أجرى الحوار: محمود رمك

 

الضيف: العميد محمد رضا نقدي (رئيس منظمة تعبئة المستضعفين في إيران )

 

محمود رمك: بعد انتصار الثورة الإسلامية في عام 79 وبعد تسعة أشهر بالتحديد وبقرار من الإمام الخميني أو بتوصية من الإمام الراحل حين ذاك صادق المجلس الشورى الإسلامي على تأسيس قوات التعبئة في الداخل الإيراني أو في ما يسمى البسيج. مارست هذه القوات دورا في الحرب التي فرضت حين ذاك من قبل النظام العراقي السابق وكان لها حضور ملفت للنظر في ساحات القتال وقدمت تضحيات كبيرة. وأيضا كان لها دورا مشهود في مساعدة المستضعفين والمحرومين في الداخل الإيراني من بناء المستشفيات والمدارس وشق الطرقات وتقديم جميع أنواع المساعدات إلى المستضعفين في الداخل الإيراني هذه القوات وما يعرف بالبسيج في اللغة الفارسية تعرضت إلى جملة من النقد في الآونة الأخيرة وشهدت بعض التغييرات على سبيل المثال البعض يقول بأن قوات التعبئة أصبحت أداة بيد طرف ضد طرف آخر في الداخل الإيراني وأنها مارست إذا صح التعبير دورا في اضطهاد المعارضين، هكذا يقول البعض الآخر وأنها كانت تقف إلى جانب هذا الصف ضد الصف الآخر. هي نفسها تقول أنها بعيدة عن التجاذبات السياسة في الداخل الإيراني وأنها من الشعب وفي خدمة الشعب الإيراني. أيضا وفي إطار ما يتعلق في الداخل الإيراني من غزو ثقافي ما هو دور هذه القوات في المرحلة الراهنة ؟ كما شهدت مجموعة من التغييرات على سبيل المثال الآن أصبح اسم قسم منها منظمة تعبئة المستضعفين.

 

ويرأس هذه المؤسسة حاليا العميد محمد رضا نقدي وهو رئيس منظمة تعبئة المستضعفين في إيران وهو ضيفنا مباشرة من مدينة قم المقدسة.

 

محمود رمك: أرحب بضيفي من مدينة قم المقدسة سيادة العميد محمد رضا نقدي في منظمة تعبئة المستضعفين "البسيج " في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

 

محمد رضا نقدي: أرحب بكم وأتقدم بالتهاني بمناسبة العشرة الأولى من شهر ذي الحجة. أتوجه بالتهنئة إلى كافة المسلمين وهو عيد التضحية وعيد الإيثار وأسأل الله تعالى أن يكون الحج، حج مقبول لكل الحجاج ويعودوا سالمين إلى بلدانهم.

 

محمود رمك: أعود إلى الوراء والى الخدمات التي تم تقديمها من قبل قوات التعبئة في بداية الثورة وأيضا في ما يتعلق بالمعركة التي فرضت على الجانب الإيراني آنذاك ؟

 

محمد رضا نقدي: قد يظن بعض الناس عندما يسمعون كلمة التعبئة يتصورون أن هذه التنظيمات هي على شاكلة نفس التنظيمات التي ما تعرف بالجيش الشعبي والدفاع الوطني في الدول الأخرى لكن هناك فارق أساسي يجب أن أشرحه. جذور تأسيس التعبئة هي جذور إسلامية، جذور تضرب في عمق الفكر الإسلامي. الإنسان على صلة مع الخالق، الإنسان المستعد إلى التضحية والتفاني في سبيل الآخرين. هذا الوجه الأكبر الذي يميز بين الفكر الإسلامي والفكر الليبرالي، الفكر الذي يعمل فقط على مصلحة الإنسان في حين أننا في الفكر الإسلامي نعطي الأولوية إلى أن يعمل الإنسان في سبيل الله. الإمام علي عليه السلام برغم من أنه يستطيع أن يجني ثروة كبيرة من أتعابه لكنه يفضل أن يتعايش مع النواقص في سبيل مساعدة المحرومين والفقراء. التعبئة هو تحشد الطوعي للجماهير في كافة المجالات حتى يتعاضدوا في المجالات العلمية والبناء والثقافة وأيضا السياسة . تأسيس مؤسسة التعبئة تزامنت مع مؤامرات عسكرية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتلك المؤامرات بدأت على شاكلة فرق وعصابات إرهابية وبعد ذلك توسعت تلك المؤامرات وأصبحت على شاكلة حرب مفروضة من قبل النظام البعثي السابق. نستطيع أن نقول أن الدفاع المقدس ما كان له أن يحقق كل تلك الملاحم دون التعبئة. في ذلك الحين في البداية واجهنا هجوما ثقافيا وإعلاميا واسعا على الشعب الإيراني. العدو عجز من احتلال أرضنا وخرج مخذولا ومهزوما ولذلك حاول أن يتربص لفكرنا وقيمنا المعنوية حتى يفرغ الشعب من تلك القيم الأصيلة.

 

محمود رمك: البعض يقول أن مفهوم التعبئة قد تغير بشكل وبآخر وقوات البسيج تابعة للحكومة وتعطي امتيازات ولذلك الناس ينخرطون في إطار قوات التعبئة. ما هو تعليقك سيادة العميد ؟

 

محمد رضا نقدي: قوات التعبئة ما زالت تحتفظ بنفس خصائصها ولدينا الملايين من التعبويين في إيران وخارج إمكانية الحكومة أن تغطي هؤلاء بالرواتب والأجور ولكن هم يعملون وفق إمكانياتهم الشخصية ويوظفون كل تلك الإمكانيات من دون مقابل دفاعا عن النظام ولتحقيق أهداف النظام وأن مثل هذه الأقوال لا ينطبق مصداقها على أي شيء والتعبئة لا تجني مكاسب خاصة لها. إذا كانت هناك مكاسب للتعبويين في الجامعات لأنهم في فترة الحرب كانوا يحاربون وتعذر عليهم الحضور في صفوف الدراسة ولذلك إن من الطبيعي أن يقدم لهم النظام بعض التسهيلات.

 

محمود رمك: لنعود قليلا إلى الوراء والى الحرب التي فرضت على إيران. قوات التعبئة كانت تتسابق لفتح حقول الألغام بأجسادهم والعالم شاهد هذه الصور وكان من المفترض أن يكونوا هؤلاء الأشخاص قدوة في الداخل الإيراني. البعض الآن يشكك في مدى ولاء هذه القوى التي هي ملك للشعب وتعمل لصلاح الشعب. لماذا هي مستهدفة الآن ؟

 

محمد رضا نقدي: من الطبيعي أننا نواجه حاليا حربا ناعمة إعلامية تقلب الحقائق. على سبيل المثال في إيران هناك أشخاص كلفوا من بريطانيا ويأتون إلى داخل إيران ويشاركون في الاضطرابات التي وقعت قبل خمسة أشهر وقاموا باغتيال سيدة وسجلوا فيلما لذلك واخذوا الفيلم إلى الخارج وبعد ذلك يثيرون الضجة ضد إيران ويتهمون أجهزة المخابرات الإيرانية بقتل تلك السيدة. أولا إن الاغتيال تم على يد المخابرات البريطانية ولنفترض لو أن المسؤولين الأمنيين الإيرانيين قتلوا السيدة أنا أسألكم كوسيلة إعلامية وكما أسأل الوسائل الإعلامية العالمية أنه في كل أسبوع وفي كل شهر وفي كل يوم تقوم الولايات المتحدة بقتل عشرات الناس الأبرياء في أفغانستان وتقتل الأطفال والنساء والأطفال الرضع في حين أن أين من هذه الوسائل الإعلامية لا تذكر اسم شخص واحد من هؤلاء الأبرياء الذين يقتلون بالسلاح الأميركي.

 

محمود رمك: عندما تتحدث عن هذه المقارنة بشكل وبآخر قد يقول أحدهم أن قدوة قوات التعبئة في إيران تختلف عن من يتأسى أو يقتدي بهم الأميركيون.

 

محمد رضا نقدي: أنا أريد أن أتقصى جذور هذه المزاعم لماذا يقلبون قضية. نحن في إيران نظامنا يقوم على أساس ولاية الفقيه. ولاية الفقيه تعني أن أعلم الأشخاص واتقاهم وأشجعهم وأنزههم في العالم يتم انتخابه من قبل الناس للقيادة. في بريطانيا القائد هناك ملكة ولا يفترض أن تكون هذه الملكة عالمة أو خبيرة بل إنها طفلة ولدت من أبوين وأصبحت ملكة ويجب على الجميع أن يطيعها. وهناك الملايين من الناس يقومون بدفع الضرائب في حين شعبنا ينتخب قائدا له بهذه المواصفات.

 

محمود رمك: سيادة العميد كنت تتحدث بمسألة الانتقادات التي وجهت إلى قوات التعبئة والى أداء هذه القوات؟

 

محمد رضا نقدي: الدعايات التي تروج اليوم في الوسائل الإعلامية ضد قوات التعبئة بالأحرى ضد كافة قيم الثورة الإسلامية هي خدعة إعلامية لقلب الحقائق. على سبيل المثال إننا في بداية السنة الهجرية الشمسية هناك أكثر من مليون وثلاثمائة شخص من الشباب التعبويين ذهبوا إلى القرى لدعمها في مجال الإعمار وكل شخص منهم بقي لمدة عشرة أيام في القرى وهناك 24 مليون ساعة عمل في اليوم. هم لا يتحدثون عن الأمور الايجابية في وسائل الإعلام العالمية. إذا كان هناك طلب من قوة الأمن والشرطة في إيران إذا ذهب عدد من هؤلاء الطلاب لمساعدة القوات الأمنية لتدعيم وترسيخ أسس الأمن في مدينة ما، يثيرون حول ذلك الضجة والشكوك في قوات التعبئة. هم يتصورون أنهم من خلال افتعال أمواج نفسية واضطرابات في أجواء الانتخابات يستطيعون أن يخلوا في أمن البلاد. إعلامهم كان يصب في هذا الاتجاه. كانوا يظنون أن هناك قوة عسكرية محدودة قد تكون عاجزة أمام موجة فوضى عارمة. لذلك قوات التعبئة تدخلت طوعيا ووقفت إلى جانب قوات الأمن اتضحت للجميع حقيقة المؤامرة وأصبحت الأمور عادية وعادت قوات التعبئة لممارسة أعمالها الروتينية المدنية الأخرى. على أي حال تلك المؤامرة التي صاغتها بريطانيا وأميركا قد أحبطت.

 

محمود رمك: يقول البعض أن قوات التعبئة تأخذ هذا المنحى أو تقف إلى جانب هذه الجهة ضد جهة أخرى. ماذا تقول ؟

 

محمد رضا نقدي: إنك أشرت إلى أنهم قالوا أن قوات التعبئة تحولت إلى أداة بيد فريق سياسي خاص ولكنني هنا أؤكد أن قوات التعبئة لن ترضخ إلى الضغوطات الأميركية ولم تركع لصدام. إذن كيف يمكن لهذه القوة أن تخضع لضغوطات قليلة للشخصيات والسياسيين في إيران. قوات التعبئة قوات شجاعة لن ترضخ لضغوطات الآخرين. ولن تتحول إلى قوة في يد أشخاص محددين. الفكر التعبوي يقوم على أساس الأخلاق لذلك لا يلجأ إلى مثل هذه الأساليب إذن تلك الاتهامات، اتهامات واهية ويجب أن أذكر هذه النقطة أن التعبئة لا تتدخل في النزاعات السياسية الداخلية ولكن إذا كانت هناك مشكلة سياسية بين النظام وبين أعداء النظام من الطبيعي أن التعبئة كجزء من هذا النظام تدافع عن هذا النظام بقوة. إذا كان هناك أشخاص يتقاضون أموالا من الولايات المتحدة ومن بريطانيا وسفارتها ويسعون إلى تنفيذ انقلاب ناعم بالتأكيد فإن قوات التعبئة تقف بقوة أمام مثل هؤلاء الأشخاص وهذا لا يعني أن قوات التعبئة تدخلت في النزاعات السياسية الداخلية. قوات التعبئة هم جزء من الشعب الإيراني ولذلك لا نستطيع أن نمنعهم من الإبداء بوجهات نظرهم.

 

محمود رمك: البعض يقول أن قوات التعبئة تمارس دورا بديلا لقوات الشرطة والأمن أيضا ويقول البعض أن له دور في الحد من الحريات وتتدخل في الحياة الخاصة للناس. ما هو تعليقك؟

 

محمد رضا نقدي: التعبئة إذا لم تساعد هذه القوات في المجالات التي تطلبها تلك القوات تعلمون كيف ستكون العاقبة ولذلك فأن الناس سيضطرون إلى التدخل في القضية وبصورة عشوائية. الإيرانيون حريصون على صيانة قيمهم ولا يسمحون لأحد التطاول عليها. على سبيل المثال في الولايات المتحدة إذا خرج عدد من الأشخاص يتهجمون على القيم المعنوية من الطبيعي إذا كان هناك غياب لقوة منظمة لتصدي هؤلاء، سوف نشهد تدخل عشوائي من قبل الناس وما يفضي ذلك إلى كوارث. إن هذا التواجد المنظم لقوات التعبئة وللتحكم لمثل هذا الأمور التي تحدث في كل عقد من الزمن مرة واحدة. على أي حال التعبئة هي قوة لها حضور هادئ ومطمئن تستحق الشكر والثناء.

 

محمود رمك: هل هناك إجبار لكي ينتمي أحد ما إلى قوات التعبئة في الداخل الإيراني ؟

 

محمد رضا نقدي: قوات التعبئة تنظيم ينخرط فيه الأشخاص لدوافع روحية ينضمون إليه بحب وعشق ويخرجون منه بحرية. على أي حال الدوافع تتجسد في تقديم المعونة والمساعدة. في الأسبوع المقبل لدينا برنامج في أحد المساجد. المسجد قام بجمع التبرعات لتزويج مئة شاب وشابة في مراسم زواج جماعي التي تتم هذه المراسم تحت إشراف قوات التعبئة وهناك زيارات لمناطق القتال في فترة الدفاع المقدس تتم تحت إشراف قوات التعبئة وهناك أيضا برامج ثقافية أخرى. هذا التنظيم هو تنظيم طوعي وشعبي وليس إلزامي. نستطيع أن نقول أن قوات التعبئة هي الامتداد الشعبي لكل الأجهزة وفي إيران وخلافا لما هو موجود في الدول الغربية والشرقية حيث هناك تضارب بين الشعب والحكومة في حين أن في إيران الوضع يختلف والشعب يقف إلى جانب الحكومة. الشهيد رجائي أسس أول حكومة ثورية بعد الثورة وقام بتسميتها تحت عنوان الحكومة الستة والثلاثين واليوم الرئيس أحمدي نجاد يصفها بحكومة السبعين مليون وأن الجميع بصورة متطوعة يعملون في هذه الحكومة من دون تقاضى أجور.

 

رمك: الكل يتفق في الداخل الإيراني أن هناك غزو ثقافي وهناك إرادة تقف خلف هذا الغزو وهناك نية لتشويه صورة قوات التعبئة (البسيج ) في الداخل الإيراني. ما هي برامجكم للوقوف أمام هذه الحرب الناعمة؟

 

محمد رضا نقدي: نحمد الله سبحانه وتعالى بما أن رسالتنا تنبع من الفطرة الإنسانية وبالرغم من الإمكانيات الضئيلة التي نتمتع بها وأنتم تلاحظون أن قناة العالم وهي متواضعة أرادت أن تتحدث بمنطق الحقيقة فقاموا بإغلاقها على بعض الأقمار لذلك نحن رسالتنا تنبع من الفطرة الإنسانية وبالرغم من أن الفضائيات العالمية تروج ضد إيران نلاحظ أن الرئيس الأميركي عندما يسافر إلى دولة يقابل بالأحذية واحتجاجات كبيرة بالرغم من الدعايات الكبيرة ووقوف كافة الفضائيات إلى جانبه. في حين أن الرئيس الإيراني يستقبل بترحيب والسبب يعود إلى أن رسالتنا رسالة المنطق. فقد استطعنا من خلال هذه الصفات أن نصون نظامنا وثورتنا وبعد هذا العقد الذي اجتزنا وهو عقد الاستعداد القتالي حيث أن الولايات المتحدة كانت تهدد دائما بشن هجوم على إيران في حين أننا اشتغلنا على الاستعدادات القتالية وتسليح مليوني لقوات التعبئة قمنا بالإعداد الكافي والحمد لله قمنا باجتياز هذه المرحلة، مرحلة التهديد والترهيب. ونلاحظ اليوم أن الولايات المتحدة أخفقت وفشلت في حين أننا في إيران نتمتع بوضع أمني جيد. وكما تفضل قائد الثورة سيكون عقد التطور وستسهم قوة التعبئة في تحقيق هذا الهدف.

 

رمك: العميد محمد رضا نقدي رئيس منظمة تعبئة المستضعفين البسيج في الجمهورية الإسلامية الإيرانية من مدينة قم المقدسة. شكرا جزيلا لك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.