المحاور: حسين مرتضى

 

ضيف: د.محمود الزهار: وزير الخارجية الفلسطيني السابق – طهران  

 

حسين مرتضى: معالي الوزير، اذا اردنا ان نقرأ نتائج الحرب، هذا الانتصار الذي حققته المقاومة الفلسطينية في غزة، ما مدى تأثير هذا الانتصار على واقع وتركيبة كيان الاحتلال الاسرائيلي؟

 

د.محمود الزهار: الحرب قامت بقرار من الجانب الاسرائيلي وهي اكبر دولة مسلحة وبأسلحة نووية في الشرق الاوسط. الطرف الآخر هو اضعف بقعة موجودة في الشرق الاوسط. المعركة التي دارت، من 16 الى 20 كيلومتر مربع لم تستطع قوات الاحتلال ان تحتل كيلومتراً واحداً فيها. الحجم الذي استخدم قد يعادل قنبلتين نوويتين، من ضرب بطائرات اف-35. نظرية الامن القومي الاسرائيلية تعتمد على نصر مهم. العنصر الاول هو التفوق وقد تحقق لها. بمعنى عندها طائرات حربية بكل الانواع، عندها وسائل استخباراتية بكل الانواع وعندها تفوق في الدبابات وعندها كل شيء. النقطة الثانية، ان تكون الحرب اسرع ما يمكن. استمرت 22 يوم وفشلت في هذه الجزئية. ثالثاً، قوات العدو كانت تركز دائماً على ان تكون المعركة خارج الارض المحتلة عام 48. واستمرت المعركة داخل حدود الارض المحتلة في عام 48 ووصلت الى منطقة السبع ومنطقة عسقلان وهذه قضايا استراتيجية بالنسبة لها. بالتالي، ضربت نظرية الامن القومي الاسرائيلي في اهم عناصرها وحيد العنصر الثالث وهو التفوق. لم يستطع ان يحقق نصراً. هذه النقطة تجيب على السؤال الاول وهو، ما هي انعكاساتها. اذاً، الآن سيفكروا 1000 مرة قبل ان يستخدموا هذه العناصر او عليهم ان يعيدوا نظرية الامن بطريقة مختلفة. يوم شرعوا قتل اولادنا، شرعوا للعالم ولنا ان نقتل اولادهم واصبح ليس هناك محرم. عندما هدموا مساجدنا شرعوا لنا ان نهدم كنوسهم. بالتالي، انا اعتقد ان آثار هذه المعركة آثار مدمرة على المستوى الاستراتيجي.

 

حسين مرتضى: هل ستؤثر على وجود اصل هذا الكيان؟

 

د.محمود الزهار: نحن نسمي المعركة النهائية بمعركة وعد الآخرة لأن الله سبحانه وتعالى ذكر في القرآن، فاذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرة وليتبروا. نحن سندمر هذا العلو على المستوى المادي وعلى المستوى المعنوي. هم بنوا دولتهم هنا تحت مصطلح اخلاقي من انه شعب مضطهد ومظلوم والان هم استخدموا اسوأ مما ادعوه على الآخرين.

 

حسين مرتضى: صحيح ان العدوان العسكري توقف لكن العدوان مازال مستمراً من الجانب الآخر، موضوع الحصار وموضوع عملية الاعمار، ما الذي يمكن ان نقوله هنا؟ كان هناك مؤتمر شرم الشيخ في مصر بالامس وتم جمع حوالي 5 مليارات لأعادة بناء غزة. ولكن الآن كيف سيتم عملية الاعمار ؟ الحكومة الفلسطينية في القطاع لم تدعى الى هذا المؤتمر، ما الذي تقوله حماس في هذا السياق؟

 

د.محمود الزهار: الكثير يعرف انه الكثير من الدول الاوروبية والكثير من الدول التي شاركت في ما يسمى دعم الشعب الفلسطيني على مدار السنوات الماضية هي تعيش حالة من النفاق السياسي وتصنع لها ازمة داخلية. واذا كان هناك بقية من اخلاق فهي تصنع لها ازمة اخلاقية. واعتقد ان هذا الموقف الاوروبي الذي يشترط ما لم يشترطه على احد من اجل الاعمار هو امر غير مقبول وكل ما يمكن ان يقوموا به لا يمكن ان يكون له اي قيمة عملية في الاعمار طالما انه بقيت حركة حماس بعيداً عن هذا الاعمار. اذا ارسلوا الاموال الى رام الله، كيف ستصل الى غزة ومن الذي سينفذه ؟ سيعودوا الى الحكومة الشرعية في غزة لتطبق هذا الموضوع. نحن نسهل عليهم الموضوع لأن هدفنا هو الاعمار. من يظن انه بهذه الاموال سينتزع منا اي تنازل فيما يتعلق بمشروع الوطن والمواطنة فهذه قضية هم يعرفونها. نحن نسهل لهم هذه المهمة. فليؤسسوا منظمات، صندوق، الدول المانحة ترسل من تراه مناسباً ليشرف على هذا الموضوع. نحن لا نريد ان نضع الاموال في ايدينا. لكن اذا وضعت هذه الاموال في يد رام الله، اعتقد ان قرشاً واحداً منها لن يصل الى غزة.

 

حسين مرتضى: الآن هناك من يراهن على صمود الشعب الفلسطيني والتفاف اهالي قطاع غزة حول المقاومة، لذلك يتم الضغط على المقاومة في غزة بكل اطيافها من اجل تقديم اي تنازلات. هناك من يقول انه ما لم تستطع آلة الحرب ان تأخذه من المقاومة، يتم محاولة اخذه بعملية الاعمار. كيف ستتعاطون انتم مع هذا الموضوع؟ اذا لم تصل الاموال كيف ستقومون بأعادة اعمار قطاع غزة؟

 

د.محمود الزهار: غزة والضفة يعيشان في محنة كبيرة. الشعب الفلسطيني وخصوصاً في غزة صمد صموداً لم يتوقعه احد. خبراء قالوا لنا بعد ان شكلنا الحكومة في مارس 2006، امامكم شهرين او ثلاثة اشهر على اكثر تقدير ثم بعد ذلك عليكم ان تسلموا الراية لمن يستطيع ان يرفع الحصار. حتى هذه اللحظة نحن صامدون وصابرون. الشارع الفلسطيني يصبر ويصمد ويضحي لأنه يدرك ان البديل هو الدمار السابق، الدمار المالي والاخلاقي، الفساد الاداري والتعاون الامني مع العدو الاسرائيلي. كل ذلك وغيره يجعل الشعب الفلسطيني يصبر ويصمد ويلتف حول حركة حماس والحكومة في غزة. نحن لنا الحق في ان نجمع الاموال بكل الوسائل المشروعة وان نوزعها الى اصحابها. انا اؤكد ان هذا الحصار لن يطول لأن القضية طالت وهناك اصوات تعلو الآن فوق كل الاصوات تطالب برفع الحصار. اذا استطاعوا ان يخرجوا فهذه لمصلحتهم واذا لم يستطيعوا فنحن صابرون وصامدون. الاعمار لابد ان يتم بفتح المعابر لأدخال المواد الاساسية. اذا لم يتم ادخال المواد الاساسية، لن تكون هناك تهدئة بالمطلق لأن التهدئة ليست تهدئة مجانية. الآن محاولة الربط بينها وبين قضية صفقة التبادل، لا فلابد من فصل المسارات. بالتالي نحن نرى الصبر حتى يتم اعادة صياغة هذه المنظومات التي من حولنا. هناك تغييرات سياسية تحصل على كافة الصعد على الجانب الاسرائيلي ومن يريد ان يخرج من الحكومة الحالية، يريد ان يلقي بقنابل كربط قضية الاسرى بقضية المعابر وغير ذلك. المقاومة عندنا ليست عمل مسلح فقط. نحن سمينا انفسنا حركة مقاومة اسلامية قبل ان نرفع رصاصة واحدة في وجه العدو. بدأنا بتربية الانسان ومن ثم دخلنا في الانتفاضة الاولى وابدعنا فيها ثم دخلنا في الانتفاضة الثانية وطورنا فيها العمل المسلح الى ان اصبح عندنا ما يراه العالم اليوم. بالتالي، العمل المسلح هو اداة من ادوات المقاومة ولكن المقاومة قبل كل شيء فكرة رفض الاحتلال او فكرة اصلاح التي ضمت كل شيء. لذلك، لا خوف على المقاومة الا اذا كنا نتحدث عن مقاومة بمفهوم العمل المسلح.

 

حسين مرتضى: في موضوع التهدئة مع العدو الاسرائيلي، الى اين وصلت هذه النقطة ؟ ما هي النقاط التي يوجد عليها خلاف ؟ ما الذي يقوله الاسرائيلي وما الذي تقوله المقاومة؟

 

د.محمود الزهار: نحن مع المصريين وهم كانوا وبجهد مشكور على اتصال مع الجانب الاسرائيلي. وصلنا الى تهدئة كاملة البنود تلبي الحد الادنى المطلوب للشعب الفلسطيني. بنود التهدئة هي وقف كل اشكال العدوان، فتح المعابر بالكامل، اعادة الاعمار وادخال كل المواد التي تدخل، مقابل وقف اطلاق الصواريخ. واتفقنا على ذلك ولم يبقى الا ان يتم الاعلان عن ساعة الصفر. في اللحظة الاخيرة قاموا بربط هذه التهدئة بقضية تبادل الاسرى فأوقفنا كل شيء وقلنا ان مسرب تبادل الاسرى منفصل تماماً.

 

حسين مرتضى: من وجهة نظرك لماذا ؟ هل هي حسابات داخلية داخل كيان الاحتلال الاسرائيلي ام لا؟

 

د.محمود الزهار: لا، هي داخلة في اطار، كما قال قيادة العدو الاسرائيلي في الحكومة المنصرفة من اننا نريد ان ننظف الطاولة. هم يريدون وسط هذه الاجواء الضخمة من الفساد والركام الذي يحيط بأولمرت بالذات ان يصنع شيء يمكن ان يساعد في تجميل صورته.

 

حسين مرتضى: فيما يتعلق بمسألة تبادل الاسرى، الى اين وصلت؟ هل مازالت هذه المفاوضات مستمرة ؟ ما الذي تريده حماس لكي تطلق سراح الجندي الاسرائيلي؟

 

د.محمود الزهار: مطالبنا معروفة للجانب الاسرائيلي. الآن اذا لم يتم الاستجابة لها، لن تكون هناك صفقة اسرى بالطريقة التي يريدونها.

 

حسين مرتضى: كان هناك جلسات حوار عقدت خلال الاسبوع في القاهرة حول مسألة الحوار الفلسطيني – الفلسطيني وتم تشكيل 5 لجان. دعني ادخل في تركيبة هذا الاتفاق الذي تم الاعلان عنه، ما هي البنود وكيف سيتم ايجاد آلية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه؟

 

د.محمود الزهار: الاتفاق تم بين الفصائل الفلسطينية برعاية مصرية. الآلية وضعناها وهي تشكيل خمس لجان وهناك لجنة سادسة من سبع دول عربية لتراقب وترعى وتشهد. هذه اللجان ستتشكل للاجابة على 5 اسئلة. السؤال الاول هو سؤال الحكومة. السؤال الثاني، قضية الانتخابات. السؤال الثالث، القضية الامنية. السؤال الرابع منظمة التحرير. السؤال الخامس، كيفية اعادة المصالحة الوطنية الفلسطينية الداخلية. نحن شكلنا وفدنا من الداخل ومن الخارج ومن الضفة في كل اللجان ووضعنا الخطوط العريضة ومحددات العمل في كل لجنة. الآن، تم تشكيل هذه الاسماء وستجلس قبل يوم عشرة لتضع اللمسات الاخيرة على برنامجها. ستدخل في لجنة مكونة من عدة فصائل وسيكون الفصائل الاساسية فيها حماس وفتح والجهاد الاسلامي وغيرها لتجيب على هذا السؤال وتصل فيه الى اتفاق. بعد ان يتم اجمال هذه الاتفاقات، قد يتم تنفيذ بعضها قبل الآخر، قد يتم تنفيذ موضوع الحكومة وغيرها قبل موضوع اعادة تشكيل منظمة التحرير. لكن الكل رزمة واحدة. اذا شعرنا في اي لحظة ان هناك من يريد ان يأخذ سؤال او اجابة على سؤال ويهرب به كما فعلوا بعد اتفاق مكة، سنوقف كل شيء. الجولة الاولى من اللقاءات كانت جولة مقبولة علينا في حدودها المطلوبة.

 

حسين مرتضى: على ماذا اتفقتم؟

 

د.محمود الزهار: اتفقنا على آليات. جوهر الاتفاقيات ستكون نتائج ما يتوصل اليه اللجان.

 

حسين مرتضى: هل النقطة الاساس هنا هي حكومة الوحدة الفلسطينية؟ اذا شكلت هذه الحكومة، هل ستهيئ الحكومة الاجواء لأجراء انتخابات نيابية ورئاسة سلطة ام ماذا؟

 

د.محمود الزهار: انت لا تستطيع ان تقول ان الحكومة هي الاساس لأن الاجهزة الامنية اصلاً مرتبطة بموضوع الحكومة. والمصالحة مرتبطة بقضية الفصائل والحكومة. هناك اجابات سيتم الاجابة عليها من لجان متخصصة. اللجنة التي ستتحدث عن حكومة ستتحدث عن عددها وكيفية تشكيلها ونسبها والى آخره.

 

حسين مرتضى: هل هناك خوف لديكم من الدخول في تفاصيل هذه النقاط؟ خوف من انه ربما تصل الامور الى طريق مسدود ؟

 

د.محمود الزهار: التفاصيل مهمة والقضية رزمة واحدة وبكامل التفاصيل والتفاصيل يجب ان يشهد عليها من يرعى هذا الاتفاق. من هنا نؤكد انه يجب ان تكون الصورة واضحة وان تلقى الاضواء على كل الزوايا في كل اتفاق.

 

حسين مرتضى: هل يمكننا ان ندخل برؤية حماس حول هذا الموضوع؟ هل حماس تريد سلة واحدة؟ من سيتولى مسألة الاجهزة الامنية ؟ هل حماس تريد هي ان تتولى هذا الموضوع حتى لا تعاد الكرة مرة اخرى؟

 

د.محمود الزهار: قضية من سيستلم الاجهزة الامنية، هذا لا يهمنا الا بالقدر الذي تتحقق فيه المواضيع التي تحدثنا فيها. بالتأكيد سيكون هناك حديث عن عدد الاجهزة الامنية. ثانياً، ما هي الاعداد المطلوبة ؟ ثالثاً، ما هي العقيدة السياسية لها وما هي العقيدة الامنية ؟ هل العقيدة الامنية التعاون الامني مع العدو الاسرائيلي ام ان مقاومة العدو وتقليم اظافره في الاراضي الفلسطينية المحتلة هو العقيدة الامنية المطلوبة؟

 

حسين مرتضى: فيما يتعلق بالموضوع الامني خصوصاً بموضوع العدوان الاخير، ذكرتم انه كان هناك عناصر كانت تعطي احداثيات للطائرات او لبعض جنود كيان الاحتلال الاسرائيلي. لكن هناك نفي كلي من الجهة الاخرى. هل وصلتم الى نتيجة انه كان هناك فعلاً ارتباط ما بين بعض العناصر وكيان الاحتلال الاسرائيلي ؟

 

د.محمود الزهار: كانت هناك اتصالات تتم مع رام الله او مع اجهزة امنية في رام الله والذي كان يقدمها من غزة كان يقدمها كمشروع وطني وكان يدرك ما هو اهميتها لرام الله. انا لا اريد ان ادخل في هذه التفاصيل.

 

حسين مرتضى: دعني اتحدث عن جدية كل الفصائل والجهات فيما يتعلق بموضوع انجاح هذا الحوار الفلسطيني لأنه كان هناك تصريحات لرئيس السلطة في رام الله بأنه لن يكون هناك اي حكومة وحدة وطنية او اي حوار اذا لم تلتزم كل الفصائل بما تنص عليه اتفاقية مدريد او اللجنة الرباعية او الاعتراف بكيان الاحتلال الاسرائيلي.

 

د.محمود الزهار: حسب ما وجدنا في الجولة الاولى، وصلنا الى نقطة يمكن ان نبني عليها. فيما يتعلق بالتصريحات هذه التصريحات مشهورة وكلها تأتي في اطار ما يطلبه المستمعون. يعني اذا كان موجود خافيير سولانا فلابد ان يعطي له ابو مازن ما يريد. هذه السياسة هي التي اضرت بالقضية الفلسطينية. لذلك نحن نطالب بالتوقف عن مثل هذه التصريحات. ليس هناك احد من طرفنا تحدث عن شروط مسبقة او حتى رؤية مسبقة. بالتالي، لن تكون هناك من جانبنا اي موافقة للاطراف الفلسطينية. ملف المفاوضات انتهى، فالقبلات والعناق الذي كان يتم كل اسبوعين انتهى. فاذا اردت برنامج فالحضن الفلسطيني هو الذي يستطيع ان يبني على الانتصار الذي حدث انتصار سياسي جديد. لكن ان نعيد الكرة مرة اخرى ونمضغ كلمات مضغناها 1000 مرة حتى لم يبقى من حروفها حرف ملتصق بحرف آخر، هذه قضية اصبحت مسيئة لمن يقوم بها ومسيئة للشعب الفلسطيني.

 

حسين مرتضى: هل هناك اتصال بين الادارة الامريكية الجديدة وحركة حماس؟ قيل ان حماس حملت رسالة لجون كيري عندما زار غزة.

 

د.محمود الزهار: لا، حماس لم ترسل رسائل. احد الموظفين في وزارة الخارجية وعلى عاتقه ارسل هذه الرسالة لكن لا نعرف ماذا قيل فيها. ليس بيننا وبين الجانب الامريكي اي اتصال. اذا ارادت امريكا ان تتصل فالعناوين معروفة.

 

حسين مرتضى: هل كانت رسالة خاصة ام هو يمثل حركة حماس وارسل رسالة؟

 

د.محمود الزهار: لا، الرسالة لا تمثل حركة حماس.

 

حسين مرتضى: هل هناك اتصالات تجريها حماس او جهات اوروبية تفتح حوار مع حماس؟

 

د.محمود الزهار: ربما في الفترة الاخيرة كانت تعيش في ازمة بين مصالحها التي ترى انه لابد ان تكون لها علاقة طيبة بالعالم الاسلامي بما فيها حماس وبين اوروبا السياسية التي لا تستطيع ان تأخذ خطوة في هذا الاتجاه.فكان هناك من يأتي تحت حجة انه رسمي وغير رسمي. وهذا مظهر من مظاهر النفاق السياسي. نحن لا نبني على هذه اللقاءات ولكننا لا نمانع في ان نقول ما عندنا، ليس عندنا ما نخجل منه. نحن عندما نتحدث عن برنامج المقاومة، نتحدث عنه بمنتهى الصراحة. وعندما نقول لا نعترف بالكيان الاسرائيلي، نبرر لذلك ونقول ونشرح وفي المحصلة يقتنعوا. ولكن في محصلة العملية ان القرار السياسي ليس في ايدي المستشارين.

 

حسين مرتضى: هل تتوقعون ان يكون هناك تغيير في السياسة الامريكية خصوصاً فيما يتعلق بالنظرة الى القضية الفلسطينية والتعاطي مع فصائل المقاومة ؟

 

د.محمود الزهار: من استمع الى تصريحات اوباما داخل الكيان الاسرائيلي قبل الانتخابات، يقول انه لن يكون هناك تغيير. ومن يستمع الى تصريحات وزيرة الخارجية الحالية يقول انه لا تغيير. اليوم تقول انها ملتزمة بأمن اسرائيل، هل هي ملتزمة بالحفاظ على ارواح الشعب الفلسطيني ام ان هذه القضية مهملة؟ ثالثاً ان كل من يأتي بهذه الطريقة في الانتخابات يكون قد دفع ثمن ويأتي عبر مؤسسة. لذلك، من يدرك الواقع الامريكي يجب ان لا يتفائل كثيراً. لكن هناك تغيرات قصرية تحدث. الازمة المالية الحالية ستجعل امريكا تفكر مرات ومرات قبل ان تشن حرب جديدة. وبالتالي اصبح هنا فرق بين الادارة الحالية والادارة السابقة حول شن الحروب. لو قدر للادارة السابقة ان تشن حروب لكان العالم كله ساحة حرب عندهم. الآن بسبب الظروف المالية الحالية، قد يحدث تغير في هذا الموضوع. ما نسمعه الان من انسحاب من العراق، استمرار الاحتلال في افغانستان واستمرار القتل في افغانستان. بمعنى انك تنقل معركة من منطقة الى اخرى، فهل هذا تغير؟ انا لا اراه تغيير. فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، اعتقد ان اهتمامات الادارة الامريكية هي اهتمامات تعبر عنها الزيارات. اول زيارة كانت للصين ومناطق اخرى. فأما على امريكا ان تغير للمصلحة الامريكية او ان الوضع سيستمر.

 

حسين مرتضى: اذا اردنا ان نتحدث عن التحرك العربي والاسلامي، الان هناك دعوى قدمت من العديد من المدعين العام من بينهم ايران لتقديم دعوى للمحكمة الدولية لمحاكمة قادة وبعض ضباط كيان الاحتلال الاسرائيلي بأرتكاب جرائم حرب. كيف ينظر الى هذه الخطوة وكيف يجب استكمال هذه الخطوة حتى على الصعيد الفلسطيني؟

 

د.محمود الزهار: اليوم حضرت الجزء الثاني من اللجنة القانونية، من اللقاء القانوني الذي حضره مجموعة من القانونيين المحترمين من كل انحاء العالم. هؤلاء الناس تحدثوا كثيراً في قضايا مهمة جداً. منهم من شكك في قدرة الوضع الراهن ان يأتي بأي اسرائيلي للمحاكمة. والكل اجمع انه لابد من جمع المعلومات. في المحصلة اننا قمنا ولازلنا نوثق كل الجرائم التي تمت. والاطباء والمحامون وغيرهم الذين جاءوا الى القطاع وثقوا. هناك ارشادات لنا ونصائح ان نوثق في مجالات لم تخطر على بالنا. ما سمعته اليوم هو مطمئن وما حدث في اوروبا بالذات وقبل اقل من شهر وعندما كان هناك اجتماع لكل مؤسسات حقوقيين من مختلف اوروبا لملاحقة هؤلاء الناس وان عندهم اسماء الضباط والقيادات العسكرية الكبيرة والسياسية التي اصدرت اوامر، ان لم يكن اليوم فغداً وان لم يكن غداً فسيحاكمون مئة بالمئة. حسابهم، نهاية دولتهم.

 

حسين مرتضى: كيف يمكن استكمال مثل هذه الخطوات؟ هل هو مجرد ان نقدم دعوى للجهات الدولية ؟

 

د.محمود الزهار: اليوم كان كلامهم واضح. اولاً يجب توثيق كل حادثة والتوثيق يتم بواسطة محامين. بمعنى ان الطفل او المرأة او الرجل الذي فقد عضو او فقد بيته يجب ان يدلي بالشهادة وان يوقع عليها وان يتم ذلك عند محامي وان يتم توثيق هذه الشهادة وان تجمع في منظمات حقوق انسان. والحكومة ايضاً عليها ان تجمع المواد التي استخدمت في الحرب وان البيوت التي هدمت والمساجد التي دمرت وان لا يكتفوا بما شاهدوه الناس في الاعلام. يجب ان يوثق بطريقة قانونية وبعد ذلك سيتم متابعة هذه القضية. انا اؤكد لك انه اذا فلتت من هنا، لن يفلتوا من هناك.

 

حسين مرتضى: هل ستتابعون مثل هذه القضايا حتى نهايتها رغم الحديث عن ضغوطات ؟

 

د.محمود الزهار: هذه دماء اولادنا وابنائنا وهذا مستقبلنا وبنيتنا التحتية ونحن اذا كنا ندافع عن الارض المحتلة عام 48 فلابد ان ندافع عن الارض التي حررناها بالدماء. نحن سنتابع هذه القضية في كل مجال وهذا ما اكدنا عليه حتى في وقت الحرب.

 

حسين مرتضى: فيما يتعلق بالمؤتمر الذي سينعقد في طهران غداً وسيكون هناك افتتاح وسيحضر قائد الثورة الاسلامية في هذا المؤتمر، اهمية هذا المؤتمر من وجهة نظرك ؟ كيف يمكن ان نتحدث عن مثل هذه المؤتمرات وما هو المطلوب من مثل هذه المؤتمرات لأبقاء القضية الفلسطينية هي الاساس لدى العالم الاسلامي؟

 

د.محمود الزهار: المؤتمر الذي عقد اليوم للحقوقيين والقانونيين هو جزء من هذا المؤتمر. وفي المحصلة ستطرح توصياته على المؤتمر ليقررها. ثانياً، هذه الاتصالات التي تتم الآن لتوضيح الصورة الحقيقية والجرائم الحقيقية التي كانت ليست على صفحات الاعلام. هذه مهمة لأستجلاء صورة المعركة وتداعياتها، اسبابها ونتائجها. وهناك دعم سيخرج من هذا المؤتمر، دعم مادي ومعنوي وتكليف لكل رجال حقوق الانسان والمنظمات غير الحكومية لمتابعة جرائم الحرب وملاحقة مرتكبيها. انا لا اعتقد ان هذا المؤتمر سيكون الاخير بل ستتلوه لقاءات اخرى. هناك دول كثيرة تدعونا الى لقاءات.

 

حسين مرتضى: اذا كان البعض لا يريد ان يعترف بأن المقاومة الفلسطينية انتصرت كما لم يعترف بأنتصار المقاومة في لبنان عام 2006، ربما يستكمل هذا الحديث انه تتحدثون عن انتصار وتعقدون مؤتمرات، ما الذي يمكن ان نقوله هنا ؟ اذا كان كيان الاحتلال الاسرائيلي يعترف بأنه لم يستطع ان يحقق اي شيء من اهدافه، لماذا لا يريد البعض العربي تحديداً ان يعترف وان يعطي للمقاومة حقها في هذا السياق؟

 

د.محمود الزهار: في اي معركة هناك منتصر ومنهزم. هل حماس انهزمت واذا كانت قد انهزمت فما هي مظاهر هزيمتها ؟ هل انهزمت حماس عسكرياً ؟ هل موقفها السياسي تغير ام ان حماس كسبت مواقع جديدة على مستوى الشارع الدولي ؟ عندما تكون هناك مسيرات وعندما يكون هناك حاخامات يهود يحرقون جواز السفر الاسرائيلي، هل هذا انتصار لأسرائيل ام هو انتصار للشعب الفلسطيني؟ انا اؤكد لك ان هؤلاء الاشخاص يتراجعون الآن امام الزخم الشعبي العارم بأعتراف الاوروبيين والاسرائيليين انفسهم. اذا كان حزب العمل الذي شن هذه الحرب الطاحنة على شعبنا قد انتصر فلماذا حصل على اقل عدد من المقاعد في الكنيست الاسرائيلي في تاريخ حياته؟ هو دخل الحرب ليرفع منسوب دم الفلسطيني في الارض فيرتفع منسوب الاصوات له في الكنيست. نحن لن نقول انتصرنا اذا كانت هذه تزعجهم. فهل انهزمنا وهل اسرائيل انتصرت ؟ بعد حرب لبنان في يوليو 2006 كانت ظلال غيمة الهزيمة على المجتمع الاسرائيلي. فكان لابد من ان تنقشع هذه الغيمة حتى لو بأنتصار وهمي. لذلك تم تخطيط وضرب غزة لكي يمكن ان يحققوا فيها انتصار وتخرج اسرائيل من مظلة الهزيمة وتآكل قدرة الردع. هل انقشعت حالة الهزيمة ؟ اليهود الآن في كل العالم يرسلون الى الكيان الاسرائيلي لماذا فعلتم بنا ذلك. هم وضعوا اليهود الآن في دائرة الاستهداف العالمي. الذين كانوا يظنون ان اليهود مظلومين وانه مورست ضدهم الهولوكوست وانهم يستحقون دولة لتكون دولة لكل يهودي مظلوم، اليوم يستشعرون الخطر لأنه اصبح كل يهودي مستهدف بما ارتكبته الآلة الاجرامية الاسرائيلية في فلسطين المحتلة. الانتصار هو بمدى التأثير الاستراتيجي والهزيمة الاستراتيجية على الاطراف المتحاربة.

 

حسين مرتضى: هذه المؤتمرات هل تعتبر استكمالاً لهذا الانتصار الذي تحدثتم عنه ؟

 

د.محمود الزهار: هي ترسيخ لمنهج المقاومة، منهج المقاومة الذي يقول ان المقاومة حتى بالاسلحة الضعيفة او القوات الاقل تستطيع ان تهزم. هم كانوا يدرسون ابناءهم قصة طالوت وجالوت وكانوا يفخرون بأن طالوت قتل جالوت وانتصر عليه لكنهم في الحقيقة وقعوا في نفس الفخ. الاضعف الذي على الحق هزم الاقوى الذي هو على الباطل.

 

حسين مرتضى: كيف قيمتم انتم في حركة حماس اثناء العدوان وبعد العدوان الاداء العربي الاسلامي؟

 

د.محمود الزهار: على مستوى الشعوب، لم يخطر على بال احد لا في الشعوب ولا في حركة حماس ان يكون الدعم بهذه الصورة. وعلى المستوى العربي هناك قرى ونجوع ومناطق لم يدخلها الاعلام في يوم من الايام، خرجت الناس لتتظاهر ضد العدوان تأييداً لغزة. هناك حركة كبيرة حصلت في بعض الدول التي كانت تتردد في موقفها. الموقف الذي حدث في تركيا كان موقفاً فارقاً وبارزاً ونموذجاً. بالتالي، العالم العربي والاسلامي والدولي بعد معركة غزة ليس كما كان قبلها. بالتأكيد هو اكثر وعياً وادراكاً وكرهاً للعدو الاسرائيلي وحباً لبرنامج المقاومة.

 

حسين مرتضى: هناك دول تحارب ويقال عنها بأنها هي تحاول ان تستغل القضية الفلسطينية، على سبيل المثال ايران. كيف يمكن ان تعلقون على هذه النقطة وكيف تقيمون تحديداً التعاطي الايراني في هذا السياق؟

 

د.محمود الزهار: نحن لسنا في اي محور من المحاور. لكن اذا كانت ايران تساعد برنامج المقاومة، لماذا نحرم انفسنا من هذا البرنامج والمسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله؟ من يعيب على ايران انها تدعم حماس فليقدم دعمه وسنأخذ الدعم منه والدعم من ايران ومن ماليزيا ومن افغانستان ومن كل مكان. طالما ان هذا الدعم غير مشروط وان الشرط الوحيد هو ان نضمن ان هذا المال يذهب الى اصحابه وان يستخدم في برنامج المقاومة. المنظومة الامريكية تريد ان تستقطب الناس اما معها واما ضدها. هذه التجربة فشلت في حرب العراق الاولى وفي احتلال العراق الاخيرة وفشلت في افغانستان. المشكلة هي ان بعض الدول لا تستطيع ان تخرج من عباءة امريكا او من ضغوط امريكا.

 

حسين مرتضى: شكراً لك دكتور محمود الزهار. والسلام عليكم.