يوم القدس لمكافحة "إسرائيل" وأعداء المقاومة

. ثمة مفهوم إسلامي بحت لرفض الظلم، يقوم على معالجته بأدوات ثلاث حددها لنا الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه و اله وسلم) في حديثه الشريف: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الإيمان).

وبما أننا كمسلمين ننفر غريزيا من كل ما هو مخالف للطبع الإيماني والإنساني، فإننا وعشية إحياء  مراسم يوم القدس العالمي بالجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك لهذا العام (1433 هجري) لا نتردد قط في إعلان موقفنا المندّد بالمؤامرة الأميركية ــ الصهيونية ــ الإقليمية الساعية إلى "تدمير محور المقاومة والتصدي" في المنطقة، بأساليب إرهابية رخيصة وجبانة تنم على مدى  الحقد الأسود الذي يعتمل في صدور أعداء هذا المحور المجاهد.

ومن المؤكد أن هذا الموقف إذا ما استنفر أو استفز  فإنه يشكل (خميرة ثورية) عند الاقتضاء، الأمر الذي يعني ــ بصراحة ــ أن منطق الأشياء لن يسمح أبدا باستمرار أعمال التخريب التي يمارسها مؤججو هذه المؤامرة في سورية ولبنان والعراق وإيران، على أرضية نظرية أن (لكل  فعل رد فعل).

ومع قراءتنا لأهداف  المقدس الراحل الإمام الخميني(قدس سره) من وراء إعلان اليوم العالمي للقدس الشريف، نعي تماما أن تسمية هذا اليوم وفي الشهر الفضيل بالذات كانت له مؤديات تعبوية استنهاضية جهادية، شكلت في ما بعد الحجر الأساس لـ (محور الممانعة والمقاومة) بوجه المشروع الصهيوأميركي في العالم الإسلامي، وهو المحور الذي تحوّل خلال العقدين الماضيين إلى شبح مخيف يقض مضاجع "إسرائيل" الغاصبة وحماتها الغربيين وأعوانها الإقليميين.

وإننا لندرك جيدا أن الغرب المتصهين، غير جدير أبدا في نشر الديمقراطيات والحريات والتعدديات بالمنطقة، لاسيما في بلد مقاوم مثل سورية، كما أننا نعلم تماما بأن أنظمة البترودولار في منطقة الخليج الفارسي ومعها تركيا "المتأسلمة"، تشكل قواعد عسكرية واستخبارية تخدم ــ دون قيد أو شرط ــ الإستراتيجية الأطلسية.

من هنا فإننا نرفض بكل قوانا المخطط الذي ينفذه هذا التحالف  المعادي، لأنه يستهدف "قضم" اذرع المقاومة الشريفة التي تقارع بكل همة واستبسال  التوسع الأميركي ــ الإسرائيلي، وقد نجحت حتى الآن في تقويض تحركاته التسلطية في المنطقة.

أضف إلى ذلك أن المواقع التي تؤلف محور الممانعة والمقاومة لم تعد ترضى لنفسها أن تكون في (موضع المتفرج)، مع ما تختزن من رصيد تعبوي  هائل يؤهلها لتطبيق الحديث النبوي الشريف بشكله الكامل، وذلك بعدما استفادت من شقّيه الثاني والثالث إتماما للحجة، ومنعا من تطور الأزمة الإقليمية إلى ما قد لا يحمد عقباه.

وانطلاقا مما مضى يجب القول: إن إحياء يوم  القدس العالمي هذا العام، سيوجه شعارات ومواقف أكثر خصوصية وصرامة  ليس إلى "إسرائيل" وأميركا فحسب، وإنما إلى كل أولئك المتخندقين معهما من العواصم الخليجية إلى جانب تركيا نظرا لدورها الخياني المفضوح  في الالتفاف على المقاومة المؤمنة  التي خرجت من رحم الأمة الإسلامية والعربية، وحققت لها انتصارات رائعة اسقطت ما يسمى (أسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر) من جهة، وأحبطت المشاريع الاستكبارية للغزاة الأميركيين والأطلسيين في العراق وأفغانستان وباكستان واليمن والبحرين من جهة أخرى.

وبكل ثقة نعتقد بان يوم القدس العالمي الذي أنتج ثماره الطيبة طيلة العقود الثلاثة الماضية وكان آخرها انطلاق الصحوة الإسلامية المباركة والثورات  الشعبية التي أطاحت بطواغيت العصر في تونس ومصر وليبيا، وهي مهيأة لاحقا لإسقاط حلفاء "إسرائيل" في الأردن وقطر والسعودية والبحرين، سوف يكون  يوما حافلا بالمزيد بالعطاءات ولربما المفاجآت. وقد برهنت السنون الماضية صحة هذه المقولة في مواطن عديدة.

وعلينا أن نؤكد على أن يوم القدس الذي انطلق لتعميم الحرية والانعتاق في عموم فلسطين المحتلة،  يقف بكل وضوح إلى جانب التطلعات المشروعة للعرب والمسلمين بخاصة والمحرومين والمستضعفين بعامة أينما كانوا، وإزاء ذلك ليس من الغريب أن تكون الجمهورية الإسلامية مع المطالب المحقة والعادلة للشعب السوري شريطة ابتعاد القوى الدولية والإقليمية المغرضة عن التدخل في شؤونه، إلى جانب أهمية اعتماده لغة الحوار والتفاهم والموضوعية لتجنيب بلاده من ويلات الفتنة المفتعلة، ودعم الإصلاحات التي بدأها الرئيس بشار الأسد في هذا الاتجاه.

*حميد حلمي زادة

المصدر: موقع قناة العالم