أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، هي الدولة الأكثر تأثيراً في المنطقة، مشيدا بالانجازات التي حققتها الثورة الإسلامية على شتى الأصعدة.

وفي كلمة له خلال مهرجان "الأربعون ربيعاً" الذي أقامه حزب الله في ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في مجمع سيد الشهداء (ع)، أشار سماحته إلى أن الشاه جعل من إيران دولة تابعة لأميركا وتديرها واشنطن كيفما تريد وكان خادماً لها، لافتاً إلى أن الإمام الخميني كان قبل الستينات يحضّر للثورة والتحرك ويحضّر البيئة ضد الشاه، وقد بدأت هذه الثورة برجل واحد إلتف حوله عدد كبير من رجال الدين والعلماء وشرائح واسعة من الناس، مبيّناً بأن أهمية الثورة التي قادها الإمام بأنها قامت منذ اليوم الأول لله ولم يكن يفكر أصحابها بأي شيء من حطام الدنيا.

ولفت الأمين العام لـ"حزب الله" ​السيد حسن نصر الله​ في كلمة له بذكرى انتصار الثورة الإيرانية إلى "أننا نتوجه بالتحية والإكبار والسلام إلى روح الإمام السيد الخميني، صانع هذا الانتصار والقائد التاريخي لهذه الثورة لهذا الانجاز، والى أرواح الشهداء من الذين ثاروا معه وصمدوا معه، واستشهدوا أيام الثورة قبل الانتصار وبعد الانتصار ونهنئ الإمام السيد ​علي الخامنئي​، والى المسؤوليين الإيرانيين والى شعب إيران ونبارك لهم عيدهم وانتصارهم الذي كان انتصارا للإسلام وللأمة ولكل معذبي ومظلومي هذا العالم".

وأشار إلى "أنني أعطي الأولوية لطبيعة المناسبة، وهي من الفرص القليلة التي قد يتاح لي فرصة بعض الحديث التفصيلي فيما يعني ​الثورة الإسلامية​، لا لنتحدث عن تاريخ بل لنصل إلى الواقع الحالي الذي تمثل فيه إيران في موقعها بالمنطقة من اكبر العناوين للأحداث والتطورات، وتصنف الدول الأولى الأكثر تأثيرا في أحداث المنطقة، كما تم تصنيفها كدولة من بين 13 دولة مؤثرة في أحداث العالم، وحلت في المرتبة التاسعة"، لافتاً إلى "أننا نتحدث عن إيران والثورة، وعن منطقتنا ومستقبلنا في المنطقة وعن حقيقة المعركة الكبرى الدائرة في المنطقة".

وأفاد بأنه "للتذكير، كان يحكم إيران قبل الثورة نظام ملكي شاهنشاهي، وكان شاه إيران يسمي نفسه ملك الملوك، والشاه محمد رضا بهلوي حكم إيران حكما ديكتاتوريا مستبدا، لإبعادها عن الدين والإسلام وعن تاريخها وتراثها وجعلها دولة تابعة للولايات المتحدة، تنهب نفطها وتسيطر عليها وتديرها وكان هناك 60 ألف مستشار أميركي يديرون إيران، وكان خادما للسياسات الأميركية في المنطقة، وكان شرطي الخليج، ضمن علاقات استراتيجية كاملة مع ​إسرائيل​ وصولا إلى تزويدها بالنفط مجانا"، مشيراً إلى أنه "في بداية الستينات خرج الخميني، الفقيه الكبير، وقائد استثنائي وشخصية مميزة وشجاعة، قلب لا يعرف الخوف وعزيمة لا تعرف الوهن، الإمام الخميني كان يواكب ويخطط في ظل المرجعية السابقة السيد بروجردي، وكان يتابع الأحداث ويحضر للثورة ويحضر الطلاب وأنصاره ومشروعه ولم يتحرك ضمن ردة فعل، ووقت التحرك في وجه الشاه عندما كان ذاهبا لإقرار مشاريع تهدد اقتصاد إيران وسيؤدي للمزيد من العلاقة والتبعية لأميركا وإسرائيل".

وأضاف السيد نصر الله: "هذه الثورة التي نحتفل اليوم بذكرى انتصارها بدأت برجل واحد، والتف حوله عدد من مراجع الدين والعلماء وطلاب الحوزة العلمية وشرائح واسعة من الشعب الإيراني، وبدأت الثورة، في ميزة هذه الثورة وفي مضمونها قام لله وفي سبيل الله وبحسب الحسابات المادية والواقعية الطبيعية أن الإمام ذاهب إلى السجن أو النفي أو القتل، لكنه لم يعمل حسابا والثورة كانت لله وفي سبيل الله وطلبا للقرب من الله، ولم يكن يفكر بشيء من حسابات الدنيا ومال الدنيا وجاه الدنيا وطوال سنوات هذه الثورة تحملوا فيها العذاب والقتل والجازر والسجون والنفي والتهجير والقتل تحت التعذيب لكنهم لم يتراجعوا، والإمام في ثورته تحدث عن البعد العقائدي والديني والإسلامي والسياسي والاستراتيجي والتبعية ل​أميركا​ وعلاقة الشاه بإسرائيل و​القضية الفلسطينية​، وعن الزراعة التي دمرها الشاه والقضاء الفاسد والإنفاق والهدر الذي لا مثيل له، عن الجوع والحرمان، تدمير الصناعة والتخلف والأمية والمرض والفقر والجوع".

وتابع: "يمكن توصيف هذه الثورة بأنه ثورة إسلامية وقرآنية وإيمانية، وثورة إيرانية وطنية شعبية، وثورة شعب وليست انقلابا عسكريا، الشعب كله شارك بالثورة التغيرية السياسية والاقتصادية، ثورة المحرومين والحفاة ومنهوبي الخيرات والمعذبين والمستضعفين، ويمكن أن تجمع لهذه الثورة كل الصفات. وتجمعت فيها كل الأبعاد"، مشيراً إلى أن "الأهم هو الثبات والصبر والتحمل، كان الوعد الإلهي للمعذبين والمظلومين، الرافضين للعبودية والاحتلال، هؤلاء الصابرون الله وعدهم بالنصر ونصرهم في 11 شباط 1979".

وذكر السيد نصر الله بـ"انجازات الثورة وهي إسقاط نظام الشاه، إخراج أميركا من إيران بمستشاريها وشركاتها ومفسديها، إخراج إسرائيل من إيران وقطع العلاقات معها، الحصول على الاستقلال الحقيقي وهو كان العنوان الأول لهذه الثورة، وبعد 40 عاما لا زالت تحافظ عليه واليوم إيران من أوائل الدول المستقلة في المنطقة، وهي من الدول القليلة المستقلة حقا في العالم".

وأكد أن "إيران هي الدولة المستقلة اللاشرقية واللاغربية ولا شمالية ولا جنوبية، إرادتها وطنية، هذا أعظم انجاز تحققه إيران، الحفاظ على إيران بكل ما فيها، لا دمرت مصافي النفط ولا آبار النفط ولم تنهب مؤسسات الدولة ولا ​البنك المركزي​ ولا هدمت الكنائس ولا عوقبت الأقليات الدينية ولا مسوا بشيء مما تملكه إيران، حافظوا على كل شيء على أنه ملك الأمة وملك الناس ويجوز التصرف به، الحفاظ على الوحدة الوطنية بالرغم من كل الجهود الأميركية والغربية والبريطانية على تحريك القوميات العربية أو الكردية، حافظوا على الوحدة الوطنية، الصمود في وجه كل المؤامرات وفي وجه كل محاولات الانتقام من فتن وقتل لكبار العلماء والوزراء والنواب وأئمة الجمعة، لكن الثورة صمدت وتجاوزت الصعوبات، وبدأت في بناء النظام الجديد الذي وعد به الإمام على قاعدة السيادة الشعبية".

ولفت إلى أن "الشعب الذي يعبر عن سيادته بأشكال متنوعة منها الانتخابات والاستفتاء، فبدأوا بإقامة النظام الجديد على قاعدة السيادة الشعبية، الإمام طالب باستفتاء شعبي وشارك به الشعب الإيراني بأغلبية ساحقة وتم التصويت للجمهورية الإٍسلامية ثم وضع الدستور وتم عرضه على استفتاء شعبي وما زالت هذه السيادة العشبية حتى الآن وما يزيد على 40 انتخاب، 12 انتخابات رئاسية، استفتاءات متعددة وانتخابات بلدية، لم تتوقف الانتخابات في إيران يوما من الأيام حتى عندما صدام كان يقصفها، لم يمددوا لرئيس الجمهورية أو ​مجلس النواب​، الانتخابات في موعدها والتزام بالسيادة الشعبية وفرضت عليهم الحرب وصمدت إيران في الحرب وهذا الصمود لـ8 سنوات ضمن حرب كونية بقيادة أميركا والإتحاد السوفيتي ودول الخليج مع صدام والدول العربية باستثناء سويا كانت مع صدام، وأعطي كل شيء حتى السلاح النووي وإيران منعت من كل شيء، لكنها قاتلت برجالها ونسائها وصمدت وانتصرت وأسقطت المؤامرة، ثم بدأت عملية الإعمار وتثبيت الاستقرار وقواعد الدولة وصولا إلى التطور في الموقع الإقليمي، وهي لم تتخلى عن مسؤوليتها باتجاه المنطقة ولا فلسطين ولا لبنان ولا سوريا ولا أفغانستان".

وأشار السيد نصر الله إلى أن "خلال 40 سنة إيران هي دولة الولي الفقيه، دولة القانون والدستور والسيادة الشعبية وعندما انتصرت الثورة عدد السكان كان 30 مليون اليوم هو حوالي 80 مليون وإيران في زمن الشاه لا تملك أي مرتبة في إنتاج العلم، اليوم تحتل المرتبة الأولى في المنطقة والسابعة في العالم في براءات الاختراع والمرتبة 16 في إنتاج العلم في العالم وعندما انتصرت الثورة كان هناك 232 جامعة ومؤسسة عليمة، والآن هي أكثر من 3 آلاف وهناك أكثر من 200 أستاذ ومفكر دولي، حاليا هناك 80 ألف أستاذ جامعي أما طلاب الجامعات فهم اليوم 4 ملايين وأكثر وقضي على الأمية لدى البالغين بنسبة مئة في المئة، تم نشر مئة وسبعة ألاف كتاب خلال عام 2018 وهناك 8 آلاف امرأة مؤلفة وكاتبة صناعة الدواء في السابق كانت تستورد 70 بالمئة من حاجاتها واليوم تصنع 97 بالمئة من حاجتها للدواء وتصدر إلى الخارج وهي في المرتبة 11 عالميا في صناعة الدواء، وهي تحتل المرتبة الاولى في الشرق الأوسط في الألقاح والأمصال".

وأضاف: "لا نقول أنه لا يوجد مشاكل في ايران أو فقر، ويحق للشعب أن يكون له أحلام وهناك مشاكل بعضها بسبب العقوبات أو الخلافات الداخلية، لكن علينا أن نكون منصفين ونقدم صورة مختلفة وهذه دولة موجودة في غرب آسيا في الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي الذي يستورد الأغلبية الساحقة من احتياجاته، ومشاركته وحضوره في التصنيع والتكنولوجيا وإنتاج العلم محدود وهذا ما كان ليحصل لولا العمل الجهد الصبر التضحيات الانسجام والوحدة الوطنية وتضحيات المسؤولين، هذه نتيجة حصلت بالعمل والبحث والتعب وليس بالدعاء".

واعتبر أن "الثورة بانتصارها أحيت الدين وعودة الناس إلى الدين وليس فقط إلى الإسلام. إحياء الإسلام وقدرة الإسلام على استنهاض الشعوب، إحياء ثقة الشعوب بنفسها وبربها وبمعادلاتها الإيمانية وقدرته على صنع الانتصار، من أعظم الانجازات الوقوف في وجه الهيمنة الأميركية بجد".

وتابع السيد نصر الله: "وصولا إلى مواجهة فتنة الإرهاب والتكفير، أميركا باعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب صنعت تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق، الشعب العراقي والحكومة تحملت المسؤولية ولكن الظروف كانت صعبة جدا وسقطت المحافظات، تدخل أميركا السريع بجنرالاتها وضباطها وعلى رأٍسهم قاسم سليماني وبسلاحها ومدافعها، تصورا لو لم تكن إيران موجودة ولو كان الحاكم على شاكلة بهلوي وأيضا في سوريا ومساندتها، ونحن قاتلنا لسنوات في سوريا والدعم كان من إيران تصورا لو أن الموجود في إيران من جماعة أميركا، أين كانت المنطقة ستكون؟".

وأشار إلى أن "ما يجري من 40 سنة إلى الآن يجب توصيف بطريقة صحيحة، اليوم أغلب وسائل إعلام تقدم صورة سوداء عن إيران وتسكت عن أبشع الأنظمة والحكام الذين ينهبون شعوبهم والبعض يقول أن ما يجري في المنطقة حرب إسرائيلية إيرانية وهذا غير صحيح، أو صراع سعودي إيراني وهذا غير صحيح وإسرائيل صراعها مع المنطقة والشعب الفلسطيني والشعوب العربية قبل انتصار الثورة الإسلامية منذ ما قبل 1948 وهذا ليس صراع سعودي إيراني وتوصيفه الدقيق حرب أميركية على الجمهورية الإسلامية في إيران والسعودية أداة في هذه الحرب، وبعض دول الخليج أدوات في هذه الحرب".

وأكد أن "هذه الحرب على إيران ستستمر حتى تتراجع أميركا كما انهزمت منذ الـ1979 إلى اليوم وإيران ستبقى تدعم شعوب وحركات المنطقة وهذا ينطلق من إيمانها الديني وعمقها الأخلاقي وحضارتها وتاريخها ونحن نرى أن الصراع في المنطقة سيبقى قائما وقد يأخذ أشكالا مختلفة، لكن إيران أٌو أي دولة في المنطقة ومحور المقاومة اليوم أقوى من أي زمن مضى رغم ما جرى، وأميركا إلى مزيد من الانسحاب من المنطقة وإسرائيل إلى مزيد من الخوف".

وشدد على أن "إمكانية قيام إسرائيل بحرب على إيران انتهى منذ زمن، وإيران قوية في إيران وفي المنطقة وعندما تشن عليها الحرب لن تكون لوحدها لأن مصير منطقتنا مرتبطا بوجود هذا النظام الإسلامي والحرب الأميركية على إيران ليست نزهة وليس أمامهم إلا العقوبات".

وأكد أن "إيران جاهزة لان تعطي وتقدم مما لديها من نفط وكهرباء وصناعات وغيرها"، مشيراً إلى أن "إيران لديها حل للكهرباء في لبنان بطريقة أسهل من "شم الهوا"، متسائلا: "هل تجروء الحكومة اللبنانية على القبول بالعروضات الإيرانية؟ لماذا لبنان يبقى خائفا وقلقا وفي الموضوع العسكري لو أسقطنا طائرة إسرائيلية في السماء اللبنانية ألن تقوم قيامة الناس" أن "حزب الله" يجر لبنان إلى الحرب وأنا صديق لإيران ومستعد أن أجلب دفاع جوي إلى الجيش لمواجهة إسرائيل".

وقال السيد نصر الله: "نحن جماعة ولاية الفقيه هذه مفخرة لنا وأنا الولي الفقيه لم يطلب مني شيئا يوم ولا من "حزب الله" ونحن حزب لبناني وإيران صنعت منا شريكا لها في المنطقة".