7/2/2009م

 

مقدم البرنامج: سالم جاري

 

فضيلة الدكتور عصام العماد، الباحث والكاتب الاسلامي من اليمن

 

فضيلة الدكتور محمد حبش، عضو مجلس الشعب السوري ورئيس مركز الدراسات الاسلامية في دمشق

 

فضيلة الاستاذ عبد الحسن الأمين، رئيس تحرير مجلة النور الاسلامية من لندن 

 

د. سالم جاري: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين، واصحابه الغر الميامين. السلام عليكم مشاهدينا الكرام ورحمة الله تعالى وبركاته، احييكم اطيب تحية والتقيكم في هذه الحلقة من برنامج: مرفأ الحوار، عنوان هذه الحلقة وهي حلقة ضمن الحلقات الاستثنائية المتتابعة ضمن الاحتفالية بثلاثينية الاستقامة حيث انطلاق الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الإمام الخميني (قدس سره الشريف) فعنوان هذه الحلقة: القضية الفلسطينية اولوية ومبدأ. مشاهدينا الكرام لاحظ المتتبعون منذ انطلاق الثورة الاسلامية ان الإمام الراحل (رضوان الله تعالى عليه) قد أولى القضية الفلسطينية اهتماما بالغا فجعلها هدفا من الاهداف بل هدفا رئيسا من اهداف الثورة الاسلامية واعطاها من الاهتمام سواء على مستوى الشعارات او على مستوى العمل الملموس ما اعطى لباقي القضايا المهمة التي دعت اليها الثورة الاسلامية المباركة في ايران، فمنذ ان قامت الثورة الاسلامية في ايران ازيح العلم الاسرائيلي ووضع موضعه العلم الفلسطيني والغيت السفارة الاسرائيلية التي كانت في عهد الشاه آنذاك، أيضا الإمام الراحل جعل آخر جمعة من جمع شهر رمضان المبارك خاصة بالقضية الفلسطينية، وجعل هذا الاسبوع اسبوع القضية الفلسطينية حيث يهتم المسلمون الصائمون جميعا ويحتفلون بهذا اليوم ويرددون الشعارات المنددة بالإحتلال والاغتصاب الاسرائيلي للارض الاسلامية المقدسة في فلسطين، بل نستطيع ان نوجز الحديث في هذه القضية انه بلغ من اهتمام الإمام الراحل (رضوان الله تعالى عليه) والقيادة الاسلامية في الجمهورية الاسلامية عموما بالقضية الفلسطينية ان الحركة التحررية والحركات الاسلامية في فلسطين اصبحت تنسب بتبعيتها الى إيران لماذا ؟ لان ايران هي البلد الاول الذي اولى واعطى هذه القضية هذا الاهتمام البالغ وجعلها هدفا من اهداف الثورة الاسلامية ومشروعا من مشاريع الثورة الاسلامية المباركة، معي مشاهدينا الكرام في بحث محاور حلقة اليوم ضيوف كرام، معي هنا في الاستوديو فضيلة الدكتور عصام العماد الباحث والكاتب الاسلامي من اليمن، وسيكون معي من لندن عبر الاقمار الصناعية فضيلة الاستاذ عبد الحسن الأمين رئيس تحرير مجلة النور الاسلامية، وسيكون معنا من دمشق ايضا عبر الاقمار الصناعية فضيلة الدكتور محمد حبش عضو مجلس الشعب السوري ورئيس مركز الدراسات الاسلامية في دمشق، تحية لكم مشاهدينا الكرام مجدداً ولضيوفنا الكرام وابدأ مع ضيفي في الاستوديو فضيلة الدكتور عصام العماد، مرحبا بكم فضيلة الدكتور.

 

فضيلة الدكتور عصام العماد: حياكم الله وبارك الله فيكم.

 

د. سالم جاري: وفيكم، فضيلة الدكتور الملاحظ ان الثورة الاسلامية منذ انطلاقتها الاولى جعلها الإمام الراحل (رضوان الله تعالى عليه) من اولويات هذه الثورة بل من اهدافها الرئيسة القضية الفلسطينية،  يعني في تصوركم ما الذي جعل الإمام بدل ان ينظر الى القضايا المهمة التي تخص الثورة، منجزات الثورة تقوية الثورة، المحافظة على منجزات الثورة اولاً ثم النظر الى الخارج، لماذا جعل القضية الفلسطينية محورا رئيسا من محاور الثورة الاسلامية؟

 

 فضيلة الدكتور عصام العماد: بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، في الحقيقة ان دراسة تاريخ الإمام الخميني (رضوان الله عليه) يبين بأن هذا الرجل سبق الكثير من المفكرين الاسلاميين في معرفة خطر اسرائيل في معرفة اهمية القضية الفلسطينية، فأنا عندي عبارات له قديمة جداً تبين السبق عندما تبحث في ظروفها التاريخية تبين مدى سبق الإمام الخميني، مثلا الإمام الخميني (رحمه الله) يقول في عبارة قديمة وهو يبين لماذا قمت بالثورة ؟ ولماذا عارضت الملك الايراني ؟ يقول : (ان من الامور التي جعلتني اقف ضد النظام الملكي مساعدته لاسرائيل وقد اشرتها في احاديثي دائما ان الملك كان يتعاون مع اسرائيل منذ بدء لجوءها وعندما وقعت الحرب بين اسرائيل والمسلمين سنة (67) اغتصب الملك نفط المسلمين وقدمه لإسرائيل الأمر الذي دفعني الى معارضته ). هذا الكلام للإمام الخميني يبين من خلال لسان الإمام انني لم اعارض الملك الايراني في بداية معارضتي إلا بسبب انه في حرب السبعة وستين اعطى وضخ النفط الايراني الى اسرائيل ووقف في حرب (67) وقف مع اسرائيل وكانت الطائرات الاسرائيلية تتحرك من مطار طهران، فالإمام الخميني عندما نجد في الخلاف الذي نشب بين الإمام الخميني وبين الملك الايراني نجد ان الإمام الخميني تصدى له وتصدى لمشروعه وتصدى للمشروع الامريكي والمشروع الاسرائيلي الذي كان يتعاون بشكل ملموس وبشكل محسوس مع اسرائيل وكان من اوائل الانظمة التي اعترف باسرائيل، ووظف جميع امكانات الشعب الايراني لاسرائيل، ولكن الإمام الخميني التفت الى هذه الرابطة وفضح الملك الايراني أمام الملأ وتحدث عن جزئيات العلاقات السرية الموجودة بين السافاك الايراني وبين الموساد الإسرائيلي، ولذلك نحن نجد ان الإمام الخميني جعل قضية فلسطين في اولوياته، حتى انه استطاع الإمام الخميني (رضوان الله عليه) استطاع ان يوظف الخطاب الحسيني وثورة عاشوراء في خدمة القضية الفلسطينية.

 

د. سالم جاري: لما لها من أثر بالغ.

 

فضيلة الدكتور عصام العماد: نعم، فكان الإمام الخميني يحدث الشعب وأنا قرأت له بعض الكلمات العظيمة قال لهم :( أيها الشعب العزيز، وانتم تقومون ثورة كربلاء (في بعض عباراته)، اعلموا لو كان الإمام الحسين عاش في القرن العشرين لكانت قضيته الاولى هي القضية الفلسطينية، وقال لهم لو خرج المهدي في هذا الزمن لكانت قضيته الاولى قضية فلسطين).

 

د. سالم جاري: وفعلاً هذا مبدأ في القرآن.

 

فضيلة الدكتور عصام العماد: نعم، فاستطاع الإمام الخميني ان يوظف الثورة الحسينية ويوظف قضية خروج الإمام المهدي لقضية فلسطين ويربطها برابط مقدس بكل ما يتعلق ويحرك الشعب الايراني ويوظف قضية اربعين الحسين وقضية الحسين وتعرف ماذا يعني الحسين في الشعب الايراني، يوظف هذه القضية لقضايا فلسطين، تصريحات الإمام الخميني وكلمات الإمام الخميني لاسيما القديمة قبل الثورة، انا عندما قرأت في كلمات الإمام الخميني وجدت ان الإمام الخميني له سوابق كثيرة في معرفة أولاً المخطط الامريكي والمخطط الصهيوني، اولاً ان الإمام الخميني التفت قبل الجميع الى خطر الامريكي في قضية اسرائيل فحين نحن نجد للاسف كان العالم الاسلامي في كثير من اجزائه قارن في قضية خطر الاتحاد السوفيتي وكان العالم الاسلامي يتحدث عن الاتحاد السوفيتي، الإمام الخميني قال للجميع الشيطان الاكبر هي امريكا، وبيّن لهم ان امريكا اخطر من الاتحاد السوفيتي، في حين ان الاتحاد السوفيتي كان في الستينات في اوج قوته ولم تكن ملامح الضعف قد ظهرت عليه، ولكن الإمام الخميني قال نعم ان روسيا تمثل خطر وان امريكا تمثل خطر وان بريطانيا تمثل خطر ولكن الشيطان الاكبر في هذا العصر هي امريكا، وكان يوجه الشعوب الاسلامية الى ضرورة ترتيب الاولويات سواء في العدو او في القضايا الدينية، فجعل الاولوية لمواجهته للعدو لامريكا فأعطى امريكا لا اقول انه تناسى الخطر، دبّر روسي في ذلك الايام، ولكن كان يقول يجب ان نجعل الاولوية للخطر الامريكي، ثم بعد ذلك خطر روسيا، خطر بريطانيا، وفي القضايا الدينية جعل القضية الاولى للعالم الاسلامي هي قضية فلسطين، فالإمام الخميني كان مسدد، في ذلك الزمن كان العالم الاسلامي وللاسف من توجيهات بعض بسبب عدم الوعي الاسلامي، يخطئ البعض الإمام الخميني اذ انهم كانوا يرون ان الشيطان الاكبر هو الاتحاد السوفيتي باعتبار انهم كانوا يقولوا أن الاسلام يواجه الزحف الاحمر الذي ينكر الذات الالهية وينشر الالحاد في حين ان امريكا لا تنكر وجود الله، بهذه السذاجة وبكل سذاجة ولكن الإمام كان قبل الثورة بعشرات السنوات يقول لهم ان الخطر الاكبر من امريكا وكان يضع علامات سبق الجميع فيها، الإمام الخميني تحدث عن الاسلام الامريكي هذا الاسلام الامريكي الذي يهمش القضية الفلسطينية، هذا الاسلام الامريكي شرحه بكل خصائصه وبكل مفاصله وبيّن ان الاسلام الامريكي سيقدم فلسطين جائزة للمخطط الصهيوني والمخطط الاسرائيلي، الاسلام الامريكي الذي لا يجوّز حتى مجرد المظاهرات أمام المخططات الاسرائيلية، هذا الاسلام الامريكي الإمام الخميني سبق الجميع قبل أكثر من خمسين سنة تحدد الإسلام عن ان امريكا تريد ان تؤسس اسلام جديد يقوم على أساس الدفاع عن المصالح الامريكية وعلى اساس الاستسلام الكامل للمخططات الصهيونية والانبطاح أمام ما يسمى بطموحات ومحاورات مع اسرائيل حول ما يسمى بالحكم الذاتي ان اتنازل على ارض صغيرة في مقابل اراضي كبيرة وفي مقابل حتى المسجد الاقصى اقدمه بطبق من ذهب لاسرائيل مقابل ان يكون عندي حكم ذاتي جزء صغير.

 

د. سالم جاري: احسنتم دكتور عصام، شكرا لكم، سنعود الى هذه النقطة مرة اخرى وفي تفاصيل اخرى، شكرا لكم، دعني انتقل الى لندن حيث فضيلة الاستاذ عبد الحسن الامين، السلام عليكم فضيلة الاستاذ.

 

فضيلة الاستاذ عبد الحسن الأمين: عليكم السلام عزيزي، اهلاً وسهلاً.

 

د. سالم جاري: حياكم الله استاذنا الكريم، الملاحظ ان الإمام الراحل (رضوان الله تعالى عليه) قد أولى قضايا الحركات التحررية والشعوب المظلومة والمستضعفين اهتماماً عاماً والقضية الفلسطينية اهتماماً خاصاً وجعل كل ذلك من اولويات الثورة الاسلامية، ما تفسيركم لهذا؟

 

فضيلة الاستاذ عبد الحسن الأمين: هذا الامر الطبيعي، ليس السلوك الطبيعي يحتاج الى تفسير، هو موقف نابع من موقف شرعي وفقهي وقانوني وانساني عام تبنته الحوزات العلمية في النجف وفي قم منذ العشرينات في العام (1936) كان الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء احد اللذين أموا المصلين في مؤتمر القدس ببادرة الدفاع عن اسلامية القدس، حتى قبل قيام دولة الكيان الاسرائيلي، وطبعا علماء النجف وعلماء قم اصدروا البيانات والفتاوى التي تساند الثورة الفلسطينية وكان الإمام الخميني هو تلميذ هذه الحوزات واستاذها ايضا وبالتالي طليعة من الطلائع التي فهمت الامور بأن نصاب السياسة في المنطقة هو موضوع فلسطين، نصاب السياسة في المنطقة يتعلق بأن هذا الشأن الذي تم احرازه من قبل الاستعمار الغربي ومن قبل الحركة الصهيونية بدك آخر معاقل المسلمين في الدولة العثمانية والدول التي كانت قائمة قبل ذلك فلابد من ان البدء باعادة المسلمين الى خارطة التاريخ والى واجهة السياسة الدولية انها تبدأ من فلسطين وهذا كان أمراً طبيعيا حيث بدأت الغلبة الأولى بارزة وواضحة على المسلمين في هذه المنطقة فلابد من الرد ان يكون هناك، وهذا ما يفسر لنا ان السياسة الايرانية قامت على شعار يقول : (اليوم طهران وغدا فلسطين )، وربطت بين فلسطين وثورتها في طهران ربطاً شديداً محكماً استمر طوال هذه السنوات وأيضاً على نفس الصعيد ولم تتوان ايران منذ ثلاثين سنة عن متابعة هذه السياسة التي تكاد هي محور سياستها الخارجية اذا صح التعبير.

 

د. سالم جاري: احسنتم، شكرا جزيلا لكم.

 

ننتقل الى الدكتور محمد حبش، السلام عليكم فضيلة الدكتور محمد.

 

فضيلة الدكتور محمد حبش: وعليكم السلام ورحمة الله.

 

د. سالم جاري: حياكم الله. ايضا فضيلة الدكتور اعيد عليكم السؤال الذي طرحته على ضيفي الكريمين قبلكم وهو انه نلاحظ ويلاحظ المتتبعون جميعا ان الإمام الراحل (قدس سره الشريف) قد جعل القضية الفلسطينية محورا اساسا ومهما واعطاها اولوية كبرى من الاولويات واهداف الثورة الاسلامية في ايران، تفضلوا بالحديث.

 

فضيلة الدكتور محمد حبش: لم اسمع السؤال جيداً ولكن فهمت نحن نتحدث في الواقع عن الإمام الخميني كرائد من رواد مواجهة المشروع الامريكي واختار في بداية اعلانه عن مشروعه الاسلامي ان يعلن تماما حقيقة ما قاله الرسول (صلى الله عليه وسلم) :  ( لابد للمؤمن من خمسة اعداء من شيطان يضله وعدو يقاتله ومنافق يبغضه ومؤمن يحسده ونفس تضله ). هو كان مقتنعا بأن امريكا بشكلها الذي عرفناه خلال العقود السابقة هي مشروع استعماري امبريالي مشروع يريد قهر الشعوب المستضعفة والاسلام لابد ان يكون مع المستضعفين ولا يمكن ان يكون مع المستكبرين، هذا المنطق في الواقع هو منطق واقعي وهو ما تكرس خلال السنوات السابقة، نحن نشعر بالاسف ان امريكا رسمت صورتها في العالم بهذه الطريقة، مع انه كان لديها فرصة ان تكون بالفعل قوة تحررية، قبل خمسين عاما او ستين عاما لم يكن للمسلمين أي ثأر عند الامريكيين، كانت مظالمنا من الاوروبيين من فرنسا من بريطانيا من ايطاليا، لم يكن لدينا مظالم مع الامريكيين، كنا نتحدث عن امريكا على انها ارض الحرية وارض الديمقراطيات وانها الارض التي هرب فيها الناس من الاضطهاد ليسكنوا في العالم الجديد كانت بالنسبة لنا الفردوس ولكن للاسف الحكام الامريكيون جعلوا هذه الآمال الكبيرة تتحطم عندما جعلوا امريكا كلها في خدمة المشروع الصهيوني، تحولت امريكا الجبارة الحلم الذي كانت تتمناه للأمم تحولت الى مجرد خادم للمشروع الصهيوني وهذا ما مارسته الادارات الامريكية المتعاقبة وخاصة في عهد الرئيس بوش، أمام هذا المنطق لابد ان يكون للمسلمين وقفة من هذا الاستكبار العالمي، لا يمكن ان نتعامل مع العالم على انه جمعية خيرية، هذا مشروع مدمر يريد ان يفرض هيمنته على العالم، اذا كانت لدينا شكوك من قبل ماذا تستطيع امريكا ان تقدم ؟ الآن لا يوجد لدينا أي شكوك ، نحن رأينا النموذج الحقيقي لما يستطيع الامريكيون ان يفعلوه من خلال ما فعلوه في العراق، قبل ان يصلوا الى العراق كنا نتناقش هل امريكا خير ام شر، هل تستطيع ان تقدم لنا ما هو مفيد ام انها تقدم ما هو ضار، كنا نتناقش، الآن لماذا نتناقش الامثلة واضحة لدينا مثالان في افغانستان وفي العراق قام الامريكيون بدفع مئات المليارات من اجل تنفيذ مشروعهم الحيوي في هذه المنطقة وكلنا رأى ماذا صنع الامريكيون، من يشتهي الآن في العالم لبلده مصيرا كمصير العراق، لاجل هذا فان موقف الإمام الخميني من المشروع الامريكي هو موقف كل الشرفاء وموقف كل الذين يؤمنون بالحرية في الارض، الرجل الذي تلا مزامير انجيله الجديد على منطق أما معنا او مع الارهاب مع انه يقول انه يقرأ في الانجيل، الانجيل يقول من ليس ضدي فهو معي، لكن بوش كان يقول من ليس معي فهو ضدي، هناك تناقض هائل بين انجيل بوش وبين انجيل السيد المسيح، اذن لهذا امر طبيعي ان يكون الإمام الخميني كقائد ثورة تحررية كرجل يريد ان يمضي بالعالم الى شاطئ العدالة وشاطئ الخير لابد ان يكون واضحا في مقاومة المشروع الامريكي وهذا ما فعله الإمام.

 

د. سالم جاري: احسنتم كثيراً، شكراً لكم دكتور، سأعود اليكم، دعني انتقل مرة اخرى الى فضيلة الدكتور عصام العماد، اذن اعود اليكم فضيلة الدكتور، اضافة الى ما تفضلتم به وتفضل به الضيفان الكريمان نلاحظ ان الإمام اختار للقضية الفلسطينية ان تكون في اطار مشروع اسلامي يعني مثلاً حاول العرب جعلها قضية قومية وضاعت بين الشعارات القومية ولم تحقق هدفا واضحا، ربما هناك من ينظر اليها من زاوية اخرى الإمام جعلها مشروعا اسلاميا قال هذه القضية تخص الامة الاسلامية وهي من قضاياها المصيرية، كيف ترون ذلك؟

 

فضيلة الدكتور عصام العماد: انا اعتقد ان الإمام الخميني كان بجوار انه قائد ديني وزعيم ديني ومرجع وإمام عظيم في علوم الدين، كان إمام في السياسة كذلك، وكان يمتلك وعي سياسي، ادرك الإمام من خلال تصريحاته ان امريكا والغرب يريد ان يجعل هنالك هوة بين الشعوب وبين حكامها وبين قادتها، من خلال عدم تبني الاسلام، الغرب عندما دفع الحكام بأن يحاربوا الحركات الاسلامية ويحاربوا الاسلام ويتبنوا شعارات اشتراكية او قومية او امبريالية استطاعوا ان يفصلوا بين الشعوب الاسلامية وبين قادتها الحكام وبعد ذلك ممكن ان تنجح المخططات فالإمام الخميني حاول ان يوجه رسالة الى قيادات العالم الاسلامي من الحكام ان يلتفتوا ان هذا مخطط امريكي من محاولة الفصل بين القاعدة وبين القيادة، المسألة الاخرى الإمام الخميني حاول ان يجعل القضية عقائدية محضة ودينية محضة، حتى من خلال الفتاوي التي اصدرها، في احد الفتاوي عندما قامت اسرائيل بهدم البيت الاقصى والمسجد الاقصى المقدس الإمام الخميني كانت عنده رؤية فريدة حينما نادى الكثير من علماء الاسلام بجمع التبرعات لاجل بناء المسجد من جديد، وقامت بعض الدول ببناء المسجد من جديد، الإمام الخميني قال لهم أرى ان لا يبنى المسجد ليبقى جرح ووسيلة تحريضية لاستيقاظ الامة، قال لهم لا تبنوا المسجد، تبقى الجريمة موجودة، يبقى الاقصى مهدوم شاهد على الجريمة الاسرائيلية المدعومة من امريكا فالإمام الخميني عنده خصائص في معالجة هذه القضية، اولاً لولا انه حاول ان يوجه نصيحة للحكام ان يتبنوا الشعار الاسلامي حتى لا يخسروا الشعوب، فالشاه والملك الايراني لماذا خسر الشعب الايراني؟ لانه حارب الدين وحارب الاسلام، فحذر الحكام في العالم الاسلامي انه اعتبروا من مصير الملك الايراني، حينما حارب الاسلام ووقف مع اسرائيل خسر الشعب الايراني فلا تخسروا مثله، هذه نقطة، النقطة الاخرى هو قضية انه نادى يعني مثلاً في احدى النداءات التي وجهها الإمام الخميني الى العالم الاسلامي يقول بالحرف الواحد (رضوان الله عليه):  (ما لم نعد الى اسلام رسول الله فسوف تبقى مشكلاتنا كما هي ولن نتمكن من حل قضية فلسطين او افغانستان او سائر البلدان ان على الشعوب ان تعود للتحلي بالحالة الاسلامية التي كانت بصدر الاسلام واذا ما عادت الحكومات مع الشعوب سوف يخطر الحكومات لا يريد ان يدخل حتى معركة مع الحكومات، واذا ما عادت الحكومات والشعوب فليس هناك من مشكلة، اما اذا لم تعد فان على الشعوب ان تتخذ مواقف مختلفة عن مواقف حكومتها وان تهب لمواجهة تلك الحكومات كما فعل الشعب الايراني مع حكومته لتحل جميع المشكلات ). الخاصية الثالثة مهمة وهو ان الإمام الخميني احيا الحج من جديد فكانت قضية البراءة من المشركين التي غرسها الرسول في حجه الاخير ونزلت سورة البراءة فلسفة الحج واهداف الحج وهذه القضية كانت انتهت، الإمام الخميني اعاد الروح للحج وقال للمسلمين ان آخر قضية للرسول في الحج هي البراءة من اعداء الاسلام في ذلك الزمن، كان اعداء الاسلام هم يمثلون الشرك والعدو الاساسي للاسلام في هذا العصر هي امريكا، فجعل الشعار من جديد اذا كان الرسول أمر المسلمين في ذلك الزمن ان يقولوا الموت للمشركين فالإمام الخميني قال شعار البراءة يتغير قولوا الموت لامريكا، الموت لاسرائيل، واحيا هذه الشعارات باعتبار ان العدو يتغير من زمن الى زمن، والعدو الاكبر والشيطان الاكبر في زمن رسول الله كان متمثل بالشرك، فلذلك الرسول أمرهم ان يقولوا الموت للشرك، والعدو في هذا الزمن متمثل بامريكا فقال لهم ان الحج لا يكتمل إلا بالبراءة، اذن فالإمام الخميني حاول ان يربط الحسين بقضية فلسطين، وان يربط قضايا الاسلام بقضية فلسطين، ويربط الحج بالبراءة والبراءة متمثلة باسرائيل وامريكا، ان تقولوا الموت لاسرائيل ثم احيا الآية القرآنية { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ } فقال لهم ما لم تتبرأوا من امريكا ومن اسرائيل فان حجكم سوف يكون ناقص، واستند على آية قرآنية وعلى آيات البراءة وعلى ان البراءة نزلت، يعني ان الحج فيه جانب مناسك الحج وفيه جانب براءة فلماذا التفتم الى مناسك الحج ونسيتم منسك وشعار مهم من اعظم مناسك الحج وهو شعار البراءة من العدو الفعلي العملي وهو الموت لامريكا واسرائيل.

 

د. سالم جاري: لان الله ورسوله بريء كما قال ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾.

 

فضيلة الدكتور عصام العماد: والآن يمكن ان نقول ان الله بريء من امريكا واسرائيل ورسوله، مصاديق الآية تتغير من زمن الى زمن.

 

د. سالم جاري: احسنتم، لان الشرك كان يمثل استكبارا والآن الاستكبار العالمي هو متكرر نفسه، شكرا لكم، دعني اعود مرة اخرى الى دمشق قبل ان يودعنا ونودعه فضيلة الدكتور محمد حبش. فضيلة الدكتور محمد اعود اليكم. الآن المتتبع للاحداث يلاحظ ان امريكا جعلت مجموعة من الدول مرة تسميها المحور او محور الشر ورأت ان هذه الدول تمثل عقبة واضحة وكبيرة أمام المشروع الامبريالي الاستكبار العالمي المشروع الامريكي الصهيوني وجعلت ايران على رأس هذه الدول وفي مقدمة هذه الدول التي تمثل عقبة أمام هذا المشروع الاستكباري العالمي، كيف ترون ذلك؟

 

فضيلة الدكتور محمد حبش: ليس في هذا اي اسرار طبعا امريكا تعلم تماما انها تستطيع ان تخضع حكومات كثيرة في العالم ولكنها تعلم تماما ان الحكومة التي ترتبط بالله (سبحانه وتعالى) وترتبط بالشعوب الاسلامية لا يمكن اخضاعها، وهذا ما يجعل ايران فعلاً رأس حربة مقاوم للمشروع الامريكي ليس في هذا الموضوع اسرار، وفي سوريا ايضا نحن نقاوم المشروع الامريكي، ليس لاننا لدينا رغبة في المخاصمة مع الناس ولكن لان المشروع الامريكي يعتدي على حقوقنا، وقلت ان الامريكيين الذين كانوا حلما في خيال كل انسان ليس كل انسان عربي كل انسان في الارض كان يتحدث عن امريكا كما لو كانت الفردوس المنتظر على الارض الموعودة ولكن فوجئنا بحكام امريكا يخضعون لارادة اللوبي الصهيوني ويحولون امريكا بطاقاتها الجبارة الى خدمة المشروع الصهيوني، نحن لا ننتظر من امريكا اوسمة في هذه المرحلة، ننتظر من امريكا بالفعل معارضة وننتظر عداوة وهذه هي طبيعة تناقض المصالح بين الشعوب وبين الاستكبار ولذلك فان امريكا من الطبيعي ان تصنف هذه الدول الممانعة والمقاومة على انها دول محور الشر هذا امر طبيعي وعندما تصنفنا امريكا كذلك نعلم اننا في الطريق المستقيم، نحن لا نريد لبلادنا الانجازات الامريكية، قال لي احدهم ذات مرة انتم في سوريا وفي ايران تخافون من الديمقراطية التي جئنا بها الى العراق، تخافون من الديمقراطية ولذلك تقاومون المشروع الامريكي، قلت له اي والله، والله نخاف من الديمقراطية، والله نخاف من المشروع الامريكي لانه رأينا ماذا فعل في العراق، اذا كانت هذه الديمقراطية والله نحن نخاف ونرتعب على بلادنا ان يصيبها ما اصاب هؤلاء، لذلك دعنا نعود الى محور الحديث بالفعل هذه الدول التي تقاوم الآن تسميها امريكا عادة الهلال الشيعي، نحن نؤمن بانه هلال ولكن نؤمن بأنه هلال مقاومة، وهذا هلال المقاومة ملون بكل الوان المذاهب الاسلامية وهناك مقاومون من شيعة اهل البيت ومقاومون من اهل السنّة ومقاومون من العرب العلمانيين وهناك مقاومون من العرب من الذين ينتمون حتى الى المسيحية هؤلاء جميعا يقاومون ويرفضون المشروع الامريكي، قبل أيام المطران كبوتشي تمكن من دخول غزة وعمره (88سنة) هؤلاء ايضا جزء من المحور المقاوم، هذا المحور الذي سيتعب الامريكيين بكل تأكيد لانه يتطلع الى حريته والى كرامته والى عدالته ولم يسمح لهذا الغرب وبالذات للاستكبار الامريكي ان يفرض ارادته على شعوب المنطقة، انا الآن احيي روح الإمام في ذكرى انتصار الثورة واقول لكل الشرفاء في العالم لم تكن امريكا متمكنة في ارض كما كانت متمكنة في ايران كان لديها السافاك ولديها القوات ولديها السفارة الامريكية التي كانت وكر تجسس، كانت تقول ان ايران هي شرطية الشرق الاوسط وهي تحقق مصالحها، وعندما انتفض الشعب الايراني مع الإمام الخميني لم تكن لهم من فئة ينصرونهم من دون الله وما كانوا من المنتصرين، والشاه الذي كان يسوم الناس الوان العذاب ﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾، تحية للثورة الايرانية، وتحية للإمام الخميني، وتحية لكل الاحرار والشرفاء في ذكرى مرور ثلاثين عاما على انتصار الثورة الايرانية.

 

د. سالم جاري: احسنتم كثيراً شكرا لكم دكتور، يعني اعتذر من الضيفين الكريمين في ان اطرح عليكم سؤالاً اخيراً فضيلة الدكتور مادمتم معنا ثم اعود الى ضيفي الكريمين، الآن نسمع كلمات من هنا ومن هناك ماذا قدّم الإمام الراحل (رضوان الله تعالى عليه) للقضية الفلسطينية، ماذا قدمت ايران، ماذا قدمت سوريا في صمودها باعتبار ان وجهة نظرها قريبة او توافق وجهة نظر النظام الاسلامي في الجمهورية الاسلامية في ايران، كيف تردون على مثل هذه الادعاءات.

 

فضيلة الدكتور محمد حبش: سيدي الكريم، الإمام الخميني والثورة الايرانية ودول الممانعة احيت الاعتبار لرسالة المقاومة، قبل اثنين واربعين سنة قررت اسرائيل ان تهاجم العرب، خلال ستة ايام احتلت غزة بالكامل والضفة الغربية بالكامل وسيناء بالكامل والجولان بالكامل وجزء من لبنان والاردن، بلغ مجموع الاراضي التي احتلتها اسرائيل قبل اثنين واربعين عاما في ستة ايام، بلغ مجموع الاراضي مئة ضعف مساحة غزة الحالية، لم يكن هناك مقاومة، مع انه كان هناك جيوش وكان هناك طيران وكان هناك دبابات، كلها هربت وتركت الارض لاسرائيل وتمكنت اسرائيل خلال ستة ايام من احتلال مئة ضعف مساحة غزة. الآن مع روح المقاومة قررت اسرائيل ان تهاجم  غزة، غزة لا يوجد فيها جيش لا يوجد فيها دبابات لا يوجد طائرات يوجد فقط شباب يقاومون، اثنين وعشرين يوما في غزة لم تستطع اسرائيل ان تغير شيئا من الواقع السياسي في غزة، لم تستطع ان تترك دبابة واحدة ولا جندي واحد، لم تستطع ان تحرر اسيرها، الشيء الوحيد الذي نجحت فيه هو الجريمة، قتل النساء والاطفال نجحت فيه تماما، ولكن فيما سوى ذلك فشلت في كل شيء. حاولت ان تدخل لبنان ثلاثة وثلاثين يوم وهي تقصف بشدة في كل الاتجاهات ولكنها لم تستطع ان تغير شيئا على الارض، ولم تستطع ان تترك جنديا واحدا في اراض لبنان من الجنود الصهاينة، الآن بعد اثنين واربعين سنة جيش اسرائيل اصبح اقواى وتغول اكثر وامريكا معه اكثر واصبح هناك تكنولوجيا وتقنيات ومع ذلك لماذا فشل في ما كان ينجح في ستة ايام لماذا يفشل الاسرائيليون؟ السبب شيء بسيط لا يحتاج الى اسرار، المقاومة، هناك ناس تقاوم ولذلك هذا العدو مضطر يهرب لانه يصاب بخسائر بشكل مستمر مضطر يهرب، لا يوجد سبب آخر، يا سيدي تصور لو غزة ما فيها مقاومة، تصور كم تكلف الصهاينة ؟ ما تكلف ولا ست ساعات ولا شيء ممكن يبدأ من الصحراء وينتهي في البحر، ولكن روح المقاومة التي افرزها صعود التيار الاسلامي وصعود التيار المقاوم هذه الروح هي التي تفرض لغة جديدة وجغرافيا جديدة على الارض، والآن يعلم الاسرائيليون انهم لا يستطيعون ان يحسموا عسكريا كما كانوا قبل ولادة المقاومة.

 

د. سالم جاري: احسنتم كثيرا، شكرا لكم دكتور محمد حبش، جزاكم الله خيراً على ما ادليتم به وما تفضلتم به من هذه المعلومات القيّمة اشكركم شكراً جزيلا وان شاء الله تعالى تتكرر اللقاءات بكم اشكركم مرة اخرى شكراً جزيلاً. مشاهدينا الكرام اعود الآن الى لندن حيث فضيلة الاستاذ عبد الحسن الامين. عذرا لكم تأخرت عليكم استاذنا الكريم، الآن السؤال التالي ايضا يتعلق بما سبق طرحه وتتمة لما وجهت اليكم، الآن السؤال يقول ما الذي قدمته الثورة الاسلامية ودول الممانعة كما تفضل الدكتور محمد حبش للقضية الفلسطينية، الآن مضى ثلاثون عاما على انتصار الثورة الاسلامية بقيادة الإمام الراحل (رضوان الله تعالى عليه) يعني هل بالامكان ان تستعرضوا لنا؟.

 

فضيلة الاستاذ عبد الحسن الأمين:...

 

د. سالم جاري: عذراً، الظاهر ان الاتصال قد انقطع به فضيلة الاستاذ عبد الحسن الامين اذن اوجه السؤال الى فضيلة الدكتور عصام العماد، يعني فضيلة الدكتور الآن السؤال الذي كنت قد طرحته على فضيلة الاستاذ عبد الحسن الامين، يعني الآن نحن نحتفل في السنة الثلاثين لانتصار الثورة الاسلامية المباركة، يعني الآن أهم الانجازات التي قدمها الإمام الراحل وقدمتها الثورة التي هي اهم واكبر عمل قام به الإمام الراحل للقضية الفلسطينية.

 

فضيلة الدكتور عصام العماد: اعتقد ان الآن ما حدث في الانتصار العظيم في حركة حماس هذه ثمرة من ثمرات الإمام الخميني والثورة الاسلامية، باعتبار ان في فترة من الفترات عندما نبحث عن مسألة البعد التاريخي نجد انه بعد الهزيمة الكبرى التي مني بها القوات في سنة (67) او بعد هزيمة حرب رمضان في سنة (1973)، والهزائم المتكررة كان هنالك احباط ويأس في العالم الاسلامي، ما ان قامت الثورة إلا وعادت الروح المقاومة من جديد كان الكثير من الفلسطينيين صرحوا في كل ادبياتهم السياسية والاسلامية ان الثورة الاسلامية هي التي اعادت روح المقاومة واحييت الامل عند الجميع، احييت الامل على مستوى العالم الاسلامي باجمعه، وعلى مستوى القضية الفلسطينية بشكل خاص، اولا ان كثير للاسف من المسلمين بالاسم كانوا يخجلون ان يطرحون قضية الاسلام في المواجهة مع اسرائيل كأن كلمة الدين كانت كلمة مخجلة عند البعض والإمام الخميني انما قام الثورة فرض بلسان العمل ولسان الثورة بأننا يجب ان نتكلم بالدين وصرّح الإمام الخميني وقال مرارا اذا كانت الصهيونية حركة سياسية واستعمارية في تعبير الإمام الخميني ولكنها ارادت ان تتحدث بلسان اليهودية لانها تعرف ان الدين هو المؤثر على اليهود في العالم، مع انها حركة صهيونية لا تمت بالدين اليهودي بشيء، ولكنها استخدمت لسان الدين، وقال كذلك، الكثير من الدول المسيحية الاستعمارية التي لا علاقة لها بالمسيح ولا بالمسيحية لكنها دائما تتحدث بلسان الانجيل ولسان المسيح، فقال فكيف نخجل نحن اننا نتحدث بلسان محمد، واذا كانوا يعتبرون بأن (حسب تعبيره) بأن الدين والرجوع للدين رجعية فلماذا هم يرجعون الى دين اقدم من الاسلام، الدين اليهودي، ودين مسيحي اقدم من الاسلام، فلذلك كان الإمام الخميني يؤكد بلسان عمله وبالثورة التي قام بها بأننا يجب ان نعود فلذلك قبل قيام الإمام الخميني كانت الحركات العلمانية تستبعد وكان كثير من المسلمين في خطاباتهم وفي ادبيتهم السياسية حتى لا يتجرأ ان يبدأ يقول بسم الله الرحمن الرحيم، يعني الى هذا الحد، حتى الشعار يقول بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، كان هذا علامة خجل ان باسم العرب، باسم القومية، باسم الترك، او باسم الفرس كان اللسان حتى كلمة بسم الله كان اللسان يخجل المسلم ان يقول هذه الكلمة في حينها، الإمام الخميني اعاد القرآن وعودة القرآن هو عودة للقضية الفلسطينية، لان فلسطين قضية قرآنية، فلسطين اول قبلة لكل الاسلام وللمسلمين باعتبار ان الاسلام في المفهوم القرآني يشمل المسيحية، بالمفهوم القرآني غير محرفة، ويشمل اليهودية بالمفهوم القرآني غير محرفة ولذلك اصلاً الاسلام عندما الإمام الخميني استطاع ان يجعل الاسلام حياً في المجتمع الاسلامي الايراني استطاع ان يؤثر ولذلك الانسان يتعجب، انا نفسي انما امشي فيها عرفت كيف الإمام الخميني استطاع ان يحيي القضية الفلسطينية، لا يوجد منطقة صغيرة ولا قرية ولا مدينة صغيرة إلا وجعل الإمام الخميني في كل مدينة شارع فلسطين، لا يوجد كذلك منطقة إلا وجعل هنالك طريقة في البناء لمسجد القدس مثلا في مدينة قم المسجد الذي يصلى به بني على شكل القدس، ميادين القدس مبنية على شكل الهيكل القدسي.

 

د. سالم جاري: شكرا لكم، نقضي الدقائق المتبقية مع فضيلة الاستاذ عبد الحسن الامين من لندن، فضيلة الاستاذ اعود اليكم ونعتذر عن هذا التأخير وعن هذا الانقطاع، يعني الملاحظ ان الثورة الاسلامية في ايران جعلت الاهتمام بالقضية الفلسطينية ليس فقط مبدأ سياسيا او قضية مثلا موقفا سياسيا، بل جعلته يعني التزاما اخلاقيا ودينيا ومبدأ من المبادئ المهمة، هذا من جانب، ومن جانب آخر هل لكم ان تستعرضوا اهم المواقف التي صدرت عن الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) وعن الثورة الاسلامية بشكل عام فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

 

فضيلة الاستاذ عبد الحسن الأمين: ليس بأمكاني ان استعرض المواقف التي يجب ان تستعرض بدقة لانه اذا كنا نريد ان نخلط الحقائق بعضها ببعض ونجامل بعضنا كما فعل احدهم وقال لك انه في العام (1967) بدأت معارضة الإمام الخميني للشاه وهذا غير صحيح، الإمام الخميني في (67) كان منفيا من ايران ومعارضته بدأت قبل ذلك بكثير، فالمسألة ليست مسألة استعراضات او مجاملات المسألة في تحليل سياسي عقلاني لكل قضية لها وجه نفي واثبات لكل قضية لها وجهان سلبي وايجابي، الإمام الخميني عندما تبنى القضية الاسلامية الفلسطينية تبناها من موقف مبدئي شرعي قانوني التزم به مدى حياته والتزم به في انشائه الجمهورية الاسلامية وفي كل هذه الامور كان ينطلق من منطلق مبدئي في تحديد الهدف، ولكن الوصول الى الاهداف يتطلب تكتيكات وتجاوزات وتغيرات وتبدلات لا تستطيع ان تصل الى هدفك بأن تسير مستقيما حتى لو كان هناك مهوار أمامك او جورة كبيرة تقع بها لابد ان تتحرك بطريقة عقلانية وان تدرس الموقف بدقة فالثورة الايرانية تميزت بهذه المسألة انها تعاملت موضوعيا يعني لا يكفي ان ترفع الاسلام حتى يهب المسلمين ان يكونوا معك بل بالعكس ايران جنت احيانا لانها حملت القضية الفلسطينية جنت عداءات بعض المسلمين، وتم التحرك ضدها مرة باتهام قومي مرة باتهام مذهبي، مرة باتهام الهيمنة والسيطرة وتصدير الثورة والى آخره، لم تكن الامور مزروعة بالورد ولم يكن المسلمين ينتظرون اشارة من الإمام الخميني حتى يصطفوا، كانت القضية فيها معاناة كبيرة، كان هناك حرب عمرها ثمان سنوات دمرت فيها ايران وقدمت مئات آلاف الشهداء فيها وكان اللذين شنوا بها هم الذين كانوا يدعون انهم يريدون تحرير فلسطين، فاذن المسألة لم تكن مسألة سهلة ولم يكن الوضع فيها كما نرى الآن  ايران بعد ثلاثين سنة استطاعت ان تنجز حقائق على الواقع وعلى العالم ان يتعامل مع هذه الوقائع هذا هو أهم ما حصل الآن ان هناك منجزات ايرانية داخلية وخارجية اصبحت وقائع على العالم ان يتعامل معها والثورة الايرانية كانت دائما منفتحة لم تعتد على أحد لم تتقدم يوم من الايام بمطلب خاص بها لتسيطر او لتهيمن هنا او هناك، كان لها اهداف، بناء ايران قوية، هذا حق من حقوق الشعب الايراني وهذا قوة للمنطقة لان كل دولة ان تبنى بدولة قوية في المنطقة هذا قوة للمنطقة ككل وبالتالي نحن الآن أمام ايران قوية تستطيع ان تساعد غيرها من الدول والجماعات التي عندها قضايا كما يحصل في غزة وفلسطين ولبنان ومناطق اخرى من العالم، وهذا ليس هدفه لا نشر مذهب ولا نشر دين ولا كسب منطقة نفوذ هذا هو الواقع التي انطلقت منها الثورة الايرانية والثورة الايرانية اذا تخلت عن هذه الاهداف وعن هذه المبادئ وعن هذه الطرق تكون قد خسرت نفسها اولاً، فهذه اهمية الامر. بالنسبة للإمام الخميني والقضية الفلسطينية كلنا نعرف وكلنا عشنا هذه المرحلة انه هو جاء على مفترق في القضية الفلسطينية هذا المفترق كانت قد بدأت بعض الدول العربية المهمة تتخلى عن طريق وتسلك طريق آخر والإمام الخميني عارض هذا الطريق الآخر ووقف بوجهه باساليب مختلفة، واثبتت الايام ان هذا الطريق الآخر لم ينتج ليس لان فقط هؤلاء الحكام لم يكونوا قادرين او لم ينجزوا ما ارادوه ولكن لأن العدو الذي نجابهه ليس هو العدو الذي يفاوض ويساوم بل هو العدو الذي يتآمر ويتخندق وراءك وأمامك ليحصل على هدفه وليس مهمته ان يصنع السلام في المنطقة، من هنا نرى ان الخط الايراني كسب مصداقية كثيرة وكبيرة جداً وايران الآن هي محط نظر للحوار من قبل الدول الكبرى كلها بما فيها امريكا الآن. الآن امريكا تستعد لفتح صفحة جديدة ولا اظن وضع امريكا كلها في سلة واحدة انها سياسة حكيمة، امريكا هي شعب كبير هي منطقة عالمية مهمة فيها ناس وفيها بشر هم اصدقاء لنا ويجب ان يكونوا اصدقاء لنا ونسعى لان يكونوا اصدقاء لنا، وانا استذكر ان الإمام الخميني عندما وضع حرم الحوار وضعه مع دولتين، دولة مازالت هي الدولة العنصرية في جنوب افريقيا ودولة اسرائيل العنصرية ولم يضع حرما على الحوار مع اي دولة اخرى، هذا ما اظنه قد حصل في السنوات المبكرة للثورة الاسلامية، فنحن الآن أمام مرحلة حاسمة ودقيقة ان التجربة الايرانية تجاه الموضوع الفلسطيني تجسدت في لبنان وفلسطين واثبتت مصداقيتها على الفريق الآخر اما ان يتقدم نحوها او ان يقدم هو مصداقية ما لفريقه لا ان ينصب العداء لهذه التجربة وان يتآمر عليها ليهزمها بالسلاح الاسرائيلي لان هذا السلاح الاسرائيلي لن يكون بمصلحة أي عربي سواء الذين يقبلون الخط الايراني او الذين يرفضونه، اقرب الناس الى من نظن انهم اقرب الناس الى اسرائيل اليوم هم الذين سيتلقون الضربة الاولى منها بحال هزمت ايران أمام اسرائيل.

 

د. سالم جاري: احسنتم، شكرا جزيلا لكم، ايضا يعني اشرتم استاذنا الكريم الى ان الشعب الايراني قد تحمل كثيرا بسبب موقفه المبدئي تجاه القضية الفلسطينية هذا الحصار هذا العداء من الدول الكبرى، اذن كيف استطاع الشعب الايراني ان يحقق ما حقق وعلى الرغم من هذه الظروف الصعبة ولو انه مجرد اعتراف يسير باسرائيل او مثلا انه لا شأن لنا بالقضية الفلسطينية لحقق كثير من المصالح الخاصة ولكن ما الدرس الذي يجب ان تتعلمه الشعوب من هذه المواقف المبدئية.

 

فضيلة الاستاذ عبد الحسن الأمين: هو ايضا ربما من بركات الله او ربما من حسن التدبير او من حسن السياسة، ان هذه الحصارات التي تفرض على شعب قوي وشعب عنده حضارة وعنده عمق وعنده إيمان تتحول الحصارات الى مصلحته ولا تهزمه ولا تلين من عزيمته وهذا ما حصل مع ايران، الحصارات التي اريد بها الحاق الاذى بايران تحولت الى مصلحة ايرانية بأن ايران اعتمدت على نفسها في مختلف المجالات واستطاعت ان تتقدم بانجازات علمية كثيرة وبانجازات ثقافية وفكرية وسياسية واجتماعية واصبحت نموذجا بدلا ان تكون بلدا معزولا واصبح خط بدها هو السائد الآن وليس العكس وبالتالي سياسة الحصار كانت سياسة فاشلة لانها تعاملت مع شعب لم تعرفه، وكلما تقدمت الثورة هذا من احدى المفارقات ان كلما تقدمت ايران بالسياسة كلما تعرفت على العالم من حولها، واحسنت الجوار واحسنت التعامل واخذت المواقف المناسبة، بالمناسبة ايران لم تتعد على احد طوال ما بعد الثورة رغم كل الاتهامات لم تتعد على احد بل تعدى عليها الكثيرون، فكانت ايران في خلال الثورة كل سنة بعد سنة هي تتعرف على العالم وتعرفه وتحسن ادارة العلاقة معه والغريب ان العالم على العكس كان كل يوم يصبح اكثر جهلا بايران ولا يحسن التعامل معها ولا يتعرف عليها بشكل جيد.

 

د. سالم جاري: احسنتم كثيرا، شكرا جزيلا لكم استاذنا الكريم، دكتور عصام في اقل من دقيقة حدود نصف دقيقة اذا كان لديكم تعليق او كلمة اخيرة تفضلوا.

 

فضيلة الدكتور عصام العماد: انا اريد ان اركز على نقطة مهمة وهو انه فعلاً التجربة التي تمت في خلال انتصار الشعب اللبناني المتمثل بحزب الله، وانتصار الشعب الفلسطيني المتمثل بحركة حماس اثبتت للعالم من خلال تجربة ملموسة محسوسة ان ثقافة المقاومة والمواجهة مع العدو الصهيوني والعدو الامريكي اجدر من ثقافة الحوارات والاستسلام التي لم تستطع ان تحقق الحكم الذاتي ولم تستطع ان تحقق أي نتيجة لفلسطين، اقول نحن الآن يجب ان ننظر الى المسألة من ناحية بعد ان عرفنا المسألة من ناحية شرعية انه لابد من المقاومة من الناحية الدينية.

 

د. سالم جاري: احسنتم، اشكركم واعتذر لانتهاء الوقت، اشكركم شكراً جزيلاً، مشاهدينا الكرام واشكر باسمكم ضيوفنا الكرام معي هنا في الاستوديو فضيلة الدكتور عصام العماد الباحث والكاتب الاسلامي شكراً جزيلاً لكم فضيلة الدكتور. وكان معنا من لندن فضيلة الاستاذ عبد الحسن الامين رئيس تحرير مجلة النور الاسلامية شكراً جزيلاً له، وكان معنا من دمشق فضيلة الدكتور محمد حبش عضو مجلس الشعب السوري ورئيس المركز الاسلامي للدراسات الاسلامية في دمشق شكراً جزيلاً له، الى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته...