التاريخ 3 آبان 1357 هـ. ش/ 22 ذي القعدة 1398 هـ. ق‏

 

المكان: باريس، نوفل لوشاتو

 

الموضوع: أوضاع إيران المستقبلية

 

أجرى المقابلة: مراسل وكالة الأنباء الفرنسية

 

صحيفة الإمام، ج‏4، ص: 97

 

(سؤال: كيف تنظرون إلى مستجدات الأوضاع في إيران؟ ألا ترون بأنها وصلت إلى طريق مسدود، وان إعادة النظر في إستراتيجيتكم ضرورية بعد الليونة الظاهرية التي اتسمت بها سياسة الشاه مؤخراً؟).

 

الإمام الخميني: النظام هو الذي وصل إلى طريق مسدود. النظام يريد أن يفرض الحل الذي يراه على الناس. بيد أن الناس يتطلعون لزوال هذا النظام. وان أي حل يقود للإبقاء على هذا النظام سيواجه بطريق مسدود لان الناس سترفضه.

 

(سؤال: سبق لكم أن قلتم بأنكم لا تخشون هيمنة الشيوعيين واليساريين المتطرفين على توجهات الانتفاضة. ومع ذلك فقد تظاهر يوم الأحد (22 أكتوبر 1978) ألف وخمسمائة من طلبة جامعة طهران وهم يرفعون شعارات ماركسية[1]. وان مثل هذا الأمر يشير إلى أن الماركسيين ليسوا وهماً وإنما حقيقة موجودة، وأصحاب تنظيم).

 

الإمام الخميني: لو افترضنا أن جميع هؤلاء الألف والخمسمائة ـ وحتى أضعاف هذا العدد ـ كانوا حقاً من الشيوعيين، فلا يعبأ بهم في مقابل ثلاثين مليون انتفضوا باسم الإسلام. بيد أن القضية المهمة هي أن عدد الشيوعيين قد تقلص إلى حد كبير مقارنة بما كان عليه في الماضي. والسبب في ذلك يعود إلى أن الإسلام يلبي احتياجات الناس بتحقيق رقي حقيقي في كافة الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فمع وجود هذا النظام المعادي للإسلام وممارساته التي تبعث على النفور والمعارضة، استطعنا أن نرصّ صفوفنا وان ننجز عملًا مهماً للغاية في إقناع الشباب بأحقية النهج الإسلامي، وان مثل هذا الأمر بحد ذاته يشير إلى انه في حالة قيام الحكم الإسلامي وإطلاق الحريات وتوفير إمكانات الرقي الحقيقي لأبناء الشعب، من الممكن إعادة أولئك الذين ينشدون الحقيقة والعدالة إلى أحضان الإسلام، عن طريق الدعوة والإقناع ومن خلال الترجمة العملية لتعاليم الإسلام.

 

 (سؤال: كنتم قد استقبلتم المهندس بازركان. وان الدكتور كريم سنجابي في طريقه إلى باريس أيضاً. ويقال أن آية الله الشيرازي[2] سيأتي إلى هنا أيضاً. والواضح أن هؤلاء هم من دعاة سياسة المصالحة. فهل ستوافقون على هذه السياسة؟ هل تعتقدون بوجود رجال يتحلون بالمصداقية الكافية في أوساط المعارضين السياسيين والجبهة الوطنية والتنظيمات السياسية الأخرى تؤهلهم للحلول محل هذه الحكومة؟).

 

الإمام الخميني: إنني أعارض أسلوب المصالحة وإنصاف الحلول. وكنت قد عارضت هذا الأسلوب منذ البداية أيضاً. والسبب في ذلك هو أن هذا العمل لن يخرج النظام من المأزق ـ لان الوصول إلى المأزق يكمن في البرامج التي كُلف بتنفيذها ـ كما انه لن يقلل من الضغط والقمع والكبت والمجازر. فلو اتخذ الجميع موقفاً حازماً وشفافاً يدعو إلى رحيل الشاه، سيضطر النظام إلى التخلي عن سياساته في تحقيق أهدافه عن طريق المذابح المتواصلة والأساليب الحديثة في ممارسة الضغط والقمع والكبت، ولاقترب الشعب من تحقيق نصره. فالذين قادرون على إسقاط هذا النظام، هم أنفسهم بعملهم هذا يدلون على أنهم مؤهلون لإدارة البلد أيضاً.

 

 (سؤال: كنتم قد صرحتم بأن رجال الدين الشيعة لا ينوون تسلّم مناصب حكومية. فهل تعتقدون بأن المعارضين السياسيين قادرون على القيام بذلك دون أن يترتب عليه أخطار تؤدي إلى وخامة الأوضاع؟).

 

الإمام الخميني: إذا ما توفر لديهم الشرط أعلاه ـ دعم الناس وعلماء الدين ـ سيكون بمقدور المعارضين الذين أشرت لهم في سؤالك القيام بذلك.

 

(سؤال: يتصور الغربيون بأن رحيل الشاه سيترك فراغاً خطيراً. هل بوسعكم التفكير بهدنة مؤقتة مع هذه الأسرة، الشاه أو ابنه، على أن يتولى الملوكية وليس الحكم؟).

 

الإمام الخميني: الفراغ الذي تتحدث عنه موجود الآن أيضاً. ذلك أن خصوصية بعض الأنظمة كنظام الشاه، إنهم يحاولون الإبقاء على البلد متأرجحاً بين الطريق المسدود والفراغ، وسوقه إلى الضياع والدمار. وللخروج من ذلك ينبغي لهذا النظام أن يترك مكانه إلى نظام منبثق من الشعب المسلم.

 

 (سؤال: من المؤكد إن النظام يفكر بالمصالحة ويأمل جدياً بعودتكم إلى إيران[3]. هل تعتبرون مثل هذا الأمر منتفياً تماماً طالما بقي الشاه في إيران؟).

 

الإمام الخميني: طالما بقي الشاه في إيران، لن أعود.

 

 (سؤال: إنكم تدينون القوى الكبرى. ومثل هذا يوجد تصوراً بأنكم متشددين ولا تقبلون بالمصالحة. أليس بالإمكان التقليل من حدة مواقفكم لمجرد طمأنة الرأي العام الغربي الذي يتعاطف مع انتفاضة شعبكم؟).

 

الإمام الخميني: إنني أدين حكومات الدول الكبرى لتجاوزها على حقوق أبناء الشعب، وليس شعوب هذه الدول. لقد أعربت وأعرب عن شكري وتقديري للشعوب الغربية التي تدعم ثورة الشعب الإيراني.

 

 (سؤال: يقال إنكم ترجحون إقامة جمهورية إسلامية. وقد نقل عن سماحتكم القول بأن النظام الملكي يقود إلى الاستبداد. غير أن ثمة أنظمة جمهورية إسلامية تعتبر أكثر استبداداً من بعض الأنظمة الملكية .. ما هو تعليقكم على ذلك؟).

 

الإمام الخميني: الحكومات الاستبدادية القائمة لا يمكن اعتبارها حكومات إسلامية كي يمكن مقارنتها مع الأنظمة الملكية والجمهورية .. الاستبداد لا يجتمع مع النظام الإسلامي. وإن الأنظمة الجمهورية المستبدة هي جمهورية بالاسم فقط، أما في جوهرها وحقيقتها فهي ملكية.

 

 (سؤال: هل ستستعين بمساعدين ومستشارين مؤهلين يساعدونكم في اتخاذ سياسة واقعية فيما يتعلق بالمسائل الاقتصادية والقضايا السياسية؟).

 

الإمام الخميني: يوجد في إيران رجال مؤهلون كثيرون. وإن النظام الفعلي يحول دون دعوة هذه الطاقات للمساهمة في إعمار البلد وتقدمه .. إن أمثال هذه الطاقات والخبرات، وانطلاقاً من الواجب الإسلامي، تقوم بتزويدي بالمعلومات والخبرات.

 

 (سؤال: هل توافقون على اقتراح تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة؟).

 

الإمام الخميني: إن مثل هذه الحكومة الانتقالية ينبغي تشكيلها بعد سقوط الشاه. وبطبيعة الحال سيتم الإعلان عن شروطها في حينه.

 

ــــــــــــــــ

 

[1] صرح بذلك رئيس الوزراء آنذاك جعفر شريف إمامي حيث قال: إن المتظاهرين من الطلبة الجامعيين هم من الشيوعيين. وزعم بأنهم كانوا يحملون أعلاماً حمر داخل الجامعة.

 

[2] السيد محمد الشيرازي.

 

[3] سبق لرئيس الوزراء يومئذ جعفر شريف إمامي، أن أعلن في مجلس الشورى الوطني:( إننا نرحب بعودة آية الله العظمى الخميني إلى البلاد).