أعياد شهر شعبان

 «أبارك لكم الشعبانيات المباركة، أياماً وأعياداً، خصوصاً المواليد ـ ميلاد الإمام الحسين والإمام السجاد وأبي الفضل العباس عليهم السلام ـ التي مرّت علينا، وميلاد بقية الله الأعظم ـ الإمام المهدي (عج) ـ المقبل علينا، وأسأل الله تعالى أن يوفّقنا للتقرّب أكثر من صراطه المستقيم؛ ببركة هذه الوجودات المقدسة والمباركة».[1]

 «أبارك لكم أيها الحضور الأعزاء ولكافة أبناء الشعب الإيراني ذكرى ميلاد سيد الأحرار في العالم الإمام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) ويوم الحرس، وكذلك ذكرى ميلاد أبي الفضل العباس حامل لواء التضحية والفداء في صحراء كربلاء، وذكرى ميلاد الإمام السجاد سيد الساجدين وزين العابدين، وكذلك يوم الثالث عشر من آبان يوم تجلّي الحرية والشجاعة والكرامة الثورية في شعبنا المسلم من جديد».[2] 

 

مولد إمام الزمان وليلة النصف من شعبان

 أُهنئ بمناسبة هذا العيد الكبير والمبارك ـ ولادة خاتم الأوصياء ولي العصر وصاحب الزمان (أرواحنا له الفداء وعجل اللّه تعالى له الفرج) ـ جميع الإخوة والأخوات.. ولكل الشعب الإيراني والشيعة في العالم، وكل من يعاني في أية بقعة في العالم من جور الحكومات المستبدّة ويتطلّع إلى بصيص من الأمل. يعتبر يوم النصف من شعبان واحداً من أهمّ أيام السنة, والذي تصادف فيه ذكرى ولادة ذي الجود المسعود بقية اللّه (أرواحنا فداه)، إضافة إلى ليلة ويوم النصف من شعبان الذي يُعدّان ـ ناهيك عن ولادة هذا الإمام الهمام في مثل هذا اليوم والليلة ـ من الأيام والليالي المباركة. ليلة النصف من شعبان ذات بركة كبيرة جداً، وتلي في أهمّيتها ليالي القدر، وهي من أوقات التوجّه والتوسل إلى اللّه والابتهال إليه.

 ولهذه الليلة أعمالها وأدعيتها الخاصة، إذا وُفقتم لأدائها لعلكم تحظون بالقبول عند اللّه، وعلى من أغفلها ولم يلتفت إليها أن يتذكّر ويغتنمها في الأعوام القادمة في كل سنة.

 كما تكتسب قضية ولادة الإمام المهدي(عليه الصلاة والسلام وعجل اللّه تعالى فرجه الشريف) أهميّة أخرى حيث ترتبط بمسألة الانتظار، والعهد الموعود الذي بشّر به مذهبنا، بل وبشّر به أيضاً الدين الإسلامي الحنيف. وعلينا أن نستذكر هذا العهد الموعود به في آخر الزمان، وهو عهد المهدي، ونؤكد عليه على الدوام, ونجري بشأنه دراسات دقيقة ونقدّم بحوثاً مفيدة. 

 

أعمالنا تعرض على إمام الزمان(عج)[3]

 "إننا نعتقد أنّ الإمام المهدي(عج) ناظر إلى أعمالنا وسلوكياتنا، وإنّ أعمالنا تُعرض عليه.

 إنّ شبابنا المؤمن الذي يعمل بإخلاص ونشاط في مختلف الميادين ـ سواءٌ في الميادين الروحية والعبادية والمعرفية, أو في ميادين العمل وبذل الجهود، أو في ميادين السياسة والجهاد حيث كان الجهاد ضرورة ـ إنما يُدخلون السرور على قلب إمام العصر(عجل الله فرجه الشريف). كما أنّ من جملة ما يُثلج صدر الإمام(عج) هو أن تَنْصَبَّ جهود شعبنا المسلم على الإشراف على إدارة البلد وتقدّمها، وأن يمارس اتخاذ القرار ويتحرك ويتواجد في الساحة، ولا يتخلى عن مواقفه, ليأتي الآخرون فيقرروا نيابة عنه, وأن لا يُجيز للإرادة الاستكبارية والاستعمارية داخل البلاد في تحديد مصيره.

  فإمام العصر(عجل الله فرجه الشريف) حاضر وناظر, وقد شاهد انتخاباتكم واعتكافكم، كما شاهد جهودكم أيها الشباب في نشر الزينة في مناسبة النصف من شعبان، كما شاهد حضوركم رجالاً ونساءً في مختلف الميادين، وإنّ الإمام(عجل الله فرجه) ليُسرُّ لأدنى بادرة مصبوغة بالإيمان والعزم الراسخ, ولو صدر منا عكس ذلك معاذ الله فإنّ هذا سوف يسوء الإمام (عجل الله فرجه الشريف).[4] 

 

قنطرة للدخول في ضيافة الله

 أبارك لكم حلول شهر شعبان الأغرّ, الذي يُعدّ في الحقيقة قنطرة للدخول في ضيافة الله في شهر رمضان المبارك، وأرجو أن نختار هذه القنطرة بشكل يؤهّلنا للحضور في ضيافة شهر رمضان.[5] 

 

التزود من شهر شعبان

 "إننا نقول دائماً: إنَّ الخدمة من قِبَل المسؤولين في النظام تعتبر من أكبر العبادات، وهذا الكلام واقعي، وليس فيه مبالغة أيضاً. وعليكم أن تعلموا أنَّ هذه الخدمات، لا يمكن أن يصدق عليها عنوان الخدمة الحقيقة، أو تتسم بالخلوص والنورانية والشفافية، إلا حينما تستأنس قلوبكم بالله تعالى. فعندما يغفل القلب عن الله تعالى، ويقطع علاقته بالذكر والتوجَّه والخشوع، سوف تتلوّث بالكامل هذه الخدمة ـ التي قلنا أنَّها أكبر العبادات ـ وتحلّ مكانها الرغبات والأهواء النفسية. فلو أنّ الجهاد في ساحة الحرب والميدان العسكري التي تظهر فيه القدرة والهيبة، لم يكن متحلّياً بالأهداف الإلهية، ولا يمتلك الارتباط بالله، فسوف يتحوّل إلى شيء فاقد لكل معاني القيم، وأحياناً يتحوّل إلى أمر يتناقض مع القيم!

 ولهذا فإني أأكد على هذا الأمر وألتزم به بشدّة، خصوصاً ونحن الآن في رحاب شهر  شعبان، فقد جاء في صلوات شهر شعبان ـ الصلوات الواردة التي تقرأ في أول الظهر ـ (الّلهم صلّ على محمّد و آل محمّد شجرة النبوّة و موضع الرّسالة)، إلى أن يقول (و هذا شهر نبيّك سيّد رسلك شعبان الّذي حففته منك بالرّحمة و الرّضوان) عندها يقول (الّذي كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله يدأب في صيامه و قيامه في لياليه وأيّامه بخوعاً لك في إكرامه و إعظامه إلى محل حمامه)؛ أي أنَّ رسول الله(ص) كان يحفظ هذه الحالة إلى أن التحق بالرفيق الأعلى، وهي أنَّ حلول شهر شعبان يعتبر شهر قيام وصيام الرسول(ص) ـ القيام يعني: النهوض في وقت الليل والتضرع، والذكر، والخشوع؛ والصيام هو الإمساك عن المفطرات أثناء النهار ـ هذه هي طريقة الرسول(ص). أنظروا إلى الرسول(ص)، ففي الوقت الذي يتمتع به بمقام عظيم، ومع ما لَه من مراتب لا حدَّ لها من العصمة، فهو في الوقت نفسه لم يتوقف عن السعي والمجاهدة التي تقرّبه وتذكره بالله تعالى باستمرار إلى يوم وفاته؛ لأنَّ الرسول(ص) في حالة تكامل يوماً بعد آخر.

 لم يكن وضع الرسول (ص) في أول أيام البعثة مع وضعه في العام الثالث والعشرين على نفس الوتيرة، ففي العام الثالث والعشرين قد تقدَّم الرسول(ص) إلى ساحة القدس الإلهي أكثر من ذي قبل، وحتَّى في السنين الأخيرة من عمره الشريف أيضاً ـ التي لا يخطر فيها على ذهن إنسان أبداً من أنّه طوى فيها المقامات الإنسانية الرفيعة ـ  لم يكن غافلاً عن الذكر والتعلّق والارتباط والخشوع لله تعالى. ولأننا في آخر الركب، فنحن بحاجة أكثر من الرسول الأعظم(ص) إلى ذلك، إلا أنَّنا لا نمتلك العزم الذي يمتلكه.

 على كل حال علينا أن لا ننسى التعلٌّق بالقرآن، والصلاة في أول وقتها، وقراءة القرآن في كل يوم، والتوجَّه والذكر والتوكّل على الله، والتوسل والاستعانة بالله عندما تعترضنا مشكلة في العمل أو تكليف صعب، فإنَّ هذه الأمور مهمَّة جداً.[6]

 ـــــــــــــــــــ

 [1]  6/ شعبان/1427 هـ طهران.

 [2]  4 شعبان 1241هـ  طهران.

 [3]  عن الإِمام الباقر(عليه السلام): «إِنّ الأعمال تعرض على نبيّكم كل عشية الخميس، فليستح أحدكم أن يعرض على نبيّه العمل القبيح».

 [4]  15/ شعبان / 1426 هـ

 [5]   5/ شعبان/ 1425 هـ.

 [6]   3/شعبان/1427هـ .