المحاور: سالم جاري

 

الضيوف: سماحة الشيخ حسان سويدان الباحث الاسلامي واستاذ الدراسات الحوزوية من مدينة قم المقدسة 

 

فضيلة الشيخ فتحي يكن زعيم جبهة العمل الاسلامي في لبنان

 

فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي مفتي الجمهورية التونسية سابقا

 

د. سالم جاري: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ صدق الله العلي العظيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين، واصحابه الغر الميامين. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، هذا الحوار ضمن العنوان العام: ثلاثينية الاستقامة، حيث نعيش هذه الأيام الذكرى الثلاثين لانتصار الثورة الاسلامية في ايران المباركة، أما عنوان حوار اليوم فسيكون: سر الانتصار. في الوقت الذي انتصرت فيه الثورة الاسلامية بقيادة الإمام الراحل الإمام الخميني (قدس سره الشريف) كان من الصعب بل كان من الاستحالة في مكان ان تفكر الشعوب في امكانية قيام دولة اسلامية عصرية في ظل المعطيات حيث كاد الاستعمار العالمي ان يفرض على الشعوب الاسلامية وشعوب المنطقة والشعوب العربية افكارا جعلت كثير من الناس ينفرون من الدين حيث عمل الاستعمار على جعل الدول الاسلامية عموما والدول العربية خصوصا دولاً متخلفة علمياً ثقافياً لا تكاد تفكر في ان تلحق ركب الامم التي عاشت النهضة العلمية والثورة الصناعية وغير ذلك، واما المصلحون والمفكرون والعلماء فهم اما كانوا يعيشون تحت قمع السلاطين والحكومات الجائرة التي فرضت على الشعوب او انهم كانوا عزّل لا يجدون من ينصرهم على تحقيق ما لديهم من افكار ومن طموحات، ففي فترة كهذه تقوم ثورة اسلامية عصرية بكل ما تحمل هذه الكلمة واسلامية ايضا بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، وان تدعو الى اهداف بعيدة الامد بل بعيدة جدا ولم يكن لها شعاراً طائفياً ولا شعاراً قومياً بل ولا شعاراً اقليمياً انما هو شعار انساني، شعار عالمي يجمع بين الاهداف السامية الاهداف النبيلة الخالدة للاسلام الحنيف وبين تطلعات الشعوب التحررية العلمية التي من شانها ان تجعل هذه الشعوب شعوبا متطورة يحسب لها حساب في العالم اجمع، ولكن السؤال هنا: ما سر نجاح الثورة الاسلامية في ظل ظروف كهذه ؟ وما سر ديمومتها وبقائها حية تزداد يوما بعد يوم نضجاً وثمارها تزداد روعة ؟ في هذا الحوار سأبحث هذه المحاور وغيرها ان شاء الله تعالى مع ضيوفنا الكرام، من مدينة قم المقدسة سماحة الشيخ حسان سويدان الباحث الاسلامي واستاذ الدراسات الحوزوية، وبيروت فضيلة الشيخ فتحي يكن زعيم جبهة العمل الاسلامي في لبنان، ومن تونس فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي مفتي الجمهورية التونسية سابقاً. ابدأ من مدينة قم المقدسة حيث سماحة الشيخ حسان سويدان، السلام عليكم سماحة الشيخ.

 

سماحة الشيخ حسان سويدان: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

 

د. سالم جاري: حياكم الله. سماحة الشيخ الآن السؤال المهم يعني ما أهم عوامل انتصار الثورة الاسلامية في تلك الظروف حيث كان النظام القائم في ايران قبل انتصار الثورة الاسلامية مدعوماً من القوى الامبريالية وقوى الاستعمار العالمي وكان نظاماً متسلطاً جبارا يتميز بالبطش فما اهم عوامل انتصار الثورة الاسلامية.

 

سماحة الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين. في البداية اتقدم اليك اخي الدكتور سالم والى ضيفيك الكريمين بأحر التحية كما اتوجه الى كل المسلمين بل الى كل المستضعفين في العالم بالتحية الحارة العطرة في هذه الليلة المباركة التي هي ليلة انتصار الدم على السيف، ليلة انتصار المظلوم على الظالم، هذه الليلة التي عبّر عنها الشهيد الخالد المرجع الفقيد السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله تعالى عليه) في صبيحة مثل يوم غد قال وقد جمع طلابه وفيهم بعض كبار العلماء ( اليوم تحقق حلم الانبياء ). هذه الليلة تمثل الكثير لكل مستضعف لكل حر لكل أبي لكل مقاوم للظلم، اذن فمن حقنا ان نتخذ هذه الليلة ليلة نتبارك فيها ويبارك بعضنا للبعض الآخر خصوصاً واننا لازلنا على مائدة هذه الثورة المباركة مقاوماتنا تستقي منها لازال شعار الاحرار في عصرنا يستمد قوة ومعونة من هذه التجربة الخالدة للإمام الخميني العظيم (رضوان الله تعالى عليه) وللشعب الايراني العظيم الذي صارت ثورته حجة على المستضعفين في العالم الذين يركنون الى الظلم والى الظالمين، ان الدروس عظيمة ولكنني اطوي صفحات واقطع مسافات لكي اصل الى جواب سؤالكم، لاشك اننا نواجه في القرنين الأخيرين ولن اتحدث عن التاريخ السحيق هنا، ثورات عديدة في عالمينا العربي والاسلامي بل وفي العالم اجمع ثورات عديدة قامت على شعارات اما مادية او اقتصادية او الى ما هنالك لكن الذي يميز ثورتنا هذه انها حملت الشعار الانساني الاكبر وهو من اهم انجازات هذه الثورة فقد تبلور في هذه الثورة مصطلح المستضعفين والمستكبرين في العالم واستطاع الإمام الخميني الراحل (رضوان الله تعالى عليه) منطلقاً وهو الفقيه العظيم من منطلقات الاسلام الاصيلة ان يركز مصطلح الاستكبار ومصطلح الاستضعاف وان يعطيهما المحتوى والمضمون المعاصر، اذن الثورة اذا اردنا ان نوجز سر انتصارها اولاً القيادة الحكيمة المثابرة التي تحمل فكر الاسلام وروح الاسلام والتي جعلت الحسين (عليه السلام) وكربلاء وعاشوراء نصب عينيها حتى كان من الكلمات العظيمة التي كررها قائد الثورة :  (كل ما لدينا من كربلاء، كل ما لدينا من عاشوراء ). رمزية القيام بوظيفة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، رمزية ان كلمة حق أمام سلطان جائر هي من الجهاد بل هي الجهاد، القيادة الفقيهة القيادة العظيمة، القيادة المسلمة، القيادة الواعية، القيادة الواضحة، القيادة المثابرة التي لم تفرط بفرصة من الفرص واحتاطت لدينها ولامتها ولاسلامها عندما كانت تضحي بهذه الدماء هذا العنصر الاول، العنصر الثاني الامة القائمة لله (سبحانه وتعالى) التي شكلت مصداقاً بارزاً لقوله تعالى ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى﴾ هذه الامة المجاهدة المثابرة التي ضحت من اجل اسلامها، من اجل حريتها، من اجل حفظ كرامتها أمام الامبريالية العالمية التي صارت ايران عشية الثورة معسكرا لها وقاعدة لها هذه الامة التي قامت هذه القومة العظيمة والتي توحدت في سبيل ذلك تشكل العنصر الثاني من عناصر هذا الانتصار.

 

د. سالم جاري: شكراً لكم سماحة الشيخ، سأعود اليكم لمواصلة الحديث في ذكر بقية العناصر وايضاً الاسئلة التالية، دعني انتقل الى تونس حيث فضيلة الاستاذ محمد المختار السلامي، السلام عليكم استاذنا الكريم.

 

فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

د. سالم جاري: حياكم الله استاذنا الآن ونحن نتحدث عن اهم العوامل التي أدت الى انتصار الثورة الاسلامية وإلى ديمومتها واستمرار اهدافها، الآن ما الدرس الذي يمكن ان يستفاد من هذه الثورة ابتداءاً من انطلاقتها بل من التخطيط لها قبل انتصارها يعني التخطيط بين الإمام الراحل (رضوان الله تعالى عليه) وبين سائر القادة في الجمهورية الاسلامية في ايران ؟ يعني ما اهم الدروس التي يمكن ان تستفيدها شعوب المنطقة وهي تعاني ما تعاني كما تعلمون وتقاوم ما تقاوم ومن تقاوم من الامبرياليين والاستعماريين ؟

 

فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل وسلم وبارك على إمامنا وشفيعنا سيدنا محمد وعلى آله وصحبه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وباقة من التهاني اقدمها الى هذا الشعب البطل الذي حقق في نهاية القرن العشرين ما عجزت عنه جميع الثورات ولم تحققه، اني عندما انظر الى آثار هذه الثورة، هذه الثورة تقدمتها محاولات لم تصل في النهاية الى تحقيق، فقد تتبعنا ثورة الدكتور مصدق في ايران وقد بذل حياته في سبيل ذلك، ثم انه قد استكبرت عليه قوى الاستكبار وصنعت ما تعلمون، لكن بعد هذا يبرز في العالم وينادي في فم الدنيا الإمام الخميني (رحمه الله) ان قوى البطش والاستكبار هي لا تستطيع ان تتغلب على الإيمان اذا رسخ في النفس، فالإمام الخميني اول ما اعتمد الصدق في ثورته، ثم بعد ذلك بعد هذا الصدق والاقتناع استطاع ان يحرك القلوب والضمائر ليعلمهم ان القوى المادية مهما طغت وتكبرت فانها لا تستطيع ولن تستطيع ان تتغلب على قوى الروح والايمان، وهذا درس اخذناه من سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فهو (صلى الله عليه وسلم) قد استطاع بعون من ربه وبصدق في عزيمته وباخلاص الذين كانوا حوله استطاع سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ان يتغلب على قوى الكفر والمادة ونجح (صلى الله عليه وسلم) في تأسيس اول دولة تقوم على العدل وعلى كرامة الانسان، وهذا درس طبقه الإمام الخميني اتصف ايمانه واعتمد على الله ثم هيّأ الشعب التهيئة التي خرج به من الخنوع والذل والقبول بالضيم الى رفض هذا والى ان القوة الايمانية هي منتصرة وانتصر بحمد الله، فكان انتصاره فتحاً للباب لجميع المستضعفين في الارض وخاصة الامة الاسلامية التي تداعت عليها الامم من جميع الجوانب والتي تسلط عليها الظلم والبغي والاستعمار.

 

د. سالم جاري: احسنتم كثيراً، شكراً لكم استاذنا الكريم فضيلة الشيخ سأعود اليكم، مشاهدينا الكرام نظراً لعدم التمكن من الاتصال بفضيلة الشيخ فتحي يكن لحين الاتصال به اعود مرة اخرى الى سماحة الشيخ حسان سويدان، سماحة الشيخ اعود اليكم وايضاً تتمة لما تفضلتم به قبل قليل وايضاً كيف تجسد دور الدين ودور رجال الدين في انتصار هذه الثورة الاسلامية والتلاحم بين الشعب وقيادته ؟

 

سماحة الشيخ حسان سويدان: بالحقيقة وانا اريد اجيب سؤالكم الكريم ببيان العنصر الثالث، العنصر الاول كان هو القيادة الحكيمة التي تقتنص الفرصة والتي انطلقت من وعاء شعبها وهي تعرف عناصر القوة وعناصر الضعف ان وجدت واستطاعت ان تثمر عناصر القوة باقوى ما يمكن، العنصر الثاني هو الشعب المضحي الشعب المعطاء، الشعب الذي يحمل بين جنباته الروح الحسينية وكل من يعرف الشعب الايراني يعرف ماذا تعني له القضية التضحوية التي عنوانها الرئيسي هو الإمام الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) ، العنصر الثالث والعنصر الاساسي والهام والذي ينسجم الى حد كبير مع سؤالكم هو القضية قضية الثورة، قضية الثورة لم تكن مسألة اقتصادية، ولم يكن الشعب الايراني من الشعوب الفقيرة ولا ايران من البلدان الفقيرة، لم يكن يعاني من فقر مدقع يجعله يثور وان كان هناك ظلم من قبل الطاغوت شاه ايران في تقسيم الثروة بين المدن او بعض المدن والارياف، ولم يكن الشعب الايراني يعاني من حياة اجتماعية، ايران امبراطورية في الشرق، الكل وضع عينه عليها، القضية المهمة التي هي من باب التفاعل بين القاعدة من جهة والقائد من جهة اخرى، هي التي شكلت صمام الأمان لهذه الثورة، بالاضافة الى الشعارات الانسانية العريضة التي رفعتها ثورة الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) ثقف هذا الشعب، علّم هذا الشعب سواء بالمباشرة بشخصه الكريم قبل ان يرحل من ايران او من خلال بياناته التي كانت تصل الى الشعب الايراني من خلال نسيج العلاقات والسفراء ان صح التعبير والوكلاء الذين نشرهم في كل اوساط الشعب هنا وهناك رفع شعار الاسلام، الشعار العريض الذي اسس له رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجرى عليه امير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) في حركة لاعادة الامور الى نصابها الصحيح، الإمام الخميني من اول يوم قال قضيتنا قضية المستضعفين أمام المستكبرين ليست قضية ضيقة منزوية من زوايا المجتمع، او في زاوية من زواية الاهتمام، الحس الديني القوى وجعل الشعار للثورة من الشعارات الثابتة التي هي اعادة الاسلام ونبض الاسلام الى الحياة العملية من جديد وتثقيف الامة على قاعدة ان احكام الدين لا يمكن ان تراعى في المجتمعات إلا اذا صلح عنصران كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحكام الامراء والعلماء اذا صلحا صلح المجتمع واذا فسدا فسد المجتمع من هنا الإمام الخميني لم يتسرع في اعلان الثورة من بابها العريض بل هيّأ علماء مخلصين مضحين هم تلامذته وابناؤه الروحيون هيّأهم وانتشروا في المجتمع ينشرون الفكر الاسلامي الصحيح فوعت الامة حقيقة الثورة بحيث ان البعض كان يأتيه وهو في منفاه في النجف الاشرف يريد منه ان ينتصر لقضايا صغيرة في بعض البلدان فيقول لهم وبجواب قاطع اعملوا معي على اسقاط الشاه وكان يرمي (رضوان الله تعالى عليه) الى الحقيقة الكبرى لان في اسقاط الشاه حل لمشكلة ايران ولمشكلة الاسلام المعاصرة وقيام الدولة الاسلامية المعاصرة هو مركز الاشعاع الى بقية الثورات سواء الانسانية منها او الاسلامية والى بقية الدول الاسلامية وهكذا كان فقد ركز جهوده فانتصرت الثورة وانتصر الدين مكن في الارض فأقام الصلاة، احيا في الامة شعارات كادت تطمس في القواميس، اخرج كثيرا من الفقه الذي كان نائما بين جنبات كتب الفقه الى التطبيق واستطاع ان يصبح ام القرى وام الثورات منه استقت المقاومة الاسلامية في لبنان وحققت النصر المبين،  منه استقى تلامذته واقولها بكل قطعية في غزة هاشم وكان ان انتصروا في تلك الحرب ووقفوا الوقفة التي لم تقفها الجيوش العربية العارمة واستطاعوا ان يصدوا هذا العدوان الصهيوني الغاشم، اذن فالقضية المفصلية التي حمت الثورة وظللت الثورة واحدثت التغيير كانت هي شعار الاسلام شعار من الثوابت وليس شعاراً من المتغيرات التي قد تتغير يوما فيوما مع المجتمعات فقطع ايدي المستكبرين وبنى للمستضعفين دولة ووفى بشعاره (رضوان الله تعالى عليه) فكان ان استمرت الثورة على هذا الشعار وبدأت تطبق منهج الاسلام حياتياً وعملياً وصارت أُماً للثورات وهذا هو المعنى الصحيح لما يسمى بتصدير الثورة، تصدير الثورة ليس مسألة استعمارية بالمعنى الذي اعتاده اصحاب الدول الكبرى ان يصدروا ثوراتهم، تصدير الثورة هو اقناع الشعوب المستضعفة بالتجربة الناجحة عملياً لكي يقوموا في وجه المحتلين ولكي يقوموا في وجه المستكبرين فآتت الثورة اكلها ولازالت تؤتي اكلها وتبقى ان شاء الله تؤتي اكلها كل حين باذن ربها.

 

د. سالم جاري: احسنتم، شكراً لكم سماحة الشيخ سأعود اليكم. مشاهدينا الكرام الآن سيكون معنا فضيلة الشيخ فتحي يكن عبر الهاتف نظرا لعدم اكتمال الصورة السلام عليكم فضيلة الشيخ.

 

فضيلة الشيخ فتحي يكن: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

 

د. سالم جاري: حياكم الله. فضيلة الشيخ نتحدث في حلقة اليوم عن اهم العوامل التي ادت الى انتصار الثورة الاسلامية بقيادة الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) ودور القيادات الاسلامية، الآن رأينا هذه الثمار التي تفضل بالحديث عنها الضيفان الكريمان قبلكم ورأينا المقاومة كيف اخذت الدرس البالغ والمهم وصمدت بوجه الاستعمار والاحتلال الصهيوني، اذن الآن نتحدث عن أهم هذه العوامل فضيلة الشيخ تفضلوا.

 

فضيلة الشيخ فتحي يكن: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه اجمعين، اما بعد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هنالك طبعاً عوامل كثيرة ساعدت وعملت على نجاح وانتصار الثورة الاسلامية في ايران بل هنالك طبعاً سطرت على امتداد العالم الاسلامي والساحة الاسلامية سطرت استراتيجيات جديدة لم تكن قائمة من قبل، اعتقد في مقدمة هذه العوامل هي قضية الوحدة التي دعا اليها الإمام الخميني (رحمه الله) على اعتبار ان الوحدة اساس بالفعل قوة الامة وانتصاراتها في كل مكان وان الفرقة والانقسام لاشك انه يؤدي الى الانهزام والى التراجع والى الاخفاق، فلا شك انه احيا من جديدة هذه الفريضة التي نعتبرها فريضة بكل معنى الكلمة، فريضة الوحدة وفريضة العمل من اجل وحدة الامة على اعتبار ان هذه الامة امة واحدة لا يجوز طبعا ان تكون هنالك عوامل تؤدي الى انقسامها لا عوامل طبعاً طائفية او مذهبية او فئوية او ما اشبه ذلك، فهذا عامل اساس في انتصار الثورة ولقد حمل هذا العامل العلماء واعتقد انه ظاهرة العلمائية التي بدت في الثورة كانت واضحة جداً حيث انتقل الإمام الخميني (رحمه الله) بدور العلماء من ان يكون لهم دور هامشي او ان يكونوا في خدمة الحكام يستفتونهم ويعطونهم الفتوى حيث ما يريدون الى ان يكونوا فعلاً ورثة الانبياء، وان يكونوا في مقدمة الركب ليس الركب حتى الثقافي والتربوي فحسب وانما كذلك في مقدمة الركب الجهادي المقاوم ومن هنا وجدنا طبعاً ايران تقدم صفوف المجاهدين تقدم العلماء، وحتى اليوم هذه الظاهرة بفضل الله تعالى بدت لدى الكثير من الحركات الاسلامية سواء منها في حزب الله في لبنان، في قوات الفجر في لبنان، في غزة، حيث ان معظم الذين انتشقوا السلاح وخاضوا وقادوا المجموعات الجهادية والمقاومة كانوا من علماء هذه الامة هذه الظاهرة بالفعل لم تكن معروفة في العصر الماضي، قديماً كانت قائمة كانت موجودة يعني انا اذكر هنا انه الإمام عبد الله بن المبارك عندما دهم العالم الاسلامي عدو ترك مكة على قدسيتها وكان له رفيق فيها ابى ان يخرج مع المجاهدين فكتب له بعد ان تابع طريقه الجهادي كتب له قائلاً في شعر طويل اقدم بيتين منه:

 

يا عابد الحرميـن لـو أبصرتـنـا          لوجدت أنك بالعبادة تلعـب

 

من كان يخضب خده بدموعه فنحورنا         بدمـــائـنـا تتـخضب

 

هذا موقف العلماء، العلماء وقت العلم علماء، وقت الجهاد مجاهدين، وقت قيادة الامة كذلك هم قادة هذه الامة، وبالفعل من هنا فريضة الجهاد كذلك عاشت واحياها الإمام الخميني من جديد، فريضة الجهاد كانت فريضة مضيعة غائبة نائمة فاحياها من جديد وبخاصة عندما يتقدم الصفوف علماء هذه الامة من هذه المعالم كذلك وهناك معالم كثيرة هي قضية امتلاك القوة، القوة كانت قبل ذلك كانت قوة بيد الشيطان الاكبر كانت قوة بيد المتحالفين مع الشيطان الاكبر وطبعاً في ايران كان الشاه الذي هو اداة بيد الولايات المتحدة الامريكية كان ايران تمتلك طبعاً اقوى يمكن قوة عسكرية انما كانت تديرها وتقودها الولايات المتحدة الامريكية ولم تكن توظف في مصلحة الامة بحال من الاحوال بل كانت تبطش بالعلماء وتبطش بالمجاهدين والدعاة وانا هنا كذلك اذكر ان من الذين قدموا الى حبل المشنقة ليكونوا في طليعة المجاهدين والشهداء السيد نواب صفوي كان من هؤلاء العلماء الذين طبعا بشطت بهم حكومة الشاه وعهد الشاه، فامتلاك القوة التي تبقى في يد امينة في يد العلماء من الامة في يد قادة الامة الحقيقيين فلهذا السبب نرى في هذه الفترة اليوم طالت عقول قوى الاستكبار في كل مكان كيف تمتلك ايران هذه القوة، القوة العسكرية يجب ان لا تمتلكها لا ايران ولا اي بلد عربي واسلامي وانما ان تمتلكها طبعا دول الاستكبار ان تمتلكها اسرائيل ان يكون في اسرائيل ما يقرب من اربعة مفاعلات نووية فهذا لا بأس به ان تتمرد اسرائيل ولا توقع بالفعل على وثيقة الحد من الاسلحة النووية فلا مانع من ذلك اما ان تقوم ايران والثورة الايرانية والحكومة الايرانية باجراء بعض التجارب لتخصيب اليورانيوم فهذا ممنوعا عليها، هذا كان بالفعل الوضع قديما وبانتصار هذه الثورة اعتقد ان الايام تتغير يوما اثر يوم وان الانتصارات بفضل الله تعالى تتحقق انتصار اثر انتصار حتى اننا وجدنا طبعا في انتصار غزة كما في انتصار تموز كذلك ان الشعوب العربية والاسلامية بل شعوب العالم كلها تعلقت قلوبها بالفعل بهذه الانتصارات، وجدنا ان شعوباً مثلاً في امريكا الجنوبية تتحرك وفي اوروبا وفي غيرها وجدنا كيف ان فنزويلا طردت السفير الاسرائيلي، يعني اصبحت بالفعل هذه الثورة معقد الامل ومعقد الرجاء بالتخلص من الطاغوت والطغيان،  طغيان الشيطان الاكبر.

 

د. سالم جاري: شكراً جزيلاً لكم، احسنتم، دعني انتقل الى تونس الى فضيلة الاستاذ محمد المختار السلامي، استاذنا الكريم الآن كما تفضلتم جميعاً واشرتم فان الثورة الاسلامية منذ انطلاقتها الاولى اعلنت عن اهداف وشعارات وظن البعض ولاسيما في ظل مثل هذه الظروف يعني الحصار من قبل الدول الكبرى الدول الاستعمارية التضييق الدائم على الجمهورية الاسلامية في ايران ولكن القيادة الحكيمة في الجمهورية الاسلامية سواء في زمن الإمام الراحل او في زمن الإمام الخامنئي (حفظه الله تعالى) كانت مصرة على ان هذه الاهداف ستنجز وستتحقق، الى أي مدى في تصوركم تم انجاز مثل هذه الاهداف.

 

فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي: في هذه المناسبة الشريفة والكريمة اريد ان زيادة عن سلامي الذي وجهته وتهاني الى الشعب الايراني اتقدم الى العالمين الجليلين الذين قاما بتفصيل وبيان الثورة واسسها وعلى ماذا قامت عليه وماذا حققته، ما اريد ان اضيفه الى بيانهما الكبير هو ان الثورة قامت في نظري على عناصر ثلاثة، العنصر الاول هو الثقة بالله، العنصر الثاني هو ما تولد عن الثقة بالله والايمان من العزة في القيادة ومن تأكيد العزة في قلوب الشعب، الثالث، هو انه ما يقتضيه الايمان وما تقتضيه العزة هو الصمود، فبالصمود وبالعزة وبالايمان استطاع الشعب الايراني ان يواصل ثورته المباركة، هذه العزة التي هي الوسط بيّن الإمام الخميني انه لا عزة اذا كان للقيادة مقام وللشعب مقام ادنى، فقد رأيت مع حسب ما صوّر في التلفزة من اقامة الإمام الخميني بباريس وزرت بيته في ايران فاعطى للشعب مثلاً انه لا تختلف القيادة عن الشعب وانهم سواء وبهذا حصل النسيج المتكامل بين القيادة والشعب ومضى الشعب الى تحقيق اهدافه ومن هنا نجد ان الشعب الايراني لما خطط هدفاً له وهو ان يكون مستقلاً ولا سيادة بدون استقلال اخذ يحقق يوما فيوما ما خططه ليصل الى هذا الاستقلال في جميع النواحي العسكرية والعلمية والاقتصادية، وليس معنى الاستقلال هو رفض للتعاون ولكن الاستقلال هو التعاون من منطق القوة لا من منطق الضعف، وهذه ميزة اراها ان الثورة الخمينية قد حققتها وبها نهجت المنهج الذي اخذته القيادات التي توالت على الشعب الايراني والتي اريد ان انوه هنا في هذا المقام ان ايران اعطت مثلاً لديمقراطية الحق وانه ليس هناك من يستطيع ان يذل الشعب او ان يسرق منه قوته التي عليها ترتكز القيادات، فأنا اهنئ الشعب الايراني على ما حققه وعلى ما جمعه من المقومات التي يستطيع بها في المستقبل بعون من الله ان يحقق نجاحات اكثر واكثر ولن تستطيع قوة من القوى المستبدة والمعتمدة على المادة ان تهزم القوة الروحية التي هي ينطلق بها الشعب الايراني الى تحقيق اهدافه، اعانه الله سواء أكان ذلك في الميدان العلمي او في الميدان العسكري اذ اني لا أ ُقدر ان الوصول الى القنبلة النووية هي هدف الشعب الايراني ولا الحكومة الايرانية ولكن هناك مستوى علمي قدّر مُقدماً الإمام الخميني والقادة الذين توالوا على الشعب الايراني ان يصلوا اليه، وبهذه العزة وبهذا الايمان سيصلون بحول الله اليه.

 

د. سالم جاري: احسنتم كثيراً، شكراً لكم استاذنا الكريم، جزاكم الله تعالى خيراً، انتقل الآن الى طرابلس ثم اختم مع سماحة الشيخ حسان سويدان، حيث الاتصال الهاتفي مع فضيلة الشيخ فتحي يكن. فضيلة الشيخ تفضلتم جميعاً بالحديث عن سر انتصار الثورة الاسلامية ولكن السؤال ايضاً انه كيف خططت القيادة الحكيمة لهذه الثورة الاسلامية المباركة لها من حيث الديمومة والاستمرار فنحن نعلم حجم التحديات والمخاطر.

 

فضيلة الشيخ فتحي يكن: بسم الله الرحمن الرحيم، لا شك ان المرحلية كانت عنواناً واضحاً في انتصار الثورة وفي تألقها والمرحلية هذه هي ان الانتقال من مرحلة الى مرحلة وليس طبعاً احراق المراحل دفعة واحدة فابتداء الثورة عند الحصار حتى الاقتصادي رفعت شعارات تتعلق بقضية كفايتها الذاتية من مداخيلها يعني نحن نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع واستغنت بذلك بالفعل عن الاستيرادات الخارجية التي من خلالها يتمكن العدو ان يمتلك اسباب القوة وان يغرق البلاد في بحر من المديونية للبنوك الدولية طبعا معروفة الخلفية الاستعمارية كذلك، فهذه المرحلة بالفعل كانت واضحة المعالم، الاستقرار الاقتصادي، الاستقرار الاجتماعي، الاستقرار الامني، طبعا هذه المراحل اثر مراحل لانه بقيت شراذم معينة لفترة معينة تحاول ان تصدع الصف الايراني وان تخرّب بالفعل على الثورة ومكتسباتها ثم تلاشت بالفعل هذه المبادرات وهذه المؤامرات واستمرت الثورة، قضية الاولويات لاشك انه هي اساس في هذا الانتصار، طبعا اليوم عندما تبدأ مرحلة جديدة تتعلق بتخصيب اليورانيوم بامتلاك القوة العسكرية هذه لم تكن في مقدمة اهتمامات الثورة وانما جاءت الآن بعد الانتصارات التي تحققت في النجاحات الاقتصادية في وحدة الشعب والامة في امكانية الادارة والنظام في مجموع الديمقراطيات التي تحققت بحيث ان الشعب مثال هو الذي يبرز وينتخب ويقترع رئيس الجمهورية ومن هنا نجد بالفعل ان عددا من الاخوة الايرانيين طبعاً قدموا الى مواقع القيادة واحداً اثر الواحد يعني هنالك الشيخ الرفسنجاني هنالك السيد خاتمي وهنالك اليوم الاخ احمدي نجاد وهكذا، طبعاً هذا دليل على قيام ووجود الحرية وما يسمى بالديمُقراطية ونحن نسميها بالشورية كذلك وليس بالديمقراطية، هذه طبعاً اعتقد هذه المرحلية التي اعتمدت هي التي بدأت ترتفع بايران من مستوى الى مستوى حتى اصبحت اليوم ايران قوة لا اقول اقليمية لا يُستهان بها وانما اقول قوة دولية.

 

د. سالم جاري: اشكركم سماحة الشيخ واعتذر لضيق الوقت، دعني اختم في حدود دقيقة مع سماحة الشيخ واعتذر له سماحة الشيخ حسان سويدان، لا بأس ان تشيروا الى قضية مهمة سماحة الشيخ وان كان بايجاز رجاءاً، يعني دور قضية ولاية الفقيه وهي من العناصر الرئيسة في انتصار وديمومة الثورة الاسلامية.

 

سماحة الشيخ حسان سويدان: طبعا تطلب مني ان اشير في دقيقة وهذا مطلب يحتاج الى حلقة بل حلقات، الحقيقة ولاية الفقيه في ظل النسيج الاجتماعي الايراني شكّل صمام أمان رئيسي في بداية الثورة في تحريك الثورة في انتصار الثورة والأهم من هذا كله في ديمومة الثورة، لان الحفاظ على ديمومة الثورات أهم بكثير أقول من ايصال الثورة الى انتصارها وطالما رأينا ثورات اكلت نفسها بعد ذلك، انا اقدر ان هناك عوامل عديدة لحفظ ديمومة الثورة واعتلائها من اهم هذه العوامل وحدة القيادة المخلصة الصالحة العالمة بالقانون الاسلامي العاملة بكل فروعها ومستشاريها من اجل هذا الهدف، وعقيدة الامة بقيادتها لانها تشكل مرجعيتها الدينية والسياسية في آن معا وهذه هي تربية القرآن، هذه هي تربية الاسلام، من هنا تلعب ولاية الفقيه الدور الاساسي والرئيسي في حفظ الثورة وفي اعتلائها وفي استمرارها وهذا هو النووي الحقيقي في الحقيقة الذي حفظ الثورة من داخلها واستطاع ان ينتج لنا هذا التطور الهائل في هذه الثورة.

 

د. سالم جاري: شكراً جزيلاً لكم سماحة الشيخ حسان سويدان الباحث الاسلامي واستاذ الدراسات الحوزوية، وفضيلة الشيخ فتحي يكن زعيم جبهة العمل الاسلامي في لبنان، شكرا جزيلا له، ومن تونس فضيلة الاستاذ محمد المختار السلامي مفتي الجمهورية التونسية سابقا شكراً جزيلا له، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاتــه...