موضوع الحوار: أسبوع الحكومة في الجمهورية الاسلامية الايرانية
مجري الحوار: محمود رمك
الضيوف: مصيب نعيمي (محلل سياسي) والأستاذ عدنان أبو ناصر (كاتب ومحلل سياسي ـ من دمشق)
محمود رمك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أسبوع الحكومة في الجمهورية الاسلامية الايرانية بالطبع هذه عادة منذ بدايات انتصار الثورة الاسلامية في ايران وخلال هذا الأسبوع هناك استعراض للانجازات التي تحققت في عهد الحكومة التي تدير دفة البلاد وتمسك بزمام الامور. حكومة الدكتور محمود احمدي نجاد بالطبع هناك الكثير من الانجازات في عهد الحكومة التي هي الحكومة التاسعة منذ انتصار الثورة الاسلامية عام 1997 وبالطبع ما يميز هذه الحكومة عن الحكومة السابقة سنتطرق اليه مع ضيوفنا الأستاذ مصيب نعيمي وهو كاتب ومحلل سياسي والأستاذ عدنان أبو ناصر من العاصمة السورية دمشق.
أستاذ مصيب الثورات تأكل ابناءها كما يقولون ولكن فيما يتعلق بالثورة الاسلامية كانت هناك الكثير من الثوابت وبقيت هذه الثوابت. ما أهم ما يميز هذه الثورة الاسلامية اذا ما قورنت بالثورات التي سبقتها؟
مصيب نعيمي: بسم الله الرحمن الرحيم. اعتقد ان التطرق الى انجازات الثورة الاسلامية يحتاج الى في البدء ان نتحدث عن مكتسبات معنوية اذا صح التعبير قبل ان ندخل في امور عادية او علمية. لان الثورة الاسلامية اعطت فكرة ونظرية جديدة للحكم وللتعايش وايضا لايجاد السلطة. شيء مميز لم نرى قبله في التاريخ. اولا كانت حكومة عصرية بمعنى المفهوم اليومي. بمعنى تعود الى آراء الشعب واصوات الناس في جميع شؤونها بانتخاب مجلس القيادة الذي يثبت القائد ورئاسة الجمهورية ومجلس الشورى واخذت بعين الاعتبار الديمقراطية. الى جانب ذلك هناك الثوابت الاساسية والعقائدية والدينية لانه كما نعرف ايران 98 بالمئة من سكانها هم مسلمون، طبعا اخذت ايضا بعين الاعتبار العادات والتقاليد. كل البلدان التي دخلت في طور الديمقراطية سقطت او تراجعت فيما بعد لانه لم تأخذ بعين الاعتبار العلاقات الانسانية والعادات والتقاليد والاعراف الموجودة بين الناس. لانه هو من ضمن القيم. الحكم ليس ان تؤمن انت عيشه المادي ، هناك عيش معنوي ونفسي. اضافة الى ذلك ايضا اخذت بعين الاعتبار العادات الموجودة. لذلك كانت الثورة الاسلامية واعية وباعتقادي ان الامام الخميني درس الامور النفسية والانسانية والعقائدية والمستقبلية والعصرية. قبل ذلك كانت هناك نظرية انه لا يمكن ان تنسجم حكومية ديمقراطية منتخبة من الشعب ان تكون في نفس الوقت حكومة تعتمد على القواعد والثوابت والاحكام السماوية، لانهم كانوا يقولون انها تعارض مطالب الناس. فالامام الخميني اثبت في هذه المرحلة وبنجاح وكانت نظريته مدروسة ان هذه الحالتين تناسقت مع بعضها البعض. كان الشعار الاساسي للجمهورية الاسلامية لاشرقية ولاغربية جمهورية الاسلامية ، وهذا معروف اننا لا ننتمي الى الغرب ولا الشرق. وهذا ليس بمعنى عدم التعامل معها بل لم نكون لهم اداة. وفي اول مرة في التاريخ الشرق والغرب اتفقتا ان تضربا هذه الدولة الفتية. ورأينا هناك الحرب التي انفرضت على ايران والحصار الاقتصادي.
محمود رمك: الامام الخميني رفع بعض الشعارات، المقياس والمعيار هو رأي الشعب، السلطة التشريعية لها اليد الطولى فيما يتعلق بادارة شؤون البلاد، الى ما هنالك. يعني مثل هذه الافكار لها دلالاتها. يعني أود ان اتوقف معك عند هذه المحطات، يعني لماذا لم يكن هناك توجس من الناس، من قبل القائمين والذين اداروا او مسكوا مقاليد السلطة في الداخل الايراني.
مصيب نعيمي: في الحقيقة يجب ان ننظر الى الثورة الاسلامية رغم ثوابتها الموجودة ولكن ليست ثورة جامدة، ثورة متطورة، يعني حتى زمان الامام الخميني صار هناك تعديل في الدستور، يعني في البداية كانت هناك رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، في العمل رؤوا انه من الافضل ان تكون هناك قيادة واحدة في السلطة فغيرت وصوتت الناس لتعديلها. وايضا حتى الان امكان التعديل موجود ولم يتوقف ويبقى عن الحالة التي كانت. لذلك الثورة ليس ثورة جامدة، هناك ثوابت موجودة، الثوابت الاساسية هي الاستقلالية وعدم الرهان وعدم القبول السلطة الاجنبية. النقطة الثانية القواعد التي تحكم البلد يجب الا تعارض الشريعية الاسلامية وهذا اتى لان اكثرية الناس هم مسلمون. هم لا يريدون ان يكون دنيا الناس ان يؤثر على دينهم. الامور الباقية قابلة للتطوير والتغيير.
محمود رمك: الاستاذ عدنان أبو ناصر ايران الان تحتفل باسبوع الحكومة ويتم التطرق على الانجازات التي تحققت في الحكومة الحاكمة والان هذه الحكومة هي حكومة الدكتور احمدي نجاد. برأيك ما الذي قدمته هذه الثورة الاسلامية في الجانب المعنوي قبل الجانب المادي خاصة فيما يتعلق بالاعتماد على ذات؟
عدنان أبو ناصر: بلا شك ان الثورة الاسلامية الايرانية قد اخذت مكانها المتميز من خلال نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، هذه الدولة التي لها اليوم مكانة متميزة ودور اقليمي بارز في ساحة الصراع سواءا على المنطقة او في الاقليم او في الساحة الدولية. وليس ادل على ذلك الا الهجمة الكبيرة التي تتعرض لها الجمهورية الاسلامية الايرانية من خلال اعتبار البرنامج النووي الايراني كذريعة لاستهداف الجمهورية الاسلامية الايرانية. حيث انها لها دور الان في الساحة السياسية ولا يمكن لاحد ان يتجاوز هذا الدور. فنستطيع ان نقول ان الحكومة التاسعة في ظل نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية قد حققت انجازات معنوية كبيرة من خلال العلاقات السياسية المتشابكة ومن خلال الحراك السياسي الكبير الذي نلمسه سواءا من الرئيس محمود احمدي نجاد او من خلال السياسة الخارجية، من خلال الجولات الكثيرة والمتعددة التي يقوم بها القادة والساسة الايرانيون او من خلال الزيارات التي يقوم بها قادة العالم سواءا في منطقتنا او القادة الآخرين الى طهران. هذا يدل على مكانة الجمهورية الاسلامية الايرانية في الساحة الدولية. ويعود الفضل لهذا الى الاسس التي قامت عليها الثورة الاسلامية التي كما ذكرت، الاستقلال ، الحرية ، نظام الجمهورية الاسلامية. فالجمهورية الاسلامية الايرانية اليوم نموذج يحتدى لكل المنطقة بل لكل دول العالم وفي مقدمتها الدول الاسلامية على صعيد الانجازات المعنوية ايضا يشعر المرء عندما يقوم بزيارة الى ايران ان الجمهورية الاسلامية الايرانية نظام مؤسسات بكل معنى الكلمة، ليس كما يحاول البعض من خلال التضليل الاعلامي الغربي تصويره انه نظام شمولي او ديكتاتوري في جرت هناك اكثر من 29 عملية انتخابية. هذا يدل على مدى الوعي المتطور الذي بثته الثورة الاسلامية في جموع الشعب الايراني. كل ذلك كان نتيجة مبادئ انطلقت على اساسها الثورة الاسلامية والتي لا زالت تسير عليها وهي ايضا مبادئ تتطور يوما بعد يوم وتنعكس انجازات علمية واقتصادية على مختلف الصعد.
محمود رمك: استاذ عدنان فيما يتعلق بمصاديق البقاء على الثوابت فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، السياسة الخارجية الايرانية بعد الثورة ايران تبنت الكثير من المصطلحات، المستضعفين مقابل المستكبرين، سياسة اللاشرقية واللاغربية، سياسة الانفتاح على الشعوب المقهورة، على المحاور التي كانت هي محاور صمود، في ذلك الوقت، والان ما نسميه بمحور الممانعة، حبذا لو نتطرق بشكل تفصيلي فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الايرانية وهل هناك من مؤاخذات فيما يتعلق بهذه السياسة؟
عدنان ابو ناصر: نستطيع ان نقول ان هناك عنواين بارزة للسياسة الايرانية الخارجية وهي امثلة على ثبات بل تطور المبادئ التي انطلقت منها الثورة الاسلامية وحققت نجاحات كبيرة جدا. العنوان الابرز في مجال السياسة الخارجية هو التزام الجمهورية الاسلامية الايرانية بالقضية الفلسطينية. هذه القضية التي اخذت موقعها المتميز في الخطاب السياسي للجمهورية الاسلامية الايرانية حتى بعد رحيل الامام الخميني الذي اعتبر ان قضية فلسطين هي قضية عبادية وقضية ايدولوجية ومع الامام الخامنئي نرى انه يعلن ان قضية فلسطين هي قضية المسلمين الاولى وان من واجب المسلمين الغيارى ان يهبوا لنجدة الشعب الفلسطيني المظلوم والمستضعف. هذا عنوان بارز في السياسة الخارجية وكما تعرف اخي العزيز فان قضية فلسطين هي قضية اسلامية بامتياز وهي قضية انسانية عالمية بامتياز وعندما تعلن الجمهورية الاسلامية الايرانية شفاهة وموقفا رسميا التزامها بالقضية الفلسطينية فهي تعلن ايضا التزامها بقضايا المسلمين والتزامها بالقضايا الانسانية والقضايا العالمية ، القضايا الحرة والقضايا العادلة. المسألة الاخرى هي مسألة الانفتاح على الوسط العربي. نستطيع ان نقول بلا محاباة وبلا مجاملة ان الجمهورية الاسلامية الايرانية بسياستها الخارجية تمد يدها الى جميع الدول العربية ولكل دولة من هذه الدول عنوان بارز وهناك حديث فيما يتعلق بهذه الدول. استطيع ان اقول ان العنوان الابرز ايضا في العلاقات العربية الايرانية الذي يجب ان يعتبر نموذج هو العلاقات السورية الايرانية. هذه العلاقات التي اقول انها شكلت انتصارا حقيقيا لجميع قضايا المستضعفين وقضايا المظلومين وفي المقدمة منهم القضية الفلسطينية وقضية جنوب لبنان الذي كان محتلا ولا زال جزء منه محتل. فكما تعرف هذا المحور كما يقولون طهران دمشق وهذه العلاقة الاستراتيجية السورية الايرانية هي التي انتجت انتصار تموز وانتصار ايار عام 2000. وهذه العلاقة هي لصالح جميع شعوب المنطقة. ليست لصالح الشعب السوري فقط وليست لصالح الشعب الايراني فقط، فهي لصالح شعوب المنطقة كلها ودائما كان يدعو الطرفان سواءا السوري او الايراني الى ضرورة بناء منظومة متكاملة في هذه المنطقة سواءا على الصعيد السياسي او على الصعيد الامني، او على الصعيد الاقتصادي. ربما زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى تركيا هي في هذا الاطار ايضا زيارة الرئيس بشار الاسد الى تركيا والعلاقات التركية السورية ايضا تأتي في اطار ضرورة ان تكون هناك منظومة اقليمية متكاملة. بحيث ان شعوب المنطقة هي التي تحكم المنطقة وهي التي تستثمر خيرات هذه المنطقة.
محمود رمك: استاذ مصيب البعض يتوجس خيفة من قدرة ايران. البعض يقول ان ايران لم تقدم ضمانات كافية فيما يتعلق بقضية التواصل مع المحيط العربي. ايران عندما تعرض كل ما تملكه من قدرات دفاعية البعض يتوجس خيفة من الجانب الايراني . ما هو تعليقك؟
مصيب نعيمي: اعتقد ان نظرة واقعية للامر يكشف عن الحقيقة. اولا ايران اذا كان لديها امكانات عسكرية او لم يكن لديها هي بالنسبة لدول المنطقة دولة اكبر ودولة لها نفوذ. يعني عدد سكانها اكثر، امكانتها جيدة وكبيرة، هي دولة كبيرة شئنا ام ابينا. هل يعتقد ان ايران بهذه الثوابت التي اعلنت وغيرت تقريبا معادلة اقليمية كانت تصالح العدو يمكنها ان يفكر يوما بان تؤذي احدا من جيرانها. هذه معارضة لثوابتها وعقائدها. كل من يتصور هذا اعتقد بانه خاطئ. ايران هي دولة اسلامية ولديها ثوابت وخرجت من المعسكر الغربي التي كانت هي رهينة له. ايران مصلحتها اين؟ ايران اذا كانت تريد ان تتطور في هذه المنطقة يجب ان تتعاطي مع الجوار. يعني اذا كانت هناك صناعات ايرانية فالاسواق الاقرب هي افضل لانها اسواق جيدة ولديها امكانيات اقتصادية. لمصلحة ايران ان تكون لديها افضل العلاقات مع جيرانها العرب. ايضا هناك مشاركة ايرانية في الثروات النفطية والغازية. واكثر الآبار النفطية خزائنها مشتركة بين العرب والايرانيين وخاصة بين دول المنطقة، فلذلك ليس معقولا ان تفكر ايران بعداء. اتصور ان العرب والجيران يعرفون ذلك ، هناك امور اخرى ضاغطة عليهم.
محمود رمك: أشكر الأستاذ مصيب نعيمي وأيضا من دمشق الأستاذ عدنان أبو ناصر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تعليقات الزوار