في غفلة من أجهزة الرصد السياسي للاستكبار العالمي ـ الشرقي والغربي ـ كان ينمو في العالم الإسلامي وعي سياسي إسلامي أصيل، وبصورة هادئة، وهيّأ الله تعالى هذا الوعي السياسي أن ينمو نمواً سوياً، ويأخذ حظه من النضج. فقد تكوّن هذا الوعي على شكل صحوة سياسية، في العالم الإسلامي في الطبقة المؤمنة المثقفة بصورة محدودة، ثم تحوّل إلى وعي سياسي وتوسّعت مساحته، وشملت مساحات كبيرة من الأمة، وتحول في جسم الأمة إلى حركة واعية باتجاه عودة الإسلام إلى الحياة من جديد وتفاعلت هذه الحركة في جسم الأمة وتحولت إلى انتفاضة شاملة في إيران، ولبنان، والعراق، ومصر، والأردن، والسودان، وباكستان، وأكثر الأقاليم الإسلامية.
وقد نجح الاستكبار العالمي في امتصاص هذه الانتفاضات الإسلامية والجماهيرية، في بعض الأقطار بخبث وذكاء، وفشل، في أقطار أخرى، فاستعمل العصا، والعصا في حساب الحكام الورقة الأخيرة التي ليس وراءها ورقة أخرى.
وتحولت هذه الانتفاضة إلى ثورة إسلامية هزت أمواجها العروش والتيجان والمعادلات السياسية في المنطقة، واجتذبت اهتمام كل المسلمين المحرومين، وأخذ الناس في العالم يتابعون أخبار الثورة الإسلامية باهتمام وحرص.
حتى شاء الله أن تفلح الثورة في إقامة أول دولة إسلامية في العصر الحاضر.
وأصبحت هذه الدولة المباركة موضع أمل عامة المحرومين والمستضعفين من المسلمين وغيرهم، وأصبح هذا الكيان رغم حداثته يهدد كل الكيانات السياسية التقليدية القائمة على العمالة الشرقية والغربية أو المزدوجة. وبدأ التفاعل الجماهيري، مع الثورة الإسلامية والدولة الإسلامية المباركة يتصاعد في العراق وفي الخليج والسعودية ولبنان، وبشكل غير اعتيادي، مما حرّك جرس الإنذار للحكام في المنطقة ولأسيادهم خارج المنطقة فتكالبت القوى الاستكبارية العالمية وفي مقدمتها ـ أمريكا ثم فرنسا لمضايقة ومحاصرة هذه الثورة والدولة الإسلامية المباركة.
زرعوا أمام الدولة المباركة عقبات، وألغام، ومتاعب، ومشاكل سياسية، واقتصادية وعسكرية، كان آخرها الحرب التي أثارها النظام العراقي ضد الجمهورية الإسلامية.
وكان على هذه الدولة المباركة أن تجتاح هذه العقبات واحدة بعد أخرى وتنتهي من عقبة اقتصادية لتتجاوز أخرى سياسية، وتنتهي من عقبة سياسية، لتبدأ باجتياز أخرى عسكرية، وقد كان يتزامن في وجه الدولة المباركة أكثر من عقبة داخلية وخارجية في وقت واحد.
وتجاوزت الثورة والدولة المباركة هذه العقبات، بحول الله تعالى، وتأييده، بتوفيق ونجاح منقطع النظير.
وخلال هذه التحولات، والانقلابات، والأحداث الكبرى الخطيرة، والمواجهات السياسية والعسكرية والاقتصادية، والابتلاءات الصعبة، تنامي داخل الأمة خط سياسي حركي وفكري وجهادي، يشكل إستراتيجيتنا السياسية والجهادية، وينبع من الأصول العميقة لتفكيرنا الإسلامي، وذلك هو "خط الإمام".
وهذا الخط في أصوله التاريخية المعاصرة، هو نفس الوعي السياسي الإسلامي، الذي اجتاز هذه المراحل السياسية، والجهادية، خلال نصف قرن من الزمان تقريباً، حتى تكاملت أبعاده، وكمل نضجه ونموه، وظهر على الساحة الإسلامية، على شكل خط الإمام، من خلال السلوك السياسي والجهادي لقائد المسيرة الإسلامية الإمام الخميني رضوان الله عليه.
تعليقات الزوار