومة والشعب ومجلس الشورى وعلماء الدين، من أجل إحياء الإسلام في هذا البلد وفي كل مكان إن شاء الله تعالى .. كونوا على ثقة بأن الله تبارك وتعالى يحيطنا بعنايته، وان ولي العصر- (سلام الله عليه) وأرواحنا له الفداء- يتلطف على هذا المجتمع .. وفي ظل التوكل وألطاف الأرواح المقدسة، يجب أن لا ندع الخوف يدب في نفوسنا، فنحن لا نخشى أحداً. لقد قلت كراراً بأن الذي ينتابه الخوف هو من لا يؤمن بالعالم الآخر .. هل يخشى الموت هؤلاء الشباب الذين يأتون إلينا ويطالبوننا بالدعاء لهم بالشهادة؟ هؤلاء الذين يقسمون علينا بأن ندعو لهم بالشهادة، هل يخافون الموت؟ إن هؤلاء المنهمكين في خدمة البلد والإسلام ومن الممكن أن يتعرضوا في أي لحظة للاعتداء- لا سمح الله- لا يعرفون معنىً للخوف. الذي يخاف هو من لا يؤمن بالعالم الآخر. وقد أدرك هؤلاء بأن هناك حياة أخرى وان هذه الدنيا ليست أكثر من ممر إلى العالم الآخر، فأمثال هؤلاء لا يخشون أحداً ولا يهابون الموت، إن غاية آمالهم تحقيق أهدافهم.

 إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك.

 والسلام عليكم ورحمة الله‏

ــــــــــــــــــــــ

المكان: طهران، جماران‏ المصدر: صحيفة الإمام، ج‏17، ص: 369 الموضوع: بركات أشهر رجب وشعبان ورمضان‏ التاريخ 7 خرداد 1362 ﻫ.ش/ 15 شعبان 1403ﻫ.ق‏ المناسبة: ذكرى مولد الإمام الحجة بن الحسن صاحب الزمان (عجل الله فرجه الشريف)

 نسأل الله تعالى نصرة الإسلام وجند الإسلام وقطع دابر الأشرار عن هذا البلد.