عاشوراء الإمام الحسين من وجهة نظر الإمام الخامنئي (دام ظله)

لقد تحدث وخطب سماحة آية الله العظمى الإمام الخامنئي (دام ظله) في مناسبات مختلفة بالأخص محرم الحرام وصفر، حول نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) وثورته وعللها وأهدافها ونتائجها، وهكذا تكلم حول أهمية إقامة مجالس عاشوراء ودورها التبليغي والتعليمي والتربوي في توعية الناس دينياً وسياسياً، فكان يحث الخطباء أن يركّزوا في خطاباتهم في مجالس عاشوراء على ثلاثة أمور:

الأولى: محبة أهل البيت (عليهم السلام) وفضلهم ومقامهم ودورهم العلمي والجهادي.

الثانية: تبيين أسس وجذور ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) وأهدافها الأصيلة والعبر المستوحاة منها.

الثالثة: التركيز على أمور تزيد من المعرفة الدينية والإيمانية للناس، والتأكيد على المواعظ والإرشادات.

وقد جاء الحث والتأكيد على هذه الأمور الثلاثة في خطبه التي ألقاها في محرم الحرام وسنختار مقتطفات من تلك الخطب.

يقول سماحته في الخطبة التي ألقاها في محرم الحرام سنة 1415هـ:

«أعتقد أنه من الضروري أن يتم التركيز في هذه المجالس على ثلاثة أمور مهمة هي:

أولاً: ينبغي التركيز في هذه المجالس على محبة أهل البيت (عليهم السلام) وتعميق الرابطة العاطفية بين الناس وهذه العترة الطاهرة، لأنها ذات أهمية كبيرة لبناء الشخصية المسلمة الملتزمة.

ثانياً: لابدّ أن تتوضح الكثير من الأمور المرتبطة بهذه الواقعة للناس ويتم التركيز في هذه المجالس على أسس وجذور الثورة الحسينية وأهدافها الأصيلة وظروف وقوعها والعبر المستوحاة منها والدعوة إلى التأمل فيها وفي مراسمها المختلفة.

ثالثاً: ينبغي التركيز في هذه المجالس على أمور تزيد من المعرفة الدينية والإيمانية للناس، والتأكيد على المواعظ والإشارات المستوحاة من القرآن الكريم والسنة الشريفة وسيرة أهل البيت عليهم السلام لاسيما الإمام الحسين (عليه السلام)، والتركيز على الأحاديث والأخبار الصحيحة والحذر من الأحاديث والأخبار والروايات غير الصحيحة أو المشكوك بصحتها».

أما فيما يخص مجالس العزاء والمراسم التي تقام في هذه المناسبة الأليمة فإن لها فلسفة حقيقية أكّد عليها أئمتنا وعلماؤنا عبر التاريخ ودعوا المسلمين والموالين لأهل البيت (عليهم السلام) إلى إقامتها بشكل مناسب وعدم الإفراط والتفريط في جوانب منها، وقد كان الإمام الراحل (قدس سره) يؤكد دوماً على ضرورة إقامة المراسم الحسينية بالأساليب التقليدية الأصيلة التي تقرب الناس إلى الله جل وعلا وتبعدهم عن موارد الشبهة والإفراط في بعضها.

ويقول سماحته أيضاً: «إذن يجب رواية الأحاديث وقراءة الرثاء والمديح ولطم الصدور وبيان حادثة عاشوراء وأهداف الإمام الحسين (عليه السلام) عن طريق المحاضرات الغنية من خلال الإشارة إلى الكلمات الواردة عنه (عليه السلام) من قبيل: (إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً بل خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر) أو قوله (عليه السلام): أيها الناس إن رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرام الله ناكثاً لعهد الله فلم يغير عليه بقول ولا فعل كان حقاً على الله أن يدخله مدخله)[1] وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (فمن كان باذلاً فينا مهجته وموطناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا) »[2].

وفي إحدى الزيارات التي يزار بها الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم الأربعين، هنالك عبارة غاية في المعنى وهي: (وبذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة) ولقد انطوت فلسفة التضحية التي قام بها الحسين بن علي (عليه السلام) في هذه العبارة، بما تحتويه من معنى ومفهوم راقٍ ومتقدم.

ويقول سماحته: (وهنا تبرز لنا مسألة هامة جداً ألا وهي مسألة التبليغ، ويا حبذا لو أنّ هؤلاء الطلبة الشباب وفضلاء الحوزات العلمية والمبلغين والوعّاظ وذاكري مناقب آل البيت (عليهم السلام) استطاعوا يوماً أن يجعلوا من واقعة عاشوراء حربة ضد الظلمات المهيمنة على حياة البشرية ويزيلوا بهذا السيف الإلهي هذه الحجب ويكشفوا النقاب عن شمس الحقيقة المتجسدة بحكومة الإسلام وهي الحقيقة التي بانت في هذا الزمان ووقف الجميع على عظم مكنوناتها الإعجازية، هل هناك ٍما يمنع من الاعتقاد بأن بإمكان المبلغين والخطباء وعلماء الدين في كل عصر حمل سيف الحق ذي الفقار النبوي المولوي ضد الباطل).

ـــــــــــــــــــــــ

[1] تحف العقول ص 505.

[2] مثير الأحزان ص29.