المكان: طهران، جماران‏

 

المصدر: صحيفة الإمام، ج: ‏20، ص: 366

 

الموضوع: حدود صلاحيات الحكومة الإسلامية

 

التاريخ: 16 دي 1366 ﻫ.ش/ 15 جمادى الأول 1408ﻫ.ق‏

 

المخاطب: الخامنئي، السيد علي (رئيس الجمهورية وإمام جمعة طهران)

 

بسمه تعالى‏

 

سماحة حجة الإسلام السيد الخامنئي، رئيس الجمهورية الإسلامية - دامت إفاضاته‏

 

بعد إهداء التحية والسلام، لم أكن أرغب بالدخول في سجالات ومناقشات في هذه البرهة الخطيرة، وأعتقد أنّ الصمت في هذه الظروف أفضل حل، من جهة أخرى لا يجب طبعاً أن نظن بأنّه لا يحق لأحد أن يشكل على ما نقول أو نفعل، فالإشكال والتخطئة هدية إلهية لرقي الإنسان؛ لكنّي أرى عدم الجواب على رسالتك الشريفة وما طلب فيها غير صحيح، لذا أقول ما لدي بصورة مختصرة:

 

يظهر من حديثك في صلاة الجمعة أنّك لا تعتقد بصحة الحكومة بمعنى الولاية المطلقة الممنوحة من الله تعالى للنبي الكريم (صلى الله عليه وآله) وأنّها من أهم الأحكام الإلهية ومقدمة على‏كافة الأحكام الشرعية الإلهية، وكان التعبير بأنّي قلت: إنّ الحكومة مفوضة في إطار الأحكام الإلهية، منافياً لكلامي تماماً.

 

إذا كانت صلاحيات الحكومة محددة في إطار الأحكام الإلهية الفرعية فينبغي أن تكون ظاهرة عديمة المعنى والمضمون وفي عرض الحكومة الإلهية والولاية المطلقة المفوضة لنبي الإسلام (ص)، وأشير إلى تبعاتها التي لا يمكن لأحد الالتزام بها: مثلاً إنشاء الشوارع الذي يستلزم التصرف في بيت أو باحته ليس في إطار الأحكام الفرعية؛ الخدمة العسكرية والإرسال الإجباري للجنود إلى ‏الجبهات، ومنع دخول وخروج العملة، ومنع دخول وخروج البضائع، ومنع الاحتكار باستثناء بعض الموارد، والجمرك والضرائب، والحيلولة دون المغالاة، والتسعير، ومنع توزيع المواد المخدرة، ومنع الإدمان بجميع صوره عدا المشروبات الكحولية، وحمل الأسلحة بكافة أنواعها، ومئات الموارد المماثلة التي تعد من صلاحيات الدولة، بناءاً على تفسيرك تخرج عن دائرة هذه الصلاحيات.

 

ينبغي أن أقول: إنّ الحكومة التي تعتبر فرع من الولاية المطلقة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) هي إحدى الأحكام الأولية للإسلام، ومقدمة على‏كافة الأحكام الفرعية حتى‏الصلاة والصوم والحج.

 

إنّ ‏بإمكان الحاكم تهديم المسجد أو المنـزل الواقع في الطريق ثم يدفع لصاحب المنـزل ثمنه، وبوسعه إغلاق أبواب المساجد وإقفالها عند الضرورة، ويستطيع تهديم المسجد الذي يستخدم للإضرار بالإسلام إن تطلب الأمر ذلك؛ وتستطيع الحكومة إلغاء العقود الشرعية التي أبرمتها مع الناس فيما لو خالفت تلك العقود مصالح الدولة والإسلام، وبمقدورها الحد من أي أمر عبادي أو غير عبادي عند معارضته لمصالح الإسلام، وتتمكن الحكومة من منع إقامة الحج مؤقتاً حينما تعتبره مخالفاً لصلاح الدولة الإسلامية، برغم أنّه من أهم الفرائض الإلهية.

 

إنّ ما قيل أو يقال ناشي‏ء من عدم معرفة الولاية الإلهية المطلقة، وأقول بصراحة حول ما قيل وشاع من أنّ المزارعة والمضاربة وأمثالها سوف تفسد وتفتقد إلى ‏معناها مع هذه الصلاحيات، أقول: فرضاً وجدلًا حصل ذلك فهذا من صلاحيات الحكومة، وهناك أمور أبعد من ذلك لكنّني لا أرغب بإزعاجكم.

 

أسأل الله تعالى أن يحفظ أمثالك الذين لا يرومون سوى خدمة الإسلام.

 

15 جمادى الأول 1408 هـ.ق‏

 

روح الله الموسوي الخميني‏

 

                       

 

رسالة السيد الخامنئي إلى الإمام الخميني مد ظله العالي

 

 المصدر: صحيفة الإمام، ج‏20، ص: 370                      

 

التاريخ: 21 دي 1366 هـ. ش/ 20 جمادى الأول 1408 هـ.ق‏

 

بسم الله الرحمن الرحيم‏

 

حضرة القائد المبجل للثورة سماحة الإمام الخميني - مدّ ظله العالي‏

 

بعد التحية والسلام، قرأت جوابكم المبارك رداً على‏رسالتي لكم وأعرب عن شكري لإرشاداتكم القيمة التي صورت الخط الوضاء للإسلام، لكن هناك نقطة أرى‏من الضروري الإشارة إليها، وهي أنّه وفقاً للمبنى الفقهي لسماحتكم الذي درسته على يدكم منذ سنوات وأسير على ضوئه، أعتبر الأمور والأحكام التي جاءت في رسالتكم من المسلمات، وأوافق عليها جميعاً؛ أما مرادي من الحدود الشرعية في خطبة صلاة الجمعة فهو شي‏ء آخر، وسوف أقوم بشرحه شرحاً وافيا إذا تطلب الأمر. آمل أن يتمتع هذا الشعب العزيز والمتفاني والمسؤولون فيه وكافة الأمة الإسلامية بفكركم الثاقب وقيادتكم الحكيمة لسنين مديدة، وأسأل الله تعالى‏أن يديم عمركم الشريف حتى ظهور المولى صاحب العصر والزمان أروحنا فداه.

 

21/ 10/ 1366- السيد علي الخامنئي‏

 

رسالة

 

المكان: طهران، جماران‏

 

الموضوع: ولاية الفقيه المطلقة

 

المصدر: صحيفة الإمام، ج‏20، ص: 370

 

التاريخ 21 دي 1366ﻫ.ش/ 20 جمادى الأول 1408ﻫ.ق‏

 

المخاطب: الخامنئي، السيد علي (رئيس الجمهورية وإمام جمعة طهران)

 

بسم الله الرحمن الرحيم‏

 

سماحة حجة الإسلام السيد الخامئني، رئيس الجمهورية الإسلامية المحترم- دامت إفاضاته‏

 

وصلت رسالتكم الشريفة وأدت إلى ارتياحي؛ منذ أن كانت تربطني بك صلة وثيقة قبل الثورة الإسلامية والتي مازالت مستمرة بحمد الله تعالى وأنا أعتبرك الساعد الأيمن للجمهورية الإسلامية، وأعدك أخاً ملماً بالمسائل الفقهية وملتزماً بها وممن وقف بحزم إلى‏جانب المباني الفقهية المتعلقة بولاية الفقيه المطلقة، وأنت من جملة الأفراد النادرين من بين الأصدقاء والملتزمين بالإسلام والأصول الإسلامية، فكأنّك شمس متلألئة بينهم.

 

للأسف الشديد تعرضت الجمهورية الإسلامية وقادتها المحترمون إلى ‏هجمة إعلامية من قبل المستكبرين بجرم نشر الإسلام وبسط العدالة الإسلامية في العالم، فعلى سبيل المثال لو قالوا: الشمس مشرقة، لهب العالم بدعاياته شارحاً ومبرراً ومحللاً، ولأدان الجمهورية الإسلامية وأتباعها بنحو من الأنحاء، وبما أنّهم يجهلون الفقه الإسلامي وشعبنا المتفاني في الإسلام وإيمانه الراسخ، تكون نتيجة دعاياتهم لصالح الجمهورية الإسلامية غالباً.

 

ونحن لا ننتظر طبعاً أن يقول لنا أولئك: «مرحى لكم» بعد الثورة التي شيدناها على ‏أساس الإسلام وكلمة «كلا» التي قلناها للشرق والغرب وعملائهم؛ ومن حسن الحظ أنّ الأدباء والخطباء المطلعين على‏المسائل الإسلامية تناولوا أخيراً بحث موضوع حدود ولاية الفقيه في المجالس والصحف حسب علمي، لذا أعرب عن شكري لهم، وآمل أن يتابع أئمة الجمعة المحترمون من أمثالك الموضوع ويكرسوا خطب الصلاة لتنوير الأذهان وقطع ألسنة أعداء الإسلام؛ وسوف ترى ويرى شعبنا الكريم مدى‏الدجل والتحليل المزيف لهذه الرسالة في وسائل إعلام المناوئين للإسلام وعملائهم.

 

وختاماً أسأل الله تعالى السلامة والسعادة لشخصك الكريم وآمل أن توفق وأمثالك في تحقيق أهدافكم السامية، والسلام عليكم ورحمة الله.

 

20 جمادى الأول 1408 هـ.ق‏

 

روح الله الموسوي الخميني‏