أجرته مجلة (پاسدار اسلام)[1]
ترجمة ونشر: دار الولاية للثقافة والإعلام
www.alwelayah.net
تعريف موجز:
الدكتور غلام علي حداد عادل ولد في طهران عاصمة جمهورية إيران الإسلامية عام: 1324ﻫ.ش الموافق: 1945م، أكمل تعليمه الأساسي حتى الثانوية العامة في مدرسة (علوي) في طهران عام: 1963م وكان من الطلبة المجتهدين، حصل على شهادة بكالوريوس في علم الفيزياء, عام: 1967م، عين بعد مدة قصيرة معيداً (مساعد دكتور) في كلية العلوم في جامعة شيراز، وهناك التحق بالدراسات العليا وواصل دراساته ومسيرته العلمية والعملية، وحصل على شهادة الماجستير في علم الطبيعة عام: 1969م. وبعد أن حصل على الشهادة من قسم الفيزياء غير تخصصه وانظم إلى العلوم الإنسانية، حيث حصل على الليسانس في العلوم الاجتماعية من كلية الآداب جامعة طهران عام: 1972م. وحاز على شهادة دكتوراه في علم الفلسفة في رسالة عنوانها (آراء كانت حول ما وراء الطبيعة) وذلك في عام 1975م. وقد شغل الدكتور حداد عادل وظيفة المسئول الأول عن اللغة الفارسية التي اعتبرتها قيادة الثورة والنظام الإسلامي من أهم مقتنياتها ووسائلها لتبليغ رسالتها الإسلامية ونشرها. ظهر في عالم السياسية أثناء نجاحه في الوصول إلى عضوية مجلس الشورى الإسلامي عن دائرة طهران العاصمة. وقد انتخب رئيساً لمجلس الشورى الإسلامي الإيراني.
وكالة أنباء فارس: باعتقادي أنه يعد أحد قادة الثورة القلائل ممن تميزوا بمعرفتهم الواسعة باللغة والأدب والتاريخ، وكذلك معرفته الواسعة بفنون الأدب والشعر الفارسي إضافة إلى الأدب والشعر العربي.
وقد أشار التقرير الذي قدمته مجموعة (فضاى مجازى) في وكالة أنباء فارس أن مجلة (پاسدار اسلام) قد أجرت في عددها الأخير حوارا مع الدكتور حداد عادل تحدث فيه عن الجوانب الخفية في سيرة ومواقف قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى السيد الخامنئي.
** وجاء في مقدمة هذا الحوار: نُقدم لكم النص الكامل للحوار الذي أجرته مجلة (پاسدار اسلام) في جلستين مع الدكتور حداد عادل للتعريف بالسلوك الفردي والاجتماعي لقائد الثورة الإسلامية. وقد تحدث الدكتور بدقة متناهية حول هذا الموضوع برغم إدراكه أن الحديث في مثل هذه المواضيع يسبب انـزعاجا وعدم ارتياح لدى قائد الثورة، لكن ما دفعه للقبول بهذا الحوار هو حرصه الشديد على توضيح هذه الجوانب الأخلاقية في السلوك الفردي والاجتماعي لقائد الثورة الإسلامية وبيانها لجيل الشباب هذا من جهة، ومن جهة أخرى سعيه لتفنيد الشائعات التي يطلقها بعض المخادعين بين الفينة والأخرى، فنشكره على قبوله إجراء هذا الحوار معه. ونأمل من خلال هذه الحوارات المفيدة أن نقدم للعاشقين في درب الحرية والإسلام شربة من هذا البحر تروي عطشهم وتطفئ ظمأهم.
تاريخ العلاقة مع الإمام الخامنئي (دام ظله):
1ـ نرجو منكم أن تتحدثوا لنا عن تاريخ علاقتكم بقائد الثورة الإسلامية، وكيف استمرت وتطورت هذه العلاقة فيما بعد؟
بسم الله الرحمن الرحيم، قبل قيام الثورة الإسلامية لم أكن على علاقة شخصية مع قائد الثورة لكني سمعت كثيرا باسمه وقرأتُ بعضَ كتبه مثل ترجمته لكتاب صلح الإمام الحسن (عليه السلام) وكتابه حول دور المسلمين في نهضة التحرر الهندية، حيث ارتسمت لهُ في ذهني صورة لرجل الدين الشاب المُحب للشباب وتطلعاتهم الثورية. وقد سمعتُ في تلك الفترة عن قدرته التحليلية الواسعة في تاريخ الأئمة وتدوين هذا التاريخ، لكن بما أني كنتُ أسكن في طهران وهو في مشهد لم تسنح لي فرصة لقائه والتعرف عليه عن قرب، حتى قامت الثورة الإسلامية وتم تأسيس الحزب الجمهوري الإسلامي حيث وُجِهَت الدعوة لأعضائه للاجتماع في طهران، فحظيتُ بفرصة لقائه والتعرف عليه للمرة الأولى بعد عدة أيام من يوم 22 بهمن عام 1357ﻫ.ش، حيث أحسست منذ الجلسة الأولى أنه يختلف عن الآخرين، فرغم معرفتي بأغلب الحضور وصفاتهم الأخلاقية المتميزة أكثر من معرفتي بالسيد الخامنئي لكني أدركت منذ الوهلة الأولى ما يتميز به من مؤهلات فكرية وشخصية خاصة.
وتدريجيا تطورت معرفتي وعلاقتي بسماحته، فكانت بالنسبة لي علاقة الإرادة والإخلاص وبالنسبة له علاقة العطف والمحبة. وفي تلك الفترة كان أخي الشهيد مجيد قد عاد من انجلترا ليكون في خدمة الثورة، فاتصل بالسيد الخامنئي لتنشأ بينهم علاقة خاصة ويشاركه في نشاطاتهم السياسية والاجتماعية. وفي بداية الثورة كنا نلتقي في اجتماعات الحزب مرتين على الأقل في الأسبوع، حيث أُلقيت علينا مسؤوليات واسعة ومتعددة في تلك الفترة، من بينها الإعداد لإجراء الاستفتاء العام لتعيين نوع الحكومة في أقل من شهرين بعد انتصار الثورة الإسلامية، فكنا مشغولين جداً في تلك الأيام مما زاد في وثاقة الارتباط والعلاقة بيننا. وقد استمرت هذه العلاقة حتى أُقيل قطب زادة من رئاسة الإذاعة والتلفزيون في شهر آذر من عام: 1358، حيث تم انتخابي من قبل شورى الثورة عضواً في شورى إدارة الإذاعة والتلفزيون، فكانت وسيلة أخرى للاستفادة من آرائه وتوجيهاته رغم أن الشهيد باهنر[2] كان هو الرابط بيننا وبين شورى الثورة.
وفي شهر مهر عام: (1360ﻫ.ش) عاد أخي إلى طهران بعد إقالته من منصب محافظ كرمانشاه وإيلام، فتركزت اهتماماتنا بعد ذلك في الأمور الثقافية والأدبية، حيث كنتُ أعمل في التلفزيون وهو في الإذاعة، فكان السيد الخامنئي أفضل شخص نلجأ إليه لاستشارته في المسائل الأدبية والثقافية. وكان سماحته يصطحب معه أخي مجيد كلما سافر إلى المناطق الغربية في البلاد ممثلاً عن الإمام الراحل (قدس سره)، لمعرفته الواسعة بهذه المناطق، وقد أدت هذه العلاقة بينهما إلى طلبه من أخي تولي مسؤولية إدارة مكتبه قبل أيام من بدء انتخابات رئاسة الجمهورية التي أُقيمت بعد استشهاد الشهيد رجائي[3]، حيث طلب من أخي يوم الأحد الخامس من شهر مهر تولي مسؤولية إدارة مكتبه، في حين أُقيمت الانتخابات يوم الجمعة العاشر من شهر مهر، وطلب منه أن يقدم تقريراً شاملاً يبين فيه هيكلية المكتب وكيفية إدارته، فجاء مجيد وأطلعني على هذا الأمر للتشاور فيه.
واتفق في نفس ذلك اليوم أن زار البلاد عدد من الصحفيين الأجانب للإطلاع على تفاصيل الانتصار الذي حققه الجيش الإيراني في عمليات ثامن الأئمة وكان يعد الانتصار الأول لإيران في الحرب، لذا تم إرسال مجيد ظهر يوم الأحد إلى جبهات القتال لمرافقتهم في هذه الزيارة، وفي يوم الثلاثاء وصلنا خبر استشهاد مجيد، فتأثر السيد الخامنئي بشدة وحزن كثيراً لهذا الخبر. وقد كانت العلاقة بين سماحته والشهيد مجيد قوية جداً، بحيث يتطلب الحديث عنها بحثاً مستقلاً يُخرجنا عن دائرة موضوعنا الأساس في هذا الحوار.
عوامل قوة العلاقة مع الإمام القائد:
2ـ ما هي العوامل التي أدت إلى تقوية علاقتكم بالسيد الخامنئي؟
منذ الأشهر الأولى التي أعقبت انتصار الثورة الإسلامية كنتُ أشعر بتقارب وتناغم شديد بين اهتماماتي واهتمامات سماحته، حيث كلما فكرت في موضوع معين أو سعيت للكتابة أو البحث فيه، وجدتُ سماحته قد سبقني بأشواط في ذلك، وما شدني للارتباط بسماحته منذ اليوم الأول لمعرفتي به هو رصانته الفكرية وبصيرته في إبداء الآراء وطرح الأفكار، حيث كان يتميز بدقة آرائه ورعايته جانب الإنصاف والاعتدال في طرحها، فقد كان يبتعد دائماً في مواقفه عن الإفراط والتفريط، فلا يرفع الشخص إلى القمة لمجرد قيامه بعمل حسن، ولا ينـزله إلى الحضيض لمجرد ارتكابه خطأ معينا، فرغم إيمانه والتزامه الشديد بمجوعة من المبادئ والأصول الثابتة إلاّ أنه كان يسعى دائما في آرائه حول الأفراد رعاية جانب الإنصاف والاحتياط الشديد وعدم التجاوز على حقوق الآخرين. وطيلة الثلاثين السنة لمعرفتي به أدركت مدى تشابهه بالإمام الراحل في الكثير من الموارد والصفات خاصة في رعايته جانب الاحتياط بالنسبة لإبداء الرأي حول الآخرين.
وأنتم تتذكرون الأيام الأولى التي أعقبت انتصار الثورة الإسلامية التي تميزت باضطراب الأوضاع السياسية في البلاد وعدم استقرار الأنظمة الإدارية في مؤسسات الدولة، إضافة إلى اضطراب الأنظمة الفكرية والذهنية عند الأفراد آنذاك، لكن السيد الخامنئي تميز عن الآخرين في تلك الفترة ببصيرته ورصانته الفكرية.
فكان سماحته رفيعاً في طرحه وأفكاره مجسداً المعنى الحقيقي لأهل المعرفة، وفيا في صداقته، منصفا حتى مع أعدائه، يحمل في شخصيته كلا صفات الجذب والطرد، فكان وجوده مهما ومؤثرا بالنسبة لي ولمريديه.
وفي عام: (1361) تم تعييني في إدارة وزارة التربية والتعليم حيث كنت مسؤولاً عن كتابة وتنقيح المنهاج الدراسية.
في وزارة التربية والتعليم:
3ـ من كان وزير التربية آنذاك؟
السيد پرورش. وبالطبع كان لتوصية السيد الخامنئي تأثيرا كبيرا في تعيني بهذا المنصب. وبعد أن توليت هذه المسؤولية كنت أستفيد باستمرار من توجيهات سماحته الدقيقة في وضع البرامج التعليمية وتأليف المناهج الدراسية، وكنتُ استمع إلى توجيهاته المهمة في حل المشاكل التعليمية والتربوية التي كانت تواجهنا آنذاك، وكان سماحته يشجعنا دائما على جهودنا الايجابية في هذا المجال. وفي المرة الأولى التي أردنا فيها إرسال وفد طلابي إلى كوبا للمشاركة في الأولمبياد العلمي هناك، حضرت مع ستة من التلاميذ المنتخبين للقاء السيد الخامنئي فشجعهم سماحته وقدم بعض النصائح والتوجيهات لهم، ورغم أننا لم نكن نعلم آنذاك بالنتائج التي يمكن أن نكسبها من هذه المشاركة، لكننا أدركنا فيما بعد مدى أهمية هذه النتائج التي حققت الافتخارات الكبيرة للبلاد.
وقد استمرت هذه العلاقة والارتباط بيني وبين سماحته، حيث كنت أستفيد دائما من توجيهاته السديدة في تأليف المناهج الدراسية خاصة ما يتعلق بالمناهج التاريخية والأدبية والدينية، وقد زاد هذا الارتباط بيننا بعد وفاة الإمام (رحمه الله) وتوليه منصب قائد الثورة. ومن بين الموارد التي استفدت فيها كثيراً من توجيهات سماحته، كان في تأليف الأجزاء الأربعة من كتاب «درسهايى از قرآن» (دروس من القرآن), فبعد أن أضفت هذا الدرس إلى المناهج الدراسية انتخبت بعض الآيات لشرحها وتوضيحها، فاستفدت من آراء سماحته في انتخاب هذه الآيات وفي تنظيم مواضيعها. وقد تضمنت هذه الأجزاء الأربعة من الكتاب بعض المواضيع التي أُدرجت حسب توجيهات سماحته، وسأشير إلى بعضها. وبالطبع بعض هذه الدروس التي كانت موجودة في السبعينات لم تعد موجودة الآن، وقد قمتُ بنشر هذه الأجزاء الأربعة في كتاب واحد تحت عنوان «درسهايى از قرآن».
ومن بين الدروس التي أوصى سماحته بإدراجها في الكتاب قصة طالوت وجالوت، حيث بيّن سماحته أن هذه القصة تتضمن المعايير الأساسية لانتخاب الشخص المناسب لقيادة المجتمع، فبعد أن طلب أشراف بني إسرائيل من نبيهم أن يختار لهم قائدا سياسيا، اختار لهم نبيهم بأمر الله قائدا لهم، فقال له بنو إسرائيل كيف يكون ملكا علينا ولم يؤت سعة من المال ولا معروفا بيننا: «إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا...»[4]، حيث طلب سماحته إضافة هذه الآيات في المناهج الدراسية.
وطلب إضافة قصة يوسف في المرحلة النهائية من الدراسة الثانوية، فقلت: «لقد أضفنا قصة مريم»، فرد سماحته: «هذه القصة قصة مناسبة للمحافظة على عفاف البنات، وقصة يوسف مناسبة للمحافظة على عفاف الأولاد»، قلت: «هؤلاء الأولاد لا يعرفون قصة يوسف وستواجههم مشكلة في فهمها، وأنتم تطلبون إضافة قصة يوسف؟»، ثم قرأت له هذا الشعر: «به سرما خورده لرزيدن مياموز»[5]. فضحك سماحته وقال: «سواء أضفتم هذه القصة أو لا، فإن هذه المشاكل ستبقى موجودة عند هذا الجيل، ضعوا هذه القصة القرآنية كنموذج بارز على تقوى وعفاف الرجال». وبعد أن رأيتُ دقة ومتانة هذا الرأي أضفتُ هذه القصة في المناهج الدراسية.
وقد أضفنا في المناهج الدراسية قسماً من تاريخ الثورة تحدث عن الفترة بين من 15 خرداد حتى بهمن (1357ﻫ.ش)، فعرضت هذه المواضيع على سماحته فأبدى ملاحظاته عليها. كما أضفنا بعض المواضيع التي تحدثت عن الفترة بين انتصار الثورة وتولي سماحته قيادة الثورة. وبهذا الشكل كنا نستفيد من خبرته ودقة آرائه في الكثير من الموارد والمواضيع.
تأسيس دائرة المعارف الإسلامية[6]:
4ـ نرجو أن تتحدثوا لنا عن ذكرياتكم حول تأسيس دائرة المعارف الإسلامية في تلك الفترة.
كان تأسيس دائرة المعارف الإسلامية أحد وسائل الارتباط بيني وبين سماحة القائد، ففي عام: (1362ﻫ.ش) وبعد سنتين من توليه رئاسة الجمهورية وجه السيد مير سليم الدعوة لتسعة أشخاص كنتُ أحدهم للحضور إلى مكتب سماحته، وأخبرنا هناك بضرورة تأليف دائرة المعارف الإسلامية، إذ لا معنى لأن يرجع محققونا ومؤلفونا إلى دائرة المعارف الأوربية أو تلك التي ألفها المسيحيون العرب في بيروت عند حاجتهم لمعلومات في المواضيع المختلفة، وقد حان الوقت الآن لأن نؤلف دائرة معارف إسلامية خاصة بنا. وعلى هذا الأساس، تم تشكيل لجنة من تسعة أشخاص للإشراف على هذا الموضوع، ورغم العجز المالي الذي كانت تواجهه الدولة آنذاك، تمكن سماحته من توفير الميزانية المالية الخاصة بهذه المؤسسة. وقد كنت مع بقية أعضاء الأمانة العامة لدائرة المعارف نلتقي بسماحته باستمرار للاستفادة من توجيهاته في مختلف المواضيع المتعلقة بهذه المؤسسة.
أعضاء دائرة المعارف:
5ـ من هم الأعضاء التسعة لهذه اللجنة؟
المرحوم الدكتور شهيدي، الدكتور مهدي محقق، الدكتور أبو القاسم كرجي وكان هؤلاء الثلاثة الأكبر سنا بيننا، والسيد شيرازيان الذي تعرف على السيد الخامنئي عندما كان طالبا في حوزة قم، والمهندس مير سليم[7]، والدكتور بور جوادي، والدكتور سروش، وأنا، وقد استمر الدكتور سروش ضمن هذه اللجنة حتى السنوات القليلة الماضية، إلى درجة أن البعض وبسبب مواقفه سألوا قائد الثورة: «هل سيبقى في هذه اللجنة أم لا؟» فأجاب سماحته: «أفضل أن لا نكون البادئين بالانفصال»، فلاحظوا مدى حرص سماحته على الاحتفاظ بالأفراد والشخصيات وعدم خسارتهم قدر الإمكان، لكن السيد سروش قد قطع علاقته فيما بعد بما هو أعلى من قائد الثورة فكيف بقائد الثورة نفسه!.
على كل حال، كان هؤلاء الأشخاص يمثلون أعضاء الأمانة العامة لدائرة المعارف التي تأسست ببركة جهود سماحة القائد ولازالت بعد 27 سنة من تأسيسها منشأ للكثير من الخير والبركات، والحديث عنها يحتاج إلى بحث مستقل.
إدارة دائرة المعارف:
6ـ متى توليتم مسؤولية إدارتها؟
منذ عام 1374ﻫ.ش، فقد كان الدكتور مهدي محقق أول من تولى إدارتها واستمر في منصبه لسنتين، ثم أعقبه الدكتور بور جوادي لسنة واحدة، ثم المهندس ميرسليم لخمس سنوات متوالية، ثم توليت هذه المسؤولية في فروردين عام: 1374 لأن النظام الداخلي للمؤسسة كان يشترط في مديرها أن يكون أحد أعضاء الأمانة العامة. وفيما بعد ازداد عدد أعضاء الأمانة العامة حيث انضم إليها آية الله سبحاني، والمرحوم آية الله معرفة، والدكتور ولايتي، والمهندس طارمي الذي يشغل حاليا منصب المعاون العلمي للمؤسسة، والدكتور علي خوشرو الذي كان مسؤولاً في وزارة الخارجية. وحاليا انتقل إلى رحمة الله الدكتور شهيدي، وآية الله معرفة[8]، في حين انفصل الدكتور سروش عن دنيانا!
مجالات العمل المشترك مع القائد:
7ـ ما هي المجالات والاهتمامات الأخرى التي كانت مشتركة بينكما؟
من الاهتمامات الأخرى المشتركة بيننا هي علاقتنا الشديدة بالشعر والأدب، فباعتقادي أنه يعد أحد قادة الثورة القلائل ممن تميزوا بمعرفتهم الواسعة باللغة والأدب والتاريخ، وكذلك معرفته الواسعة بفنون الأدب والشعر الفارسي إضافة إلى الأدب والشعر العربي، حيث كان سماحته يتميز بتبحره الواسع في فنون وأساليب النثر العربي، فكان يكتب بأسلوب جميل وبليغ ولم يكن يكتب بأسلوب القدماء بل بالأساليب النثرية الحديثة. وهذا التبحر الواسع بفنون الشعر والأدب خاصة فيما يتعلق بنقد الشعر، كان أحد الاهتمامات المشتركة التي زادت من قوة العلاقة بيننا. فقد كنت اهتم بكتابة الشعر كثيرا حتى أني في المرحلة الإعدادية وبداية المرحلة الجامعية كنت أكتب الشعر أحيانا، لكن بعد دخولي المرحلة الجامعية في قسم بعيد عن الأدب، ابتعدت عن كتابة الشعر فلم أكتب سوى أبيات قليلة من الشعر طيلة عشرة إلى خمسة عشر سنة، لكن بعد استشهاد أخي مجيد كتبت بعض الأبيات الشعرية في رثائه، وعرضت هذه الأبيات على سماحته لما علمته وسمعته من تأثره وحزنه على فقدانه، وكان مطلعها: «بهار عمر مرا برگ و بارى بودى تو / دل خزان زدهام را بهار بودى تو/ ستاره سحر من چرا پر از خون است؟/ كرانهاى كه در آن آشكار بودى تو»[9]. فعندما سمع سماحته هذه الأبيات أعجب بها وبدأ بنقدها وتحليلها، واقترح إضافة بعض الإصلاحات عليها، ثم شجعني على الاستمرار في كتابة الشعر ولازال يشجعني على ذلك حتى الآن، بحيث عندما أزوره أحيانا وبعد الانتهاء من المناقشات والأحاديث السياسية يطلب مني بلطف أن أقرأ له بعض الأبيات الشعرية، ويشجعني على كتابته، ثم يقوم بتحليل ونقد هذا الشعر، فقد كان سماحته دقيقا جدا في هذا الموضوع بحيث كان ينتقد حتى الأشعار التي تعرض في البرامج التلفزيونية، لأنه كان يؤمن بضرورة الترويج لنقد الشعر في المحافل الأدبية.
منتدى الشعر والأدب الفارسي:
8ـ متى توليتم مسؤولية إدارة منتدى الشعر والأدب الفارسي، وما هي نوع العلاقة التي كانت تربطكم مع سماحة القائد في هذا المجال؟
كانت عضويتي ومسؤوليتي في منتدى اللغة والأدب الفارسي أحد الوسائل التي زادت من متانة العلاقة بيني وبين قائد الثورة الإسلامية. فبعد سنوات من بداية عمل المنتدى واستقالة السيد حسن حبيبي النائب الأول لرئيس الجمهورية آنذاك وعدم رغبته في العمل في منصبين، تم اختياري من قبل الهيئة الإدارية للمنتدى رئيسا له. وقد كنتُ على ارتباط مستمر مع سماحة القائد طيلة فترة عملي في هذا المنتدى لأعرض عليه تقاريرا مفصلة عن عمل المنتدى ونشاطاته.
ومن بين الموارد التي شعرتُ فيها برصانته الفكرية وروحيته العالية وتواضعه، هي في مواقفه وتعامله مع نشاطات هذا المنتدى، ولا بأس أن أذكر هنا نموذجا بارزا لهذا التعامل، فقد أرسل سماحته بيانا بمناسبة التجمع السنوي للصلاة، وذكر في هذا البيان: «من المناسب أن نخصص مكاناً للصلاة في المتنـزهات العامة، وذكر كلمة (بوستان) تعبيراً عن المتنـزهات بدلاً من كلمة (پارك)»، فقد كان سماحته شديد الاهتمام باللغة الفارسية ويندر أن يستخدم الاصطلاحات الأجنبية في أحاديثه وبياناته إلا عند الضرورة، لكننا في المنتدى كنا قد اخترنا كلمة (باغ) بدلا عن كلمة (پارك)، فلذلك أشرت على سماحته: «أننا في المنتدى استعملنا كلمة (باغ) بدلا عن كلمة (پارك) لكنكم استعملتم كلمة (بوستان)، فماذا نفعل الآن؟»، فقال سماحته: «إن استعمالي كلمة (بوستان) يعود للذوق الشخصي، ومادمتم قد استعملتم كلمة أخرى فهذا شأنكم، وعليكم استعمال الكلمة التي صادقتم عليها في المنتدى، لأن استعمالي لهذه الكلمة لا يعني التدخل في عملكم».
ومثل هذه الموارد حدثت في القوات المسلحة أيضاً، فعندما تذكر أمامه أحيانا بعض الاصطلاحات الأجنبية يبدي بعض الملاحظات عليها ويحاول تصحيحها. وبعد فترة قدمتُ له تقريرا حول هذه الكلمة فأيد رأي المنتدى.
9ـ حتى لو كان مجتهداً وله رأي خاص في ذلك الموضوع..؟
المهم أنه يقبل برأي الآخرين إذا كان مؤيدا بالأدلة والبرهان، فقد كان سماحته يكن كثيرا من الاحترام للمختصين وأصحاب الخبرة. إن هذه الأمور كانت من جملة الموارد التي زادت من قوة ارتباطي وعلاقتي به. وعلى كلٍ حسب قول الشاعر: «گر بگويم كه مرا با تو سر وكارى نيست/ در و ديوار گواهى بدهد كارى هست»[10]، فهذا الشعر يبين طبيعة العلاقة بيني وبين سماحته، وأن: «با صد هزار جلوه برون آمدى كه من / با صد هزار ديده تماشا كنم تو را»[11].
نعم، لقد كان سماحته مَصدرا مهما لإرشاد الآخرين وتوجيههم في مختلف المسائل السياسية، والسياسة الخارجية، والسياسة الداخلية، ومعرفة التيارات والأحزاب، والمسائل الدولية وغيرها، فقد كان يتميز بسعة معلوماته ومطالعاته بحيث يندر أن أتحدث معه في أحد المسائل الاجتماعية والسياسية ولا يبدي فيها ملاحظاته الدقيقة والجديدة، فقد كان التنوع في مطالعاته ومعلوماته يثير الدهشة والحيرة، حتى أني في بعض الأحيان أتحدث معه حول موضوع قرأته في أحد الكتب مؤخراً، فيرشدني إلى اثنين أو ثلاثة كتب تبحث نفس الموضوع. وكان سماحته يعرفُ شخصياً الشعراء والمؤلفين الشباب ويطلع على نشاطاتهم ومؤلفاتهم ويقوم بتقييمها.
لقد كان حب هذه البلاد وهذا الشعب والاعتقاد بالإسلام والثورة يملأ كل كيانه، وكانت التقوى السياسية وإطاعة الإمام من الأمور التي لطالما أوصانا بضرورة الالتزام بها منذ السنوات الأولى التي أعقبت انتصار الثورة الإسلامية. فكان سماحته يلتزم دون بحث أو تردد بإطاعة كل ما يصدر عن الإمام الراحل، لهذا نجد الله تعالى قد وفقه طيلة هذه السنوات لما أبداه من تقوى والتزام بأوامره تعالى وسيوفقه في هذا الطريق إن شاء الله.
وبعد انتخابي في مجلس الشورى الإسلامي منذ عام 1376ﻫ.ش، بدأت مرحلة جديدة من علاقتي وارتباطي مع سماحة القائد تركزت على بحث ومناقشة مسائل المجلس وعالم السياسة والحوادث التي أعقبت الثاني من خرداد والمسائل المرتبطة بالتيار الإصلاحي والأصولي وأمثال هذه المواضيع، وقد أدركت طيلة هذه السنوات بعد نظره ودقته في مختلف المسائل.
اهتمام الإمام الخامنئي (دام ظله) باللغة والأدب
10ـ نحن نعلم أن سماحة القائد عادةً ما يبدي الامتعاض والانزعاج عند مدحه وتمجيده، وكنتم قد كتبتم شعراً في مدحه، فأولاً نود أن تقرأ لنا هذا الشعر، وثانياً نود أن نعرف رد فعل سماحته عليه.
كما أشرت سابقا كان الاهتمام باللغة والأدب الفارسي خاصة الشعر أحد الاهتمامات المشتركة بيني وبين سماحته. ومن بين الخصائص التي تميز بها سماحته وزادت من ارتباطه بالشعر والأدب هو كونه من أهل خراسان، واهتمامه وذوقه الخاص باللغة والأدب الفارسي، فكان في مرحلة شبابه كثير الاهتمام بقراءة الشعر ونقده والاستماع إلى أشعار الشعراء الكبار والمشاركة في المحافل والمنتديات الأدبية التي كانت تقام آنذاك في خراسان.
11ـ من هم هؤلاء الشعراء الكبار؟
دانش بزرگنيا، مؤيد ثابتي، ممن كانوا في سنه تقريبا، أو من هم أكبر سنا منه مثل المرحوم قدسي، المرحوم كمال وصاحبكار وقهرمان وباقرزاده، ولا زال سماحته على ارتباط مع الأحياء منهم حتى الآن. وعلى كل حال، كان سماحته يشارك في المنتديات والمحافل الأدبية في خراسان، يستمع فيها إلى نقد الشعر الذي كان شائعا آنذاك في هذه المحافل. وكان اهتمامه بالأدب والشعر وقابليته الشعرية سببا لزيادة ارتباطي بسماحته وفتحت بيننا أبوابا للبحث والنقاش في مثل هذه المواضيع وخاصة الشعر. فقد كان سماحته يعتبر الشعر جزءا من الفن، والفن هو الأساس لدوام الحقيقة وبقائها، ويعتبره الوسيلة التي تحول الحقيقة إلى نوع من الثقافة ثم يقوم بتثبيتها وتقويتها، ثم يعمل على نشرها بين أفراد المجتمع. وكان يهتم بالشعر والشعراء المبدعين ويسعى إلى دعمهم ومساندتهم نظراً لاهتمامه الشديد بالشعر، واطلاعه الواسع على أشعار الشعراء المعاصرين سواء الذين يكتبون بالأسلوب القديم أو الحديث، وتجربته للدور الاجتماعي والسياسي الذي لعبه الشعر في مرحلة النضال ضد الدكتاتورية. وأنتم تعلمون أن من بين الجلسات الثابتة التي كان سماحته يقيمها سنويا هي جلسته مع الشعراء خاصة الشباب في ليلة ولادة الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) في شهر رمضان المبارك، حيث كان يتناول الحاضرون في بداية الجلسة الإفطار ثم يقدم الشعراء ما لديهم من شعر، ثم تبث هذه الجلسة في التلفزيون. وكما قلتُ سابقا، المرة الأولى التي قرأت فيها الشعر أمام سماحته كانت بعد مضي حوالي شهرين أو ثلاثة أشهر من استشهاد أخي مجيد، بعد فترة طويلة من انقطاعي عن كتابة الشعر، لكن استشهاد أخي أثار في نفسي روحا جديدة صورتها لسماحته في هذه العبارات: «سيدي! هل سمعتم بحدوث زلزال في بعض المناطق نتيجة لارتعاشات شديدة في سطح الأرض، تظهر على أثرها عيون جديدة لم تكن موجودة سابقا؟ لقد ظهرت في نفسي عين من الشعر تغلي في داخلي. ورغم أني قد قلت شيئا من الشعر سابقا لكن استشهاد مجيد قد بث في نفسي روحا جديدة دفعتني لقول هذه الأبيات من الغزل»، فقرأت له هذه الأبيات وكانت على ما أظن ثلاثة عشر بيتا، مما جعله يشجعني دائما على كتابة الشعر، وقد قرأت لكم بيتين من هذا الرثاء، ومنها: «لطيف و ساده و شورآفرين، ولى زيبا/ ترانهاى به لب روزگار بودى تو»[12]، فأخذ سماحته نسخة من هذه الأبيات، وعندما زرته في المرة التالية، قال: «لقد وجدت عنوانا مناسبا لشعرك استخرجته من نفس الأبيات، اجعل عنوان هذه الأبيات (ترانهاي بر لب روزگار)»[13]، فهذا أفضل عنوان لهذا الشعر. بعد ذلك كنت أزوره مرة كل شهرين أو ثلاثة أشهر، أقرأ له فيها ما كنت أكتبه أحيانا من الشعر، وقد قال لي مرة: «عندما يتقدم الإنسان في العمر عادة ما تخفت قريحته الشعرية، لكنك وفلان (وذكر اسم شخص آخر) ما زالت قريحتكم الشعرية جيدة رغم بلوغكم هذه السن (42 و43 سنة)».
وبعد تولي سماحته قيادة الثورة أدركت أبعاداً جديدة في شخصيته من قدرة روحية ومعنوية وحنكة سياسية وصحة في التشخيص، مما زاد في شدة علاقتي وارتباطي به، فخطر في ذهني أن أكتب شعرا يمجد هذه الشخصية، خاصة وقد سبق أن كتبت شعرا عن بعض المقربين مني، فتساءلت في نفسي لماذا لا أكتب شعرا حول شخصية القائد مع كل هذا الحب والتقدير الذي أكنه له في نفسي؟ ولم أكن أروم أبدا من هذا الأمر أي نوع من الدعاية أو التملق والشهرة. فلا أحد يتوقع من الشخصيات العلمية والأكاديمية من أمثالي ممن يتعاملون مع جيل الشباب والجامعيين والمثقفين أن يكتب شعرا في مدح أحد السياسيين، فلا يتعجب أحد إن لم أكتب شعرا من هذا النوع، لكنهم يتعجبون إذا كتبت مثل هذا الشعر.
وكنت أدرك أن الطبقات المثقفة قد تصور هذا العمل بصورة المداهنة والتملق، لكني لم أذكر في هذا الشعر سوى ما اعتقده قلبي، وعبرت فيه عن حبي وارتباطي بشخصية سماحته، ورأيت أن من واجبي تأييد هذه الشخصية وعلى الإنسان العمل بواجباته. فكتبت شعرا في مدحه وقد أطلعته عليه في أحد لقاءات الرسمية معه، حيث قلت له في نهاية الجلسة: «سيدي! لقد كتبت شعرا في مدحكم، ولن أقرأه إلا بشرط، فأنا أعلم أنكم لا تحبون المدح من الآخرين خاصة بمثل هذا النوع من الشعر، لكني أرجو أن تخبروني عن رأيكم في هذا الشعر حسب المعايير الشعرية والأدبية بغض النظر عن الجوانب الأخلاقية والروحية والمعنوية لسماحتكم، فإن كان الشعر جيدا أقسم عليكم بالله عدم الطعن به مراعاة لجوانب شخصيتكم الأخلاقية والروحية والمعنوية»، حتى أني أتذكر بدقة أني استعملت هذا التعبير «أقسم عليكم بالله»، فتعجب سماحته من هذا الكلام ثم قال «حسنا!»، فقرأت الشعر، فقال لي: «حقا، كان شعرا جيدا لكن عيبه الوحيد أنك كتبته في حقي».
12ـ مع ذلك انتقد الشعر...
نعم، كما رجوته فصل سماحته بين المعايير الأدبية ورغبته الشخصية، وبعد أن استحسن الشعر وأيده، قلت: «إن كل شاعر يطلب حاجة في قبال الشعر الذي يلقيه، وأنا أطلب حاجة إزاء هذا الشعر»، فقال سماحته: «ماذا تريد؟»، قلت: «أريد إحدى العباءات التي ترتديها»، وبعد أسبوع أو اثنين اتصل بي الشيخ محمدي گلپايگاني وقال: «الظاهر أنكم كنتم قد طلبتم من سماحة القائد عباءة، فما هو قياسكم؟ حتى نوصي بخياطتها لكم».
إن هذه الحادثة تعود إلى العام: 1371ﻫ.ش ولا ترتبط أبدا بعلاقتي العائلية مع سماحته، ولم يكن هذا الأمر مطروحا فيها أبدا. ولم أنشر هذا الشعر حتى السنة الماضية في أي صحيفة أو مجلة، وإنما قرأته شفهيا أمام بعض المقربين فقط، ولم أكن أسعى لنشره، وطيلة هذه السنوات لم يتحدث سماحة القائد معي حول هذا الشعر أبداً. وفي أحد الأيام طرحتُ هذا الموضوع، فقال سماحته: «أشعر بحساسية شديدة تجاه هذا الموضوع حتى لا يتحول إلى نوع من المبالغة وعبادة الأشخاص ويؤدي إلى إشاعة هذه العيوب في المجتمع، حتى أني في أحد الأيام عندما بث التلفزيون شعرا في مدحي امتعضت بشدة وخرجت من الغرفة قبل أن يكتمل الشعر، ثم اتصلت بالمسؤولين في الإذاعة والتلفزيون وانتقدتهم على هذا الأمر وطلبت منهم عدم بث هذا الشعر مرة أخرى».
فقد كان سماحته حساسا بشدة تجاه هذا الموضوع، وأنا أيضا لما كنت قد كتبت هذا الشعر تعبيرا عن المشاعر التي كنت أحملها في قلبي لسماحته، لم أكن بحاجة لنشرها في أي مكان، لكن قبل حوالي سنتين اتصلت بي صحيفة جام جم وأخبروني أنهم بصدد إصدار عدد خاص بمناسبة الذكرى السنوية العشرين لتولي الإمام الخامنئي منصب قيادة الثورة، وطلبوا إجراء لقاء صحفي معي أتحدث فيه عن الأبعاد الثقافية في شخصية سماحته، وبالطبع امتد الحديث إلى المباحث الأدبية، وقد رأيت من المناسب نشر هذا الشعر في هذه الصحيفة، لأني في تلك الفترة لم أكن أرى سببا وجيها يمنعني من ذكر هذا الشعر، بل رأيت من واجبي نشر هذا الشعر خاصة بعد حملات التشويه والإجحاف الذي تعرض له سماحته خاصة العداء والحقد الذي أبداه البعض تجاه سماحته، وبعد ذلك تم نشر هذا الشعر في مختلف المواقع الالكترونية. وإني ألاحظ الآن انتشار هذا الشعر بين أبناء الثورة والمحبين للشعر والأدب والمحبين لسماحته ومريديه، وأحيانا يقرأه هذا الشخص أو ذاك.
13ـ والآن اقرأه لنا أنت.
حسنا، تقول هذه الأبيات:
اى دو چشـمانت چراغ شام يلداى همه آفـتاب صـورتت خورشيد فرداى همه
اى دل دريـايى ات كشتى نشينان را اميد اى دو چشـم روشنت فانوس درياي همه
خندههاى گاه گاهت خنده خورشيد صبح شـعله لرزان آهـت شـمع شبهاي همه
اى پيـام دلـنشينت بـارش بـاران نور وى كـلام آتـشينت آتـش نـاى همه
قـامـتت نـخل بـلند گلـشن آزادگى سرو سـرسبزي سـزاوار تماشاي همه
گر كسى از من نشانى از تو جويد گويمش خـانهاى در كوچه باغ دل، پذيراى همه
لالـهزار عمر يك دم بى گل رويت مباد اى گل رويـت بهار عالم آراى همه[14]
وكما تلاحظون خلا هذا الشعر من أي إسم لسماحته أو أي إشارة تدل عليه، وإنما كان خطابا له اختص بوصفه ومدحه.
فقائد الثورة الإسلامية كان يعيد إلى الشعب كل ما يقدم كهدية لسماحته.
الإمام الخامنئي (دام ظله).. زهده وتواضعه
14ـ نود في هذا القسم أن نتحدث معكم حول ذكرياتكم عن سماحته فيما يتعلق بزهده وتواضعه وبساطة عيشه من خلال علاقتكم العائلية مع سماحته.
إخفاء الزهد:
قلما تحدث البعض عن زهد سماحته وبساطة عيشه، لأن الخفاء وعدم التظاهر من مستلزمات هذا الموضوع، فلو كان الإنسان يتفاخر على الآخرين ببساطة عيشه وزهده لكان ذلك دليلاً على عكس ذلك[15]، والمقربون من الإنسان هم وحدهم الذين يمكنهم الحديث عن بساطته وزهده وتواضعه.
قبل الثورة كنا قد سمعنا عن طبيعة حياة السيد الخامنئي وسلوكه وبساطة عيشه وزهده وابتعاده عن متعلقات الدنيا، وبعد انتصار الثورة أدركنا حقيقة ما سمعناه كلما ازدادت علاقتنا ومعرفتنا به. ونظرا لعلاقتي السببية مع عائلة سماحته قد أعرف معلومات أكثر من الآخرين عن طبيعة حياته وبساطته عيشه، لكنها بالطبع لن تكون كاملة تماما، لأني لم أكن أسعى لمعرفة خصائص وتفاصيل حياتهم، ولا صهري وهو ابن سماحته قد تحدثَ يوماً عن هذا الموضوع.
وأنقل لكم حادثة عن سماحته قبل الثورة أخبرني بها بنفسه، حيث قال: «كنتُ والشيخ هاشمي مطاردَين لفترة من قِبَل أجهزة السافاك لذلك كنا نختفي في أحد البيوت في شارع (گوته)، ولم يكن لدينا أي مبلغ من المال وكانت ظروفنا صعبة جداً، وكنا نوفر ما نحتاجه من مواد غذائية من محل للبقالة في بداية الزقاق بحيث أصبحنا ندين له بمبلغ كبير من المال إلى درجة أننا كنا نخجل الذهاب إليه لشراء ما نحتاجه، وكانت الحالة المادية للشيخ هاشمي أفضل مني». وقد سألته يوما: «الآن أين ذلك البقال؟» قال: «لا زال موجودا. وقد زارنا يوما وسألته عن حاله وأحواله».
عشاء في منـزل القائد:
ما أقصده أن روحية سماحته وحياته بعد الثورة لم تتغير عما كانت عليه قبل الثورة. ففي بداية توليه منصب رئاسة الجمهورية عام 1360ﻫ.ش زرته في إحدى الليالي وقد امتد الحديث بيننا إلى ساعة متأخرة، فقال تفضل معنا لتناول العشاء، فاعتقدت وكما هو متعارف في مثل هذه الأمور أنه سيتصل ويطلب عشاءاً يليق برئيس الجمهورية، لكنه اتصل بالبيت وسأل زوجته: «فلان ضيفنا الليلة، فما هو العشاء؟»، لم أسمع ما قالته زوجته، لكني سمعت كلامه عندما قال: «لا إشكال، ضعوا ما عندكم في طبق وأرسلوه لنا، وإذا كان قليلاً ضعوا معه قليل من الخبز والجبن»، لعل زوجته كانت تعتقد أن مثل هذا الغذاء لا يليق باحترام الضيف، لكن سماحته قال: «لا إشكال، لا تقلقوا»، وعندما قطع الهاتف، قال سماحته: «لم يكن لدينا سوى عشاء لشخص واحد، وكانت السيدة خجلة من ذلك. فقلت لها: لا إشكال فيه». وبعد عشر دقائق أرسلوا طبقاً فيه غِذاء بسيط لشخص واحد مع قليل من الخبز والجبن وبعض المقبلات البسيطة. فلم يكن سماحته يهتم كثيراً بهذه المجاملات والأمور المادية ويتعامل معها بشكل طبيعي جداً، فشكرتُ الله في قلبي وأشكره الآن على وجود مثل هذا الإنسان الذي ينظر إلى الدنيا وزبرجها بهذه النظرة، ويعيش فيها هذه الحياة البسيطة.
الارتباط العائلي مع أسرة الإمام الخامنئي (دام ظله)
15ـ نود أن تتحدثوا لنا عن ذكرياتكم حول ارتباطكم ومصاهرتكم مع عائلة سماحته.
بعد مصاهرتنا لعائلة سماحته في عام: 1376ﻫ.ش شعرتُ أكثر بهذه الحقيقة في حياته الشخصية، لأن البعض قد يتظاهر العيش بشكل معين، لكنه في الحقيقة يعيش بشكل آخر. وقد كان بإمكاني خلال هذه السنوات الأربع عشر الاطلاع على طبيعة وحقيقة حياتهم الشخصية، فمن الممكن أن يعيش البعض حياة بسيطة لكن أبناءه يعيشون حياة مترفة خلافاً لحياة والدهم، وفي هذا المورد كان بإمكاني الاطلاع عن كثب على حقيقة حياتهم، ومن الممكن أن يعيش البعض حياة بسيطة ويزهدون بالأمور الدنيوية في مرحلة من حياتهم، لكنهم في مرحلة أخرى يتحولون تدريجياً إلى حياة مترفة.
إن أحد هذه الموارد الواضحة هو زواج ابن سماحته من ابنتي. طيلة السنوات الماضية لم يُنشر على لساني أي شيء عن هذا الموضوع، ورغم أنه لم يكن من المواضيع الخاطئة، لكني لم أشأ نشره على الملأ، ولم أتحدث حوله حتى اليوم بقصد نشره.
قبل حوالي عشر أو اثنتي عشر سنة تم نشر بعض المطالب حول هذا الموضوع، ولاحظتُ مؤخرا أنها نُشرت مرة أخرى في بعض المواقع الالكترونية، وكانت تمثل نوعاً ما قسماً من حديث خاص لي مع عدد من الطلاب الجامعيين بعد إصرارهم على الحديث حول هذا الموضوع، فقد تحدثتُ حوله بعد أن رأيت أن اطلاعهم على مثل هذه التفاصيل سيكون مفيدا لهم في حياتهم الشخصية، وبعد عدة أشهر لاحظت نشر هذا الحديث في إحدى الصحف. وعلى كل حال، سأتحدث هنا عن بعض التفاصيل التي يمكن أن تكون مفيدة لجيل الشباب وعامة الناس.
زواج ابن القائد:
عندما تمت مراسم الخطوبة وتحدثت النساء فيما بينهن حول الموضوع وجلس الشاب والبنت وتحدثا مع بعضهما وحصل الاتفاق على الأمور العامة، وصلت المرحلة إلى أن أزور سماحته لنتحدث عن التفاصيل الجزئية فيما يتعلق بمراسم العقد والمهر وغيرها، فذهبتُ إلى سماحته وكان على ما أتذكر في الخامس عشر من شعبان الموافق لشهر آذر من عام 1376 هـ.ش، فابتدأ سماحته الحديث وأظهر لي مزيداً من اللطف والمحبة، وقال: «يا سيد حداد! أقول لك بصراحة أنا لا أملك شيئا في هذه الدنيا، وكذلك أولادي لا يملكون شيئا فيها! فإن رغبتم ليتم هذا الزواج، وهذا كل ما عندي من كلام، لكن مع ذلك لم يتركني الله وحيداً أبدا وقد أعانني في تسيير أُمور حياتي دائماً، وكل ما أملكه من هذه الدنيا يتلخص بهذه المجموعة من الكتب التي قد تملأ سيارة حمل كبيرة!».
وفيما يتعلق بالمهر، قال سماحته: «إذا رغبتم أن أُجري صيغة العقد بينهما، فلن أعقد لهم بأكثر من أربعة عشر سكة ذهبية لأني لا أرغب بزيادة مقدار المهر في المجتمع، وإن لم ترغبوا أن أعقد لهما فما توافقتم عليه أنت وصهرك، واختر شخصا غيري يعقد لهما»، فقلت: «سماحة السيد! ما هذا الكلام؟ أولاً أنا أيضا أعتقد بضرورة السعي لعدم زيادة مقدار المهر في المجتمع، وثانياً الكل يتمنى أن تُجري لهم صيغة العقد، فكيف تقبل أن يجري شخص آخر صيغة العقد بين ولدك وعروسه؟».
وفيما يتعلق بمراسم العقد، قال سماحته: «إذا أردتم أن تقيموا مراسم العقد، فأنا لا أستطيع الحضور في الصالات الكبيرة في المدينة، لذلك سنضطر إلى إقامتها في هذا البيت ومكتبي الخاص، وبالتالي ينبغي أن يكون عدد المدعوين يتناسب مع سعة المكان»، فقلت: «هذا كلام صحيح ومنطقي»، وفي النهاية كلا من عائلتي العريسين دعت مئة وخمسين شخصا بواقع خمسة وسبعين رجلا وخمسة وسبعين امرأة، وبهذا أقيمت مراسم العقد بشكل بسيط جداً.
وأنتم تعلمون بوجود مراسم خاصة في شراء مستلزمات العريس، وعادة ما ترغب عائلة العروس بتطبيقها، فمثلا ينبغي لعائلة العروس شراء ساعة وحذاء إلى العريس، لكن السيد مجتبى رفض الخروج مع النساء والتجوال في الشوارع والتنقل بين المحلات والأسواق، فقلتُ له لنخرج أنا وأنت ونشتري هذه الأغراض، وبعد خروجنا توقفنا في محل كبير لبيع الساعات في التقاطع بين شارع كريم خان وشارع آبان، وقد فهم صاحب المحل من عمر السيد مجتبى أنه العريس، كما أنه عرفني من خلال التلفزيون والصحف، وبعد التحية والسلام أحضر لنا أنواعا مختلفة من الساعات، لكن العريس قال له: «أحضر لنا أرخص أنواع هذه الساعات»، فتعجب صاحب المحل من هذا الزبون ومن كلامه، وبعد أن أحضر له عددا من الساعات فهم ما يريده هذا الزبون، فجلب له في النهاية ساعة بسيطة جداً وافق عليها السيد مجتبى بعد إصراري عليه، ثم ذهبنا إلى محل لبيع الأحذية فاشترينا له حذاء بسيطا جدا، فكان هذا كل ما اشتريناه للعريس! وقد ظل السيد ينتعل هذا الحذاء لسنوات عدة، بحيث كلما عدت إلى المنـزل وأرى حذاء قديما خلف الباب، أعلم أن السيد مجتبى ضيفا عندنا، لأني كنت قد اشتريت هذا الحذاء وأهتم بمعرفة مصيره والى متى سيظل مجتبى ينتعله! وأقول باطمئنان أنه ظل ينتعل هذا الحذاء لأربع سنوات.
ومن بين الموارد المرتبطة بمراسم الزواج، هو رغبة عائلة العروس بشراء خاتم إلى العريس، وعادة ما ترغب هذه العائلة بشراء خاتم ثمين، لكن المتدينون يفضلون شراء خاتم من البلاتين أو البرلنتي حتى لا يكون حراما، فقال السيد مجتبى لنا ولزوجته: «أنا طالب في الحوزة وألبس خاتمين من الفضة فلا أحتاج إلى خاتم آخر»، فأصرت عائلة العروس على شراء الخاتم، ورفض هو ذلك، وبعد أن طال البحث في هذا الموضوع ووصل إلى سماحة القائد، اتصل بي سماحته وقال: «يا سيد حداد! عندي خاتم من الفضة مرصعاً بالعقيق هدية من أحد الأشخاص، سأهبه إلى العروس وهي تهديه إلى العريس»، وبعد أن رأينا هذا الاقتراح سيحل المشكلة وافق الطرفان به، وكان خاتما بسيطا مرصعا بنوع جيد من العقيق، لكن إشكاله الوحيد أنه كان كبيرا على إصبع السيد مجتبى، فأنفقنا عليه 600 تومان لتصغيره حتى يتلائم مع إصبع السيد.
تم العقد وكان مقررا في نهاية المراسم أن تسير عدد من السيارات خلف سيارة العريسين عند سيرها من منـزلنا إلى منـزل سماحة السيد، وصادف ذلك في ليلة المباراة الختامية لكأس العالم بكرة القدم، فكان العريسان ينتظران لكن الضيوف قرروا الانتظار حتى نهاية المباراة ثم التحرك! وكان سماحة السيد ينتظر في بيته قدوم العريسين، وبعد أن تأخر قدومهم تناول ما كان متوفرا عندهم في البيت، وكنا قد نسينا إرسال الغذاء إلى سماحته ولم ننتبه إلى ذلك إلاّ بعد فوات الأوان، فانظروا إلى هذا السلوك الأخلاقي لسماحته وهو قائد هذه الدولة وفي ليلة زواج ابنه يتناول غذاء بسيطا مما توفر عنده في البيت، وهذا يدل على عدم اهتمام سماحته بمثل هذه الأمور والشكليات.
بعد أن وصلنا إلى منـزل سماحته وضع يد العروس بيد العريس ودعا لهما بالتوفيق، ثم بدءا حياتهما الجديدة في شقة بسيطة، وطيلة السنوات الثلاثة عشر التي مرت على زواجهما لم تتجاوز مساحة منـزلهما المئة متر مربع! وتبلغ مساحة المنـزل الذي يعيشون فيه الآن حوالي سبعين مترا مربعا. وقد رزقه الله أربعة أولاد يعيشون معه في نفس البيت وهم يعيشون حياة بسيطة مشابه لحياة والديه، ومكانهم في البيت محدود جداً، بحيث إذا ما أراد صهرنا دعوتنا إلى بيته ينبغي أن لا يتجاوز عددنا العشرة أو الاثني عشر شخصا وإلاّ واجهتنا مشكلة في سعة المكان.
ابن القائد العلامة السيد مجتبى (حفظه الله):
ومادمنا قد تطرقنا في الحديث عن السيد مجتبى، لا بأس أن أقول أن علاقتي وإرادتي بسماحة السيد قد ازدادت أكثر من ذي قبل من خلال مشاهدتي عن قرب أخلاق أولاده خاصة السيد مجتبى، وبحكم «تعرف الأشجار بثمارها» أدركتُ أن سماحته قد أحسن في تربية أولاده، وتمكن من نقل التواضع والزهد السائد في حياته إلى حياة أولاده. وأنا أعلم أن السيد مجتبى يرفض أن أتحدث عن حياته حتى أنه لم يتكلم أو يدافع عن نفسه في قبال موجة حملات التشويه والتهم والإهانات التي تعرض لها، لكني أعرف أنه يعيش منذ سنوات في قم مشغولاً بتدريس البحث الخارج، ويقضي معظم أوقاته في المنـزل إما في مطالعة الفقه والفقاهة أو في العبادة. وطيلة السنوات الثلاثة عشر التي ارتبط فيها بعائلتنا لم أسمعه أبداً يرفع صوته أو يرتكب ذنبا معينا، ولذلك عندما أرى أعداء الثورة والإسلام وإيران يسعون إلى تشويه صورة الشخصيات المتدينة في مجتمعنا، أشعر بضرورة الدفاع عنها وعدم السكوت إزاء حملات التشويه التي يتعرضون لها.
ولا بأس أن أشير هنا إلى موضوع خطر في ذهني الآن، فبعد الاضطرابات التي أعقبت انتخابات رئاسة الجمهورية عام: (1388ﻫ.ش)، التقيت شابا أعرفه وكنتُ قد سمعتُ أنه شارك في هذه التظاهرات والاعتراضات وكان فعالاً جداً في الاضطرابات، فدعوته إلى مكتبي وتحدثنا عن هذا الموضوع، وقلت له: «إن جميع ما يُنقل من ادعاءات حول التزوير في الانتخابات إنما هو كذبٌ محض، ولو لم أكن متأكدا من صحتها لما تدخلت في هذا الموضوع، ومن بين الادعاءات المنتشرة في المواقع الالكترونية والشوارع والقنوات التلفزيونية الخارجية والتي يمكن تفنيدها وكشف كذبها بسهولة هي ما يتعلق بحياة السيد مجتبى، فإذا ترغب يمكنك أن تأتي معي الآن کضيف إلى بيت ابنتي بدون موعد سابق حتى ترى عن قرب كيف يعيش السيد مجتبى وهو في الأربعين من عمره؟ لنذهب إلى بيته ونرى عن قرب أنه يعيش حياة أبسط بكثير من حياة موظف متوسط الدخل، حتى أن الشقة التي يسكنها بسيطة جداً ولا يمكن مقارنتها أبداً بمنازل هؤلاء الذين أثاروا هذه الاضطرابات وادعوا حدوث التزوير في الانتخابات. فأنت قد سمعتَ حتما بشائعة أن مبلغ 105 مليون بوند التي تم حجزها في البنوك الانجليزية كانت تعود للسيد مجتبى! أو سيارة الحمل المملوءة بالمسكوكات الذهبية التي تم ضبطها وهي في طريقها إلى تركية وأنها كانت تعود إليه أيضاً، فمثل هذه الشائعات يمكن إبطالها وتفنيدها بسهولة بالذهاب الآن وبدون موعد سابق إلى بيته ونرى عن قرب بساطة الحياة التي يعيشها». وبالطبع، اقتنع هذا الشاب بكلامي لأنه كان يعرفني جيدا، وقال: «أنا أعلم أن هذا الكلام كذب»، فقلت له: «إذن، على مثل هذا الكلام يمكنك قياس باقي الشائعات، لأن القوى الأجنبية تعلم مدى حساسية الشعب الإيراني تجاه حياة قادتهم ومسؤوليهم، فيعمدوا إلى نشر مثل هذه الشائعات حتى يفصلوا بين الشعب والنظام».
بساطة حياة سماحة السيد القائد:
أما فيما يتعلق ببساطة حياة سماحة السيد القائد، فأروي لكم قصة ظريفة حدثت قبل ما يقرب عن ثمانية أشهر، فقد كان حفيد سماحته وحفيدي أيضاً طفلاً صغيراً نشطا وكثير الحركة كباقي الأطفال، بحيث كان يلعب بكل شيء وبكل ما يجده أمامه في المطبخ من أواني وأطباق وغيرها ويجمعها في المطبخ أو الغرفة! وقد وصل بنا الأمر في البيت إلى ربط جميع الأدراج في المطبخ بخيط حتى لا يتمكن من فتحها. وعلى كل حال، قد أتعب الجميع بحركته ولعبه، فقلتُ لوالدته في أحد الأيام: «ابنتي! عندما تذهبون إلى منـزل سماحة القائد، هل يتحرك ولدك ويلعب بهذا الشكل أيضا؟»، فضحكت وقالت: «وهل تتصور وجود مثل هذا العدد من الأواني والوسائل في منـزلهم؟ لا يوجد في غرفة السيد سوى منضدة واحدة وستة كراسي بلاستيكية وهاتف معلق على الحائط، فلا يجد هذا الطفل في بيتهم ما يمكنه اللعب به وجمعه!».
أنا لم أدخل الغرفة التي تحدثت عنها، لكني أعلم أن حياة سماحة السيد هي فعلاً كما تصف، ولا زال يعيش بنفس الشكل الذي كان عليه قبل أربعين سنة. فعندما تدخل الغرفة التي فيها مكتبته تجد سجادة قد بُليت خيوطها من كثرة الاستعمال، بحيث لا أعتقد بوجود من يرغب بشرائها لو عرضت للبيع إلاّ إذا أرادوا الاحتفاظ بها في المتحف كذكرى تاريخية يفتخر بها الشعب ويقولون بعد مرور 2500 سنة من حكومة السلاطين على البلاد وإجبار الشعب على تحمل حياتهم المترفة، وبعد إصرار الأسرة البهلوية على بناء قصر لها وقصر لأولادهم في كل منطقة، وشراء قصر ومزرعة لولي العهد في لندن، حصل هذا الشعب على قائد مازال يحتفظ بالسجادة التي اشتراها في ليلة زواجه ويعيش هذه الحياة البسيطة، رغم أننا نعلم أن الكثير من فناني حياكة السجاد كانوا يهدون له الكثير من السجاد الفاخر، ويَجلب له الكثير من رؤساء الدول عندما كانوا يزورونه في فترة رئاسته للجمهورية أفضل الهدايا وأجملها في بلادهم، لكنه لم يأخذ شيئا من هذه الهدايا سواء في فترة رئاسة الجمهورية أو في فترة قيادته الثورة وأعادها جميعاً للشعب لتحفظ في المتاحف الكبيرة أو في متحف القدس.
أولاد المسؤولين
16ـ نتحدث الآن عن ظاهرة أولاد المسؤولين التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى موضوع مهم كثُرَ البحث والجدل حوله، فالكثير يعتقد أنها ناشئة عن إهمال الوالدين وأن الأولاد لا يمكنهم التصرف بهذا الشكل بدون دعم الوالدين وحمايتهم. ونظرا لمعرفتكم بالعلاقة بين القائد وأبنائه، كيف يمكن تحليل وتفسير هذه الظاهرة؟
لا شك أن الوالدين يتحملون جزءا من التقصير في الانحرافات التي تظهر في سلوك أولادهم، ولا أُريد الادعاء أنهم يتحملون كل التقصير، لكن ما يتوقعه المجتمع من الوالدين عندما يرون أولادهم مقصرين في أسلوب حياتهم سواء في سلوكهم السياسي أو الاجتماعي، أن يعترفوا بصورة رسمية باشتباه أولادهم وخطأ سلوكهم، كما لاحظنا ذلك من بعض المسؤولين عندما أعلنوا مثلا أن كلام ابني لا يمثلني وليس له علاقة بموقفي من الموضوع، وإذا لم يحدث مثل هذا الاعتراف يكون الوالدين مقصرين حتما وأنهم يؤيدون سلوك أولادهم بالسماح لهم بالقيام بمثل هذه التصرفات. الناس أيضاً يُدركون مثل هذه التفاصيل الدقيقة، وحتى لو تحدثت إذاعة البي بي سي وصوت أمريكا والمواقع الالكترونية وجميع وسائل الإعلام في العالم وذكرت أمورا تسيء إلى القائد وأبنائه ثم يرى الناس عدم وجودها في الواقع فإنهم لن يصدقوها حتما ويدركون كذب هذه الأخبار.
إن هذه الصفات التي أشرت إليها لم تكن تقتصر على السيد مجتبى، بل هي تنطبق على أولاد سماحته الآخرين وأصهاره. فالناس لما كانوا يعلمون هذه الحقائق فإنهم سوف لن يصدقوا بمثل هذه الترهات ولن يكترثوا لها أبدا، ولن تكون أكثر من فقاعات تطفوا على سطح الماء وسرعان ما تنفجر وينساها الناس، لهذا كل موظف عادي أو رجل أمن أو جندي أو ضابط أو معلم أو دبلوماسي في وزارة الخارجية عندما يعمل بجد وعشق في خدمة بلده، سيقول مع نفسه أنني إذا ما تعرضت لصعوبات في حياتي الشخصية، فهذا لا يعني أن القائد يستغل أموال البلاد أو معاناة الآخرين من أمثالي للعيش حياة مترفة، وهذه نقطة مهمة جداً. وقد كان الإمام (ره) يعيش بهذا الشكل أيضاً، حتى أن أحد الأشخاص ينقل أن أحدهم عندما أراد انتقاد حياة الإمام والادعاء بأنه كان يعيش حياة مترفة، قال: وجدنا في بيته مسحوق التنظيف الخاص بالغسالات الأوتوماتيكية! فقال الإمام: «الحمد لله! أنهم انتقدونا في شيء يدل على اهتمامنا بالنظافة».
إن تقدم هذه البلاد واستمرار هذا النظام واستقراره، يدل على أن جميع الناس وأهل العدل والإنصاف يحبون بلادهم ويأملون خيرا بمستقبلها، وعندما يرون أن أحدا لا يكذب عليهم ولا يستغلهم، فعائلة القائد يمكن أن تكون ضمن هذا العدد الكبير من العائلات الثرية في البلاد، لكنهم يدركون أن هذه العائلة تختلف عن بقية العائلات، فهي تمثل القدوة والأسوة للآخرين، فأمير المؤمنين يقول: «الناس بأمرائهم أشبه منهم بآبائهم»، فعندما يعلم الشباب أن قائدهم لا يقيم مراسم زواج فاخرة لأبنه ويعقد له بمهر قليل ويعيش حياة بسيطة، سيكون ذلك دافعا لهم للعيش بمثل هذه الحياة البسيطة فيزيد ذلك من همتهم ونشاطهم في خدمة بلادهم.
الحياة السياسية المشتركة:
17ـ نود أن تتحدثوا لنا الآن عن الحياة السياسية المشتركة بينكم وبين سماحة القائد. فحتما قد حدثت خلال فترة تصديكم لمنصب رئاسة مجلس الشورى بعض المسائل الظريفة سواء من قبلكم أو من قبل سماحته والتي قد تتضمن بعض الجوانب الخفية، منها ما حدث في انتخابات رئاسة الجمهورية عام 1384 هـ.ش عندما لم يؤيد مجلس صيانة الدستور مشاركة الدكتور معين وعدد آخر من المرشحين في الانتخابات، حيث قمتم كرئيس لمجلس الشورى بإرسال رسالة إلى سماحة القائد تطلبون فيها تأييد عدد أكبر من المرشحين. وكان هذا الموقف يعد مجازفة كبيرة حتى أن البعض كان يخشى أن يؤيد المعترضون الدكتور معين، لكن هذا الموقف في النهاية قد أثمر عن نتائج طيبة جدا. فهل كان هذا الموقف الشجاع خاصا بكم أم شاورتم فيه شخصا آخر، وما هي حقيقة موقف سماحة القائد في هذا الموضوع؟
هذا سؤال مهم جداً، ولم أتحدث من قبل حول هذا الموضوع. وعندما فكرت في نفسي أن أكتب يوما مذكراتي عن فترة رئاستي لمجلس الشورى، كنت أود الإشارة إلى بعض المواضيع المهمة ومنها هذا الموضوع. أثناء الدورة السابعة لمجلس الشورى الإسلامي كنت التقي بسماحة القائد مرة في الشهر، لمناقشة بعض المسائل الخاصة بالمجلس والاطلاع على رأيه فيها، وكان سماحته يبدي ملاحظاته وتوجيهاته حولها. كان هذا اللقاء يحصل عادة في يوم الاثنين لأن لسماحته برنامج عمل ثابت في الأيام الأخرى، وفي يوم الأحد عندما كنتُ جالسا في البيت سمعت من شاشة التلفاز في حوالي الساعة السابعة مساءا أسامي المرشحين لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية الذين تم تأييدهم من قبل مجلس صيانة الدستور، ولم يكن الدكتور معين من بينهم. وبالنظر لمعرفتي بتيار الثاني من خرداد والأوضاع السياسية في البلاد والتيارات المختلفة الداخلية والخارجية، لم أرى مصلحة في هذا القرار، وبالطبع لم يكن في ذهني التدخل في عمل مجلس صيانة الدستور، بل كنت أفكر بعواقب هذا القرار لا بأدلته.
وفي صباح اليوم التالي ذهبت إلى المجلس وقبل الذهاب إلى مكتب سماحة القائد في الساعة الحادية عشرة خَطرَ في ذهني أن أتحدث مع سماحته حول هذا الموضوع، وخلال هذه الفترة لم أتحدث حوله مع أحد من المسؤولين، لأني لم أكن أؤمن بالمصالح الحزبية والشخصية. وخلال اللقاء مع سماحته كان السيد حجازي حاضرا لتدوين ما يُطرح في اللقاء من مناقشات، فقلت لسماحته: «إن قرار مجلس صيانة الدستور يمكن أن يثير بعض المشاكل، إذ من الممكن أن يكون مؤيدي الدكتور معين قد توقعوا عدم تأييده من قبل المجلس، وحتما قد أعدوا العدة للبدء بعدد من الاعتراضات والاحتجاجات في الأوساط الجامعية والمواقع الإلكترونية ووسائل الإعلام الخارجية مما يعكر جو الانتخابات. لقد كنت أشعر أن عدم تأييد الدكتور معين سيؤدي إلى حدوث مثل هذه النتائج الخطيرة التي يمكن أن تعكر جو الانتخابات، وكنت أملك قرائن عدة تؤيد هذه الفرضية. ومن جهة أخرى كنت أعلم أن بعض القوى الخارجية وخاصة أمريكا تتعمد تشويه صورة الانتخابات في إيران والإيحاء بعدم إيفائها لمتطلبات الحرية والديمقراطية وأن الحكومة الإيرانية تؤيد من ترغب من المرشحين وترفض الباقين بواسطة مجلس صيانة الدستور، وتتخذ من هذا الأمر وسيلة للبدء بحملات إعلامية واسعة للطعن بالانتخابات وتشويه صورة النظام السياسي في البلاد»، وبهذا الشكل طرحت باختصار على سماحته هاتين النقطتين، فرد قائلا: «إن هذا الموضوع يستحق المناقشة والتحليل»، وخطر في ذهني في تلك اللحظة كتابة الرسالة، فقلت: «أكتب رسالة لسماحتكم أطلب فيها منكم الطلب من مجلس صيانة الدستور إعادة النظر بهذا الموضوع»، فقال: «لنرى ماذا يمكن أن نفعله»، فهو لم يقل اكتب الرسالة؛ لكنه في الوقت ذاته لم يعترض عليها.
وبعد أن حان وقت الصلاة وودعت سماحته للمغادرة، لم يكن يوجد أحد في المكتب وعندما خرجت رأيت السيد مجتبى، فسألني: «إلى أين تذهب؟» فقلت: «إلى مكتبي»، قال: «ابق معنا لتناول الغداء»، فذهبت معه ولم أتكلم معه كثيرا حول الموضوع، وبعد إتمام الغداء وكان ذلك حوالي الساعة الثانية سألته: «سيد مجتبى! هل عندكم ورقة بيضاء»، فجلب لي ورقة لم يكن فيها أي شعار وإنما فقط عبارة باسمه تعالى في أعلى الورقة. قلت: «سأكتب رسالة وأتركها هنا»، ثم كتبت رسالة مستعجلة من سبعة إلى ثمانية أسطر، ذكرت فيها: إن رأى سماحتكم مصلحة في هذا الموضوع أرجو أن تطلبوا من مجلس صيانة الدستور الموافقة على زيادة عدد المرشحين في انتخابات رئاسة الجمهورية، ثم اتصلت بالسيد حجازي، وقلت له: «لقد تحدثت في هذا الموضوع مع سماحة القائد وكتبت رسالة بهذا الشأن سأرسلها حالا إلى مكتبكم، فان رأى سماحته مصلحة فيه ووافق عليه فهو المطلوب وإلا فالأمر كما يرى، وقد كتبت هذه الرسالة وتركتها هنا حتى لا تحتاجون للاتصال بي لكتابة رسالة بهذا الشأن إذا ما رأى سماحته مصلحة في الموضوع»، فقال: «حسنا»، فتركت الرسالة وعدت إلى مكتبي.
وفي الثاني والعشرين من بهمن، وجه لي السيد مسجد جامعي وزير الثقافة آنذاك دعوة للمشاركة في جلسة تقام في صالة الوحدة لتكريم شهداء الأقليات الدينية وإلقاء كلمة في المناسبة. وقد ذهبت فعلا عصر ذلك اليوم إلى صالة الوحدة وجلست قرب السيد جامعي، وفي حوالي الساعة السادسة جاء أحد المرافقين وهمس في ذهني: «السيد حجازي يطلب الحديث معك هاتفيا»، فذهبت جانبا وتحدثت إليه، فقال: «لقد وافق سماحة القائد على اقتراحكم وأصدر الأوامر اللازمة إلى مجلس صيانة الدستور بهذا الشأن، وقد أرسلنا الخبر إلى الإذاعة والتلفزيون لبثه في أخبار الساعة السابعة».
سررت كثيراً لسماعي هذا الخبر خاصة وأنه قد حصل بسرعة كبيرة؛ أي بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من إعلان رأي مجلس صيانة الدستور. وبعد إتمام مراسم التكريم عدت إلى الصالة، فسألني الصحفيون عن رأيي في موضوع عدم تأييد بعض المرشحين، فأخبرتهم بما سيصدر عن سماحة القائد في هذا الموضوع، وأنه سيبث في الأخبار بعد دقائق معدودة. وفي حينها اعتبرت هذه الرسالة وقرار سماحة القائد حولها أحد المواقف التي اعتز بها أثناء فترة رئاستي لمجلس الشورى في دورته السابعة، وقد ترك هذا القرار آثارا ايجابية سواء في داخل البلاد أو خارجها، مما جعلني أشكر الله تعالى دائما على توفيقه لي في هذا المنصب، بحيث تمكنت من خدمة البلاد والثورة.
18ـ الموضوع المهم الآخر الذي حدث في فترة رئاستكم لمجلس الشورى، هو الرسالة التي بعثتم بها إلى سماحة قائد الثورة تتعلق برسالة الاعتراض التي بعثها لكم السيد أحمدي نجاد، وقد أجاب سماحته على هذه الرسالة وتم نشرها في الإعلام أيضاً، في حين كان المتعارف أن مثل هذا النوع من الاستفسار والإجابة لا يتم الإعلان عنه في الإعلام. وقد طرحت في تلك الفترة من الزمن تحليلات مختلفة حول موقفكم، وقد قال الكثيرون أن هذا الموقف أدى إلى تثبيت مكانتكم وموقعكم في النظام، فما السبب الذي دفعكم إلى الإعلان عن هذه الرسالة؟
(رغم أن هذا النوع من الإجابة قد تعتبر أيضا نوعا من الدفاع عن مكانة المجلس)
كان هذا الموضوع من بين المواضيع المهمة التي ارتبطت بتلك الفترة، والحقيقة هي أننا كنا نشعر بوجود اختلاف في الآراء بين المجلس والحكومة، فالقوانين التي كانت تقر في المجلس ويتم إبلاغ الحكومة بها، نجد أن الحكومة لا ترغب في تطبيقها، حتى أن بعض اللوائح والقوانين التي لا تؤيدها الحكومة كان يمكن أن نستنبط أنها لن تطبق حتى لو أقرها المجلس، ومن جهة أخرى كنا نعتبر من الأطراف التي تعد ضمن الخط الأصولي المؤيد للحكومة. فلم نكن نرغب بالوقوف في مواجهة الحكومة كما لم يكن باستطاعتنا تجاوز هذا الموضوع ببساطة، لأن المجلس الذي لا تطبق قوانينه وقراراته لا توجد فائدة من وجوده ويفقد أثره وقيمته، ولماذا يتم تشكيله من الأساس؟ والكلام كثير في هذا الموضوع.
في أحد الأيام بعث السيد أحمدي نجاد رسالة مفصلة لي أشار فيها إلى عدد من القوانين التي كانت مطروحة في المجلس، وأبدى فيها آراء شبيهة بصلاحيات مجلس صيانة الدستور – وعن قريب سمعت أنه قد أبدى مثل هذه الآراء للمجلس في دورته الثامنة- وقد تضمنت هذه الرسالة حوالي أربع صفحات كتبت بلغة قانونية بما يشير إلى امتلاك رئيس الجمهورية الحق في عدم تطبيق بعض قوانين المجلس، فقد كان يعتقد أن هذه القوانين تعد تدخلا في عمل السلطة التنفيذية، ولازال يعارض بعض القوانين على هذا الأساس. فوجئت جداً بهذه الرسالة، حتى أني لم أطلع أعضاء هيئة رئاسة المجلس عليها حتى نائبي الرئيس السيد باهنر والسيد أبو ترابي لأني كنت أعلم أن نشر هذه الرسالة سيؤدي إلى حدوث فتنة في المجلس وسيطرحها البعض لمعارضة الحكومة مما سيزيد الموضوع تعقيدا ولن تحل المشكلة بسهولة. أرسلت الرسالة مباشرة إلى قائد الثورة، وقلت: ليطلع سماحتكم أن رئيس الجمهورية قد أرسل هذه الرسالة إلى المجلس، وكنت أرى عدم نشر هذه الرسالة إلا بعد مناقشتها مع السيد أحمدي نجاد ونتمكن من حل الموضوع أو يبدي سماحة القائد رأيه فيها.
وبعد يوم أو يومين رأيت السيد أحمدي نجاد وطبقا لما جاء في محتوى الرسالة السابقة يعارض بصراحة أحد القوانين التي أقرها المجلس، وكتب رسالة أخرى يؤكد فيها بأنه لن يطبق هذا القانون، ولم يرسل هذه الرسالة بشكل سري وإنما أرسلها بالطريق الإداري. عندما وصلت الرسالة لي أدركت أن الموضوع يسير خلافا لرغبتي بالسعي لحله بالحوارات الثنائية دون الحاجة إلى طرحه على وسائل الإعلام، وأن رئيس الجمهورية لا يهتم بنشره والإعلان عنه أمام الملأ! مرت الرسالة بمراحلها الإدارية ووصلت إلى سكرتارية المجلس وكان يكفي أن يستنسخها أحد حتى ينشرها في الصحف أو يوزعها على النواب في المجلس فتتصاعد الاعتراضات عليها، وهنا أدركت عدم فاعلية الأسلوب السابق. صادف ذلك في يومي التاسع والعاشر من محرم حيث كان المجلس في عطلة، فكتبت رسالة من منـزلي إلى قائد الثورة أوضحت فيها الموضوع وطلبت رأيه فيها، وبعد انتهاء مراسم عاشوراء، لم ينعقد المجلس في الحادي عشر من محرم وإنما عقد جلسة علنية في اليوم الثاني عشر من محرم، لكن في عصر اليوم الحادي عشر من محرم اتصل بي السيد حجازي وأبلغني: «لقد أجاب سماحة القائد على رسالتكم وأخبرني به هاتفيا» وأرسل رسالة أيضا، وكما تعلمون قد همش سماحته على رسالتي بالعبارة التالية: «تعد قرارات المجلس التي تحظى بتأييد مجلس صيانة الدستور قوانينا يجب تطبيقها من قبل السلطات الثلاث» وبالطبع أنا أنقل مضمون العبارة، حيث كان من الطبيعي أن يجيب سماحته بهذا الشكل، لأنه لم يكشف عن سر خفي من أسرار الدولة وإنما نقل ما جاء بنص صريح في الدستور، وهذه هي وظيفة المجلس في أي نظام آخر.
بعد أن تسلمت هذه الرسالة، تحدثت لأول مرة بما يشير إلى وجود اختلاف واضح في وجهات النظر بيني وبين السيد أحمدي نجاد، وقد كان مثل هذا الاختلاف موجودا بيننا في بعض الموارد الجزئية والجميع يعلم بهذا الاختلاف، لكن لم يتوقع أي أحد من الناس أو الصحافة مثل هذا الموقف المستقل، حيث رأيت في تلك اللحظة أن أتخذ هذا الموقف وأجعل المبادرة تخرج من قبل المجلس حتى أحفظ له مكانته قبل أن يطرح الموضوع من قبل شخص آخر ويتخذ حديثي حينئذ صبغة الدفاع والاضطرار لتوضيح الأمر ليس أكثر، فمثلا لو تجاوزت الموضوع وتحدث أحد النواب في اليوم التالي عن رسالة رئيس الجمهورية وانتقد هذه الرسالة، ولماذا لم يتخذ رئيس المجلس موقفا حاسما إزائها، حينئذ لن يكون لتوضيحي ودفاعي عن المجلس تأثيرا مهما بل قد يكون له آثار سلبية جدا فيما بعد؛ لهذا قررت توضيح الموضوع في كلمتي قبل بدء جلسة المجلس وفيها قرأت رسالتي لقائد الثورة وجواب سماحته عليها، فأثار هذا الموقف التعجب والدهشة عند نواب المجلس وخاصة نواب الأقلية والإصلاحيين وحتى عند هيئة الرئاسة، وأشاد الجميع بموقف رئيس المجلس الذي دافع عن الحق القانوني للمجلس.
والمسألة لم تكن مهمة إلى هذه الدرجة حتى تبقى سرية، فرئيس كل مجلس إذا ما سأل القائد عن وظيفة ومكانة المجلس لرد عليه بهذا الجواب، وقد سأل الإمام مرات عديدة مثل هذا السؤال وأجاب بنفس الجواب، لكن الفارق هذه المرة أن الإعلان عن هذه المسألة قد أنهى أزمة وخلاف كان يمكن أن يحدث بين الحكومة والمجلس، خاصة وأننا كنا على أعتاب انتخابات المجلس في دورته الجديدة، ولم تكن المصلحة تقتضي إثارة مثل هذه الأزمة والخلاف. فكان هذا الموضوع احد المسائل المهمة التي حدثت أثناء رئاستي لمجلس الشورى، وكنت أعلم أن هذا الموضوع لو لم يتم حله من قبل قائد الثورة لتحول إلى أزمة شديدة بين المجلس والحكومة وأثارت الكثير من الأحقاد والعداوات والاختلافات ولتأثر التيار الأصولي - سواء التيار الأصولي حسب وجهة نظر أحمدي نجاد أو حسب وجهة نظرنا- ولأننا لم نكن نرغب حصول مثل هذا الأمر أعلنت هذا الموضوع بعد التشاور مع مكتب السيد القائد. فقد أعلن القائد موقفا طبيعيا ولم يكن يتضمن معلومات سرية لهذا أطلعت الجميع عليه وإننا نعتبره القول الفصل في هذا الموضوع، لكن العجيب ما اتخذته أجهزة الدولة من مواقف متشددة ضدي أعلنتها في بعض الصحف الخاصة، ورغم الموقف الصريح لقائد الثورة استمرت الانتقادات والإساءة ضدي وبعض الأفراد الآخرين، والأعجب من هذا بعد قرائتي لرسالتي وجواب السيد القائد، رأيت أن بعض المواقع وصحيفة إيران قد قامت في نفس اليوم بنشر هذه الرسالة التي سعيت في البداية إلى إخفائها ولم أشر فيها مطلقا إلى اسم السيد أحمدي نجاد، لكن محتوى هذه الرسالة وموقف رئاسة الجمهورية لم يكن لهما أي تأثير في قبال الموقف الصريح والقاطع لقائد الثورة الإسلامية.
وبلا شك أثمر هذا الموقف عن فوائد كثيرة للبلاد، وكان يمثل الموقف الصحيح الذي ينبغي اتخاذه في هذا المجال، ولم أكن أحمل أي حقد أو ضغينة لرئيس الجمهورية ولم أكن بصدد المنافسة والصراع على السلطة؛ بل ما قمت به كان ينبع من أحساس بالمسؤولية في الدفاع عن مصلحة البلاد والمجلس والحكومة والنظام، ولم أكن أفكر بعواقب هذا الأمر وبما سأتحمله نتيجة هذا الموقف؛ أي لم يكن ذلك مهما بالنسبة لي أصلا، ولن أندم أبدا على هذا الموقف، وفعلا بعد عدة أشهر دفعت ثمن هذا الموقف الجريء والمستقل، ومن الممكن أن أتعرض لأكثر من ذلك، لكن ذلك ليس مهما بالنسبة لي، إنما المهم أن يعمل الإنسان بما يرضي الله وبما يحقق مصلحة الشعب والبلاد، وأتمنى أن يكون موقفي قد حصل في هذا الاتجاه. الإمام والقائد من النعم العظيمة التي وهبتها الثورة لهذا الشعب.
حل القائد لأزمة الانتخابات
سؤالنا الأخير لحضرتكم سيتركز على الأحداث الأخيرة التي أعقبت انتخابات رئاسة الجمهورية، فقد كنتم من أوائل الشخصيات التي تصدت للدفاع عن القائد والنظام في تلك الظروف الصعبة من خلال حديثكم التلفزيوني وكلمتكم في ساحة ولي عصر، حيث تركت أصداء واسعة في المحافل المختلفة، لكن البعض اعتبر هذا الدفاع ناجم عن علاقتكم العائلية مع سماحته. وبالطبع كنتم في تلك الأيام تقفون عن قرب على طبيعة القرارات التي اتخذها سماحته، وكانت لديكم حتما بعض الذكريات والمواقف المهمة عن تلك الفترة، حيث كنا نشاهد هدوءه واطمئنانه الشديد في إدارة تلك الأزمة رغم هزالة مواقف البعض، فنرجو منكم في ختام هذا الحوار أن تتحدثوا لنا عن ذكرياتكم حول الحوارات والمفاوضات التي كان يجريها سماحته للسيطرة على الأزمة ووأد الفتنة.
ـ خلافا لما جاء في سؤالكم ولما يتصوره كثير من الناس عن لقاءاتي مع سماحة القائد، فأنا قليلاً ما كنت أحظى بلقائه، فبعض الناس يتصورون أني التقي بسماحته ثلاث أو أربع مرات أسبوعيا، بحيث يجيبني عن جميع ما يدور في ذهني من مسائل مختلفة ثم أتحدث فيها مباشرة واتخذ المواقف على ضوئها! نعم، حتى لو كنت أحظى بلقائه يوميا فهو قليل بالنسبة لي، لكن الحقيقة غير ذلك تماما، حتى أني في لقائي الأخير مع سماحته في هذا الأسبوع وقد دونته في دفتر مذكراتي، قلت لسماحته لقد مرت أربعة أشهر لم أحظى فيها بلقائكم، فتعجب سماحته وأيد قولي، فقد كانت جميع لقاءاتنا خلال هذه الفترة قصيرة تقتصر على تبادل السلام. وما أقصده أن علاقتي بسماحة القائد ليست كما يتصوره الناس من أني لا أتحدث إلا بما يقوله سماحته، ثم أذهب للإعلان عنه في التلفزيون أو في ساحة ولي عصر، لكن كل ما في الأمر أني أحدس رأيه في الموضوع وبالتالي أعبّر عن رأيي فيه.
وهذا ما حصل في قضية الانتخابات، حيث لم التق بسماحته طيلة الأسابيع الثلاثة التي سبقت الانتخابات، والمرة الوحيدة التي التقيت فيها بسماحته بعد الانتخابات كانت في صلاة الجمعة التي أمّ فيها المصلين؛ أي في التاسع والعشرين من ذلك الشهر بعد حديثي في التلفزيون وكلمتي في ساحة ولي عصر، ولم يتجاوز هذا اللقاء أكثر من عدة دقائق اقتصر على تبادل التحية والسلام أثناء حضوره في الغرفة التي جمعت المسؤولين في الدولة، وقد أبدى سماحته كثيرا من اللطف والمحبة تجاهي.
ولابد أن أبين أني وقبل ستة أشهر من بدء الانتخابات كنت أتوقع فوز السيد أحمدي نجاد، والسبب هي أني كنت أعلم ظروف البلاد وقد حظيت خلال عملي في مجلس الشورى في دورته الثامنة بزيارة العديد من المحافظات والمدن الصغيرة التقيت خلالها بمختلف شرائح الشعب، وكنت في فترة رئاسة السيد محمد خاتمي رئيسا للمجلس لسنة واحدة ونائبا لثلاث سنوات، وأدركت ظروف المجتمع خلال حكومة الإصلاحيين وحكومة السيد أحمدي نجاد، ووقفت على حجم الانجازات التي قامت بها حكومة أحمدي نجاد في مختلف المحافظات والمدن الصغيرة، بحيث كنت أشاهد انجازات الحكومة ومشاريعها في كل منطقة أزورها خاصة في المدن الصغيرة والقرى، والناس كانوا يشعرون بحجم هذه التحولات التي شهدتها مناطقهم، ولم أكن الوحيد الذي اكتشف هذه الحقيقة، فرغم ما تحمله الزيارات المختلفة إلى المحافظات من نقائص وعيوب لكنها أثبتت أهميتها وفائدتها للجميع. ورغم أن البعض كان ينظر دائما إلى النصف الفارغ من القدح وينتقد الحكومة على عدم إيفائها بوعودها في بعض المجالات لكن رأيت أنها أوفت بوعودها في كثير من المجالات الأخرى، وشعرت عن كثب بحب الشعب وتأييده لهذه الحكومة. وعلى هذا الأساس، وقبل عدة أشهر من بدء الانتخابات عندما سألني بعض نواب المجلس عن توقعاتي لنتيجة الانتخابات، أخبرتهم أني و بغض النظر عما سننتخبه من بين المرشحين أتوقع فوز السيد أحمدي نجاد.
وأتذكر في شهر فروردين عام: 1388 أي قبل شهرين من انتخابات رئاسة الجمهورية، كان لدينا اجتماع لرؤساء المجامع العلمية، حيث حضر فيه الدكتور فاضل رئيس مجمع العلوم الطبية والدكتور داوري رئيس منتدى العلوم في حين غاب عنه السيد موسوي رئيس منتدى الفن، وكان هذا الاجتماع يقام مرة واحدة كل ثلاثة أو أربعة أشهر.
19ـ هل كان السيد موسوي قد أعلن ترشيحه آنذاك؟
نعم، كان السيد موسوي مشغولا في التحضير للانتخابات فلم يحضر هذا الاجتماع، فقال الحاضرون: «بعد أن أعلن السيد ترشيحه للانتخابات، ماذا سيحل بهذه المجامع العلمية؟»، وامتد الكلام حتى سألوني: «ما هو رأيك، وماذا تتوقع؟»، فقلت: «أنتم تعلمون علاقتي بالسيد أحمدي نجاد وتعلمون مدى جدية المشكلة بيننا».
20ـ إن دعمكم البسيط والمختصر للسيد أحمدي نجاد كان يشير بوضوح إلى وجود الجفاء والمشكلة بينكما، وذلك عندما أشرتم إلى أنكم قلقون من تكرار قضايا الثاني من خرداد.
أنا لا استعمل العبارات التي تشير إلى هذا الجفاء والمشكلة، بل كان رأيي واضحا في هذا الموضوع، وقد قلت في التلفزيون أن اختلافاتي مع السيد أحمدي نجاد تحتاج إلى كتاب مستقل ولا أريد أن أدخل في تفاصيل هذا المسألة، لأن السياسي الذي يريد وضع رؤية صحيحة للمستقبل لا ينبغي له أن يأخذ بنظر الاعتبار مثل هذه المسائل الجزئية الخاصة به، ولا يحق له أن يجعلها أصلا في تكوين رؤيته بما يسئ إلى النظام والدولة، وهذا ما تعلمناه من كبارنا وأستاذتنا وتاريخنا وما يؤيده العقل. فلو كانت بيني وبين السيد أحمدي نجاد مشكلة في مسألة معينة، فهل ينبغي أن أجعلها مشكلة شخصية وأفكر في تحويلها وسيلة للانتقام والمعارضة، وحسب القول المعروف ولو بلغ ما بلغ؟ أو حسب ما جاء في مضمون المثل لا يمكن أن تحرق محلا كاملا من أجل منديل، كلا لا ينبغي اللجوء إلى هذا الأسلوب، وهو أمر بديهي يدركه كل إنسان يتحلى بأدنى شيء من العقل.
فقلت لأصدقائي رؤساء المجامع العلمية: «أنتم تعلمون أن ما أقوله ليس من باب إعجابي بالسيد أحمدي نجاد، لكني أقول لكم أن هذه الحكومة قدمت الكثير من الخدمات للبلاد والشعب، لذا ثقوا أن السيد أحمدي نجاد سيفوز في الانتخابات»، ثم ذكرت لهم موردين آخرين كشاهد على كلامي، منها: «إن ابني يفكر مثلي بالنسبة للسيد أحمدي نجاد، لكنه ولأسباب معينة ودوافع شخصية واعتقادية يقوم أحيانا ودون الكشف عن شخصيته بالذهاب إلى بعض القرى النائية. وفي صيف السنة الماضية قضى ابني فترة أسبوعين أو ثلاثة في مرتفعات بازفت في محافظة چهارمحال و بختياري التي تبعد عن المدينة مسافة ثمان ساعات سيرا بالسيارة، وكان يؤدي عملا جهاديا مع عدد من التلاميذ في قلب هذه المرتفعات، ولم يكن أحد هناك يعرفه باسمه الحقيقي، لكنه عندما عاد من سفره، سألته: كيف هي أحوال الناس هناك؟ ماذا رأيت؟ وماذا سمعت؟ قال: أبي! ما أعلمه أن كل ما تم انجازه من عمل وخدمات في تلك المناطق إنما يتعلق بحكومة السيد أحمدي نجاد، فما من مدرسة أو مغسل أو مستوصف إلا وقال أهل القرية أنه شيّد في هذه السنة أو السنتين الأخيرتين، وكنت أرى باستمرار الشاحنات وهي تأتي وتذهب محملة بالمواد المختلفة».
ولم تكن هذه الحقائق تقتصر على منطقة واحدة فقط، بل كانت تشمل مختلف مناطق البلاد، حتى في مناطق سيستان وبلوشستان كان الأمر كذلك، حيث كنت أرى المحافظين والوزراء يعملون جميعا بجد في هذه المناطق، وكان سماحة القائد يعلم بكل ما يجري في البلاد حيث تصل إليه الأخبار باستمرار عن جميع المناطق، في حين كانت معلومات الكثير منا محدودة في هذا المجال، لكن مع ذلك قلت لبعض الأصدقاء: «ثقوا أن السيد أحمدي نجاد سيفوز في الانتخابات»، فقالوا بمزاح: «لا بد انك تعلم شيئا في الخفاء، قل لنا من سيصبح رئيسا للجمهورية»، فقلت: «أنا لا أستطيع الجزم بما سيحصل لأنه لا يمكن لأحد أن يتوقع موقف الشعب الإيراني، لكن إن أذعنتم بمعرفتي البسيطة لأوضاعه السياسية والاجتماعية، فاني أقول لكم أن هذا ما سيحصل»، وبعد أن ارتفعت حمى الانتخابات وازدادت حدة المناظرات والحملات الدعائية بكل ما حملته من مواقف جميلة وسيئة ولو أنها كانت بمجموعها تعبر عن ظاهرة جميلة وجيدة؛ لأنها كانت تعبر عن حقيقة رأي الشعب رغم الإشكالات والأخطاء التي رافقتها.
وبعد المناظرة المثيرة للجدل بين السيد أحمدي نجاد والسيد موسوي، كنت مهتما جدا بمعرفة ما سيتخذه سماحة القائد في الرابع عشر من خرداد من موقف إزائها؛ أي في اليوم الذي تلاها، حيث حدثت المناظرة يوم الأربعاء في حين تحدث السيد القائد يوم الخميس بعد يوم واحد من بثّها. وخلال هذا اليوم كنا نتحدث مع الأصدقاء حول المناظرة، ونناقش كلام السيد أحمدي نجاد وهل كان مناسبا أم لا، خاصة بالنسبة لكلامه حول الشيخ هاشمي، وما هي العواقب التي سيؤدي إليها؟.
كان جميع المرشحين حاضرين في مرقد الإمام الخميني، حيث قبّح سماحة القائد في حديثه بشكل مختصر بعض الكلام المتشدد وغير المنصف الذي اتسمت به المناظرة، في حين اختص تسعون بالمائة من كلامه ببحث المسائل الأساسية للثورة منها قضية فلسطين، ولبنان، ومواقف الإمام بالنسبة لإسرائيل وأمريكا. ومن خلال حديث سماحته أدركت ما يقلقه، حيث كان يريد أن يبين للناس المعايير الصحيحة التي ينبغي اتخاذها، وقد كنت أؤيدها تماما لأنها لم تكن بالمطالب الجديدة التي يتحدث عنها سماحته، لكنها كانت تعبّر عن المواقف والتوجهات الواضحة للإمام، وتبين للإنسان كيفية الالتزام التام بخط الإمام والسير على ضوء توصياتهم، وقد أدركت صحة كلام القائد وتفهمت تماما أسباب قلقه. وفي يوم الجمعة الخامس عشر من خرداد سألني احد الصحفيين بعد صلاة الجمعة: «ما رأيك بالمرشحين؟»، فأجبته بعبارة مختصرة ودقيقة جدا، وقلت: «سأنتخب السيد أحمدي نجاد لأني قلق من تكرار الأحداث التي أعقبت يوم الثاني من خرداد عام: 1376ﻫ.ش»، وهذا ما لم يتوقعه أحد مني، حتى الأصدقاء والمقربين كانوا يتوقعون مني موقفا سلبيا تجاه السيد أحمدي نجاد بل والإعلان عن معارضتي الشديدة له، خاصة بعد أن كان الجميع يعلم ما عانيته من قبل الحكومة في فترة الانتقال من الدورة السابعة إلى الدورة الثامنة للمجلس، لكني ذكرت موقفي وسبب هذا الموقف.
لعل الكثيرين لم يفهموا سبب هذا الموقف، لكن كان يكفي لهم الانتظار أسبوعين أو ثلاثة أسابيع حتى تتضح لهم الصورة ويروا ما حدث في الثامن عشر من تير عام: 1387، فبعد الثاني والعشرين من خرداد تكرر الأمر بشكل أسوء حيث رفع البعض في يوم القدس وفي ساحة (هفت تير) شعار: لا غزة ولا لبنان روحي فداء لإيران، والبعض الآخر كان يجاهر بالإفطار في شهر رمضان وهم يشربون الماء والسجائر، وهنا فهم الكثيرون أسباب موقفي ولماذا تحدث سماحة القائد بهذا الشكل في مرقد الإمام الراحل في الرابع عشر من خرداد. فقد كان واضحا أن سماحة القائد قد استنتج أمورا كثيرة من مواقف المرشحين لرئاسة الجمهورية، وهذه نقطة مهمة في الموضوع. فقد ميّز القائد بين المسائل الأصلية والفرعية، كما انتقد في الوقت ذاته أسلوب السيد أحمدي نجاد ولم يجعله أصلا، وإنما جعل الأصل مكانة الثورة في الساحة الدولية والعالمية.
بعد الثاني والعشرين من خرداد اشتدت الأحداث وبدأت بوادر الفتنة والاضطرابات تنتقل إلى الشارع، وكنت قبل الانتخابات قد توقعت حدوث بعض الاضطرابات من هذا القبيل، وأنها لن تتوقف بعد انتهاء الانتخابات ولن يمكن بسهولة ترويض هذه الأحصنة الهائجة من الطرفين. كان من الطبيعي عدم السيطرة سريعا على هذه الأحاسيس والمشاعر الملتهبة التي أعقبت الانتخابات، مما جعلني أشعر بالخطر، وعلى هذا الأساس في يوم: 26/3/1388 قلت لبعض الأعضاء في لجنة الثقافة إذا كان أحد يعتقد حقا بحدوث التزوير في الانتخابات فعليه الإقرار بخطأ مثل هذا السلوك. وبعد سماعي ومشاهدتي للخسائر والشعارات التي وقعت في الأيام التالية اتخذت هذا الموقف من الأحداث.
أحد النواب الحاضرون في اللجنة كان حسب الظاهر على ارتباط مع المسؤولين عن إدارة التجمع في ساحة ولي عصر، وقد علم أن السيد صديقي سيتحدث في هذا التجمع، لكنه بعد أن سمع كلامي أخبرهم بضرورة أن يتحدث شخص آخر في هذا التجمع، فاقترح عليهم في عصر ذلك اليوم أن أتحدث في هذا التجمع. بعد انتهاء عمل اللجنة عدت إلى مكتبي في حوالي الساعة الرابعة والنصف عصرا، ولم أتمكن في ذلك اليوم من الصلاة قبل انعقاد اللجنة، فبعد أن توضأت للصلاة أخبروني أن السيد آب خضر قد اتصل بكم وطلب منكم الحضور للحديث في ساحة ولي عصر. في ظل تلك الأجواء المشحونة والمشاعر الملتهبة التي أعقبت الأحداث المؤسفة، تأملت قليلا في الموقف ثم قررت الذهاب والحديث في هذا التجمع، حتى أن أفراد الحماية نصحوني بعدم الذهاب لمثل هذا التجمع الحاشد لاحتمال تعرضي لبعض الأخطار، فأخبرتهم بتحملي هذه الأخطار ولا عليكم سوى القيام بعملكم. وحسب الظاهر كان المسؤولون عن التجمع قد اتصلوا بعدة أشخاص أيضا للحديث وإلقاء كلمة في الحشد، لكنهم وبعد موافقتهم الأولية رفضوا الحضور لحساسية الموقف والأوضاع حينئذ. ذهبت إلى ساحة ولي عصر ونظرا لشدة الازدحام اضطررنا للتنقل في الأزقة مشيا على الأقدام حتى وصلنا إلى المكان، فتحدثت للحاضرين وكان حديثا صريحا وواضحا أبديت فيه احترامي لجميع الناخبين، وأخبرتهم أن هذه ليست الوسيلة الصحيحة لحل الاختلافات، كما أن تزويرا لم يحصل في الانتخابات، وبينت لهم الدليل على ذلك أن التوقعات كانت تشير إلى فوز السيد موسوي في طهران وهذا ما حصل، ولو كان أحد يريد التزوير لقام بذلك في طهران لسهولته مع توفر الكثير من الإمكانات لذلك، لكن إيران ليست فقط طهران، فأيد الحاضرون كلامي وهتفوا لفترة بشعار: «إيران ليست فقط طهران»، وبعد انتهاء التجمع عدت إلى المنـزل. في عصر اليوم التالي اتصلوا بي من الإذاعة والتلفزيون وطلبوا مني المشاركة في حوار خاص على القناة الثانية، فقال لي بعض المقربين في الوقت الذي يتجنب الكثيرون الحديث في هذه الظروف، تريد أن تكون أول من يتحدث رغم خلافكم مع السيد أحمدي نجاد؟ لكني لم أكن أسمح لهذه المسائل بالتأثير على المبادئ والأصول الثابتة التي أؤمن بها.
ذهبت إلى التلفزيون وتحدثت لساعة ونصف، وقد شعرت أن في ذلك رضا الله تعالى، وبعد اللقاء لمست آثاره الواسعة في جميع المدن الإيرانية، حيث لاحظت أنه وضح الكثير من الأمور المبهمة للناس، ثم اتضحت الأمور أكثر بعد يومين عندما تحدث السيد القائد حول الموضوع في صلاة الجمعة. وقد رأيت تأثير هذا اللقاء على الناس عندما عدت إلى المنـزل بعد الصلاة، ولازلت أشعر بتأثيره على الناس حتى الآن عندما التقي بهم خلال الزيارات التي أقوم بها إلى مختلف المدن، والأحداث التي حصلت في الفترة التي أعقبت الانتخابات تؤيد ما ذهبت إليه.
ما أريد قوله للشباب والسياسيين هو أن فهم ومعرفة رأي سماحة القائد ليس بالأمر الصعب، ولا يحتاج فيه الإنسان إلى الذهاب صباح كل يوم إلى منـزل القائد ليسأله: ما هو رأيك في هذا الموضوع؟ بل يكفيه الاستماع بدقة إلى كلمات سماحته وخطبه ومواقفه. وفي نفس يوم الثلاثاء عندما لاحظت أن القائد قد دعى أعضاء القيادة وسألهم بصورة شخصية ووديّة عن الموقف ورأيهم في الأحداث؟ أدركت موقف القائد ومنهجه في الموضوع.
21ـ يتحدث الكثيرون في هذه الأيام عن انعزال بعض المسؤولين وتقاعدهم، فهل المقصود ترك المناصب السياسية والاهتمام بالمسائل الثقافية؟
أنا أهتم الآن فعلا بكثير من النشاطات الثقافية، وكان من محاسن قلة مسؤولياتي في المجلس أن تمكنت تقريبا من إنهاء ترجمة القرآن الكريم التي بدأت بها منذ العام 1382 هـ.ش، وسنقوم بنشرها هذه السنة إنشاء الله، لكني لا أفهم معنى العزلة والابتعاد عن الثورة.
22ـ المقصود هو الابتعاد عن المناصب السياسية؟
إذا كان الانعزال يعني الابتعاد عن المناصب السياسية، فلم أكن أبدا من المتمسكين بها ولهذا ينطبق علي هذا المعنى منذ البداية، لكن إذا كان يعني ابتعاد الإنسان عن أداء واجباته ومسؤولياته تجاه الثورة بعد أن يعرف دوره ووظيفته فيها، فأسأل الله تعالى أن لا يرينا مثل هذا اليوم الذي نعتزل فيه عن مسؤولياتنا. فعندما نرى علماءنا وهم أكبر منا بعشرين أو ثلاثين سنة ولا زالوا يمارسون مهامهم ومسؤولياتهم، وعندما نرى الإمام وقادتنا الكبار كذلك، فلا يبقى حينئذ أي معنى للاعتزال والابتعاد؟ لكني أهتم أكثر بالنشاطات الثقافية وكنت أتمنى أن يأتي اليوم الذي تقل فيه مسؤولياتي ولا أستهلك معظم وقتي في مجلس الشورى أو مواقع المسؤولية الأخرى، بحيث أتمكن من التفرغ للقيام بالنشاطات الأخرى التي أهتم بها، فأتفرغ للتفكير والكتابة، لكني أعتقد أن جميع هذه النشاطات لا تكون مفيدة إلا في ظل ثبات النظام واستقراره. فلو استمر هذا النظام في ثباته واستقراره، فسيظهر فيه الآلاف ممن هم أفضل مني بكثير، وهم يعملون الآن بجد في ظل هذا النظام، أما لو تعرض هذا النظام لا سامح الله للاضطراب وعدم الثبات، فلن يكون للآلاف من النوابغ أي تأثير أو دور في مختلف مجالات الحياة. فالنظام كالخيمة التي ينبغي أن تظل قائمة حتى يستظل الجميع بها ويعملون بجد وإخلاص ويتخذون القرارات المهمة فيها. فالنظام إذن هو الأصل، ولو دار الأمر بين اختيار مسؤولية علمية وأخرى ترتبط بخدمة النظام، فسأختار الثانية حتما.
23ـ وفي ختام هذا الحوار، هل لديكم ما تحبون أن تضيفوه؟
الحقيقة هي أني في الوقت الذي أقدم شكري الجزيل لكم لإجرائكم هذا الحوار معي، لم أكن راضيا عن سير هذا الحوار؛ لأنه بدأ بطرح عدد من الأسئلة الخاصة بآراء وأفكار سماحة القائد، في حين اختصت الأسئلة الثلاثة الأخيرة بالحديث عن مواقفي في بعض الأحداث وهو ما لم يكن ضمن موضوع الحوار. ولعلكم تقولون أنها كانت ترتبط أيضا بسياسة القائد وتدبيره في إدارة الأزمات وإيجاد الانسجام بين السلطات الثلاث وتجاوز الفتنة التي أعقبت انتخابات رئاسة الجمهورية في عام: 1388ﻫ.ش. وعلى كل حال، لم يكن مقررا أن أتحدث عن الأمور الخاصة بي وبهذا التفصيل، لكنكم دفعتموني إلى هذا الحديث.
وأنا أعتقد أن ما يجب التأكيد عليه هو أن يدرك جيل الشباب أن الثورة الإسلامية قد قدمت للشعب الإيراني نعمة عظيمة ينبغي علينا أن ندرك مدى عظمتها ونقف على جميع أبعادها، وهي نعمة وجود قائد عظيم مثل الإمام الراحل وآية الله الخامنئي. وأنا أسأل جميع المطلعين على تاريخ إيران أليس من لطف الله ونعمه العظيمة أن منّ على بلادنا بقائد حكيم وعالم ومجتهد وأديب وعالم بزمانه وشجاع ومدافع بحق عن عزة الشعب واستقلال البلاد غير آبه بالمال والثروة، بعد أن ظلت هذه البلاد لسنوات طويلة وخاصة في القرنين الأخيرين تعاني من سطوة حكام كانوا غالبا من الجهلة والمستبدين الغارقين في حب الشهوة والمال والثروة والسلطة؟ وفي أي مرحلة من مراحل التاريخ الماضية حظيت إيران بمثل هذا القائد؟
وكما تقع علينا مسؤولية بيان مساوئ الحكام المستبدين وظلمهم وقبائح أعمالهم، وبيان ما نشاهده اليوم من عدل ومحاسن ومواقف حقة. فقد سعيت دائما العمل وفق ما تقتضيه مسؤوليتي بحكم ما شاهدته وسمعته وعلمته طيلة السنوات الاثنين والثلاثين الماضية وسأبقى أعمل وفق هذه المسؤولية في المستقبل إنشاء الله. أتمنى أن يزيد هذا الحوار أكثر في معلومات الشباب ومعرفتهم بشخصية سماحة قائد الثورة، رغم أن أغلب شبابنا ولله الحمد يعلمون ما ينبغي عليهم معرفته، وقد أبلوا دائما بلاء حسنا في جميع المقاطع الحساسة من عمر الثورة.
ـــــــــــــ
[1] المدافع عن الإسلام
[2] الشهيد محمد جواد باهنر رئيس الوزراء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، عالم ديني ودكتور إلهيات، ولد في مدينة كرمان في العام 1312هـ.ش(1933م). وفي بداية العام 1332ﻫ.ش توجه إلى مدينة قم المقدسة لمتابعة مراحل الدراسة الحوزوية، إضافة إلى الدراسة العادية حيث نال شهادة الإجازة في فرع الإلهيات بعد خمس سنين من قدومه إلى قم، ليتابع بعدها دراسة مرحلة الدكتوراه. وفي تلك الأيام بدأ بإصدار مجلات «مكتب تشيع». ومع إطلالة الذكرى السنوية لشهداء مجزرة الفيضية (التي ارتكبها النظام ضد العلماء في قم) ألقى محمد جواد باهنر خطبة حماسية تم اعتقاله على أثرها وأودع المعتقل. أعتقل لعدة مرات، وتعرض لأقسى أنواع التعذيب والممارسات الهمجية. وفي العام 1357هـ.ش (1978م) وبناءً على أمر سماحة الإمام الخميني (رضوان الله عليه) تم تعيين الشهيد كعضو في مجلس قيادة الثورة. وفي العام (1359ﻫ.ش1980م) أصبح نائباً لأهالي كرمان في مجلس الخبراء ومجلس الشورى الإسلامي. ثم انتخب كرئيس للوزراء في حكومة الرئيس الشهيد رجائي في الثامن من شهر شهريور. من العام نفسه حلّق مهاجراً إلى الملكوت شهيداً في حادثة تفجير مكتب رئاسة الجمهورية من قبل المنافقين، ليختم بالشهادة كتاب عمره الخالد في التاريخ والمفعم بالجهاد والعمل.
[3] الشهيد محمد علي رجائي، رئيس جمهورية إيران السابق، ولد الشهيد رجائي في العام 1312ﻫ.ش في مدينة قزوين، اضطر إلى ترك الدراسة، وأن يعمل كبائع متجول في شوارع طهران كي يعيل أسرته. أنتسب بعد إلى الجيش فاستطاع حينها أن يتابع دراسته وأنهى مرحلة المتوسطة ونال شهادة دبلوم في الرياضيات. بعد ذلك ترك الجيش بسبب التزامه الديني وفساد الأجواء في الجيش حينها. كان ثورياً ناشطاً في مناهضة النظام الشاهنشاهي. تم اعتقاله لمرتين من قبل مخابرات النظام (السافاك). بعد انتصار الثورة وتشكيل الجمهورية الإسلامية. تولي محمد علي رجائي رئاسة الوزراء حيث جسد دور الرئيس الشعبي ذي الحياة البسيطة التي لا تختلف أبداً عن حياة الناس العاديين ولهذا فقد تم انتخابه عام 1360هـ.ش(1981م) من قبل الشعب الإيراني رئيساً للجمهورية الإسلامية. لم يستطع المنافقون أن يتحملوا هكذا رئيس فقاموا باغتياله في شهر شهريور من العام: 1360 هـ.ش(1981م) مع رفيقه القديم محمد جواد باهنر. ولم يمر على توليه الرئاسة أكثر من عشرين يوماً ليلتحق بقافلة الشهداء الأبرار.
[4] سورة البقرة، الآية: 24.
[5] المعنى: لا تعلمنا شيئا لا نفهمه.
[6] الموقع الالكتروني لدائرة المعارف الإسلامية www.encyclopaedaslamca.com
[7] المهندس السيد مصطفى مير سليم: عضو الهيئة العلمية في جامعة أمير كبير. شغل مناصب عديدة في الجمهورية الإسلامية منها: مستشار رئيس الجمهورية ـ في عهد الإمام الخامنئي ـ وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي ـ في عهد الشيخ هاشمي رفسنجاني ـ نائب وزير الداخلية و...
[8] المرجع الديني الراحل آية الله العظمى الشيخ محمد هادي معرفة(ره) – صاحب التمهيد في التفسير.
[9] المعنى: لقد كنت بالنسبة لنا ربيع عمرنا وحياتنا، وما أن غادرت هذه الحياة حتى حل الخريف في قلوبنا وامتلأت حزنا وألما، وكنت النجم الذي يضئ ظلمة ليلنا فلماذا امتلأت بدماء الشهادة.
[10] المعنى: حتى لو أنكرتُ أي علاقة بيني وبينك، الكل يشهد بوجود هذه العلاقة حتى الباب والجدار.
[11] المعنى: لقد ظهرت على الملأ بآلاف الصور والأشكال، وأنا أنظر إليك بألف عين وعين.
[12] المعنى: كنت لطيفا وبسيطا وشجاعا لكن جميل، وكنت أنشودة على شفاه الدهر.
[13] أنشودة على شفاه الدهر.
[14] المعنى: يا من عيناك كضوء ينير ليلي الطويل، ونور وجهك كشمس تنير مستقبل الجميع، ويا من قلب بحرك بعث الأمل في نفوس المسافرين في عرض البحر، ويا من نور عينك كفانوس بحر يرشد الجميع إلى بر الأمان، وابتساماتك بين الفينة والأخرى كابتسامة شمس الصباح، ونور آهاتك كشمع يضئ ظلمة ليل الجميع، ولطف كلامك كقطرات مطر تتساقط بالخير على الجميع، وشدة كلامك تثير الحماسة والوجل في نفوس الجميع، يا من قدك كبساقة نخل في حديقة الحرية وكشجر السرو الأخضر الذي يسحر الناظرين بجماله، فان سألني أحد عنك لقلت له هو بيت تربع في القلب ليستقبل الجميع، وأنت كحديقة لم تخلو أبدا من أزهار وجهك التي تمثل ربيع الجميع.
[15] عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «أَفْضَلُ الزُّهْدِ إِخْفَاءُ الزُّهْدِ». – نهج البلاغة.
تعليقات الزوار