المحاور: نعيش هذه الأيام الذكرى الثانية والثلاثين لانتصار الثورة الإسلامية وقد دخلنا في احتفالات إيران الإسلامية لـ(33) عاما من مضي انتصار هذه الثورة المباركة، في البداية نبارك لحضراتكم هذه الذكرى العطرة ذكرى انتصار الثورة الإسلامية وقد ارتأينا أن نخصص الحديث في هذا البرنامج عن هذه الثورة المباركة ومعطياتها ودروسها والأسباب التي أدت إلى انتصارها، ولهذا استضفنا أحد أبرز الشخصيات المؤثرة والمساهمة في إنجاح وانتصار هذه الثورة المباركة الشخصية التي وقفت إلى جانب الإمام الخميني وقضى معه أعوام وسنين للمجاهدة ومقاومة الظلم والاستكبار آنذاك في إيران، إذن حوارنا مع الأستاذ أبو الفضل توكلي بينا القيادي في حزب المؤتلفة الإسلامي، هذا الحزب الذي قدّم ما قدّم وضحى ما ضحى من أجل انتصار هذه الثورة الإسلامية المباركة قبل انتصار الثورة الإسلامية، وكان له دور فاعل وقوي ومؤثر بعد انتصار الثورة الإسلامية لتكون هذه الثورة حية نابضة وخالدة.

 

حياك الله أستاذ وأهلا ومرحبا بكم إلى هذا الحوار.

 

الأستاذ أبو الفضل توكلي بينا/المترجم: شكرا.

 

المحاور: إذن إذا تسمح أستاذ أبو الفضل نكون مع مقدمة لهذا الحوار:

 

تقرير حول الحوار:

 

لم يكن الحديث عن الثورة الإسلامية للشعب الإيراني أمرا سهلا خاصة وأنها اندلعت في وقت لم يكن فيه العالم يشهد ثورة الاتصالات ولا شبكة الهواتف المحمولة، فبالرغم من هيمنة أزلام نظام الشاه على الشعب ومقدراته إلا أن الشعب الإيراني تمكن وبفضل قيادته الحكيمة التي تمثلت بالإمام الخميني الراحل، تمكن من النزول إلى الشارع وفرض وجوده في الساحة وإرغام رأس النظام الملكي على الاستسلام لمطالب الشعب، فبالرغم من نفي الإمام الخميني الراحل عن الوطن ولعقد ونصف من الزمن إلا أنه تمكن من التواصل مع أبناء الشعب وبمختلف التوجهات والمشارب وساقهم إلى ثورة شعبية أرغمت الشاه على استبدال رئيس حكومته أمير عباس هويدا الذي رأس حكومة الشاه لأكثر من أحد عشر عاما ليخلفه جعفر شريف إمامي رجل المخابرات والدبلوماسية الملكية، لكن الأخير هو الآخر لم يستقم الأمر معه لأكثر من ثلاثة أشهر واضطر الملك البهلوي إلى استبداله بجمشيد اموزكار الأمر الذي لم يؤثر قيد أنملة على إرادة الشعب المتواجد في الشارع ما دعا الشاه المقبور للاستنجاد بقوات الجيش وتكليف الجنرال ازهاري ليترأس حكومة عسكرية تهيمن بالقبضة الحديدية على الشارع حسب تصورات الملك المهزوم نفسيا، هذه النزعات الانتقامية حملت قيادة الثورة الإسلامية وعلى رأسها الإمام الخميني الراحل بالتأكيد للشعب على الحضور في الساحة وعدم الاعتناء للأحكام العرفية وما يسمى بحظر التجول نهارا كان أو مساء، النظام جرّب كل المحاولات بدءا من تسمية المتظاهرين بالمشاغبين واللصوص والسرّاق وزمر السلب والنهب وصولا بعصابات المافيا إلا أن رئيس الحكومة العسكرية راح يتغاضى عن كل الجماهير التي تعج بها شوارع مدن إيران وعلى رأسها العاصمة طهران ويقول للملك أن هناك حفنة من المشاغبين يقومون بتسجيل أصوات في الكاسيتات وينشرون الرعب بين الناس عندما يبثوها من أسطح المنازل ليلا حتى كرّس الشعب هتافاته على نفي أكذوبة الجنرال الذي راهن عليه الملك المهزوم وانفتح المجال واسعا أمام اعتراف الشاه بأنه سمع صوت ثورة الشعب وسيقوم بتلبية ما يطلبه بدءا من عزل الجنرال ازهاري وصولا إلى تكليف شابور بختيار أحد أبرز أقطاب معارضة النظام آنذاك، لكن هذه الخطوة هي الأخرى لم تشفع له ولحكومته، وتواصلت قيادة الإمام الخميني الراحل لثورة الشعب الإيراني من النجف الأشرف والعاصمة الفرنسية باريس وصولا إلى الأول من شباط عام (1978) ليعود الإمام الخميني من منفاه إلى أرض البلاد ويقود الثورة عن كثب ويسجل تحطيم عرش طالما تباها بعمره الذي طال لأكثر من خمسة وعشرين قرنا ويفسح المجال للشعب ليحكم نفسه بنفسه ويختار النظام الذي يريده، فسلام على الإمام الخميني مفجر الثورة الشعبية في إيران الإسلامية يوم ولد ويوم انتصر على طاغوت زمانه ويوم ارتحل إلى الرفيق الأعلى ويوم يبعث حيا، وتحية للشعب الإيراني المسلم في الذكرى الثانية والثلاثين لانتصار ثورته الإسلامية.

 

المحاور: تحية طيبة من جديد ونرحب بضيفنا الأستاذ أبو الفضل توكلي بينا القيادي في حزب المؤتلفة الإسلامي، نبارك لكم ذكرى انتصار الثورة الإسلامية كما نبارك لك الأستاذ أبو الفضل هذه الذكرى العطرة.

 

الأستاذ أبو الفضل توكلي بينا: بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين، اللهم عجل لوليك الفرج والعافية والنصر واجعلنا من أنصاره وأعوانه والمستشهدين بين يديه. المترجم/ أتوجه إلى كافة الإخوة والأخوات الأعزاء بالتحية وأشكركم وأشكر زملائكم.

 

المحاور: الأستاذ أبو الفضل هناك كثير من الثورات حدثت في العالم لكن لم يكتب لها النجاح والانتصار، كيف تنظر إلى الثورة الإسلامية في إيران إلى انتصار هذه الثورة، ما هي العوامل التي أدت إلى انتصار هذه الثورة المباركة وديموميتها؟

 

الأستاذ أبو الفضل توكلي بينا/المترجم: الثورات في بلادنا بدأت من عهد الدستور وأيضا المراحل التاريخية التي أعقبت ذلك والإمام الخميني اختبر وعاصر تلك الثورات، في عام (1962 أو 63) عندما كتبت الصحافة آنذاك أنه أقر نص بشطب الإسلام واسم كلام الله المجيد في القسم أو في اليمين وأيضا فتحوا المجال مقابل ذلك إلى إحدى الأديان الأخرى حتى يحرفوا البلاد من ذلك المسار، إذن الإمام ومنذ الاجتماع الأول أو الجلسة الأولى التي دعا الفقهاء إليها كانت هناك ثلاث قرارات، الأول يجب أن نعترض على الشاه من أجل إلغاء هذا النص، وأيضا يجب أن نضع كافة العلماء ورجال الدين في المحافظات على بينة من هذا الأمر وأيضا أن نقوم باتصالات فيما بيننا أسبوعيا على أقل تقدير، وأيضا المرجعيات بعثت ببرقيات إلى الشاه آنذاك، أما الشاه فكانت له نظرة خاصة فيما يتعلق بالإمام الخميني ولذلك حاول أن يستخف برجال الدين وبالمرجعيات لكنه في نفس الوقت لم يرد على برقية أو رسالة الإمام الخميني، ومنذ ذلك الوقت أصدر الإمام بيانا قصيرا مقتضبا إلى الناس ونحن أطلقنا على ذلك البيان اسم بيان الاستنصار أي طلب النصر من الشعب، ومنذ الأيام الأولى الإمام طبعا استقطب شرائح الشعب وتعامل مع الجماهير كواقع أساسي في نهضته الثورية خلافا للكثير من الشخصيات السياسية الأخرى، واستطاع الإمام أن يستقطب الجماهير ويباشر ويبدأ بنهضته وحركته.

 

المحاور: الثورة الإسلامية المباركة في إيران تعتمد على عدة أسس، من أهم هذه الركائز هي شخصية الإمام الخميني رحمة الله تعالى عليه، كيف برأيك لعبت هذه الشخصية السياسية والاجتماعية الدور في انتصار هذه الثورة المباركة؟

 

الأستاذ أبو الفضل توكلي بينا/المترجم: الحقيقة شخصية الإمام كانت شخصية مستثناة وشخصية فريدة تاريخيا، كان فقيها وعارفا ومعلما للأخلاق، وكان لأكثر من أربعين سنة من خيرة وأفضل مدرسي الحوزة العلمية في قم، واستطاع من خلال إيمانه الإلهي أن يستقطب الجماهير حوله، الحقيقة أن جذابية شخصية الإمام هذا العارف الكبير هذه الشخصية الصامدة القوية المقتدرة لذلك كان صعبا على النظام السابق أن يزيح هذه الشخصية، هذه الشخصية الكبيرة والمتنفذة لدى الإمام استطاعت أن تكون في وسط الجماهير وفي عمق الجماهير وهذه الشخصية كان لها دور كبير في انتصار الثورة.

 

المحاور: أستاذ أبو الفضل باعتبارك من أحد المقربين لشخصية الإمام الخميني رحمة الله عليه مفجر هذه الثورة المباركة، كيف تقيّم شخصية الإمام من الأبعاد المختلفة: الاجتماعية: السياسية وما إلى ذلك من الأبعاد المختلفة؟

 

الأستاذ أبو الفضل توكلي بينا/المترجم: الحقيقة أن الإمام رضوان الله تعالى عليه كان شخصية كبيرة كان يعيش حياة متواضعة، طبعا أيام الدراسة في الحوزة بدأ بتهذيب الأخلاق منذ عهد الصبا وبهذا الرصيد الكبير طبعا استطاع أن يدخل إلى الساحة أو يأتي إلى الساحة وأصبحت لهذه الشخصية جذابية كبيرة في أوساط المرجعيات وأيضا في وسط الحوزة العلمية، واعتقد أيضا قبل التصديق على الإعلان الخاص بالمجالس مجالس الولايات التي اعترض عليها الإمام ورجال الدين أتذكر كان هناك تحليل لشخصية الإمام الخميني بأنه الشخصية التي تستطيع أن تقود حركة للأمة الإسلامية، ومنذ وجود السيد مصطفى الخميني والحقيقة أن التحليل الذي نشر في صحيفة اطلاعات استطاعت أن ترسخ في الأذهان أن شخصية الإمام الخميني هي الشخصية القوية والقادرة على إدارة الأمة. آية الله البروجردي كما تعلمون أنه كان من الشخصيات والمرجعيات العالمية الكبيرة وعندما كان يأتي السيد البروجردي ويرقد في مستشفى فيروز آبادي فإن الإمام دعا آنذاك بعض زملائه في الحوزة وقال يجب أن نذهب ونزور آية الله البروجردي وهو شخصية علمية كبيرة ويجب أن نزوره في المستشفى، ومن خلال تلك الحركة التي قام بها وعندما ذهب لزيارة آية الله بروجردي في المستشفى وأصر عليه وكلفوه بأن يكون مرجعا ومنذ ذلك كان صعبا حتى على الشاه أن يتعامل مع هؤلاء حتى أنه بعث الدكتور إقبال إلى رجال الدين إلى علماء الدين عندما أرادوا أن يصوغوا بعض النصوص الدستورية، لذلك كان أزلام النظام يخافون كثيرا من الإمام لذلك لم يكن بمقدور أحد أن يغيّر ما في نفسية الإمام والغناء الفكري والفقهي والبناء النفسي الذي كان يتحلى به، الحقيقة الإمام الخميني كان شخصية مستثناة تاريخية ولهذا فان السيد آية الله بروجردي كان يقول دائما لخادمه أنا أقوم برعاية هذا الشعب وأتوسم فيه مستقبلا كبيرا وكان يشير إلى الإمام الخميني. الحقيقة أن هذه الشخصية وبكل تلك الروح المعنوية القوية التي كان يتحلى بها استطاع أن يقاوم، أتذكر عندما كنت في نوفل لوشاتو وكانت أول زيارة للمهندس بازركان ومن نهضة الحرية كان يقول أن الطريق مسدود, الشعب سئم، الإمام قال له ليس هناك طريق مسدود سوف نتقدم ونزحف إلى الأمام يجب أن لا يخيب أملك، كانت لديه مثل هذه المعنوية القوية على الرغم من أنه كان طاعنا في السن وكان يقود ويدير الآخرين، وأنا كنت ذات مرة في تلك الأيام طبعا في نوفل لوشاتو كنت عند حضرة الإمام قبلا كان يصر على ذهاب الشاه ربما البعض كان لا يستوعب ما يقوله الإمام ولكن عندما هرب الشاه في ذلك التاريخ الذي حدده الإمام الخميني أعلن منذ ذلك الوقت أن من يريد أن يزوره يجب أن ينفي أولا وينبذ النظام الشاهنشاهي ويؤيد نضال الشعب الإيراني وأيضا يكتبوا خطيا مواقفه حتى يستطيع أن يلتقي بالإمام الخميني، حتى أن السيد بازركان عندما طلب مقابلة ثانية طلب منه أن يكتب، الدكتور سنجابي أيضا أنا أخذته عند الإمام الخميني أيضا طلب مني أن يكتب مواقفه وكتب مواقفه، وقام الإمام بشطب بعض النقاط فيه والإمام الخميني كان يلتقي مع كل شخص يقبل به، أعدت تلك الورقة إلى سنجابي وقام بتصحيحها بعد ذلك أخذته إلى الإمام الخميني هكذا كان يعطي أو يضفي الروح المعنوية في نفوس الآخرين، وفي كل ليلة بعد الصلاة في نوفل لوشاتو كان يلقي خطبة، طبعا إن هذه الروح العظيمة الشامخة للإمام الخميني وهذه السجايا والمناقب الكبيرة التي كان يتمتع بها استطاعت أن تستقطب الجماهير، وأنتم تلاحظون أن الإمام كان يخطب في باريس ليلا وفي الصباح الساعة الثامنة صباحا أينما كنت تذهب في طهران كنت تشاهد الكلمة, كلمة الإمام مطبوعة وموجودة على الطاولات أمام الجميع وهكذا وبهذا الذكاء استطاع أن يتقدم الإمام بالثورة.

 

المحاور: أحسنتم، الأستاذ أبو الفضل في هذه الأيام يشهد العالم انتفاضة شعبية في تونس وأيضا في جمهورية مصر العربية، كيف تنظر إلى هذه الانتفاضات، هل تعتقد أنها استمرار للثورة الإسلامية التي حدثت قبل اثنين وثلاثين عاما في الجمهورية الإسلامية هل من ثمارها؟

 

الأستاذ أبو الفضل توكلي بينا/المترجم: العزيمة الراسخة التي كان يتحلى بها الإمام الخميني استطاع في ظلها أن يتقدم خطوة فخطوة في هندسة أو وضع بناء الثورة الإسلامية وخطوة فخطوة لاحظنا كيف أن الأمور كانت تدار من قبل الإمام الخميني وحضوره في الساحة بالإضافة إلى عنصر المقاومة والصمود الذي كان يتحلى بها الإمام، كما تعلمون أن قوى الشرق والغرب تكالبت وتحالفت فيما بينها لإجهاض هذه الثورة وإخراجها عن مسارها السليم، ولكن هذا العارف الكبير هذا الرجل الفقيه الكبير هذه الشخصية العظيمة للإمام كان يتقدم بالأمور خطوة فخطوة ويصمد لذلك فإنه وخلافا للكثير من الثوار الذين يريدون دائما أن يتلقوا الايعازات أو الأرضيات من الآخرين لكن الإمام هو الذي كان يهيئ الأجواء والأرضيات حتى يأتي الشعب إلى الساحة، وفي ظل صموده ونظرته الثاقبة سعى الإمام ليضمن أن لا تنحرف هذه الثورة فعندما أراد أن يتحرك من باريس كان يقول أنا أريد أن اذهب إلى إيران في حين كان ينصحه الآخر أن الظروف كيف مهيأة؟! غير مناسبة لكن الإمام كان يقول كلا أنا عليّ أن أذهب بسرعة وأكون وسط الجماهير وأواكب هذه الجماهير بعد ذلك كان يقول إذن أنا المكان الأول الذي سأذهب إليه هو مقبرة بهشت زهراء، مقبرة الشهداء، بعد ذلك سوف أتفقد الجرحى بعد زيارة قبور وأضرحة الشهداء وكانوا ينصحونه لكنه كان يمتنع، ثلاثة وثلاثين كيلومترا من المطار إلى مقبرة بهشت زهراء، نحن قمنا بتحشيد الآلاف من العناصر الأمنية الشعبية والطريق كله زرع بالزهور استقبالا للإمام الخميني، وعندما جاء الإمام إلى مقبرة بهشت زهراء وقف على تلك المنصة التي أعدت هناك وقال أنا أريد أن أشكل حكومة سأوجه صفعة إلى الحكومة الشاهنشاهية أيضا لأنه كانت هناك حكومة، كانت هناك حكومة بختيار لكنه قام بتعيين وكلف المهندس بازركان بتشكيل حكومة، إذن هذه نماذج وعيّنات من الصمود وقدرة الإدارة التي كان يتحلى بها الإمام، الإمام الخميني أبدا لم ينحرف عن ذلك المسار وكان يوجه الجماهير ويحدد لها المسارات حتى تتقدم هكذا كانت إدارة الإمام الخميني للجماهير واليوم نحن مازلنا نشاهد نفس تلك النماذج ونشاهد أن الشعوب أخذت تقتدي بالنموذج الذي أسس له الإمام الخميني وتطالب هذه الشعوب بحكم الإسلام، الساسة الغربيون والإسرائيليون يشعرون بتوجس وبخوف كبير ويحاولون إخماد هذه الحركات لأنهم يخافون في الأساس من حركة الثورة الإسلامية ومن انتقال التجارب الإدارية لقائد ومؤسس ومفجر تلك الثورة الإمام الخميني، واليوم نحن نشاهد في تونس مثلا وفي دول أخرى تطبيقا لتلك النماذج، في تونس أغلقوا وعطلوا صلوات الجماعة وصلاة الجمعة ولكن بعد سقوط النظام الشعب أخذوا يقيمون صلاة الجمعة وهكذا هو الحل كان في طهران أيضا لم تكن هناك صلاة جمعة وبعد الثورة تأسست لمراسم صلاة الجمعة وكلّف الإمام آية الله طالقاني ليكون إماما لجمعة طهران ونفس هذه التجربة نحن نلاحظها تتكرر اليوم في دول أخرى.

 

المحاور: أستاذ أبو الفضل كيف تنظر إلى مستوى الأهداف التي طرحتها الثورة الإسلامية، كم بلغت إلى حد تطبيق وتنفيذ والوصول إلى تلك الأهداف، كم نجحت في ذلك؟

 

الأستاذ أبو الفضل توكلي بينا/المترجم: الحقيقة أن أهداف الإمام الخميني هي الحكومة الإسلامية، مثلا منذ بداية العهد الإسلامي هناك في عهد الخلافة والخطأ الذي حصل فيه آنذاك لاحظنا هناك انتفاضات كبيرة صارت من أجل الحكومة الإسلامية وقتل الكثير، ونتاج أربعة عشر قرنا نلاحظ أن الجمهورية الإسلامية والإمام الخميني هو الفقيه الوحيد الذي جاء وطبّق حكم الشريعة، وفي تأسيس الحكم الإسلامي أستطيع أن أقول نحن حققنا هدفنا ولكن أن نؤسس لحكومة شاملة تطبق فيها العدالة الاجتماعية وحكم القانون وسيادة القانون بالكامل أعتقد نحن مازلنا نحتاج لبعض الوقت لكننا توصلنا إلى الأهداف الأساسية وكما قلت التأسيس لنظام إسلامي، والشعوب تعشق هذا النظام في إيران وتحاول أن تكرر نفس هذه التجربة، أيضا الصمود الرائع الذي لمسناه ونلمسه في أوساط الجماهير وقدرات هذه الجماهير منذ بداية الثورة الإسلامية وحتى اليوم، مثلا قبل الثورة كنا نأتي بالأطباء من الهند وباكستان ومن دول أخرى ولكن اليوم نلاحظ أن السواد الأعظم من المتخصصين والخبراء هم من الأفراد المحليين الإيرانيين وهذا يعني أننا قادرون على أن نحقق كل ما نهدف إليه لأن الإمام الخميني هو الذي أعطانا هذه الدروس، أعتقد أننا قد بلغنا أهدافنا بنسبة ثمانين بالمئة ومازلنا نواصل الطريق بإذن الله تعالى حتى نصل إلى كامل أهدافنا تطبيق العدالة الاجتماعية بالشكل الواقعي وعلى أي حال نحن نسير إلى الأمام في هذا المجال إلى الرقي والازدهار.

 

المحاور: أستاذ أبو الفضل هناك تضحيات جسام بذلت ودماء أريقت وسقت شجرة هذه الثورة المباركة، لكن في زماننا الحالي هذا إذا أردنا أن نقوم بحفظ وصيانة معطيات هذه الثورة المباركة وحتى نكون نواكب الأهداف التي رسمها الإمام الخميني ماذا علينا أن نفعل؟

 

الأستاذ أبو الفضل توكلي بينا/المترجم: إن مسارنا واضح ويجب أن نطبق حكم القانون والعدالة الاجتماعية، كما قلت أن تطبيق الحكم الإسلامي هذا الهدف الأساسي استطعنا أن نحقق ونتوسع في ذلك كثيرا ولكن علينا أن نعمل من أجل العدالة الإسلامية لأن ما كان يقلق الإمام الخميني كثيرا هي الطبقات الفقيرة والشرائح الفقيرة وعلينا أن نهتم كثيرا بهذه الشرائح ونقود مجتمعنا نحو العدالة الاجتماعية وحكم القانون، ونأمل وفي ظل قائدنا العزيز والفعلي آية الله العظمى السيد الخامنئي نأمل أن نستطيع أن نحقق بقية أهدافنا من خلال النظرة الثاقبة التي يتحلى بها هذا الرجل العظيم ونتقدم إلى الأمام حتى نبلغ كامل أهدافنا لأننا حاليا نسعى من أجل الوصول إلى العدالة الاجتماعية وإزالة آثار الحرمان من المستضعفين وتسييد القانون وهذا من أحد الخصائص المهمة التي كان يتمتع بها الإمام وهو المطالبة إلى العدالة الاجتماعية فإن من يرجع للقضاء يجب أن لا يشعر أحد فقيرا كان أو غنيا كما في السابق يشعر من عدم تطبيق العدالة لأن من كان ميسور الحال ربما كان يتمتع بإمكانات أكثر هذا ما كان قبل الثورة ونحن نأمل أن تتغير الأمور ونستطيع أن نحقق العدالة الاجتماعية ونتحول إلى قدوة تحتذي بها كافة الدول والشعوب الأخرى.

 

المحاور: إن شاء الله، معنا إذا تسمح اتصال من الأخ أبو محمد، ابو محمد السلام عليكم.

 

الأخ أبو محمد: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

 

المقدم: عليكم السلام ورحمة الله، تفضل مشكورا.

 

الأخ أبو محمد: أحييك وأحيي ضيفك وأبارك للجمهورية الإسلامية انتصارها واستمرارها في عامها الثالث والثلاثين واسأل الله سبحانه وتعالى أن تستمر هذه الثورة وتكون منارا ومشعلا لجميع الثورات في العالم وذلك لأن هذه الثورة المباركة قد قامت على أساس ديني إسلامي متين وهذا الإسلام المحمدي أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينتشر في هذه المعمورة ويملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وهي بحق الدولة التي ستكون ممهدة لظهور إمامنا القائم المهدي عجل الله تعالى فرجه لأنها قامت على أساس خال من الذاتية، الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه لم يكن يهدف من هذه الثورة أن يبني لنفسه مجدا بل كان هدف الإمام سلام الله تعالى عليه أن يبني للإسلام مجدا والحمد لله الذي جعلنا حقيقة في طول من العمر لنرى هذا المجد يتخلد ويكون ذا نتاج عظيم، وما تشهده الساحة العربية الآن إلا هي ومضة من ومضات ذلك الإنتاج الفكري العظيم.

 

المحاور: شكرا جزيلا الأخ أبو محمد لهذا التواصل. الأستاذ أبو الفضل نعتقد أن الثورة الإسلامية هي ثورة لم تكن محصورة داخل الحدود الجغرافية لإيران الإسلامية بل هي ثورة تمتد للعالم بأجمعه، ماذا بإمكان سائر المسلمين الذي يريدون أن يقدموا خدمة لهذه الثورة فهي كما قلنا وأشرنا ثورة عالمية، ماذا بإمكانهم أن يقدموا خدمة في سبيل مواكبة هذه الثورة الإسلامية المعطاء.

 

الأستاذ أبو الفضل توكلي بينا/المترجم: الحقيقة أن الشعب الإيراني كما تعلم شعب نبيل. النبي في واقعة حنين وأيضا في حرب بدر، كان يقول والإمام الصادق طبعا هذه الرواية فيما يتعلق بسلمان الفارسي وما دار بينه وبين الرسول الأكرم وأيضا الإمام الصادق وتكهنات بأن يخرج أناس من ديار فارس أناس يتحلون بالقوة، ونحن دخلنا العام الثالث والثلاثين لانتصار الثورة الإسلامية ولا أعتقد أن بإمكاننا أن نرى مثيلا لهذا النموذج الموجود في إيران أن يكون هذا الحجم الجماهيري الكبير وأيضا التقدم الذي أحرزته هذه الثورة خاصة في مجال الطاقة النووية والخبراء الشباب والصمود الإيراني رغم كل هذه المؤامرات التي قامت بها قوى الشرق والغرب لكن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقفت كالطود الأشم صامدة، على أي حال الجمهورية الإسلامية الإيرانية وصمودها أمام القوى المتجبرة التي تحاول أن تصادر خيرات وإمكانيات وطاقات الدول والشعوب الأخرى، والثورة الإسلامية وهذه المقاومة والصمود أصبحت درسا لجميع الدول الأخرى لأن إيران استطاعت في ظل هذا الصمود أن تحقق أهدافها.

 

المحاور: أستاذ أود أن تروي لنا شيئا بسيطا من ذكرياتك مع شخصية الإمام رحمة الله تعالى.

 

الأستاذ أبو الفضل توكلي بينا/المترجم: لدي خاطرة أنه كان قد صمم عندما نأتي إلى المطار، كانت هناك قاعة ثانية كان مقررا أن يأتي من هناك ولكن عندما جاء وألقى الكلمة لاحظنا أن الجمهور كان مكثفا وكبيرا جدا ولم يكن بإمكاننا أن نعمل طبق ذلك البرنامج، وقلت لأحد الإخوة يجب أن نعود إلى المطار، وهناك كان حوالي ستين أو سبعين من أفراد القوة الجوية وحاولت أن أعمل ذلك من خلال صالة الحكومة الصالة الرسمية وكنت أشعر بقلق لأن كل هؤلاء الضباط كانوا يحملون رشاشات بأيديهم، ثم جاءت سيارة مرسيدس وعندما فتحت الباب وكان الضباط ينظرون, لاحظنا أن الإمام وضع يده على السيارة ونظر إلى الضباط وقال: إلى متى أيها الشباب الشرفاء تبقون جالسين وتسمحون لبختيار أن ينال من حقكم ومن شرفكم؟ وسمعت أن هؤلاء الضباط بدأوا يكبّرون إعجابا بما قاله لهم الإمام الخميني وهكذا استطعنا أن نتحرك من تلك النقطة إلى مقبرة الزهراء، وكان حشدنا حوالي سبعة آلاف عنصر شعبي لحفظ الانضباط والأمن، وأيضا أفراد في القوة الجوية وضعوا مروحية تحت تصرفنا، علما أن بختيار كان قد أغلق المطار وعلى أي حال استطعنا آنذاك أن نأخذ الإمام إلى تلك المنصة في المقبرة.

 

المقدم: أحسنتم، شكرا جزيلا لك الأستاذ أبو الفضل توكلي بينا القيادي في حزب المؤتلفة الإسلامي لحضورك معنا, ومبروك عليكم ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في إيران، حياكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...