من المعلوم لدى الجميع أنّ الإمام الخميني (قدس سره) بلغ ما بلغ من مراتب العرفان والكمال بفضل سلوكه أيام شبابه في طريق تحصيل التقوى وحرصه على تزكية نفسه وترويضها بمختلف الرياضات الشرعية كالعبادة والزهد والتخلق بأخلاق الله سبحانه والانقطاع إليه ومحاربة الهوى والنفس الأمارة.

 

وهذا ما يذعن إليه جميع المقربين له والذين اطلعوا على الجوانب الأخلاقية والعرفانية في شخصيته. وأحد هؤلاء هو تلميذه الفيلسوف والمفكر الإسلامي الكبير الأستاذ محمد تقي جعفري(ره) حيث ينقل لنا صوراً من أبعاد شخصية الإمام العرفانية والتي لمسها من خلال معاشرته له ليسجلها على شكل ملاحظات في مذكرته.

 

نتركك ـ عزيزي القارئ ـ والأستاذ الجعفري في حديثه الشيّق.

 

وجدت الإمام الخميني منذ أول يوم حضرت فيه درسه في الأخلاق، شخصية ذات بعد روحي عميق ونظرة ثاقبة، يحدّث مستمعيه بكلام يتناغم مع ما يجري في أعماقهم.

 

كان في تلك الأيام يدرّس الآيات الأخيرة من سورة الحشر. وأذكر على وجه الدقة أنه حينما جاء على تفسير الآية الشريفة: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، أصبح البحث على درجة عالية من الجذّابية بحيث اخذ الطلاب يصغون إلى ما في كلامه من فيض عرفاني وهم يعيشون تحوّلاً روحياً جارفاً؛ وقد اتّضح من خلال التفاعل الروحي وعمق الموضوعات المطروحة إن هذا الكلام يفوق المعلومات التي تستلزمها مهنة عالم الدين، وهي معلومات غالباً ما ينهمك البعض فيها ـ وللأسف ـ دون سواها من الأمور.

 

وقد أتيح لي في ما بعد أن أرى ومضة من ذلك العرفان الايجابي، أثناء دراستي في النجف الأشرف، في ملامح وسيرة وسلوك وكلام الحكيم المتألّه والعارف الكبير الشيخ مرتضى الطالقاني.

 

بعد ست سنوات من الدراسة في النجف الأشرف، قدمت إلى إيران لصلة أرحامي وزيارة ضريح الإمام الرضا (عليه وعلى آبائه وأولاده الصلاة والسلام). وسمعت من الطلبة وأنا في مدرسة مروي أن سماحة الإمام الخميني جاء إلى طهران ونزل في دار والد زوجته المرحوم آية الله الثقفي. فبادرنا برفقة مجموعة من طلبة النجف وقم إلى زيارته هناك. وبحثنا في ذلك اللقاء مسألة فقهية تتعلق بطلاق الخلع، وهل يعتبر تنازل الزوجة عن جزء من مهرها للزوج لقاء الطلاق بمثابة تنازل عن المهر كله أو لا؟

 

وكان الإمام الخميني على ما أتذكر هو الذي بدأ بإثارة هذه المسألة التي استغرقت أكثر من ساعة من البحث والتداول. ومن ابرز الذكريات التي احتفظ بها في ذهني عن ذلك اليوم هي إننا نحن الطلبة كنّا نرفع أصواتنا كثيراً أثناء المناقشة؛ أمّا هو فقد كان يحسم النقاش بكل رزانة ووقار مع تقديم الأدلّة الوافية. ودعا جميع الطلبة لتناول طعام الغداء معه في ذلك اليوم.

 

بعد عودتي من النجف الاشرف إلى إيران، وجدت ذات يوم أنّ آية الله المطهري(ره) كان يروم السفر إلى مدينة قم؛ فطلبت منه انه إذا ذهب إلى مقابلة أستاذنا أن يبلغه تحياتي وسلامي، وإذا سمح أن يحدد لي وقتاً لأذهب لمقابلته. وبعد عودة آية الله المطهري أخبرني أن الإمام حدد يوم الثلاثاء لأزوره فيه. فذهبت إلى مقابلته في قم قبل ظهر يوم الثلاثاء. ولكن الازدحام كان شديداً في داره، ولم يتمكن المرحوم حجة الإسلام والمسلمين الحاج السيد مصطفى من إيصالي إليه إلاّ بعد عناء شديد. ولم تسمح لنا الفرصة ـ بسبب شدّة الازدحام ـ إلاّ بتبادل السلام والتحية. فقال لي: تعال إلينا بعد الظهر.

 

وعندما قدمت عليه بعد ظهر ذلك اليوم ودخلت الغرفة، جاء سماحته وبرفقته الحاج السيد مصطفى، ولكنه التفت إلى السيد مصطفى وخاطبه بلهجة جادّة وبصوت واضح قائلاً:«اخرج من الغرفة»، ظنّاً منه بأن لدي موضوعات خاصة أريد عرضها عليه. في حين إنني لم أكن أقصد من ذهابي إليه سوى السلام عليه والسؤال عن أحواله.

 

بعد عودة الإمام الخميني من الخارج في عام 1357 [هـ ش]، أقيم ذات يوم مجلس خطابة حافل، وكان المتحدث فيه الواعظ المعروف الشيخ الفلسفي الذي روى ضمن كلامه واقعة طريفة من سالف الدهور. وكنت حينها الاحظ ملامح الإمام بكل دقة وأناة لأرى كيف يضحك في مثل ذلك المجلس الحاشد بالشخصيات المهمة. لكن الذي لفت انتباهي وانتباه الجميع أن ضحكته كانت عادية جداً وبعيدة عن التكلّف. ربّما كانت لدى الآخرين أسباب أخرى استرعت انتباههم إلى نمط ضحكة الإمام. أمّا أنا فكان غرضي أن أرى هل يؤثر وجود هذه الشخصيات في نمط سلوك الإمام؟ إلاّ إنني لاحظته قد تصرّف ـ كما قلت ـ على سجيّته وبعيداً عن التكلّف.

 

بعد عودة سماحته من الخارج تناهى إلى سمعي ذات مرّة أنّ عدداً من العلماء والمثقفين والتجار كانوا عازمين على مقابلته لكي يطلبوا منه منحي منصباً أو مسؤولية في القطاع الإداري أو القضائي أو الثقافي أو ما شابه ذلك. وفي نفس اليوم الذي سافر فيه أولئك الإخوة إلى قم سافرت أنا أيضاً إلى هناك وسبقتهم بالذهاب إلى دار الإمام، وحدد لي نجله حجة الإسلام الحاج السيد أحمد وقتاً لمقابلته، واصطحبني إلى غرفة، وبعد عدّة دقائق جاء سماحته، وبعد التحية والسلام قلت له إنني نظرت في أمري في أيام الدراسة وما بعدها وقيّمت مؤهلاتي واستعدادي وقدراتي ونمط تفكيري وتجاربي، وتوصلت من كل ذلك إلى نتيجة مفادها إنني من الافضل لي إنْ وفقني الله أن أكرس نفسي للبحث العلمي والتحقيق والتدريس والتأليف، وأسأل الله أن يكون في ذلك فائدة للمجتمع وان لا يكون فيه ضرر. ومن الطبيعي إنني لم أكن أقصد التشكيك في اللزوم الشرعي والعقلي للأمور الاجتماعية والإدارية والقضائية، وإنّما كان قصدي نفي الأهلية عن نفسي للتصدي للأمور المذكورة. وما كان من الإمام إلاّ أن رد على كلامي بالقول: «كل ما تقوله وكل ما تفعله صحيح».

 

في عام 1360 [هـ ش] قدم عدد من علماء الاتحاد السوفيتي برئاسة البروفسور كانكوفسكي إلى إيران وزاروني في داري لإجراء مقابلة معي، واستمرت تلك المقابلة حوالي ساعتين، ودُوّن الحوار الذي جرى من قبل أعضاء في وزارة الخارجية الإيرانية كانوا يرافقون الوفد السوفيتي، وأرسلت نسخاً منه إلى بعض الشخصيات الكبيرة، وأصرّ بعض الإخوة على عرض مضمونه على الإمام(ره). وبعد عدّة أيام رتّب لي الإخوة المذكورون مقابلة معه، ونقلتُ شيئاً ممّا جرى في ذلك اللقاء. وأشرت ضمن كلامي إلى أنّ الوفد السوفيتي أكد وجود مشتركات كثيرة بيننا يمكن التعايش في ظلّها، وان نظامهم الحكومي لا شأن له بالمعتقدات الدينية، وان هناك مسلمين كثيرين يمارسون نشاطاً واسعاً في حزبهم.

 

فقلت لهم إن الإسلام يؤمن بالتوحيد والمعاد وينظر إلى هذه الدنيا كممر ذي مغزى عميق نحو حياة أبدية. وقد أرسل الله أنبياء كثيرين من أجل الانتقال بعقول الناس إلى حيّز الفعل وتوفير مستلزمات الحياة الطيبة لهم. وان الإسلام لديه جواب صريح وواضح لتساؤلات ( من أين أتيت؟ ولماذا أتيت؟ وإلى أين أذهب؟). ويرى الحياة غير قابلة للتفسير بدون الإجابة الصحيحة عن هذه التساؤلات. وأنتم تعلمون أن التعايش بين الشعوب والأمم يبدو متعذراً بدون وجود هذه القضايا كمشتركات بينها، والذي يبدو متيسراً هو حياة مشتركة ظاهرية فقط، سرعان ما تتعرض للتبدّلات عند حلول أيّ طارئ.

 

ثم أردفت كلامي بالقول: يوجد بيننا طبعاً نوع آخر من المشتركات التي يمكن في ظلّها وضع حدّ لحالة الصراع المدمّر الذي ألحق الكثير من الأضرار بالمجتمعات البشرية، وجعل تلك المشتركات منطلقاً للتنافس البنّاء. فبادرني البروفسور كانكوفسكي بالقول: وما هي تلك المشتركات؟ فقلت له: أشياء من قبيل سنّ قوانين للعالم، وإرساء قيم أخلاقية مشتركة. وان تجري التغيرات والتطورات في ضوء قوانين معيّنة، وتأكيد كل ما هو نافع ومفيد للإنسانية، والشعور بآلام وآمال الآخرين، وما شابه ذلك. ولاشك في ان القبول بهذه المشتركات يمكن أن يفضي بنا إلى تعايش سلمي، ولكن بشرط أن نكون على الدوام بصدد إحراز تقدم في التفاهم حول الحقائق العليا لعالم الوجود. ثم ذكرت لهم أبيات من شعر المولوي حول مبدأ الحركة والتبدل في الكون يشبّه فيها حياة الإنسان بنهر جار. وان هذا المعنى نفسه ذكره العالم السوفيتي المعروف اوبارين على الصفحة السابعة والخمسين من كتابه «الحياة..الطبيعة ومصدر التكامل » حيث يقول:

 

«أجسامنا كنهر جار، ومكوناتها كالماء الذي يتبدل فيها على الدوام ».

 

وفي هذه الأثناء قال الدكتور صالح عليوف الذي كان يتولى ترجمة الحوار: سمعت أحد العلماء في أحد المراكز العلمية السوفيتية يقول: أن مولوي يؤمن بالنزعة المادية. فقلت له هل تدري ماذا فعل هذا العالم بكلامه هذا؟ أراد أن يحشر شاحنة تحمل عشرين طناً في علبة كبريت، ثم يبقى في العلبة مكان فارغ يسع لعدة ركاب، فيما إذا لقوا ركاباً على الطريق.

 

وكان هذا المثال مدعاة لضحك الإمام الخميني ضحكاً شديداً، كما وأثار هذا المثل أيضاً ضحك الحاضرين في ذلك اللقاء من السوفيتيين والإيرانيين.

 

كان تعلق الإمام الخميني بأهل بيت الرسول أمراً معروفاً؛ إذ كان سماحته مصداقاً بارزاً لمفاد الحديث الشريف: «يحزنون لحزننا ويفرحون لفرحنا»، وخاصة تعلقه الشديد بالإمام الحسين(ع)، إذ كان هذا التعلق مشهوداً بكل وضوح في كلماته.

 

كان سماحته يبدي صبراً وأناة وتحملاً واسعاً إزاء الأسئلة والكلمات المثيرة التي تصدر من الطلاب، وكان بسلوكه هذا مظهراً للروح العرفانية.

 

إن للتمسك بالنظم أهمية فائقة في الحياة الفردية والاجتماعية، وقد توصلت من خلال بحوثي ودراساتي المحدودة في مجال تأثير النظم والقانون في الحياة الإنسانية إلى أن وجود القانون والنظم واستشعار التكليف وأدائه على درجة من الأهمية، بحيث أن هذه الأمور قادرة على أن تجعل الحياة الخالية من الهدف والغاية والهوية، حياةً مقبولة ومرضية، كما هو الحال بالنسبة للشعوب الغربية. أما في حالة انعدام القانون فان الحياة تفقد معناها وتصبح تافهة حتى مع وجود الهوية والهدف والمبنى الصحيح لها. وكانت حياة الإمام الحافلة بالبركة والعطاء انعكاساً لوجود حالة النظم والترتيب فيها. وسمعت عدة مرات من أقرب الأشخاص إليه أنه كان شديد التمسك بالنظم والترتيب في كل أعماله.

 

كانت شخصية الإمام ـ كما يتضح للعيان من خلال الظواهر المشهودة وعلى مرّ السنوات التي مضت ـ على درجة من القوة بحيث قال عن نفسه في إحدى المرات: إنني لا أخشى في ما أعزم عليه أحداً غير الله.

 

وهذه القدرة الروحية العالية هي التي هوّنت من شدة الأحداث التي مرت به، سواء في عهد الدراسة في الحوزة العلمية في قم أم في السنوات الأخيرة من حياته التي كانت زاخرة بالأحداث والوقائع الكبرى، ولم تسمح لها بإيجاد أدنى ضعف في شخصيته.

 

أريد هنا الإشارة إلى نقطة بالغة الأهمية، وهي أن الاستقرار النفسي وقوة الشخصية التي كان يتحلى بها الإمام وهو في قمة المرجعية والشهرة، يمكن أن تكون بمثابة شاخص بارز لمن يريد التصدي لمنصب المرجعية مستقبلاً، وهو أمر كان المراجع السابقون في عالم التشيع يراعونه حق رعايته، وهو أن هذا المنصب ليس حرفة عادية يمكن أن يتصدى لها كل من درس الأصول والقواعد والمسائل. فكل فقيه وكل مطلع على الحديث يدرك أن مضمون الحديث المعروف: «وأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه» أهم من مضمون موثقة عبدالله بن أبي يعفور حول العدالة التي تعني إتيان الواجبات وترك المحرمات والاتصاف بالستر والعفاف. أي ان العدالة التي اعتبرت في شروط التقليد هي تلك العدالة التي تعني صيانة النفس ومخالفة الهوى، فضلاً عما ورد في موثقة عبدالله بن أبي يعفور.

 

تعتبر البساطة وعدم التكلف في العيش، من الأدلة على معرفة معنى الحياة. أما التكلف والتصنع في إظهار الشخصية فإنما يعكس جهل الإنسان بواقع الحياة ومعاني السمو والكمال. فنحن لا نعرف على امتداد التاريخ حتى شخصية واحدة نجحت في غرس جذور محبتها في قلوب الناس عن طريق التكلف والتصنع، فغنى النفس الإنسانية يرفع الشخص إلى منزلة من الكمال تجعله يأبى التصنع بما يلفت إليه أنظار أهل الدنيا. فالضحك الطبيعي والبكاء الطبيعي والنظرة الطبيعية والسلوك الطبيعي والتعامل الطبيعي والنزيه مع سائر عباد الله يكشف غنى شخصية الإنسان. وكانت هذه الخصلة في شخصية الإمام الخميني(ره) مورد اتفاق لدى كل من رآه.

 

كان الإمام ينظر إلى جميع العلوم على أنها ذات بعدين: بعد إلهي، وبعد مادي بحت. وكان رأيه في العلوم يتلخص في قوله:

 

«يجب علينا أن نسعى جميعاً؛ وعلى الجامعات العلمية والدينية أن تسعى لتربية الإنسان، لكي يتصف الإنسان بالروح الإسلامية. وحتى أن أفضل أطباء العالم إذا تجرد من هذه الخصلة الإنسانية فإنه يتحول إلى شخص مضر؛ فالقضية ليست قضية كسب، وإنما هي قضية علاج إنساني إلهي. فقد يكون علاج الطبيب إلهياً، وقد يكون علاجه طاغوتياً وشيطانياً».

 

وكذلك قوله: «مهمة الجامعة في كل بلد هي بناء الإنسان؛ فقد يتخرج من الجامعة إنسان ينقذ البلد، وقد يتخرج منها إنسان يدمر البلد. وهذا هو الدور المهم الذي تضطلع به الجامعة. فمقدرات كل بلد إنما هي بيد الجامعات وبيد من يتخرجون من تلك الجامعات. ومعنى هذا أن الجامعة هي اكبر مؤسسة مؤثرة في البلاد، وتقع على عاتقها أكبر المسؤوليات... وهذا المعنى ينطبق على شريحة العلماء أيضاً؛ فشريحة العلماء تنهض بذات الدور وتتصف بنفس تلك الأهمية؛ فقد ينقذ عالم الدين البلد، وقد يفضي به إلى الدمار».

 

وقال ذات مرة في لقائه أساتذة الجامعات:

 

«يجب أن يكون الفارق بين الجامعات الغربية والجامعات الإسلامية، في ما يريده الإسلام للجامعات؛ فالجامعات الغربية مهما بلغت من المنزلة، لا تنظر إلى الأشياء إلا نظرة مادية، وهي لا تسخر الجوانب المادية للقيم المعنوية. أما الإسلام فهو لا ينظر إلى العلوم الطبيعية نظرة مستقلة؛ فالعلوم الطبيعية مهما بلغت لا يمكنها أن تفي بما يريده الإسلام؛ لأن هذا الدين يريد تسخير المادة للحقيقة والسير بهما سوية نحو الوحدة والتوحيد. فكل العلوم التي تحصونها، ومع كل الثناء الذي تكيلونه للجامعات الغربية، وهي جديرة بالثناء طبعاً، ما هي إلا ورقة من العلم، بل هي أرق أوراقه. فالإسلام لا يكتفي بالعلوم الطبيعية ولا بالعلوم الرياضية، وإنما يمزجها مع التوحيد، ويعود بالطبيعة وظلالها المظلمة إلى ذلك المقام النوراني؛ مقـام الإلوهية.

 

وعلى هذا الأساس يجب إخضاع العلوم الطبيعية ـ التي نثني عليها ونمجدها، إلا أن الخاصية التي يريدها منها الإسلام لا وجود لها في الغرب ـ للعلوم الإلهية وإرجاعها إلى التوحيد».