Skip to main content

الحاج رمضان... «خير من حمل همّ فلسطين»

التاريخ: 29-07-2025

الحاج رمضان... «خير من حمل همّ فلسطين»

استشهاد الحاج رمضان يكشف حجم دوره الخفي في دعم فصائل المقاومة الفلسطينية، وتفانيه لعقود في بناء قوتها وتثبيت حضورها السياسي والعسكري.

استشهاد الحاج رمضان يكشف حجم دوره الخفي في دعم فصائل المقاومة الفلسطينية، وتفانيه لعقود في بناء قوتها وتثبيت حضورها السياسي والعسكري.

 تحفظ الفصائل للحاج رمضان دوراً مركزياً في رعايتها ودعمها وتطوير إمكانياتها (من الويب)

 

رافق اسم الجنرال الشهيد محمد سعيد إيزادي فصائل المقاومة الفلسطينية منذ بداية التسعينيات. في الأروقة الداخلية لمستويات العمل التنظيمي كافة، من الإعلام إلى الثقافة والعسكر، يحضر ذكر «الحاج رمضان» على أنه من يمسك بالخيوط كلها. العلاقة بمسؤول «ملف فلسطين» في «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني تعود إلى عام 1992، حينما أبعدت سلطات الاحتلال المئات من قادة حركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» ونشطائهما إلى منطقة مرج الزهور في جنوب لبنان. آنذاك، كان الحاج أول رُسل الإمام الخامنئي إلى قادة المقاومة. ووسط غربة المنفى والتنكّر من الكل العربي، نشأت علاقة وثيقة مع الرجل الذي سيصبح لاحقاً الشخصية الأولى في الملف الفلسطيني.

 

يزعم الإسرائيليون أنّ الدور الذي أدّاه في السنوات الأخيرة، وصل إلى مرحلة العناية بأدق تفاصيل تسليح التخصّصات القتالية في الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة وتدريبها، وأنّ اسم «الحاج رمضان» تكرّر في عشرات المراسلات والوثائق الداخلية التي تمّت السيطرة عليها في أنفاق المقاومة في غزة.

 

يعلّق مصدر في حركة «حماس» تحدّثتْ معه «الأخبار» على تلك المعلومات بالقول: «ربما يكون اسم الحاج رمضان غريباً ونادر الذكر في الإعلام، لكنه شخصية تاريخية وعريقة ومعروف دورها في دعم المقاومة الفلسطينية في الأعوام الثلاثين الماضية، وقد ظل طويلاً على رأس قائمة المطلوبين لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، ومن الحق أن ينصَف الرجل في رحيله، فقد عاش حياته كلها مهموماً بفلسطين وببناء قدرات المقاومة، وكان مطّلعاً على أدق تفاصيل متطلّبات المقاومة ومشكلاتها وواقع المجتمع الفلسطيني.

 

يعرفه كافة قادة المقاومة وقد جالسهم وجالسوه عشرات المرات». ويتابع المصدر «الحمساوي»: «حصْر دور الحاج رمضان في الجانب العسكري ظلمٌ له، لقد حمل الرجل على كتفيه قضية فلسطين وأمضى سنوات عمره متنقّلاً من عاصمة إلى أخرى لتعزيز حضور المقاومة فكراً ومشروعاً وقوة».

 

    عمل الرجل منذ عام 2000 على رعاية حاضنة المقاومة عبر تقديم الدعم والمساندة المعنوية والمادية لعائلات الشهداء

 

شكّل اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 نقطة انطلاق لعدد كبير من التشكيلات العسكرية والفصائل الجديدة، التي انبثق بعضها من عباءة تنظيمات كبيرة كحركة «فتح»، فيما بعضها الآخر تشكّل من مجموعة من ضباط وقادة استقالوا من الأجهزة الأمنيّة التابعة للسلطة. تركت تلك الفصائل بصمة واضحة في المشهد الميداني، من مثل ما فعلت «كتائب شهداء الأقصى» و«كتائب المجاهدين» و«لجان المقاومة الشعبية» و«ألوية الناصر صلاح الدين»، بعدما قرّرت جميعها السير في مسار مقاوم متوازٍ مع حركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي».

 

هذه الفصائل تحفظ للحاج رمضان دوراً مركزياً في رعايتها ودعمها وتطوير إمكانياتها. يقول مصدر في «كتائب المجاهدين»: «قدّم الحاج رمضان تفهّماً وسعة صدر منقطعة النظير للواقع المجتمعي الفلسطيني، ولم يتوانَ عن تقديم كل ما يلزم لتطوير حالة المقاومة، مع المحافظة على حالة تنافسية غير صدامية تخدم الهدف الأسمى، وهو مشاغلة العدو واستنزافه. تتّسم شخصيّته بالهدوء والسّعة المعرفية، تشعر وكأنه يعيش معك في مدينة غزة. يعرف أسماء الشوارع الرئيسة والمساجد الكبيرة، يمازحنا أحياناً بأنه سيتناول الغذاء وهو يذكر اسم مطعم مشهور في غزة».

 

تُذكر للرجل أيضاً محافظته على نسق علاقة متفهّمة وواعية لبنية المجتمع الفلسطيني؛ إذ حيّد الرجل أي محاولة للخلط بين ما هو سياسي وأخلاقي وما هو مذهبي، وتعامل باحترام مع التباينات في تكتيكات فصائل المقاومة ونظرتها إلى توظيف الفعل العسكري وممارسته، واستطاع العبور بالعلاقة معها، وخصوصاً منها حركة «حماس»، في كل المراحل والمحكّات المفصلية، وعلى رأسها الأزمة السورية.

 

يقول مصدر في حركة «الجهاد الإسلامي» تحدّثت معه «الأخبار»، إنّ «الحاج رمضان كان واعياً جداً بتفاصيل الواقع الفصائلي، وقد حافظ على علاقة متينة بحركتَي حماس والجهاد الإسلامي قائمة على التقدير والاحترام، مع مراعاة التباين الفكري في طريقة ممارسة المقاومة بين تكتيكَي المشاغلة والمراكمة. قدّم تقديره ودعمه لكافة الاتجاهات، وكان خير من حمل الهمّ الفلسطيني».

 

وإلى جانب ما تقدّم، عمل الرجل منذ عام 2000 على رعاية حاضنة المقاومة عبر تقديم الدعم والمساندة المعنوية والمادية لعائلات الشهداء، عبر عمل مؤسّساتي منظّم، يحفظ كرامة زوجات الشهداء وأبنائهم، ويساهم في تأمينهم ورعايتهم. تواصَل هذا العمل بهدوء ومن دون صخب طوال الـ25 عاماً الماضية، وحفظ عبره الرجل أمانة شهداء فلسطين عقب رحيلهم، إلى أن مضى على خطاهم، شهيداً تسيل دماؤه في قم، فتُخضب تراب غزة.

 

المصدر: جريدة الأخبار

احدث الاخبار

الاكثر قراءة