صلاحيات القيادة بين الدستور الإسلامي والأنظمة الغربية

إن نظرية القيادة الدينية وولاية الفقيه هي ثمرة الفكر السياسي للمدرسة الشيعية. لقد طرح الفقهاء والعلماء الشيعة هذه النظرية تقريباً منذ زمن غيبة الإمام المعصوم (عليه السلام)، ولا زالوا يطرحونها حتى الوقت الراهن الذي انتصرت فيه الثورة الإسلامية وتأسست الحكومة الإسلامية، ويتطرقون لها بأشكال مختلفة. لا تنحصر نظرية ولاية الفقيه بمجموعة من علماء الدين، وإنما علماء وفقهاء الشيعة قاطبة يعتقدون أن التصدي للأمور العامة للمسلمين والتصرف في الأمور المتعلقة بالمعصومين في المجالات الاجتماعية والدينية والسياسية لإدارة المسلمين يحتاج إلى إذن الإمام المعصوم(عليه السلام). إن صلاحية إصدار الفتوى واستلام السهمين (الخمس والزكاة) والتصدي للأمور الحسبية(1), وولاية التصرف, وولاية القضاء, لا تتم بدون إذن الإمام المعصوم (عليه السلام) أو النيابة العامة عنه. بناء على هذا تعتبر مسألة الولاية في زمن الغيبة من الأبحاث المهمة والحية في العالم الإسلامي وعلى الأخص الشيعي، وقد تركت أثرها إلى حد ما في الأفكار الحكومية للشيعة. (باب في العمل مع السلطان) في الفقه والذي تربطه علاقة وثيقة بالسياسة يعتبر من الأبحاث المهمة. تم طرح هذا البحث منذ القرن الرابع والخامس الهجري القمري من قبل الشيخ المفيد والسيد المرتضى، وفي القرون اللاحقة تم طرح هذه الرؤية من خلال بعض الأبحاث تحت عنوان ولاية الفقهاء من قبل علماء الدين مثل ابن إدريس الحلي والمحقق الكركي والملا أحمد النراقي والعلامة محمد حسن النجفي(2). وفي المرحلة الراهنة طرح الإمام الخميني ولاية الفقيه بشكل مبرهن في مؤلفاته الفقهية. إن ولاية الفقيه في القرون الماضية وإن انحصرت في الكليات بالجانب النظري والتحقيقي البحت, وفي التفاصيل بأبحاث مثل الولاية في الأمور الحسبية وولاية الإفتاء وغيرها في فقه الشيعة، إلا أنها مع انتصار الثورة الإسلامية وقيام الحكومة الإسلامية في إيران تحققت هذه النظرية بشكل نظرية سياسية تقريباً، وفي الواقع بعد مرور عشرين عاماً على تأسيس الجمهورية الإسلامية أصبحت من الناحية القانونية والسياسية جزءاً أساسياً في البنى القانونية الموجودة في الدستور, كما في المادة الخامسة والمادة السابعة والخمسين والمادة التاسعة بعد المئة والعاشرة بعد المئة والحادية عشر بعد المئة(3). ولكن بما أن حدود صلاحيات القائد في دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في العقدين الماضيين أثارت العديد من الشبهات والأسئلة، كان من الضروري ولو بشكل مختصر أن يتم البحث والتحقيق في هذه المسألة, وأن تبحث جوانبها المختلفة, وأن تقارن ببعض الأنظمة السياسية القائمة على أساس الديمقراطية. نأمل أن يتخذ هذا البحث المجمل باباً للدخول في مثل هكذا مباحث. النظريات المتعلقة بصلاحيات الحكومات والحكام: منذ قديم الزمان كان مفكروا القانون والعلوم السياسية قد طرحوا حدوداً لصلاحيات الحاكم والزعماء السياسيين في إدارة الحكومات. إن البحث حول أنواع الحكومات, والحكومة المطلوبة, وشروط القادة هي من أهم الأبحاث المطروحة بين المفكرين مثل أفلاطون(4) وأرسطو(5) إلى هوبز(6) وهيجل(7). ولكن يمكن إلى حد ما البحث عن صلاحيات الحكومات وحكامها وقادتها, من خلال الاستناد إلى شرعية الحكومات ومنشئها وكيفية ظهور الحكومات والدول. من الجدير في هذا البحث أن يتم التطرق أولاً إلى صلاحيات الحكومات والحكام في الفكر السياسي ومن ثم إلى صلاحيات الحكومات وقادتها في الفكر السياسي الإسلامي. النظريات المتعلقة بصلاحيات الحكومات في الغرب: إن المفكرين الغربيين من خلال تقسيماتهم لمختلف الحكومات الموجودة وتمييزهم بين كل قائد من قادة تلك الحكومات، جعلوا لكل واحد من أنواع الأنظمة السياسية وقادتها صلاحيات معينة. منذ بداية القرن الثامن عشر الميلادي وتزامناً مع ظهور الحركات المنادية بالحرية ضد الملكية وذروتها في الغرب وبالخصوص في دولة إنجلترا وفرنسا, تم طرح مسألة تحديد السلطة الملكية والحكومة السلطوية، وهكذا ظهرت بالإضافة إلى الحكومة الملكية المطلقة, حكومة السلطنة المشروطة والحكومة الليبرالية الشعبية(8). مع ذروة التحولات الاجتماعية السياسية في الغرب تحولت الصلاحيات اللامحدودة للحكومات الملكية المطلقة إلى حكومات سلطانية مشروطة ذات صلاحيات محدودة للملك ضمن إطار البرلمان وسلطة نواب الشعب على المصير السياسي الاجتماعي للدول ذات النظام الملكي. وكذلك تحولت الحكومات الليبرالية الديمقراطية إلى حكومات ديمقراطية ذات صلاحيات قانونية محدودة. في هذا المجال تحولت السلطة المطلقة للحكومات وقادتها إلى سلطة نسبية تتضمن دوام سلطتهم. في هذا الإطار، تدخل أنواع قيـادة الحكومات من قبيل: الحكومة الملكية(9)، الفاشية(10)، الحزبية، الطوطمية(11)، الطبقية(12) والاستبدادية الفردية(13) أو الجماعية(14) تحت إطار الصلاحيات الواسعة والغير محدودة والمطلقة للحكومات وقادتها، وتدخل أنواع قيادة الحكـومات مـن قبيل القيادة الديمقـراطية(15)، الليبـرالية(16), الديمـقـراطية(17)، الشعبية، والقـومية(18), تحت إطـار الصلاحيات المحدودة نسبياً والغير مطلقة للحكومات وقادتها. وفي المقابل ازدادت صلاحيات الشعب والمرؤوسين بمقدار نسبة القيد من صلاحيات الحكومات وقادتها. 1ـ نظرية الشرعية الذاتية للقادة المقتدرين: إن من أشهر النظريات السياسية التي تدافع عن الصلاحيات المطلقة والغير محدودة للقادة السياسيين يمكن الإشارة إلى نظرية الشرعية الذاتية للحكومات. على أساس هذه النظرية تتحول الداروينية الطبيعية(19) إلى داروينية اجتماعية بشكل أكبر ومجال أوسع, ويسري فيها النفوذ البشري في المجال الاجتماعي السياسي. القاعدة النظرية لهذه النظرية تقوم على أساس شرعية الحكومة المتمكنة والمسيطرة. وعلى هذا الأساس يسيطر القادة السياسيون للحكومات على المصير السياسي الاجتماعي للشعب بشكل مطلق, كما أن مصير الطبيعة أيضا يتوافق مع سيطرة المخلوقات الأقوى على المخلوقات الضعيفة. إن شرعية قائد سياسي ما لا تتعلق بشعبيته لدى الجماهير. وكذلك اتصاف وتحلي القادة السياسيين بالفضائل والكمالات الأخلاقية والعلم والحكمة لا يؤثر في شرعية الحكومات. بل الملاك والقاعدة الرئيسية للشرعية هي مدى القدرة والسيطرة والقمع لدى قادة الحكومات. فالقادة الضعفاء لا يصلحون لتوجيه الحكومات وإدارتها. إن سعادة البشر تكمن في إتباع قانون الطبيعة, حيث أثبت قانون الطبيعة هذه القاعدة الواقعية وهي أن المخلوقات الأقوى بالاستفادة من أعضائها الجسدية أبادت المخلوقات الضعيفة بالحرب والسيطرة, وهكذا أصبحت حاكمة عليها. ربما يمكن الإذعان بأن نظرية القادة المقتدرين والقمعيين تشكل المرتكز النظري للفاشية والنازية(20). 2ـ نظرية حكومة الملوك المطلقة: على أساس هذه النظرية يستطيع الملوك بصفتهم حكاماً وقادة سياسيين للحكومات أن يحددوا مصير من هم تحت سلطتهم من الناس بالاستفادة من قدرتهم. مكيافيللي كان يعتقد بأن صلاحيات القادة السياسيين ليست محدودة. والوظيفة المهمة للحكومة المهمة هي المحافظة على كيان نظامها السياسي، وإن حفظ وصيانة الحكومة والسيطرة على كل الأمور يعد من الأولويات(21). وبناء على هذا يستطيع الملك أن يستمر بالحكومة فقط من خلال الدناءة والعنف والإرهاب والرعب. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يجب أن يتبعها حكام العالم وإلا فسرعان ما يصابون بالزوال حسب زعمه(22). السلطة المطلقة في نظرية مكيافيللي هي للملوك, ولهؤلاء صلاحيات مطلقة وغير محدودة. يمكن أن تكون شرعية الحكام والملوك قائمة على أساس القهر والغلبة - كما طرح في النظرية السابقة- ويمكن أن تكون على أساس تفويض الصلاحيات للملوك عن طريق الشعب أو عن طريق مجموعة من الشعب بما فيهم أصحاب النفوذ والنبلاء. يعتقد جان بدن بأن الشعب أو النبلاء يستطيعون إعطاء السلطة الحاكمة والدائمة والمطلقة لشخص الحاكم، وبموجب هذا يسلمونه حقهم روحاً ومالاً وجميع شؤون البلد ويعطونه الصلاحية لأن يقوم بكل ما يريده بشكل كامل ومطلق(23). ويعطى هذا النفوذ من دون أي مسؤولية أو شرط للملك. وعلى هذا الأساس، شرعية الملوك في إدارة حكومتهم والاستفادة من مؤهلاتهم وصلاحياتهم المطلقة والغير محدودة يمكن أن تقوم على أساس ثقة الشعب بهم وعلى أساس شرعيتهم النسبية لدى الطبقات المرفهة والعلماء والأغنياء في المجتمع. على كل حال، بناء على هذه النظرية لا يوجد أي شخص أعلى من الملك الحاكم سوى الله تعالى، ولأن الحكام يأتون طبقاً للمشيئة الإلهية ليحكموا بالنيابة عنه جميع الشعب لذلك يجب علينا أن نقدرهم وأن نذكرهم دائماً باحترام(24). التوصية المذكورة عن جان بدن في تبرير الطاعة المطلقة لأوامر الملك الشرعي يمكنها نوعاً ما أن توضح نظرية الحكومة المطلقة للملوك. 3ـ نظرية السلطة المطلقة للحكومات: جعل بعض المفكرين نظرية الحكومة والإرادة المطلقة للحكومات في إطار نظرية، وعرفها: اجتماعية آحادية الجانب أو الإيقاع. على أساس هذه النظرية، يؤسس الشعب اتفاقهم ورضاهم ما تسمى حكومة, وتتحول الإرادة الفردية على أساس رأى الشعب إلى إرادة جماعية وتسلم نفسها إلى سلطة شخص ما أو عدد من الأشخاص. رغم أن الحكومة المؤسَسَة تستمد شرعيتها من الشعب إلا أن ثباتها واستمرارها يعتمد على إرادة الهيئة الحاكمة أو الحاكم. وحيث أن الشعب يقدم على تأسيس حكومة أو سلطة حاكمة من أجل الحصول على السلام والأمن، ينبغي للحاكم أو الحكام أن يتمتعوا بصلاحيات واسعة وغير محدودة لأجل تحقيق هذه الأهداف. يعتقد توماس هوبز بأن الحاكم يجب أن يحوز سلطة مطلقة من جميع الجهات لكي يستطيع أن يتحقق السلام والأمن في المجتمع(25). يرى فريدريك هيجل أن الدولة هي أجلى صورة للحقيقة, واصطلاحاً الدولة - كالإله الذي يتواجد على الأرض - لها السلطة العليا والقدرة السياسية المطلقة. إن الدولة الشعبية في عقليتها الجوهرية حياة، لذلك هي المطلقة على وجه الأرض(26). يفرق هيجل بين السلطة المطلقة للحكومة الشعبية- التي تستمد شرعيتها عن طريق الرضا واجتماع الإرادات الفردية للأشخاص- وبين الحكومة الاستبدادية والسلطة المطلقة للشخص المستبد. الحكومة المطلقة التي طرحها هيجل ليست حكومة السلطان المستبد برأيه التي تحل فيها إرادة الملك مكان القانون أو تعتبر كالقانون، بل حكومة قانونية ومشروطة يجب أن تُعتبر الهدف المطلوب لدى أفراد مجتمع ما(27). في هذه النظرية أيضاً وتحت عنوان (الاتفاقية الاجتماعية، اتفاقية آحادية الجانب من قبل الشعب لأجل توفير الأمن والعدالة) تكون إرادة وسلطة الدولة وقادتها السياسيين مطلقة وغير قابلة للنقض، لأنه بعد تشكيل الحكومة وانتخاب الحاكم لا تأثير لرأي الشعب ورضاهم على شرعية الحكومة، ويجب على الجميع أن يطيعوا الحكومة بدون أي استفسار. عموماً، مع دراسة الأسس والأصول الحاكمة على النظريات الثلاث المتقدمة، والتدقيق فيها يمكن الاستنتاج أن شخص الحاكم يمكن أن يتمتع بصلاحيات حكومية واسعة. هذه السلطة المطلقة والصلاحيات اللامحدودة يمكن أن تكون تحت إطار الإستبداد - في نظرية الشرعية الذاتية للقادة - أو في نظام السلطنة المقتدرة - أو تحت إطار نظرية الحكومة المطلقة للملوك - أو تحت إطار الاشتراكية القانونية أو الحكومة الشعبية المشروطة. إن مركز الأختلاف بين هذه النظريات الثلاث يكمن في شرعية هذه الحكومات المقتدرة. في الحكومة الاستبدادية تقوم الشرعية على أساس القدرة والسلطة والغلبة الفردية. والحاكم الشرعي هو الحاكم الذي يملك القدرة على قمع المخالفين وتثبيت حكومته الفردية. أما بالنسبة للحكومة الملكية، يمكن أن تفوض الشرعية عن طريق الرضا الجماعي، وفي الحكومة القانونية أو الحكومة الشعبية يفوض ويمنح الشعب على أساس الاتفاقية الاجتماعية سلطة واسعة للحكومة أو للحاكم المنتخب من أجل الوصول إلى أهدافه ـ ولو بشكل انتزاعي ـ. * النظريات المتعلقة بصلاحيات الحكومات من وجهة نظر المفكرين الإسلاميين: رغم أنه بين أكثر علماء أهل السنة تكون صلاحيات القادة الإسلاميين واسعة ومطلقة بعد رسول الإسلام بصفتهم (خلفاء الله)، و(أولي الأمر)، ولكن هذا الإطلاق لا يعني الحرية والتسيب، بل هو مقيد ضمن إطار القوانين الإلهية المنزلة. طرحت هذه الرؤية بين علماء وفقهاء الشيعة بالإستناد إلى الوحي والأدلة النقلية, وبالاعتماد على الاستدلالات العقلية وقاعدة الاجتهاد المحكمة والتفقه في الدين مع الأخذ بعين الاعتبار الشروط والمعايير. 1ـ نظرية الصلاحيات المطلقة للأنبياء والمعصومين (عليهم السلام): بلا شك يعتقد جميع العلماء والمفكرون والفقهاء الإسلاميون شيعة وسنة بأن أنبياء الله كمختارين من قبل الله في الأرض لهم صلاحيات مطلقة وواسعة, وولاية تكوينية وتشريعية منحها الله تعالى لهم. وحيث أن دين الإسلام على رأس أهدافه تأمين السعادة الدنيوية والأخروية لجميع أبناء البشر, فإن لنبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) ولاية وسلطة مطلقة وكاملة على المسلمين في تشكيل الحكومة الإسلامية وقيادتها(28). يعتقد المفكرون والفقهاء الشيعة بعد رسول الإسلام العظيم بأن خلفاءه المعصومين بالنص الخاص هم قادة وأئمة المسلمين ولهم صلاحيات وسلطة وولاية نبي الإسلام نفسها(29). إنّ إطلاق السلطة أو الولاية المطلقة(30) للائمة المعصومين (عليهم السلام) ونوابهم بمنزلة التمتع الكامل بجميع الصلاحيات والسلطة التي كانت للنبي(صلى الله عليه وآله)، وليست بمنزلة السلطة المطلقة الفردية من أجل ممارسة الحكم والتسلط على الناس. وبما أن سلطة الرسول(صلى الله عليه وآله) كانت تمارس ضمن إطار الأحكام الإلهية، فبلا شك يمكن تصور سلطة خلفاء ذلك العظيم ضمن هذا الإطار أيضاً. وعلى هذا الأساس، فإن الولاية المطلقة تعني الولاية التي تتمتع بجميع الحقوق المشروعة في ممارسة الحكومة وتطبيق الأحكام. هذا البحث هو من الأبحاث المهمة في مجال القوانين السياسية. في جميع الأنظمة السياسية والاجتماعية >بما فيها الدينية وغير الدينية< لا شك بأنه عندما تستأنف حكومة ما فإن لحكامها سلطة مطلقة ضمن إطار القواعد والقوانين التي عينت لهم. بمعنى أنه لا يمكن اختيار شخص ما ليحكم نظام معين ومن ثم يتوقع منه أن يغض النظر في ممارسة الحكم عن جميع الصلاحيات والسلطات الضرورية من أجل إعادة حقوق الشعب وتطبيق الأنظمة الاجتماعية. فلا يدوم أي نظام على أساس هكذا عقيدة. إن لكل منتخَب ضمن نطاق الصلاحيات المحددة له, سلطة مطلقة لاستخدامها والاستفادة منها. كما أن لكل رئيس إدارة لما يتم تعيينه كمسؤول لقسم من مؤسسة إدارية سلطة مطلقة يستفيد من خلالها من جميع الصلاحيات المقررة لمنصبه مع رعاية جميع الجوانب، فإن هذا الحق بالنسبة للأنظمة السياسية ورؤسائها حق طبيعي وبديهي وقانوني وشرعي. وعلى هذا الأساس، فإن الاعتقاد بالولاية المطلقة للرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمة(عليهم السلام) وخلفائهم في دائرة النظام السياسي للإسلام ليس سوى المعنى المذكور. إن للأنبياء والأئمة وخلفائهم، ضمن دائرة تلك الصلاحيات التي عينها الشرع لهم لاسترداد حقوق الناس وتثبيت الأنظمة الاجتماعية، سلطة مطلقة من أجل ممارسة تلك الصلاحيات. كما أنه بحسب الدستور جميع العقائد والتوجهات تعتبر أن هكذا حق بديهياً لحكامها. عندما يقبل الناس العيش في ظل عدد من العقائد ويؤسسون مع بعضهم البعض مجتمعاً سياسياً، فبشكل طبيعي وبديهي يعتبرون القواعد المقبولة جارية وسارية وينتظرون أن يقوم النظام السياسي الذي وصل إلى الحكم بحفظ الحقوق والأمن والحرية وأن يمارس سلطة مطلقة ضمن تلك القواعد. وهذا الفهم يختلف بشكل كامل مع مفهوم ممارسة السلطة والحكم بدون قانون وقاعدة في مجال السياسة من وجهة نظر الدستور والنظريات السياسية. في الحقيقة يوجد هنا مفهومان مترادفان, بالرغم من أنهما متشابهان لفظاً إلا أنهما متضادان بشكل كامل من حيث المعنى ومن حيث الثمرة القانونية والسياسية. في بعض الأحيان، عندما يدور الحديث عن الحاكمية المطلقة أو الولاية المطلقة في مجال الحقوق السياسية أو المفهوم الديني, يعني ذلك أن الحكومة أو الحاكمية تتمتع بحكم مطلق أو ولاية مطلقة ضمن إطار الصلاحيات التي عيّنت لها، وهذا المفهوم من الناحية العقلية أو الشرعية أساس الأنظمة الاجتماعية، ولا يستطيع أي منطق أن يخالفه، إلا أولئك الذين يسعون نحو الهرج والمرج, وهؤلاء الذين لا يعكسون في الأنظمة الاجتماعية لمعاناً أساساً. أما في بعض الأحيان يستخرج من مفهوم السلطة أو الحاكمية المطلقة مفهوم الاستبداد أو الدكتاتورية. المستبد أو الديكتاتور هو الشخص الذي لا يحترم أية قاعدة أو قانون أو حقوق, ولا يمارس السلطة ضمن إطار القواعد المعينة مسبقاً، أو يحترم فقط القوانين والقواعد التي يضعها أو يقبلها هو نفسه. إن هذا المفهوم يختلف بشكل عام عن مفهوم الحاكمية المطلقة في الدستور أو الولاية المطلقة في النظريات الفقهية والسياسية للإسلام، ولا بد من الإنتباه لأجل عدم الوقوع في فخ المغالطات اللفظية المشتركة لهذين المفهومين. 2ـ نظرية الصلاحيات المطلقة لقيادة علماء الدين في زمن غيبة الإمام المعصوم (عليه السلام): بالرغم من أن سلطة الأمويين والمروانيين وخصوصاً بني العباس سدت الطريق بعد استشهاد الإمام علي (عليه السلام) أمام قيام حكومة إسلامية عادلة قيادتها بيد الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، ولكن في فقه الشيعة يمكن بعد الغيبة الكبرى للإمام المعصوم(عليه السلام) طرح نظرية ولاية الفقيه المطلقة في تصدي وزعامة المسلمين وقيادة الحكومة الإسلامية بالإستناد إلى الأدلة النقلية التي وصلت عن الأئمة المعصومين(عليهم السلام) وبالاعتماد على الأدلة العقلية المطروحة من قبل مجموعة من فقهاء الشيعة. ومن هذا المنطلق، يستطيع الفقهاء العدول في زمن غيبة الإمام المعصوم أن يحملوا على عاتقهم قيادة المجتمع الإسلامي وولاية أمر عموم المسلمين ويتمتعون بصلاحيات مشابهة لصلاحيات المعصوم(عليه السلام) في إدارة وتسيير أمور الأمة الإسلامية. يعتقد مؤيدوا نظرية (ولاية الفقيه المطلقة) أن ولاية الفقيه لا تعني حكومة الإرادة المحضة للفقيه، بل المقصود هو قيادة المسلمين من قبل الولي الفقيه في جميع الجوانب الدينية والسياسية والاجتماعية وإدارة أمور الأمة الإسلامية ضمن إطار العدل والعدالة. هذه الجوانب حيث أنها مطلقة وغير منحصرة بجانب معين يطلق عليها صلاحيات أو ولاية مطلقة. فـي الـواقـع تمنع العدالة والتقوى والأحكام الإلهية الولي الفقيه من التسلط والاستبداد أو الدكتاتورية. هناك شرائط لولاية الفقيه في إدارة الدولة الإسلامية. إن قيادة الحكومة الإسلامية تتطلب العلم والتخصص في الدين والأحكام الإسلامية, لأنه بدون العلم والمعرفة التامة بالمعايير الإسلامية لا يستطيع القائد أن يطبق الأحكام الإسلامية ويُثَبِّت العدالة الإسلامية, ولهذا أوكلت زعامة المسلمين في نظرية (ولاية الفقيه المطلقة) إلى الشخص العالم بالدين أو الفقيه العادل. وهناك شروط أخرى لولاية الفقيه تضاف إلى جانب شرطي العلم والعدالة من بينها يمكن الإشارة إلى العقل والفطنة وحسن التدبير والشجاعة. طبعاً إن فكرة >القيادة العادلة على المسلمين< منذ زمن بعيد كانت تطرح في الفكر السياسي. على سبيل المثال يمكن الإشارة إلى آراء أبي نصر الفارابي(31) الحكيم والفيلسوف الإسلامي في القرن الرابع الهجري القمري حيث يعتبر أن القيادة والحكومة المثالية أو المدينة الفاضلة متعلقة بالشخص الذي يتمتع بصفات مثل: الحكمة، العلم بالشرائع والسنة والعترة، قدرة الاستنباط، الفراسة وحسن التدبير، البلاغة وقدرة الإرشاد، الشجاعة والسلامة البدنية(32). يعتقد هذا المفكر الإسلامي أن الصلاحيات الواسعة والمطلقة للقائد الإسلامي مرهونة بإحراز الشرائط المذكورة. يرى الفارابي بأن الصلاحيات الواسعة للقائد الحكيم والعاقل ستؤدي بدلاً من الحرص على المصلحة الشخصية والاستبداد إلى الاهتمام بالتعليم والابتعاد عن الدنيا، ومساندة الصادقين، والكرامة والوقار، ومساندة دعاة العدالة، ومكافحة ومواجهة الظالمين والجبارين، والثبات والاستقامة والشجاعة في اتخاذ القرارات الحكومية، وفي هذا المجال تصل أهمية الحكمة لدى الفارابي إلى درجة أنه يعتقد بأن زوال حكومة ما يقترن بموت الإنسان الحكيم. إن الدور الأساسي للعلم والحكمة يتضح عندما يزول يموت القائد الحكيم للحكومة ويزول المجتمع السياسي(33). ابن رشد والشخص الآخر من المفكرين والفلاسفة الإسلاميين في القرن السادس الهجري القمري يعتبر أيضاً أن الصلاحيات المطلقة لقيادة المجتمع الإسلامي تتعلق بالشخص الذي يتحلى بالكمالات النظرية والعملية. يعتقد هذا المفكر بأنه يمكن تقسيم الفضائل والكمالات البشرية إلى أربعة أقسام. الفضائل العلمية والنظرية، الفنون والصناعات، الأخلاقية والعملية، والإرادة. جميع الفضائل المذكورة يجب أن تكون في خدمة الفضائل النظرية أي الفلسفة والحكمة. وحيث إنه لا يمكن أن تجتمع جميع الفضائل في شخص واحد، من الأفضل أن يتخصص كل شخص في إحدى الكمالات المذكورة ويمتلك فضيلة من الكمالات المذكورة, لكي تمنح للمجتمع إدارة يتمتع بها من قبل قادة حكماء عن طريق الشورى وبواسطة حكومة الحكماء والفلاسفة(34). في هذه الصورة سوف يكون مدى الغفلة والإنزلاقات البشرية بين المفكرين الحكماء والقادة الحكماء أقل بكثير من سائر القادة - بما فيهم القادة الجهلة -. على هذا الأساس فإن خطر الوقوع في الحرص على المصالح الشخصية والاستبداد واتباع السليقة الخاصة لدى القادة الحكماء والعلماء سوف يصل إلى الحد الأدنى، ويصبح العلم والحكمة والدعوة إلى العدالة حاجزاً أصلياً أمام المصلحة الشخصية والاستبداد لدى أمثال هؤلاء القادة(35). يمكن دراسة نظرية ولاية الفقيه في الفكر السياسي للشيعة من جانبين، الأول بصفتها نظرية تاريخية في فقه الشيعة, والآخر بصفتها نظرية سياسية في بنية نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية. * منزلة نظرية ولاية الفقيه في فقه الشيعة: طرحت نظرية ولاية الفقيه لأول مرة بشكل جاد في القرن الرابع والخامس الهجري, في الفترة التي انطلق فيها ملوك آل بويه(36) باسم (التشييع لنظام سياسي) وحتى أنهم سيطروا على مركز الحكومة الإسلامية في بغداد. تجدد العلوم والمعارف الإسلامية في هذه الفترة انتقلت إلى الساحة السياسية أيضاً وأصبحت مسألة تكليف الشيعة في قبال السلطان من الأبحاث الجادة في الأبواب الفقهية تحت عنوان >في العمل مع السلطان يطرح مؤيدو ولاية الفقيه في المجال السياسي والشؤون الاجتماعية, الأدلة التالية لشرعية وصحة رؤيتهم: يعتبر الشيخ المفيد في كتابه المقنعة بأن التصدي للحكومة هو ينحصر في الفقهاء أهل الحق، العدول، أصحاب الرأي وأصحاب العقل والفضل. يعتقد هذا الفقيه والعالم الشيعي الشهير أن زعامة الحكومة الإسلامية يجب أن تقع على عاتق العلماء الذين يستوفون شروطاً مثل العدالة والكفاية والعقل وحسن التدبير(37). من خلال التحقيق في النظريات والآراء لهذا الفقيه الإسلامي حول ولاية الفقيه والصلاحيات الحكومية والسياسية والاجتماعية للولي الفقيه, فإن النقاط التالية تستدعي التأمل: 1ـ يجب إدارة الحكومة الإسلامية في زمن غيبة الإمام المعصوم(عليه السلام) من قبل أشخاص عالمين بالأحكام الإسلامية والفقه. 2ـ في إدارة الحكومة الإسلامية لا يكفي العلم بأحكام الإسلام والتفقه في شريعة الإسلام بل بالإضافة إلى ذلك يجب أن يستوفي زعيم وولي الحكومة الإسلامية شروطاً مثل العدالة والكفاية وحسن التدبير والفضل أيضاً. 3- إن ولاية الفقهاء الجامعين للشرائط، مثل ولاية الإمام المعصوم, وهي مطلقة في جميع الأمور السياسية والاجتماعية, وليست على جزءٍ من هذه الأمور(38) >يعني كل ما للإمام المعصوم من ولايات في المجتمع تنتقل إلى الفقيه أيضاً<. ما بعد الشيخ المفيد، طرحت نظرية ولاية الفقيه من قبل محمد بن إدريس الحلي في القرن السادس، حيث طرح آراءه ونظرياته حول ولاية الفقيه في كتاب السرائر(39). هذا الفقيه الشيعي لا يرى عدول المسلمين عن أوامر الولي الفقيه جائزاً. ومن جهة أخرى، يرى بأن هناك شروطاً ضرورية لتصدي أمر الولاية على المسلمين مثل العقل والعلم والاجتهاد وحسن الرأي والتدبير والحزم والصبر والبصيرة والمعرفة فيما يتعلق بمواضيع إصدار الفتاوى المتعددة والعدالة ويرى بأن استيفاء تلك الشرائط واجب من أجل الولاية على المسلمين. من خلال المقارنة بين آراء ابن إدريس الحلي والشيخ المفيد يمكن التمييز بين هذين الاثنين من حيث شرائط الولي الفقيه وكون هذه الشرائط مضاعفة في رؤية ابن إدريس الحلي. وكذلك طرحت نظرية ولاية الفقيه بشكل أكمل من قبل علي بن الحسين الكركي الملقب بالمحقق الكركي (المحقق الثاني) أحد فقهاء العهد الصفوي المشهورين، وهو يدافع عن نظرية ولاية الفقيه بالإستناد إلى الشواهد النقلية مثل أحاديث الأئمة المعصومين(عليهم السلام). باعتقاده ولاية الفقهاء العدول الجامعين للشرائط في زمن غيبة الإمام المعصوم هي بمثابة نيابة الإمام. إن إطاعة المسلمين لولاية الفقهاء هي بمثابة الإطاعة من أحكام وأوامر الإمام المعصوم(عليه السلام)، وتخطيها كالتخطي عن أحكام وأوامر الإمام المعصوم(عليه السلام)(40). وما بعد المحقق الكركي، كان الملا أحمد النراقي أحد علماء القرن الثالث عشر من أول الفقهاء الذين سعوا وبالإستناد إلى أدلة عقلية للدفاع عن نظرية ولاية الفقيه بالإضافة إلى الأدلة النقلية والأحاديث. إنه في كتاب عوائد الأيام(41) يعتمد على هذا الاستدلال العقلي أي أن ضرورة تنظيم أمور المسلمين وإدارة حياة الناس يقتضي إيجاد حكومة إسلامية, وإدارتها من قبل الفقهاء الجامعين للشرائط. باعتقاد هذا العالم الإسلامي أن صلاحيات الولي الفقيه تشابه صلاحيات الإمام المعصوم(عليه السلام). لأنه يؤذن للفقهاء بتنفيذ الأوامر الإلهية وإدارة الحكومة الإسلامية من قبل الإمام المعصوم(عليه السلام). كذلك من الناحية الفقهية يرى هذا الفقيه المشهور بأن الولاية العامة لجميع الفقهاء الجامعين للشرائط وتكون شرعيتهم في إدارة الحكومة الإسلامية عن طريق إذن المعصوم وإجازاته(42). كذلك طرحت نظرية ولاية الفقيه من قبل صاحب الجواهر(43). يعتبر هذا العالم الشيعي المعروف أن ولاية الفقيه مثل ولاية الإمام المعصوم(عليه السلام) على المسلمين, ويستدل بأنه لو لم تكن الولاية العامة للفقيه في زمن غيبة الإمام المعصوم ولم يتول أي شخص إدارة أمور المسلمين، فإن الكثير من أمور الشيعة وأتباع ذلك الإمام سوف تتعطل(44). إنه في الدفاع عن ولاية الفقيه وضرورة قبولها يرى بأن أي شخص لم يقبل ولاية الفقيه فهو في الحقيقة لم يذق طعم الفقه. العجيب أن بعض الناس يشكّون في موضوع ولاية الفقيه، بل الشخص الذي لا يفهم ولاية الفقيه من حديث الإمام المعصوم(عليه السلام) - حديث التوقيع - كالشخص الذي لم يذق طعم الفقه ولو بمقدار ضئيل وصغير جداً ولم يفهم شيئاً من بيان المعصومين وقولهم, ولم يفهم شيئاً من رموزهم(45). الحاصل: من خلال دراسة النظريات الفقهية للعلماء والفقهاء المذكورين يمكن استنتاج ما يلي حول ولاية الفقيه وصلاحيات الولي الفقيه في موضوع زعامة الحكومة والولاية على المسلمين: أولاً: تكون ولاية الفقهاء بإذن المعصوم، وتتم شرعية ولاية الفقيه بإذن المعصوم. ثانياً: إن أحد أهداف ولاية الفقيه هو التصدي لمسألة الولاية على الأمور العامة للمسلمين وتنظيم أمور المسلمين، لكي لا تتعطل أمور الشيعة وأتباع الإمام المعصوم بل تدار وتسيَّر. ثالثاً: إن ولاية الفقيه ومدى أهلية وصلاحيات الولي الفقيه هي مثل ولاية المعصوم على المسلمين، يعني أن لعلماء الدين الذين يستوفون شرائط الولاية في حال تصديهم أمر الولاية صلاحيات حكومية كالمعصوم ويستطيعون أن يصبحوا حكاماً، وقضاة، وحججاً ونواباً للمعصوم على الناس, وهذه الصلاحيات مطلقة بشكل كامل في جميع الأمور. والآن من المناسب أن نواصل هذا البحث بالتطرق أيضاً إلى مكانة ولاية الفقيه في الفكر السياسي للشيعة من وجهة النظر الفقهية لسماحة الإمام. طرح الإمام الخميني نظرية ولاية الفقيه المطلقة بشكل موسع بالإستناد إلى أدلة عقلية وبالاعتماد على أدلة نقلية. لقد تحدث في كتابه الحكومة الإسلامية عن ضرورة إيجاد حكومة إسلامية وإدارتها وقيادتها من قبل الفقيه العادل الجامع للشرائط وصرح وركز على المجال الواسع لصلاحيات الولي الفقيه. كما أن >ضرورة تنفيذ الأحكام الشرعية< يستوجب تشكيل حكومة إسلامية في زمن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) فهي أيضاً حسب الرؤية الفقهية للإمام الخميني دليل على ضرورة إيجاد حكومة إسلامية وتشكيلها في العصر الحاضر(46)، كذلك فإن ضرورة الوحدة الإسلامية وحفظ الوحدة بين المسلمين دليل عقلي آخر على ضرورة إيجاد الحكومة الإسلامية التي طرحت من قبل الإمام الخميني: نحن من أجل توحيد الأمة الإسلامية وتحرير الأراضي الإسلامية وإخراجها من تحت سيطرة المستعمرين والحكومات العميلة لهم لا نملك سبيلاً سوى أن نؤسس حكومة(47). بالإضافة إلى ذلك، فإن إنقاذ المحرومين ومناهضة الظالمين تحدد وتؤكد وظيفة المسلمين والعلماء الإسلاميين في إيجاد الحكومة الإسلامية(48). إن خصوصيات الحكومة الإسلامية في رؤية الإمام الخميني الفقهية هي أن الحاكمية المطلقة لله والمنحصرة به على المسلمين: إن الحاكمية المطلقة لله في الحكومة الإسلامية هي بمثابة السلطان الحقيقي(49). بالإضافة إلى ذلك، القانون الحاكم على الحكومة الإسلامية هو قانون إلهي حصراً: الحاكمية هي لله وحده، والقانون هو أمر الله وحكمه. يسري القانون الإسلامي على جميع الأفراد في الحكومة الإسلامية بشكل عام(50). من أجل تنفيذ القانون والشريعة الإلهية، نصب الله تعالى الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) خليفة له على الأرض وكلفه الولاية على المسلمين وقيادة الحكومة الإسلامية، والرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) أيضاً نصب الأئمة الأطهار المعصومين (عليهم السلام) لقيادة الأمة الإسلامية(51). في زمن غيبة الإمام المعصوم (عليه السلام) يعتبر استمرار الحكومة والولاية الإسلامية أمراً ضرورياً بناء على تمييز العقل وإرشاد النقل(52). من الضروري في زمن غيبة المعصوم وجود ولي أمر أو الحاكم الذي يتولى ويحفظ نظم الإسلام وقانونه(53). * صلاحيات الولي الفقيه على الصعيد الداخلي: بما يتعلق بولاية الفقيه، فقد قسمها عدد من الخبراء والمفكرين إلى داخلية أو >داخل الحدود< وخارجية, أو >خارج الحدود من البديهي أنه في حال قبول الولاية المطلقة للفقيه على جميع أمور المسلمين كلهم بصفته نائباً وخليفة للإمام المعصوم, فبشكل أصولي لا يمكن القول بالاختلاف بين صلاحيات الولي الفقيه على الصعيدين الداخلي والخارجي. ولكن مع قبول هذه الحقيقة وهي أنه في العصر الحاضر قسّم العالم الإسلامي إلى أكثر من ستين دولة مسلمة، وفي كل دولة من هذه الدول يوجد سلطة مستقلة وثابتة نوعاً ما، وأن كل دولة تدار بقوانين معينة وعلى أساس موازين وقوانين دستورية عادية، يجب أولاً قبول التقسيم الجغرافي للدول الإسلامية على أساس الحدود المعينة وثانياً يجب الالتفات إلى القوانين والقرارات الحاكمة في كل دولة من الدول. فعلى هذا، من المناسب في هذا البحث أن نطالع الشق الداخلي لصلاحيات الولي الفقيه في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومن ثم يتم التطرق إلى الصلاحيات في خارج الحدود - أو الخارجية - لولاية الفقيه. المحقق النراقي في كتابه عوائد الأيام يعتقد بأن أبعاد صلاحيات الفقيه تكون بالتصدي لمنصب الإفتاء، وكذلك صلاحيات الفقيه في تصدي أمر القضاء وإقامة الحدود والتعزيرات، والولاية على أموال الأيتام والولاية على أمور الأشخاص الذين ليس لديهم ولي شرعي آخر(54). لا يرى هذا الفقيه اختلافاً بين صلاحيات الولي الفقيه في الصعيدين الداخلي والخارجي. ولكن يمكن فهم هذه الملاحظة وهي أن إدارة أمورٍ مثل التصدي لمنصب القضاء وتنفيذ حدود الولاية على الأموال من قبل الولي الفقيه ممكنة: في حال توفر الظروف والأرضية المناسبة من أجل القيام بذلك. من البديهي إذا لم يكن لدى الولي الفقيه القدرة اللازمة من أجل إقامة الحدود, ولم يكن لديه سلطة تنفيذية فسوف تبقى إقامة الحدود معطلة, وسوف يسقط هذا التكليف أيضاً عن الولي الفقيه الجامع للشرائط. ومن هنا يمكن الاستنتاج, أنه: حينما ما تكون أوامر الولي الفقيه نافذة وممكنة التنفيذ ويتم إتباعها فبشكل عملي سوف يزداد ويتسع نطاق صلاحيات الولي الفقيه في أي وقت ومكان. لقد التفت جميع الفقهاء المؤيدين لولاية الفقيه ابتداء من الشيخ المفيد حتى الإمام الخميني إلى هذه المسألة, ولهذا السبب لم يطرح تمييز الصلاحيات وتقسيم صلاحيات الولي الفقيه على الصعيد الداخلي والخارجي في النظريات الفقهية لأي من هؤلاء العلماء والفقهاء الشيعة. واعتماداً إلى الملاحظة المذكورة أعلاه يبدو أنه يجب تعيين مجال صلاحيات الولي الفقيه استناداً إلى العوامل المتوفرة لدى الولي الفقيه في تطبيق ولايته, فيما يتعلق بقيام الفقيه بتشكيل الحكومة الإسلامية. يعتقد الإمام الخميني بأن وجود وتوفر الإمكانيات, وتنفيذ تكليف الفقيه شرطاً لازماً أيضاً. يذكر الإمام الخميني في كتاب تحرير الوسيلة: يجب كفاية على النواب العامة القيام بالأمور المتقدمة >وهي: الأمور السياسية كإجراء الحدود، والقضائية والمالية كأخذ الخراجات والماليات الشرعية< مع بسط يدهم وعدم الخوف من حكام الجور، وبقدر الميسور مع الامكان(55). بناء على هذا، حتى في تصدي أمر القضاء وسائر التكاليف الأخرى المحسوبة على ولاية الفقيه والشروط الزمانية والمكانية والامكانات المتوفرة والموجودة بمتناول اليد بالنسبة للولي الفقيه يجب أخذها بعين الاعتبار. ولما تأخذ الأمور المتقدمة الذكر بعين الإعتبار، يمكن دراسة صلاحيات ولاية الفقيه في نطاق الحكومة الإسلامية ـ التي تدار في ظل حكم الولي الفقيه - ولهذا سوف نتطرق في البداية إلى الرؤية الفقهية للإمام الخميني حول دائرة صلاحيات الولي الفقيه ثم نتحدث عن ذلك في إطار دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية. فيما يتعلق بدائرة صلاحية الولي الفقيه في إدارة الحكومة الإسلامية صرح الإمام الخميني في كتاب تحرير الوسيلة بأن الولي الفقيه بصفته زعيم الحكومة الإسلامية يتمتع بكل ما يدخل تحت دائرة صلاحيات المعصوم(عليه السلام) - ما عدا إصدار الأمر بالجهاد الابتدائي -: المسألة2: في زمن غيبة ولي الأمر وسلطان العصر(عليه السلام)، يقوم نوابه العامة - وهم الفقهاء الجامعون لشرائط الفتوى والقضاء - مقامه في إجراء السياسات وسائر ما للإمام (عليه السلام) إلا البدأه بالجهاد(56). يطرح الإمام الخميني ما يلي توضيحاً للصلاحيات الواسعة للولي الفقيه: تنفيذ جميع القوانين المتعلقة بالحكومة يقع على عاتق الفقهاء: إن إجراء القوانين ذات العلاقة بالحكومات هو في عهدة الفقهاء بدءاً من استلام الأخماس والزكوات والصدقات والجزية والخراج وصرفها في مصالح المسلمين، إلى إجراء الحدود والقصاص - الذي يجب أن يكون تحت الإشراف المباشر للحاكم، ولا يستطيع ولي المتقول أن يقوم بذلك دون إشرافه - إضافة إلى حفظ الحدود وتنظيم المدن وسائر ما هنالك من أمور. فكما كان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) مسؤولاً عن تطبيق الأحكام، وإقامة أنظمة الإسلام، وقد جعله الله تعالى رئيساً وحاكماً للمسلمين، وأوجب عليهم طاعته، فالفقهاء العدول أيضاً يجب أن يكونوا رؤساء وحكاماً، ومسؤولين عن تنفيذ الأحكام وإقرار النظام الإجتماعي للإسلام(57). نظراً إلى رؤية الإمام الخميني الفقهية يمكن اعتبار كون ولاية الفقيه على الحكومة الإسلامية بصورة مطلقة كما هو الحال مع الإمام المعصوم، ويمكن تصنيفها وتقديمها كما يلي: ألف) صلاحية الولي الفقيه في القضاء: إستناداً إلى الأدلة النقلية التي من ضمنها الحديث المروي عن الإمام الصادق(58) بواسطة إسحاق بن عمار يؤكد الإمام الخميني (قدس سره) على صلاحية الفقهاء العادلين في تصدي أمر القضاء ويعتبرها من جملة الآراء الفقهية المشتركة بين جميع الفقهاء: يظهر من الروايات أن تصدي منصب القضاء هو للنبي أو وصيه. ولا يوجد اختلاف في أن منصب القضاء يكون للفقهاء العدول حسب تعيين الأئمة، وفي أن منصب القضاء هو من مناصب الفقهاء العدول(59). ب) صلاحية الولي الفقيه في التصرف في الخمس والأموال والضرائب: طرح الإمام الخميني في كتاب كشف الأسرار باباً بعنوان >ميزانية الحكومة والدولة الإسلامية< واعتبر فيه أن المتصدي لإدارة تلك الأموال هي الحكومة الإسلامية وعلى رأسها الولي الفقيه. فعلى هذا المنوال، إن الولي الفقيه مكلف بأن يستلم خمسة أنواع من الضرائب الإسلامية تشمل: الخمس، الزكاة، الضرائب المتعلقة بأراضي الخراج والجزية, الضرائب المترتبة على إرث الشخص الذي لا وارث له، وعليه أن يصرفها في إدارة أمور المسلمين(60). إن التصرف بمطلق الخمس بما فيه سهم الإمام وسهم, إن مبنى الرأي الفقهي للإمام الخميني السادة على هذا الأساس الذي يمكن من خلاله طرح هذه النظرية الفقهية استناداً إلى حديث الإمام علي(عليه السلام)(61) والحديث المرسل لحماد بن عيسى عن الإمام موسى الكاظم(عليه السلام)(62): إن فَرض الخمس على جميع الغنائم الحربية وعلى فوائد التكسب نفسه دليل على أن للإسلام دولة وحكومة، ومن هذا المنطلق، فرض دفع الخمس لرفع أزمات ومشاكل الحكومة(63). كذلك في تعلق الخمس بالحكومة الإسلامية يصرح الإمام الخميني: سهم الخمس كله يتعلق ببيت المال وللحاكم حـق التصرف به، ورأي الحاكم الذي يقتضي المصلحة لجميع المسلمين يلزم التنفيذ(64). وفيما يتعلق بتصرف الولي الفقيه بالأنفال, أيضاً يؤكد الإمام الخميني على هذه النظرية الفقهية: ظاهر الآيات والروايات يشير إلى أن الأنفال ليست ملكاً خاصاً بالرسول والأئمة العظام، بل إنهم يملكون هذه الأموال العامة على نحو التصرف(65). بناء على هذا، فإن في زمن الغيبة، للفقيه الولاية في جميع الأمور التي للإمام المعصوم حق الولاية فيها. من قبيل: الخمس >بما فيه سهم الإمام وسهم السادة<، الأنفال وكل ما يصل إلى أيدي المسلمين بدون حرب ويعرف بالفيء(66). ج) صلاحية الولي الفقيه في الأمور الحسبية وتصدي أمر الحكومة: في المفهوم الفقهي للأمور الحسبية يمكن القول بأن أمور الحسبة هي أعمال صالحة يريد الشرع أن تتحقق في المجتمع ولما يقوم بها شخص أو عدة أشخاص تسقط عن الآخرين. ومن مصاديق أمور الحسبة يمكن الإشارة إلى: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدفاع والقضاء. باعتقاد الإمام الخميني؛ التصدي لهذه الأمور في زمن الغيبة يقع على عاتق الفقيه العادل وهو بدوره يستطيع أن يجيز تصديها للشخص المناسب. حسب الرؤية الفقهية للإمام الخميني هناك أمور من قبيل: حفظ النظام الإسلامي، حراسة حدود الوطن الإسلامي، حفظ الشباب المسلمين من الضلال والانحراف والتصدي للإعلام المعادي للإسلام, في زمن غيبة الإمام(عليه السلام) هي من جملة صلاحيات الفقيه(67). وكذلك يرى الإمام الخميني في كتاب البيع أن مسألة تعلق القيام بالجهاد الابتدائي بالإمام المعصوم فقط، مدعاة للتأمل, ويطرح ما يلي: >النتيجة التي تستخلص من جميع ما ذكرناه هي أن جميع الصلاحيات التي يمتلكها الإمام، يمتلكها الفقيه أيضاً، إلاّ إذا أقيمت حجة شرعية تبين أن صلاحية معينة وأن حق ولاية الإمام ليس بسبب حكومته الظاهرية بل يتعلق بشخص الإمام حيث اختص به لمنزلته المعنوية، أو أن تقام الحجة على أنه بالرغم من ارتباط موضوع ما بالقضايا الحكومية والولاية الظاهرية, على المجتمع الإسلامي, إلا أنه يخص شخص الإمام المعصوم ولا يشمل الآخرين, كالأمر بالجهاد غير الدفاعي المعروف بين الفقهاء، مع أن هذا الأمر في حد ذاته خاضع للدراسة والتأمل الكثيرين<(68). هذا وفي أن صلاحيات الولي الفقيه تدخل تحت إطار الأحكام الإلهية الفرعية أم أن حكمه مقدم على جميع الأحكام، يؤكد الإمام الخميني على هذه النظرية الفقهية بأنه إذا اقتضت مصلحة الأمة الإسلامية, يستطيع الولي الفقيه أن يتصرف في الأحكام الفرعية, وصلاحيات الولي الفقيه ونطاق صلاحيته تصل إلى درجة أن أوامره مقدمة عليها. الحكومة من وجهة نظر الإمام الخميني هي فرع للولاية المطلقة لرسول الله(صلى الله عليه وآله)، ولو كانت الحكومة تحت إطار الأحكام الإلهية الفرعية فإن الولاية المطلقة المفوضة لنبي الإسلام ستصبح ظاهرة لا معنى لها ولا مضمون(69). * صلاحيات ولاية الفقيه على الصعيد الخارجي: لو أمعنا النظر إلى نظرية ولاية الفقيه وتطبيق ولاية الفقيه، فمن الطبيعي أن العوامل المحيطية والموانع الجغرافية وانقسام العالم الإسلامي إلى بلاد مستقلة ودول تخضع لسلطات مختلفة، كل هذه الموارد لا تستطيع أن تضيق دائرة ولاية الفقيه الواسعة, أو أن تخلق موانع حقيقية أمام تطبيق الولاية. على أساس هذه الرؤية، ولاية الفقيه حاكمة على جميع أمور مسلمي العالم وشؤونهم في كل الدول الموجودة في العالم. بناء على هذا، يجب على جميع المسلمين مع علمهم بوجود الولي الفقيه وإطلاعهم على أوامره وأحكامه أن ينفذوا ويتبعوا هذه الأوامر. لذا لا تستطيع الحدود المحيطة والجغرافية بصفتها موانع صورية وظاهرية أن تحدد ولاية الفقيه المطلقة وأن تحصر صلاحيات الولي الفقيه في إطار نفوذ الحكومة الإسلامية. لم يذكر شيء، في النظريات الفقهية أو من قبل علماء الشيعة من أنصار ولاية الفقيه المطلقة، حول تباين وتقسيم صلاحيات الولي الفقيه إلى شقين، صلاحيات الولي الفقيه على الصعيد الداخلي أو ما يسمى بالحدود الداخلية؛ وصلاحيات الولي الفقيه على الصعيد الخارجي أو ما يسمى بالحدود الخارجية. يبدو بأن نفوذ صلاحيات الولي الفقيه يرتبط بتهيأ الشرائط من أجل تطبيق الأحكام الإسلامية. إن أحد العوامل الأصلية في تطبيق ولاية الفقيه المطلقة هو الإتباع, ولزوم إطاعة المسلمين الموجودين خارج نفوذ للنظام الولائي للحكومة الإسلامية. بعبارة أخرى، الأنظمة السياسية الظالمة التي تحكم الدول الإسلامية والأنظمة القانونية التنفيذية في كل الحكومات الموجودة في تلك الدول يمكن أن تشكل عامل ردع قوي أمام تطبيق ولاية الفقيه المطلقة خارج نفوذ الحكومة الإسلامية. من البديهي أنه في بعض الحالات لا يستطيع حكام ورؤساء الدول الإسلامية أن يحولوا دون وصول أوامر الولي الفقيه إلى مسلمي العالم. في ظل هكذا ظروف، يمكن رؤية الصلاحيات الخارجية للولي الفقيه ومدى تأثيرها بين المسلمين وفي العالم الإسلامي. على سبيل المثال، صدور فتوى سماحة الإمام في قضية سلمان رشدي وصداها بين مسلمي العالم يكشف عن صلاحيات الولي الفقيه خارج الحدود الجغرافية. بناء على هذا، فإن صلاحيات الولي الفقيه ليست منحصرة في الصلاحيات الداخلية وفي الحدود الجغرافية، وفي الواقع إن قيادة المسلمين هي وظيفة الفقيه العادل المدير والمدبر (الولي الفقيه). لهذا السبب، يمكن أن تكون، ضرورة مساندة المحرومين والمستضعفين, وتهيئة الشرائط المناسبة من أجل تطبيق الأحكام الإسلامية وعدم تعطيل أمور المسلمين وتحقيق الحكومة الإسلامية خارج حدود الجمهورية الإسلامية الإيرانية، من جملة صلاحيات الولي الفقيه ومنصب ولاية الأمر. إن الصلاحيات الخارجية المذكورة، أخذت بعين الإعتبار في السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية وفي الدستور أيضاً. وفي هذا المجال، تم التصريح في المادة الثانية من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية ما يلي: >الجمهورية الإسلامية نظام يقوم على أساس الإيمان بكرامة الإنسان وقيمته الرفيعة والحرية المقرونة بمسؤوليته أمام الله، ويوفر القسط والعدل والاستقلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتضامن الوطني من خلال القضاء على أي شكل من أشكال الظلم والتسلط والخضوع. بالإضافة إلى هذا، تم التأكيد بشكل واضح في المادة الثالثة من الدستور على دعم مسلمي العالم ومستضعفيه: يجب على حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية من أجل الوصول إلى الأهداف المذكورة في المادة الثانية أن تستخدم جميع إمكانياتها من أجل ما يلي: تنظيم السياسة الخارجية للبلد على أساس معايير الإسلام، والتعهد الأخوي بالنسبة لجميع المسلمين ودعم مستضعفي العالم بكل رغبة. في هذا الإطار، أتت صلاحيات الحكومة الإسلامية المتعلقة بالسياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية في الدفاع عن حقوق جميع المسلمين ودعم كفاح المستضعفين المنادي بالحق مقابل المستكبرين في كل نقطة من العالم، في المادة (152)(70) و(154)(71) من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية. فعلى هذا، يمكن الإذعان بصلاحيات الولي الفقيه الخارجية وكونها لا تقتصر على قيادة وإرشاد ودعم مسلمي العالم فقط بل تشمل إرشاد جميع البشر بغض النظر عن قوميتهم وجنسيتهم واعتقادهم المذهبية, الدينية. صلاحيات رؤساء الحكومات في الدستور، تحقيق ومقارنة, مع دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية: من الجدير في هذا البحث أن تناقش صلاحيات قادة الحكومات في دساتير الدول المتطورة. يمكن لهذا البحث أن يساعدنا في دراسة مقارنة لصلاحيات القادة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع صلاحيات رؤساء سائر الحكومات. ولهذا سوف تدرس وتناقش القوانين الأساسية لدول مثل ألمانيا وفرنسا وإنجلترا وأمريكا. 1ـ صلاحيات القائد في جمهورية ألمانيا: في دستور عام (1949م) لجمهورية ألمانيا الفيدرالية فإن المنصب التنفيذي الأعلى الذي يستلم قيادة الدولة هو عبارة عن رئاسة الجمهورية. ذكرت صلاحيات ووظائف رئيس جمهورية ألمانيا في الفصل الخامس من الدستور وذاك في المواد (54 إلى 61). ينتخب رئيس جمهورية ألمانيا الفدرالية من قبل أعضاء (اللجنة الفدرالية) لمدة خمس سنوات. تتكون اللجنة الفدرالية من أعضاء المجلس الفدرالي ومن أعضاء مجالس التشريع المنتخبين في كل ولاية من ولايات هذه الدولة. يضع الدستور الألماني شرطين من أجل الترشيح لرئاسة الجمهورية. يعتبر البند الأول من المادة (54) في الدستور الألماني بأن كل ألماني إذا كان يحق له التصويت لمرشحي المجلس الفدرالي ووصل إلى سن الأربعين فهو يحرز شرط الترشيح لرئاسة الجمهورية. وعلى أساس المادة (60) من دستور الألماني فإن: 1- تعيين وإقالة القضاة الفدراليين 2- الموظفين والمسؤولين وأصحاب الرتب من العسكريين 3- العفو عن المجرمين هي من مهام رئيس جمهورية ألمانيا الفدرالية. السياسة الخارجية وتمثيل الإتحاد الألماني في العلاقات الدولية وتوقيع الاتفاقيات والمعاهدات مع الدول الأجنبية تقع على عاتق رئيس جمهورية البلد وذلك بموجب المادة (59) من الدستور الألماني. يعتقد (يان دار بيشر) بأن سلطة رئيس الجمهورية في جمهورية ألمانيا الفدرالية تقلصت كثيراً بعد عام (1949م). الآن، بدل أن ينتخب رئيس الجمهورية مباشرة من قبل الشعب, إنه ينتخب، لدورتين, على كل دورة أقصى مدتها خمس سنوات، من قبل المجلس الفدرالي الذي يتكون أعضاؤه من نواب (البوندستاج) وما يساويهم عدداً من نواب الولايات(72). بعبارة أخرى، رئيس الجمهورية الذي يشغل أعلى منصب ويتمتع بأهم الصلاحيات، ينتخب لهذا المنصب من قبل الحزب والبرلمان فقط ويعتبر شخصية صورية حيث أصبحت سلطته في التدخل في أمور البلد محدودة جداً. وفي المقابل فإن السلطة الواقعية انتقلت في دولة جمهورية إلى مجلس(البوندستاج) بقيادة المستشار الذي يعطي الأوامر لأكثرية نواب المجلس عن طريق حزبه السياسي. قبل تفكك الاتحاد السوفيتي وتخريب جدران ألمانيا الشرقية واتحاد الألمانيتين كان المجلس الألماني يتشكل من (497) نائباً على أساس نظام انتخابي ثنائي أي: ينتخب من خلاله الأشخاص والأحزاب للنيابة, على أساس الأكثرية النسبية لدورة مدتها أربع سنوات. على أساس هذا النظام للإنتخابات يعطى لكل شخص بالغ حق الإدلاء بصوتين. الصوت الأول الذي يكتب في جانب الأيسر من ورقة التصويت هو من أجل انتخاب نائب منطقة انتخابية معينة، والآخر هو الصوت الذي يكتب في الجانب الأيمن من الورقة وهو من أجل انتخاب نواب الأحزاب التي تنشط في الولاية. وعلى هذا المنوال، تستطيع الأحزاب السياسية أن تحصل على مقاعد المناطق الانتخابية وتستحوذ على المقاعد المختصة بالولايات. بعبارة أخرى، يشكل الأشخاص الذين حصلوا على الأكثرية النسبية (النصف زائد واحد) في الانتخابات المباشرة للمناطق الانتخابية نصف نواب برلمان ألمانيا تقريباً، وينتخب النصف الآخر على أساس الحصة التي تحصل عليها الأحزاب من أصوات الولايات. على هذا الأساس، فإن للأحزاب سلطة على البرلمان من طريقين، من طريق الحصول على الأصوات الشخصية ومن طريق الحصول على الأصوات الحزبية. البرلمان في ألمانيا ليس فقط المؤسسة الأصلية للتشريع بل ينتخب الحكومة الفدرالية المتكونة من المستشار ولجنته الوزارية أيضاً، ويراقب أعمالهم. حتى أن البرلمان ينتخب نصف أعضاء المجلس الفدرالي الأعلى للدستور ويراقب عمل الإدارات والقوات المسلحة أيضاً. بهذه التفاصيل، يقع مصير ألمانيا بشكل كامل تحت تأثير إرادات الحزب الذي يكَوِّن داخل البرلمان مجموعات رسمية أو لجان تنظيمية يطلق عليها كتل برلمانية. يرتبط عدد المقاعد أو الأفراد التي تستطيع الأحزاب الحصول عليها في اللجان التسعة عشر بحجم كتلها. شخصية المستشار وسلطته الواقعية في ألمانيا متعلقة بنسبة الأكثرية الحزبية في البرلمان، والسلطة بشكل عام هي بيد الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الإشتراكي المسيحي والحزب الديمقراطي الحر(73). تنص المادة (68) من الدستور على حل البرلمان في ألمانيا الفدرالية أيضاً, وينحل البرلمان الفدرالي لهذا البلد باقتراح من المستشار وموافقة رئيس جمهورية ألمانيا. 2ـ صلاحيات أعلى منصب في جمهورية فرنسا: جعلت جمهورية فرنسا، في الدستور الصادر عام (1958م), والمعروف بدستور جمهورية فرنسا الخامسة، نظام نصف الرئاسي حاكماً. تعتبر المادة الخامسة من الدستور الفرنسي أن رئيس الجمهورية هو الذي يضمن الاستقلال الوطني والمحافظة على حدود البلد واحترام المعاهدات الجماعية والمواثيق الدولية. حددت المادة السادسة من الدستور الفرنسي مدة رئاسة الجمهورية بسبع سنوات وأن انتخاب رئيس الجمهورية يتم بتصويت عام وبشكل مباشر. إن تعيين رئيس الوزراء في فرنسا وقبول استقالته من صلاحيات رئيس جمهورية هذا البلد (المادة الثامنة) وكذلك فإن عزل الوزراء وتعيينهم يتم أيضاً بطلب من رئيس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية. توقيع قرارات البرلمان الفرنسي من صلاحيات رئيس الجمهورية أيضاً (المادة التاسعة). المادة الثانية عشر من الدستور الفرنسي تعطي الصلاحية لرئيس الجمهورية بأن يعلن حل المجلس الوطني لهذا البلد بعد استشارة رئيس الوزراء ورؤساء المجلسين. بناء على هذا، فإن حل المجلس التشريعي لهذه الجمهورية هو من صلاحيات رئيس الجمهورية. بموجب المادة الثالثة عشر من الدستور الفرنسي فإن تعيين وإقالة وتنصيب الأشخاص في المقاعد الحكومية والجيش يقع على عاتق رئيس الجمهورية. على أساس المادة الرابعة عشر من الدستور لهذا البلد فإن السياسة الخارجية وإقالة وتعيين السفراء والممثلين السياسيين من مهام رئيس الجمهورية. وكذلك بمقتضى المادة الرابعة عشر من الدستور فإن قيادة القوات المسلحة ورئاسة المجالس العليا ولجان الدفاع الوطني تقع على عاتق رئيس الجمهورية. إعلان الحرب والسلم والقيام بأي مبادرة في ظل الظروف الملحة والمتأزمة بموجب المادة السادسة عشر من الدستور الفرنسي هو من مهام رئيس الجمهورية. حق العفو الخاص عن المجرمين هو أيضاً من الصلاحيات الأخرى لرئيس الجمهورية (المادة السابعة عشر). الأهم من كل شيء هو حصانة رئيس جمهورية فرنسا في القيام بمهامه وعدم تحمله المسؤولية أمام السلطة القضائية والسلطة التشريعية إلا في حيال قيامه بخيانة للبلد حسب ما قرر في المادة الثامنة عشر من الدستور لهذا البلد. وبناء على هذا، فإن رئيس جمهورية فرنسا لا يتحمل المسؤولية أمام السلطة التشريعية والسلطة القضائية في هذا البلد. سوى القيام بخيانة البلد يحمل رئيس الجمهورية المسؤولية أمام محكمة العدل الفرنسية العليا والتي تتألف من نواب مجلس الشعب ومجلس الشيوخ. لقد تم تضعيف سلطة وصلاحيات أعضاء مجلس الشعب في الدستور للجمهورية الخامسة على الصعيد الفردي أو على صعيد الأقلية النيابية في خطوة لإيجاد جهاز تنفيذي ما وبالأخص تضاءلت سلطة البرلمان من حيث التشريع بشكل كبير. بموجب المادة (34) من الدستور يتمتع برلمان الجمهورية الخامسة بسلطة محدودة تشمل مثلاً الضرائب والقانون المدني والقوانين المتعلقة بالانتخابات والقضايا الجزائية وقوانين العمل والإرشادات العامة في مجال التعليم والتربية والحكومات المحلية والتأمين الاجتماعي. يحق للحكومة أن تشرع القوانين من خلال التصويت على القرارات (74). 3ـ صلاحيات أعلى منصب حكومي في إنجلترا: النظام الحاكم في إنجلترا هو نظام ملكي، وتم تدوين وإصدار الدستور الغير مدون في هذه الدولة الملكية على أساس البرلمانية. وعلى هذا الأساس، يحكم إنجلترا ويديرها البرلمان الذي يتألف من مجلس اللوردات(75) والمجلس العمومي(76) بالإضافة إلى ملك أو ملكة إنجلترا. المنصب الحكومي الأعلى في انجلترا هو ملك أو ملكة هذا البلد. يتم عقد المعاهدات أو فسخ الاتفاقيات الدولية وإدارة الأمور الخارجية وتطبيق القوانين باسمه (باسم الملك). عزل الوزراء وتعيينهم، وافتتاح البرلمان اختتامه وانحلاله هي من صلاحيات الملك. تعيين أعضاء مجلس اللوردات الذي يتألف تقريباً من (926) لورد من الأمراء والنبلاء والشخصيات الثقافية, العلمية والشخصيات المذهبية، هو أيضاً من صلاحيات الملك الأخرى. عزل وتنصيب رئيس الوزراء هو أيضاً من صلاحيات الملك أو الملكة وعادة يقوم الملك أو الملكة بتعيين شخص من الحزب الفائز في انتخابات المجلس رئيساً للوزراء, كما يستطيع أن يقوم بإقالة رئيس الوزراء في الحالات المتأزمة. توقيع القوائم الحكومية والمشاريع الصادرة من قبل برلمان إنجلترا هو من صلاحيات ملك هذه الدولة, ويستطيع الملك أن يمتنع عن توقيع قرارات المجلس لهذا البلد. قيادة القوات المسلحة من مهام الملك أو الملكة حيث يتم تطبيق هذه الصلاحيات الحكومية بالاستشارة مع الوزراء (خصوصاً وزير الدفاع). كذلك فإن السياسة الخارجية لإنجلترا هي من صلاحيات الملك أو الملكة وهي أيضاً كقيادة القوات المسلحة تتم بالاستشارة مع الوزراء، وتطبيق السياسة الخارجية من مهام اللجنة والهيأة الوزارية في إنجلترا. حينما لم يحصل أي حزب على أكثرية الأصوات في انتخابات مجلس العموم ولم تصبح أكثرية مقاعد هذا المجلس لحزب معين، فإن انتخاب رئيس الوزراء يكون من مهام الملك وحده بلا شرط أو قيد وهو من صلاحياته الحصرية. لا يتحمل ملك إنجلترا المسؤولية إمام أية سلطة من السلطات الثلاث الحاكمة في إنجلترا. إن تعيين الملك وراثي، ولم يأت شيء في الدستور الإنجليزي حول عزله أو إقالته، ولا توجد أية جهة في هذا البلد لكي تراقب وتشخص عجز الملك وتعزله عن منصب السلطة. كذلك فإن تعيين المنصب القضائي الأعلى في إنجلترا وإصدار العفو وتخفيف الحكم عن المحكومين هو من صلاحيات ملك (أو ملكة) إنجلترا. 4ـ صلاحيات أعلى منصب في الولايات المتحدة الأمريكية: يعتبر الدستور الأمريكي الصادر عام (1788م) رئيس الجمهورية أعلى منصب في الدولة. على أساس البند الأول من المادة الثانية في الدستور الأمريكي، ينتخب رئيس الجمهورية في هذا البلد لمدة أربع سنوات بأكثرية أصوات نواب الولايات المتحدة. لا يتم انتخاب رئيس جمهورية هذا البلد من خلال انتخابات مباشرة. شروط الترشح لرئاسة الجمهورية هي: الجنسية الأمريكية، وأن لا يقل العمر عن (35) سنة، وأن يكون مقيماً لمدة (14) سنة في الولايات المتحدة. حسب البند الثاني من المادة الثانية، فإن رئيس جمهورية هذا البلد هو قائد جميع القوات البرية والجوية والبحرية في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن صلاحياته أيضاً العفو عن المجرمين وتخفيف عقوبات المجرمين والجناة. عقد الإتفاقيات مع الدول الأجنبية من صلاحيات رئيس جمهورية أمريكا باستشارة وموافقة مجلس الشيوخ. على أساس البند السابع من المادة الأولى، يتمتع رئيس الجمهورية بصلاحية مخالفة قرارات المجلس التشريعي الأمريكي. أي أنه إذا قدمت قائمة قرارات مجلس النواب ومجلس الشيوخ الأمريكي لرئيس جمهورية أمريكا لكي يوقعها فلم يوقعها ولم يصدق عليها، يجب على المجلس أن يعيد النظر بقراراته وأن يرفع نقائصها وإشكالاتها, ومن ثم يحيلها لرئيس الجمهورية لكي يوقعها. يتمتع رئيس جمهورية أمريكا (بحق النقض) لقرارات المجالس التشريعية، ولكن حق النقض هذا ليس بمثابة الرفض القطعي لقرارات الكونغرس الأمريكي، بل يحمل صفة مؤقتة وغير قطعية، يستطيع الكونغرس الأمريكي أن يصدق القرارات المنقوضة من قبل رئيس جمهورية البلد بشكل قطعي وذلك بالحصول على أكثرية ثلثي الأصوات. على أساس البند الثالث من المادة الثانية يستطيع رئيس جمهورية أمريكا أن يطالب بانعقاد جلسة طارئة للكونغرس, وفي حال ظهور اختلاف في الرؤى بين المجلسين التشريعيين في هذا البلد حول تاريخ تعطيل الكونغرس يستطيع أن يعطله للمدة التي يراها مناسبة. كذلك يستطيع الكونغرس أن يلاحق رئيس الجمهورية بتهمة الخيانة والرشوة على أساس البند الثالث من المادة الأولى من الدستور الأمريكي. متى ما اتهم رئيس الجمهورية، يتولى رئيس مجلس المحكمة للبلد رئاسة اجتماعات مجلس الشيوخ, ويحاكم رئيس الجمهورية في مجلس الشيوخ، وفي حال تصويت ثلثي النواب تأييداً لاتهام رئيس الجمهورية يعزل ويقال من منصبه. فعلى هذا الأساس، إن رئيس جمهورية أمريكا يلاحق من قبل الكونغرس في هذا البلد في حالات الخيانة والرشوة. النتيجة: من خلال التلخيص والتحقيق المقارن لصلاحيات قادة الحكومات ومقارنة دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع دساتير كلٍ من فرنسا وألمانيا وإنجلترا وأمريكا يمكن الحصول على النتائج التالية: 1- شروط القيادة في دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية أدق بكثير وأكثر تناسباً مع مسؤولية القيادة الكبيرة وإدارة نظام سياسي ما إذا ما قورنت مع شروط قادة الدول في ألمانيا وفرنسا وانجلترا وأمريكا. الاعتماد والتصريح بالعدالة والعلم بالإضافة إلى شروط أخرى مثل الرؤية السياسية, الاجتماعية الصحيحة وحسن التدبير والشجاعة والإدارة والقدرة الكافية للقائد والتي نص عليها في المادة (109)(77) من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولم تؤخذ بعين الاعتبار في أي من القوانين الأساسية للدول الغربية. وهكذا، يستطيع أي شخص عادي في الأنظمة السياسية الحاكمة على دول كألمانيا وفرنسا وأمريكا أن يصل إلى الرئاسة بشكل مباشر أو غير مباشر بغض النظر عن الأهلية العلمية والنظرة السياسية والقدرة الكافية للإدارة. يظهر بان الشروط الأدق والأكثر تناسباً لمسؤولية قيادة نظام سياسي ما في دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية سوف تسد الطريق أمام وصول أشخاص غير مؤهلين للقيادة ولا يتمتعون بمؤهلات علمية ونظرة سياسية اجتماعية ويفتقدون شروط حسن التدبير والفطنة فيما يتعلق بالحكم، وسوف تصون - هذه الشروط - القائد من الأخطاء الإنسانية التي تصدر من الأشخاص الذين ليس لديهم العلم بالأحكام الإسلامية والفهم الاجتماعي, السياسي الصحيح. 2- على عكس النظام السياسي الحاكم على إنجلترا حيث يكون المُلك بشكل وراثي ومدى الحياة، ففي دستور الجمهورية الإسلامية وبموجب المادة (111)(78) منه: متى ما عجز القائد عن إدارة البلد ولم توفر فيه الشروط المصرح بها في المادة (109) من الدستور يتم عزله وإقالته. كما أنه في إنجلترا لا توجد أية جهة مراقبة لتطبيق صلاحيات الملكة الحكومية. بعبارة أخرى، لم ينص الدستور الإنجليزي على جهة ما من أجل عزل وملاحقة مخالفات الملك في هذه الدولة. في حين أن دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية يعتبر مجلس الخبراء الجهة التي من شأنها تشخيص مخالفات القائد وعزل القائد وولي الأمر. 3- تم النص على حل المجلس التشريعي في الدستور لكل من فرنسا وإنجلترا وألمانيا. في جمهورية فرنسا، يستطيع رئيس الجمهورية باستشارة رؤساء مجلس الشعب ومجلس الشيوخ في هذا البلد أن يقوم بحل مجلس الشعب متى ما يرى ذلك ضرورياً. كما يستطيع ملك إنجلترا بطلب من رئيس الوزراء أن يصدر أمراً بحل مجلس العموم ومجلس اللوردات، ويمكن أن تستخدم هذه الصلاحية بدون طلب رئيس الوزراء أيضاً. وفي الجمهورية الفدرالية الألمانية أيضاً يستطيع رئيس جمهورية هذه الدولة أن يحل المجلس الفدرالي للدولة بطلب من المستشار. في حين أنه لم ينص دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية على حل المجلس من قبل القائد. وبناء على هذا يرى التباين في مجال صلاحيات القائد لحل المجلس والسلطة التشريعية. 4- مع دراسة الشروط اللازمة من أجل عزل القائد في القوانين الأساسية لدول مثل أمريكا وفرنسا يلاحظ بأنه في أمريكا يستطيع مجلس الشيوخ في هذه الدولة برئاسة رئيس المحكمة العليا للبلد أن يحاكم رئيس جمهورية أمريكا ويعزله في حال قيامه بالخيانة أو الإرتشاء. أو في جمهورية فرنسا تستطيع السلطة التشريعية للبلد أن تحاكم وتعزل رئيس جمهورية فرنسا في حال خيانته للبلد. تم التصريح بالخيانة والرشوة من أجل عزل أعلى منصب سياسي فـي هاتين الدولتين في حين أنه تم التصريح على حالات متعددة بصورة قانونية وبموجب المادة (111) من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية من أجل عزل القائد من قبل مجلس الخبراء. إن عدم قدرة القائد على إدارة الدولة، وافتقار القائد إلى الأهلية العلمية اللازمة من أجل الإفتاء في أبواب الفقه المختلفة، وغياب العدالة والتقوى والنظرة السياسية, الاجتماعية السليمة، وحسن التدبير والشجاعة والإدارة والقدرة الكافية من أجل القيادة، يمكن أن تؤدي إلى عزل القائد. بناء على هذا، يتضح بأن عوامل المراقبة وشروط إحراز عدم أهلية القائد في دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية أوضح وأشمل وبعيدة عن الغموض. كما أن إثبات الخيانة من أجل عزل وإقالة رئيس الجمهورية في فرنسا وأمريكا صعب وغير ممكن عملياً وأيضاً لم يطبق حتى الآن في هذه الدول. كذلك الطريقة القانونية التي يتم من خلالها عزل وإقالة رئيس الجمهورية عن قيادة البلد في حال عدم قدرته على القيام بمهامه بشكل صحيح وتطبيق صلاحياته القانونية ليست واضحة. يطرح هذا السؤال أيضاً حول عدم أهلية رئيس جمهورية فرنسا, الذي لم يذكر دستور الجمهورية الخامسة الفرنسي شيئاً عنه. 5- في دستور ألمانيا الفدرالية يتم انتخاب رئيس الجمهورية بشكل غير مباشر من قبل أعضاء المجالس الفدرالية ومجالس الولايات وعن طريق مجلس يدعى باللجنة الألمانية الفدرالية. بناء على هذا، رئيس جمهورية ألمانيا لا ينتخب بشكل مباشر من قبل الشعب، وكذلك في الدستور الأمريكي أيضاً يتم انتخاب رئيس الجمهورية بشكل غير مباشر. ينتخب أعضاء مجالس الولايات الأمريكية مجموعة من الأشخاص، ويختار المنتخبون شخصاً من بينهم بصفته رئيساً لجمهورية أمريكا. في دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية أيضاً يتم انتخاب القائد بشكل غير مباشر من قبل مجلس الخبراء المنتخب من قبل الشعب. مع وجود هذا الفرق وهو أن أعضاء مجلس الخبراء حسب المادة (108) من دستور وبتصديق أكثرية فقهاء مجلس صيانة الدستور في الدورة الأولى، يتألف من العلماء والمجتهدين الذين ينتخبون شخصاً على أنه ولي الأمر وقائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية وذلك استناداً إلى الشروط المتعددة المنصوص عليها في المادة (109) من الدستور. بناء على هذا، لا يتم انتخاب القائد بشكل غير مباشر فقط حسب دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بل توجد هناك حالات مشابهة في الدستور المقارن. * دراسة المسائل والشبهات المطروحة: 1- نظراً إلى مفهوم ولاية الفقيه الذي تم توضيحه من وجهة نظر فقهاء الشيعة(79) بالخصوص من وجهة نظر الإمام الخميني(80)، وبالتوجه إلى الصلاحيات المحددة والمعينة للولي الفقيه في قيادة الجمهورية الإسلامية التي نص عليها وصدقت من قبل مشرعي خبراء القيادة في المادة (110) من الدستور، يطرح هذا السؤال وهو هل قيد وحدد الدستور ولاية الفقيه المطلقة؟ بعبارة أخرى هل توجد في الدستور موانع قانونية أمام الولي الفقيه في تطبيق الولاية المطلقة؟: من مجموعة الموانع التي طرحت من قبل البعض، مضمون المادة (111) التي نص فيها على كيفية عزل الولي الفقيه وقائد الجمهورية الإسلامية. حسب نص المادة (111) من الدستور إذا افتقد القائد أقلاً أحد الشروط المصرح بها في المادة (109)، يقوم خبراء القيادة بإقالته ويعينون شخصاً آخر بصفته قائداً ليحل محله. نظراً إلى المطلب المذكور أعلاه، يعتقد البعض بأنه لم يتم الاهتمام بشكل عملي بولاية الفقيه المطلقة في دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية نظراً إلى الموانع المصرح بها للولي الفقيه. بالرغم من أن مجلس التعديل أكد في عملية تعديل الدستور عام (1368ـ 1989م) على ولاية الفقيه المطلقة في المادة (57)(81)، ولكن لم يتم في عملية التعديل، تعديل أي مانع من الموانع القانونية التي تسد الطريق أمام تطبيق الولاية المطلقة في الدستور الصادر عام (1358ـ 1979م). يعتقد البعض أن ولاية الفقيه يجب أن تطبق في إطار الدستور، ويجب التمييز والتفريق بين نظرية ولاية الفقيه المطلقة المطروحة من قبل مجموعة من علماء الشيعة, وولاية الفقيه الموجودة في دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية, وتطبيق ولاية الفقيه في إطار المعايير والقوانين الإسلامية والنظام الحاكم على الأركان الأساسية لدولة ما. بعبارة أخرى، لا يمكن في الواقع تطبيق الولاية المطلقة بدون الأخذ بعين الاعتبار الموانع القانونية والشرعية، وهذه الموانع القانونية مثل الموانع الشرعية لا يمكن التهرب منها. في المقابل، تعتقد جماعة أخرى ونظراً إلى نظرية ولاية الفقيه المطلقة واستناداً إلى الشرعية المباشرة للولي الفقيه من قبل الشرع المقدس، بأن الولي الفقيه ليس مقيداً بالشروط والموانع المنصوص عليها في الدستور، ولهذا طرحوا >نظرية ولاية الفقيه المطلقة في الدستور< هؤلاء صرحوا في هذه النظرية بأن الولي الفقيه يستطيع أن يعمل خارج إطار الدستور عندما يرى مصلحة في ذلك. بناء على هذا، الولي الفقيه ليس مقيداً في تطبيق ولايته بمواد الدستور، وأن أوامر وأحكام الولي الفقيه ما فوق الدستور. في هذا البين، من المناسب أن تناقش القيود الشرعية وكذلك القيود القانونية للولي الفقيه في تطبيق ولاية الفقيه المطلقة لكي تتضح، أولاً: يمكن أن تدعى شروط إحراز ولاية الفقيه أو فقدان تلك الشروط قيوداً، ثانياً: هذه القيود في حال وجودها تكون مختلفة ومتعارضة مع بعضها أو متماثلة ومتشابهة. كما ذكر في المباحث السابقة، جميع فقهاء وعلماء الشيعة طرحوا لإثبات نظرية ولاية الفقيه الفقهية شروطاً لازمة لإحراز الولاية من قبل الفقهاء. على سبيل المثال، يعتبر الشيخ المفيد بأن هناك شروطاً لازمة للحاكم وولي أمر المسلمين في زمان الغيبة مثل: الفقاهة، والعدالة، وحسن التدبير والقدرة على إدارة المسلمين(82). وكذلك يذكر ابن إدريس الحلي في كتابه السرائر بالإضافة إلى الشروط التي طرحها الشيخ المفيد شروطاً مثل الشجاعة، وحسن الرأي والتدبير والعزم والصبر والمعرفة والبصيرة الفقهية(83). يذكر الإمام الخميني في نظرياته الفقهية شروطاً مثل العقل وحسن التدبير والفطنة بصفتها شروطاً مكملة لإحراز أمر الولاية على المسلمين. بالإستناد إلى النظريات المذكورة أعلاه والتي طرحت بالاعتماد على استدلالات عقلية وأدلة نقلية من قبل فقهاء وعلماء الشيعة، طرح علماء الحقوق وعلماء الفقه في مجلس خبراء القيادة شروطاً جاءت في المادة (109) من الدستور: شروط وصفات القائد: 1- الأهلية العلمية اللازمة من أجل الإفتاء في سائر أبواب الفقه المختلفة. 2- العدالة والتقوى اللازمتان من أجل قيادة الأمة الإسلامية. 3- المعرفة السياسية والاجتماعية الصحيحة، وحسن التدبير والشجاعة والإدارة والاستطاعة الكافية من أجل القيادة. في حال تعدد من تتوفر فيهم الشروط المذكورة أعلاه، فإن الشخص الذي يتمتع بمعرفة فقهية وسياسية أوسع له الأولوية. بناء على هذا، بالإضافة إلى تشابه شروط قائد الحكومة الإسلامية في الدستور مع النظريات الفقهية للفقهاء المؤيدين لنظرية ولاية الفقيه المطلقة يجب التصريح بهذه الملاحظة وهي أن ذكر الشروط لا يشكل قيوداً أمام الولاية المطلقة. وهكذا، تم النص في الفقه الشيعي وفي دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية أيضاً على عزل وإقالة الشخص عن تصدي أمر الولاية. يتفق ويوافق جميع علماء الدين على هذه الرؤية وهي أنه إذا تجاوز الولي الفقيه والحاكم الإسلامي العدالة وشرط العدل تسقط عنه الولاية على أمور المسلمين، ولم يطرح أي من الفقهاء بأن سقوط الولاية عن الشخص غير العادل أو غير العالم والذي فقد القدرة على استنباط المسائل الفقهية يشكل قيوداً لولاية الفقيه المطلقة. على هذا الأساس وعلى أساس النظريات الفقهية لعلماء الدين، ذكر علماء الحقوق وخبراء القيادة في المادة (119) من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية كيفية عزل القائد. تنص المادة (111) على ما يلي: يعزل القائد عن منصبه، متى ما عجز عن القيام بمهامه القانونية أو فقد أحد الشروط المذكورة في المادة (5) والمادة (109) أو عُلم بأنه فاقد للشروط منذ البداية. بناء على هذا، ونظراً إلى التشابه بين النظريات الفقهية للعلماء المؤيدين لولاية الفقيه المطلقة والمادة (110) من الدستور، يظهر بأنه لا يوجد أي تعارض في تطبيق ولاية الفقيه المطلقة ضمن إطار دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية. لا يرى أي تعارض أيضاً فيما يتعلق بعزل وإقالة الولي الفقيه بين النظريات الفقهية ودستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية. عين دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية جهة وهي مجلس الخبراء المتألف من العلماء والمجتهدين المنتخبين من قبل الشعب من أجل الرقابة على تطبيق الولاية من قبل الولي الفقيه. يظهر بأن الدستور يحتاط كثيراً في موضوع انتخاب الولي الفقيه والرقابة عليه وإقالته من منصب الولاية. فبدلاً من أن يتم إحراز عدالة وعلم الفقيه بالشريعة الإسلامية بطرق بسيطة مثل شهادة عالمين عادلين. يكون تعيين القائد من مهمة الخبراء المنتخبين من قبل الشعب بناءاً على المادة (107) من الدستور. من جهة أخرى يجب الالتفات إلى أنه هل دون وأصدر الدستور في الجمهورية الإسلامية الإيرانية طبقاً للمعايير والأحكام الإسلامية أم لا؟ إذا ثبت تطابق مواد الدستور مع المعايير الإسلامية، فكيف يمكن طرح نظرية ولاية الفقيه المطلقة والدفاع عنها على أنها فوق الدستور. جاء في المادة 4 من الدستور ما يلي: يجب أن تكون جميع القوانين والقرارات المدنية والجزائية والمالية والاقتصادية والإدارية والثقافية والعسكرية والسياسية وغيرها على أساس المعايير الإسلامية. هذه المادة حاكمة على مطلق أو عموم مواد الدستور والقوانين والقرارات الأخرى. إضافة إلى ذلك، أحيلت مسؤولية تشخيص مطابقة قوانين ومقررات الجمهورية الإسلامية الإيرانية للشرع المقدس إلى فقهاء مجلس صيانة الدستور بهدف حفظ ورعاية أحكام الإسلام. بناء على هذا، مع تصديق الدستور وعدم مخالفة مجلس صيانة الدستور للمواد المصرح بها في هذا القانون يمكن الاستنتاج أن الأصل يقوم على عدم مخالفة دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية للشرع الإسلامي المقدس. بالإضافة إلى هذا، يعتقد الفقهاء والعلماء المؤيدون لنظرية ولاية الفقيه المطلقة أيضاً بأنه يجب تطبيق قوانين وأحكام الدين الإسلامي في الحكومة الإسلامية على جميع الأشخاص حتى على قائد الحكومة الإسلامية. يؤكد الإمام الخميني في كتاب الحكومة الإسلامية على هذا الموضوع: الحاكمية هي لله تعالى فقط، والقانون هـو أمـر الله وحكمه، القانون الإسلامي أو أمر الله يحكم على جميع الأشخاص في الدولة الإسلامية بشكل كامل. جميع الأشخاص بما فيهم الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وخلفاؤه يتبعون القانون. ذلك القانون الذي نزل من عند الله تعالى، وبين في القرآن وعلى لسان النبي الأكرم(84). بناء على هذا، كما أن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) والمعصومين(عليهم السلام) يتبعون القانون الإسلامي، فإن الصلاحيات المطلقة للولي الفقيه والولاية المطلقة مقيدة بأحكام القرآن. ويظهر بأن تطبيق الولاية مع مراعاة الدستور ليس تقييداً لصلاحيات الولي الفقيه الشرعية. 2- أحياناً، يطرح هذا السؤال حول ولاية الفقيه وهو أن الولاية تعني كفالة القاصرين والوصاية على الصغار، وهذا المفهوم لا ينسجم مع حاكمية وولاية الفقيه على حكومة ما وتنفيذ الأحكام الإسلامية وإدارة الأمور السياسية, الاجتماعية للمسلمين. جواباً لهذا السؤال، يمكن القول بأن ولاية الفقيه تختلف عن الولاية على القاصرين التي ذكرت في الكتب الفقهية تحت عنوان (كتاب الحجر) مشيرة إلى ولاية أمر الصغار والقاصرين من قبل الفقيه العادل. يوجد الكثير من الآيات في القرآن الكريم التي تـوصـي النبي بشكـل صريـح أن يستشير المسلمين فـي أمـور المسلمين، ونعرف جيداً بأن الصغار والقاصرين لا يمكن أن يكونوا جانباً للاستشارة، وأساساً الاستشارة مع أشخاص سقط عنهم التكليف شرعاً وقانوناً هو عبث لا جدوى منه. بناء على هذا فإن المشار إليهم للرسول الأكرم في الآيات المذكورة هم المؤمنون المكلفون والعاقلون وليسوا المجانين والقاصرين. إضافة إلى ذلك، يعتبر العلماء والمفسرون الإسلاميون أن الآية الشريفة {إِنَمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتونَ الزَّكَـاةَ وَهُمْ رَاكِـعُونَ} (85) خطاباً للحكماء والعلماء والمؤمنين العلماء، وليس خطاباً للقاصرين والمجانين. كذلك فالولاية في هذه الآية الشريفة تعني الولاية والحكومة التي هي ذاتاً لله تعالى، ومن ثم تنتقل بالإذن الإلهي إلى الأنبياء والأئمة الأطهار (عليهم السلام), وفي نهاية المطاف تنتقل بإذن المعصومين إلى الفقهاء العدول المتوفرة فيهم الشروط(86). عندما يطرح تشكيل حكومة إسلامية من أجل تطبيق الأحكام الإسلامية وتطبيق معايير الدين الإسلامي، يجب أن يتولى هذه الحكومة الشخص الذي يستطيع بمؤهلاته العلمية اللازمة وأن يستخرج القوانين الإسلامية من مصادر القانون والفقه الإسلامي من أجل توجيه المسلمين وقيادتهم. في الواقع الفقيه متخصص في الدين ومجتهد, ويتمتع بأهلية الإفتاء في أبواب الفقه الإسلامي المختلفة. بناء على ذلك إن في مجال الدين وقيادة الحكومة الإسلامية رجوع المسلمين إلى علماء الدين أمرٌ معقول ومنطقي. مضافاً إلى ذلك فإن حكومة العلماء والحكماء والفلاسفة، كانت دائماً من أفضل أنواع الحكومات في الأفكار السياسية لدى المتفكرين من قبيل: أفلاطون وأرسطو في الأفكار السياسية الغربية، أو من أفضل الحكومات عند الفلاسفة الإسلاميين من قبيل الفارابي، وابن رشد. بناء على هذا، من خلال دراسة مقارنة يمكن اعتبار النظام القائم على ولاية الفقيه مشابهاً لحكومة الحكماء والنجباء عند أفلاطون في المدينة المثالية (مدينة هذا الفيلسوف في كتاب الجمهورية) ومثل حكومة الحكماء عند الفارابي في المدينة الفاضلة لهذا المفكر في المثالية الإسلامية (في كتاب آراء أهل المدينة الفاضلة)، لأن الحكومة وولاية الدولة الإسلامية تقع على عاتق المتخصص بالأحكام الإسلامية والشخص العادل حسن التدبير والشجاع. 3- السؤال الآخر الذي يطرح حول ولاية الفقيه المطلقة هو أن صلاحيات القائد الواسعة والاعتماد على ولاية الفقيه المطلقة في ولاية الحكومة وإدارة أمور المسلمين تفتح الطريق أمام الدكتاتورية وممارسة النظام الفردي المطلق العنان وفي بعض الأوقات يعبر عن ولاية الفقيه المطلقة بدكتاتورية الفقيه. جواباً لهذا السؤال يمكن الاستدلال بأن جميع الفقهاء الإسلاميين خصوصاً تلك المجموعة من العلماء والفقهاء الشيعة الذين يدافعون عن نظرية ولاية الفقيه المطلقة اعتمدوا وأكدوا في نظرياتهم الفقهية على هذه النقطة وهي: أن الحاكم الإسلامي يجب أن يكون عادلاً وتقياً بالإضافة إلى الفقاهة والتخصص في الدين الإسلامي. في المادة (109) من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية قرر بأنّ العدالة والتقوى اللازمة لقيادة الأمة الإسلامية هما من شروط وصفات القائد. القاعدة الشرعية, الفقهية لولاية الفقيه والقاعدة الدستورية, القانونية لقيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية تقومان على أساس أن الولي الفقيه وقائد المسلمين يجب أن يكون عادلاً وتقياً. بناء على هذا، إن خطر ووقوع الإنسان العالم والحاذق الذي يتمتع بالعدالة والتقوى في الخطأ والإنحراف أقل بكثير من خطأ وانحراف ووقوع العالم غير التقي أو الجاهل غير العادل في الاستبداد واصطلاحاً الدكتاتورية في ولاية المجتمع والحكومة الإسلامية. بالإضافة إلى ذلك، حسب الرؤية الفقهية لعلماء الشيعة وخصوصاً الإمام الخميني تسلب القيادة بشكل تلقائي من الولي الفقيه في الحالات النادرة التي يفقد فيها عدالته أو يفقد أحد شروط قيادته مثل الأهلية العلمية، والمعرفة السياسية, الاجتماعية والفطنة وحسن التدبير, وعندها لن يسمح ويؤذن له من قبل المعصوم بقيادة وولاية المسلمين. بالاستناد إلى الرؤية الفقهية لعلماء الدين، قرر علماء الحقوق في مجلس خبراء الدستور، آلة رقابيةً أكثر إحتياطاً وأشد استحكاماً باسم مجلس الخبراء لكي تقوم بعزل وإقالة القائد في حال فقدانه العدالة أو فقدانه الشروط الأخرى وعدم قدرته على ممارسة صلاحياته الحكومية. بناء على هذا، لا يمكن مقارنة ولاية الفقيه المطلقة بالديكتاتورية الفردية أبداً، لا في الجانب الفقهي ولا في المجال القانوني، ولن تتعرض للوقوع في الديكتاتورية والاستبداد. 4- السؤال الآخر الذي يطرح هو أن موقع الشعب ورأيهم ليس واضحاً في النظام القائم على ولاية الفقيه المطلقة، وليس معروفاً أن الولي الفقيه يستمد شرعيته من الشعب أم أن شرعية الولي الفقيه لا ترتبط بالشعب وهي مستمدة من الله؟ جواباً يمكن القول بأنه تم في النظريات الفقهية للعلماء والفقهاء المؤيدين لولاية الفقيه المطلقة وحتى في نظريات الفقهاء والعلماء الذين لا يعتقدون بولاية الفقيه المطلقة، تم قبول قاعدة أنه لا يحق لأي من المسلمين بشكل عام ولأي من الفقهاء وعلماء الدين بشكل خاص أن يتدخل بدون إذن المعصوم في الأمور المتعلقة بصلاحيات المعصوم وأمر ولاية الإمام. معيار شرعية علماء الدين والفقهاء في اخذ الأموال وفي سائر أمور المسلمين هو الشرعية الإلهية عن طريق إذن الإمام المعصوم (عليه السلام). على هذا الأساس لا يمكن أن يكون للفقيه العادل ولاية على المسلمين بدون إذن الإمام المعصوم. في المحصلة، شرعية الولي الفقيه إلهية، وقد سعى علماء الشيعة بالاستناد إلى الأدلة النقلية والأدلة العقلية لكي يثبتوا إذن وقبول الأئمة المعصومين(عليهم السلام) وخصوصاً إمام العصر (عجل الله فرجه الشريف) بولاية الفقهاء العادلين من أجل إدارة الحكومة الإسلامية. بناء على هذا، يمكن التسليم بأن ولاية الفقيه مستمدة من الشرعية الإلهية عن طريق الإمام المعصوم، وعلى أساس الآية الشريفة {إنَمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ...} تثبت الولاية لله تعالى وحده فقط، والولاية للنبي والأئمة المعصومين بالإذن الإلهي ومن ثم الولاية للفقهاء العادلين بإذن المعصوم. لهذا السبب، فإن رأي الشعب لا يعني إعطاء شرعية وأهلية الولاية للقائد المنتخب، ولكن الشعب بقبولهم حكومة الفقيه يمهدون لتنفيذ الأحكام الإسلامية ويحققون إقامة أمر الولاية. بعبارة أخرى، الشعب بقبولهم الفقيه العادل على أنه وليهم وقائدهم يجعلون ولاية الفقيه عملية. بناء على هذا، يجب التمييز بين شرعية الولي الفقيه وقبول قيادة الفقيه من قبل الشعب. 5- السؤال الآخر الذي يمكن أن يطرح، هو أن الولي الفقيه بانتخابه الغير مباشر لقيادة الجمهورية الإسلامية، يمارس صلاحياته الحكومية وكالةً عن الشعب، بعبارة أخرى هو وكيل الشعب، وليس وليهم وراعيهم. ولهذا يحق للشعب متى ما أرادوا أن يسحبوا وكالتهم من الولي الفقيه. لذا رأي الشعب هو أحد أشكال التوكيل، وليس قبولاً للولي الفقيه وراعي المجتمع والحكومة الإسلامية. بناء على هذا، يعطي الشعب بإرادتهم الوكالة لولي المجتمع لا قبول الولاية. في الجواب، يمكن القول بأن الوكالة في الفقه الإسلامي من العقود الجائزة، ويستطيع الموكِل أن يعزل وكيله متى ما أراد حتى بدون تقديم أي دليل. كذلك، المادة (662) من القانون المدني للجمهورية الإسلامية الإيرانية تفيد بأن الوكالة يجب أن تعطى في الأمور التي تدخل تحت نطاق حقوق وصلاحيات الموكل. يعني في الأمور التي يحق للموكل أن يتخذ فيها وكيلاً. بناء على هذا، الإشكال الذي سيظهر هو أنه لو قبلنا ولاية الفقيه بمعنى أنها قبول انتخابات الناس بصفتها إعطاء الوكالة لقادة وولي المجتمع والحكومة الإسلامية، فيجب عملياً أن يتمتع جميع المنتخِبين والموكلين بأهلية القيادة وإدارة المجتمع الإسلامي ويتمكنوا من قيادة المسلمين وولاية الحكومة الإسلامية. كذلك، نصت المادة (656) على أن الوكالة عقد بموجبه يجعل أحد الجانبين الجانب الآخر نائباً له من أجل القيام بأمر معين. بناء على هذا، لا يحق لأي شخص أن يعين وكيلاً لشخص آخر يتمتع بأهلية قانونية وشرعية، لأن الوكالة هي اختيار نائب من أجل القيام بأعمال الموكل ذاته لا غيره، والآن لو قبلت انتخابات الشعب على أنها إعطاء وكالة، فيجب على القائد أن يمارس صلاحياته وينفذ الأحكام الحكومية بالنيابة عن موكليه فقط, ومن أجلهم وفي سبيل تنفيذ أمور منتخبيه السياسية والاجتماعية، ولكن من المعروف أنه حتى في الأنظمة السياسية المعاصرة التي دونت وأصدرت قوانينها الأساسية على أساس الديمقراطية، يعتبر الشخص الذي يحصل على رأي الأكثرية في الانتخابات رئيساً للجمهورية أو نائباً لجميع مواطني تلك الدولة. بناء على هذا، اعتبار الانتخابات الشعبية على أنها أحد أشكال التوكيل وإعطاء الوكالة لنواب السلطة التشريعية أو رئيس حكومة ما نظراً إلى المفهوم الشرعي والقانوني للوكالة، مرفوض وليس منطقياً. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر المادة (678) من القانون المدني أن أحد طرق رفع الوكالة هو عزل الوكيل من قبل موكله. وعلى هذا الأساس، في حال قبول التوكيل في الانتخابات الشعبية، فمن الطبيعي أن الشعب بصفتهم موكلين أعطوا وكالتهم للنائب أو لرئيس الجمهورية أو للقائد، ومتى ما أرادوا عزلوهم وأقالوهم عن مناصبهم، لأن الوكالة في المفهوم القانوني عقد جائز وليس لازماً. بينما هذا الأمر لا يطبق حتى في الأنظمة والأجهزة الديمقراطية أيضاً، ولا يأخذ بعين الإعتبار، وحتى أن أياً من القوانين الأساسية للدول الموجودة لم يوكل موضوع عزل وإقالة القائد أو نواب المجلس إلى إرادة الشعب، بل اتخذت إجراءات أخرى من أجل عزل أصحاب المناصب الحكومية مثل رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء ونواب المجلس التشريعي. على سبيل المثال في أمريكا، جعل الدستور لهذه الدولة المحكمة العليا بالتنسيق مع مجلس الشيوخ مسؤولة عن محاكمة وإقالة رئيس جمهورية أمريكا. أو في جمهورية فرنسا، تتم محاكمة وإقالة رئيس جمهورية البلد من قبل محكمة العدالة الفرنسية العليا، وكذلك في جمهورية ألمانيا الفدرالية تعزل محكمة الدستور الفدرالية الألمانية رئيس الجمهورية وتقيله. بناء على هذا، يلاحظ بأنه لو كانت انتخابات الشعب بمثابة التوكيل، لكان سحب الوكالة يتم أيضاً من قبل الشعب، وفي المحصلة لا يمكن أن يكون انتخاب الولي الفقيه لتصدي أمر الولاية والزعامة على المسلمين بمثابة إعطاء الوكالة، لأن الشعب لا تأثير له على عزل وإقالة الولي الفقيه، ولكن إذا فقد الولي الفقيه بعض شروط القيادة ينعزل بشكل تلقائي، وعندها لا يؤذن له بالولاية على المسلمين من قبل المعصوم، ولا يملك الشرعية، تشخيص هذا الموضوع في دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية أُوكِل إلى مجلس الخبراء. استنتاج: 1- يعود تشكيل الحكومة الإسلامية إلى السنوات الأولى من هجرة نبي الإسلام الأكرم. شمول الدين الإسلامي المبين والفلسفة الأساسية لنظرية (الإسلام دين ودولة) أدى إلى استقرار أول دولة إسلامية في مدينة النبي بأركانها الثلاثة القضائية والتنفيذية والتشريعية المستمدة من الوحي الإلهي. 2- تشكيل الحكومة الإسلامية لا ينحصـر بعهد نبي الإسلام الأكرم(صلى الله عليه وآله) فقط. إن تنفيذ الأحكام الشرعية بعد رحيل النبي ضروري أيضاً. الحكومة الإسلامية تضمن النظم والأمن في المجتمع، وحفظ حدود الدول الإسلامية من هجوم الأجانب، وإقامة الحدود والأحكام الإلهية، وإدارة أمور المسلمين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدفاع عن المظلومين، ومكافحة الظالمين والمتسلطين، واستقرار العدالة الاجتماعية والرفاه العمومي. 3- إن التمتع بالصفات والخصائص الشرعية والعقلية هو الذي يميز الحاكم في إدارة الحكومة الإسلامية في عصر الغيبة وزعامة المسلمين. إن قائد الحكومة الإسلامية يجب أن يكون عالماً بأحكام الشرع والقوانين الإلهية, لأن القوانين والأحكام الإسلامية هي التي تسري في الحكومة الإسلامية، والتفقه في الدين هو التخصص في الأحكام الإسلامية والعلم بالدين. من جهة أخرى، القائد الفقيه يجب أن يتحلى بصفة العدالة لكي يستطيع أن يطبق القوانين الإسلامية التي تضمن العدالة الاجتماعية. إن الفقيه العادل بصفته قائداً للحكومة الإسلامية مصان من الجهل والبخل والجبن والظلم وحب المال والطمع وعدم المبالاة تجاه إقامة سنة الرسول الأكرم. بالإضافة إلى ذلك، القائد الفقيه العادل يجب أن يتحلى بحسن التدبير والكفاءة والأهلية في إدارة الحكومة الإسلامية. 4- إقامة الدولة وتشكيل الحكومة الإسلامية في عصر غيبة الإمام (عليه السلام) واجب كفائي على الفقهاء العلماء العدول، وإذا أقدم أحد الفقهاء الجامعين للشرائط على تشكيل الحكومة الإسلامية يسقط تكليف إقامة الحكومة الإسلامية عن سائر الفقهاء ويجب على سائر الفقهاء أن يتّبعوه. 5- للولي الفقيه أو ولي الحكومة الإسلامية في عصر غيبة الإمام المعصوم(عليه السلام) بصفته نائباً للإمام جميع صلاحيات الإمام في أمر إدارة الحكومة الإسلامية. الصلاحية في أمر القضاء وحل الاختلافات بين المسلمين وإصدار الأحكام على أساس القوانين الإلهية وصلاحية التصرف بالأموال العامة وإدارتها, ووضع الضرائب وأخذ الاستحقاقات والأموال الإسلامية، وكذلك التصدي لأمر حكومة وإدارة الأمور السياسية, الاجتماعية في المجتمع الإسلامي، والاهتمام بالأمور الحسبية بين المسلمين كلها للفقيه العادل العالم والمدبر. بناءاً على هذا، ولاية الفقيه في تصدي أمور المسلمين هي ولاية مطلقة, مثلها مثل ولاية المعصومين, وليست محدودة بقسم خاص من الأمور العامة للمسلمين. 6- بموجب الدستور الصادر عام (1358ه.ش ـ 1979م) ونظراً إلى الدستور المعدل في عام (1368ـ 1989م) تم التأكيد على ولاية الأمر في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والدستور يهيأ الأرضية من أجل تحقيق قيادة الفقيه الجامع للشرائط الذي يعرف من قبل الشعب بصفته قائداً - مجاري الأمور بيد العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه -(87). طرح هذا النهج الأساسي في الدستور لكي يضمن الولي الفقيه عدم انحراف المؤسسات المختلفة عن وظائفها الإسلامية الأصيلة(88). كذلك، يجب على جميع مؤسسات الجمهورية الإسلامية أن تقوم بوظائفها على أساس المادة (57) من الدستور: السلطات الحاكمة في الجمهورية الإسلامية تتألف من: السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، والتي تدار تحت رعاية ولاية الأمر المطلقة وإمامة الأمة حسب المواد المذكورة من هذا القانون(89). بناء على هذا، قبلت ولاية الأمر المطلقة بشكل رسمي في الدستور. 7- من خلال دراسة الدستور المقارنة فيما يتعلق بالقائد ومهامه في دول مهمة مثل ألمانيا، وفرنسا، وإنجلترا، وأمريكا مع حدود مهام وصلاحيات قادة تلك الدول مع القائد في الجمهورية الإسلامية الإيرانية يتضح أنه تم تقرير صلاحيات حصرية وخاصة للمسؤول التنفيذي الأول في كل من هذه الدول - خاصة في دستور الجمهورية الخامسة الفرنسي والدستور الأمريكي - تشابه صلاحيات الولي الفقيه في دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية. بناء على هذا، طرح شبهة أن القائد في الجمهورية الإسلامية الإيرانية منح صلاحيات خاصة ومنحصرة به لا يمكن مقارنتها مع سائر الدول، لا يستند إلى أدلة قانونية. يكفي الإشارة إلى أنه في جمهورية فرنسا يحق لرئيس جمهورية هذا البلد أن يقوم بحل مجلس الشعب على أساس المادة (12) من الدستور لعام (1958م). بالإضافة إلى ذلك، على أساس المادة (16) من الدستور الفرنسي يستطيع رئيس الجمهورية تحت الشروط المقررة في ذلك القانون أن يتولى بشكل مباشر رئاسة السلطات الثلاث، القضائية والتنفيذية والتشريعية، ويستطيع أيضاً أن يصدر شخصاً أمراً باستخدام الأسلحة النووية. 8- نظراً إلى التفسيرين الأصليين للمادة (110)(90) من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في باب حدود صلاحيات القائد على أساس حصرية صلاحيات القائد في هذه المادة أو كونها صورية وعدم حصرية تلك الصلاحيات يتضح بأنه لا يوجد أي تعارض أو تناقض بين نظرية ولاية الفقيه المطلقة والدستور. بناء على هذا، ونظراً إلى أن القائد في الجمهورية الإسلامية الإيرانية ينتخب على أساس المادة (107)(91) من قبل مجلس خبراء القيادة، وأن صلاحيات القائد بينت بشكل صريح على أساس الدستور، يظهر بأنه تم تأييد ما صرح به في المادة (110) من الدستور من خلال قبول القيادة بشكل ضمني وتلويحي. وكذلك مبدأ >المؤمنون عند شروطهم< ومبدأ الوفاء بالعهد يمكن أن يضمنا احترام الدستور من قبل القائد في الجمهورية الإسلامية. في النتيجة، يظهر بأن نظرية نقض الدستور من جانب واحد ليست مثبتة ومبررة بشكل كافي، لأنه تم الحديث مسبقاً بأنه لا يمكن إثبات أي تناقض بين الدستور وولاية الفقيه المطلقة.

(1) (الأمور الحسبية) هي الأمور المطلوبة التي يريد الشرع لها أن تتحقق في المجتمع، ولو قام البعض سقطت عن باقي أفراد المجتمع. ويمكن ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدفاع والقضاء من جملة مصاديق الأمور الحسبية. وتولي هذه الأمور في عصر الغيبة في عهدة الفقيه العادل، ويستطيع هو أن يجيز بعض الأشخاص المناسبين في التصدي لها. (2) تأتي الإشارة إلى آراء هؤلاء العظماء خلال البحث. (3) المادة الخامسة: فـي زمن غيبة الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة فـي الجمهورية الإسلامية الإيرانية بيد الفقيه العادل، المتقي، البصير بأمور العصر، الشجاع القادر على الإدارة والتدبير وذلك وفقاً للمادة 107. المادة السابعة والخمسون: السلطات الحاكمة فـي الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي: السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، وتمارس صلاحياتها بإشراف ولي الأمر المطلق وإمام الأمة وذلك وفقاً للمواد اللاحقة فـي هذا الدستور، وتعمل هذه السلطات مستقلة عن بعضها البعض. المادة العاشرة بعد المئة: وظائف القائد وصلاحياته: 1ـ تعيين السياسات العامة لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد التشاور مع مجمع تشخيص مصلحة النظام. 2ـ الإشراف على حسن إجراء السياسات العامة للنظام. 3ـ إصدار الأمر بالاستفتاء العام. 4ـ القيادة العامة للقوات المسلحة. 5ـ إعلان الحرب والسلام والنفير العام. 6ـ نصب وعزل وقبول استقالة كل من: أ ـ فقهاء مجلس صيانة الدستور. ب ـ أعلى مسؤول فـي السلطة القضائية. ج ـ رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون فـي الجمهورية الإسلامية الإيرانية. د ـ رئيس أركان القيادة المشتركة. ه ـ القائد العام لقوات حرس الثورة الإسلامية. و ـ القيادات العليا للقوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي. 7ـ حل الاختلافات وتنظيم العلاقات بين السلطات الثلاث. 8 ـ حل مشكلات النظام التي لا يمكن حلها بالطرق العادية من خلال مجمع تشخيص مصلحة النظام. 9ـ إمضاء حكم تنصيب رئيس الجمهورية بعد انتخابه من قبل الشعب. أما بالنسبة لصلاحية المرشحين لرئاسة الجمهورية من حيث توفر الشروط المعينة فـي هذا الدستور فيهم فيجب أن تنال قبل الانتخابات موافقة مجلس صيانة الدستور، وفـي الدورة الأولى تنال موافقة القيادة. 10ـ عزل رئيس الجمهورية مع ملاحظة مصالح البلاد وذلك بعد صدور حكم المحكمة العليا بتخلفه عن وظائفه القانونية أو بعد رأي مجلس الشورى الإسلامي بعدم كفاءته السياسيّة، على أساس المادة التاسعة والثمانين. 11ـ العفو أو التخفيف من عقوبات المحكوم عليهم فـي إطار الموازين الإسلامية بعد اقتراح رئيس السلطة القضائية، ويستطيع القائد أن يوكل شخصاً لأداء بعض وظائفه وصلاحياته. (4) أفلاطون (باليونانية: ?????? پْلاَتُونْ) (عاش بين 427 - 347 قبل الميلاد) فيلسوف يوناني قديم, وأحد أعظم الفلاسفة الغربيين، حتى أن الفلسفة الغربية اعتبرت أنها ما هي إلا حواشي لأفلاطون. (5) أرسطو (384- 322 قبل الميلاد) فيلسوف يوناني قديم كان أحد تلاميذ أفلاطون ومعلم الإسكندر الأكبر. كتب في مواضيع متعددة تشمل الفيزياء، والشعر، والمنطق، وعبادة الحيوان، والأحياء، وأشكال الحكم. مؤسس علم المنطق، أفكاره حول الميتافيزيقيا لا زالت هي محور النقاش الأول بين النقاشات الفلسفية في مختلف العصور، وهو مبتدع علم الأخلاق الذي لازال من المواضيع التي لم يكف البشر عن مناقشتها مهما تقدمت العصور. ويمتد تأثير أرسطو لأكثر من النظريات الفلسفية، فهو مؤسس البيولوجيا (علم الأحياء). (6) توماس هوبز (5 أبريل 1588 - 4 ديسمبر 1679م) كان عالم رياضيات وفيلسوف إنجليزي. يعد أحد أكبر فلاسفة القرن السابع عشر في إنجلترا وأكثرهم شهرة خصوصا في المجال القانوني حيث كان بالإضافة إلى اشتغاله بالفلسفة والأخلاق والتاريخ، فقيها قانونيا ساهم بشكل كبير في بلورة كثير من الأطروحات التي تميز بها هذا القرن على المستوى السياسي والحقوقي. كما عرف بمساهمته في التأسيس لكثير من المفاهيم التي لعبت دورا كبيرا ليس فقط على مستوى النظرية السياسية بل كذلك على مستوى الفعل والتطبيق في كثير من البلدان وعلى رأسها مفهوم العقد الاجتماعي. كذلك يعتبر هوبز من الفلاسفة الذين وظفوا مفهوم الحق الطبيعي في تفسيرهم لكثير من القضايا المطروحة في عصرهم. (7) جورج ويلهلم فريدريك هيغل (بالإنجليزية: Georg Wilhelm Friedrich Hegel) (فيلسوف ألماني ولد بتاريخ 27 آب عام 1770 في شتوتغارت، فورتيمبيرغ، في المنطقة الجنوبية الغربيةِ من ألمانيا. يعتبر هيغل أحد أهم الفلاسفة الألمان حيث يعتبر أهم مؤسسي حركة الفلسفة المثالية الألمانية في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي. مات هيغل بمرض الكوليرا عام 1831. (8) من البديهي أن الحكومة الملكية المطلقة متفاوتة ومختلفة تماماً مع النظام القائم على ولاية الفقيه المطلقة من حيث المبنى والمنشأ وشروط القيادة. حيث أن كلمة (مطلقة) في الحكومة الملكية تعني الحرية وعدم المحدودية وفي الولاية المطلقة تعني العموم والشمول, سوف تتم الإشارة إلى منشأ ومبنى وشرائط القيادة في نظام ولاية الفقيه المطلقة بشكل مفصل في الأبحاث التالية. (9) الملكية نظام حكم حيث يكون الملك على رأس الدولة و تتميز بأن الحكم غالباً ما يكون لفترة طويلة وعادة حتى وفاة الملك وينتقل بالوراثة إلى ولي عهده. وتعرف زوجته بلقب الملكة، كما أن المرأة إن تولت حكم المملكة تحمل لقب ملكة. (10) اصطلاح الفاشيّة (fascism) مشتق من الكلمة الإيطالية fascio، وهي تعني حزمة من الصولجانات كانت تُحمَل أمام الحكام في روما القديمة دليلاً على سلطاتهم. وفي تسعينيات القرن التاسع عشر بدأت كلمة فاشيا (fascia) تستخدم في إيطاليا لتشير إلى جماعة أو رابطة سياسية عادة ما تتكون من اشتراكيين ثوريين. وكان توظيف موسوليني لوصف الجماعة البرلمانية المسلحة التي شكّلها في أثناء الحرب العالمية الأولى وبعدها أول موسوليني في زيه الفاشي مؤشرا على أن اصطلاح (fascisma) قد حظي بمعان أيديولوجية واضحة، وعلى الرغم من ذلك فعادة ما يفتقر توظيف اصطلاحي (الفاشية) (fascism) و(الفاشي) (fascist) إلى الدقة، فكثيرًا ما تستخدم كاصطلاحات تهدف إلى الإساءة السياسية للخصوم السياسيين والاتهام لهم بالدكتاتورية ومعاداة الديمقراطية. (11) أخذت كلمة (طوطم) عن الأوجيبوا، وهي لغة ألغونكية يتحدث بها هنود البحيرات الكبرى في أمريكا الشمالية، وقد أدخلها إلى الغرب ج. لونغ عام 1791، لكن استخدامها الأنتروبولوجي يعود إلى ف. ـ ج. ماك لينان (1869 ـ 1870). يستخدم الأوجيبوا كلمة (طوطم) بمعنى علاقة محض اجتماعية (قرابة أو صداقية) قائمة بين شخصين. هناك بعض جماعات من الأوجيبوا تنتظم في عشائر أبوية النسب وخارجية الزواج، وتتخذ كل عشيرة لقباً مستمداً من إحدى فصائل الحيوان. (12) الطبقية: ظاهرة أساسية في تركيب المجتمع الإنساني وانقسامه إلى طبقات، بحيث يتكون لدى كل طبقة منها وعي خاص بها حيال الطبقات الأخرى، هناك طبقية بعامل الولادة، أو المهنة والتربية والثروة، لكن النظرية الماركسية تعد المجتمع الإنساني يمر بمراحل تحركها القوى المادية، ويتطور في عملية جدلية لكي تولّد كل مرحلة من مراحل تطوره نقيضا لها من صلبها، فالمجتمع الصناعي الرأسمالي يخلق طبقة البروليتاريا (الشغيلة) التي يحتم عليها الوعي الطبقي أن تقف ضد الرأسمالية، وتعمل من أجل الإطاحة بها وتخطيها، لكي يقوم مجتمع اشتراكي لا طبقي، وتختفي جميع مظاهر الاستغلال والظلم، وتذوب الدولة في نهاية المطاف. (13) الاستبدادية الفردية: نظام حكم أو شكل من أشكال الحكومة يقوم على أساس أن الدولة تملك جميع السلطات، وأن الأفراد (الشعب) لا حقوق لهم إلا ما تسمح به الدولة. وفي النظام الاستبدادي، تتركز أكثر السلطة في فرد واحد أو مجموعة صغيرة من الأفراد وفقاً لنظرية الحكم المطلق. ويستعمل المصطلح كبديل لمصطلح (الحكم المطلق) عندما يسيء الحاكم وأجهزته المعاونة استخدام السلطة. (14) الجماعية: (Collectivism) هو المصطلح المستخدم لوصف أي وجهة نظر أخلاقية أو اجتماعية أو سياسية تشدد على أهمية التواكل المتبادل بين أفراد المجتمع. والجماعيون بشكل عام يرغبون بإعطاء أولوية لأهداف المجتمع كافة فوق أهداف الفرد. فالمجتمع - بنظرهم- ذو قيمة أكبر من الأفراد الذين يكونونه. ويعد كتاب جان جاك روسو العقد الاجتماعي مثالا جيدا على الفلسفة الجماعية السياسية، والتي تطالب بقيام الحكومة أو الناس في مجموعات بامتلاك الأراضي، والمصانع، وسائر وسائل الإنتاج. (15) القيادة الديمقراطية: يعتمد القائد الديمقراطي على قبول التابعين لسلطته، وليس على السلطة الرسمية المخولة له. ويعد الأسلوب الديمقراطي في القيادة معاكساً للأسلوب الأوتوقراطي المتسلط. فهو يعتمد أولاً على تطوير العلاقات الإنسانية الجيدة بين القائد والأفراد، من خلال إشباع حاجاتهم و الاهتمام بهم، والاعتراف بأهمية دورهم في المؤسسة. (16) الليبرالية: وهو مذهب سياسي واقتصادي معاً جوهره الحرية الفردية مع أدنى قدر من تدخل السلطة (الحكومة). ففي الجانب السياسة تعني تلك الفلسفة التي تقوم على استقلال الفرد والتزام الحريات الشخصية وحماية الحريات السياسية والمدنية وتأييد النظم الديمقراطية البرلمانية والإصلاحات الاجتماعية. وأما في الجانب الاقتصاد فتعني تلك النظرية التي تؤكد على الحرية الفردية الكاملة وتقوم على المنافسة الحرة واعتماد قاعدة الذهب في إصدار النقود. وهو يعترض على تدخل الدين بالأمور الشخصية بشكل عام مقارب للعلمانية بشكل كبير يعتمد إبعاد الدين عن الحياة بشكل كامل وعام. ولكل شخص حرية الأفعال والأقوال ما لم يتعرض للأشخاص الآخرين أو يجبرهم على أفعال معينة. (17) الديمقراطية (democracy): مصطلح يوناني مؤلف من لفظين الأول (ديموس) ومعناه الشعب، والآخر (كراتوس) ومعناه سيادة، فمعنى المصطلح إذاً سيادة الشعب أو حكم الشعب. والديمقراطية نظام سياسي اجتماعي تكون فيه السيادة لجميع المواطنين ويوفر لهم المشاركة الحرة في صنع التشريعات التي تنظم الحياة العامة، والديمقراطية كنظام سياسي تقوم على حكم الشعب لنفسه مباشرة، أو بواسطة ممثلين منتخبين بحرية كاملة (كما يُزعم!)، ومعلوم استغلال الدول لهذا الشعار البراق الذي لم يجد تطبيقًا حقيقيًا له على أرض الواقع؛ حتى في أعرق الدول ديمقراطية - كما يقال -. (18) «... العناصر الأساسية في تكوين القومية هي وحدة اللغة ووحدة التاريخ، وما ينتج عن ذلك من مشاركة في المشاعر والمنازع، وفي الآلام والآمال.... (19) الداروينية مصطلح يطلق على مجموعة عمليات مستمدة من أفكار تشارلز داروين، أهمها تلك المتعلقة بالتطور والإصطفاء الطبيعي. يقترن اسم الداروينية بشكل خاص بفكرة التطور عن طريق الإصطفاء الطبيعي. فعمليات التطور التي لا تندرج في إطار الإصطفاء الطبيعي مثل الطفرات الوراثية لا تصنف ضمن الداروينية. والداروينية الاجتماعية نظرية اجتماعية حول تحقيق التطور عن طريق الاصطفاء الطبيعي وتطبقها على حقل علم الاجتماع. فحسب هذه النظرية الاصطفاء الطبيعي لا يفسر تطور الأحياء البيولوجي فقط، بل يمكن تطبيقه لفهم تطورات وتغيرات التجمعات الاجتماعية البشرية. (20) إسلام وحقوق بين الملل عمومي، مكتب التنسيق بين الحوزة والجامعة، طهران، 1372، ص933. (21) أبو القاسم طاهري، تاريخ انديشه هاى سياسى در غرب، 1375، ص 153 وما بعدها. (22) برايان ردهد، انديشه سياسى از افلاطون تا تائو، ترجمة مرتضى كاخي وأكبر أفسري، طهران، 1375، ص137. (23) و.ت.جونز، خداوندان انديشه سياسى، ترجمة على رامين، طهران، 1370، ج2، ص66. (24) نفس المصدر. (25) علي بيگدلي، تاريخ انديشه هاى سياسي در غرب، طهران، 1374، الفصل 7، ص111-120. (26) و.ت. جونز، نفسه، ج3، ص47. (27) نفس المصدر، ص64-65. (28) يعتبر العلماء والفقهاء الإسلاميون بأن ولاية النبي وزعامته على جميع المسلمين مستمدة من نبوته وذلك باعتمادهم على القرآن المجيد بصفته المرجع الأصلي للفقه والقوانين الإسلامية واستناداً إلى الآية الشريفة {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ} سورة الأحزاب الآية 33. (29) يثبت علماء وفقهاء الشيعة ومجموعة من علماء السنة ولاية الإمام علي (عليه السلام) بالإستناد إلى حديث غدير خم. كذلك يثبتون ولاية أمير المؤمنين وصلاحياته المطلقة بالإستناد إلى الآية 55 من سورة المائدة {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ.}. بالإضافة إلى ذلك يعتبرون الآية الثالثة من سورة المائدة {الْيَوْمَ اَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتمَمْتُ عَلَـيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} متعلقة بولاية الإمام علي(عليه السلام). (30) يجب الالتفات هنا إلى أن المفهوم الفقهي للولاية المطلقة هو التصدي لجميع أمور المسلمين, وليس ما يستنبط من هذا المفهوم في المجال السياسي. أكثر أولئك الذين يبينون ولاية الفقيه لا يلتفتون إلى هذه المسألة. (31) أبو نصر محمد الفارابي ولد عام (260 ه/874 م) في فاراب وهي مدينة في بلاد ما وراء النهر وهي جزء مما يعرف اليوم بتركستان وتوفي عام(339 ه/950 م) فيلسوف مسلم أتقن العلوم الحكمية، وبرع في العلوم الرياضية، يسير سيرة الفلاسفة المتقدمين، وكانت له قوة في صناعة الطب.اسمه الكامل هو أبو نصر محمد بن محمد بن أوزلغ بن طرخان، وكان أبوه قائد جيش، وكان ببغداد مدة ثم انتقل إلى الشام وأقام فيها إلى حين وفاته. يعود الفضل إليه في إدخال مفهوم الفراغ إلى علم الفيزياء. تأثر به كل من ابن سينا وابن رشد. سمي الفارابي (المعلم الثاني) نسبة للمعلم الأول أرسطو والإطلاق بسبب اهتمامه بالمنطق لأن الفارابي هو شارح مؤلفات أرسطو المنطقية. (32) مصطفى راغب، في سبيل موسوعة فلسفية، ص90- 109. (33) أبو نصر الفارابي، آراء أهل المدينة الفاضلة، ص129-130. أيضا: مصطفى راغب. (34) خليل الجر وحنا الفاخوري، تاريخ الفلسفة العربية، بيروت، 1958، ج2، ص 462. (35) خصوصاً أن العدالة أحد الشروط المهمة والأصيلة للحاكم الإسلامي وإذا سقطت العدالة فحكومته ليست شرعية. بناء على هذا طالما أن حاكماً إسلامياً ما يعمل بالعدالة في المجتمع (العدالة بمعناها الوافي وفي جميع الأمور) فإن خطر الإنحراف والإستبداد والدكتاتورية يصل إلى الصفر. (36) البويهيون، بنو بويه: سلالة من الديلم (إيرانيون) حكمت في غرب إيران والعراق سنوات 932/945- 1056/1062م. وقيل من نسل يزدجر آخر ملوك الفرس وليسوا من الديلم وإنما نسبوا إليهم لأنهم سكنوا بلادهم. استمدوا اسمهم من أبو شجاع بويه، استطاع ثلاثة من أبنائه الاستيلاء على السلطة في العراق وفارس. خلع عليهم الخليفة العباسي ألقاب السلطنة. (37) الشيخ المفيد، المقنعة، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1410. (38) المصدر نفسه، ص 675 و 812. (39) الحلي، محمد بن إدريس، كتاب السرائر، ج‏3، ص537 و538، قم: مؤسسة النشر الإسلامي، 1411ه.ق. (40) المحقق الكركي، رسائل المحقق الكركي في صلاة الجمعة، قم، مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي، 1409ه. ق، ص142. (41) أحمد بن مهدي النراقي، عوائد الأيام، قم، 1408ق. (42) المصدر نفسه، ص 185- 206. (43) محمد حسن النجفي, جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام, بيروت, مؤسسة التاريخ العربي. (44) نفس المصدر. (45) نفس المصدر، ج 21، ص 397. (46) الإمام الخميني، الحكومة الإسلامية، طهران، مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني، 1374، ص 18. (47) نفس المصدر، ص 27. (48) نفس المصدر، ص 28. (49) نفس المصدر، ص 8. (50) نفس المصدر، ص 34. (51) الإمام الخميني، كتاب البيع، ترجمة تحت (شئون واختيارات الولي الفقيه)، وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، 1374، ص 29. (52) نفس المصدر، ص29. (53) الإمام الخميني، الحكومة الإسلامية، ص31. (54) عوائد الأيام، ص185. (55) الإمام الخميني، تحرير الوسيلة، مسائل متفرقة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, المسألة: (3). (56) طبع في العدد الرابع من هذه المجلة الفصلية (15 خرداد) بخط يد الأمام، ذكر فيه بأن الجهاد الابتدائي هو من حق نواب الإمام وفقهاء الإسلام أيضاً. (57) الإمام الخميني، الحكومة الإسلامية، ص61. (58) الشيخ الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج18، ص6,7، كتاب القضاء، باب 22، الحديث2. (59) الإمام الخميني، الحكومة الإسلامية، ص64. (60) الإمام الخميني، كشف الأسرار، طهران، ص 255. (61) الشيخ الحر العاملي، وسائل الشيعة ج6، ص341، الحديث 12. (62) نفس المصدر، ج6، ص 363. (63) (شئون واختيارات ولي فقيه)، ترجمة لبحث ولاية الفقيه من كتاب البيع للإمام الخميني، طهران، وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، ص68. (64) (شئون واختيارات ولي فقيه)، ترجمة لبحث ولاية الفقيه من كتاب البيع للإمام الخميني، طهران، وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، ص75. (65) نفس المصدر، ص76. (66) نفس المصدر، ص77. (67) الإمام الخميني، كتاب البيع، ص 79. (68) الإمام الخميني، كتاب البيع، ص77 (بالمعنى لا بالنص). (69) صحيفة نور، ج20، ص170. (70) المادة الثانية والخمسون بعد المئة: تقوم السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية على أساس الامتناع عن أي نوع من أنواع التسلط أو الخضوع له، والمحافظة على الاستقلال الكامل، ووحدة أراضي البلاد، والدفاع عن حقوق جميع المسلمين، وعدم الانحياز مقابل القوى المتسلطة، وتبادل العلاقات السلمية مع الدول غير المحاربة. (71) المادة الرابعة والخمسون بعد المئة: تعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية سعادة الإنسان فـي المجتمع البشري كله قضية مقدسة لها، وتعتبر الاستقلال والحرية، وإقامة حكومة الحق والعدل حقاً لجميع الناس فـي أرجاء العالم كافة، وعليه فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تقوم بدعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين فـي أية نقطة من العالم، وفـي الوقت نفسه لا تتدخل فـي الشؤون الداخلية للشعوب الأخرى. (72) يان دار بيشر، (تحولات سياسي در آلمان غربي، از اشميت تا كوهل)، ترجمة حسن كامشاد، طهران، مؤسسة (انتشارات وآموزش انقلاب اسلامي)، 1368، ص 9 و 10. (73) يان دار بيشر، نفسه، ص13,14. (74) يان دار بيشر، (تحولات سياسي در فرنسا از ژسکار دستن تا ميتران)، ترجمة ناصر موفقيان، طهران، مؤسسة (انتشارات وآموزش انقلاب اسلامي)، 1369، ص19. (75) مجلس اللوردات (بالإنجليزية: House of Lords) هو أحد مجلسي البرلمان البريطاني. مجلس اللوردات هو المجلس الأعلى من مجلسين في البرلمان، حيث إن المجلس السفلي يتمثل بمجلس العموم. الملكة هي المكون الثالث للبرلمان. مجلس اللوردات يحتوي على نوعين من الأعضاء: اللوردات الروحيون (الممثلين بأعلى أساقفة كنيسة إنجلترا) واللوردات الدنويون (الممثلين بالنبلاء)؛ أعضاءه لا يتم إنتخابهم من قبل عامة الشعب, ولكن يتم تعينهم من قبل حكومة قديمة وحديثة. (76) مجلس العموم البريطاني, يتألف من 646 عضو ينتخبون بطريقة الدوائر الانتخابية أو مناطق التصويت، ويرمز للعضو بالحروف MPs أي اختصار لكلمة عضو البرلمان، ومعظم المرشحين لعضوية البرلمان ينتمون إلى أحد الأحزاب السياسية، وان كان بعضهم يرشح نفسه بوصفه مستقلا، وفي مجلس العموم في الوقت الحاضر ثلاثة أحزاب رئيسيه حزب المحافظين، حزب العمال، وحزب الديمقراطيين الأحرار، والحزب الذي ينتمي له معظم الأعضاء، أي الحزب صاحب الأغلبية البرلمانية هو الذي يشكل الحكومة، وإذا لم يحرز أحد الأحزاب أغلبية مطلقة فلا بد من أن يتم الاتفاق بين حزبين أو أكثر قبل أن يتسنى تشكيل الحكومة. (77) تقدمت الإشارة إليها في الهوامش السابقة. (78) أيضاً تقدمت الإشارة إليها. (79) الشيخ المفيد، نفسه ومحمد حسن النجفي، نفسه، ج21، ص397. (80) الإمام الخميني، الحكومة الإسلامية. (81) تقدمت. (82) المقنعة، ص 675، قم: مؤسسة النشر الإسلامي، 1410هـ.ق. (83) الحلي، محمد بن إدريس، كتاب السرائر، ج‏3، ص537 و538، قم: مؤسسة النشر الإسلامي، 1411هـ.ق. (84) الإمام الخميني، الحكومة الإسلامية، ص34. (85) سورة المائدة، الآية: 55. (86) يمكن الرجوع إلى كتاب: آية الله الشيخ عبد الله جوادي آملي، (مبناى نظرى ولايت فقيه)، 1375، العدد 8 و9، ممثلية القائد في الجامعات، ص 111 ـ 113. (87) دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، المقدمة. ولاية الفقيه العادل: اعتماداً على استمرار ولاية الأمر والإمامة، يقوم الدستور بإعداد الظروف المناسبة لتحقيق قيادة الفقيه جامع الشرائط والذي يعترف به الناس باعتباره قائداً لهم >مجاري الأمور بيد العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه<، وبذلك يضمن الدستور صيانة الأجهزة المختلفة من الانحراف عن وظائفها الإسلامية الأصيلة. (88) نفس المصدر. (89) المادة 57 من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، المعدل عام (1368 ـ 1989م). (90) تقدمت الإشارة إلى هذه المادة نصاً. (91) المادة السابعة بعد المئة: بعد المرجع المعظم والقائد الكبير للثورة الإسلامية العالمية ومؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية سماحة آية الله العظمى الإمام الخميني (قدس سره) الذي اعترفت الأكثرية الساحقة للناس بمرجعيته وقيادته، توكل مهمة تعيين القائد إلى الخبراء المنتخبين من قبل الشعب. وهؤلاء الخبراء يدرسون ويتشاورون بشأن كل الفقهاء الجامعين للشرائط المذكورة فـي المادتين الخامسة بعد المئة والتاسعة بعد المئة ومتى ما شخصوا فرداً منهم باعتباره الأعلم بالأحكام والموضوعات الفقهية، أو المسائل السياسيّة والاجتماعيّة، أو حيازته تأييد الرأي العام، أو تمتعه بشكل بارز بإحدى الصفات المذكورة فـي المادة التاسعة بعد المئة انتخبوه للقيادة، وإلا فإنهم ينتخبون أحدهم ويعلنونه قائداً، ويتمتع القائد المنتخب بولاية الأمر ويتحمل كل المسؤوليات الناشئة عن ذلك. ويتساوى القائد مع كل أفراد البلاد أمام القانون.