حاوره: حبيب باقر

 

الحديث حول العظماء حديث متعب إن سعى الإنسان لأن يوفي حق المتحدث عنه، إلا أنه يكون أَتعَب إن كان الحديث عن شخصية كالإمام الخميني الراحل (رضوان الله عليه)، حيث شكل الإنسان الذي لا يسمح لك أن تغفله، وقد كان لشبكة الغدير الإسلامية حوارها الخاص مع سماحة الشيخ حسين معتوق من دولة الكويت الشقيقة حول شخصيته (رضوان الله عليه).

 

الغدير: إن الحديث عن شخصية عظيمة مثل شخصية الإمام الخميني (رضوان الله عليه) يطول بنا مقامة لما حوته هذه الشخصية من جوانب عديدة في مناحي مختلفة ولما تميز به هذا العملاق من روحانية ساقية وذوبان في الله عز وجل ولنبدأ بالجانب الإنساني عند السيد الإمام إذا يذكر أن احد كبار علمائنا اليوم وهو الشيخ جوادي الآملي قال في السيد الإمام إنه يدعي معرفة الإمام فإنه يدعي المعرفة لنفسه أو ربما معناه أن هذه الشخصية لما وصلت إليه سمو معنوي وإمعان في الخشية من الله صعب على الكثير من معرفة كنهها فلماذا برأيكم وما هي الأسباب التي أدت إلى وصول شخصية السيد الإمام لهذا المستوى؟

 

معتوق : الإمام الراحل (رضوان الله عليه) هو هذا الإنسان الذي استطاع أن يصل إلى الله سبحانه وتعالى من خلال مسيرته في معرفة الإسلام ومن خلال ارتباطه الروحي والأخلاقي والإيماني، واذكر قبل كل شيء نقل ينقله أحد زملاء الإمام المرحوم آية الله السيد مصطفى الخونساري (رضوان الله عليه) الذي كان من زملاء الإمام في مقتبل عمر الإمام يقول عندما كنا نسكن في أيام الشباب في المدرسة الفيضية كان حوض المدرسة في أيام الشتاء يتجمد ماؤه وكان السيد الإمام (رضوان الله عليه) يخرج في منتصف الليل ويشتغل بتكسير الثلج ليصلي صلاة الليل، وهذا مما ينقل من سيرة الإمام في مقتبل بداية عمره وأيام شبابه في نهاية عمر الإمام وبعد رحيله (رضوان الله عليه) كنا نذهب لزيارة حسينية جماران فوجدنا احد حراس الإمام عند سيرة الإمام فأجهش بالبكاء ثم نقل لن أنه ذات يوم كان واقفا على الباب فنزل الإمام لحراسته وكان يصلي صلاة الليل وصوت بكاؤه يسمع خارج البيت وذلك لصغر بيت الإمام وكون أبوابه الزجاجية ويستمر فيقول وهكذا يستمر حال الإمام إلى الصباح وفي الصباح لم يكن الإمام يعلم بوجودي، طرقت الباب وسالت الإمام أن كان يريدني أن أقوم بشيء فقال لي أنت شاب في مقتبل عمرك فاغتنم عمرك في طاعة الله، وكذلك نقرا في حياة الإمام الراحل (رضوان الله عليه) انه في زمان كبره وشيخوخته ورغم انشغاله كان يقرا في اليوم ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم، لماذا نحن نمل من قراءة القرآن الكريم وهو على كبر سنه ومعاناته نجد لديه هذا الاهتمام الشديد بقراءة القرآن وهو في المستشفى، هذا الاهتمام بإقامة الصلاة وهو على فراش المرض لأنه الإنسان الذي لديه عشق وارتباط أن يتغلب على مشاكله الجدية عندما يتمكن من هذا العشق، الإمام استطاع في مسيرة عمره وحياته أن يكون عشقا رائعا فيما بينه وبين الله، استطاع أن يعرف الله ويرتبط بالله حق الارتباط، فارتباط الإمام بالله سبحانه وتعالى سمة يتميز بها الإمام، وهناك الكثير من الشخصيات والكثير من العلماء لديهم علاقة مع الله ويتميزون بها ولكن لهذا الأمر مراتب متفاوتة، في هذا العصر كان الإمام الراحل ابرز احد هؤلاء الذين عندهم علاقة استثنائية وعلاقة مميزة مع الله سبحانه وتعالى، علاقة الإمام بأهل البيت كذلك وعشق الإمام لأهل البيت (ع) نجد ان المقربين منا الإمام أن الإمام إذا استمع إلى عزاء الإمام الحسين (ع) يجهش بالبكاء حتى يضطر الخطيب إلى إنهاء التعزية بسرعة رأفة بالإمام الراحل (رضوان الله عليه)، في مسيرته كان لديه الارتباط العظيم برسول الله وأئمة أهل البيت (ع)، وكان لهذه العلاقة مع الله ولهذه العلاقة مع الأئمة المعصومين تأثير كبير على شخصية الإمام الراحل (رضوان الله عليه)، فبالفعل استطاع الإمام أن يتأثر بأهل البيت (ع) في مشاعرهم وينقل المقربين من الإمام انه حينما كان يتحدث عن كربلاء لم يكن يتحدث فيها بصفته انه قرأ عن كربلاء أو تأثر بكربلاء بل كان رجل جاء من كربلاء في إحساسه وعشقه وارتباطه، وبالفعل أنا أستطيع أن اشخص شخصية الإمام بكلمة لإحدى المؤمنات يوم رحيله تقول نحن عندما فقدنا الإمام الراحل تألمنا بألمين، الأول فقداننا للإمام الراحل، والثاني ألم فقد السيدة زينب الكبرى لأخيها الإمام الحسين، لأننا من خلال الإمام ارتبطنا بأهل البيت(ع)، واستطاع الإمام بشخصيته الاستثنائية أن يكوِن لدى محبيه ارتباطا استثنائيا بأهل البيت(ع)، لكونه الشخصية التي غلبت أخلاق هؤلاء وفكر هؤلاء ومشاعرهم، فالإمام استطاع أن يكون هذا الإنسان من خلال علاقته مع الله من خلال حياته اليومية ومن خلال سلوكه الأخلاقي.

 

الغدير: ذكرتم أن كثير علمائنا وصلوا إلى مراتب عالية من الارتباط بالله فما هو أبرز ما ميز مدرسة السيد الإمام العرفانية عن غيره؟

 

معتوق: نستطيع أن نقول إن الإمام يتبع نفس المدرسة، فانا اعتقد أن العرفاء الحقيقيين ينتمون إلى نفس المدرسة، وهدا ما يؤكده الإمام في كتبه حيث يُفرق بين العرفان الاصطلاحي والعرفان الواقعي، وبين الأساليب التي تقع تحت عنوان العرفان وبشعار العرفان وتضخم الأنا عند الإنسان بدلا من أن يتقرب الإنسان إلى الله، ومفهوم العرفان قبل الإمام الراحل كان لدي البعض - ليس لدى العرفاء – هو التركيز على الفرد وإهمال المجتمع، بحيث يكون العارف شخصية مبتعدة عن المجتمع لا علاقة لها بالدين وقضايا الأمة، شخصية تركز على الذات وتهمل المجتمع، وتولد تصوران بحيث أن هناك تنافس بين إصلاح المجتمع وتغيير المجتمع وبين معرفة الله والوصول إليه ؛ الإمام الراحل (رضوان الله عليه) كان يعتقد أن هذا العرفان هو عرفان مغاوط، لأنه في نظر الإمام (رضوان الله عليه) لا يمكن أن نضع طريقا إلى الله يكون بديلا عن الشريعة الإلهية، والشريعة الإلهية هي السبيل الوحيد للوصول إلى الله، والشريعة التي نقراها في القرآن وتاريخ الأنبياء وهي قائمة على إصلاح المجتمع وإصلاح الفرد فلا يمكن أن يكون الابتعاد عن الشريعة الإسلامية سبيلا في الوصول إلى الله، أحيانا بعض الطرق تبنى على التصنع وليس قائمة على أساس معرفة حقيقية لله تبارك وتعالى، الإمام كان يرى إن الالتزام بالإسلام هو طريق العرفان،وهذه الشريعة الإسلامية لها جانبان : ظاهر الشريعة ومضمون ومحتوى الشريعة، فعندما يُفرغ هدا الظاهر من مضمونه العميق تصبح الشريعة بلا محتوى أو قيمة، وفي الكثير من الأحيان نجد إن الشريعة يركز فيها على الجانب الشكلي فقط ويهمل الجانب المعنوي للشريعة فتجد كثير من المؤمنين يهتم بكيفية الوضوء إلى حد الوسواس ولكن عندما يكبر تكبيرة الإحرام يشغل بكيفية أداء الصلاة وآخر ما يأتي في ذهنه هو الله، فالصلاة التي لا يمتلأ فيها القلب من الارتباط بالله هي ليست صلاة حقيقية، صحيح قد توجب سقوط التكليف ولا تستوجب إعادة العمل ولكن الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر هي الصلاة التي تتحقق بشكلها وبمضمونها فبالتالي فالعنصر الأول الذي يركز عليه الإمام في مدرسته هو التأكيد على شكل الشريفة ومضمونها، الأمر الأخر هو أن البعض يتخذ موقف سلبي من بعض الصفات الإنسانية مثل: الشهوة والغضب والكثير من الصفات الإنسانية بمعنى إن تكبت أو تعالج بشكل لا يتناسب مع طبيعة تكوين الإنسان،نجد الإنسان يحترم جميع القوى الموجودة عند الإنسان ويرى إن المهم هو تنظيم القوى بشكل وهذا الجانب هو من الجوانب التي ركز الإمام عليها في الكثير من كتبه وبشكل خاص في كتابه جنود العقل والجهل الذي شرح فيه أن جميع القوى يمكن توظيفها في الإنسان صحيح لتصبح منطلق في الوصول إلى الله، الأمر الثالث هو أن الإمام يطرح أن مشروع بناء النفس على انه مشروع واقعي يتناسب مع طبيعة الإنسان، فمثلا إذا أراد الإنسان الوصول إلى الله لأنه يفكر بالمستحيل، الإمام كان يؤكد أن الإنسان بسلوكه الطبيعي من خلال مراعاة الشريعة راعى التعاليم الالهية بشكل سهل يمكن ان يصل الى الله تبارك وتعالى، اذا ادى صلاته فهذا المقدار العادي من الخشوع اذا استمر عليه يمكن ان يصل الى الله، وبتعبير اخر ان الانسان اذا ترك المحرمات وادى الواجبات وواصل بشكل هادئ من المهم ان يتدرج في الوصول الى الله وان يتعرف بالكيفية التي تتناسب مع فهمه ووعيه وشعوره، وبالتالي عليه ان يصل الى الله، والوصول الى الله ليست عملية معقدة، وبالتالي لا يمكن أن تحصل إلا للأوصيين من الناس، لا. . . الله فتح هذا الباب لكل الناس فالفرصة متاحة لكل شخص بالرجوع الى الله، والله ما اراد في الدنيا ان يخلف العناء للناس، ويمكن للناس الوصول الى الله بطريقة سهلة وممكنة، الامر الخير، الامام لم يرى العرفان فقط من خلال المسجد كما كان يرى البعض ان العرفان مجموعة من طقوس عبادية الاهتمام بها والاعتماد عليها والانزواء عن المجتمع، الامام كان يرى ان الحياة كلها محل لبناء النفس،الانسان بسلوكه الطيب مع الناس وفي اسرته، وفي اصدقائه، وفي الشارع يتكامل معنويا وبموقفه السياسي الايجابي الذي يكون بدافع ألا هي يصل الى الله تبارك وتعالى وان كانت العبادة هي الزاد التي ينطق بها الإنسان وآلا يضيع شيء على حساب شيء فلا العمل الاجتماعي على حساب الصلاة ولا العكس.

 

الغدير: ما هي المعايير التي وضعها الامام عند اتخاذ القرار السياسي؟ وما هي اهدافه من وراء هذه الدولة؟

 

معتوق: نبدأ من حيث انتهينا، اذ ينقل نجل الامام السيد احمد الخميني (رضوان الله عليه) يقول عندما كنا نذهب الى الامام ونتحدث معه عن المشاكل التي توجد في البلاد أو القضايا السياسية الكبرى يبدأ الامام الحديث عن الله عز وجل وكان لا توجد مشكلة ويا حديث عن الله وأخذه الى ان ينتهي الامر بالحديث عن الحل، الامام الراحل (رضوان الله عليه) كان يرى بان اهداف السلام لا يمكن ان تتحقق بدون الدولة الإسلامية وبالتالي كان يرى الامام ان الدولة الإسلامية هي الفلسفة العملية الاحكام الإسلام وهي الطريقة لتحقيق اهداف الإسلام فالدولة هي الوسيلة لتحقيق اهداف الإسلام والأمر الاخر ان الامام يرى بان احكام الإسلام بطبيعتها تفرض السياسة والأمر الآخر أن الامام كان مقتنع بعظمة الإسلام وان الإسلام فيه كل مقومات التعبير.

 

وان الإسلام لا يحتاج الى اطروحات من الخارج فكان الامام يؤكد على اصالة الفكر الإسلامي من ناحية والتصدي للفكر الالتقاطي من ناحية كما ان الامام كان يتصدى للفكر المتحجر ايضا، ويرى ان الإسلام في كل ما يحتاجه وبالتالي كان من الناحية الفكرية غير تابع الى أي جهة، وبالتالي كان شعار الامام حتى في الحال التناظري لهذه الدولة قائم على اساس مبدأ لا شرقيه ولا غربية، الامر الثاني كان دور الشعوب اذ كان يرى بأنه لا يمكن ان نقيم الإسلام بدون ان نستوعب الشعب الإسلام وان يدافع الشعب عن الإسلام، وكان يؤمن بدور الشعوب وضرورة المشاركة الفاعلة للشعوب ووعي الشعوب حيث كان الإمام يراهن الشعب هو الذي يحافظ على هذه الدولة وانه إذا تراجع وضع الشعب سيتراجع الوضع في الدولة وبالعكس فالإمام كان يؤمن بدور الشعب وبدور الأئمة بالدرجة الأولى فالإسلام أولا والشعب ثانيا والأمر الأخر الذي كان يؤمن في الإمام (رضوان الله عليه) هو مبدأ الحاجة إلى القيادة الواعية التي تستوعب الإسلام وأهدافه وقيمة وكذالك استوعب الواقع في نفس الوقت، حاجة الإمام للارتباط بالفقهاء وكان يرى الإمام بان الإسلام لا يمكن أن يطبق بدون الرجوع للفقهاء، فكان يولي دورا الفقيه وولاية الفقهية أهمية كبيرة في الدولة الإسلامية، وعلماء الدين يمثلون الضمان الأساسي لهذه الدولة وبقاء هذه الدولة، وكذلك كان يؤمن الإمام بقدرة الائمة الإسلامية والإمكانات المعطلة لدى الائمة الإسلامية،وطاقات وقدرات الأئمة الإسلامية لا تقل على إمكانيات باقي الأمم،فنحن لدينا القدرة على تحقيق الإنجاز والنهوضات به من الناحية العملية،فالشعوب لديه الثقافة والوعي الكافيان مع أمكان تطويرها وكان يرى بان الاستمرار بدون ان يكون لدينا شعور بالعزة وشعور بالكرامة لا يمكن أن تستمر الدولة وكمثال في يومنا الحالي له شواهد مماثلة أيام الإمام هو الموقف الصارم من الحلف النووي،فالجمهورية تؤمن ان التنازل أمام العداء يضعف الدولة الإسلامية وواقع الائمة وضعفها انما هو لشعورها بالوهن والضعف وقت شعورها بالذل أمام الاخرين، فنجد أن حين عشنا شعور العزة في لبنان في صدور أبناء الامام كيف خرج اليهود اذلة خاسئين فهزم الجيش الذي لا ينقهر والإرادة الدولية كذلك،وكذلك الحرب مع صدام بأسلحة الدمار في مقابل قلة الاستعداد العسكري والخبرة بالإيمان بالله وروح العزة (( وأنتم الأعلون)) إضافة إلى امتلاك الإمام للروح الكربلائية والحسينية ونفس الإسلام الحقيقي في التعامل مع مختلف القضايا.

 

الغدير: ثلاثية بجذب بعضها البعض الخميني، دولة إسلامية، ولاية الفقيه. ما هي مكانة الولاية الفقهية عند الإمام؟

 

معتوق : بداية نظرية ولاية الفقيه هي نظرية يقول بها جميع فقهاء المسلمون الشيعة، ونبدأ بنظرية ولاية الفقيه في الأمور الحسبية وهي مما يجمع عليه جميع الفقهاء التي ستقوم بأمرين: الأمر الأول الأمور الحسبية: هي الأمور التي يتوقف تطبيقها على الولاية، مثل شؤون القصر الذين لا ولي لهم ومثل التصدي لمؤامرات الأعداء.

 

الأمر الثاني أن الأمور الحسبية هي الأمور التي لا يمكن أن تترك فلو لم تكن تتوقف على الولاية لأمكن تطبيقها من قبل أي شخص، فإذا كل شئ يتوقف على وجود ولي ولا يمكن أن يترك فهو من الأمور الحسبية مثلا تدخل فيها شؤون القصر والأوقاف ويصرح المحقق النائيني رضي الله عنه وهو أستاذ الفقهاء والمجتهدين ويقول بالولاية العامة ولكنه يقول أيضا في كتابه تنزيه الملة وتنبيه الأمة بأن حتى لو لم نقل بالولاية العامة فإن الشارع الأقدس أهتم بنظم أمور البلاد أكثر من الأمور الحسبية فاعتبر نظام المسلمين والتصدي لمؤامرات الأعداء وغيرها من الأمور الحسبية وهي من الأمور التي أجمع فقهاء الطائفة على ثبات ولاية الفقهاء فيها، ولذلك نجد بعض الفقهاء مثل سماحة الشيخ ميرزا جواد التبريزي في كتابه صراط النجاة يؤكد على أنه والولاية الحسبية تشمل إدارة شؤون البلاد الإسلامية والتصدي لمؤامرات الأعداء داخله في نطاق الأمور الحسبية وصرح بأنه لا فرق بين نظريته ونظرية كل من يقول بالأمور الحسبية والولاية العامة تقول بأنه الفقيه له الولاية في جميع الامور التي يتوقف تطبيقها على الولاية على وجود ولي يشرف على تنفيذها سواءً كانت تقبل الترك أولا تقبل الترك، والقائلون بالولاية العامة أيضا يمكن أن نقسمهم إلى قسمين: القسم الأول يقول تثبت الولاية للفقيه في جميع ما للنيابة فيه من مدخل أي المسائل التي تتوقف تطبيقها على الولاية لأنه لا يوجد في الإسلام ما يقبل الترك وبالتالي هم يقولون بولاية الفقيه من باب الحسبية، القسم الثاني يقول وإن قلنا أن بعض الأمور يمكن الترك ولكن كل مورد يتوقف على ولاية الفقيه تثبت فيه الولاية هذا من الناحية النظرية.

 

وأتخطر في هذا الباب أن السيد الخوئي في بحثه في كتاب الجهاد الذي ألحق بالطبعات الأخيرة لمنهاج الصالحين يقول بوجوب الجهاد في عصر الغيبة وتثبت فيه الولاية للفقيه في الجهاد لأنه من امور الحسبة وذلك لأن السيد الخوئي والأدلة بأن الجهاد من الأمور التي لا يمكن أن تترك يثبت من خلال إذا فحتى من لا يقولون بالولاية ينتهون إليها من باب الحسبة أولا أن للفقيه الولاية في الأمور التي تقبل الترك لأن الأدلة دلت بأن الفقيه نائب عن المعصوم في كل ما تدخل فيه النيابة من مدخل والخلاصة أنه لا يوجد خلاف كبير عمليا بين الفقهاء في هذا الموضوع نعم الإمام طرح ولاية الفقيه في الغيبة كأساس للحكومة الإسلامية بعد أن أثبت الولاية العامة يقول مثلا ((ولولا الولاية لبقيت كثير من أمور شيعتهم معطلة)) يرى الولاية العامة بل أشتد رده على من لم يقبل بنظرية الولاية ومن الغريب وسوسة بعض الناس في ذلك بل فكأنه ما ذاق من طعم الفقه شيئا ولا عرف من لحن قولهم ورموزهم أمرا ولكنه أتعبر إقامة الدولة الإسلامية في زمن الغيبة غير ممكن الإمام طرح الولاية كأساس للحكومة الإسلامية وأهداف الإسلام لا يمكن أن تطبق بدون ذلك ولا يمكن إقامة الحكومة يغير جهة وهذا ما أضافه إلى جانب إثبات ضرورة ولاية الفقيه لأن الحكومة الإسلامية ضرورة.

 

علينا أن نرى في الإمام مشروع إلهي وليس مجرد شخص لذا علينا أن نرتبط به كذلك وضرورة أن تركز على فكره الذي يرى ضرورة الارتباط بالإسلام الأصيل الذي لا ضمان لها إلا الحوزة والفقهاء والرجوع إليهم التأكيد على مرجعيته المراجع العظام وولاية الفقيه ودوره في توجيه الأمة.

 

كان الإمام منبهاً إلى خطورة الفكر المتحجر والتحجر الفكري حيث كان ينتقد أصحاب القدسية الجوفاء، ويرى ضرورة محاربتهم، وينتقد هؤلاء الذين يسيئون إلى الدين من خلال سلوكياتهم الفارغة وأطروحاتهم التي تشوه الإسلام، وحاربهم في الحوزة حتى قال (لقد أسالوا الدم من قلبي ولما يندمل الجرح).