استفاق العالم كله، يوم الخميس على صدمة مفاجئة من العيار الثقيل، بعد تلقيه انباء بإسقاط القوة الجوفضائية التابعة لحرس الثورة الاسلامية طائرة تجسس مسيرة أميركية تعد من الاكثر تطورا والاعلى قيمة، فما هي المنظومة التي استخدمتها ايران في إسقاط طائرة التجسس هذه.

أعلن مسؤولو القوة الجوفضائية، انهم استخدموا منظومة "سوم خرداد = الثالث من خرداد" في إسقاط طائرة التجسس المسيرة الاميركية من طراز "غلوبال هاوك" يوم الخميس (20 حزيران/يونيو 2019)، تعالوا معنا في جولة قصيرة للتعرف اكثر على هذه المنظومة.

تمت إزاحة الستار للمرة الأولى عن هذه المنظومة في أيار/مايو 2014، خلال الزيارة التفقدية للقائد الاعلى للقوات المسلحة سماحة آية الله السيد علي الخامنئي لمعرض الوحدة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري.

النموذج الاولي لهذه المنظومة الدفاعية يشبه الى حد كبير منظومة بوك ام 2، ونموذجها المطور يشبه منظومة بوك ام 3 الصاروخية التي يمتلكها الجيش الروسي.

هذه المنظومة قادرة على رصد 4 أهداف معا وإطلاق 8 صواريخ في آن واحد. وقد استخدمت صواريخ دفاعية من طراز "طائر2" في النموذج الاولى، وهي صواريخ مطورة من صواريخ سام الروسية متوسطة الارتفاع. وفي النموذج المطور تم استخدام صواريخ "صياد"، ذات المدى والدقة الاعلى مقارنة مع صواريخ "طائر".

في النموذج الاولي، كانت المنظومة قادرة على ضرب اهداف حتى ارتفاع 25 كيلومترا وعلى مدى 50 كيلومترا، وفي النموذج المطور، تمت زيادة الارتفاع الى 30 كيلومترا والمدى زاد الى 70 كيلومترا.

وتشتمل هذه المنظومة على نظام راداري قوي له القابلية على الرصد ضمن قفزات ترددية عالية قد تتراوح من 500 الى 1000 تردد خلال جزء من الثانية، ولذلك هذه المنظومة قادرة على مواجهة منظومات الحرب الالكترونية المعادية.

وتعتبر منظومة "سوم خرداد" منظومة مستقلة متكاملة، تحتوي على المنظومات الرادارية، ومنظومة توجيه الصواريخ، ومنصة صواريخ منصوبة على مركبة، ولديها القدرة على رصد وملاحقة وضرب الاهداف وفي الحقيقة تعمل بشكل Fire and Forget.

ويقول أحد قادة الوحدة الجوفضائية التابعة لحرس الثورة الاسلامية أن هذه المنظومة انها قادرة على منافسة منظومة اس300 الروسية، ورغم ان مداها في الوقت الحاضر يبلغ 50 كيلومترا، لكن العمل جار على زيادة المدى الى 100 و200 كيلومتر.

وتستخدم هذه المنظومة لاستهداف مختلف انواع المقاتلات والقاذفات وصواريخ كروز.

وفي الحقيقة، هذه المنظومة ومثيلاتها التي ثبتت فاعليتها سابقا وعلى سبيل المثال في إسقاط طائرة "هرمس 450" الصهيونية وكذلك النجاح في إنزال طائرة آر كيو 170 سالمة، هذه المنظومات تمثل غيضا من فيض، إذ أن هناك منظومات وأسلحة متطورة لا تسمح الاسرار العسكرية والامنية الكشف عنها، فما كشف عنه لا يمثل الا النزر اليسير.

وأما عن طائرة التجسس المسيرة الاميركية، فهي من طراز MQ-C4 وتبلغ قيمتها اكثر من 120 مليون دولار، وتعتبر أغلى من أي طائرة مقاتلة أميركية، وهي الأكثر تطوراً في ترسانة الجيش الاميركي، لذلك يرى الخبراء العسكريون نجاح ايران في إسقاطها أمرا شديد الإحراج لواشنطن.

وطارت هذه الدرون أول مرة عام 1998 وهي في الخدمة منذ 2001. أما النموذج الذي أسقطته إيران والمزود بأجهزة تجسس متطورة، فقد دخل في خدمة البحرية الأمريكية عام 2017 وهو قادر على الطيران لمسافة 8200 ميل، ولمدة 24 ساعة دون توقف وعلى ارتفاع شاهق يصل الى 65 ألف قدم، فيما يصل مدى المنطقة التي ترصدها دائرة بشعاع 2000 ميل بحري.

ويبلغ طول الطائرة نحو 14.5 مترا، فيما يصل طول الجانحين نحو 40 مترا، أما ارتفاعها فيبلغ 4.7 مترا، وتزن الطائرة نحو 6 آلاف و779 كيلوغراما، وتصل سرعتها إلى 357 ميلا في الساعة.

ويرى الخبير الروسي، قنسطنطين سيفكوف، أن أميركا سوف تبتلع هذا الامر (إسقاط طائرة التجسس) بهدوء، ولن تبدأ بافتعال المشاكل، لأنها ليست في شروط مسبقة للقيام بعمليات قتالية ضد ايران، مشيرا إلى أنه من أجل مهاجمة إيران، تحتاج الولايات المتحدة إلى إنشاء مجموعات جيدة. ويستغرق بعض الوقت.

وأما الجهات الرسمية في اميركا والكيان الصهيوني فهناك صمت يكاد يكون مطبقا بهذا الشأن، ويرى الخبير والمحلل الصهيوني "روني دانييل" إنّ تبرير ترامب بعدم توجيه ضربةٍ عسكريّةٍ تكتيكيّةٍ على الأقّل لطهران، هو بمثابة رسالةٍ حادّةٍ كالموس للجميع بأنّ الجولة الحاليّة من التوتّر انتهت، على حدّ تعبيره، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ القضيّة لا تتعلّق فقط بثمن الطائرة التي أُسقطت، إنمّا بأمورٍ أخرى، دون أنْ يُفصِح عنها.

وفي السياق ذاته قال تقرير صهيوني نشره مُحلِّل الشؤون العسكريّة في موقع (YNET) الإخباريّ-العبريّ، التابِع لصحيفة (يديعوت أحرونوت) قال إن إسقاط إيران طائرةً أمريكيّةً في مياه الخليج (الفارسي) لا تقتصر على فقدان مئات الملايين من الدولارات.

وأضاف المُحلِّل رون بن-يشاي، المُقرّب جدًا من المؤسسة الأمنيّة في الدولة العبريّة، قائلا: إنّ مصدر القلق الأكثر أهميةً هو تداعيات محتملة لأجزاء من الطائرات دون طيار، وعلى وجه الخصوص، أجهزة استشعار موجودة عليها والتي تُعّد واحدةً من أكثر الأسلحة المتقدمة والسرية التي تديرها الولايات المتحدة، كما نقل عن محافل أمنيّةٍ وصفها بأنّها رفيعة المُستوى في كيان الاحتلال.

وأضاف المُحلّل بن يشاي، نقلاً عن المصادر عينها، أضاف قائلاً إنّهم، أيْ الإيرانيين، إذا تمكّنوا من وضع أيديهم على الطائرات بدون طيّار، فقد يُحاوِلوا إنتاج مثل هذه المستشعرات عن طريق ما أسمتها المصادر بتل أبيب "الهندسة العكسية"، ويُحاوِلون بكلّ تأكيدٍ بيع التكنولوجيا إلى الصين وكوريا الشمالية، مُشيرًا أيضًا إلى أنّه سيكون أيضًا من مصلحة الصين وكوريا الشمالية وروسيا، وبالتالي فإنّ الأضرار الناجمة عن الضربة خطيرة وجسيمة للغاية، طبقا للمصادر الأمنيّة بتل أبيب.

ولفت المُحلِّل في سياق تقريره إلى أنّه يوجد على هذه الطائرة من دون طيّار جهاز رادار ومجسات ضوئية، نهارية وليلية، وكاميرات تصوير قادرة على التقاط الصور من ارتفاع نحو 20 كيلومترًا، مُوضِحًا أنّه بعد إسقاط الطائرة يُمكِن الافتراض أنّ الإيرانيين سيبذلون جهودًا جبارّةً من أجل انتشالها وانتشال أجزاء منها سقطت في مياه الخليج (الفارسي)، مؤكّدًا في الوقت ذاته على أنّه إذا ما نجح الإيرانيون في وضع أيديهم على هذه الطائرة، فمن المرجح أنْ يحاولوا إنتاج مجسّاتٍ مُماثلةٍ، كما أنّه من شأن الاستيلاء على هذه المجّسات تمكين الإيرانيين أيضًا، من معرفة المضامين الاستخباراتية التي يستطيع الأمريكيون الحصول عليها من خلال استخدامهم طائرة التجسس من دون طيار من طراز "غلوبال هوك"، مُشدّدًا على أنّه من المؤكّد أنّ هذا سيثير، أيضًا، اهتمام الصين، وروسيا وكوريا الشمالية، وبناءً على ذلك، جزم قائلاً إنّ الضرر الناجم عن إسقاط هذه الطائرة جسيم وخطير جدًا، على حدّ قوله.