أجرى الحوار: حسين مرتضى

 

الضيوف: الشيخ أحمد الزين: رئيس مجلس الأمناء في تجمع العلماء المسلمين - بيروت 

 

الشيخ ضياء الدين الزبيدي: مفكر وباحث إسلامي - بغداد 

 

خالد البطش: قيادي في حركة الجهاد الإسلامي - غزة

 

حسين مرتضى: السلام عليكم... ما أهمية نداء قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي الذي وجهه لحجاج بيت الله الحرام في ظل التحديات التي تواجه الأمة؟ كيف يجب التعاطي مع هذه التحديات في ظل ما تعانيه فلسطين والتهديدات للمسجد الأقصى والظلم المستمر على أهل غزة وما يجري في أفغانستان وانعدام الأمن في بعض البلدان؟ كيف يمكن الاستفادة من فرصة الحج لتوطيد أواصر الأخوة والوحدة بين الشعوب والأمة كما جاء في النداء وماذا عن تأكيده للمصائب والمحن التي لم تأتي على شعوب هذه المنطقة إلا بعد الدخول التعسفي للجيوش الغربية بزعامة أمريكا؟ ما دور الأمة في إفشال المخططات والفتن والحروب التي تحيكها الإدارة الأمريكية ؟

 

حسين مرتضى: فضيلة الشيخ أحمد الزين، عندما نتحدث عن النداء الذي وجهه اليوم قائد الثورة الإسلامية إلى حجاج بيت الله الحرام. أبدأ من الكلام الذي تفضل به عن محور الوحدة الإسلامية حيث يقول، على المسلمين المجتمعين هنا من كافة أصقاع العالم شوقاً لطواف الكعبة وزيارة مرقد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، عليهم اغتنام هذه الفرصة لتوطيد أواصر الأخوة بينهم. كيف يمكن فعلاً اغتنام هذه الفرصة من خلال الحج لتوطيد أواصر هذه الأخوة؟

 

الشيخ أحمد الزين: نحن خلف الإمام السيد الخامنئي القائد. أريد أن أقف عند هذه النقطة موجهاً الإشارة لأخواني العلماء بالدرجة الأولى وإلى الأمة الإسلامية بجميع مذاهبها وأوطانها في سائر أنحاء العالم ملفتاً الانتباه إلى حاجتنا الماسة للقائد لأن القائد هو الذي يتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى. فالقائد هو الذي يوجه وهو المسؤول وأية مؤسسة وأية مدرسة وأية شركة وأي وطن وأية جهة ليس فيها القائد المسؤول لا نجاح معها ولا فوز. لهذا، أُذكر الأمة الإسلامية بجميع مذاهبها بحاجتها الماسة للقيادة والتي تتمثل اليوم بالسيد الخامنئي الذي يوجه النداء للأمة الإسلامية وخاصة للعلماء يدعوهم للوحدة الإسلامية ويذكرهم بحكمة الحج. نحن نذهب إلى الحج أفراداً وأمه، لا نذهب إليه أفراداً منعزلين عن الأمة الإسلامية. نذهب إلى الحج طاعة إلى الله تبارك وتعالى وبنفس الوقت نذهب إليه كفرد من هذه الأمة التي يجتمع فيها الحجيج من سائر أنحاء الدنيا تأكيداً لمعنى الأمة. فمتى تعي الأمة الإسلامية وجودها كأمة في هذا العالم ؟

 

حسين مرتضى: فضيلة الشيخ الزبيدي، نتحدث الآن عن موضوع الوحدة ومفهوم الوحدة انطلاقاً من التأكيد على الاستفادة من هذه الفرصة. عندما يتم الحديث عن التأكيد من الاستفادة من هذه الفرصة لتوطيد أواصر الأخوة، هناك نقطة مهمة علاج للكثير من الآلام التي تعاني منها الأمة الإسلامية. ما المقصود من ذلك؟

 

الشيخ ضياء الدين الزبيدي: الأمة العربية والإسلامية لم تستغرب هذا الخطاب الأبوي الحنون للسيد القائد الخامنئي وأنا ذكرت في أكثر من مناسبة أن الأمة الإسلامية تعودت على هذا الخطاب الأبوي الحنون. الآن نرى المصائب والمحن في العراق وفي أفغانستان وفي باكستان. يومياً المئات من الشهداء والضحايا والأبرياء، هذه كلها أيادي خفية صهيونية استعمارية تعمل على تمزيق الوحدة الإسلامية. يجب على علماء هذه الأمة ومثقفيها وعقلائها يجب عليهم أن يقربوا وجهات النظر أن يرشدوا هؤلاء الطائشين من هذا الطرف أو ذاك من أجل إعادتهم إلى قرآنهم ونبيهم محمد صلى الله عليه وآلة وسلم.

 

حسين مرتضى: فضيلة الشيخ أحمد الزين، عندما نتحدث عن موضوع الوحدة الإسلامية وأنه علاج للكثير من الآلام التي تعاني منها الأمة الإسلامية، كيف يمكن القيام بهذه الخطوة انطلاقاً من دور العلماء في تقريب وجهات النظر ؟

 

الشيخ أحمد الزين: الوحدة الإسلامية هي حكم شرعي تأكد في القرآن الكريم وفي السنة المطهرة. الله تبارك وتعالى يأمرنا، واعتصموا بحل الله جميعاً ولا تفرقوا. القرآن الكريم يؤكد هذه الوحدة أن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون. الرسول صلى الله عليه وسلم يقول، المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً. مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. مع هذه القواعد والمنطلقات الشرعية نرى أننا معشر المسلمين بحاجة الآن أكثر من أوروبا وأكثر من أمريكا لهذه الوحدة. نحن بحاجة لهذه الوحدة الإسلامية لأن الشرع يأمر بها ولأن المصلحة تقتضي ذلك. لا حياة ولا مستقبل لدولة منعزلة عن عالمها وعن أمتها. نحن نعيش في عصر التوحد. العالم اليوم كأنه قرية واحدة. الطفل الآن في بيروت يستطيع أن يتصل بأي إنسان في أي مكان في العالم. نحن نعيش كأننا في بلد واحد ولابد لنا أن ندرك هذا الواقع الذي وصل إليه العالم. الأولى بنا معشر المسلمين التزامنا بالشرع الحنيف وبما يحقق المصلحة أن نأتي إلى هذه الوحدة إلا أننا نرى أن العالم الإسلامي الآن لا يملك القرار السياسي. نحن كأمة إسلامية بحاجة ماسة لأن نستعيد القرار السياسي، هذا القرار الذي فقدناه منذ سايكسبيكو وما قبل ذلك. ننتظر السفير الأمريكي ومن قبله السفير البريطاني كي يهمس بآذاننا ماذا علينا أن نفعل. هذه مشكلة لابد أن ننتبه إليها ولا خير ولا مستقبل ولا حياة لنا قبل أن نستعيد القرار.

 

حسين مرتضى: كيف يمكن أن نتحدث عن الوحدة في ظل هذا الواقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية ؟ الآن أخطر المراحل هي هذه المرحلة التي تعيشها الأمة الإسلامية الآن. هناك حديث عن طائفية وهناك من يحاول أن يزرع هذه الفتنة بين أبناء الأمة. يتحدث عن شيعة وسنة وما شابه ذلك.

 

الشيخ أحمد الزين: من طبيعة الأشياء وشيء يتفق مع مر التاريخ، فطرة الإنسان. الاختلاف في الرأي ليس عيباً. الاجتهاد في المذهب ليس خطأ. من طبيعة وفطرة الإنسان أن يكونوا أفراداً تتفاوت اجتهاداتهم وشعوباً وقبائل. يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا. الانتماءات إلى الأوطان والى القوميات، اللغات المختلفة، الأجناس والألوان المتفاوتة لا يجب أبداً أن تبعدنا عن الوحدة. كذلك، المذاهب والاجتهادات وإن تفاوتت هذه الاجتهادات واختلفت، يجب أن لا تشكل عائقاً في طريق الوحدة. الإسلام يدعونا بأجناسنا وقومياتنا وانتماءاتنا الوطنية وبمذاهبنا المتعددة كي ننضوي جميعاً ضمن دائرة الأمة الإسلامية الواحدة. هذه الوحدة مازالت حتى الآن في وجدان الأمة وفي أحاسيسهم وفي ضمائرهم، لم تخرج إلى الواقع السياسي والاجتماعي، لم تخرج إلى التطبيق العملي. القرآن الكريم والإسلام إلى جانب دعوته إلى الوحدة الإسلامية جاءنا بالوسائل التي تحقق هذه الوحدة، منها الالتزام بالقيادة. لابد من القيادة. الالتزام بالشورى وأمرهم شورى بينهم. الالتزام بالوحدة والنهي عن التفرقة بين المسلمين. أنا أدعو الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن تتبنى الدعوة إلى الوحدة وهي تتبناها، أدعوها أن تخرج من الخطاب الوجداني والعاطفي إلى الخطاب السياسي والاقتصادي والإعلامي. فدعوتها للوحدة الإسلامية تدعونا إلى أن ندعو لتشكيل لجان في الاقتصاد وفي السياسة وفي الإعلام وفي الثقافة وصولاً إلى اللجان الأمنية. تأتي هذه اللجان لتدرس الواقع لأن الحكم الشرعي لا يبقى ضمن ضفتي القرآن الكريم وكتب السنة المطهرة. لابد أن ندرس الواقع للمجتمعات الإسلامية. وعلى ضوء هذه الدراسة نعود إلى كتاب الله وهدي رسول الله نستنبط الحكم الشرعي. هذه اللجان وظيفتها أن تدرس الواقع وأن تأتي لنا بالقرارات ومشروع الوحدة الذي على الأمة الإسلامية أن تتبناه. نحن لا نستطيع أن نشكل اللجنة ونطبق أي شيء قبل أن نحرر القرار السياسي.

 

حسين مرتضى: فضيلة الشيخ الزبيدي، عندما نتحدث عن ضرورة إخراج هذه الوحدة إلى الواقع التطبيقي، ما الذي يمكن أن نقوله هنا كذلك؟

 

الشيخ ضياء الدين الزبيدي: الآن عندما تتحدث أنه أحرج مرحلة تمر بها الأمة الإسلامية بتاريخ وجودها هي هذه المرحلة. انظر إلى العالم الإسلامي والعالم العربي، ليس فقط متشرذم كدول وإنما داخل نطاق الدولة الواحدة امتدت الأيادي الآثمة لضرب النعرات الطائفية والفتن التي يسوق لها في هذا البلد أو ذاك. لأنه يراد لأي بلد من البلدان أن يكون على شاكلة واحدة أو طائفة واحدة. لذلك، هذه الأيادي الخبيثة الصهيونية الاستعمارية التي تعمل على تمزيق الوحدة الإسلامية يجب جميعاً أن نتكاتف ونتصدى لها خصوصاً في هذه المرحلة الراهنة الصعبة التي تمر في عالمنا الإسلامي. المسألة التي كنت أريد أن أقولها هي فقرة السيد الخامنئي عندما يقول، على المسلمين اغتنام هذه الفرصة لتوطيد الأخوة بينهم. هذه العبارة بحد ذاتها لو ناقشناها ربما يطول الحديث إلى حلقات كثيرة. عندنا موسم الحج هو من أكبر التجمعات البشرية على وجه الكرة الأرضية يجمعهم التوحيد وحب الله والقرآن وحب الرسول إلى رضى الله عن طريق هذه الكعبة المشرفة.

 

حسين مرتضى: فضيلة الشيخ، فيما يتعلق بالنقطة التي كنت تتحدث عنها وصلنا إلى المعاناة التي تعاني منها العديد من البلدان الإسلامية جراء الاحتلال وجراء دخول الجيوش الأجنبية إلى هذه البلدان.

 

الشيخ ضياء الدين الزبيدي: عندما يقول السيد الخامنئي، على المسلمين اغتنام هذه الفرصة، أنا ذكرت أنه أكبر تجمع بشري في العالم هو أثناء الحج. هناك قول لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول، اغتنموا الفرص فإنها تمر مر السحاب. يجب على جميع الحجاج الكرام وكذلك العلماء الموجودين أن يوجهوا هذا الخطاب التوجيه الصحيح من أجل التواجد والتآلف والتوحد والتراحم فيما بين هؤلاء حتى يرجع كل حاج إلى بلده وينقل هذه الصورة ويشيع روح المحبة بدل من روح العداء والفتنة. أيضاً هناك فقرة أخرى من فقرات سماحة السيد عندما يقول أن يد المسيئين للعالم الإسلامي تعمل على تفريق المسلمين أكثر من السابق. أنا عندما أمر على الآية الكريمة، هذه الآية تخاطب النبي الأعظم صلى الله عليه وآله، وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها. أنا عندما آمر أهلي بالصلاة يجب أن أكون مصلياً. فعندما أصلي وآمر أهلي بالصلاة فيصبح أهلي يصلون داخل الأسرة الواحدة، عندها انطلق إلى المجتمع وأشيع مفهوم وروح الصلاة وكيفية الارتباط بالله تبارك وتعالى. نحن الآن في داخل نطاق الدولة الواحدة. المفروض أن نصلح فيما بين أفراد المجتمع. الآن هناك مجموعة من الإخوة المحرومين المساكين في اليمن تطالب بحقوقهم. جيشت الجيوش ضد فئة قليلة عازلة تعيش في الجبال يريدون حقوقهم لا أكثر ولا أقل. كيف نشيع مفهوم الوحدة الإسلامية وهناك دول بجيوشها واقتصادها وقوتها تعمل على ضرب أبناء جلدتها. ما نراه في اليمن، من باب أولى أنه كل بلد في حد ذاته أولاً يوحد بين أبنائه ويوحد بين المسلمين في ذلك البلد وعندها ننطلق إلى العالم الإسلامي.

 

حسين مرتضى: سيد البطش، نداء قائد الثورة الإسلامية إلى حجاج بيت الله الحرام يقول أن القبضة الدامية للأعداء ترتكب اليوم الفجائع في الكثير من البلدان الإسلامية. فلسطين تعاني الألم والمحن المتفاقمة تحت سيطرة خبث الصهاينة والمسجد الأقصى عرضة لخطر حقيقي. أهالي غزة المظلومين لا يزالون بعد تلك المذبحة غير المسبوقة يعيشون أسوأ الظروف. ما الذي يمكن أن نقرأه من نداء قائد الثورة الإسلامية وأين هو واقع الأمة الإسلامية من هذا الكلام؟

 

خالد البطش: كلمات الإمام الخامنئي أنا لم اقرأ فيها شيئاً مختلفاً. بالعكس، هذا هو خطاب السيد الخامنئي منذ أن عرفناه. خطاب قائم على دعوة للوحدة، إلى رص الصفوف ومقاتلة المشركين والى نبذ كل خلاف من شأنه أن يؤدي إلى إضعاف الأمة. وهذا يأتي في سياق أن هناك صراعاً بين مشروعين. مشروع إسلامي أحد ركائزه وحدة الأمة واستعادة مجدها التليد ومشروع غربي في المنطقة وعلى رأسه ربيبتها إسرائيل وجدد هذا المشروع وزيد عليه كما يقال مزيد من السموم بدعوة رايس لشرق أوسط جديد. لذلك، هذا هو لب المشكلة. هنالك صراع حقيقي بين مشروع إسلامي أهم مرتكزاته وحدة الأمة والعمل على إنهاء الاحتلال وطرد المستوطنات وبين مشروع صهيوني يريد أن يؤبد هذه الأمة تحت الإعادة للغرب يقوم على الطائفية، على الفتنة، على التكفير، على استعباد الناس لكي يبقوا تحت البسطال الأمريكي. السيد الخامنئي ومن معه من رجال العلم والدين ومن دعاة الجهاد والمقاومة، الآن بدت المسائل واضحة أمامهم. وبالتالي، دعوتهم اليوم وتأشيرهم والإشارة على القدس، ليست الإشارة للقدس إشارة عبثية أو إشارة عابرة. القدس عبارة عن ميزان الأمة اليوم. القدس هي البوصلة. إذا القدس محررة، الأمة بخير وإذا كانت محتلة فالأمة ليست بخير. وطالما القدس مازالت تحت الاحتلال وطالما أن المسجد الأقصى المبارك يرزح تحت الاحتلال، هذا يعني أن الأمة غير قوية وغير معافاة. الأمة الآن تعيش أسوأ مراحلها لأن قبلتها الأولى محتلة ولأن أبناء أمتنا الآن مضطهدون ولأن هذه الأمة حتى اللحظة لم تأخذ بزمام المبادرة لكي تستعيد دورها التاريخي والحضاري في مقاتلة الأعداء.

 

حسين مرتضى: إذا كانت الصورة واضحة بهذا الشكل، لماذا لا يكون هناك تحرك؟

 

خالد البطش: الله سبحانه وتعالى يقول إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا. حكام الأمة اليوم يريدون أن نبقى شعوباً وقبائل لكي نتقاتل ونضمن بقاءهم في كراسي الحكم لأن اختلاف القبائل والشعوب على بعضها البعض كما يحصل في فلسطين وفي اليمن وفي لبنان وفي كل مكان، هذه الظاهرة تؤمن للحاكم بقاءه في الحكم. الحاكم مرتاح وبالتالي هؤلاء الحكام يريدون أن نبقى منقسمين على عكس ما أراد الله. نعم، لابد هنا من تحرير القرار السياسي من الارتهان للغرب لأن الحاكم مستبد ولا يخرج عن هذا الإطار طالما أن كل مفاتيح الأمة بيده. وصل بهم الأمر إلى أن يقول أحدهم أن عيد الأضحى هو يوم الخميس وليس غداً. نحن ندعو للتغيير ليس بالعنف ولا بالقتال ولا التدخل في شؤونهم.

 

حسين مرتضى: فضيلة الشيخ الزين، لماذا لم تكن الشعوب تشهد كل هذه المصائب والمحن قبل الدخول التعسفي والامتلاكي للجيوش الغربية بزعامة أمريكا إلى المنطقة؟ كل هذه العمليات تقف وراءها أجهزة استخبارات تابعة للولايات المتحدة وأجهزة استخبارات تابعة لبريطانيا.

 

الشيخ أحمد الزين: نحن تركنا ساحة العالم الإسلامي فارغة وتتقبل كل هذه التدخلات ووضعنا أنفسنا كأحجار شطرنج. هم ينقلونها من بلد إلى بلد، لا تجد بلدين عربيين إسلاميين إلا والاختلاف والحروب قائمة فيما بينهما. حتى في نفس البلد الواحد يثيرون النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية والى آخره. العالم الإسلامي يعيش اليوم حالة من الفوضى والانفلات شيء لا يطاق. نحن في أداء فريضة الحج لابد أن نراعي هذا المعنى وأن ننتقل من الحج الفرضي. نطلب من السعودية أن تؤمن لنا مجلس الشورى للأمة الإسلامية كي يلتقي في الحج. لا يصح أن ننتقل فقط كأفراد. لابد لفريضة الحج إلى جانب تأمين الأفراد في أداء مناسك الحج لابد أن يؤدى المنسك الأهم لمنفعة الأمة الإسلامية. وهو أن تأتي القيادات أو المندوبون ليدرسوا واقع الأمة الإسلامية.

 

حسين مرتضى: هم وجهوا دعوة انه لا يجوز تسييس الحج ، المفتي السعودي تحدث بهذه اللغة. عندما تتحدث عن مصائب وهموم الأمة فأنك تتدخل في السياسة وهذا يضرب كل مناسك الحج.

 

الشيخ أحمد الزين: أنا أقف في الصلاة، بماذا استفتح صلاتي؟ وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين. إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. محياي لا ينحصر في الركعات التي أصليها. محياي في السياسة وفي البيع والشراء والتجارة. محياي في الإعلام وفي المدرسة والبيت. هذا ما جاء به القرآن الكريم والسنة المطهرة. حتى في الحج حينما أقول لبيك اللهم لبيك ، أنا أتوجه إلى الله تبارك وتعالى في أداء هذه المناسك ملبياً دعوة الله تبارك وتعالى. لابد للحجيج في الداخل وللعلماء بصورة خاصة أن يستجيبوا وأن يلبوا دعوة الله في سائر شؤون الحياة. وإذا ما تركنا هذه الأمور بيد الولايات المتحدة وبيد الصهيونية نرى آثارها كما نشاهد الآن في حالة الفوضى والانفلات والضياع للأمة الإسلامية.

 

حسين مرتضى: فضيلة الشيخ الزبيدي، إذا حلت المحبة وحسن الظن والتعاطف بين الشعوب المسلمة وبين الفرق والقوميات الإسلامية محل سوء الظن والنظرة السلبية التي يريدها الأعداء فسوف يحبط الجانب الأكبر من مؤامرات المسيئين وتدابيرهم ومخططاتهم المشؤومة إلى مزيد من السيطرة على الأمة الإسلامية. كيف يمكن الآن الاستفادة من هذه المرحلة والحج هو من أفضل الفرص لتحقيق هذا الهدف السامي ؟ كيف يمكن تفويت الفرصة على الأعداء انطلاقاً من الوحدة انطلاقاً من مناسك الحج وانطلاقاً من تسليط الضوء على المسائل التي تعاني منها الأمة في هذه المرحلة بالذات؟

 

الشيخ ضياء الدين الزبيدي: السلطات السعودية دائماً تحاول أن تضع عراقيل أمام تأدية مناسك الحج المحمدي الأصيل. يجب على كل الحجاج الكرام أن يعوا من خلال هذا التجمع ما يجري في عالمهم الإسلامي. والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول من أصبح وأمسى ولا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم. موسم الحج أساساً موسم عبادي سياسي. متى كان النبي صلى الله عليه وسلم رجل دين ولم يكن رجل سياسة؟ ألم يخاطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كسرى عظيم الفرس، الم يخاطب هرقل عظيم الروم ؟ أليست هذه مسائل سياسية ؟ الخلفاء الذين جاءوا من بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، الإمام أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه كان رجل دين فقط أم رجل دين وسياسة وعندما تشن الحروب كان قائد في الحرب ؟ هذا كلام يراد منه فصل الدين عن الدولة، كلام لا يستقيم أمام ما أراده الله عز وجل وما أراده النبي الأعظم ( ص صلى الله عليه وآله وسلم ). لذلك، هذا الكلام باطل من الأصل. يجب على كل مسلم أن يعي ما يدور حوله في بلاده والبلاد المجاورة. كلام السيد الخامنئي منطلق من قلب القرآن وقلب السنة النبوية المطهرة. إذا أشعنا روح المودة والمحبة لا يمكن لأي إنسان إن كان مستعمراً أو صاحب فتنة أو صاحب مشروع لا يمكن له تفريق المسلمين، لا يمكن أن تنطلي على هؤلاء المسلمين. يجب إشاعة روح المحبة والمودة بين المسلمين ولنتخذ من خطاب السيد الخامنئي وهو خطاب أبوي يجب أن يتخذ دليل عمل لكل المسلمين.

 

حسين مرتضى: سيد خالد، عندما نتحدث عن موضوع الوحدة وعندما نتحدث عن ضرورة أن تكون الأمة يقظة وأن يتم تفويت الفرصة على من يحاول زرع الفتنة بين المسلين. مشروع الشرق الأوسط الذي جاءت به الإدارة السابقة قد فشل. كل المخططات وكل الحروب قد فشلت. الآن يراهن الأعداء على زرع الفتنة بين المسلمين لتفتيت هذه الأمة وربما هذا هو السلاح الأخير الذي تحاول الإدارة الأمريكية استخدامه لتفتيت هذه الأمة. كيف يمكن توحيد هذه الصفوف لمواجهة المخططات التي تحيكها حكومة الاحتلال الإسرائيلي والتهديدات للمسجد الأقصى المبارك؟

 

خالد البطش: النبي صلى الله عليه وسلم قال الناس كالإبل. في كل مئة راحلة. لابد من طليعة ولابد من ابل، الراحلة تقود هذه الأمة. أنا أعتقد أن في إيران اليوم هذه الراحلة وعليها يقع قيادة مجموع المسلمين إلى شاطئ الأمان. كيف يمكن ذلك، التركيز على الوحدة. إذا عرفت الأمة ما تريد وما هو المطلوب، سرعان ما تستجيب لنداء الوحدة. إذا عرفت الأمة أن الوحدة ضرورة شرعية أمر بها الله ورسوله وإذا عرفت الأمة أن الوحدة ضرورة سياسية من أجل سيادتها ومصالحها وأن الوحدة ضرورة لحماية مصالحها والدفاع عن حقوقها وأن الوحدة أساس النهوض واستعادة الريادة وزمام المبادرة والسيادة، الأمة ستستجيب. من المهم الآن أن نبدأ بالراحلة الأولى، أن نبدأ بالدعوة لتشكيل هيئة علماء تتمثل فيها جميع البلدان الإسلامية أن يكونوا في هيئة إسلامية تتولى حل الخلافات الإسلامية، تعطي موقفاً في كل القضايا تشكل لنا في فلسطين مرجعية فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني الداخلي وفي شأن الصراع مع إسرائيل لكي نعطي هذا الثوب بعده الإسلامي. المطلوب الآن من الشعوب أن تلتف حول هذه الخيارات وأن تتحمل إيران ويتحمل معها كل المخلصون وأن تؤدي السعودية ما عليها من دور وأن تؤدي مصر ما عليها من دور وكل الدول الإسلامية. أنا متأكد أن الأمة محتاجة إلى طليعة تدفع الثمن وتقودها وتكون عنوان للتضحية والفداء. أعتقد أن الظروف الآن مؤاتية. رأينا أن حزب الله كطليعة وراحلة متقدمة في الصراع مع إسرائيل استطاعت أن تجبر إسرائيل للخروج من جنوب لبنان. رأينا في قطاع غزة كيف أن بضع مئات من المجاهدين أخرجوا إسرائيل المتغطرسة من قطاع غزة بدون اتفاق. هذه الظاهرة يجب أن تتكرر. هذه الظاهرة تتكرر عندما يوجد مجاهدون مخلصون لقضيتهم ومعهم قيادة راشدة. أنا أدعو الأمة إلى أن تتمسك بالمبادئ التي قضى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي مات وهو يدعو الناس إليها. في الأساس لابد من أمرين، تحرير القرار السياسي أو أن يتفضل الحكام العرب بإعطائنا المساحة من الحرية في القرار السياسي وأن ينتظروا فقط ويعطوا الفرصة للناس لكي تعمل وتؤدي ما عليها. المفروض الآن إعطاء الفرصة للشعوب والعلماء لكي ما تؤدي ما عليها من دور تجاه القضايا المركزية

 

حسين مرتضى: هل تعتقد أن الظروف مؤاتية لتحقيق ما تدعو إليه في هذه المرحلة بالذات ؟

 

خالد البطش: اعتقد أن المرحلة الراهنة تتطلب الآن منا ذلك. ربما الظروف غير مؤاتية لكن علينا أن نصنع هذه الظروف. أنا متأكد أن هذا النداء المعقول والعقلاني الذي يمكن أن نخاطب به جميع الأمة، يجب على الأمة أن لا تدير ظهرها للحق والأمة لا تجمع للضلالة. المطلوب فقط التحرك.

 

حسين مرتضى: شكراً لك سيد خالد البطش وأشكر فضيلة الشيخ أحمد الزين وفضيلة الشيخ ضياء الدين الزبيدي. أشكركم جميعا والسلام عليكم.