بيان الإمام الخميني إلى الضمائر الحية بمناسبة مجزرة مكة

 بمناسبة مرور عام على مجزرة مكة وملابسات إيقاف الحرب المفروضة

 ذي الحجة 1408هـ

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 {لقد صدق الله رسولَه الرؤيا بالحق لَتَدْخُلُنَّ المسجدَ الحرام ان شاء اللهُ آمنين}.

 إن مدينة الله ومدينة عباده ما تزال، رغم مرور عام على المجزرة المفجعة الرهيبة التي تعرَّض لها لحجاجُ العُزَّلُ، والزوار المؤمنون الموحدون، على يد عملاء أمريكا وسفاكي آل سعود، ما تزال في ذهولٍ وفي حيرة.

 إن آل سعود بقتلهم ضيوف الرحمان، وتضريجهم خير عباد الله بالتراب وبالدماء، لم يضرِّجوا الحرمَ فقط، بل ضرجوا عالم الإسلام كله بدماء الشهداء، وأحزنوا المسلمين والأحرار جميعاً.

 في العام الماضي أقام مسلمو العالم أول مرة شعائر الأضحى المبارك بنحر أبناء إبراهيم(ع) أبنائه العائدين من معارك كفاحهم مع ناهبي العالم وأذنابهم في "مذبح" حب الله "ومنى" رضاه، وقتلت أمريكا وآل سعود، خلافاً لمقتضيات الشهامة والشرف، الكثيرَ الكثيرَ من النساء والرجال، من أمهات الشهداء وآبائهم، ومن المعاقين العُزَّلَ من الحماية، وبالكثير الكثير من الخسَّة والقسوة، حملوا على الأجساد نصف الميتة للشيوخ العُجَّز، وَجلدوا بالسياط الأفواه العطشى الجافة من مؤمنينا الأبرياء المظلومين، وانتقموا منهم بحقد ووحشية.

 

ألا ممن هو هذا الانتقام! وبسبب أي ذنب هو؟!

 أهو انتقام من الذين هاجروا من بيوتهم إلى بيت الله وبيت عباده؟ أهو انتقام من الذين حملوا سنواتٍ طوالاً على عواتقهم ثقل الأمانة والجهاد؟ أم هو انتقام من الذين كانوا كإبراهيم(ع) عائدين من تحطيم الأصنام؟ انتقام من الذين كانوا قد حطموا الشاه؟ من الذين هزموا السوفيت والأمريكان؟ من الذين هشموا الكفر والنفاق؟! أهو انتقام من أولئك الذين طووا الطرقات الكثيرة البعيدة حفاة الأقدام حاسري الرؤوس، مستجيبين لصرخةِ {أذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً} ليسروا إبراهيم(ع) ويُرْضوه؟! أهو انتقام من الذين كانوا قد جاؤوا لضيافة الله، ليمسحوا بماء زمزم غبار السفر عن وجوههم، ويُرووا بزلال مناسك الحج عطشهم، ويعودوا بقوةٍ أكبر على تحمل المسؤولية، ويخلعوا في ميقات العمل خلال مسيرتهم الأبدية ـ لا في ميقات الحج وحده ـ لباس التعلق بالدنيا عن أجسامهم؟! أهو انتقام من أولئك الذين، من أجل خلاص المحرومين وتحرير عباد الله، حرّموا على أنفسهم دعة طلاب الراحة، والذين أحْرموا بإحرام الشهادة، وعزموا عزماً جازماً، لا على عدم الرضوخ لعبودية ذهب أمريكا وروسيا فحسب، بل على عدم الخضوع لغير الله وحده، أولئك الذين كانوا قد جاؤوا ليقولوا مرة أخرى لمحمد(ص) إنهم لم يتعبوا من الكفاح، وأنهم يعلمون جيداً أن أبا سفيان وأبا لهب وأبا جهل متربصون في أما كان للانتقام، قائلين لأنفسهم متسائلين: أمازال "اللاتُ" و"هُبَل" على الكعبة؟! أجل، وأخطر من تلك الأصنام، ولكن بوجهٍ جديد وخدعة جديدة. إنهم يعلمون أن الحَرَم اليوم حَرَم، لكن لا "للناس"، بل لأمريكا! وأن من لا يقول لأميركا "لبيك"، ومن يتجه إلى رب الكعبة، فسيكون مستحقاً للانتقام، الانتقام من الزوار الذين أحيت جميعَ ذوات وجودهم وكل حركات ثورتهم وسكناتها مناسكُ إبراهيم، وسمت وتسمو حقاً حتى تَقطر سماء أوطانهم وسماء حياتهم بالنداء العذب الشيق: "لبيك اللهم لبيك": أجل، إن من يريد أن يعلن البراءة من الكفر والشرك، سَيُتَّهمُ هو ـ في منطق الاستكبار العالمي ـ بالشرك، وسيحكم عليه المفتون وأبناء المفتين من أحفاد "بلعم بن باعور" بالكفر وبالقتل.

 وبعد، فلابد في تاريخ الإسلام، أن تُشْهَرَ مجدداً سيوفُ الكفر والعداء التي كانت مخبأة في ألبسة الإحرام الكاذبة لليزيديين ومأجوري بني أمية ـ عليهم لعنة الله ـ من أجل قتل خِيَرَةِ أبناء نَبِي الإسلام الأطهار، أعني أبا عبد الله الحسين(ع) وأنصاره الأوفياء .. أجل، لابد أن تُشْهَرَ مجدداً تلك السيوفُ من ألبسة وَرَثةِ بني سفيان أولئك، وان تمزق الحناجر الطاهرة لأنصار الحسين عليه السلام، في ذلك الطقس اللاهب، في كربلاء الحجاز، وفي مذبح الحرم، وتوجّه إليهم ـ لأنهم سائرون على خطى أبناء الإسلام الصادقين الأولين ـ التهمُ نفسُها التي وجهها اليزيديون إلى أولئك حين عدّوهم خوارج وملحدين ومشركين ومهدوري الدم!

إلا أننا سنطفئ غيظ قلوبنا بإذن الله في الوقت المناسب بالانتقام من أمريكا وآل سعود، وسنحول حلاوة هذه الجريمة الكبرى حرقة وحسرة في قلوبهم، وسندخل المسجدَ الحرامَ مع الاحتفال بانتصار الحق على جنود الكفر والنفاق، وتحرير الكعبة من أيدي من ليسوا أهلاً، من ليسوا من محارمها وخاصتها.

 ولا شك في أن الحجاج الذين سافروا إلى مكة تحت رقابة دُوَلهم وحكوماتهم ومخابراتها، سيفتقدون أصدقاءهم وإخوانهم وشركاءهم الواقعيين في الدفاع والجهاد!

 إن آل سعود، من أجل تغطية جناياتهم المهولة في العام الفائت، ومن أجل تبرير صدهم عن سبيل الله، ومنعهم الحجاج الإيرانيين من الذهاب إلى الحج، سيمطرون الحجاج بقنابل دعاياتهم الشديدة، وسيعمد رجال الدين البلاطيون في البلاد الإسلامية، وبخاصة الحجاز، ومشايخُ الإفتاء الذين باعوا أنفسهم ـ لعنة الله عليهم ـ بواسطة وسائل الإعلام والمطبوعات، إلى إيراد الخطب والأضاليل، وسيضيَّقون على الحجاج ساحة تفكيرهم وتَعَمُّقهم في فهم رسالة الحج وإدراك فلسفته الحقيقة، وكذلك في التعرف على حقيقة واقعة قتل ضيوف الله المخطَّط لها سلفاً من قِبَل الشيطان الأكبر. وبديهي أن رسالة حجاج بيت الله في مثل هذه الأوضاع والظروف ثقيلة جداً ثقيلة!

 إن أكبر ألم تعانيه المجتمعات الإسلامية هو أن أبناءها لم يفهموا بعدُ الفلسفةَ الحقيقية لكثير من الأحكام الإلهية، وأن الحجَ، على ما فيه من عميق الأسرار وعظيم الأهداف، ما يزال عبادة جامدة وحركة دون ثمرة أو مردود. إن من أهم واجبات المسلمين الكبرى إدراك: ما هو الحج؟ ولم يجب أن يقفوا قسماً من إمكاناتهم المادية والمعنوية لأدائه وإقامته؟

 إن ما ظهر حتى الآن من قبل الجهلة، أو الدارسين المغرضين، أو المرتزقة المأجورين على أنه "فلسفة الحج"، هو أن الحج عبادة جماعية، وسفرة سياحية تعبدية، فما شأن الحج بأمور من قبيل: كيف يجب أن نعيش، وكيف يكون الجهاد؟! وبأي صورة يكون الصمود أمام عالم الرأسمالية وعالم الشيوعية؟! ما شأن الحج بوجوب انتزاع حقوق المسلمين والمحرومين من الظالمين؟! ما علاقته بوجوب التفكير في إيجاد الحلول للضغوط الروحية والجسمية التي يتعرَّض لها المسلمون؟ ما شأن الحج بوجوب أن يظهر المسلمون كقوة كبرى ثالثة في العالم؟ وبأن يدفع المسلمين إلى الثورة على الحكومات العميلة التابعة؟! إنْ هو إلا سفرة ترفيهية لرؤية القبلة وزيارة المدينة فقط!! هذا ما أظهره المتحجَّرون والمغرضون، من أن الحج إنما ليقرَّب الإنسان إلى رب البيت ويصله به.

 الحج ليس حركات وأعمالاً وتمتمات فقط، فالإنسان لا يصل إلى الله بالكلمات والألفاظ والحركات الصمّاء! الحج إنما هو أسّ المعارف الإلهية التي من خلالها ومن مفهومها ومحتواها يجب اكتشاف سياسة الإسلام في جميع مناحي الحياة.

 الحج هو رسالة بناء مجتمع مجرد من الرذائل الماديّة والمعنوية، هو مظهر التجلي المتكرر لكافة الصور المولدة للحب في حياة إنسانٍ مثالي ومجتمع متكامل؛ ومناسكُهُ إنما هي مناسك أن يصبح إبراهيمياً حتى يتصل بأمة محمد(ص) ويتّحد بها ويصبح معها يداً واحدة، فإن الحج هو تنظيم وإعداد وصهر لهذه الحياة التوحيدية.

 الحج هو ميدان استعراض طاقات المسلمين ومرآة اختبار قواهم المادية والمعنوية، هو كالقرآن يستفيد الكل منه، ولكن المفكرين والغواصين والخبراء بآلام الأمة الإسلامية إذا وجهوا قلوبهم إلى بحر معارفه، ولم يخافوا الاقتراب منه والغوص في أحكامه وسياساته الاجتماعية، فسيصطادون أكثر من أصداف هذا البحر جواهرَ الهداية والرشد والحكمة والحرية، وسيرتوون إلى الأبد من زلال حكمته ومعرفته. ولكن ما العمل؟ وكيف التخلص من هذا الهم الكبير، همِّ أن الحج قد غدا ـ كالقرآن ـ مهجوراً؟!

 وبمقدار ما خفي كتاب الحياة والكمال والجمال ذاك في حجبنا المصطنعة، وبمقدار ما دُفن هذا الكنـز من أسرار الإبداع في أعماق ركام أتربة أفكارنا المنحرفة، وبمقدار ما أنـزل لسان الأنس والهداية والحياة والفلسفة الصانعة للحياة، ليغدو لسانَ الوحشة والموت والقبر، كذلك ابتلي الحج أيضاً بالمصير نفسه، مصير أن يحج ملايين المسلمين كل سنة إلى مكة، ويضعُوا أقدامهم في مواقع أقدام النبي وإبراهيم وإسماعيل وهاجر، ولكن دون أن يسأل سائل منهم: من كان إبراهيم ومحمد عليهما السلام، وماذا فعلا؟.

 ماذا كان هدفهما؟ ماذا أرادا منا؟ لعل الشيء الوحيد الذي لا يُفكَّرُ به هو هذا!!.

 إن حجّاً دون روح، ودون انتفاضة وتحرُّك .. وحجاً دون براءة ..، وحجاً دون وحدة، وحجاً لا يَنتجُ منه هدم الكفر والشرك .. ليس حجاً على الإطلاق!.

 والخلاصة أن على المسلمين جميعاً أن يعملوا على بعث الحج والقرآن الكريم وإعادتهما إلى ميادين حياتهم، وان على المحققين الإسلاميين الملتزمين، بتبيانهم المعاني والأهداف الصحيحة والواقعية لحكمة الحج، أن يطرحوا في البحر كل أضاليل العلماء البلاطيين وبدعهم الخرافية.

 أما ما يجب أن يعمله الحجاج الأعزاء، فهو أن أمريكا وآل سعود، إذ صوَّروا حادثة مكة على أنها صراع طائفي وتجاذبُ قوى بين الشيعة والسنة، وصوَّروا إيران وقادتها على أنهم يحلمون بإمبراطورية واسعة يسعون للوصول إليها، إنما أرادوا تضليل الكثيرين من الغافلين عن مسير الحوادث السياسية في العالم الإسلامي، وممن يجهلون الخطط المشؤومة لناهبي الشعوب بتصوير صرختنا بالبراءة من المشركين وكفاحنا من أجل حرية الشعوب على أنهما يهدفان إلى تقوية سلطتنا السياسة وإلى توسيع الرقعة الجغرافية للدولة الإسلامية، طبعاً لا غرابة ولا تعجب عندنا ولا عند جميع المفكرين والمحللين المعلقين على النيات القذرة لأجهزة آل سعود أن تّتهم إيران والحكومة التي نادت منذ بداية النصر حتى الآن بوحدة المسلمين، والتي عدت وتعد نفسها في جميع حوادث العالم الإسلامي، شريكة المسلمين في همومهم وأفراحهم .. أن تتهمها بالتفرقة بين المسلمين وتمزيق صفوفهم أو فوق ذلك، أن تتهم الحجاج الذين دفعهم عشقهم لزيارة ضريح النبي والحرم الإلهي الآمن للسفر إلى الحجاز بالتجييش والتجهيز والتعبئة لاحتلال الكعبة وحرق حرم الله وهدم مدينة الرسول، جاعلين البرهان على ذلك اشتراك حرس وجنود ومسؤولين من دولتنا في مراسم الحج.

 أجل، في منطق آل سعود، يجب أن يكون الجندي والحارس في الدولة الإسلامية غريبين عن الحج، ومثل هذه الأسفار منهم إلى ديار الإسلام هي عند المسؤولين الحكوميين والعسكريين ودعاة للتعجب وسبب للتآمر! يجب في منطق الاستكبار أن يكون ذهاب مسؤولي الدول الإسلامية إلى بلاد الفرنجة، إذ ما شأن هؤلاء والحج!

 إن عملاء أمريكا، يعدون إحراق العلم الأميركي بمثابة إحراق الحرم، ويعدون شعار "الموت لروسيا وأمريكا وإسرائيل" عداءً لله والقرآن والنبي، ويصفون مسؤولينا وعسكريينا المرتدين لباس الإحرام بقادة المؤامرة!

 الواقع أن دول الاستكبار الشرقية والغربية، وبخاصة أمريكا وروسيا، قد قسمت العالم عملياً إلى قسمين: قسم حر، وقسم حجر سياسي؛ ففي القسم الحر من العالم هناك الدول الكبرى التي لا تعترف بأي مدى أو حد أو قانون، وتعتبر الاعتداء على مصالح الآخرين، واستعمار الشعوب واستثمارها واستعبادها أمراً ضرورياً ومبرراً ومنطقياً ومنطبقاً على جميع المبادئ والموازين الدولية والموضوعة من قبلها هي. أما في قسم الحجر السياسي الذي تُحاصر وتُسجن فيه للأسف معظم شعوب العالم الضعيفة وبخاصة المسلمين منها، فلا وجود إطلاقاً لحق الحياة وإبداء الرأي. ان القوانين والمقررات والأنظمة جميعها، هي القوانين المفروضة والمنسجمة مع أهواء النظم العميلة والمؤمّنة لصالح المستكبرين. والمؤسف أن معظم متولي السلطات التنفيذية في هذا القسم هم الحكام المفروضون أو أتباع النهج الاستكباري العام الذين يعدون حتى صرخة الألم من داخل جدران هذه السجون والسلاسل جريمة لا تغتفر، فمنافع ناهبي الشعوب تمنع على أي كان حق التلفظ بأي كلمة يُشم منها إضعافُهم أو تعكير صفو راحة نومهم.

 وبما أن مسلمي العالم لا يتمكنون بسبب عوامل الضغط والسجن والإعلام من التعبير عن مصائبهم وآلامهم التي يفرضها عليهم حكامهم، فالواجب أن يُسمح لهم بعرض مآسيهم وآلامهم في الحرم الإلهي الآمن بكل حرية، حتى يفكر سائر المسلمين في حلول لتحريرهم.

 لذا فنحن نلح ونصر على أن يرى المسلمون أنفسهم، في بيت الله والحرم الإلهي الآن على الأقل، أحراراً من جميع العتاة وأغلالهم، وأن يعلنوا في تظاهرة كبرى براءتهم مما ينفرون منه ويستنكرونه، ويستفيدوا من كل وسيلة ممكنة لخلاصهم. لقد أخذت حكومة آل سعود على عاتقها مسؤولية حماية حجاج الله، ولهذا نقول بثقة، إن حادثة مكة ليست منفصلة عن السياسة الأساسية لناهبي الشعوب القائمة على إبادة المسلمين الأحرار واستئصال شأفتهم.

 إننا مع إعلاننا البراءة من المشركين، كنا وما نـزال مصممين على تحرير الطاقات المكبوتة للعالم الإسلامي، وسيأتي يوم بعون الله يتحقق فيه هذا العمل على أيدي أبناء القرآن، كما سيأتي يوم إن شاء الله يصرخ فيه جميع المسلمين والمظلومين بوجه الظالمين في العالم كلّه، ويثبتون أنّ القوى العظمى وأجراءها ومرتزقتها هم أبغض موجودات العالم.

 إن مجزرة حجاج بيت الله هي مؤامرة لحماية سياسات الاستكبار ولمنع انتشار الإسلام المحمدي الصحيح؛ وان صحيفة الأعمال السوداء المخزية لحكام الدول الإسلامية العديمي الوجدان إنما هي حكاية لتراكم الآلام والمصائب على الجسم المنهك للإسلام والمسلمين.

 إن نبي الإسلام ليس بحاجة إلى المساجد الارستقراطية والمآذن المزخرفة، نبي الإسلام كان همه عزة أتباعه ورفعتهم، هؤلاء الذين ـ لشديد الأسف ـ أنـزلهم الحكام العملاء إلى حضيض الذل. ألا هل يمكن أن ينسى مسلمو العالم فاجعة مجزرة المئات من العلماء والألوف من النساء والرجال من المذاهب الإسلامية المختلفة طوال حياة آل سعود المخزية، وكذا مجزرة حجاج بيت الله الحرام؟! ألا يرى المسلمون إن المراكز الوهابية في العالم اليوم قد غدت مراكز للفتن والتجسس، مراكز يروج أصحابها لإسلام أبي سفيان، إسلام الفقهاء البلاطيين القذرين، إسلام المتظاهرين بالتدين والقداسة من عديمي الشعور في الحوزات العلمية الفقهية والجامعية، إسلام الذل والصَّغار، إسلام المال والسلطان، إسلام الخداع والتلفيق والتبعية، إسلام تحكم الرأسمال والرأسماليين بالمظلومين والحفاة، وبكلمة واحدة يروّجون للإسلام الأمريكي من جهة ويمرغون جباههم على عتبة سيدتهم أمريكا الجشعة من جهة أخرى!

 إن المسلمين لا يعرفون كيف يداوون جُرحَ  أن "خادم الحرمين" واجهة آل سعود يطمئن إسرائيل "إننا لن نستعمل أسلحتنا ضدك" ويقدم لأجل إثبات صحة تعهده على قطع علاقاته بإيران!!

 حقاً، كم يجب أن تكون الرابطة بين حكام الدولة الإسلامية وبين الصهيونية قد بلغت من الحرارة والحميمية ليمحوا في مؤتمر القمة الإسلامي من جدول أعمالهم حتى موضوع عدائهم الصوري الظاهري لإسرائيل! لو كانت لهؤلاء ذرة من الغيرة والحمية الإسلامية والعربية، ما كانوا يوافقون على مثل هذه الصفقة السياسية القذرة، وعلى بيع أنفسهم وبيع أوطانهم!

 أليست هذه الأعمال عاراً على العالم الإسلامي ومدعاة للخجل؟ أليس الوقوف منها موقف المتفرج إثماً وجريمة؟!

 أصحيح مّنا أن نجلس صامتين ليتجاهل حكام الدول الإسلامية أحاسيس مليار مسلم، ويضفوا الشرعية على تلك الفواجع الصهيونية الرهيبة كلها، ويعيدوا إلى الساحة ثانية مصر وأضرابها؟!

 هل سيصدق المسلمون، في هذه الحال، إن الحجاج الإيرانيين قد تحركوا لاحتلال بيت الله وحرم النبي، وإنهم يريدون أن يسرقوا الكعبة وينقلوها إلى قم؟! لو صدّق مسلمو العالم أن حكامهم هم أعداء حقاً لأمريكا وروسيا وإسرائيل لكانوا صدقوا أيضاً دعايات حكامهم ضدنا.

 لقد أعلناّ نحن بالطبع مرات كثيرة حقيقة واقعية في سياستنا الإسلامية الخارجية والدولية، هي أننا كنّا وما نـزال نسعى لتوسيع نفوذ الإسلام في العالم، وتقليص سلطة ناهبي الشعوب.

 فإذا كان خدام أمريكا يسمون هذه السياسة سعياً للتوسع وتفكيراً في تشكيل إمبراطورية كبيرة، فإننا لا نخشى هذا "الاتهام" ونتقبله بسرور.

 

نحن مصممون على استئصال جذور الفساد

 إننا نعتزم إيباس الجذور الفاسدة للصهيونية والرأسمالية والشيوعية في العالم. لقد قررنا أن نستأصل ـ بعون الله العظيم وعنايته ـ الأنظمة القائمة على هذه القوائم الثلاث، وان نشيع في عالم الاستكبار نظام إسلام رسول الله(ص)، وستشهد الشعوب الأسيرة ذلك عاجلاً أم آجلاً.

 إننا سنمنع بكل وجودنا وطاقاتنا توسع الابتزاز الأمريكي وتوسع حصانة عملاء أمريكا، حتى لو اقتضى الأمر منّا الكفاح بالقوة، وإننا ـ إن شاء الله ـ لن ندع لحن التعاون والتوافق مع أمريكا وروسيا والكفر والشرك يُعزف من الكعبة وأرض الحج، من هذا المنبر العظيم الذي يجب أن يعكس من فوق سطحه الإنساني أصوات المظلومين إلى جميع العالم؛ ونسأل الله أن يمنحنا القدرة على أن نجعل صرخة "الموت لأميركا وإسرائيل" تنطلق لا من كعبة المسلمين فقط بل ومن كنائس العالم أيضاً.

 ألا فليعتزَّ مسلمو العالم ومحرومو المعمورة كلهم بهذا النفق الطويل إلى ما لا نهاية الذي أوجدته الثورة الإسلامية لجميع ناهبي الشعوب، وليتنسموا أريج الحرية وليرفعوا شعار التحرير والتحرر في حياتهم ومصائرهم، وليمسحوا ببلسمِهِ جراحهم، فقد شارف عهد القنوط واليأس في منطقة الكفر على الانتهاء وأزهرت حدائق الشعوب، وأملي أن يشهد المسلمون جميعاً تفتّح براعم الحرية، ويتنشقوا نسائم عطر الربيع، ويتحّسسوا رقة ورود الحب، ويتذوقوا عذوبة زلال إرادتهم الفوارة كالينابيع الدفاقة.

 إن علينا جميعاً أن نخرج من حماة الصمت ومستنقع التقاعس الذي بذر فيه عملاء السياسة الأمريكية والسياسة الروسية بذور الموت والعبودية، وان نتوجه إلى البحر الذي فارت منه "زمزم"، فنغسل بدموع عيوننا أستار الكعبة وبيت الله الذي لوثّته أمريكا وأبناؤها بأيديهم النجسة.

 أيها المسلمون في جميع أقطار العالم، بما أنكم تحت سلطة الأجانب مبتلون بالموت البطيء، عليكم أن تنتصروا على الخوف من الموت، وان تستفيدوا من وجود الشبان المندفعين المتطوعين للشهادة المستعدين لاختراق خطوط جبهة الكفر. لا تفكروا في الإبقاء على الوضع القائم، بل فكروا في التخلص من الأسر وفي التحرر من العبودية والثورة على أعداء الإسلام، لأن العزة والحياة إنما هما في ظل الكفاح، وان أول خطوة في الكفاح هي الإرادة، وعاهدوا أنفسكم بعد ذلك على منع سيادة الكفر والشرك العالمي وبخاصة أمريكا.

 ونحن سواء كنّا في مكة أو لم نكن فان قلوبنا وأرواحنا مع إبراهيم وفي مكة!! وسواء أغلقوا أبواب مدينة الرسول أو فتحوها في وجوهنا، فان حبل محبتنا للنبي لا ينقطع قط ولا يهن. نصلي ووجوهنا نحو الكعبة، ونموت ووجوهنا نحو الكعبة، ونشكر الله على أننا بقينا ثابتين على ميثاقنا مع رب الكعبة، وأننا قد أقمنا قواعد البراءة من المشركين مرفقة بدماء الألوف المؤلفة من شهدائنا الأعزاء، ولم ننتظر مساندة أو تأييداً من فاقدي الشخصية من بعض حكام الدول الإسلامية وغير الإسلامية. إننا، نحن المظلومين المحرومين الحفاة دائماً في التاريخ، ليس لنا غير الله، ولو قطعونا ألف مرة قطعة قطعة لن نتوقف عن محاربة الظالمين.

 

يجب تهشيم مخالب الدول العظمى وأسنانها

 إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تشكر المسلمين الأحرار في العالم، الذين استطاعوا ـ رغم الضغوط السياسة الخانقة عليهم ـ بتنظيمهم المحاضرات والمؤتمرات والخطب أن يفضحوا أسرار جرائم أمريكا وآل سعود، وان يعزّفوا للدنيا كلها الظلم الذي لحق بنا. ويجب أن يعلم المسلمون، انه مادام ميزان القوى في العالم لم يمل إلى صالحهم فان مصالح الأجانب ستقدم دائماً على مصالحهم، وسيفتعل الشيطان الأكبر أو الروس كل يوم حادثة بحجة الحفاظ على مصالحهم.

 إذا لم يحل المسلمون مشكلاتهم مع ناهبي الشعوب بصورة جدية، وإذا لم يوصلوا أنفسهم إلى حدود القوة العظمى في العالم، فهل سيكونون حقاً في أمان؟ إذا حوّلت أمريكا الآن دولة إسلامية إلى كومة من خراب وتراب بحجة الدفاع عن مصالحها، فمن سيقف في وجهها؟! إذن فلم يبق أمامنا إلا الجهاد، ويجب تهشيم مخالب الدول العظمى وأسنانها، وبخاصة أمريكا، وانتخاب واحدة من الطريقتين: إمّا الشهادة وإمّا النصر؛ وكلاهما نصر في مدرستنا!! إلى أن يمنح الله تعالى جميع المسلمين القدرة على تحطيم أسوار سياسات التعسف والظلم التي يعتمدها ناهبو الشعوب، والجرأة أيضاً على إيجاد دروع لمحور الكرامة الإنسانية؟ ويعين الجميع على الخروج من أفول الذل إلى صعود العز والمنعة.

 إن البعض لم يدركوا جيداً، قبل حدوث واقعة الحج المرة الحلوة في العام الماضي، معنى إصرار الجمهورية الإسلامية الإيرانية على مسيرة البراءة من المشركين، وكانوا يسألون أنفسهم وسواهم أنه ما الموجب في سفر الحج وفي ذلك الطقس الحار لتنظيم المسيرة وإطلاق دعوة الجهاد؟! وحتى إذا أطلقت دعوة البراءة من المشركين، فما الضرر الذي سيلحق بالاستكبار؟ وكم من السذج البسطاء كانوا يتصورون أن عالم ناهبي الشعوب الذي يوصف بالمتمدن ليس أنه سيتحمل مثل هذه الأمور السياسية فقط، بل أكثر من هذا، فإنه سيسمح لخصومه بتنظيم التظاهرات والمسيرات، والدليل على ذلك الإذن بالمسيرات التي تنظم في البلاد الغربيّة التي توصف بالحرّة! ولكن الواجب أن يكون واضحاً أن ذلك النوع من المسيرات لا يتضمن أي ضرر للقوى العظمى وغير العظمى.

 إنها مسيرة مكة والمدينة التي سيعقبها إغلاق أنابيب نفط الجزيرة العربية .. إنها لمسيرة مكة والمدينة التي ستنتهي بزوال عبيد روسيا وأمريكا، وتماماً لأجل هذا السبب بالذات تَمنع هذه المسيرة بمجزرة جماعية للأحرار من النساء والرجال، وانه في ظل هذه البراءة من المشركين يدرك حتى البسطاء والسذج حرمة الخضوع والتذلل على عتبة روسيا وأمريكا.

 ألا فليثق شعب إيران العزيز الشجاع، أن حادثة مكة هي بداية تطورات كبرى في عالم الإسلام، ومدخل صالح لاستئصال الأنظمة الفاسدة في الدول الإسلامية، ولطرد المتزيين بزي رجال الدين.

 إن ملحمة البراءة من المشركين لم يمر عليها أكثر من سنة، ومع ذلك فإن عطر الدماء الطاهرة لشهدائنا الأعزاء، قد ضمَّخ العالم كله، ونحن نرى آثارها في أقصى نقاط العالم. فملحمة شعب فلسطين ليست وليدة صدفة؛ ترى هل تتصور الدنيا من هم الذين أنشأوا هذه الملحمة؟ وإلى أية شعارات يستند شعب فلسطين حين يواجه دون رهبة وبأيد خالية هجمات الصهاينة الوحشية؟ هل هو نداء الوطنية وحده الذي خلق من وجودهم عالماً من الصمود؟! أمن أشجار لاعبي السياسة الذين باعوا أنفسهم تنهمر على الفلسطينيين أثمار الصمود وزيتون النور والأمل؟ كيف يكون ذلك وهؤلاء قد عاشوا سنوات طويلة في جدار الفلسطينيين وتعيّشوا باسم الشعب الفلسطيني؟!

 لا شك أنه نداء "الله أكبر"، نداء شعبنا الذي دفع الشاه في إيران ودفع الغاصبين في بيت المقدس إلى اليأس، وهو شعار تحقق البراءة نفسه الذي رفعه شعب فلسطين في تظاهرات الحج جنباً إلى جنب أخواته وإخوته الإيرانيين حين نادى بصرخة تحرير القدس، ورفع الصوت بشعار الموت لأمريكا وروسيا وإسرائيل، وسال دمه وسكن شهيداً على مهد الشهادة نفسه الذي سالت عليه دماء أعزائنا.

 أجل إن الفلسطيني الذي ضلَّ طريقه وجدها في طريق براءتنا، ورأينا كيف انهارت في هذا الصراع الأسوار الحديدّية، وكيف انتصر الدم على السيف، والإيمان على الكفر، والصرخة على الرصاصة، وكيف خاب حلم بني إسرائيل في الحكم من النيل إلى الفرات، وشعَّ مرّة أخرى كوكب فلسطين الدري من شجرتنا المباركة اللاشرقية واللاغربية.

 وكما تقوم اليوم في العالم كله مساع كثيرة لجرّنا إلى مهادنة الكفر والشرك، تقوم مساع على الصورة نفسها لإطفاء شعلات غضب شعب فلسطين المسلم.

 هذا نموذج واحد لتقدّم الثورة. وإن أعداد المؤمنين بمبادئ ثورتنا الإسلامية تتضاعف اليوم في أرجاء المعمورة، ومثلهم أيضاً أولئك الذين يوقّعون بحبر دمائهم عرائض حمايتنا، ويقولون بألسنتهم وأجسادهم وأجسامهم "لبيك" لثورتنا، والذين سيرثون الأرض بعون الله ويمسكون بأيديهم مقدراتها.

 

اليوم بدأت حرب الحق والباطل

 اليوم بدأت حرب الحق والباطل، حرب الفقر والغنى، حرب الاستضعاف والاستكبار، وحرب الحفاة والمرفهين فاقدي الضمير؛ وإنني أقبّل أيدي وسواعد جميع الأعزة في أرجاء العالم الذين حملوا على عواتقهم ثقل مسؤولية المواجهة، والذين صمموا على الجهاد في سبيل الله ومن أجل رفعة عزة المسلمين، فإنني كما أوجّهُ إلى كل براعم الحرية والكمال سلامي وإكباري الصادق.

 وأما أبناء شعب إيران الأعزاء البواسل، فإنني أقول لهم إن الله عز وجل قد صدّر إلى العالم دويّ كرامتكم وآثارها المباركة، وإن قلوبكم وعيونكم الوضاءة قد غدت مراكز للدفاع عن المحرومين، وإن شرارة زمجرتكم الثورية قد أرعبت ناهبي الشعوب شرقيين وغربيين.

 طبعاً، نحن جميعاً نعلم أن وطننا قد تحمل في الثورة وفي الحرب مشقّات ومشكلات، ولا أحد يدّعي أن الطبقات المحرومة والضعيفة المحدودة الدخل، وبخاصة طبقة الموظفين والإداريين، لا تعاني من الضائقة الاقتصادية، ولكن ما يفكر به أفراد شعبنا أبعد من ذلك، هو قضية حفظ الإسلام ومبادئ الثورة.

 لقد أثبت الشعب الإيراني أنه يتحمل الجوع والعطش، ولكنه لن يتحمل أبداً هزيمة الثورة وضرب مبادئها. لقد صمد هذا الشعب الشريف دائماً أمام أشرس الحملات التي شنّها عالم الكفر كله على مبادئ ثورته. وليس المجال هنا الآن لذكر كل تلك الحملات. ولكن ألم يصمد شعب إيران الباسل أمام جنايات أمريكا المتعدّدة في الخليج الفارسي، سواء منها مساندتها العسكرية والاستخبارية للعراق، أو حملتها على المحطات النفطية العائمة والسفن والزوارق وإسقاطها الطائرة المدينة؟ ألم يصمد شعب إيران في الحرب الدبلوماسية التي شنها عليه الشرق والغرب، وفي الألاعيب السياسية التي خلقها ضده في المحافل الدولية؟ ألم يصمد شعب إيران البطل أمام حملات العراق الاقتصادية والإعلاميّة والنفسية، وهجماته الوحشية على المدن، وإمطاره المناطق السكنية بالصواريخ، وقصفه المكرر لمدن إيران وحلبجة بالقنابل الكيميائية؟ ألم يصمد شعب إيران العزيز أمام مؤامرات المنافقين والعلمانيين والرأسماليين والجشعين المحتكرين والمحتالين المتظاهرين بالزهد والطهارة؟ ألم تكن هذه الأحداث والوقائع كلها لضرب مبادئ الثورة؟ إن كل واحدة من هذه المؤامرات كانت تستطيع لولا يقظة الجماهير وحضورها وتأهبها، أن تنـزل ضربة بمبادئ النظام، ولكننا نشكر الله على أنه وفَّق شعب إيران لأن يعمل برسالته بثبات وأن لا يتخلى عن ساحات النضال.

 إن أبناء شعبنا العزيز الذين هم المجاهدون الحقيقيون والمدافعون الصادقون عن القيم الإسلاميّة، قد أدركوا جيداً أن الكفاح لا يتلاءم مع الرفاهيّة! وأن أولئك الذين يتصوّرون أن الكفاح من أجل الاستقلال وحريّة المستضعفين والمحرومين في العالم لا يتنافى مع الرأسمالية والرفاهية، غرباء حتى عن (ألف باء) الجهاد، كما أن الذين يتصوّرون أن الرأسماليين والمرفهين الذين انعدمت ضمائرهم، يتأثرون بالنصائح والمواعظ ويلتحقون بالمكافحين من أجل الحريّة أو أنهم يساعدونهم، إنما ينفخون الهواء في شبك، إن الكفاح والرفاهية، والثورة والدعة، والإقبال على الدنيا وطلب الآخرة، مقولتان لا تجتمعان أبداً! والذين سيتابعون معنا إلى آخر الطريق، هم فقط الذين تذوقوا ألم الفقر والحرمان والاستضعاف. إن الفقراء والمتدينين المعدمين، هم المسيّرون والحافظون الحقيقيون لثورتنا.

 إن علينا أن نبذل كل ما بوسعنا حتى نحفظ بكل صورة ممكنة الخط الأساسي للدفاع عن المستضعفين. إن المسؤولين عن نظام إيران الثورية يجب أن يعلموا أن جماعة ممن لا يعرفون الله، يبادرون من أجل الإطاحة بالثورة، إلى اتهام كل من يريد العمل لأجل الفقراء والمعوزين، والسير في طريق الإسلام والثورة، اتهامه بالشيوعية والأفكار الغربية الهدّامة. يجب ألاّ يخافوا من هذه التهم، ويجب أن يبقوا الله نصب أعينهم، وأن يصرفوا كل همهم وجهدهم لرضا الله ومساعدة الفقراء، ولا يخافوا أو يتأثروا بأي تهمة مهما كانت!.

 إن لأمريكا وللاستكبار في كافة الميادين أفراداً متسترين يعملون على الإطاحة بالثورة الإسلامية، في المراكز الدينية والجامعية، متظاهرين بقدسية رجال الدين، فهؤلاء الذين أشرت مرات ومرات إلى تضليلهم وخداعهم، يهدمون الإسلام ومفهوم الثورة من الداخل. إنهم باصطناعهم مظهر من يلازم الحق ومن يؤيد الدين والولاية، يتهمون الجميع بالبعد عن الدين. ويجب أن نعوذ بالله من شر هؤلاء! وكذا آخرون يهاجمون كل طالب وعالم دين، ويصفون إسلام هؤلاء بأنه إسلام أمريكي، فإنهم يسلكون طريقاً خطرة جداً، تؤدي ـ لا سمح الله ـ إلى الإطاحة بالإسلام المحمدي النقي الأصيل.

 إننا من أجل إحقاق حقوق الفقراء في المجتمعات الإنسانية، سندافع حتى آخر قطرة من دمائنا.

 إن العالم اليوم متعطش للثقافة الإسلامية المحمديّة الأصيلة، وإن المسلمين عبر تنظيمات إسلامية كبيرة، سيطيحون بزخارف القصور البيضاء والحمراء. إن الخميني قد فتح اليوم حضنه وصدره لسهام البلايا والحوادث الشديدة، وشرعهما أمام جميع مدافع الأعداء وصواريخهم، وهو كجميع عشاق الاستشهاد، يعد الأيام ليَحظى بالشهادة.

 إن حربنا حرب عقيدة، وهي لا تعرف ثغوراً ولا حدوداً، وعلينا في حربنا العقائدية أن نوجه التعبئة الكبرى لجنود الإسلام إلى العالم كله.

 إن الشعب الإيراني العظيم، بمساندته المادية والمعنوية للثورة، سيعوّض إن شاء الله جميع مرارات الحرب بحلاوة هزيمة أعداء الله في الدنيا كلها، وأي حلاوة أعذب من أن يكون شعب إيران العظيم مثل صاعقة انقضت على رأس أمريكا! أي حلاوة أعذب من أن شعب إيران قد شهد انهيار النظام الشاهنشاهي وأركانه وتنظيماته الظالمة، وأنهى وجود أمريكا في هذا الوطن؟ وأي حلاوة أعذب من أن شعبنا العظيم قد أيبس جذور التفرقة والقومية والتقليد، وسيتذوق إن شاء الله الحلاوة السرمدية الخالدة لكل ذلك في عالم الآخرة، لا أولئك الذين توصلوا إلى مقام الشهادة وتقديم الحياة والاشتراك في الجبهة فقط، بل كذلك أولئك الذين كانوا خلف الجبهة يقوونها بنظرياتهم الطافحة حباً وبأدعيتهم الخيّرة، فهؤلاء أيضاً قد نالوا نصيباً من مقام المجاهدين العظيم ومن أجرهم الكبير! ألا هنيئاً للمجاهدين، وطوبى لورثة الحسين عليه السلام!!.

 يجب أن يعلم أذناب أمريكا، أن الشهادة في سبيل الله، ليست مسألة يمكن تقويمها ووزنها بمقاييس "النصر" أو "الهزيمة" في ساحات القتال. إن مقام الشهادة في حد ذاته هو أوج العبودية والفناء في عالم المعنوية والروح، فلا يجب أن نهبط إلى درجة القول أن ثمن استشهاد أبناء الإسلام كان تحرير "خرمشهر" أو المدن الأخرى فقط!! إن هذه جميعاً أوهام باطلة لدعاة القوميات؛ أما نحن فنقول إنه مادام هناك وجود لشرك وكفر، فثمة وجود لكفاح، ومادام ثمة وجود لكفاح، فثمة وجود لنا!! نحن لا خلاف لنا مع أحد على مدينة أو دولة! نحن مصممون على أن نجعل راية "لا إله إلا الله" تخفق على القمم العليا للكرامة والسؤدد!.

 إذن، فيا أبنائي من الجيش والحرس ومتطوعي التعبئة، ويا أيتها القوى الجماهيرية، لا تعبروا قط عن خسارة موضع بالانـزعاج والتأثر، وعن الاستيلاء على مكان بالزهو والفرح، لأن هذه بإزاء هدفكم هي التفاهة والحقارة بمقدار الدنيا تافهة حقيرة بإزاء الآخرة! وليلعم الآباء والأمهات والأزواج والأقارب لشهدائنا وأسرانا ومفقودينا ومعوقينا أن ما ناله أبناؤهم لم ينقص منه شيء! إن أبناءكم بجوار النبي والأئمة الأطهار، لا فرق عندهم بين نصر وهزيمة.

 اليوم هو يوم هداية الأجيال القادمة! شدّوا أحزمتكم على قناعة بأن شيئاً ما لم يتغير. اليوم هكذا أراد الله، وأمس كان قد أراد شيئاً آخر، وغداً سيكون إن شاء الله يوم نصر جنود الحق. أما نحن فخاضعون لمشيئة الله كيفما تكن، وتابعون لأمره مهما يكن، ولذا نحن طلاب شهادة، ولهذا السبب وحده نرفض الذل والعبوديّة لغير الله.

 طبعاً نحن ملزمون، أداءً للتكليف الشرعي، أن نؤدي الأعمال والأمور المتعلقة بنا على أفضل وجه وبدراية ودقة. إن الجميع يعلمون أننا لم نكن البادئين بالحرب. ولقد دافعنا عن أنفسنا حفاظاً على وجود الإسلام في العالم فقط، والشعب الإيراني المظلوم هو الذي كان يتعرّض دائماً لهجمات ناهبي الشعوب، وكان الاستكبار يحمل علينا من جميع أوكاره السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية.

 إن ثورتنا الإسلامية قد فضحت حتى الآن أمام الشعوب وكر الشيطان وفخ الصيادين؛ وناهبو الشعوب والرأسماليون وأتباعهم يأملون منّا أن ننظر إلى كسر البراعم الطالعة وإلى وقوع المظلومين في آبار الجبروت دون أن نحذّر أو نحرك ساكناً، في حين أن أول واجباتنا وواجبات ثورتنا الإسلامية أن نجأر في كل أرجاء المعمورة أن: يا أيها الغارقون في سباتكم، ويا أيها الغافلون عن حقوقكم، استيقظوا وانظروا إلى ما حولكم، فإنكم قد اتخذتم لكم منازل في أوكار الذائب! قوموا فليس هذا مكاناً للنوم! وأن نصرخ بهم: انهضوا سريعاً، فالعالم ليس في أمان من الصياد. إن أمريكا وروسيا كامنتان لكم بالمرصاد، ولن تتركانكم قبل إبادتكم إبادة تامة! ألاّ لو كان جيش التعبئة الإسلامية العالمي قد شكّل وأعدّ، هل كان أحد يجرؤ على كل هذا التطاول وكل هذا السوء نحو الأبناء الروحيين لرسول الله(ص)؟!

 

تحذير إلى جيوش أمريكا وأوربا

 إن أحد المفاخر العظمى لشعبنا اليوم، انه وقف متصدياً لأكبر عرض للقوة وللأساطيل الحربية لأمريكا وأوربا في الخليج الفارسي؛ وأنا أحذر الجيوش الأمريكية والأوربية أن اخرجوا من الخليج الفارسي قبل فوات الأوان وقبل أن تغرقوا في مستنقع الموت، ولن يكون شيئاً دائماً أن تسقط طائراتنا المدنية بقذائف بوارجكم الحربية. إن من الممكن أن يبعث أبناء الثورة الإسلامية ببوارجكم الحربية إلى قعر مياه الخليج الفارسي!!

 وأقول لدول المنطقة وحكوماتها، وبخاصة حكومة الجزيرة العربية والكويت إنكم جميعاً ستكونون شركاء في الأحداث والجرائم التي تفتعلها أمريكا، ولئن كنا لم نقدم حتى الآن على عمل ما، منعاً لغرق المنطقة كلها في أتون من النار والدم والاضطراب الكامل، إلاّ أن حركات ريغان الجنونية ستفرض حتماً على الجميع حوادث غير متوقعة وعواقب خطيرة. تأكدوا أنكم في هذه الورقة الجديدة خاسرون. لا تُذلوا ولا تضعفوا أنفسكم ودولكم والمسلمين أمام أمريكا إلى هذه الدرجة! إذا كنتم بلا دين فكونوا أحراراً على الأقل.

 لقد تفتحت بحمد الله من بركة ثورة إيران الإسلامية أبواب النور والأمل أمام مسلمي العالم كلّهم، وهي تتابع تقدمها حتى تُنـزل الرعود والبروق، التي تولِّها أحداثها، أمطار الموت والإبادة على رؤوس المستكبرين جميعهم.

 إن الموضوع المهم الذي يجب أن ننتبه له جميعاً والذي يجب أن نجعله المبدأ والأساس لسياستنا مع الأجانب، هو: إلى متى وإلى أين يتحملنا أعداؤنا وناهبو الشعوب؟ وإلى أي حدود يقبلون باستقلالنا وحريتنا؟! لا شك أنهم لا يقبلون حداً دون عدولنا عن شخصيتنا وقيمنا المعنوية والإلهية كلها؛ إنهم كما يقول لنا القرآن الكريم {لا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم}. إن الصهاينة وأمريكا وروسيا ـ أردنا أو لم نرد ـ سيظلون يطاردوننا حتى يشوّهوا هويتنا الدينية وشرفنا الرسالي.

 إن بعض المغرضين ينعتوننا باعتماد سياسة تولد الكره لنا والحقد علينا في المحافل الدولية، ويشمتون بنا ويقولون بحرقة لا داعي لها وبانتقادات صبيانية: إن الجمهورية الإسلامية قد غدت سبباً للعداوات، وسقطت من أعين الغرب والشرق! فما أحسن أن يجاب عن هذا السؤال بالتساؤل: متى كان لشعوب العالم الثالث والمسلمين ـ وبخاصة للشعب الإيراني ـ احترام وكرامة عند الغربيين والشرقيين حتى تكون فقدتهما اليوم؟!

 أجل، إذا تخلى الشعب الإيراني عن جميع مبادئه وموازينه الإسلامية والثورية، وخرب بأيديه دار العزّة والكرامة للنبي والأئمة المعصومين عليهم السلام، عندئذٍ يمكن أن يعترف به رسمياً عالم ناهبي الشعوب، شعباً ضعيفاً فقيراً بلا حضارة، ولكن أيضاً ضمن حد أن يكونوا هم أسياداً ونكون نحن عبيداً، أن يكونوا هم قوّة عظمى ونكون نحن ضعافاً، أن يكونوا هم الأوصياء القيمين ونكون نحن المرتزقة الحراس لمصالحهم! لا إيران بهويّة إيرانية إسلامية، بل إيران تصدر أمريكا وروسيا هويتها، إيران تجر عربة السياسة الأمريكية أو الروسية! وان المصيبة الكبرى اليوم لأمريكا وروسيا، وللشرق والغرب، ليس أن إيران قد خرجت من وصايتهم، بل إنها تدعو الآخرين أيضاً إلى الخروج من سلطة الجبارين.

 إن الدعوة لمراقبة الأسلحة المدمرة وإلغائها من العالم لو كانت حقيقية وصادقة لكانت مطلب جميع الشعوب، ولكن هذه أيضاً خدعة قديمة، وهذا ما ظهر أخيراً بصورة صريحة من تصريحات مسؤولي أمريكا وروسيا وكتابات سياسييهم؛ فإن اللقاءات الأخيرة بين قادة الشرق والغرب إنما هي لترويض معظم العالم الثالث، بل في الحقيقة لمنع اتساع نفوذ الحفاة والمحرومين في عالم الرأسماليين ذي المالكيات غير المحدودة. علينا أن نعد أنفسنا للكفاح إلى أن نقوم بمواجهة جبهة الشرق والغرب المتحدة جبهة القوّة الإسلامية الإنسانية، حاملة اسم الإسلام والثورة وشعاراتها نفسها، وإلى أن يحتفل بسيادة المحرومين والحفاة في العالم وباستقلالهم.

 

قوى الشرق والغرب هي المظاهر الفارغة لدنيا المادة

 ثقوا إن قوى الشرق والغرب إنما هي تلك المظاهر الفارغة للدنيا المادية التي ليست شيئاً أمام عالم الخلود السرمدي لعالم القيم المعنوية. إنني أعلنها بصراحة أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لمسلمي العالم كلّه، ولا ترى أيضاً سبباً لأن تمتنع عن دعوة مسلمي الدنيا إلى تأييد مبدأ امتلاك السلطة في العالم، ولا أن تقف سداً أمام مطامع طلاب الجاه والحكم وطلاب الكثرة والاستزادة من أصحاب القوة والمال والخداع. علينا أن نخطط ونضع المناهج لأجل تحقيق أهداف الشعب الإيراني المحروم وتأمين مصالحه. علينا بكل وجودنا أن نبذل ما في وسعنا، من أجل التعاون مع شعوب العالم، وحل مشكلات المسلمين وقضاياهم، والدفاع عن المكافحين والجائعين والمحرومين؛ وان نعد هذا الهدف من مبادئ سياستنا الخارجية. إننا نعلن أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي إلى الأبد حامية المسلمين الأحرار في العالم وملجؤهم، وان دولة إيران بصفتها قلعة عسكرية منيعة، ستؤمن لجنود الإسلام احتياجاتهم وستعرفهم بالأسس الاعتقادية والتربوية للإسلام، وكذلك بمبادئ الكفاح وأساليبه ضد أنظمة الكفر والشرك.

 

رسالة الدم

 أما بشأن الموافقة على القرار الدولي التي كانت حقاً مسألة مرة للغاية وغير مستساغة للجميع، وبخاصة لي أنا، فإنني حتى أيام قليلة خلت، كنت أرى الالتزام بالنهج السابق نفسه في الدفاع وفي المواقف المعلنة في الحرب، وكنت أرى مصلحة الجيش والوطن والثورة في تنفيذها والعمل بها؛ ولكنني بسبب حوادث وعوامل امتنع الآن عن ذكرها ـ وستتضح في المستقبل بإذن الله ـ وأخذاً بآراء الخبراء السياسيين والعسكريين ذوي المستوى الرفيع في الوطن ممن أثق بالتزامهم وإخلاصهم وصدقهم، وافقت على القرار الدولي وعلى وقف النار، وأرى ذلك في المرحلة الحاضرة في مصلحة الثورة والجيش؛ والله يعلم انه لولا وجود الدافع الذي يقضي بأن تكون أنفسنا وعزتنا واحترامنا فداءً لمسيرة مصلحة الإسلام والمسلمين، لما كنت رضيت أبداً بهذا العمل، ولكان الموت والشهادة أطيب طعماً عندي! ولكن لا حيلة في اليد، ولابد من الرضوح جميعاً لما يرضاه الحق تعالى؛ ولا شك في أن شعب إيران البطل الباسل أيضاً كان وسيظل هكذا، وأنا هنا اشكر واقدر جميع أبنائي الأعزاء في جبهات النار والدم الذين ساهموا بنحو ما في الحرب منذ بدايتها حتى اليوم، وأدعو جميع الشعب الإيراني إلى اليقظة والصبر والصمود.

 من المحتمل في المستقبل أن يطرح بعض الأفراد بين الناس عن علم أو عن جهل سؤالاً من قبيل: ما كان ثمن الدماء والشهادات والتضحيات؟

 إن هؤلاء يجهلون دون شك عوالم الغيب وفلسفة الشهادة، ولا يعلمون أن من يذهب إلى الجهاد من أجل رضا الله وحده، مقدماً حياته على طبق الإخلاص والعبودية، لا تؤثر حوادث الزمان على خلوده وبقائه ورفيع مكانه، وأن علينا أن نطوي مراحل طويلة لندرك قيمة شهدائنا وطرقهم بصورة كاملة، وان نبحث عنها في عمر الزمان وفي تاريخ الثورات وفي الأجيال القادمة.

 لا شك أن دماء الشهداء قد ضمنت الثورة والإسلام، وأنها لقنت العالمين جميعاً إلى الأبد درس الصمود! الله يعلم أن طريق الشهادة لا تنتهي ولا تموت وستقتدي الشعوب والأجيال القادمة بالشهداء وتقتفي آثارهم، وستظل تربتهم الطاهرة إلى القيامة مزار العاشقين والعارفين والمتألهين، والدار التي يجد فيها الأحرار بلسم شفائهم!

 طوبى لأولئك الذين رحلوا شهداء! وطوبى لمن حلّقت أرواحهم في أحضانها!

 اللهم ابق كتاب الشهادة مفتوحاً إلى الأبد في وجوه المشتاقين، ولا تحرمنا أيضاً من الوصول إليه.

 اللهم إن وطننا وشعبنا ما يزالان في بداية طريق النضال وفي حاجة إلى مشعل الشهادة فاحفظ يا رب هذا المشعل الوضاء.

 هنيئاً لكم يا أبناء هذا الشعب! هنيئاً لكنّ أيتها النساء، ولكم أيها الرجال! هنيئاً لمقدمي أرواحهم وللأسرى والمفقودين وأسر الشهداء الكريمة! وتعساً لي أنا الذي ما أزال حياً، ومن تجرعت ـ حتى الثمالة ـ كأس قبول القرار الدولي المسموم، وإذ أحس بالخجل أمام عظمة هذا الشعب الكبير وتضحياته.

تعساً لمن لم يكونوا في هذه القافلة! وتعساً لأولئك الذين عبروا بجوار هذه المعركة الكبرى من الصراع والشهادة والامتحان الإلهي العظيم، وظلوا حتى الآن صامتين غير مبالين أو انتقدوها وهاجموها!

 أجل، أمس كان يوم امتحان إلهي مضيء، وغداً امتحان آخر يأتي، وأمامنا كلنا يوم محاسبة أكبر أيضاً نواجه.

 ليتأكد الذين تهربوا خلال سنوات الجهاد والحرب الماضية بذرائع مختلفة من أداء هذا الواجب الكبير، وأبعدوا أنفسهم وأموالهم وأولادهم والآخرين عن نار الأحداث، إنهم تهربوا من المتاجرة مع الله، وأنهم لحقتهم خسائر وأضرار كبيرة سيعرفون حسرتها في اليوم الآخر وفي محاسبة الحق.

 إنني أكرر تنبيه الناس والمسؤولين ان يفرقوا بين هذا النوع من الأفراد وبين المجاهدين في سبيل الله! لا تمكنوا هؤلاء العديمي الخبرة اليوم، والقاعدين القصيري النظر بالأمس من العودة إلى المسرح. وسواءً كنت أنا أو لم أكن بينكم، فإنني أوصيكم جميعاً أن لا تدعوا الثورة تسقط بأيدي الغرباء عنها والذين لا يستحقونها، ولا تدعوا الذين سبقوا إلى اكتساء ثوب الشهادة والدم، أن يطرحوا عبر التواءات حياتهم اليومية في زوايا النسيان!

 وأوصي أبناء الشعب الإيراني العزيز بإلحاح أن كونوا متنبهين يقظين! إن قبول الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالقرار الدولي ليس معناه حل مسألة الحرب. إننا بإعلاننا هذا القرار ننتزع حربة دعايات ناهبي الشعوب ضدنا، ولكن لا يمكن التنبّؤ بصورة قاطعة بما ستكون عليه الأحداث، والعدو لم يكفّ بعد عن شروره، واحتمال افتعاله الذرائع ليستمر في حملاته العدوانية كبير. إن علينا أن نكون مهيّئين ومستعدين لرد عدوانه المحتمل، ويجب في الوقت الحاضر أن لا يعد شعبنا المسألة منتهية.

 طبعاً نحن نعلن رسمياً أن هدفنا ليس تكتيكاً جديداً في إدامة الحرب، فكم يريد الأعداء بذرائع مثل هذه أن يتابعوا هجماتهم. يجب أن لا تغفل قوانا العسكرية أبداً عن كيد الأعداء ومكرهم! إن البنية الدفاعية لوطننا، في جميع الأحوال والأوضاع والظروف يجب أن تكون على أفضل حال، وأبناء شعبنا الذين لمسوا خلال سنوات الحرب والجهاد الطويلة أبعاد ما لدى أعدائهم وأعداء الله من حقد ووحشية وعداوة، يجب أن ينظروا بجدية أكثر إلى خطر هجمات ناهبي الشعب بأساليبها وأشكالها المختلفة؛ وليستمر في الوقت الحاضر جميعُ العسكريين من جنود وحرس وأفراد تعبئة في مأموريتهم في الجبهات كما في السابق لمواجهة شيطنة الاستكبار والعراق؛ فإذا اجتزنا هذه المرحلة من قصة الثورة وفقاً للصورة والمقررات الخاصة بنا، فان لي للمرحلة التي تليها ولبناء الوطن وسياسة النظام والثورة ملاحظات ولفتات نظر سأقولها في الوقت المناسب.

 أما الآن فإنني أطلب بجدية تامة من جميع الخطباء والعاملين في مرافق الدولة ومسؤوليها، ومديري وسائل الإعلام والمطبوعات أن يتجنبوا النـزاعات ومسبباتها وليحذروا من أن يصبحوا من حيث لا يدرون أدوات للأفكار والدعوات المتطرفة، وان يترصدوا، يساند بعضهم بعضاً بصدر واسع، أوضاع الأعداء وتحركاتهم ومن المحتمل في هذه الأيام، أن يتحدّث أفراد كثيرون انطلاقاً من أحاسيسهم وعواطفهم، عن أنواع من الـ "لماذا" والـ "يجب" و"لا يجب". وهذا في حدّ ذاته شيء قيم وحسن جداً. ولكن الوقت الآن ليس وقت أمثال هذه الأقوال!

 كذلك سيطرح أولئك الذين كانوا حتى الأمس يقيمون جبهة في وجه هذا النظام، والذين كانوا من أجل إسقاطه وإسقاط حكومة جمهورية إيران الإسلامية فقط، ينادون بالصلح وطلب الصلح، سيطرحون اليوم أيضاً لأجل الهدف نفسه أقوال خادعة أخرى؛ كما أن أجراء الاستكبار، هؤلاء الذين كانوا حتى الأمس تحت قناع الصلح الكاذب، قد طعنوا من الخلف قلب الأمة، هؤلاء سيغدون اليوم من أنصار الحرب. ومثل أولئك وهؤلاء سيشرع دعاة القومية العديمي الثقافة من أجل هدر دم الشهداء الأعزاء والإطاحة بعزة المواطنين ومفاخرهم، ببث دعاياتهم المسمومة .. إلا أن شعبنا العزيز ببصيرته ووعيه، سيلقم كل هذه الفتن حجراً ويفشلها.

 إنني أقول مرة أخرى، أن قبول هذا القرار، هو لي أكثر قتلاً من السم، ولكنني راضٍ برضاء الله، ومن أجل رضاه شربت هذه الجرعة. أما الأمر الذي يجدر ذكره بشأن الموافقة على القرار الدولي فهو أن مسؤولي الوطن، هم الذين اتخذوا قرار الموافقة بأنفسهم، ولم يكن لأحد أو لدولة دور في هذا الأمر.

 

لن نهادن الكفر

 يا شعب إيران العزيز الشريف! إنني أعدُّكم واحداً واحداً كأبنائي، وأنتم تعلمون أني أمحضركم الحب كله. إنني اعرفكم وانتم أيضاً تعرفونني! إن ما اوجب الأمر في الأوضاع الحالية، كان تكليفي الشرعي الإلهي. انتم تعلمون أنني كنت قد عقدت معكم عهداً على أن أحارب حتى آخر قطرة دم وحتى آخر نفس. أما قراري فهو نابع فقط من تشخيص المصلحة! وإنني رجاءً لرحمة الله وبرضاه، تجاوزت كل ما كنتُ قلته، وإذا كانت لي كرامة فقد ساومت عليها الله.

 يا أعزائي، انتم تعلمون أنني قد سعيت في أن لا أجعل راحتي مقدمة على رضا الله وعلى راحتكم. يا رب أنت تعلم أننا لا نعتزم مساومة الكفر والانسجام معه! يا رب أنت تعلم أن الاستكبار وأمريكا ناهبة العالم قد مزقوا زهور حديقة رسالتك! يا رب إننا في عالم الظلم والجور واللاعدل إنما نعتمد عليك أنت، ونحن وحيدون منفردون لا نعرف غيرك ولم نرد أن نعرف غيرك، أعنّا فإنك خير المعينين! يا رب، عوّض لنا مرارة هذه الأيام بحلاوة فرج بقية الله ـ أرواحنا لتراب مقدمة الفداء ـ والوصول إليك.

 يا أبنائي الثوريين! .. يا من تأبون أن تتخلوا لحظةً واحدة عن عزتكم المقدسة، اعلموا ان عمري ينقضي لحظة لحظة في طريق العشق المقدس لخدمتكم!

 أعلم أن الأمر شديد عليكم، ولكن أليس شديداً على أبيكم الشيخ؟!

 اعلمُ أن الشهادة أحلى من العسل عندكم، ولكن أليست هي كذلك أيضاً عند خادمكم هذا!

 ولكن تحملوا فان الله مع الصابرين، احفظوا حنقكم وغيظكم الثوري في صدوركم، انظروا بعين الغضب والنقمة إلى أعدائكم، واعلموا أن النصر لكم!

 وأؤكد لكم أنني لست بعيداً عن مسار أمور الحرب ومسؤوليها. إنني أثق بالمسؤولين، فلا تشتموا بهم بسبب القرار الذي اتخذوه، فقد كان مثل هذا الاقتراح صعباً ومرّاً عليهم أيضاً. أسأل الله أن يوفقنا جميعاً لخدمته ورضاه.

 إنني هنا أوصي شبان وطننا الأعزاء ـ، هذه الثروات والذخائر الإلهية العظيمة، هذه الورود المعطرة الحديثة التفتح في عالم الإسلام ـ أن اعرفوا قيمة اللحظات العذبة في حياتكم، وأعدوا أنفسكم لمعركة علمية وعملية كبرى، إلى أن تبلغوا الأهداف السامية للثورة الإسلامية.

 وأوصي جميع المسؤولين والمساهمين في تسيير الأعمال أن وفّروا للشبان بكل شكل ممكن أسباب رقيهم الأخلاقي والإيماني والعلمي والفني، وساعدوهم على الوصول إلى أفضل القيم والإبداعات، وإلى إبقاء روح الاستقلال والاكتفاء الذاتي حية فيهم.

 حذار أن يحقّر الأساتذة والمعلمون الذين سافروا إلى العالم الذي يسمونه المتحضر وخالطوه، حذار أن يحقروا أو يعيّروا شباننا المتحررين حديثاً من الأسر والاستعمار، أو أن ينحتوا من تقدم الأجانب وإمكانات تطورهم صنماً ويزرعوا في ضمائر الشبان روح التبعية والتقليد والاستجداء! وبدلاً أن يقال: إلى أين وصل الآخرون وأين نحن، لينتبهوا إلى هويتهم الإنسانية، وليحفظوا روح القدرة والاستقلال حية في نفوسهم!

 لقد استطعنا في ظروف الحرب والتضييق، أن نحقق كل تلك الإبداعات والاختراعات والانجازات؛ وسنوفر في الظروف الأفضل إن شاء الله، القاعدة المناسبة لتنمية الاستعدادات والقدرات في جميع المجالات.

 

إن الجهاد العلمي للشبان هو إحياء روح البحث وكشف الواقعيات والحقائق! أما جهادهم العملي فقد تجسد في أسمى ميادين الحياة والجهاد والاستشهاد.

 

وجوب تهيؤ علماء الدين لمزيد من الفداء

 ثمة نقطة أخرى أقولها للشبان انطلاقاً من وفير حبي لهم هي أن استفيدوا من مسيرة القيم والمعنويات من وجود علماء الإسلام الملتزمين، ولا تعدوا أنفسكم أبداً ـ وفي أية ظروف ـ في غنى عن هدايتهم ومعاونتهم. إن العلماء المجاهدين لملتزمين بالإسلام، دائماً ـ عبر التاريخ الطويل، وفي أقسى الظروف، وبقلوب مليئة بالأمل وطافحة بالحب ـ لتعليم الأجيال وتربيتها وهدايتها، وكانوا دائماً رواد الجماهير ودرعها الذي يدفع عنها البلاء! لقد رُفعوا على المشانق، وتذوقوا صنوف الحرمان، وأدخلوا السجون، وعانوا الأسر والنفي، وفوق هذا كله جُعلوا هدفاً للتهم والمطاعن، وفي الظروف التي كان الكثير من المفكرين والمثقفين خلال مكافحة الطاغوت قد وصلوا فيها إلى اليأس، أرجع علماء الدين إلى الناس روح الأمل ودافعوا عن كرامة الجماهير ومعنوياتها. والآن أيضاً ها هم سواء في خطوط الجبهة الأولى أو في مواضع أخرى من جبهات النضال، بجوار المواطنين وقد قدموا في كل حادثة مفجعة شهداء كباراً منهم. إننا لا نعرف دولة أو ثورة، غير ثورة البعثة والرسالة المحمدية، وحياة الأئمة الأطهار عليهم السلام، والثورة الإسلامية الإيرانية، تعرض قادتها لهذا القدر من الحملات والأحقاد، وما كان ذلك إلا بسبب الصدق والإخلاص والأمانة المتبلورة في وجود العلماء الملتزمين بالإسلام.

 إن تحمل المسؤولية في دولة تواجه أنواعاً من الحصار ومن المشكلات الاقتصادية والسياسية والعسكرية لأمر عسير! طبعاً إن على علماء الدين في وطننا أن يعدوا أنفسهم لتضحيات أكبر وان يستخدموا في مواقع الحاجة والضرورة كرامتهم واحترامهم لحفظ كرامة الإسلام وخدمة المحرومين والحفاة! وإنه يستوجب الشكر والامتنان أن شعب إيران الناضج الباسل يعرف قدر خادميه الحقيقيين، ويلخّص فلسفة حبه وإخلاصه لهذا القطاع المقدس بكلمة واحدة: إن علماء الإسلام الملتزمين، لم يخونوا قط ولن يخونوا أبداً شعار الأمة وأصالتها وعقيدتها وهدفها الإسلامي!

 طبعاً لابد هنا من لفت النظر إلى أنني في كتاباتي وأحاديثي كلما ذكرت علماء الدين وعبرت عن تقديري لهم، إنما كنت اقصد العلماء الصادقين الملتزمين المجاهدين؛ ففي كل طبقة يوجد أشخاص غير صادقين وغير ملتزمين، وان رجال الجدين العملاء هم أكثر ضرراً من كل فرد خبيث آخر، ولقد كان هذا الفريق منهم دائماً مورد لعن من الله ورسوله والناس. إن الضربات الكبرى التي نـزلت بهذه الثورة، أنـزلها وما يزال ينـزلها بها الروحانيون العملاء المتظاهرون بالقداسة المتاجرون بالدين؛ وقد كان علماؤنا الحقيقيون الملتزمون ينفرون دائماً من هؤلاء ويهربون منهم.

 إنني أقول بصراحة لو كان دعاة القومية هم الذين يتولون الأمر لكانوا ـ في المشكلات والمصاعب والضائقات ـ سرعان ما مدوا يد الذلة والمسالمة للأعداء، ولكانوا حطموا من أجل خلاصهم من ضغوط السياسة اليومية كل آنية الصبر والدفاع، وركلوا بأقدامهم كل مواثيقهم وتعهداتهم القومية والوطنية التي يدعون.

 ألا لا يتوهَمَنَّ أحد أننا لا نعرف طريق الانسجام والتوافق مع ناهبي الشعوب، ولكن هيهات أن يخون خدام الإسلام أمتهم.. طبعاً نحن متأكدون في هذه الأوضاع أيضاً أن ذوي الحقد الدفين على الروحانية الأصيلة الحقيقة، والذين لا يستطيعون كتمان عُقدهم وحسدهم، سيتناولون علماء الدين الحقيقيين بالطعن والثلب والتشويه، إلا أن ما ليس في قدر علماء الدين الحقيقيين هو المساومة والتوافق والتسليم أمام الكفر والشرك!

 فلو فصلوا عظامنا مفصلاً مفصلاً، ولو رفعوا رؤوسنا فوق أعواد المشانق، ولو أحرقونا أحياءً في شُعل النيران، ولو سبّوا وسلبوا نساءنا ووجودنا أمام أعيننا، لن نوقع أبداً وثيقة الأمان والتسليم للكفر والشرك.

 إن علماء الدين عارفون إن شاء الله بجميع أبعاد مسؤوليتهم وجوانبها؛ ولكنني من باب التذكير والتأكيد أقول إن كثير من الشبان والمفكرين يحسون أنهم في جو الحرية، السائد في وطننا الإسلامي، يستطيعون أن يعبروا عن أفكارهم في الموضوعات والمسائل الإسلامية المختلفة؛ فعليكم أن تستمعوا إلى أقوالهم بانفتاح وصدر رحب؛ وإذا كانوا في مسيرتهم على ضلالة، فبالبيان المفعم بالمحبة والصداقة أهدوهم الصراط الإسلامي المستقيم. ويجب أن تنتبهوا إلى أن من غير الجائز تجاهل عواطفهم وأحاسيسهم المعنوية والعرفانية، والتسرع بإلصاق تهم التقليد والانحراف بكتاباتهم، وإلقاءهم دفعة واحدة في وادي الحيرة والشك. لا شك أن هؤلاء الذين يطرحون اليوم هذه المسائل، تخفق قلوبهم للإسلام ولهداية المسلمين، وإلا فلا موجب عندهم بطرحها لخلق المتاعب لأنفسهم. أن هؤلاء يؤمنون أن مواقف الإسلام في الأمور المتنوعة هي كما يظنونها هم؛ إذن فبدلاً من مهاجمتهم وطردهم، واجهوهم بأبوّة وألفة. وحتى إذا لم يقبلوا أقوالكم فلا تيأسوا، وإلاّ سيقعون ـ لا سمح الله ـ في شرك العلمانيين ودعاة القومية، أو اليسار والمنافقين؛ ووزر ذلك ليس اقل من وزر الأفكار التقليدية.

 إننا نستطيع أن نثق بالمستقبل ونؤمل بصانعي المستقبل عندما نجعل لهؤلاء قيمة في الموضوعات المختلفة ونتجاوز عن هفواتهم وأخطائهم الصغيرة، ونحيط بجميع الأساليب والمبادئ التي تنتهي إلى تعليمهم وتربيتهم بصورة صحيحة. إن ثقافة الجامعات والمراكز العلمية غير الدينية قد اعتادت في سبر الأمور على التجارب والحس الواقعي أكثر منها على الثقافة النظرية والفلسفية. يجب ـ بالتوفيق بين هاتين الثقافتين واختصار الفواصل بينهما ـ أن تذوب الحوزة الدينية والجامعة إحداهما في الأخرى، حتى يزداد الميدان اتساعاً لنشر معارف الإسلام وبسطها.

 

لا شيء أسوأ من حب علماء الدين للدنيا

 الأمر الآخر الذي أريد قوله أنني أرى القيمة العملية لعلماء الدين وزهدهم هما سبب معظم نجاحهم ونفوذهم في المجتمعات الإسلامية. واليوم أيضاً يجب، ليس فقط أن لا تهمل هذه القيمة، بل ممارستها أكثر من السابق. لا شيء أقبح من ميل عالم الدين إلى الدنيا، ولا عامل يلوّث ويسيء أكثر من تعلق عالم الدين بالدنيا! وكم من أصدقاء جهلة أو أعداء خبيرين، يريدون باصطناع الحب، أن يحرفوا نهجهم الزهدي، كما أن فريقاً أيضاً يتهمهم ـ عن جهل أو عن غرض ـ بتأييد الرأسمالية والرأسماليين.

 

وفي هذه الظروف الحساسة والمصيرية التي يتولى فيها علماء الدين مقاليد أمور الوطن ومصادرها والتي يحتمل فيها خطر استغلال الآخرين لمقام علماء الدين، يجب أن يتنبهوا بشدة إلى تحركاتهم، إذ كم من أفراد في المؤسسات والمؤتمرات والتنظيمات السياسية وغيرها، بمظاهر إسلامية مئة بالمئة، يريدون أن يسيئوا إلى معنوياتهم واحترامهم، بل وعلاوة على تأمين منافعهم يدفعون علماء الدين ليجابه احدهم الآخر.

 طبعاً إن ما يجب أن لا يتوقف عنه علماء الدين أبداً، وما يجب أن لا يتخلوا عن ميدانه لحظة واحدة، تحت تأثير دعايات الآخرين، هو حماية المحرومين والحفاة، لأن من يتخلى عن ذلك فإنما يتخلى عن عدالة الإسلام الاجتماعية.

 علينا في كل الظروف والأوضاع أن نعد أنفسنا، نحن المتولين لهذه المسؤولية الكبرى، وإذا قصّرنا في تحقيقها، فإننا نخون الإسلام والمسلمين.

 وختاماً أحمد الله تعالى وأشكره على ألطافه غير المحدودة التي أغدقها على هذه الأمة، واطلب بخشوع وتذلل من بقية الله أرواحنا فداه، أن يعيننا ويرشدنا في مسيرتنا وفي هدفنا!

 أسأل الله أن يلهم اسر الشهداء الصبر والأجر، ويتفضل على الجرحى والمعاقين بالشفاء، ويرجع الأسرى والمفقودين إلى أوطانهم!!

 اللّهم إنا نسألك أن تقدّر لنا ما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين، إنك قريب مجيب!

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 الخامس من ذي الحجة الحرام 1408هـ

 روح الله الموسوي الخميني