خطاب الإمام الخامنئي تأكيد على الوحدة الإسلامية وتنبيه من مخططات الأعداء
أجرى الحوار: حسين مرتضى
الضيوف: الشيخ ماهر حمود: داعية إسلامي ـ بيروت
الشيخ ضياء الدين الزبيدي: باحث في الفكر الإسلامي ـ بغداد
السيد كامل الهاشمي: باحث إسلامي ـ البحرين
عصام العريان: قيادي في جماعة الإخوان المسلمين ـ مصر
حسين مرتضى: السلام عليكم... كيف يجب التنبه إلى ما أكده قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى السيد علي خامنئي من أن تصاعد العنف والتفجيرات في إيران والعراق وباكستان يهدف إلى خلق الفتنة بين المسلمين؟ ما المطلوب من الأمة لمواجهة هذه المخططات وماذا يعني التأكيد على أن ضروريات المرحلة الراهنة تتمثل في الاهتمام في الوحدة الإسلامية؟ كيف يجب العمل من أجل ترسيخ مفهوم هذه الوحدة وهل الجماعات التي تقوم بهذه العمليات تنفذ أجندة استخباراتية كما أشار الإمام الخامنئي؟ كيف يجب على الحكومة السعودية القيام بواجباتها لمنع التعرض لزوار الأماكن المقدسة ووقف الممارسات التي تتعارض والوحدة ؟
حسين مرتضى: فضيلة الشيخ ماهر، إذا أردنا أن نتحدث عن كلام قائد الثورة الإسلامية، موجة عنف تستهدف إيران، العراق، باكستان. هي محاولة لزرع الفتنة بين المسلمين وتحديداً بين السنة والشيعة. ما الذي يقرأ من هذا الكلام؟
الشيخ ماهر حمود: بدون شك هي موجة جديدة لمحاولة دخول جديد على الموضوع السني الشيعي الذي هو منذ عقد أو أكثر من الزمن إستراتيجية غربية واضحة أمريكية إسرائيلية وجد فيها الغرب باباً للدخول إلى تفريق المسلمين والى إضعاف المسلمين وإلى زرع الشقاق وتحقيق أهداف يضعها لنفسه. ليس في الأمر الشيء الجديد، قد يكون الشيء الجديد وصولها إلى إيران أكثر من ذي قبل وتفاقمه في العراق أيضاً وعدم وضوح الهدف السياسي. إذا بدأنا من بيان اليوم ودولة الإسلام العراقية الإسلامية الذين أعلنوا مسؤوليتهم عن انفجارات العراق الأخيرة. كيف أستطيع أن أفهم أن دولة الإسلام ستقوم على الأشلاء والجثث والتفجير العام المطلق دون تحديد ؟ كيف يمكن أن أبني مشروعاً إسلامياً وأنا أقتل الناس دون أن أسألهم عن سبب ما يقتلون من أجله؟ ليس هناك شيء جديد أكثر من هو التواتر العام. أما ما قاله سماحة السيد خامنئي، أظن نحن نقوله ونردده دائماً وهو أنه بدون أدنى شك هؤلاء يؤدون خدمة للمستعمر سواء علموا ذلك أم لم يعلموا. الذي أعرفه أن مثل هذه الظاهرة وجدت في التاريخ منذ زمن الخوارج الذين استباحوا لأنفسهم أن يقتلوا الآخرين بحجة إصلاح الإسلام. كيف يمكن لهذا الذي يصلي ويصوم ويتعبد ويزهد في الدنيا ويقضي عمره في الصحراء تقرباً إلى الله تعالى يظن أن هدف إصلاح الإسلام يمر من قتل علي بن أبي طالب أو عمر أو معاوية أو أي إنسان آخر؟ ظاهرة القتل أو التكفير المرتبطة مع أوهام إصلاح الإسلام ومع أخطاء في تفسير الآيات. على سبيل المثال، هؤلاء يعتمدون على قوله تعالى من سورة القصص: (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ). ففرعون هو الحاكم والجنود هم من مع فرعون. وهذا أمر قاله لي أحد التكفيريين هنا. إباحة القتل، يذهبون إلى حديث السيدة عائشة وهو حديث متفق عليه بين السنة والشيعة وهو علامة ظهور المهدي قولها، يغزو جيش الكعبة حتى إذا كانوا في بيداء من الأرض خسف الله بأولهم وآخرهم. قالوا يا رسول الله أيخسف بهم وفيهم الصالحون؟ قال نعم ثم يبعثون على نواياهم. وهذا أمر خطير إن نشبه ما يفعله رب العالمين وبين ما أفعله أنا. ولو أنهم عمدوا إلى دليل شرعي لوجدوا دليل عكس ذلك في سورة الفتح قوله تعالى: (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا). الآية تقول أن الله أخر فتح مكة وأخر دخول المسلمين لأنه هناك بعض المسلمين لا تعلمونهم موجودين بين الناس. لو دخلت في حالة حرب سيموت مسلمون من حيث لا تدرون. يعني لو كان المؤمنين موجودين في مكان والكفار في مكان لقلنا لهم اذهبوا واقتلوا الذين تريدون قتلهم. أما وأن الأمر مختلط فليس لكم ذلك.
حسين مرتضى: فضيلة الشيخ الزبيدي، إذا أردنا أن نتحدث عن النقاط التي جاءت في خطاب قائد الثورة الإسلامية التأكيد على أن هذه التفجيرات التي تستهدف البلدان الإسلامية هي محاولة من قبل بعض الجماعات التي تتحرك بأجندة خارجية تخدم الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية والاستخبارات الغربية، هي محاولة لزرع الفتنة بين المسلمين. ما الذي يمكن أن نقوله في هذا السياق؟
الشيخ ضياء الدين الزبيدي: خطاب السيد خامنئي هو ليس بالخطاب الجديد ولا بالغريب على أنه رجل يتصدى لخدمة الإسلام والمسلمين بهذا الثقل إنه يتحدث بهذه الأريحية وبهذا الوضوح ويضع النقاط على الحروف من حيث خدمة المصالح الإسلامية وخدمة هذه الأمة الإسلامية. هذه الأمة التي يقول عنها النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم يقو ، ما أوذي نبي بمثل ما أوذيت. ولذلك، بحكم موقع سماحة السيد خامنئي على اعتبار كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فلابد من أن يكون الخطاب بهذا المستوى. لذلك، يجب أن يؤخذ هذا الخطاب على محمل الجد من قبل الكل الذين يدعون أنهم علماء دين وأنهم يتصدون لخدمة هذه الأمة. علماء الدين على عاتقهم مسؤوليات جسام وخاصة في هذا الظرف العصيب الذي تمر به الأمة الإسلامية. فكرة التكفير ليست وليدة اليوم لكن كيف نتصدى لهذا الفكر الطارئ على الإسلام المحمدي الأصيل. كلنا يعلم أن التكفير بدأ منذ زمن الخوارج. الخوارج كانوا تكفيريين ونحن نعلم أنهم أججوا حرب وفتنة على الإمام في معركة النهروان لكن هذا الفكر لم يوأد في عهد الإمام علي عليه السلام. فأمتد هذا الفكر إلى أن وجد الأرضية الخصبة في هذا الوقت وأصبح ينشر حبائله في هذا المكان وفي ذلك المكان. وإذا كان هناك من علماء الجور والضلالة من الذين يقول عنهم الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه في نهج البلاغة عندما يتحدث عن العلماء الذين يدعون أنهم علماء دين ويخدمون هذه الأمة لكنهم يتسترون تحت لباس الدين وهم في الحقيقة يؤججون الفتنة بين أبناء الإسلام من أجل أن يقتل بعضهم بعضاً. أين هؤلاء التكفيريون عن خطاب النبي صلى الله عليه وآله عندما قال المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يغتابه؟ كل المسلم على المسلم حرام، دمه وعرضه وماله. هم يدعون أنهم دعاة إسلام وأنهم يريدون الإسلام. لذلك عندما يكون التكفير سعودي وعندما يكون التمرير السياسي من قبل مصر وعندما يكون التمويل إماراتي وخليجي وعندما يكون الإرهاب قادم من سوريا بالتأكيد تكون تفجيرات في العراق وفي باكستان وأفغانستان. وعندما يكون هناك رجل اسمه الكلباني البعيد كل البعد عن خط الإسلام وعن خط النبي الأعظم ولا يمت الإسلام بصلة. النبي صلى الله عليه يقول، الفتنة نائمة، لعن الله من أيقظها. وهذا الرجل يكفر طائفة كبيرة وشريحة كبيرة من المسلمين.
حسين مرتضى: سماحة الشيخ حمود، انطلاقاً من كلام قائد الثورة أن من يقوم بهذه الممارسات الإرهابية والدموية هم عملاء للأجانب بشكل مباشر أو غير مباشر. خصوصاً أن هناك العديد من التقارير تشير إلى أن جل هذه الجماعات هي مخترقة من قبل أجهزة الاستخبارات التابعة للكيان الإسرائيلي أو الولايات المتحدة أو بعض الدول الأخرى وحتى بعض الدول العربية التي تسير في هذا الإطار. ما الذي يمكن أن نقوله هنا؟
الشيخ ماهر حمود: أنا أقول أن رجل مثل إخلاص هذا الرجل وأعني به السيد خامنئي، هل الجمهور مستعد لأن يتجاوب مع دعوات الوحدة؟ أنا أتصور أن مخلصين كثر من أمثال السيد خامنئي من السنة والشيعة لا يستطيعوا أن يبوحوا بكل مكنونات نفوسهم وقناعاتهم الفقهية لأن الجمهور ليس مستعد لتقبلها. يعني أن أحافظ على صلاة الجماعة في الحرم المكي والحرم المدني في الحج كما أفتى السيد الخميني قبل ذلك وأكد السيد خامنئي الآن، شيء جيد. لكن كم هو حجمه بالنسبة لما أريد؟ لكن أقول على سبيل المثال، بعد أن ثبت للقاصي والداني أن انتصار أهلنا في غزة شكل جزء منه الدعم الإيراني أو حزب الله أو كذا وكان التواصل ما بين طهران وغزة أكثر من أي مكان آخر. وبعد ذلك يوجد من يتحدث عن مذهبية بموضوع الجهاد. كسرت الحواجز المذهبية بالدم وبالمال وبالضيق. لم يوجد ناصر لغزة أكثر من طهران ومن دمشق. ومن هنا نبرتنا قويت بعد انتصار غزة تجاه المذهبيين الضيقين الأفق. هذا وحده كان كافياً لأن يكسر كثيراً من الحواجز والطروحات المذهبية الضيقة الفاسدة التي لا تعتمد إلا على الهوى وضيق الأفق والمصلحة الشخصية في بعض الأحيان. ومع ذلك وجدنا أناساً كان الحري بهم أن يكونوا سباقين في القفز فوق هذه الحواجز بعد هذه التجربة الدموية الكبيرة لكنهم لم يفعلوا. فهذا يعطينا جزءاً من تجربة انه كم جمهورنا مستعد لأن يتجاوز بعض الحواجز المذهبية المصطنعة ويقفز فوقها أو يحطمها ويستجيب لدعوات مثل دعوات السيد خامنئي.
حسين مرتضى: سيد الهاشمي، انطلاقاً من تأكيدات قائد الثورة الإسلامية على خطورة هذه المرحلة، التأكيد على الوحدة. تهيئة الجمهور، النقطة التي أشار إليها الشيح حمود، كيف يمكن تهيئة الجمهور لتأكيد مفهوم الوحدة في الأمة الإسلامية؟
السيد كامل الهاشمي: يمكن أن ننجز هذا الأمر عبر اعتبار فريضة الحج التي هي الشعيرة الأساسية الاجتماعية والسياسية التي يجتمع المسالمون بكافة مذاهبهم وطوائفهم على ضرورة انجازها في العمر مرة. فهي كأنما فرصة لكل العقول الإسلامية الناضجة أن تعي الشعور الواحد بأنهم أمة واحدة. شعورهم بكونهم أمة واحدة هو ما يقربهم من بعض لأنه يجعلهم في صف واحد ومواجهة واحدة ضد العدو المشترك والواحد. لذلك، هذه المشاعر التي يعتبرها البعض مشاعر سياسية أو اجتماعية فهي شيء لا يمكن أن نفصله عن جوهر الحج. لذلك، هذه المعاني التي دائماً نحن نجدها، تتكرر في خطاب القيادة الإسلامية في إيران. هذه لا تنطلق من محاولة لتفجير مواقف أو تفخيخ وإدخال القضايا السياسية في القضايا الدينية والعبادية. لا وإنما هو جوهر هذه الشعيرة الإلهية العبادية. إن جوهرها أنها تحتوي على معاني اجتماعية وسياسية يمكن أن نستفيدها حتى من قوله سبحانه وتعالى حينما تحدث بشكل مطلق، ليشهدوا منافع لهم. لم يحدد هذه المنافع أنها ذات بعد تجاري أو عبادي أو غير ذلك.
حسين مرتضى: كيف يمكن ترسيخ هذا المفهوم من خلال القيام بالخطب، التأكيد على بعض الشعائر في هذا السياق؟
السيد كامل الهاشمي: الذي أراه أن الحج يراد له أن يكون دورة كما ندخل نحن اليوم في دورات تدريبية. إن الإنسان بعد أن ينجز الدورة التدريبية بشكل صحيح وبحسب وظائفها المقررة إليها، يرجع إلى حياته العملية الباقية فيطبق ويستنتج الاستنتاجات التي يستخدمها ويوظفها من خلال ادراكاته العقلية الكلية في بقية جوانب حياته. وهذا الأمر كما يحصل في الحج ينبغي أن يحصل حتى في كل فريضة.
حسين مرتضى: سماحة الشيخ حمود، حول المسألة التي تحدثت عنها قبل قليل أن المشكلة أين تكمن. عندما يؤكد قائد الثورة على حساسية هذه المرحلة، ضرورة ترسيخ الوحدة، مفهوم الوحدة بين الأمة. ولكن أشرت إلى نقطة أنه من الذي يحرك الجمهور. هنا أتحدث أنا عن دور العلماء الذين لهم التأثير الأكبر على هذا الجمهور الذي أشرت إليه.
الشيخ ماهر حمود: الجمهور يبرز العالم الذي ينسجم معه والعالم أيضاً ينتج جمهوراً منسجماً معه. فإذا وجد الشخص العالم القوي الشخصية المؤثر، نعم ينتج جمهوراً على شاكلته. والعكس هو الصحيح، إذا كان الجمهور متأثر وذاهب في المذهبية أو في أي فكرة قومية فهو لا يسمع إلا لشيخ أو عالم دين يغني على مواله. فعندما يواجه عالم فاضل جمهوراً عريضاً بفتاوى واضحة في إدانة هذا الأمر أو ذاك يتعرض للإيذاء وللتهمة. على سبيل المثال، الإمام أبو حنيفة فتواه في مواجهة الحكم الأموي والعباسي، دعم ثورة زيد وصورة محمد بن الحنفية، في تلك الفترة وبسبب هذا الموقف من الخلافة العباسية مات محاصراً في بيته. أهل بدر هم من خير من خلقهم الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ 5 يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ). بسياق الغزوة، الله هو الذي صنع النصر وهو الذي أتى بالجيشان والتقيا وأوصل الرمل إلى العيون. فإذا شاء الله أن يغير ما نحن عليه، يبرز هذا الكلام لقول السيد خامنئي وأمثاله في العالم الإسلامي كثر. أظن أنه حتى الكثير من النخبة ليست مؤهلة لقرارات حاسمة في الموضوع السني الشيعي. فبسبب هذا ولأن الأميركي والإسرائيلي والعدو بشكل عام، زرع من يزيد ومن يفتي ومن يحرض. واضح أن الدور الإسرائيلي يأتي في نقطة الضعف.
حسين مرتضى: سماحة الشيخ الزبيدي، هل يمكن أن نقول، بعد فشل كل الحروب، العمليات العسكرية، المراهنة على النصر العسكري لهذا العدو، بدأ وهو يحاول زرع الفتنة وهو يعتبر ربما السلاح الأخير الذي يحاول استخدامه لتشتيت هذه الأمة ومن هنا يأتي كلام قائد الثورة على ضرورة التنبه في هذه المرحلة وهي المرحلة الحرجة التي تمر بها الأمة الإسلامية.
الشيخ ضياء الدين الزبيدي: أي أمة من الأمم إذا أريد لها أن لا تستقر، بالواقع هو ليس بالحروب الخارجية، الحروب الظاهرية التي تحدث بين دولة ودولة أو تحدث بين أمة وأمة وإنما هو هدم نفسية ذلك الإنسان. وإذا هدمت نفسية ذلك الإنسان فكل يغني على ليلاه. والذي يحدث الآن هي حرب بالواقع، حرب نفسية داخل نطاق الأمة الإسلامية. كأن يكون أنا على حق وغيري على باطل، فيجب أن استأصل كل فكر يتعارض مع فكري. هذا النهج لا يمكن أن يقبل لا من حيث القرآن ولا من حيث السنة النبوية. حتى النبي صلى الله عليه وآله يقول وأنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين. يجب أن تكون هناك لغة الحوار ولغة التفاهم ولغة التقارب فيما بيننا. نحن متوحدون في كل شيء. هناك جزئيات موجودة بين مذاهبنا لكن هذه الجزئيات لا تدعوان نفترق ويقتل بعضنا بعضاً. لم ولن تحدث أبداً فتنة في العالم الإسلامي وخاصة العراق إلا بعد أن دخل إليها هذا الفكر التكفيري. وبالواقع هناك دول تقف وراء هذا الفكر التكفيري. هذه الأعمال التي تحدث في كل بلدان العالم، نتيجتها هذا الفكر الوهابي المنحل المنحرف. ما كانت تحدث هذه الأمور على مدى 50 أو100 سنة إلى الخلف، لم يكن هناك قتال شيعي سني. لكن بعد أن انتشر هذا الفكر التكفيري في الحجاز وفي نجد، دعمت من قبل الاستعمار وأصبحت إمكانية دولة تسيطر على هذا الفكر وتبث هذه السموم ولا زالت. أصبحت هناك في مصر فتنة، في العراق فتنة وكذلك في أفغانستان وفي لبنان. أين أنتم عن القرآن الذي يقول: (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا). أين أنتم عن خطاب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام عندما يقول لمالك الأشتر، الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق. أين المودة والرحمة التي أوصى بها القرآن؟
حسين مرتضى: دكتور عصام، هنا أصل إلى نقطة أنه إحدى ضروريات المرحلة الراهنة تتمثل في الاهتمام بالوحدة الإسلامية. إلى أي حد تساهم بعض الدول في زرع هذه الفتنة انطلاقاً من كلام الشيخ الزبيدي الذي أشار إلى بعض الفتاوى التي تكفر البعض الآخر؟
عصام العريان: لا شك أن موضوع الوحدة الإسلامية موضوع هام وخطير في ظل هذه الآونة التي يشعر المسلمون فيها بضعف شديد وتفرق أشد وفي تكالب أعدائهم عليهم وفي الوقت الذي يتعرض فيه المسجد الأقصى والقدس وفلسطين إلى مخططات العدو الصهيوني المدعوم غربياً وأمريكياً والتي تمثل تهديد لرمزية دينية ومكان له قدسية لدى كل مسلم. لكن دعني أقول لفضيلة الشيخ الزبيدي أنه ما هكذا توجد الأمور ولا يجب أن نعمم بهذه الطريقة ولا يجب أن نلقي بالاتهامات بهذا الأمر لأننا بذلك سنصب الزيت على النار ولن نصل إلى حل لهذه المشاكل التي نتعرض لها. نحن كإخوان مسلمين وقفنا دائماً ضد كل محاولات التفرقة بين المسلمين. نحن موقفنا ثابت وواضح ولكن الأمور الخلافية موجودة والاختلافات الفرعية موجودة والخلافات السياسية لا يمكن إنكارها وهذه تحتاج إلى جو هادئ وفاصل لمناقشتها بحرية وحكمة. ولعل ما قام به مرشد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي في حديثه إلى وفود الحجاج من أمرهم ونصيحتهم بأن يحرصوا على صلاة الجماعة خلف الأمة في الحرمين وفي المساجد وأن يحرصوا على عدم التفرقة بين الناس وأن يحرصوا على أن يكونوا في صفوف المسلمين عامة. هذا سلوك عملي يؤدي في النهاية إلى تقريب بين المسلمين وتوحيد صفوفهم وإظهارهم في منسك الحج وهو شعيرة من شعائر الإسلام، ظهور المسلمين جميعاً كيد واحدة. هذا يؤدي إلى تهدئة النفوس ويجب علينا أن لا نواجه الإساءة بالإساءة وأن لا نواجه الغضب بالغضب. بل يجب علينا أن نتحدث بالرفق واللين حتى تؤتى الأمور ثمارها وحتى نستطيع أن نواجه الذين يريدون أن يفرقونا وهم قلة. هناك مكفرون يكفرون السنة والشيعة وهناك من يتطرف في رأيه ولا يقبل رأي لا سني ولا شيعي وهناك من يرى نفسه فوق الناس جميعاً. وكما في أهل السنة متطرفون موالون متشددون فكذلك أيضاً بين الشيعة هنالك متطرفون ومتشددون. وواجبنا أن نطرح الرأي الوسطي المعتدل والحكمة ضالة المؤمن. يجب علينا أن نتصرف بحكمة وبهدوء وأن لا نصب الزيت على النار لكي نصل إلى المراد. المراد هو تحقيق وحدة المسلمين وهذه الوحدة طريقها سهل وواضح أن نحدد العدو أولاً وأن نحدد طريقة مواجهته. عدونا هو من يتربص بنا في القدس وفي فلسطين ويسيل الدماء في أفغانستان ويدبر المؤامرات ضد إيران وضد الصومال وضد السودان. عدونا واضح لا خلاف عليه. وأنا استشهد هنا بما قاله الرئيس نجاد للصحفي الكبير السيد فهمي هويدي أنه لو اتفقت مصر وإيران لاستطعنا أن نهزم إسرائيل. وهذا ما أدعو إليه في هذه الجولة من البرنامج وفي غيرها من البرامج.
حسين مرتضى: سماحة الشيخ، تعرض بعض الأشخاص وبعض الجماعات للزوار وتحديداً زوار الأماكن المقدسة داخل السعودية وهذا ما أكد عليه قائد الثورة الإسلامية وطالب الحكومة السعودية بالقيام بواجباتها حتى لا يكون هنالك فتنة. خطورة هذا الموضوع وكذلك استغلال البعض هذه النقطة، بعض الجماعات والتعرض لهؤلاء الزوار؟
الشيخ ماهر حمود: بالنسبة للزوار، لابد من حل وسط. بعض الزوار قد يثيرون شيء من الاستفزاز. موضوع التعرض للزوار، موضوع يحل بقرارات فوقية. بمعنى، يأتي وفد إيراني يجلس مع المسؤولين السعوديين في زمان الحج ويقول لهم كذا وكذا وتحصل هنالك توجيهات للشرطة، يمكن تنفيذها. لا يمكن تجنب هذه الأشياء بالمواقف الإعلامية والعالمية. أنا لا أقول الشرطة السعودية مبرأة من الأخطاء. إذا كان بعض الزوار يثيرون بعض الحساسيات فهنا يجب التنبيه وإذا كان الشرطي السعودي أو الجمهور، يجب أن يؤخذ قرار في حل وسط. للأسف الفقه المتبنى من السلطة السعودية لا يخالف الشيعة فقط بل يخالف بقية السنة أيضاً ويخالفهم كثيراً في بعض الأحيان. لكن حرصاً على عدم حصول فوضى، برأيي احترام القوانين أفضل من أن أكسرها بالمواجهة.
الشيخ ضياء الدين الزبيدي: أنا عندي تعقيب على كلام الشيخ. أولاً أنا ذكرت الآية وجادلهم بالتي هي أحسن. الكلام الدبلوماسي والكلام الإعلامي لا ينفع مع عامة الناس البسطاء من المسلمين. عندما ذكرت أن كل فتنة تؤجج في كل بلد عربي مصدره هذا الفكر الوهابي، أنا أعي ما أقول. هو ليس سكب الزيت على النار فالزيت قد سكب علينا. يوم أمس كان هناك زيت سكب على رأس الشعب العراقي مصدره القاعدة. القاعدة فكرها وهابي. الفكر الوهابي فكر هدام لا ينتمي إلى الفكر الإسلامي لأنه يكفر كل المسلمين. هو فكر ضال منحرف ويجب أن يتصدى كل علماء الدين من الشرفاء الذين عندهم غيرة وحمية على القرآن وعلى سنة النبي الأعظم يتصدون لهذا الفكر.
الشيخ ماهر حمود: أنا لا أريد أن أناقش الفكر الوهابي الآن لكن الدولة السعودية تتبنى الفكر الوهابي وهي في نفس الوقت تتعرض لتفجيرات القاعدة. من قال أن التفجيرات في العراق مصدرها فتوى سعودية؟ ثم إن الوهابيين ليسوا شيئاً واحداً. هناك وهابيين يرون الدولة السعودية تمثل إمارة الإسلام وهناك وهابيين يرون أن الملك السعودي عدو لله وفرعون من فراعنة التاريخ. وإذا تابعت الفضائيات، كما أرى فضائيات تحرض مذهبياً تبث من السعودية، هناك فضائيات من العراق أو من غيرها، أنا أرى 20 فضائية سنية و20 شيعية ربما أرى فقط فضائية الفرقان العراقية يتحاور فيها سني وشيعي بهدوء. أما الفضائيات تنشر التكفير بشكل واضح.
حسين مرتضى: شكراً لك سماحة الشيخ حمود، كما أشكر الشيخ الزبيدي وكل الضيوف الذين شاركونا في حلقة هذه الليلة. والسلام عليكم.
تعليقات الزوار