كان يعتقد الإمام موسى الصدر أن قضية فلسطين يجب أن تبقى حاضرة في ذهن الأمة الإسلامية والعربية وقد التقت رؤية الإمام الصدر مع رؤية الإمام الخميني(قدس سره) بموضوع القدس.
وأجرت وكالة إيكنا للأنباء حواراً تلفزيونياً في بيروت مع عدد من الخبراء والسياسيين في لبنان حول الأبعاد الاجتماعية والسياسية لشخصية الإمام موسى الصدر وشارك في هذا البرنامج كل من عميد كلية الدعوة الاسلامية في لبنان "الشيخ عبد الناصر جبري" وعضو المكتب السياسي في حركة أمل "حسن قبلان" مجيبين على الأسئلة التي تم طرحها حول دور الإمام موسى الصدر في دعم قضية فلسطين وتأثيره في ترسيخ حركات المقاومة الإسلامية واليكم نص الحوار فيما يلي:
كيف ترى مكانة الإمام الصدر في دعم قضية فلسطين والقدس وما هو أهم اهتماماته في هذه القضية؟
الشيخ عبد الناصر جبري: كان الإمام موسى الصدر يهتم كثيراً بقضية فلسطين وكان يصر على فلسطين وعودتها لأهلها وهو من العلماء الذين يقودون شعبهم بل ينقذ شعبه لأنه عمل بوقت فيه إنقاذ هذه الشعوب التي ضاعت في الزعامات القديمة التي مرت بها.
وأجاب حسن قبلان على هذا السؤال قائلاً: الإمام موسى الصدر صاحب أطروحة مركزية في القضايا السياسية وكان يعتقد أن قضية فلسطين يجب أن تبقى حاضرة في ذهن الأمة الإسلامية والعربية ويجب أن نسعى كي تبقى إسرائيل عدوة لأنني اعتقد عندما تصبح قضية فلسطين قضية ثانوية سيتقدم العنوان المذهبي والطائفي والقومي والوطني والطبقي في هذا العالم العربي والإسلامي وينفجره من الداخل وقد التقت رؤية الإمام الصدر مع رؤية الإمام الخميني(قدس سره) بموضوع القدس وتشكلت قضية فلسطين جزءاً أساسيا من أطروحات الإمام السيد الصدر هذا الإمام العزيز الذي تكلم في الحرمان تلكم في الإنسان وتكلم في فلسطين وتكلم بوحدة الحضارات والأديان وهو قد استبق كثيرا من الذين نظروا بحوار الأديان والحضارات.
الشيخ عبد الناصر جبري: قاد الإمام السيد الصدر حركة مهمة باسم حركة المحرومين وكان يؤكد أن أهل الجنوب وكذلك أهل الشمال وأهل البقاع مجموعة وشريحة بشرية محرومة من قبل الدولة اللبنانية وكانت الدولة لم تعتن بتلك المناطق وهناك شرائح مهمة من البشر والذين كانوا يعيشون في هذه المناطق من المواطنين ولهم حق المواطنة.
حسن قبلان: إن الإمام موسى الصدر أكد أن قضية المحرومين قضية اجتماعية ولذلك باكورة عمله السياسي ونضاله في لبنان كان إطلاق حركة المحرومين وكان يقول أن نتيجة هذا المشكل الاجتماعي والفارق الطبقي انفجار داخلي وأزمة داخلية في لبنان وعمل أيضا في قضايا الإنسان باعتبار أن أي فكرة أو أي دين أو أي دولة أو أي مؤسسة أن لم تكن غايتها الإنسان وخدمة الإنسان ستفشل في النهاية.
ما هو رأيكم الشريف حول دور الإمام موسى الصدر في تعزيز العلاقات بين المذاهب والأديان كافة؟
الشيخ عبد الناصر جبري: إن الإمام موسى الصدر كان رمزاً من رموز رجالات لبنان بزمن مرت فيه لبنان بظروف صعبة فكان رجلا وطنيا حيث علم بان الإنسانية لا تبنى على الاختلافات وإنما الإنسان على الوحدة والتواصل الداخلي من اجله أن يقاوم داخل الجوامع الإنسانية فكان داعية للوحدة بين المسلمين والمسيحيين وكذلك بين المسلمين أنفسهم والمسيحيين أنفسهم فكان ينتقل دوماً من مركز علمي سواء كان مسجداً أو كانت كنيسة يحاضر ويدعو إلى التعرف على الإنسان وبما تجد الشرائح الإنسانية سواء كانت مسيحية أو إسلامية فإذن أهم المميزات والصفات التي كان يتميز بها سماحة الإمام موسى الصدر هو الوحدة في المجتمعات والوحدة في الأوطان وكان عاملا أساسيا في بناء الوحدة الاجتماعية في لبنان.
وأجاب حسن قبلان: كان ينظر الإمام موسى الصدر بلبنان كبلد متعدد الجماعات والطوائف والأديان ويعتقد أن التجربة اللبنانية في حوار الحضارات هي أمانة في أعناق اللبنانيين وكان يرى أن الحفاظ على هذه التجربة فيه خدمة للإسلام باعتباره دينا يحمي كل المنضويين في افقه الحضاري وفي مجاله الحضاري وهو كان يدعو بضرورة أن تتوحد شعائر المسلمين وان يلتقي المسلمون رغم التنوع المذهبي.
ما مدى تأثير أفكار الإمام موسى الصدر في مواجهة الأزمات الراهنة في لبنان؟
الشيخ عبد الناصر جبري: سماحة الإمام موسى الصدر اخذ دوراً علمائياً كبيراً في أزمات لبنان وهذا الدور يكون دورا علمائيا قياديا واستطاع من خلال هذه المواقف مواجهة كثير من الذين أرادوا أن تبقي لبنان والطوائف والمذاهب متفرقة ليستخدمون الأوضاع لمصالحهم الشخصية.
برأيكم ما هي أهم البرامج التي تتم استفادة منها لنشر أفكار الإمام موسى الصدر في جامعات العالم الإسلامي خاصة في لبنان وإيران؟
حسن قبلان: نحن اليوم في الواقع نتكلم عن قائد استثنايي ويوماً بعد يوم تكتشف أجيالنا وطلاب الجامعات أهمية النصوص التي وضعها الإمام موسى الصدر في فترة وجيزة وفي بلد صغير وأجيالنا تفهم أن كل هذه القضايا كقضية فلسطين والعدالة والحرية وكرامة الإنسان كانت مجال اهتمام السيد موسى الصدر.
الشيخ عبد الناصر جبري: ينبغي أن يدرس المنهج الذي عمل عليه السيد الصدر في الجامعات المختلفة والمراحل التعليمية للطلاب اللبنانيين ويدرس لأبناء لبنان لكي يحافظوا على وحدتهم ولا يتأثروا بما يطرح عليهم من الخارج وعلينا الاستفادة من منهج الإمام الصدر على المستوى الداخلي والمحلي وكذلك على المستوى العربي لأنه السيد موسى الصدر عمل طويلا وكثيراً على المستوى العربي وكان يتواصل مع العالم العربي دائما وعندما نتكلم عن الإمام السيد الصدر نتكلم عن تواصله مع العالم الإسلامي ولم يكن محصوراً على مستوى بقعة صغيرة.
حسن قبلان: المقاومة في لبنان ضد العدو الإسرائيلي مُدينة للإمام موسى الصدر لقضيتين: مُدينة بالنشأة ومُدينة بوضع أساس نظري لهذه المقاومة واليوم الذين تركبوا الجهاد والمقاومة في لبنان هم تخرجوا من تحت منبر الإمام موسى الصدر وكانوا كوادرا في المشروع الذي أطلق في حركة أمل وتاليا في حزب الله، الإمام موسى الصدر أيقن أن جنوب لبنان يجب أن يُحمى وان تؤسس لها المقاومة قبل أن يحتل وهو كان يقول "إنا لا انتظر أن تحتل إسرائيل جنوب لبنان ثم أسس المقاومة" وتم تأسيس المقاومة قبل أن يحتل الجنوب من قبل العدو الإسرائيلي.
إن البعد النظري والعقائدي لهذه المقاومة كلها في النصوص التي وضعها الإمام موسد الصدر من قبيل "إسرائيل شر مطلق والتعامل معها حرام" و"ضرورة بناء المجتمع حرب مع العدو الإسرائيلي لدعم جنوب لبنان" وأكد على ضرورة التسلح عندما قال "السلاح زينة الرجال".
المقاومة اليوم يحتاج هذا المسار وهذه التجربة التي أطلقها الإمام موسى الصدر الذي أعطى الهوية للناس واليوم الإمام موسى الصدر فكره ومشروعه حاضر بين صفوف المقاومين في لبنان.
تعليقات الزوار