المحاور: محمود رمك

 

الضيف: مجتبى ثمرة هاشمي (كبير مساعدي الرئيس الإيراني )

 

محمود رمك: كانت هناك زيارة للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. ما هي أهم الرسائل الذي تضمنها خطاب الرئيس الإيراني. ما هي اللقاءات الهامشية التي جاءت في إطار هذه الزيارة. خاصة في ما يتعلق بالتواصل مع وسائل الإعلام الأميركية المختلفة وأيضا التواصل مع النخب الأميركية. أيضا المواقف التي اتخذت على هامش مجموعة القمة العشرين وخاصة الموقف الأميركي والبريطاني والفرنسي في ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني وأخيرا أن يكون هناك إمكانية حوار مباشر بين إيران والولايات المتحدة الأميركية. الشروط الإيرانية في ضوء الموقف الأميركي. ونحن ننتظر الآن اجتماع بين مجموعة 1+5 وإيران في ما يتعلق بجملة من القضايا في مدينة جنيف في سويسرا.

 

محمود رمك: ما هي أهم الرسائل الذي أراد الدكتور محمود احمدي نجاد توجيهها ربما إلى الداخل الأميركي وربما إلى الجانب الأوربي من خلال الخطاب الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ؟

 

مجتبى ثمرة هاشمي: بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم عجل لوليك الفرج والعافية والنصر. الزيارة الخامسة التي قام بها رئيس الجمهورية في نيويورك في خطابه الخامس أمام جمعية العامة للأمم المتحدة كان للرئيس إشارات للأوضاع الراهنة للعالم. فيما يتعلق بالقطاع الاقتصادي أشار الرئيس إلى أن الأزمة الاقتصادية تجتاح جزء كبيرا من العالم في الوقت الحاضر. هناك تضخم، هناك بطالة وكل هذه الأزمات ناجمة عن السياسات الخاطئة. قال أن هناك حالة من التمييز وتسود في مناطق مختلفة في العالم. ونلاحظ أن نفس القوانين ونفس الإجراءات التي اتخذت قبل 60 عاما ما زالت تحكم الأمم المتحدة وهي لا تستطيع أن تقود البشرية إلى السعادة. وأيضا أشار الرئيس إلى حق نقض الفيتو في مجلس الأمن وإلى مسؤولية وحصانة الدول الكبرى والشعور بالمسؤولية أمام شعوب العالم. لا أحد يتقدم بشكوى ضد هذه القوى الكبرى كونها صاحبة القرار النهائي. هناك اعتداءات في بعض المناطق الآسيوية وفي بعض مناطق الشرق الأوسط وأيضا موضوع الهجوم الأميركي على العراق والأوضاع المتفاقمة في أفغانستان. هناك أكثر من مئة ألف جندي أجنبي في أفغانستان لكن التدهور الأمني مازال سائدا في هذا البلد. هناك بعض الدول تمارس ضغوطا على باكستان وهي دولة إسلامية كبيرة ومجاورة لنا. عمليات الإبادة ما زالت مستمرة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة والحصار على غزة ما زال متواصلا.

 

كانت هناك إشارات على الوضع السائد في العالم وهذا الوضع يجب أن لا يستمر ولابد من التفكير وإيجاد العلاج له وقال إذا أردنا أن نحل كل هذه المشاكل، لا يوجد أمامنا إلى طريق سواء العودة إلى العدالة. ما هي الآليات اللازمة لتنفيذ العدالة، الآلية هي إصلاح هيكلية الأمم المتحدة ووضع مقررات وقوانين اقتصادية جديدة واتخاذ ترتيبات عادلة سياسية. رسالة الرئيس كانت قائمة على أساس العدالة والتوحيد، نفس الرسالة المنبعثة من التعاليم الربانية.

 

محمود رمك: عندما نتحدث عن مفهوم العدالة، هذه هي مفاهيم يجمع عليها الكثيرون في العالم، لكن في عالم السياسة الأمور تختلف، عندما نتحدث عن مفهوم العدالة، سيكون لها تفسيرات كثيرة، الولايات المتحدة تفسر العدالة من منطقها وربما الأوربيين لديهم تعريف للعدالة، فيما يتعلق بالوصول إلى تقارب لهذه الرؤى وأيضا الآليات التي من خلالها يمكن القول أن الجانب الإيراني يستطيع أن يقدم شيئا يقبله عالم اليوم وأيضا يقبله عالم السياسة الذي تضيع فيه الكثير من القضايا فيما يتعلق بالأخلاق وفيما يتعلق بمصالح الشعوب ؟

 

مجتبى ثمرة هاشمي: هذه التعقيدات التي أشرت إليها في عالم السياسية هي في الواقع تعقيدات ناتجة عن الخروج من مبادئ الأخلاق. عندما يكون هناك تمييز، يمكن التلاعب بعالم السياسة بأي شكل من الأشكال. مفهوم العدالة واضح. إحدى مفاهيم العدالة أن يكون الجميع متساوون أمام القانون وهذا المفهوم لا يحتاج التأويل. إحدى المجاميع الهامة التي يمكن أن تناقش هذه الأمور، هي الجمعية العامة للأمم المتحدة. وإيران اقترحت هذا الموضوع وقالت أن الجمعية العامة للأمم المتحدة هي ركن أساس بدلا عن مجلس الأمن، لأنه يضم كافة الدول وكافة الشعوب. يجب أن لا تكون هناك ازدواجية المعايير لان ذلك ينم عن التمييز. الحكومة الأميركية في تعاطيها مع الموضوع الإسرائيلي، تغض النظر عن الجرائم الإسرائيلية.

 

محمود رمك: مفاهيم العدالة واحترام سيادة الشعوب تتكرر في أغلب خطابات التي يلقيها الرئيس الإيراني في المحافل الدولية. كيف يمكن المقاربة بين قضيتين، بين أن يكون هناك إجماع على هذه المفاهيم التي تحدثت عنها وبين هذه المبادرة الإيرانية وبين أن البعض حاول أن يقول وأن يشير بأن بعض الدول تركت المكان، عندما كان الرئيس الإيراني يلقي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

 

مجتبى ثمرة هاشمي: الحقيقة أن جزء كبير من هذا الموضوع له طابع إعلامي، لأن فقط عدة دول من أعضاء الاتحاد الأوروبي قد غادرت القاعة في حين كانت سويسرا والنمسا ودول أوربية أخرى موجودة في القاعة. الدول الآسيوية والإفريقية كانت موجودة. كان من المقرر أن يتحدث الرئيس عند الساعة الخامسة عصرا لكن بسبب إطالة خطاب بعض الخطباء أدى إلى حدوث تأخير في خطاب الرئيس.

 

محمود رمك: ما هي أهم المواضيع التي تم التطرق لها من قبل الدكتور محمود أحمدي نجاد في لقاءاته مع النخب في الولايات المتحدة الأميركية وهل تركت هذه اللقاءات من تأثير على هذه النخب الأميركية سواء إعلامية أو فكرية ؟

 

مجتبى ثمرة هاشمي: فيما يتعلق بأهم الموضوعات التي طرحها الرئيس مع وسائل الإعلام الأميركية. في جميع المقابلات هذا السؤال كان يطرح ،ما هو رأيكم حول هولاكوست. وكان يصرون على الاستماع إلى هذه الإجابة الصريحة، هل أنه يعترف بوجود هذه الحادثة أم لا ؟ السيد الرئيس أعطى إيضاحات حول هذا الموضوع وقال أن هذا الموضوع تاريخي ويجب على المؤرخين أن يدلوا بآرائهم حول هذا الموضوع. وقال، السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال هو أن لماذا لا يسمح التحقيق حول هذا الموضوع ولماذا بعض العلماء الأميركيين والغربيين عندما أرادوا يبحثوا هذا الموضوع طردوا قانونيا وتساءل لماذا بعض الحكومات الغربية تصر على وقوع الهولاكوست بينما هناك الكثير من الأحداث التاريخية التي وقعت في ذلك الحين. وتساءل أيضا وقال من هم الذين ارتكبوا هذا العمل ؟ قال إذا حصل هذا الحادث في أوربا وأن مرتكبي ذلك أوربيون ما صلة هذه الجريمة بفلسطين ؟ إذا وقع هذا الحادث، ألا ينبغي أن نعتبر من الأحداث التاريخية ونعمل للحيلولة دون تكرارها أم لا. ما يحصل الآن في فلسطين وفي قطاع غزة بالذات هي عملية إبادة. هذه التساؤلات طرحها الرئيس من خلال إجابته على هذا السؤال.

 

محمود رمك: البعض يقول أن الجانب الغربي يملك معلومات عن المنشأة الإيرانية الجديدة في قم عبر الأقمار الاصطناعية والبعض يقول أن الأمر نجم عن خطأ بشري أي أن معلومات تسربت من داخل إيران إلى الجانب الغربي ولأن الأعمال كانت تتم تحت الأرض والأقمار الاصطناعية لا تستطيع أن تكشف ما هو تحت الأرض. وإيران تداركت الأمر وأرسلت رسالة إلى الوكالة الدولية لطاقة الذرية وأعلنت وجود هذه المنشأة. الجانب الإيراني ألا يريد أن يقوم بخطوات فيما يتعلق بتسريب هذا الخبر من قبل الوكالة الدولية للطاقة النووية وأيضا توقيت تسريب الخبر والمواقف التي جاءت بعد ذلك حيث أن إيران أصبحت في موقع المتهم وإذن يجب على إيران أن تقوم بخطوات ملموسة كان في السابق تحدث عنها وزير الخارجية البريطاني وكأن الخطوات الملموسة يفهم منها أن إيران يجب أن تقوم بوقف عمليات التخصيب اليورانيوم.

 

مجتبى ثمرة هاشمي: على أساس معاهدة الحد من الانتشار النووي يجب على الدول الأعضاء أن تبلغ ـ قبل 6 أشهر من عملية ضخ الغاز في أجهزة الطرد المركزي ـ الوكالة الدولية بذلك وإيران بدورها سبقت هذا الموعد 18 شهرا والوكالة أصدرت بيانا بعد أن أعلنت إيران ذلك. هل رؤساء الدول الثلاثة الذين اجتمعوا في بيتسبرغ هل كانوا يعلمون بهذه الأمور أم لا؟ إذا كانوا يجهلون ذلك هذا دليل ضعف، لا يليق بدولة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسة، بحيث لا تمتلك معلومات مسبقة. لكنهم جاؤوا كأنهم كشفوا شيئا مهما وأعلنوا أن إيران قامت بإحداث منشأة سرية جديدة ونحن كشفنا ذلك. هذه فضيحة سياسية كبيرة وقعت بالنسبة لهم. هذا هو أساس الموضوع. إن ما يلفت النظر أن الرئيس في معرض رده على سؤال قال نحن لا نتوقع خيرا من الحكومة البريطانية لأن عندما كان بلير في منصب رئاسة الوزراء كان يشجع بوش بأن يشن هجوما على العراق ولاحظنا ما وقع في العراق من كوارث. السيد ساركوزي لا يليق به بأن يتصدر منصب الرئاسة الفرنسية. أما السيد اوباما هو رئيس جديد وكان عليه أن لا يخضع لتأثير معلومات خاطئة. الموضوع الذي كان يناقش في قمة العشرين، هو المشاكل والأزمات الاقتصادية في العالم. وخطة وتدابير تلك الحكومات لحل المشاكل وخرجت تظاهرات عدة أثناء عقد الاجتماع وأفضى ذلك إلى إطلاق الغازات المسيلة للدموع ولاحظنا هناك فوضى وأعمال العنف وهؤلاء الدول الثلاث بدل أن يركزوا على القضية الأساسية، حاولوا أن يحرفوا أذهان الناس وشعوبهم عن المشكلة الأساسية إلى مشاكل جانبية واعتقد أنهم فشلوا في هذه المراهنة.

 

محمود رمك: فيما يتعلق بالمواقف التي جاءت ربما من بعض الأطراف الأخرى التي كانت تقف دائما إلى جانبكم كالموقف الصيني والموقف الروسي. جاءت هذه المواقف بصورة كأنه شيء جديد قد حدث وكأنه هناك حالة من الاستغراب إذا صح التعبير. لماذا ؟ بما أنكم أرسلتم الرسالة وأبلغتم الوكالة الدولية للطاقة الذرية والوكالة كما ذكرت شكرتكم.

 

مجتبى ثمرة هاشمي: الصين وروسيا لم تحضرا ذلك الاجتماع ولكن ما بثته بعض الوسائل الإعلامية وراجعنا المصادر الأساسية لذلك الخبر لا حظنا أن ما قاله المسؤولون الروس كان مغايرا لما نقل عن لسانهم. بعض الوسائل الإعلامية قالت أن الحكومة الروسية أعلنت بصراحة أنها تؤيد تلك الحكومات في حين لم يتفوه المسؤولون الروس بمثل هذا الكلام.

 

محمود رمك: أنتم تقولون في الداخل أن هذا الاتهام الذي وجه إلى إيران هو ورقة رابحة في يد المفاوض الإيراني في الاجتماع المقبل مع 1+5. كيف ؟

 

مجتبى ثمرة هاشمي: إيران ملتزمة وأرادت أن تثبت التزاماتها مع المعاهدات الدولية وبقوانين الوكالة الدولية للطاقة الذرية. فيما يتعلق بالمفاوضات المقبلة تكون قد وضعت خطوة ايجابية أكثر من التزامات التي كانت في الحكومة السابقة.

 

محمود رمك: فيما يتعلق بالحوار المرتقب بين إيران وبين الولايات المتحدة الأميركية، يقول الدكتور محمود أحمدي نجاد أنه مستعد للقاء مع اوباما في أي مكان وزمان، شرط أن يلتزم اوباما بما ألزم به نفسه فيما يتعلق بالرؤية الجديدة وفيما يتعلق بمفهوم التغيير الذي يتبناه اوباما. ما هو تعليقك ؟

 

مجتبى ثمرة هاشمي: إنك قد أجبت على السؤال على وجه التقريب. فيما يتعلق بتغيير السيد اوباما ألقى خطابا في الأمم المتحدة في الاجتماع الأخير وفي هذا الاجتماع أشار اوباما بصورة صريحة أن سياسات الإدارات التي سبقته كانت خاطئة. كان فيها التدخل في شؤون الدول الأخرى وعدم الإيمان بمشاركة الدول الأخرى في الإدارة العالمية. هناك معتقلات أميركية في عهد بوش تم التعذيب فيها. لذلك إنه قال ليس بصدد ممارسة هذه السياسات وأنه يريد العمل على أسس العدالة ولا يريد أن يتدخل في شؤون الدول الأخرى. اوباما من خلال خطابه أيد موقف الرئيس أحمدي نجاد وأدان ممارسات الحكومة السابقة. ما حدث لحد الآن كان على مستوى حوارات وفي مواقع العمل لم يحصل شيء. دفع اوباما الجيوش نحو أفغانستان وأدى ذلك إلى تصعيد أكثر وهناك تدخل أميركي واضح في باكستان وهذه القضايا لم تتيح الفرصة لاوباما لترتيب كل هذه الأمور. شعوب منطقتنا يتابعون السياسات الأميركية بحساسية. وهي تنتظر الوعود الأميركية. ما أعلنه اوباما من حيث المبدأ شيء جيد ولكن في العمل لو كانت هناك إشارات، يمكننا أن نأمل أكثر. ربما ستكون الآفاق مفتوحة أمام التعامل والتعاطي بين إيران والولايات المتحدة. على سبيل المثال إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قدمت التهاني لاوباما بعد تسلمه السلطة لكن لم يرد اوباما على تلك الرسالة. هناك فرصة واضحة ويجب أن نرى كيف سيكون الرد الأميركي وعندما نتلقى هذا الرد ونلمس التغييرات في الواقع العملي يمكننا آنذاك أن نحكم كيف يمكن إقامة هذه العلاقات في مختلف المجالات.

 

محمود رمك: شكرا جزيلا لك. مهندس مجتبى ثمرة هاشمي كبير مساعدي الرئيس الإيراني.

 

مجتبى ثمرة هاشمي: إيران تؤمن بالعدالة والصداقة والتعاون مع دول المنطقة وتمد يد الصداقة إلى الجميع جيرانها، نحن نريد أن نقوم بحل مشاكل المنطقة على يد حكوماتنا في ظل التعاون الجماعي.

 

محمود رمك: أشكر ضيفي المهندس مجتبى ثمرة هاشمي كبير مساعدي الرئيس الإيراني.حتى الملتقى أستودعكم الله والسلام عليكم وحرمة الله وبركاته.