كلمة الإمام الخامنئي في بداية بحث الخارج بتاريخ ٨/٤/٢٠١٨ حول حديث يتناول أهميّة اللجوء إلى الله عزّ وجل وفقر العباد وحاجتهم إليه جلّ وعلا من أجل الهداية والاستغناء عن الاستعانة بالقوى العظمى.

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: اَخبَرَني اَبو حَفصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ قالَ: حَدَّثَنا على بنُ مَهرَوَيهِ اَلْقَزويني قالَ: حَدَّثَنا دَاوُدُ بنُ سُلَيمَانَ قالَ: حَدَّثَنا الرِّضا علي بنُ مُوسىٰ (عَلَيهِ السَّلامُ) قالَ حَدَّثَني اَبي مُوسَى‌ بنُ‌ جَعفَرٍ قالَ حَدَّثَني اَبي جَعفَرٍ قالَ حَدَّثَني اَبي مُحَمَّدُ بنُ‌ علي قالَ حَدَّثَني اَبي علي بنُ‌ الحُسَينِ زَينُ ‌العابِدينَ، قالَ حَدَّثَني اَبي الحُسَينُ ‌بنُ ‌عَلي، قالَ حَدَّثَني اَبي علي ‌بنُ ‌اَبي ‌طالِبٍ اَميرُ المُؤمِنينَ (عَلَيهِمُ السَّلامُ) قالَ، قالَ رَسولُ اللّهِ (صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ)، قالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا اِبنَ آدَمَ! كُلُّكُم ضَالٌّ اِلّا مَن هَدَيتُ وَكُلُّكُم عائِلٌ اِلّا مَن اَغنَيتُ وَكُلُّكُم هالِكٌ اِلّا مَن اَنجَيتُ فَاسأَلوني اَكفِكُم وَاَهدِكُم سَبيلَ رُشدِكُم (1).

 

كُلُّكُم ضَالٌّ اِلّا مَن هَدَيت

السند الطويل الشريف الذهبي النوارني لهذا الحديث يصل إلى أن يخاطب الله تعالى أمثالي وأمثالكم من العباد أن اعلموا أنه لو لا الهداية الإلهية والعون الإلهي الذي يميل بقلوبكم وأذهانكم نحو الحقيقة لبقيتم كلكم في ضلال. يقول الله لرسوله: «ووجدك ضالاً فهدى» (2)، وقد ورد في الدعاء: «اِلٰهي تَمَّ نورُكَ‏ فَهَدَيتَ‏ فَلَكَ الحَمدُ رَبَّنا» (3). لو لا النور الإلهي والهداية الإلهية وإصبع إشارة الحق عزّوجل لبقينا في وديان الحيرة والضلالة. حسناً، فما الذي نفعله الآن؟ يجب أن نطلب الهداية من الله تعالى. وهذا من الأدعية المهمة جداً. الشهر شهر رجب يليه شهر شعبان ثم شهر رمضان – وهي أشهر الدعاء – ويجب أن يكون أحد الأدعية التي تدعون وندعو بها هو طلب الهداية من الله. لو سُلبت الهداية الإلهية للحظة واحدة فقد نخطو خطوة عوجاء وقد ننحرف ونضل، وأحياناً قد نتغيّر 180 درجة. وأنتم ترون أن مثل هذه الحالات موجودة، والهداية الإلهية تمنع هذه الضلالات.

 

وَكُلُّكُم عائِلٌ اِلّا مَن اَغنَيت

ويقول في تتمة الحديث كلكم فقراء مساكين إلا من أغنيته أنا. الغنى أيضاً ينبغي طلبه من الله تعالى. يجب عدم طرق أبواب بيوت هذا وذاك طلباً للغنى. يجب أن نتعلم عدم السعي وراء هذا وذاك من أجل الغنى. أحياناً يجري الإنسان وراء هذا وذاك طمعاً في الغنى فلا يحصل على أي شيء، لا ينال محبة من جرى وراءهم ولا الغنى، ويخسر ذلك النور التوحيدي الذي جعله الله تعالى في قلوب البشر. هذه هي الفكرة التالية.

 

وَكُلُّكُم هالِكٌ اِلّا مَن اَنجَيت

وإذا لم أنقذكم وأنجّكم وقعتم كلكم في وديان الهلاك.

 

فَاسأَلوني اَكفِكُم وَاَهدِكُم سَبيلَ رُشدِكُم

النتيجة هي أن نطلبوا مني وتدعوني. هذا ترغيب في الدعاء. ينبغي أن لا نستهين ونستخف بالدعاء. ينبغي أن لا نقلل من شأن الطلب من الله تعالى. وقوموا بهذا الدعاء وهذا الطلب من الساحة الإلهية ما استطعتم في أجواء تكون فيها أحوالكم حسنة طيبة وتكون أرضية التضرع في نفوسكم ممهدة. ورد  في الدعاء: «لا يُنجي مِنكَ‏ اِلَّا التَّضَرُّعُ‏ اِلَيك» (4) ينبغي أن نستطيع توفير أجواء التضرع، فمن القيّم جداً أن يستطيع الإنسان التضرع إلى الله تعالي. إذا تضرعتم إلى الله تعالى عندئذ تستطيعون رفع رؤوسكم وعدم التضرع أمام القوى الخاوية التي ليس لها سوى الأسماء، القوى الاستعراضية والمؤشرات الكاذبة. وإذا لم نتضرع لله عندها سنشعر بالضعف أمام القوى الخاوية وأننا يجب أن نطلب العون منها. يقول الله إنني استطيع أن أحفظكم وأرعاكم وأدفع البلايا عنكم، فاطلبوا مني أن أهديكم. هذه الرواية دعوة للدعاء. وقد دُعينا في القرآن أيضاً وأُمرنا بأن ندعو ونسأل ونطلب من الله، وقد وردت هذه المعاني كلها في الأدعية الكثيرة، وهذه الرواية أيضاً حول هذا المعنى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 – الأمالي للطوسي، المجلس السادس، ص 166 .

2 – سورة الضحى، الآية 7 .

3 – صباح التهجّد، ج 1 ، ص 366 (بقليل من الاختلاف).

4 – الصحيفة السجادية، الدعاء الثامن والأربعون (بقليل من الاختلاف).