جديد وهام

 

الإمام القائد حفظه الله تعالى يجيب بشكل واف على أسئلة حول فلسطين

 

2. كيف يمكن دعم القضية الفلسطينية وصمود إخواننا المسلمين هناك ؟

 

من الإجراءات المهمة التي يبدو لي قدرة الدول العربية ــ المصدرة للنفط ــ اتخاذها هي استخدام النفط، وليس صحيحاً ما روّج له الغربيون في العالم أن لا تستخدموا سلاح النفط، فلقد استخدم الأمريكان القمح والمنتوجات الغذائية سلاحاً، وكذا يُفعل في الكثير من بلدان العالم؛ فلماذا تحرم البلدان الإسلامية والعربية من هذا الحق؟! فليقطعوا النفط لمدة شهر واحد ولو رمزياً عن الدول التي تجمعها علاقات ودّية مع إسرائيل، فما تتمتع به الدنيا من حركة في مصانعها بعناصرها الثلاثة الطاقة الضوئية والكهربائية والحرارية إنما هي من نفطنا، فلو لم يصلهم نفطنا لتوقفت حركة مصانعهم ومصادرهم الضوئية والحرارية، أَوَ قليل هذا؟! فلتبادر الحكومات العربية لذلك من أجل مصلحتها، وليفعلوا ذلك لمدة شهر واحد وليس على الدوام وبصورة رمزية دعماً للشعب الفلسطيني، سيهتز العالم حينها؛ وهذا من الإجراءات التي بوسعهم اتخاذها.

الإجراء الآخر الذي بوسعهم اتخاذه هو قطع كافة العلاقات والمعاهدات السياسية والاقتصادية التي تربطهم بالدويلة الصهيونية وإيقاف التعاون معها، وبذلك سيعم السرور الشعوب العربية وستقف خلف الحكومات التي تقدم على هذا الإجراء الشجاع، وذاك ما تصبو إليه الشعوب. والويل لتلك الحكومة التي يعلم شعبها أنها تقيم علاقات سرية أمنية وغيرها مع إسرائيل!

إن الحكومات الإسلامية تتحمل المسؤولية أيضاً، ومسؤوليتها ليست أقل وطأً من الحكومات العربية، فالقضية ليست عربية فقط بل هي أوسع مدى، فهي قضية إنسانية وإسلامية، والحكومات الإسلامية تمتلك القدرات النفطية وما شابهها وبإمكانها القيام بمثل ذلك؛ وإن مؤتمر وزراء الخارجية في ماليزيا لم يكن مؤتمراً ناجحاً، وإنهم ــ بطبيعة الحال ــ قد عبروا عن مواقفهم وأثبتوا وجودهم لكن ذلك كان ضعيفاً، فكان عليهم المبادرة لما هو أقوى منه؛ إذ كان على الحكومات والدول الإسلامية اتخاذ إجراء أقوى مما اتخذوا وهم يشاهدون المحنة التي يعانيها أخوتهم المسلمون.

وللشعوب القدرة على التأثير والمشاركة في هذه القضية، والشعوب الإسلامية بمقدورها تقديم العون المالي للفلسطينيين، فذلك لا يقتصر على الحكومات بحيث تقول حكومة: لقد سددت عشرة ملايين دولار، وأخرى عشرين مليون، وأخرى خمسين مليون، وليس واضحاً أين وكيف سددوها وإلى من أعطوها، والشعب الفلسطيني بحاجة الآن إلى الغذاء والدواء، وهو ليس بمتسول، بل سيد رازح تحت سلطة العدو، والجميع مكلفون بإعانته، فافترضوا أن كل فرد من أبناء العالم الإسلامي ــ في بلدنا وسائر البلدان ــ يتبرع بألف تومان فقط للشعب الفلسطيني فسترون ماذا سيحصل، وأي تأثير سيتركه مبلغ ألف مليار تومان على حياة الشعب الفلسطيني!

لتساهم كل عائلة حسب أفرادها بألف تومان في هذا العمل الخيري ــ وهذا هو الحد الأدنى، ومن أراد أن يعطي المزيد فليعطِ ــ وإيصالها إلى الشعب الفلسطيني لتوفير الطعام والدواء والإمكانيات الضرورية للصمود والمقاومة، وهذا ما يسع الشعوب القيام به، ولا داعي لأن تعلن الحكومة الفلانية أنها تعطي هذا المقدار، ما هو مقداره وكيف تمنحه، تعطيه أو لا تعطيه، وقد تتعرض لتهديد إحدى الدول الكبرى. كلا، فلتساهم الشعوب في هذا الأمر. فما الذي بوسعهم القيام به تجاه الشعوب؟! وإذا رغب أبناء شعبنا في المبادرة إلى هذا الإجراء فبإمكانهم جمع هذه الآلاف من التومانات في مراكز الإغاثة من قبل الهلال الأحمر ولجنة الإمام للإغاثة وغيرها حتى تتحول إلى مبلغ طائل بوسعه إعانة الشعب الفلسطيني.

والأسمى من العون المادي هو العون المعنوي، إذ الشعب الفلسطيني يشعر بأن قلوب الشعوب معه؛ فالتظاهرات التي عمت العالم الإسلامي هذه الأيام في غاية الاهمية، وأن المسيرة التي ستقومون بها حتى ساحة فلسطين ومقابل السفارة الفلسطينية لهي خطوة ثمينة للغاية، فحينما تنعكس أخبارها يشعر الشعب الفلسطيني المظلوم بوقوف الشعوب خلفه، وان شعبنا لم يتوانَ أبداً في هذا المجال ــ والحمد لله ــ فحيثما صدرت دعوة تخص هذه القضية سجل حضوره وأعلن موقفه.

وأخيراً، على المحافل الدولية والأمم المتحدة أن تتحرك، وعلى منظمات حقوق الإنسان التي طالماً أو غالباً ما تخدم الأهداف الاستكبارية التدخل ــ خلافاً لإرادة الدوائر الاستكبارية ــ لصالح الشعوب ولو مرة واحدة، وتستقطب الرأي العام العالمي نحوها في إدانة الظالم المعتدي وتأييد الشعب الفلسطيني المظلوم، فإذا ما مورست هذه الضغوط سيتحقق عملياً المشروع الذي تطرحه إيران بشأن القضية الفلسطينية وسيصبح العدو مرغماً عليه.

وإذا ما تحركت الحكومات العربية والإسلامية وتحرك المسلمون والمحافل الدولية في هذا الاتجاه صار هذا الإجراء عملياً، ومن المسلّم به أن من يتقاعس في هذا المجال سيكون مؤاخذاً ومسؤولاً أمام الشعوب والتاريخ، وأدهى من ذلك أمام الله سبحانه وتعالى، فكلنا نتحمل المسؤولية.